كاتب الموضوع :
..مــايــا..
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
الفصل العاشر:
نهاية حلم
بعينين متألقتين حملقت ساسكيا عابسة بصورتها في المرآة في غرفة النوم ،
وبدت لها صورتها كامرأة مغلوب على أمرها.
لم تشأ أن تبدو بهذا الشكل حين تواجه جد أندريس ..
الرجل المسؤول قبل غيره عن وجودها هنا .
الرجل الذي لا يظن أنها مناسبة لحفيده..
الرجل الذي يفضل رؤية حفيده متزوجا من أثينا..
كما أنها لا تريد أيضا أن يراها أندريس بهذا الشكل.
كان أندريس قد عاد إلى الغرفة لفترة قصيرة جدا بعد مقاطعة أوليمبيا لهما،
فأستحم و ارتدى ملابسه بسرعة ثم أبلغ ساسكيا بأن جده يلح بطلب رؤيتها في أسرع وقت ممكن ،
إلا أن هناك أمور معينة بشأنها يريد هو التحدث عنها مع جده على إنفراد أولا.
وقال أندريس متجهما:
"لن يستغرق ذلك وقتا طويلا"
ثم خرج من الغرفة دون منحها أي فرصة لتخبره أنها الآن لسلامتها العقلية و الجسدية تريد الابتعاد عنه بأقصى سرعة ممكنة .
لكنه سيعود بعد قليل ليأخذها ويقدمها لجده.
وعادت تعبس لصورتها في المرآة ،وأقرت غاضبة بأنها تبدو صورة حقيقية لامرأة عاشقة محروقة من حب حبيبها.
حاولت مرة أخرى أن تخبر نفسها بما هو الوضع الحقيقي لكن قلبها بكل بساطة رفض الإصغاء وأجفلت متوترة الأعصاب عندما أنفتح باب الغرفة..
تنفس أندريس بعمق قبل أن يمد يده إلى مقبض باب غرفة النوم ثم أمسكها بحزم.
منتديات ليلاس
لم تكن أوليمبيا تقصد النميمة أو إثارة الخصام بل الحماية والوقاية فهي غاضبة لأجل ساسكيا ،
وهذا ما جعلها تأخذ عدة دقائق لتهدأ أعصابها بما يكفي حتى تنقل لأندريس بطريقة مفهومة الحديث الذي دار بين ساسكيا وأثينا.
-حاولت أثينا في الواقع رشوة ساسكيا لكي تتركك ووعدتها بمليون جنية إذا هي فعلت وطبعا رفضت ساسكيا لكنني لا أدري لماذا يُسمح لأثينا بفعل ما تشاء مثل هذة الإهانات والتصرفات الجارحة.يجب أن يعرف جدي بكل هذا..
وإذا كنت لا تريد إخباره..
إلا أن أندريس بقي صامتا،
فصاحت به أوليمبيا وقد حيرها عدم إظهاره أي ردة فعل:
"أندريس؟"
لكن أندريس كان يفكر في الوصول إلى حل بالنسبة إلى (الإهانات) و (التصرفات الجارحة)التي كان يوجهها إلى ساسكيا هو نفسه،
ثم علم الآن ما فعلته أثينا والنبل الذي قابلت ساسكيا به كل هذا.
.ثم راح يتساءل لماذا كان مخطئا إلى هذا الحد في حقها و مسيئا ظالما في الحكم عليها؟
صوت خافت في أعماقه حدثه بأنه يعلم الجواب،فمنذ اللحظة التي وقعت فيها نظراته عليها هناك ،
حدث شيء ما ..
تملكه إحساس حاد ..
ومشاعر حاول ،جاهدا أن كبتها لأن كبرياؤه كرهت له الوقوع في غرام امرأة بهذا المستوى و لإنه أصغى إلى كبرياؤه وليس إلى قلبه دمّر دون فطنه حبا رائعا هو أروع جزء في حياته .
إلا إذا..إلا إذا أمكن إقناع ساسكيا بمنحه فرصه أخرى.
ولكن سواء منحته فرصة أخرى ليثبت فيها حبه لها، أم لا،فهناك ما ينبغي فعله .
كان يونانيا بما يكفي ليظن أن ساسكيا يجب أن تحمل اسمه ومقابل ذلك يجب أن يمنحها حمايته ورعايته سواء قبلت هي بذلك أم لا.
كان أندريس قد أخبر جده بالضبط ماالذي سيفعله،مضيفا بصدق أن ساسكيا هي أكثر أهمية لديه من الثروة والمركز و حتى من حب واحترام جده نفسه،
و فكر في رفض السماح لجده برؤيتها ،كيلا يعرض ساسكيا إلى أي جرح في كرامتها ،
لكنه خشي من ظن جده بأنه يخفي ساسكيا عنه مخافة أن يراها غير مناسبة له...
غير مناسبة!إنها مناسبة ورائعة أكثر مما يستحق..
آخر ما قام به أندريس قبل عودته إلى غرفته هو أنه أمر أثينا بأن تغادر الجزيرة على الفور ،
محذرا إياها بقوله:
"لا تزعجي نفسك بمحاولة إقناع جدي بالسماح لك بالبقاء ،فهو لن يفعل"
دخل أندريس غرفة النوم متردداً،وهو يتصور ساسكيا واقفة تنتظره فهفا قلبه المملؤ شوقا وحبا إليها.
بدت متألقة كعروس،
لكنها في اللحظة التي رأته فيها،تبدلت أساريرها وغارت عيناها وهي تجفل بحذر.
أغمض أندريس عينيه بعجز،وقد اكتسحته موجة من الحب والشعور بالذنب.
وتشوق الآن أكثر من أي وقت مضى إلى إغلاق الباب في وجه العالم كله، ثم يأخذها بين ذراعيه ليضمها إليه إلى الأبد ،وهو يطلب منها الصفح والمغفرة ،والسماح له بتمضية بقية حياته معها ليريها مقدار حبه لها.
ولكن لديه مسؤولياته ،وقبل كل شيء عليه تنفيذ وعده لجده بأن يعرفه إلى ساسكيا.
وكان يرجو أن يتذكر العجوز وعده له بمعاملة ساسكيا برفق.
عندما أجتاز أندريس الغرفة وأمسك بيدها ،انكمشت ساسكيا مبتعدة عنه،خائفة من أن تخونها مشاعرها عالمة بأنها ترتجف من رأسها حتى أخمص قدميها فقط بسبب دفء يده التي كانت تمسك بيدها.
كانت تعلم أن أندريس سيدلي ببعض التعليقات المتوترة وبعض الأوامر بالنسبة إلى الدور الذي ستقوم به أمام جده ،ولكن،بدلا من ذلك ترك يدها وقال بصوت منخفض:
"أنا آسف لتعريضك لكل هذا ياساسكيا"
ودون أن تجرؤ على النظر إليه ذكرته ساسكيا بعنف قائلة:
" هذا ما أحضرتني من أجله إلى هنا"
فقد أحست بلهجة الندم تلك في صوته ،
إلا أنه لم يعقب على ما قالته،وخرجا من الغرفة بينما دخلت الخادمة الصغيرة المكلفة بتنظيف الغرفة فوقف أندريس ليقول لها شيئا باليونانية قبل أن يلحق بساسكيا إلى الممر.
كان من الطبيعي ،في مثل هذة الظروف أن يمسك أندريس بيدها مقتربا منها،حتى إذا سارا بهذا الوضع في الفناء ،يعطيان انطباعا بأنهما خطيبان عاشقان،
ولكن ما كان غير طبيعي، وغير حكيم تقريبا،هو الشعور بالدفء والأمان الذي اكتسبته من اقترابها منه بهذا الشكل وهي التي تريد الابتعاد عنه.
في محاولة لإلهاء نفسها عن تأثير أندريس عليها،نظرت إلى حيث كانت أوليمبيا وأمها واقفتين تتحدثان إلى رجل عجوز أبيض الشعر لابد أنه الجد.
عندما اتجها نحوه،أخذ يستدير إليهما رويدا،وسمعت ساسكيا أندريس يقول بلهجة رسمية:
"جدي أود أن أقدم إليك ساسكيا"
وقفت ساسكيا تصغي وعيناها مسمرتان على هذة الملامح المألوفة للرجل الذي تتعرف عليه.
أنه الرجل نفسه الذي رأته بالشارع في مدينة أثينا.
ذلك الرجل الذي بدا مريضا والذي قلقت عليه وحاولت مساعدته.
إلا أنه الآن يبدو معافى و سليما فهاهو يتقدم نحوهما،بابتسامة عريضة،ليأخذ يد ساسكيا بيديه الاثنتين ويهزها من كل قلبه كعادة حفيده ،وهو يقول ضاحكا:
"لا حاجة بك لتقديمها إلي ياأندريس لأننا سبق وتعرفنا على بعضنا البعض أنا وخطيبتك الرائعة الجمال"
رأت ساسكيا مدى متعة العجوز لرؤية الذهول على وجه أفراد أسرته،كان واضحا أنه رجل يحب الشعور بأنه مسيطر ومطلع على كل شيء..وعلى الناس..
رجل يحب التحدي وإدهاش من حوله ولكن هذة الميزة أغضبت أندريس بينما وجدتها هي على العكس،ميزة محببة.
وقال أندريس مندهشا وعابسا وهو ينقل نظراته بينهما:
"أنت و ساسكيا سبق وتعارفتما"
فأجاب الجد ببرودة وقبل أن تتمكن ساسكيا من الكلام :
"نعم في مدينة أثينا فقد كانت رقيقة جدا مع رجل عجوز وقلقة عليه للغاية أيضا"
ثم نظر إلى ساسكيا بابتسامة عريضة شاكرا وقال:
"أخبرني سائقي بأنك عبرت له عن قلقك على صحتي"
ثم أضاف:
"وعلي الإعتراف أن المشي في ذلك الجو الحار بالإضافة إلى انتظاري عودتك من التفرج على الأكروبوليس..لم يكن مريحا،لكنني لا أظن أن ذلك كان بالقدر الذي شعر أندريس به بالانزعاج عندما جاء إلى مكتبي فاكتشف أنني ألغيت الاجتماع"
وبصوت خافت راح يضحك كالمنتصر في الحرب قائلا بشيء من المباهاة لأندريس:
"لا أظنك تعتقد حقا أنني سأسمح لحفيدي الوحيد بالزواج بامرأة لا أعرف شيئا عنها..أليس كذلك؟"
واخفت ساسكيا ابتسامة بدت على شفتيها،وقد أدركت أن هذا العجوز مازال يونانيا أصيلا،
كانت تعلم بأنه عليها الشعور بالضيق من تصرفات الجد ،
لكنها أحست بالسرور بما فعل بحيث لم يسمح لها قلبها بإظهار الخصام له.
لكن أندريس على ما يبدو،كان صعب الإرضاء فقال بخشونة وهو يرمق جده بنظرة قاسية:
"هل كنت تريد أن تمتحن ساسكيا..؟"
فقاطعه جده:
"حتما كان اختيارك جيدا ياأندريس .
إنها ساحرة..وحنونة وقليلات هن الشابات اللواتي يضيعن وقتهن على العناية برجل عجوز لا يعرفنه .
كان علي التعرف إليها بنفسي ياأندريس أنا أعرف أنك و.."
فقاطعه أندريس ببرودة:
"ما فعلته يا جدي إهانة لها"
فحدقت إليه ساسكيا ذاهلة
أندريس يدافع عنها ويحميها؟
ما هذا؟
و فجاءة تذكرت أنه يمثل دوره فقط ..دور الخطيب العاشق المدافع.
وتابع أندريس قائلا:
"ودعني أخبرك بهذا يا جدي وهو سواء وافقت على ساسكيا أم لا فهذا لا يشكل فرقا عندي،فأنا أحبها ودوما سأحبها ،و ما من تهديد أو رشوة أو مداهنة أو تملق منك قد يغبر ذلك"
ساد صمت قصير قبل أن يومئ الرجل العجوز برأسه قائلا:
"هذا حسن أنا مسرور لسماعي هذا
امرأة مثل ساسكيا تستحق أن تكون مركز اهتمام قلب زوجها وحياته"
ثم أضاف وقد اغرورقت عيناه بالدموع :
"أنها تذكرني كثيرا بإليزابيث فقد كان لديها الحنان نفسه والاهتمام بالآخرين"
وصمت قليلا ثم قطب جبينه فجأة وهو يرى خاتم ساسكيا:
"ماهذا الذي تلبسه؟
إنه لا يناسب عروساً من آل ديمتريوس.
لقد أدهشتني ياأندريس ماسة(سوليتير)تافهة؟
ستلبس خاتم زوجتي إليزابيث و.."
فقاطعه أندريس بحدة وخشونة:"لا...لاداعي لأن تلبس ساسكيا خاتم جدتي"
وأجفلت ساسكيا وراحت تفكر:
أتراه سيخبر جده الآن بأن المسألة كلها كذبة؟
أتراه لم يحتمل فكرة أن تلبس ساسكيا خاتم زواج الجدة المقدس في الأسرة؟
وتابع أندريس :
"فإذا أرادت ساسكيا خاتما آخر فهي التي ستختاره بنفسها،
حاليا أريدها أن تلبس الخاتم الذي اخترته لها بنفسي.ماسة متألقة نقية رائعة الجمال مثلها"
رأت ساسكيا والدة أندريس وشقيقته تفتحان فمهما ذهولا ،مثلها هي،إزاء هذا الكلام الشاعري الرقيق
و اغرورقت عيناها بالدموع وهي تنظر إلى الماسة في أصبعها ،
كانت رائعة .
وهي دوما تراها كذلك كلما لبست الخاتم،
ولطالما تمنت أن تلبسه مع الحب.
فالعهود التي تعطى مع الخاتم هي التي تعطيه قيمة وأهمية عند المرأة العاشقة ،
وليس قيمته المادية.
لكن جد أندريس وضع جانبا هذا الموضوع وقال بمرح:
"هذا حسن جداً ،لكن ما أريد معرفته الآن هو،متى تعتزمان الزواج؟
أنا لن أعيش إلى الأبد،ياأندريس،وإذا أردتني أن أرى صبيانك .."
فقال أندريس محذرا:"جدي.."
****
بعد الغداء الاحتفالي ،عادت ساسكيا إلى غرفتها بوقار برفقة أندريس كما ينبغي للخطيب العاشق الحامي لخطيبته وخارج الغرفة،
لمس أندريس ذراعها بخفة مرغما إياها على الوقوف والنظر إليه وهو يقول بجفاء:
"أنا آسف لما حدث في مدينة أثينا"
ثم بدا على وجهه الغضب وهو يتابع:
"لا يحق لجدي أن يمتحنك.."
فقاطعته بهدؤ مدافعة عن جده:
"لو كنت أنت مكانه لفعلت الشيء نفسه بالضبط،أنه عمل طبيعي تماما.
وأنا أتذكر ما فعلته جدتي في أول مرة خرجت فيها مع شاب"
وضحكت،ثم سكتت وهي ترى أندريس يهز رأسه ويقول بخشونة:
"إنها تحميك طبعا،ولكن أما كان على جدي إدراك الخطر الذي كان يمكن أن تتعرضي له؟
ماذا لو أخطأ في توقيت(المصادفة)التي جمعتكما معا؟
كنتِ وحيدة في مدين لاتعرفينها.
لقد ألغى تعليماتي للسائق وطلب منه الإبتعاد عن الأنظار ريثما يعود هو إلى سيارته الخاصة"
فقالت بهدؤ:
"حصل ذلك في منتصف النهار يا أندريس"
إلا أن أندريس لم يقتنع بذلك،فأضافت ساسكيا:
"حسناً، على كل حال لن يحاول جدك بعد الآن أقناعك بالزواج من أثينا.
لقد نجحت خطتك وتم لك ماتريد"
قالت ذلك تسترضيه وهما يدخلان غرفة النوم،وإذا بها تقف فجأة وهي ترى في وسط الغرفة حقائب جديدة .
فسألت بصوت متردد:
"ماهذه.."
فقاطعها قائلا:
"طلبت من ماريا حزم أمتعتنا،لقد حجزنا في أول طائرة تقلع صباح غد إلى لندن"
فسألته بدهشة:
"هل سنرحل؟"
ثم أدركت حماقتها إذ كيف تظهر ذهولها لذلك،طبعا هما راحلان ،
ذلك أن أندريس لم يعد بحاجة إليها الآن،
فقد أوضح جده تماما أثناء الغداء أنه لم يعد مرغوبا بأثينا تحت سقفه،
وأجاب أندريس بخشونة:
"لم يعد لنا آي خيار آخر .سمعت ما قاله جدي والآن بعد أن أثبتت فحوصاته الطبية أنه على مايرام،فهو متلهف لإيجاد ما يشغله مثل تنظيم حفلة الزفاف.
لن يدع فرصة كهذه تفوته حيث سينفق المبالغ الباهظة على حفلة الزفاف ويجمع كل أصدقائه المقربين من رجال الأعمال تحت سقف واحد.
وأمي وأختي تشبهانه في الإسراف فهما تريدان ملابس مصممة لهما خصيصا،و ثوب زفاف لك تستغرق خياطته شهورا،وخططا لتكبير الفيلا بحيث تستوعب الأحفاد الذين علينا إنجابهما نزولا عند رغبة جدي وأمي..."
كانت ساسكيا تلتهم كل كلمة،فالصورة الخيالية التي طبعها في ذهنها رسمت في نفسها بهجة و فرحا كانت تحلم بهما،
وأصبحت هذة اللوحة أكثر إغراء مع كل كلمة ينطق بها أندريس إلا أنها كانت تعلم أن تحقيق حلمها مستحيل،
فما قامت به كان تمثيلا لدور انتهى و ستعود إلى واقعها.
منتديات ليلاس
و إذ بكلمات أندريس التالية تصيبها بالذهول و الصدمة:
"لكن علينا أن نتزوج فورا،إذ لا وقت لدينا"
صاحت به شاحبة الوجه:
"ماذا تقول؟
لا يمكن أن تكون جاداً في كلامك،
لا يمكننا أن نتزوج لمتابعة التمثيلية.."
فقاطعها بمرارة:
"أنا أريد أن أحميك ياساسكيا"
فقالت باستهزاء:
"ومنذ متى يُبنى الزواج على مبدأ الحماية ،فأنا لا أريد حمايتك،ولا أريدك أبدا"
وحين سمع منها شهقة ألم أظلمت عيناه ندما.وقال:
"ساسكيا..يا حبيبة قلبي ..آسف جدا لم أقصد أن أجرحك،
وإنما ليتك تدركين كم أنت غالية على قلبي"
حدقت ساسكيا إليه غير قادرة على النطق أو الحركة أو التنفس وهي تسمع كلامه المليء بالمشاعر هذا ،
هل كان يمثل؟
لابد أنه يمثل فهو لا يحبها وهي تعلم ذلك...
ورغم أنها كانت تتشوق لسماع مثل هذه الكلمات منه إلا أنها كانت تعلم بعدم صدقها
لذا شعرت بعذاب لا يطاق...
فأمسكت بالخاتم الذي يحيط بأصبعها..وحاولت نزعه بعنف .وقد غامت
عيناها غضبا..ولمعت فيهما دموع الكبرياء والألم
بينما كان أندريس ينظر إليها كما كان ينظر إليها طول وقت الغداء.
وقتها قالت له إوليمبيا بحماسه {شعرت بغضب بالغ حين عرضت إيثينيا على ساسكيا ذلك المبلغ ,
وأنا فخوره بها..إينها تحبك كثيرآ.
ظننت أنا مامن إمرأه تستحقك..يا أخي الرائع..
لكنني أعرف الأن أنني كنت مخطئه.فساسكيا تحبك بقدر
ما تستحق أنت ان تحبك إمرأه
وكما سأحب أنا ذات يوم الرجل الذي سأتزوجه.
وهمست في إذنه أمه أيضآ {أنها تناسبك تمامآ يا حبيبي}
وكذلك قال له جده متأثرآ {أنها شابه رائعة الجمالوذات قلب أكثر جمالآ.}
وحدث بعد الغداء أن ذهب الجد يغيظ قليلآ ساسكيا ممازحآ :
فألتفتت الى أندريس تلتمس الحمايه بشكل عفوي .
فجعلته هذي النظره في عينيها يتمنى لو يختطفها ويحملها إلى مكان تكون فيه له لوحده.
ويجعل تلك النظره في عينيها لطلب حمايته تتكرر مره بعد مره.
أستطاعت ساسكيا أخيرآ من نزع الخاتم من اصبعها وقدمته إلى اندريس
رافعة الرأس : قائله بجديه:
لا شئ يدفعني لزواج من رجل لا يحبني...
أغمض اندريس عينيه وأخذ يردد كلماتها ليتأكد من أنه لم يخطئ سماعها.
ثم عاد وفتح عينيه متقدمآ نحوها كان على وشك القيام بأكبر مغامره في حياته .
فأذا خسر هذه الخطوه .خسر كل شئ.
وإذا ربحها .. تنفس بعمق ثم سألها برقه { الا يعني هذا أنك لن تتزوجي إبدآ رجل لا تحبينه؟
جمدت ساسكيا في مكانها وقد شحب وجهها ثم عاد وأحمر قليلآ.
أنا .. أجل هذا ما عنيته بقولي.
وسكتت قليلآ عندما تغلب عليها الألم.. ثم عادت وكررت قولها بأحتجاج عندما اخلها بين ذراعيه.
لا أستطيع ان اتزوجك اندريس.
فقال اندريس بصوت منخفض وهو يحتضنها .. وأنا لن ادعك تذهبين يا ساسكيا .
فسألته .
لماذا؟
لتحميني من الذئاب..
لكنها تلعثمت عندما شدد من أحتضانها فهمس وهو يعانقها لأجل ذلك... لأجلك.
فقالت بدهشه وأحتجاج..
أنا؟
لكنه لم يدعها تكمل .فأحاط وجهها بيديه
ونظر في عينيها وقد بان الألم البالغ في عينيه المثقلتين بالندم
الملتهبتين بالحب والرغبه.وهو يقول ضارعآ..
أرجوك يا ساسكيا..إمنحيني فرصه أريك فيها كيف ستكون الأمور بيننا .. كيف ستكون ممتازه.
فسألت وقد بدأت تشعر بدوار.
مالذي تحاول أن تقوله؟؟
فأجاب وهو مايزال يحيط وجهها بيديه.
أحاول أن اقول بالكلمات ما سبق وقالها لك قلبي ومشاعري وروحي وجسدي .
.يا حبيبتي ومعبودتي..لابد أنك تشعرين بما اشعر به؟
رفعت بصرها بتعجب ونظرت في عينيه لترى أن كانت تجرئ ؤ على تصديق ما تسمع.
.وهي تشعر بقلبها يخفق بمزيج من البهجه والأثاره
لا يمكن لرجل تزييف نظرات بهذا الشكل الذي ينظر به اندريس إليها ...
وإذا لم يكن هذا كافيآ..فأن عناقه لها يعطيها رسالة حب واضحه منه ..
ولم تستطع منع نفسها من الأحمرار خجلآ وهي تشعر بأن كيانها يستجيب له وليس قلبها فقط..
ثم قالت له بجرأة :
ظننت أنك ترغب في....
وعندما أخذ أندريس يضحك.. سألته بإرتباك.
ماذا تراني قلت؟
فأجاب ومازال يضحك :
يا اعز حبيبه .أضحك لبراءتك وسذاجتك .
فأنتي لم تتعرفي على رجل غيري حتى..
وسكت ونظر إليها باسما .وقبلها برقه قبل أن يقول لها.
لا .. ولماذا أزعج نفسي بالشرح . فعلى كل حال
لن يكون لديك الفرصة لتتعرفي على شخص أخر
فأنا وأنت .. يا ساسكيا.. سنتزوج .. ونتشارك الحب. والفرح .
ونعطي بعضا البعض الحب طوال حياتنا
عندئذ همست ساسكيا ..ببهجة وهو يأخذها بين ذراعيه
آآه يا اندريسون..
.
|