كاتب الموضوع :
محبة القراءة دائما
المنتدى :
ما وراء الطبيعة
شكراً عزيزتى لحظة زمن على تفاعلك
الثلاثاء 15 يوليو :
عرجت على استديو التصوير فوجدته مازال مغلقاً . . إذن سنرى شأن هذه الصورة حينما نعود إلى الدار . .
و هرعت إلى كلية الآداب ، فوجدت د . ( محمد شاهين) جالساً مع اثنين من طلبة الدراسات العليا ، يحدثهما عن تصوره لما ينبغى أن تكونه ال ., . المهم . . دعونا من هذا . . .
بعد أن انصرفا سألنى عن سبب شحوبى . . هل هو الحياء ؟ . .
ـ الواقع أن هناك ما يثير توترى هذه الأيام . .
ثم سألته مباشرة و بلا تمهيد :
ـ متى لا يظهر الإنسان فى الصور الفوتوغرافية ؟ !
ـ سؤال غريب حقاً !
و تأمل الأوراق التى بين يديه . . ثم قال :
ـ قالوا لنا : أن الأشباح لا تظهر . . و كذلك لا يظهر مصاًو الدماء . .
ـ ألا يوجد تفسير آخر ؟
ـ لو كان هناك واحد فأنا لا أعرفه . . و لكن لماذا تسأل ؟
قلت و أنا أنهض و أشير إليه أن يحذو حذوى :
ـ إن من لا يظهر فى الصور الفوتوغرافية لهو إنسان فى مأزق . . إذ كيف يستطيع هذا البائس أن يظهر فى صورة العرس ؟!
بدا الذهول على وجهه . . و ظننت أنه يحاول أن يربط الكلمات بعضها بالبعض . . لكنه قال فى سذاجة:
ـ لا داعى لصورة العرس . . أنا لم آخذ صورة عرس عندما تزوجت !
لن يفهمنى هذا الرجل أبداً . .
لن يعرف أبداً لحظات مزاحى من جدى . .
و ذهبنا إلى قسم الفلسفة . . فياله من مكان محبط ! . . كنت أتوقع أن أرى الفلاسفة الرواقيين جالسين على درجات السلم . . و أن أجد من يمشى حاملاً فانوساً . . أو أن أرى من يعيش فى برميل . . لكنه كان مكاناً عادياً جداً . . مكاتب . . و سكرتيرة تطبع شيئاً ما على الآلة الكاتبة . . و بعض طلبة يسألون عن ميعاد امتحان التخلف . . و . .
ـ دكتورة ( كاميليا ) ؟
كانت هناك . . تدير ظهرها لنا و تلتقط كتاباً ما من فوق أحد الرفوف . .
و لمحت شعراً كستنائياً قصيراً . . و تايوراً رمادى اللون . . و يداً معروقة عصبية تتحرك هنا و هناك بحثاً عن صيد فلسفى جديد . .
شعرت بالهلع . . إنه كابوسى القديم . . سوف تستدير هذه المرأة لأكتشف أنها مسخ ذو أنياب . . أو أن لها رأس ذئب . . أو . .
لكن ـ لشدة الغرابة ـ رأيت وجهاً رقيقاً
كانت ترتدى منظاراً أنيقاً يرتفع فوقه حاجبان متحديان . . و كانت تضع كمية هائلة من مساحيق التجميل . . لا أدرى السبب فى وجود علاقة طردية بين قوة شخصية المرأة و بين حبها لتلطيخ سحنتها بهذه الأًصباغ ، لتبدو كهندى أحمر من ( الشيين ) ذاهب لإحراق معسكر . .
و على الفور راح ( الكمبيوتر ) فى رأسى الأصلع يصنف و يفند .. و يضع هذه المرأة فى ملف من ملفات البشر التى أحتفظ بها ..
و كان الملف الذى دخلته د . ( كاميليا ) هو ملف( المثقفة الهستيرية التى لا تهمد ، و المدافعة أبداً عن حرية المرأة ) . . و هو ملف مناسب إلى أن أعرفها أكثر
كانت( هويدا ) موضوعة فى ملف ( أنثى بلهاء تبحث عن عريس ، و لا تقرأ سوى حظها فى الصحف ) .
و كانت( ماجى ) موضوعة فى ملف ( الصديق الذكى اللطيف ) . . و أنا نفسى موضوع فى ملف ( المتشاءم المكتئب الذى زاده الخوف من الكون نحولاً )
و رأيت ( كاميليا ) تتقدم نحونا و على فمها ابتسامة متحفظة . . و هنا عرفت حقيقة مروعة . .
عندما تنوى أن تبدأ مشروع زواج لا تصطحب معك أحداً . . و بمعنى أفضل . . لا تصطحب د . ( محمد شاهين ) بالذات . . إن هذا الرجل لفضيحة تمشى على قدمين . . لقد راح يعرفنى بالدكتورة ( كاميليا ) و على وجهه ابتسامة خبيثة .. و راح يقول كلاماً واضح المغزى . . و يغمز بكلتا عينيه . . و . . و . . حتى إننى تمنيت لو تحولت يدى إلى قذيفة نووية أدسها فى فمه ليخرس إلى الأبد . . .
قالت لى بصوت رجولى قليلاً :
ـ فهمت أن سيادتك من المهتمين بالفلسفة . .
و قبل أن أرد صاح د . ( محمد ) فى حماس ، و اللعاب يتطاير من شدقه :
ـ جداً . . جداً . . إن د . ( رفعت ) فيلسوف عالى المستوى . . إنه يتفلسف فى كل مكان . . فى الشارع . . فى العمل. . فى الفراش . . فى دورة المياه . . إن هذا الرجل هو ـ ما شاء الله ـ ( أرسطو ) مصر !
قالت فى رزانة :
ـ عظيم ! . .سيكون من دواعى سرورى أن أتبادل الحديث معك . و لكن ليكن ذلك فى وقت آخر . . حيث إن ظروفى . . .
و نظرت إلى ساعتها . . ، فهززت رأسى بمعنى أننى أقدر و أتفهم . . ووليت الأدبار مع د . ( محمد ) . . .
سألنى و نحن عائدان عما يجول بخاطرى . . .
ـ لا أدرى ـ قلت له ـ لا أعتقد أنها تناسبنى أو أننى أناسبها. .
ـ هو مجرد انطباع . . تعال غداً بدونى و جاذبها أطراف الحديث . .
و هكذا . . . تم تأجيل الحكم فى قضية زواجى . .
الآن جاء وقت العودة لدارى . .
عرجت على استديو التصوير لأخذ صورى . . ، قال لى المدير فى حيرة : إنه آسف على الخطأ غير المقصود الذى حدث . .
ـ أى خطأ ؟!
ـ صورتك يا سيدى . . لم تلتقط . . وجدنا ( النيجاتيف ) خالياً من وجهك الكريم . . و برغم هذا كان المنظر الخلفى موجوداً بكل تفاصيله . . لابد أن خطأ ما قد حدث . . و لكن يخيل لى أنك ترتجف يا سيدى . . ترتجف ! . . فما هو السبب فى هذا ؟! ........................................................
* * *
|