السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا للجميع ، اردت ان اعود اليكم بقصة جديدة ، تحمل الكثير من المشاعر والاحاسيس ، ربما تختلف عن قصصي السابقة فلا تتعجبو من استخدام اسلوب مختلف في السرد لانها كانت لابد ان تكتب بهذه الطريقة ، سأتركها اليكم .................. اتمنى ان تنول اعجابكم ....... في انتظار تعليقاتكم الكريمة .... تحياتي للجميع
منتدى ليلاس الثقافي
لحظات
من الحقيقة
وحدة ، ألم ، كره للماضي ، يائس في الحاضر ، خوف من المستقبل .
في الماضي كنت اجلس امام دفتر كتاباتي ادون ما تملئه ذاكرتي ، حزن ، سعادة ، رهبة من ان يراني زوجي واقفا خلفي قارئا ما تسرده ذكرياتي الاليمة .
اما الان فانا جالسة على اريكتي الارجوانية اللون المفضلة لدي ، اشعر بالراحة والدفئ عند جلوسي فيها ، ارى فيها الحضن الدافئ المحرومة منه منذ طفولتي .
فأنا سيدة متزوجة ولدي اولاد اجمل ما منحه الله اللى ، كم تمنيت ان اصبح أما ، حنونة اكون الحضن الدافئ لهم ، امنحهم ما حرمت منه ، ابي وامي توفيا منذ سنين طويلة لا اتذكر كم مر من الزمان على وفاتهما ، تركوني وحيدة في بيت كبير ، اعيش فيه مع اخي كان هو مصدر رزقي ، الانسان الذي يعولني لم منه اهتماما بي اطلاقا ، كان يعاملني على انني فرض عليه ، او ماذا اشبه نفسي ؟؟؟ نعم كنت مثل الهم على قلبه ، فقد تعب اخي في حياته زائقا طعم مرارة الايام التى اعيش فيها ايضا لكن مرارة من نوعا اخر .
منذ طفولتي لم يفارقني قلمي العزيز ودفتر كتاباتي كاتم اسراري ، كنت انتظر ان ينام اخي ثم اجلس في الخفاء ساردة عما اشعر به من وحدة ، الوحدة التي عانيت منها منذ طفولتي حتى الان ، تمر الايام ملحقة معها وحدتي التي تكبر بقدر عمري ، وعند بلوغي 18 عاما فوجئت بدخول اخي الى غرفتي يخبرني مجرد العلم بالشئ بأني خطبت من شخص لا اعلم سوى اسمه فقط صديق اخي المقرب له، وسأتزوج في خلال شهر ، صدمت بسماعي ذاك الخبر ، حاولت التحدث مع اخي بأنني مازلت صغيرة على الزواج برجل لا اعلم عنه شيئا ، على الاقل يمهلني وقت كافي للاستعداد النفسي بالتطرق الى حياة لا اعرف عنها شيئا ، لم يعطي اللى فرصة لاشرح له اكثر قائلا بحدة : " ستأتي الايام وستعلمي كل ما تريدين معرفته . "
استسلمت للامر الواقع ، لم يعد بيدي شيئا لا اقوله ولا افعله ، شعرت بأني دمية تتنقل من يدا لاخرى دون الاحساس بأن هذه الدمية هي كائن حي ذات شخصية معنوية خاصة بها ، لا حياة لمن تنادي ، شعرت برهبة شديدة خوف من الحياة التى فتحت ابوابها ، ابواب جديدة كانت منذ ذي قبل مقفلة بإحكام ، لا يستطيع أي مخلوق ان يتطرق او يفكر ولو حتى تفكير في فتحها ، الى ان جاء اخي ممسكا مفاتيح هذه الابواب قائما بفتحها على مصرعيها امرا بدخولى اليها ثم اغلق خلفي هذه الابواب ، واصبحت سجينة كما كنت من قبل ، لكن سجن من نوعا آخر.
في ذات الوقت شعرت بسعادة لخروجي من ذاك الزنزانة التي عشت فيها 18عاما ، وافقت على الزواج رغم ان موافقتي لا تعني شيئا فقد اتخذ القرار وكل ما هو علي ان اقول موافقة وينتهي الامر ، الامر محسوم منذ البداية .
حان موعد الزفاف اقف اما المرآة ملقية نظرة اخيرة في كل ركن من اركان الغرفة ، التى لم يوجد فيها سوى انا ، لا ام تبكي على فراق ابنتها ، ولا اخت تهتم بمظهري وتقبل وجنتي قائلة لى بهمس حتى لا تسمع امي : " عقبالى " ، ولا فرح ، الحت دمعة من عيني على الخروج فسمحت لها بترحاب ، ثم قلت في نفسي لم يعد مهما الان ما اشعر به ، سوف احقق كل ما تمنيته ستكون لدي عائلة خاصة بي ، بيت واولاد وزوج ، سوف احقق ما حرمت منه في حياتي " اليوم زفافي " ، كم تحمل ذاك الكلمة من فرحة ، اليوم يوم الحرية ، الانطلاق ، السعادة التي اطلقت سراحي اخيرا ، ليس مهما بأي وسيلة اطلقت بها سراحي المهم اني اصبحت حرة .
مرت الايام ، تليها السنين ، والسعادة التي حلمت بها انتهت منذ اول يوم جمعت فيه مع زوجي في بيت واحد ، شخص مختلف كل الاختلاف عني تماما ، رأيت فيه اخي منذ اول نظرة رمقتها عيني له ، شخص لا يختلف عن اخي كل ما يهمه بالدنيا ان يأتي المنزل يجد طعامه موضوع على الطاولة ، ملابسه نظيفة ، ثم يقوم بالتهام الطعام بصورة مقززة ، عندما اجلس بجانبه اثناء الطعام لا ارى سوى انسان من العصر الحجري .
وبعد الانتهاء من الالتهام ، وليس تناول الطعام فهذه الجملة غير لائقة تماما عن شخص مثل زوجي ، يجلس على الاريكة منتظر الشاي ، يشربه ثم يذهب الى غرفة النوم ليأخذ قيلولته ، دون النظر الى المخلوقة التي تعيش معه كأنني حشرة ، بل كأنني شبح يجهز له كل ما يحتاجه دون ان الاهتمام الى من الذي فعل كل ذلك !!!!
لا يسألني كيف حالى ؟ هل احتاج لشئ ؟ لم اتذكر ان سمعت منه كلمة طيبة حتى كلمة شكرا محرمة على ، زاد احساسي بالوحدة اكثر من السابق ، كنت انفذ واجباتي الزوجية باحساس اراه اني مسلوبة الارادة ، اطبخ ، انظف المنزل ، انظف الملابس ، انام ، استيقظ على نفس الحكاية ، لا مشاعر ، لا احاسيس ، لا حنان ، لا دفئ ، لا حب ، لا ولا ولا .
حان موعد تغير حياتي كما تمنيتها ، علمت بحملى ، فرحت كثيرا بهذا الخبر ، رغم صغر سني لكن كنت اشعر منذ طفولتي بأني سأصبح ام فاضلة اعوض اولادى عما فقدته من حنان ، الى ان اتى ميعاد ولادتي تألمت كثيرا ، كنت ابكي واصرخ دون ان يبالى زوجي بي وكأنه امرا طبيعيا ان اشعر بتلك الالم ، كنت اتألم من تعب الجسد وتعب النفس ، تألمت كثيرا من تلك النظرة ، انسان منعدم الاحساس والمشاعر التى يشعر بها أي زوج اتجاه زوجته في ذاك الوضع .
مرت ساعات حتى سمعت صوت رقيق جميل ، احن صوت طرق في اذني ، صوت ابنتي لانا حبيبة قلبي ، بكيت عند سماع صوتها الباكي الرقيق ، اخذتها بين احضاني مقبلة رأسها حامدة ربي على اجمل نعمة وهبها الله اللى ، تشبهني كثيرا في عينيها ، لون بشرتها ، رقة كلامها ، شعرها المنسدل نحو كتفيها ، واجهت قسوة الاب منذ الطفولة ، رأيت حياتي تتكرر مرة اخرى وكأنني في دائرة امشي بداخلها مع اضافة شخصيات جدد ، كم ارتمت بين احضاني قائلة بصوت باكي : " احبك يا امي ، ولا احب ابي . " ، اقوم بضمها في احضاني اكثر بيعون مليئة بالدموع المحبوسة واضعة يدي على رأسها مقبلة جبينها اطمأنها بأن ابيها يحبها مثل حبي لها ، ولا اتركها حتى اراها نائمة ، ثم اذهب الى زوجي لاتحدث معها فاواجه بأشد الكلمات ، منها " انتي سبب فساد ابنتي ، انتي سبب تمردها " ، ثم يتركني مغلقا باب البيت بأقسى قوى لديه .
اجلس على الاريكة ابكي وابكي ، ابكي عما اعطاه الله لي من زوج عديم الاحساس والمشاعر ، كنت ادعو من الله ان ارتاح من ذاك الكابوس الذي اعيش به .
ثم مرت السنين وانجبنت طفل جميل يشبهني ايضا اسمه هادي لكثرة هدوئه الذي ورثه مني ، رأي زوجي الاختلاف الشديد بينه وبين انا واولادي وكأن الله قد كافأني بقوة تحملي وصبري ، زادت قسوته عندما انجبت طفلة جميلة تشبه لانا وهادي ، مما زاد من حنقه والشعور بالنفور الدائم اتجاهما واتجاهي ايضا ، ثم مرت السنين والحال كما هو ، بل يزداد في السوء ، اصبح زوجي لا يأتي المنزل الا في ساعة متأخرة من الليل يأكل وينام لا يسأل عن اولاده ، لا يشعر باحساس الابوة اتجاههم اهذا أب !!!!!!!!!!!
لا اعلم لما كل ذاك النفور ؟ ، هل بسبب التماثل بيني وبين اولادي ؟ ، ام لانني امرأة يتمناها أي رجل يقدر قيمة المرأة الا زوجي !!!!!!!!!!
في يوم كالعادة ، فتح باب المنزل ثم دخل الى الغرفة ، ثم خرج جالسا اما طاولة الطعام ، تناول طعامه ونام ، عند استيقاظي وجدته نائم على غير العادة ، ففي ذات الساعة يكون في العمل ، تعجبت قليلا فاردت ايقاظه لكن لم اجد رد منه ، ناديت مرة اخرى ثم وضعت يدي على كتفيه ، لا حياة لمن تنادي ، علمت انه توفى ، اندهشت بتلك الصدمة ، امعقول كان نائم ليس به شيئا يشتكي به من الم في جسده ، سبحان الله فقد تقبل دعائي اراد ان يطلق سراحي من تلك الزنزانة المؤلمة ، استعدت حريتي من ذل العبودية التي عشت فيها ، شعرت بسعادة ، بفرحة لا بحزن على فراقه ، استرجعت حريتي التي سلبت مني ، من ابي وامي اللائي تركوني في سجن اخي ، ثم دخولي في سجن اخر تحت مسمى الزواج ، الآن انا حرة اعيش بحرية لم يعد في حياتي سوى اولادي اجمل شئ في الكون ، الآن لم اعد بحاجة الى إخفاء دفتر مذكراتي ، سأتركه مفتوحا على مصرعيه الى اخر يوم اتنفس فيه هواء نقي خالى من الشوائب ، سأحكي كل كلمة خطاها قلمي العزيز على دفتر كتاباتي ، سوف اجعله ثروة ، تورث لأولادي واحفادي ، ليأخذوا العبرة من معاناتي التي عشتها .
اثناء كتابتي اخر الكلمات التى قررت ان اسردها في دفترى العزيز ، لمحت ابنى هادي متجه نحو الاريكة ليجلس بجاني ، تركت الدفتر انظر اليه بحنان ثم ضمته في حضني مقبلة وجنته الناعمة ثم جذبته اكثر اللى ، التفت اليه رأيته واضعا يده على الدفتر ، يريد ان يقرأ ما بداخله ، ابتسمت قليلا افتح اول صفحة فيه قائلة : " الان يا هادي لم تعد طفلا اريد ان اسرد لك قصة تخزمها في ذاكرتك ، سوف تكون وصيتي لك ، لا تنساها ابدا ، القصة تبدأ .................... "
انتهت