لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-06-08, 09:38 AM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

- سأترك السيارة هنا .
هذا ما قاله أندريس لساسكيا و هي يدخل بسيارته المرسيدس إلى موقف متعدد الطوابق في وسط المدينة .
و اتسعت عينا ساسكيا عندما رأت التعرفة الملصقة على الحاجز .
لم تحلم قط في حياتها بدفع مثل هذا المبلغ كأجرة لركن السيارة ،
لكن الأغنياء كما يقال ، هم أناس مختلفون .

و يا للاختلاف الذي شعرت به عندما اصطحبها أندريس طوال العصر إلى متاجر لم تعلم قط إنها موجودة ،
و في كل متجر ، كان الجو المميز الذي يحيط به يبدو و كأنه يجذب من البائعات نوعاً من التبجيل و الإحترام يجعل ساسكيا تزم شفتيها .
و رأت الإعجاب في عيون البائعات و هن يحضرن مجموعات الملابس ليراها .. ليراها هو و ليس هي .
و كلما لاحظت ساسكيا ذلك كلما ازداد في نفسها الإحساس بالضعف و الإحباط و الإستياء .
و خرجا من أحد المتاجر الفخمة بعد إن رفضت ساسكيا بخشونة إن تجرب طقماً بني اللون ،
ثم إنفجرت صارخة في وجه أندريس :
" إنا لست دمية أو طفلة "

فقال متجهماً
" لا ؟
حسناً لكنك تقلدين الأطفال بشكل رائع ، ذلك الطقم كان .."

فقاطعته و هي تصر على أسنانها :" لا يمكن أبداً إن أدفع ثمناً لقطعة ثياب مبلغاً يفوق الألف جنيه ..
حتى و لا لثوب عرسي !"

و عندما رأت أندريس يضحك ، حملقت فيه ثائرة و متسائلة
" ما الذي يضحكك ؟"

- أنت ، يا عزيزتي ساسكيا .
هل لديك فكرة عن ثوب العرس الذي ينزل ثمنه عن الألف جنيه ؟

- لا ، ليس لدي فكرة ، لكنني أعرف إنني لن أشعر بالإرتياح أبداً و إنا أرتدي ملابس يطعم ثمنها مجموعة من الناس ،
كما إن ثوب العرس الغالي ليس ضمانا لزواج ناجح .

فقال ساخطاً :
" آه ،
وفري علي محاضراتك ,,
هل فكرت يوماً كم من الناس يبقون دون عمل إذا ارتدى كل شخص الأشكال البالية و أكياس الخيش كما تريدينهم إن يفعلوا ؟"

فقالت و كأنها تدافع عن فكرتها :
" هذا ليس عدلاً "

و رغم كل شيء كانت ساسكيا من الأنوثة بحيث تحب الملابس الجيدة و تريد إن تبدو بمظهر لائق .
و الشك إن ذلك الطقم كان سيليق بها تماماً و يظهر أنوثتها ،
كما اعترفت بينها و بين نفسها ، لكنها كانت مصممة تماماً على إعادة كل قرش ينفقه أندريس عليها .

و قالت له ثائرة :
" لا أدري لماذا تصر على هذا ؟
إنا لست بحاجة إلى أي ملابس ،
و قد سبق إن قلت لك هذا ، كما إنك لست بحاجة لتبذير نقودك بأي شكل لتؤثر علي "

فقال بحدة و غضب :
" إنني رجل أعمال يا ساسكيا ،
و هذا يعني إنني لا أبذر نقودي ، بأي شكل، سواء عليك أم على أي شيء آخر
و مهما كان السبب ، و خصوصاً للتأثير على امرأة يمكن بسهولة شراؤها بأقل من نصف ثمن ذلك الطقم "

ثم أمسك بيدها التي ارتفعت بشكل تلقائي لتصفعه و قال بلطف
" آه لا ....... إياك "

كانت قبضته قوية ، بحيث ابيضت أصابع ساسكيا .
لكن كرامتها أبت عليها القول بإنه آلمها و أبت عليها الإعتراف بخروج مشاعرها عن سيطرتها .
و عندما أخذت تترنح ،
و قد شحب وجهها من الألم و الصدمة ،
أدرك أندريس ما يحدث ، فترك معصمها و هو يشتم ،
ثم راح يدعك يدها ليعيد إليها الحياة .

- لماذا لم تخبريني بأنني أؤلمك بهذا الشكل ؟
عظامك بهشاشة العصافير .

- حتى الآن ، وهو يمسد يدها بخبرة ليعيد إليها الدم ،
لم تستطع ساسكيا السماح لنفسها بالضعف استدراراً لشفقته ،
فقالت له بحدة :
لم أشأ إن أفسد عليك متعتك ، إذ يبدو إنك كنت مستمتعاً بإيلامي "

- أجفلت حين سمعت الشتيمة التي أطلقها و هو يترك يدها عابساً و قائلاً بتصميم :
" لقد زاد هذا عن الحد . فأنت تتصرفين كالأطفال أولاً كنت بنت هوى ،
و الآن طفلة .
هنالك دور واحد أريد رؤيتك تقومين به من الآن فصاعداً ، يا ساسكيا ،
وهو الدور الذي سبق و اتفقنا عليه ، سأحذرك الآن .
إن أنت قلت أو فعلت أي شيء يجعل أسرتي تشك في مدى صدق حبنا ،
سأجعلك تندمين جداً على ذلك . هل فهمت ؟"

- نعم فهمت .

فعاد يقول محذراً :
" و إنا أعني ما أقول ، فإذا أنت هزأت بي ، لن تعملي ليس في سلسلة فنادقي و حسب يا ساسكيا ،
بل سأفعل ما يلزم لكي لا تتمكني بعد ذلك من العمل في أي مكان .
فالمحاسبة التي لا يمكن الوثوق بها ، و التي طردت من العمل بسبب تهمة السرقة ،
لن يرغب أحد بتوظيفها ، هل فهمت ؟"

فقالت بصوت منخفض و خائف و قد شحب وجهها :
" لا يمكنك إن تفعل بي هذا ".

لكنها أدركت جيداً إنه يمكنه ذلك .

شعرت الآن نحوه بكراهية بالغة .
و عندما أدخلها إلى المتجر التالي ، و رأت عيني البائعة تتسعان بإهتمام ،
فكرت بأن هذه الفتاه هي مرغوبة لديه .. بل و أكثر من مرغوبة !

و في آخر متجر دخلا إليه ، طلب خدمات صاحبة المتجر شخصياً ،
فأحضرت لهما هذه ، ببالغ الكفاءة و النشاط ، ملابس لم تر مثلها مثيلاً إلا في المجلات النسائية المصقولة اللامعة .

حاولت رفض كل ما أحضرته صاحبة المتجر ،
و لكن في كل مرة كان أندريس يعترض عليها إلا في تلك المرة الوحيدة فقد اتفقا فيها ،
حينما أحضرت صاحبة المتجر ثوب بحر قائلة عنه إنه يناسب لونها تماماً و كذلك المكان الذي ستقصده ،
و عندما رأت ساسكيا إنه فاضح جداً اتسعت عيناها غير مصدقة ..
و اتسعتا أكثر عندما استطاعت ، بحذر ، قرائه بطاقة ثمنه ،
فهتفت دون وعي :
" لا يمكنني أبدا السباحة بثوب بحر مماثل "

فبدا الذهول على صاحبة المتجر :
" تسبحين به ؟
رباه ، لا . طبعاً لا .
هذا ليس للسباحة ، ثم ، أنظري إلى هذا الوشاح الرائع الذي يتلاءم معه "
و أخرجت لها وشاحاً مستطيلاً من الحرير الهفهاف مزيناً " بالترتر " اللامع الملون

و عندما رأت الثمن المكون من أربعة أرقام ، شعرت ساسكيا بإنها تكاد تقع مغمياً عليها من الذهول ،
و لكن الإرتياح و الدهشة تملكاها عندما هز أندريس رأسه هو أيضاً ، قائلاً :
" هذا ليس نوع اللباس الذي أريد لخطيبتي إن ترتديه "

ثم أضاف بصراحة :
" إن جسم ساسكيا يجذب الأنظار دونما الحاجة إلى تزينه بملابس تلائم البغايا ".

كانت صاحبة المتجر من اللياقة بحيث لم تلح عليهما بل ذهبت و عادت بعدة أثواب سباحة .

اختارت ساسكيا أزهدها ثمناُ ، سامحة ، على الرغم منها لأندريس بإن يضيف إليه وشاحاً ملائماً .

و بينما كان يدفع الحساب و يقوم بترتيبات إرسال المشتريات إلى شقته عند النهر ،
جلست هي تشرب القهوة التي قدمت إليها في المتجر ،
ربما لإنها لم تأكل طوال النهار .
ثم أنتابها الدوار ، عندما تذكرت بإنها ستذهب مع أندريس إلى شقته ، حيث سيكونان بمفردهما .

و في طريقهما إلى شقته ، قال أندريس لساسكيا :
" هنالك مطعم ممتاز بالقرب من شقتي . سأرتب إرسال وجبة طعام إلى الشقة و .."

فقاطعته على الفور :
" لا أفضل الأكل في الخارج "

و إذا به يعبس قائلاً :
" لا أظنها فكرة حسنة ، لإن علي الخروج و لاأدري متى أعود .
و إن وجود امرأة مثلك ، تجذب الأنظار ، هذا إلى إن التعب باد عليك "

سيخرج أندريس ، و شعرت يقلقها يخف .
كانت قدماها تؤلمانها من السير طويلاً في الأسواق و هي لم تعتد ذلك ،
كما إن ذهنها كان مرهقاً من حساب المبالغ التي أنفقها أندريس أو بالأحرى هي أنفقتها لإنها مصممة على ردها لأندريس .
و كان مجرد التفكير بهذه المبالغ الضخمة جداً يشعرها بالمرض .

تبعت ساسكيا أندريس ، نحو ردهة المبنى و قد تملكها التعب و كان استعمال المصعد يحتاج إلى مفتاح خاص ، ثم تحرك بهما المصعد برفق بالغ جعل عيني ساسكيا تستديران ذهولاً عندما توقف أخيراً ،
فهي لم تشعر بصعوده .
منتديات ليلاس
فقال أندريس بعد أم أمسك بذراع ساسكيا :
" من هنا "

و اتجها نحو باب من الأبواب الأربعة و هو يحمل حقيبتها ،
ثم وضعها على الأرض مشيراً إلى ساسكيا بأن تتقدمه إلى ردهة أنيقة .



==========




الفصل الخامس :- رائحة الخطر

لم تصدم ساسكيا اللوحات العصرية القالية الثمن المعلقة على جدران الردهة في شقة أندريس ، وإنما رائحة المسك العطرية التي اخترقت خياشيمها وجعلتها تجفل وتشعر بالاختناق .
لم تشك في إن أندريس أنتبه إلى ذلك أيضا، فقد رأته يقف ، ثم يرفع رأسه كنمر يتشمم الجو بحثا عن فريسة .
وسمعته يتمتم بغضب بالغ :"تبا... تبا ... اللعنة".
ثم دفع بشدة بابا إنفتح على قاعة جلوس فسيحة كثيرة النوافذ ، وعاد وأمسك بذراعها بقوة ، فإنغرزت أصابعه في ذراعها الطرية وهو يهمس ،محذرا ، فوق شفتيها بينما عيناه الملتهبتان تغوصان في عينيها المصدومتين الغافلتين الناعمتين.
_ وأخيرا ،أصبحنا وحدنا . كيف أمكنك الاستمتاع بإغاظتي طوال النهار ،يا حبيبتي؟ لكنك الآن أصبحت لي ، ويمكنني إن أوقع بك العقاب الذي أريد..
شتت صوته الرقيق الخافت ،وكلماته تلك ما بقي من إدراكها ، وشعرت بأن الصدمة تمزق كيانها ، ثم عانقها ، مسكتا الاحتجاج الذي كان سيصدر عنها وكان عناقا حطم دفاعاتها وكأنه قنبلة ذرية .
همست باسمه بلهجة مفككة ، مصرة على إن يتوقف على ما يفعله ، ويفسر لها سبب ذلك ،لكن حواسها غير المعتادة على كل هذه الإثارة قاومت كل ما كان عقلها المذهول يحاول تفسيره ، فالجمود الذي أحدثته الصدمة إذابته حرارة البهجة التي أرسلتها مشاعر أندريس الجياشة في كيانها ، كما أخذت شفتاها الناعمتان ترتجفان تجاوبا مع هذه المشاعر التي لم تألفها .
ودون وعي بما تفعل ، ازدادت اقترابا منه ، واقفة على أطراف أصابعها لكي تتمكن ، من الاستمتاع ببهجة عناقه ، يداها على ذراعيه تتلمسان عضلاته القوية،، بينما قلبها يخفق برهبة لهذه الصدمة غير المألوفة ولما يتملكها من مشاعر جديدة .
كانت رائحة أندريس تغطي على شذا ذلك العطر القوي الخانق الأنثوي ، حرارته .. مشاعره.. رجولته.. فشعرت بشيء ما في داخلها لم تألفه من قبل يستجيب لذلك تماما كما كان قلبها يستجيب له ، وهي تتأرجح بين ذراعيه بإنسجام، وكأنها تحثه على شدها إليه أكثر.
شاعرة بالدوار ، فتحت عينيها اللتين أغمضتهما عندما عانقها وهي ترتجف ، فرأت شررا ينطلق كلمعان البرق من عينيه وهو يحدق إليها ، فشعرت بنفسها معلقة بين السماء و الأرض في هذا المكان الذي تشعر فيه بالخطر و الأمان في إن معاً.
ثم قال أندريس بصوت أجش :" إنك تتجاوبين معي و كأنك عذراء .."
و ازداد لمعان الشرر في عينيه ، بشكل أقوى و كأنه وجد في هذا المفهوم شيء يرضيه للغاية .
بادلته ساسكيا النظرات بوهن ، فصدرها يخفق بسرعة مخيفة ، جسدها مليء بألم مذهل غير مألوف ما هو إلا الحاجة إلى إن يضمها إليه و كان هذا التفكير يسرع بخفقان قلبها و يجعلها تتأوه محاولة الإلتصاق به.
- أنت .. أنت تريدينني..
و أحست ساسكيا باللهفة في صوته ، فازدادت التصاقاً به بشوق بالغ ، و إذا بها تجمد مكانها و هي تسمع صوت امرأة يسأل بحدة :" أندريس ؟ ألن تعرفها علي ؟".
أدركت ساسكيا على الفور ما كانت تقوم به ، و تملكها حرج بالغ و لكن عندما حاولت الهروب ، متلهفة لإخفاء اضطرابها ، أمسك أندريس بها ، مرغماً إياها على البقاء مكانها . لا ، بل أرغمها على مزيد من الإلتصاق به و هذا جعلها تميل عليه و كان .. و كان ..
و أرتجفت عندما ضمها إلى صدره بتملك ، و توهج وجهها خجلاً و ارتباكاً من هذه المرأة . و لكن يبدو إن المرأة التي كانت تنظر إليهما لا تشعر بالخجل نفسه .
و أمسكت ساسكيا أنفاسها عندما سمح لها أندريس بالإلتفاف إلى المرأة فإذا بها طويلة القامة سوداء الشعر ، لاعيب في أناقتها و تبرجها و لكن رغم دفء لونها الأسمر و شفتيها الناضجتين المصبوغتين ارتجفت ساسكيا و هي تحس ببرودتها الفطرية ، و سمعت أندريس يسأل :" كيف دخلت إلى البيت يا أثينا ؟"
- لدي مفتاح ، هل نسيت ؟
النظرة التي ألقتها أثينا على أندريس ، و الطريقة التي أبعدت بها ساسكيا عن حديثهما ، مشيحة بوجهها عنها ، جعلت ساسكيا تفكر آسفة بما سبق و ظنته من إن أثينا أرملة محطمة قد هدها الحزن لخسارة زوجها مما جعلها غير قادرة على مقاومة إرغامها على زواج ثان .
و بعد إن رأتها ساسكيا ، تأكدت إن أثينا امرأة قوية لا يمكن لأي أحد إرغامها على ما لا تريده ، إنا عيناها السوداويان فلا علاقة للحزن بهما مطلقاً .
كبحت ساسكيا شعوراً مفاجئاً بالغثيان احترق في حلقها و هي ترى نظرة الرغبة التي رمقت أثينا بها أندريس . لم تتصور ساسكيا قط إن بإمكان امرأة إن تنظر إلى رجل بمثل هذه الطريقة الصريحة .
الآن تفهمت ساسكيا سبب شعور أندريس بالحاجة إلى خطيبة مزيفة ليحمي نفسه ، أما الذي لم تستطع فهمه فهو كيف استطاع مقاومة رغبة هذه المرأة فيه ؟
كانت ذات جاذبية هوجاء ، و رغبتها بأندريس بادية بشكل واضح ، ومن المؤكد إن هذا ما يحلم به كل الرجال .. امرأة لاتشبع منهم أبداً .
و ببساطة ، افترضت ساسكيا إن برودة أثينا الغريزية موجهة لبنات جنسها فقط و ذلك لإنعدام مشاعر المحبة الأصلية فيها . ثم استنتجت إن أندريس ضمها إليه لإنه تكهن بوجود أثينا في الشقة ، فعطرها المميز كان قد ملأ أركان الشقة . و بعد أ اقتربت أثينا من أندريس سألته :" ألن تقول كم أنت مسرور لرؤيتي ؟
ثم زمت شفتيها باستياء واضح و قالت بلهجة ذات مغزى " جدك مستاء جداً من خطبتك ,, أنت تعلم ما كان يريده "
ثم التفتت إلى ساسكيا و قالت بجفاء آه ، آسفة ، لم أقصد إن أجرح مشاعرك لكنني واثقة من إن أندريس نبهك إلى مدى صعوبة قبول أسرته بك خصوصاً جده "
فصاح أندريس محذراً :" أثينا "
و تصورت ساسكيا كيف كانت ستشعر الآن لو إن خطبتهما حقيقية
- لكنها الحقيقة
تابعت أثينا كلامها بإصرار و هي تهز كتفيها ،فجذبت هذه الحركة الأنظار إلى امتلاء صدرها تحت بلوزتها القطنية الرقيقة ، و أشاحت ساسكيا بوجهها بسرعة عن أثينا و لم تجرؤ حتى على النظر إلى أندريس . فمن المؤكد أنت ما من رجل يمكنه مقاومة جمال أثينا و اكتماله .
و لكن ربما أثينا تظهر جمال صدرها لأندريس فقط . ربما أرادت بذلك تذكيره بالعلاقات التي ربطتهما يوماً ، ذلك إن لديها مفتاح شقته ، و هي حتماً تريد التوضيح لساسكيا إن ثمة علاقة حميمة جداَ بينهما
و كأنما إثباتاً لأفكار ساسكيا ، مالت أثينا فجأة إلى الأمام ، واضعةً يدها ذات الأظافر المطلية على وجه أندريس ، وهي تقف بينهما و تقول برقة :
- ألن تقبلني يا أندريس ؟ فهذه عادتك ، و إنا واثقة من إن خطيبتك تعلم إن في اليونان .. العلاقات الأسرية هامة جداً ..جداً .
فقال أندريس بإقتضاب و هو يبتعد عن أثينا إلى الخلف ممسكاً بساسكيا :" ما تعلمه ساسكيا هو إنني أحبها و أريدها إن تكون زوجتي ".
ثم أحاط أندريس ساسكيا بذراعه ، واضعاً رأسها على كتفه ، عندئذ ذكرت ساسكيا نفسها بسبب تصرفاته هذه ، و بالدور الذي يفترض بها القيام به .
فقالت أثينا عندما رأت هذه المنظر :" ما أحلى هذا "
ثم ألقت على ساسكيا نظرة كالثلج قبل إن تعود فتلتفت إلى أندريس و تقول بإخلاص مصطنع :" أكره إن ألقي ظلاً على سعادتك ،يا أندريس ، و لكن جدك مغتاظ منك حالياً . كان يحدثني عن مدى اهتمامه بالطريقة التي تتصرف فيها بالممتلكات الجديدة . و طبعاً ، إن أدرك مدى اهتمامك بأن تدمغ العمل بطابعك الخاص ، إن تثبت ذاتك .لكن امتلاكك لسلسة الفنادق هذه كانت مجازفة متهورة حقاً ، و ذلك لتصميمك على الإحتفاظ بكل الموظفين الموجودين ، إن عملك هذا لن يحقق لك أي مكسب "
ثم أضافت بسخرية و عذوبة :" و لكن لابد لي من القول إنه ، بعد إن سنحت لي الفرصة لدراسة الحالة المالية لسلسة الفنادق هذه ، فإنا مسرورة جداً لإنني سحبت اشتراكي من المزاد ،، رغم إنه كان بإمكاني ، طبعاً إحتمال خسارة مليون أو ما يقارب من المؤسف يا أندريس ، إنك لم تقبل عرضي عليك إدارة شركة الشحن خاصتي . كان ذلك سيمنحك مجالاً أوسع من مجرد العمل كغلام يرسله جده لتأدية " المشاوير" القصيرة ..".
أجفلت ساسكيا و هي تستوعب الإهانة التي وجهتها أثينا لتوها إلى أندريس ، لكنها ذهلت عندما رأت إن أندريس لم يهتز على الإطلاق لذلك ، و لكنها ما إن أدلت بملاحظة بسيطة حتى أنفجر فيها بغضب بالغ " كما تعلمين جيداً يا أثينا ، شراء سلسلة الفنادق الإنكليزية هو قرار جدي نفسه ، و إنا فقط ، وقعت على الشيك . أما عن أرباحها في المستقبل .. فقد أثبتت أبحاثي إن سوقاً ممتازاً لسلسة من الفنادق الفخمة في إنكلترا خاصة عندما يمكنها التفاخر بما تحويه من ميزات فنادق الدرجة الأولى ، و هو المستوى الذي صممت إن أجعل سلسلتنا تصل إليه . أما بالنسبة إلى التعقيدات المالية التي تنتج عن إبقاء الموظفين الحاليين .. ساسكيا هي محاسبة ، و أنا واثق من قدرتها على إخبارك بما كان ينبغي عليك معرفته بنفسك ، بصفتك سيدة أعمال ، و هو إن صرف الموظفين الفائضين و على المدى الطويل يكلفنا دفع تعويضاتهم أكثر مما يكلفنا الإحتفاظ بهم ، كما إن التقاعدات الفردية المنتظرة و الخسارة الطبيعية للموظفين سينقص عددهم تلقائياً و بشكل مؤثر في السنوات القليلة القادمة أما أولئك الذين يرغبون في البقاء فسيمنحون فرصة لإعادة توظيفهم و تأهيلهم . أما نوادي تمضية أوقات الفراغ التي ننوي إنشائها في كل فندق فهي ، وحدها ، ستعالج بشكل رئيسي كل الخمول و التباطؤ بين موظفينا ".
ثم غير أندريس مجرى الحديث قائلاً " و على كل حال ، إنا و ساسكيا سنسافر إلى أثينا غداً . لقد أمضينا اليوم نهاراً شاقاً ، و نرجو المعذرة ، لإن هذه الليلة ستكون ليلة غير عادية بالنسبة إلينا ".
و عندما أجفلت ساسكيا شدد أندريس من احتضانها محذراً و هو يكرر :" إنها ليلة غير عادية و هذا يذكرني .."
ثم مد يده إلى جيبه ، و هو ما يزال ممسكاً بساسكيا بيده الأخرى و أخرج ، و أخرج علبة مجوهرات صغيرة قائلاً لساسكيا :" لقد أحضرت خاتم الخطوبة و لابد إنه أصبح الآن بمقاس إصبعك ".
و قبل إن تقول ساسكيا شيئاً ، أعاد أندريس العلبة إلى جيبه و هو يقول برقة :" لكن سنجربه لاحقاً بعد إن نرتاح قليلاً "
و رن جرس الهاتف في الردهة ، فأنسحب أندريس ليجيب ،تاركاً ساسكيا وحدها مع أثينا التي قالت لها بحقد و هي تسير نحو الباب :" ذلك لن يدوم ، لن يتزوجك .. مقدر لنا إنا و هو ، إن نكون مع بعضنا البعض ، و هو يعرف ذلك ، كبرياؤه هي التي تجعله يحارب قدره و الأفضل لك تركه الآن فإنا أحذرك من إنني لن أتركه أبداً "
و شعرت ساسكيا بأن أثينا تعني ذلك حقاً . و للمرة الأولى شعرت بشيء من الشفقة على أندريس . أهي شفقة على هذا الرجل الذي يعاملها هي بهذا الشكل ؟ أم على الرجل الذي أساء الحكم عليها ؟ ثم عنفت نفسها متجهمة و متمتمة " لابد إنني مجنونة "

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 27-06-08, 09:40 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

******
راحت ساسكيا تنظر ، متوجسة ، إلى الحقائب التي تحتوي مشترياتها الجديدة ، و هي تذهب في الشحن ، بينما الموظف في المطار يفحص جوازي سفرهما ،
و كان خاتم الخطوبة يتألق في إصبعها بعد إن ألبسها إياه أندريس في وقت متأخر من الليلة الماضية .

بدت متوترة عندما أخرجه من العلبة . و قالت بتهكم :
" غريب كيف أصبحت المجوهرات الزائفة تبدو حقيقية هذه الأيام "
، محاولة بذلك إخفاء توترها و تعاستها اللذين تملكاها و هي تضعه في إصبعها خاتماً كانت دوماً تتصور إنها لن تضعه إلا بدافع الحب .. فيبقى إلى الأبد .

أما أندريس فأجابها بسخرية تقريباً :
" أحقاً ؟ منا كنت لأعرف ذلك ."

تعليقه هذا نبهها ، فسألته بقلق :
" هذا .. ليس حقيقياً .. أليس كذلك؟".

و رأت الجواب على ملامحه قبل إن يجيب :
" إنه حقيقي!"

فابتلعت ريقها حينذاك ، عاجزة عن تحويل نظراتها عن ماسة الخاتم المتوهجة البراقة .

و عندما حاولت ساسكيا الإحتجاج بإنها لا تريد تحمل مسؤولية خاتم بهذه القيمة ، بادرها أندريس بالقول :
" بإمكان أثينا تمييز الجواهر الزائفة على الفور".

فقالت :
" إذا كان بإمكانها تمييز الجواهر الزائفة بهذه السهول ،
من المؤكد إذن ، إن بإمكانها تمييز الخطوبة الزائفة"

- أثينا تفهم بالحقائق و ليس بالعواطف.

- الحقائق

أخذت ساسكيا تفكر بهذه العبارات و هي تتذكر ذلك الحديث المختصر الذي دار بينهما
و التصرفات التي قام بها ، مثل العناق الذي أغدقة عليها الليلة الماضية ،
لم يأت أندريس على ذكر ما فعل ،
لكن ساسكيا أدركت إن تخمينها كان صحيحاُ ،
فبعد إن أنهى تلك المكالمة التليفونية مباشرة ، فتح مكيف الهواء قائلاً بتجهم :
" نحتاج إلى هواء طلق هنا "

و فيما بعد ، خرج أندريس من البيت ، بينما ساسكيا ذهبت إلى فراشها .. وحيدة ، بعد إن تناولت قليلاً من الطعام .

سألت ساسكيا أندريس و هما يصعدان إلى الطائرة :
" كم تستغرق الرحلة إلى " أفروديت " ؟".

- في هذه المناسبة ، ستستغرق وقتاً أطول من العادة .

ثم تبعا المضيفة إلى مقعديهما في الدرجة الأولى .
لاحظت ساسكيا ذلك و قد تملكها قشعريرة من الرهبة ،
فهي لم تسافر في الدرجة الأولى قط من قبل ، و لم تقم ، في الحقيقة بأي شيء يجعلها تشعر و كأنها في بيتها و هي في طبقات الجو العليا كما اعتاد الأثرياء أمثال أندريس و أسرته .

- عندما نصل أثينا ، سأضطر إلى لتركك وحدك قبل متابعة رحلتنا ،
فجدي هو الذي اتصل بي الليلة الماضية ،إنه يريد رؤيتي .

- ألن يكون في الجزيرة ؟

- ليس حالياً ، حالة قلبه تتطلب منه الخضوع لفحوصات منتظمة ..
من باب الإحتياط فقط ، و الحمد لله ، إلا إنه سيبقى في أثينا لليوم التالي أو نحو ذلك .

- حذرتني أثينا إن علاقتنا لن تدوم ، فهي تؤمن بأن قدركما إن تكونا معاً .
- فقال أندريس
" إنها تحاول إخافتك فقط "

ثم تبدلت ابتسامة أندريس إلى وجوم في وجه المضيفة التي كانت تعتني براحتهما
و إذا بساسكيا يدفعها التهور إلى جعل العطف الذي شعرت به الليلة الماضية ، يتفوق على مشاعرها الخاصة ، فالتفت إلى أندريس و قالت برقة :
" و لكن من المؤكد إنك إذا أوضحت لجدك طبيعة مشاعرك ، لتفهم الأمر، بإنه لا يمكنك الزواج بإمرأة لا تحبها .."

- جدي عنيد جداً ، كما إنه ضعيف صحياً أكثر مما يظن نفسه ،
و مما نريده جميعاً إن يظن ، فحالة قلبه ..
و تنهد :
" إنها مستقرة حالياً ، و لكن من المهم تجنب ارتفاع ضغطه ،
فإذا إنا أخبرته بأنني لا أريد الزواج بأثينا دون إحضارك بديلاً عنها ،
سيتملكه التوتر و يرتفع ضغطه على الفور .
ليس الأمر فقط هو إنني بزواجي من أثينا ، كما يتمنى ، سأضم أملاكها إلى أملاكنا ،
و لكن جدي هو أيضاً رجل يعتبر ذرية الذكور بالغة الأهمية ،
فأختي الكبرى لديها ابنتان ، و أثينا أيضاً لديها ابنتان ،
و بما إنني حفيد جدي ، الذكر الوحيد ، فهو متلهف إن أنجب صبياً ، حفيد لإبنه ".

فقالت ساسكيا :" و لكن حتى لو تزوجت أثينا ، فهذا لا يضمن إنك ستنجب أولاداً ، أو ذكوراً فقط "

و رأت المرح يلمع في عينيه :
" ساسكيا ، أنت ساذجة جداً ..جداً بالنسبة إلى امرأة بمثل خبرتك ! لا يجدر بك إن تقولي لرجل ، خصوصاً إذا كان يونانيا ، إنه قد لا يستطيع إنجاب صبي ! "

عندما حلقت الطائرة ، تشبثت ساسكيا على الفور بمقعدها ، ثم أجفلت مصدومة عندما شعرت بيد أندريس تدعك يدها ، وهو يتساءل ممازحاً :
" أتخافين من الطيران ؟
لا يجدر بك ذلك . إنه أكثر المواصلات أمانا ".

فقالت بحدة :" أعلم هذا ،. إنه فقط .. حسناً ، الطيران فقط يبدو غير طبيعي .. و إذا .."
فساعدها على الكلام ساخراً :
- إذا كان الله يريد للإنسان الطيران لخلق له أجنحة . حسناً ، لقد حاول "إيكاروس" ذلك .
ارتجفت ساسكيا و غامت عيناها و هي تقول :
" إنا أظنها دوما قصة محزنة خصوصاً بالنسبة إلى أبيه المسكين "

فهز رأسه موافقاً ، ثم سألها :
" هل أفهم من قولك هذا إنك درست الأساطير اليونانية ؟"
- حسناً ، لم أكن تلميذة بالضبط . لكن جدتي اعتادت إن تقرأ لي قصصاً عن الأساطير اليونانية عندما كنت طفلة ، و كنت دوما أحب هذه القصص .. رغم إنها غالبا ما كانت تبكيني .

ثم سكتت فجأة عندما أدركت أمرين ، الأول هو إنهما أصبحا في أعالي الجو تماماً الآن ، و الثاني أنتباهها إلى مدى ما تشعر به من سرور لإمساك أندريس يدها بيده القوية ،
مما جعل وجهها يحمر خجلاً فسحبت يدها من يده بسرعة و ذلك في الوقت الذي جاءت فيه المضيفة تعرض عليها كأسا من العصير

و عندما أعلن الطيار إنهم على وشك الهبوط ، أدهشها كيف مر الوقت بسرعة .. و كم استمتعت بالحديث مع أندريس ، كما أدهشها أكثر إن تكتشف سهولة وضع يدها في قبضة يد أندريس المطمئنة و الطائرة تهبط في المطار .
قال لها أندريس و هو يضع أمتعتها على العربة :
" يمكنني إما إن أدع سائقنا يأخذك إلى شقة الأسرة في أثينا ، حيث ترتاحين بينما أقابل جدي ، و إما إذا كنت تفضلين ، أطلب من السائق أخذك في جولة تتفرجين فيها على المدينة ".

كان أندريس يرتدي بنطلون فاتح اللون و قميصاً أبيض قصير الكمين . مما ترك تأثيراً غريباً على أحاسيس ساسكيا الأنثوية العقلانية عادة و هي ترى عضلاته تبرز عندما رفع الحقائب عن الأرض ، ثم شعرت بالدوار و هي ترى امرأة تبتسم لأندريس مغازلة ، فما كان منها إلا إن تقدمت و وقفت بجانبه و كأنه يخصها وحدها .

ما الذي يحدث لها ؟
لابد إنها الحرارة ..نعم ، هذا هو السبب .و ارتاحت عندما وجدت سبباً معقولاً لتصرفاتها غير المألوفة ،
إذا ما من سبب يجعلها تشعر بتملك أندريس .
فصباح أمس كرهته جداً و اشمأزت منه .. كانت في الواقع مرتعبة من تمثيلها دور خطيبته ..
و ما زالت كذلك ، طبعاً فالأمر لا يتعدى التمثيل .

حسنا من الطبيعي ، بعد تعرفها إلى أثينا ، إن تشعر ببعض العطف عليه . كما إنها تأثرت بالقصص التي حدثها بها أثناء الرحلة ، تلك التي سمعها من شيوخ أسرته اليونانية ، و التي كانت مزيج من الأساطير و الحكايات الشعبية . و قد سرت كونها لم تضطر للنضال مع حقائبها الثقيلة .
- ساسكيا..؟

شعرت بالذنب و هي تلاحظ إن أندريس ما زال ينتظر جوابها فأجابته
" أه أفضل رؤية بعض معالم المدينة "

- حسناً ليس لديك الكثير من الوقت لإن طيارنا سبق و سجل رحلته .

كانت ساسكيا تعرف إنهما سيرحلان إلى الجزيرة في طائرة خاصة يملكها جد أندريس ، و ما أثر عليها هو إشارة أندريس العفوية إلى الطائرة هو إنه هو ذاته ، طيار مؤهل ، إلا إنه قال لساسكيا :" لسوء الحظ كان علي التخلي عن هذه المهنة ، إذ لا يمكنني توفير الساعات التي أحتاجها للبقاء على كفاءتي و تدريبي . هذا بالإضافة إلى إن شركت التأمين كانت حذرة للغاية بالنسبة للتأمين علي ".
ثم وضع يده على كتفها مشيراً : " من هنا "

لمحت ساسكيا من طرف عينها إنعكاس صورتهما في المرآة فأجفلت فوراً ،
لماذا هي مائلة على أندريس هكذا ؟

و كأنما أعجبها ذلك ..؟ أو كأنها تستمتع بتمثيل دور الأنثى الضعيفة أمام رجولته القوية .

فابتعدت و استقامت في وقفتها.

فقال مستنكراً :" لو رأتك أثينا تفعلين هذا لابتهجت جداً ،
ثم المفروض إننا عاشقان ، يا ساسكيا ، تذكري ذلك "

- لكن أثينا ليست هنا .
- لا ، الحمد لله ، و لكننا لا ندري من قد يرانا ، إننا الآن خطيبان غارقان في الحب ..
و أنت على وشك السفر إلى بيتنا لتتعرفي إلى أسرتي ،
ألا تظنين إنه من الطبيعي أن .. ؟

- فقاطعته :
" أنا أشعر بالتوتر و الإرغام .. و القلق من إن لا تجدني أسرتك مناسبة لك ؟"

كما ثارت كرامتها لما يقترحه فأضافت :
" ثم ماذا يفترض بي إن أفعل ؟
أتشبث بك متلهفة .. خائفة من رفض أسرتك لي .. خائفة من إن أخسرك .. كل هذا لأجل .."

و سكتت وهي ترى نظرة إنعدام الصبر في عينيه ، و قال متجهماً :
" ما كنت أريد قوله هو ، ألا ترين من الطبيعي إن أحيط كتفيك بذراعي ،
و إن ترغبي أنت بمثل ذلك أيضاً ؟
إذ بصفتنا عاشقين ، فمن الطبيعي ملامسة و معانقة بعضنا دوما ، أما بالنسبة لأسرتي فإنا رجل في الخامسة و الثلاثين ، و قد تجاوزت منذ وقت طويل العمر الذي احتاج فيه إلى موافقة أحد على من أحب أو ما أفعله "
فقالت ساسكيا :
" لكنك لا .."

ثم سكتت بعد إن أدركت ما كانت على وشك قوله ، إن أندريس لا يحتاج إليها لإخباره بعدم حبه لها
فسألها أندريس :
" لكنني لا ، ماذا ؟"

إلا إن ساسكيا هزت رأسها رافضة الإجابة ، و قبل إن ينزل أندريس من سيارته الليموزين ، قال :
" إذن أنت تريدين إن تري " الأروبوليس "أولاً ؟"

و كان قد أعطى السائق الإرشادات باليونانية .
- نعم .
- أخبرت " سبيروس" بإنه عليك التواجد في المطار في الوقت المحدد لرحلتنا و هو سيعتني بك .
ثم اعتذر بلهجة رسمية قائلاً :
" أسف لإن علي تركك وحدك ".

رأت ساسكيا كيف يبدو أندريس في موطنه ، و في الوقت نفسه ، كم هو مختلف عن الرجل الذي تراه ، أولاً ، هو الآن أطول ، و بشرته رغم إن الشمس قد لوحتها ، كانت أقل سمرة ، أما عيناه فهما ، دوما تكشفان عن دمه الأوروبي .
********


تنهدت ساسكيا و هي تدير ظهرها أخيراً إلى الأكروبوليس و تسير مبتعدة .
لقد استطاعت اقناع السائق بإنها ستكون على ما يرام وحدها ، فاستمتعت بوحدتها و هي تتفرج على الأبنية الأثرية بإعجاب رهيب .

إنما الآن حان موعد الذهاب ، و رأت الليموزين واقفة حيث توقعت لكنها لم تر السائق .

كان هنالك رجل واقفاً قرب السيارة ، كبير السن أبيض الشعر ، و قطبت جبينها وهي تلاحظ إنه يعإني من بعض الضيق ، و قد ضغط على جبينه و كانه يشعر بألم .
ألقت نظرة على الشارع ، فثبت لها إنه خال ما عدا منها و من الرجل العجوز ، فأسرعت نحوه بحركة تلقائية ، شاعرة بالقلق عليه . ثم سألته باهتمام :
" هل أنت بخير؟ "

شعرت بالإرتياح عندما أجابها بالإنجليزية
" لا شيء .. إنها حرارة الجو .. ألم بسيط ! ربما مشيت أكثر مما يجب "

بقيت ساسكيا قلقة ، فالجو حار و الرجل لايبدو على ما يرام و لا يمكنها إن تتركه أبداً و لكن لا أثر لأي شخص ممكن إن يساعدها و لم يكن لديها فكرة عن الوقت اللازم للوصول للمطار .

و قالت للرجل العجوز برقة
" الجو شديد الحرارة و سيكون متعباً لك السير في مثل هذا الطقس .
لدي سيارة .. و .. سائق ربما بإمكاننا نقلك إلى حيث تريد "

وأثناء كلامها تفحصت الشارع بقلق ،ترى أين هو السائق؟
سيغضب أندريس منها جداً إذا تأخرت على الرحلة،
ولكن لم يكن من سبيل للذهاب قبل أن تطمئن على الرجل العجوز.

- هل لديك سيارة ؟

ثم أشار إلى الليموزين :
" أهذه سيارتك "
- حسنا هي ليست لي ، إنها لـ.... لشخص أعرفه ، هل تسكن بعيداً عن هنا ؟

و إذا بالرجل العجوز يقف فجأة ممسكاً بجنبه و قد تحسن لونه ثم قال باسما :
" إنك في غاية الشهامة . لكنني إنا أيضاً لدي سيارة.. و سائق .."

ثم أضاف" إنك لطيفة جداً إذ تتعبين نفسك لهذه الدرجة لأجل رجل عجوز "

و رأت ساسكيا سيارة تقف في آخر الشارع :
" هل تلك سيارتك ؟
هل أذهب و أنادي لك السائق ؟"

فقال العجوز :
" لا أستطيع السير إليها "

و دون إن تعطيه فرصة للرفض تقدمت و قالت برقة :
" ربما ستسمح لي بالسير بجانبك حتى تصل إلى السيارة .."

فأجاب :" ربما علي السماح بذلك "
عندما وصلا شعرت ساسكيا بالإرتياح حين رأت باب السيارة ينفتح و يخرج منه السائق مسرعا ً نحوهما ، ثم يخاطب الرجل العجوز بلهجة يونانية سريعة ، ثم رأت الرجل العجوز يتحسن و استقام و راح يتحدث إلى السائق ثم قال لساسكيا مشيراً إلى السائق :
" لقد خاف علي كإمرأة عجوز "

ثم أضاف
" شكرا يا عزيزتي ، إنا مسرور جداً بلقائك .
و لكن لا يجدر بك السير وحدك في شوارع أثينا ، و أنا سوف .."

و سكت فجأة و قال لساسكيا :
" " بانيس " سيسير معك إلى سيارتك و ينتظر حتى يعود سائقك .

فقالت باحتجاج :
" لا حاجة لذلك في الواقع "

و لكن العجوز ألح عليه بحزم.

فأذعنت و سار معها السائق الذي قالت لها بعد الإبتعاد عن العجوز :
" لا حاجة بك في الواقع للقدوم معي ، و كنت أفضل أكثر لو بقيت مع مخدومك ،
فقد كان متألماً حين رأيته في الشارع "

و تملكها الإرتياح عندما رأت سائق أندريس يخرج من السيارة فقالت للسائق :
" أرأيت ؟ لا حاجة لمتابعة السير معي "

ثم قالت لسائق العجوز
".. أعرف إن هذا ليس من شأني .. و لكن ربما يجدر بمخدومك زيارة الطبيب .."

فأجابها :" لقد سبق و تلقى العناية .. لكنه ، ماذا أقول ؟
إنه لا يأخذ دوما بنصائح الآخرين .."

خفف هدوءه من قلق ساسكيا ، و أراح ضميرها من ناحية تركها للرجل العجوز .

من الواضح بإنه بين أيد آمنه الآن ، و سائقها بإنتظارها .
********

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 27-06-08, 09:43 AM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

الفصل السادس :

مشاعر حارة



ألقت ساسكيا نظرة خاطفة على أندريس ، ثم عادت تنظر من كوة الطائرة إلى بحر "ايجين" في الأسفل وهي تكبح شهقة سرور .
كان مقطبا مشغول البال عندما التقيا في المطار ، حتى إنه لم يسألها عما إذا كانت قد استمتعت بجولتها في المدينة.
أرغمها جمود ملامح أندريس على سؤاله ، من باب الأدب لا غير :
" هل حدث شيء؟ لا أراك سعيدا ".

فازداد تقطيب أندريس والتفت إليها بحدة وسألها بسخرية :
" هل تتدربين على تمثيل الخطيبة المخلصة؟
إذا كنت تتطلعين إلى مكافأة إضافية فلا تزعجي نفسك".

شعرت ساسكيا بعودة شعورها البدائي نحوه وأجابته غاضبة :
" أنا لست مثلك ، أقيم كل ما أفعله بقدر الفائدة، كنت قلقة فقط من إن اجتماعك لم يكن ناجحا مع جدك".

- أنت؟
تقلقين لأجلي؟
هناك سبب واحد أنت موجودة لأجله يا ساسكيا ، وكلانا يعرفه، أليس كذلك ؟

ماالذي كان يتوقعه؟
وثار غضبها،وكبحت الجواب الغاضب الذي كانت ستقوله،
فهو أحضرها هنا بالإبتزاز،ليستغلها لمصلحته،وقد كون عنها أسوأ فكرة و حكم على أخلاقها دون أن يمنحها فرصة الدفاع عن نفسها وشرح سبب تصرفها تلك الليلة في الحانة ومع ذلك مازال يظن نفسه أسمى خلقاً وندمت على شعورها بالعطف تجاهه في بعض الأحيان هو وأثينا ، يستحقان بعضهما البعض .
منتديات ليلاس
لكنها حتى وهي تفكر بغضب وإنفعال كانت تدرك إن هذا غير صحيح ،
فقد أحست أن أثينا تمتلك برودة أصيلة ونقصاً كلياً في الإهتمام بأي نوع من المشاعر،

ثم أقرت في نفسها أن أندريس ربما قال أشياء كثيرة لا تعجبها إلا أنه يمتلك مشاعر دافئة ومحمومة للغاية ..

وارتجفت حين تذكرت عناقهما أمام أثينا..
حتى وإن كان ما بينهما تمثيلا إلا إنها شعرت باتصال عميق بينهما .مازال تأثيره يسيطر عليها حتى الآن
ثم سمعت أندريس يقول :
" حسنا ، في الحقيقة .. إجتماعنا لم ينجح ".

ففتحت عينيها مندهشة بينما أندريس يتابع كلامه

"أولاً.لم يكن جدي هناك..
فقد كان لديه شيء أكثر أهمية على ما يبدو لكنه لسوء الحظ لم يكلف نفسه بشرح ذلك لي أو إرسال خبر يعلمني بعدم مجيئه لقد أنتظرته أكثر من نصف ساعة وعلى كل حال ترك تعليمات بإخباري في أي وقت حضرت بإنه غير مسرور مني حالياً"

- هل هذا بسببي ..؟
بسببنا؟

- جدي يعلم إن لا سبيل إلى تزويجي بامرأة لا أحبها .
لقد تزوج زواج حب ، وتزوجت أمي أيضا عن طريق الحب حتى إنها هددت فعلا بالفرار مع أبي إذا لم تحصل على موافقته ،
ثم اعترف جدي بمدى إعجابه بأبي وذلك بعد موته لإنه كان مستقلا وناجحا جدا .

- لا بد وإنك تفتقده .

- كنت في الخامسة عشرة عندما توفي ، وإنا بعكسك تعزيني معرفتي بمدى حبه لي .

ظنت ساسكيا إنه يتعمد الفظاظة معها ، فتصلب جسمها على الفور ،
لكنه عندما وضع يده على يدها معزيا ، أدركت إنها أساءت تسير ما قال ، وأجابت بحزم وصدق :
" الحب الذي غمرتني به جدتي كان أكثر من مجرد تعويض عن افتقادي لحب والدي".

كانت يده ما زالت تغطي يديها .. إنها يد تتجلى فيها الرجولة ،
عريضة بحيث إنها كانت كافية لتغطية يديها الاثنتين معا ،
ومن نوع الأيدي التي تمنح المرأة الثقة بأن هذا الرجل سيعتني بها وبأولادها .
ماهذا الذي تفكر فيه؟
تحركت في مقعدها بتوتر ، نازعة يدها من يده قائلة:
" هل أنت واثق من إنها فكرة جيدة؟
أعني إذا كان جدك لا يوافق على خطوبتنا ..".

سألته هذا وهي تلهث قليلاً محاولة تركيز أفكارها على حقيقة سبب وجودها بجانبه

مضت مدة طويل قبل أن يجيب،حتى أبتدت ساسكيا تظن أن سؤالها قد ضايقه،
إلا أنها أدركت أن الغضب الذي تراه على ملامحه لم يكن بسببها بل بسبب أثينا عندما قال:

- لسوء الحظ ، أثينا تجعل جدي يشعر بالغرور بافتخارها بقرابة الدم،
فأخوه الأكبر،جد أثينا مات منذ سنوات وبينما لم تسمح أثينا لأي شخص على الإطلاق خصوصاً جدي بالتدخل بطريقة إدارتها لمملكتها المالية أخذت تشجعه وتشبع غروره إلى إن أصبح حكمه عليها مغلوطا .
أمي تقول إن الحقيقة لا بد وإن تظهر ، وإن يدرك جدي حقيقة مراميها الخفية .

- ولكن لا بد وإنها تدرك إنك لا تريد الزواج منها .

فقد كان غريباً على طبيعة ساسكيا محاولة إرغام أحد على إنشاء علاقة معها مما جعل من الصعب عليها تفهم سبب تصرف أثينا بهذا الشكل
أجابها أندريس متجهما :
" آه ،إنها تدرك ذلك جيدا . لكن أثينا تعودت نيل كل ما تريده ، وحاليا هي ..".

فأكملت له :
" هي تريدك".

فقال موافقا بتثاقل :
" نعم ، وكلما أردت إخبارها بأنني لا أبادلها رغبتها هذه ، أفكر بجدي ".

ثم سكت عندما بدأت طائرتهما بالهبوط ،
و بدت على شفتيه ابتسامة صغيرة عندما رأى ملامح ساسكيا تنظر من النافذة إلى الأسفل ،
و هي تشهق غير مصدقة
" مستحيل على الطيار إن يهبط في هذه القطعة الصغيرة من الأرض "

فقال أندريس مطمئناً :
" آه ، بلى ، سيتمكن من ذلك إنه أكثر أمانا مما يبدو " .

ثم قال لها :
" أنظري هنالك".

موجههاً أنتباهها بعيدا عن قطعة الأرض تلك إلى موقع بيت أسرته الذي يخطف الأنفاس بجماله و كذلك الأراضي المحيطة به .

فقالت بتأمل :
" كل شيء أخضر "

و اتسعت عيناها و هي ترى الجزيرة البيضاوية الشكل ، و اخضرار بساتينها و نباتاتها يبرز بياض رمال الشواطئ و روعة مياه بحر " إيجة " الفيروزية اللون .

فقال أندريس :
" تحتوي الجزيرة على مياه غزيرة ، لكنها أصغر من إن تحتمل زراعة المحاصيل و تربية الماشية ،
و هذا السبب في كونها غير مسكونة ، فهي كما ترين بعيدة عن أي جزيرة أخرى ..
و هي الأبعد في بحر " إيجة"

فقالت بصوت خافت :
" إنها رائعة ، كقطرة لؤلؤ "

ضحك أندريس ، و كان في عينيه شعور جعل وجنتي ساسكيا تحمران قليلاً و هو يقول بهدوء :
- هذا ما كانت جدتي تصفها به .

عندما هبطت الطائرة على المدرج ،شهقت ساسكيا مدركة إن أندريس تعمد صرف ذهنها عن هبوط الطائرة الوشيك ، يمكنه إن يكون بالغ الرقة عندما يشاء و ساحراً و سهل التعامل معه و تساءلت بشيء من الكآبة ، ماذا سيكون رأيه فيها لو إنه لم يعرفها في مثل تلك الظروف في الحانة .

و ما لبثت إن سيطرت على أفكارها بحزم ، محذرة نفسها من إن الإستغراق في التصورات و أحلام اليقظة سيزيد الأمور سوءً .

بدت الكآبة في عيني أندريس و هو يقود ساسكيا نحو مخرج الطائرة فهنالك تناقض كبير في الطريقة التي أصبح يرى فيها إلى ساسكيا الآن و الطريقة التي رآها فيا المرة الأولى ،
و لراحة باله و اطمئنانه ، تمنى لو بقيت كما رآها للمرة الأولى ، لإن هذا الضعف الذي تجاهد لإخفائه بكل عزم و كبرياء ، قد أثر في نفسه بشكل لا يمكن إن تحدثه برودة مشاعر إمرأة كأثينا .كانت ساسكيا تملك دفئاً و إنسانية و أنوثة مما جعل رجولة أندريس تفيض و تستجيب بشكل بالغ الخطورة .

حاول أندريس متجهماً ، إن لا يدع نفسه يفكر في شعوره عندما عانقها ، فقد فعل ذلك في البداية بشكل غريزي عندما استشعر وجود أثينا في الشقة ، من خلال رائحة عطرها المخيفة الطاغية ،

أما كيف حصلت أثينا على المفتاح فهذا ما لا يعرفه .
اشتبه في إنها احتالت بشكل ما ، و أخذته من جده .
لكن العناق الذي أغدقة على ساسكيا كوسيلة لتأكيد نبذه لأثينا أرغمه ، بشكل غير متوقع و لا مألوف ، على الإعتراف .. بشيء ما زال يحاول جاهداً إنكاره .

لم يشأ على الإطلاق إن يرغب في ساسكيا ، و حتماً لم يشأ أيضاً الشعور بهذه الرغبة الدائمة في حمايتها و طمأنتها .

كان الطقس في مدينة أثينا حاراً جافاً ، إنما هنا في الجزيرة فالهواء رقيق منعش عطر و مثير للبهجة ، كما وجدته ساسكيا و هي تظلل عينيها من و هج الشمس و هي تخرج من المطار ، و نظرت بشيء من التردد إلى الشخصين الذي كانا واقفين لإستقبالهما .

قال أندريس بصوته الأجش ، وهو يناولها النظارات الشمسية :
" خذي يا حبيبتي ، لقد نسيت هذه "

مما زاد في اضطرابها و لكن ليس بقدر ذلك الإضطراب الذي شعرت به و هو يشدها إليه بذراعيه الدافئتين الثقيلتين و يهمس بشكل مسموع :
" شمسنا قاسية جداً على عينيك الجميلتين "

شعرت ساسكيا بأصابعها ترتجف و هي تأخذ منه النظارات .

لاحظت إن شعار المصمم المطبوع عليها و هذا يعني حتماً بإنها أغلى ثمناً من أي نظارات شمسية استعملتها قط .
و عندما استعادها أندريس منها و وضعها على عينيها برفق ، اكتشفت إنها تناسبها تماماً .
مال نحوها إلى الأمام و همس في أذنها بهدوء :
" تذكرت إننا لم نشتر واحدة في لندن و أدركت إنك ستكونين بحاجة إلى النظارات ".

و كانت ذراعه ما زالت حول جسمها و ذراعه الأخرى حول كتفيها و كأنه يريد احتضانها أكثر .

و أدركت ساسكيا إنهما على هذه الحال سيبدوان حميمين للغاية لمن يراهما ، و هذا السبب - دون شك – في إعطائها النظارات و احتضانها بهذا الشكل .

حسناً بإمكان الإثنين إن يلعبا بتلك اللعبة ، و دون إن تفكر في التعقيدات الناتجة عما ستفعله ، و ضعت ذراعها حول عنقه رافعة وجهها إليه و هي تجيبه متمتمة :
" شكراً، يا حبيبي ، أنت حساس للغاية "

أدركت مسرورة إنها أدهشته ، رأت ذلك في عينيه ، كما رأت شيئاً خطيراً جعلها تنزع يدها عن عنقه بسرعة ، متراجعة إلى الخلف إلا إنه لم يسمح لها بالإبتعاد كثيراً ، فقد كان ما يزال ممسكاً بيدها ، و هو يقودها نحو المرأتين المنتظرتين ، ثم قال للمرأة الأكبر :
" هذه ساسكيا خطيبتي يا 'ماما' ".

أخذت ساسكيا تنظر إليها بحذر ، مدركة إنها لو كانت هي و أندريس مخطوبين حقاً و مغرمين ببعضهما البعض ، لتملكها القلق و هي تنتظر لترى إن كان بإمكانها عقد رباط حقيقي مع والدة أندريس .

كانت الأم تشبه أثينا كثيرا رغم إنها ، طبعاً ، أكبر سناً .
لكن التشابه تلاشى عندما نظرت ساسكيا في عينيها و رأت الدفء الذي تفتقده أثينا .

كما بأن على والدة أندريس رقة و حلاوة و خجل تقريبا و أدركت ، ساسكيا بالبديهة ، إنها امرأة إذا أحبت ، تحب رجلاً واحداً و إذا فقدته ، لبست الحداد عليه للأبد .

و بادرت ساسكيا بالقول :
" يسرني التعرف إليك ، يا سيدة لاتيمر" .

و لكن والدة أندريس هزت رأسها على الفور ، مؤنبة :

" ستكونين كنتي يا ساسكيا ، و لهذا عليك رفع الكلفة معي



ثم مالت إلى الأمام واضعة يدها على ذراع ساسكيا و أضافت :
" اسمي هيلينا ، أو يمكنك ، إذا شئت مناداتي (ماما) كما يفعل أندريس و ابنتاي ".

ثم نظرت إلى ابنها وقالت بحرارة :
" إنها جميلة ، يا أندريس".
فوافقها أندريس باسما :
" وحتما إنا أراها كذلك ، يا ماما ".

فأضافت الأم برقة :
" عنيت ظاهرا وباطنا ".
فأجابها أندريس بالحماسة والشعور نفسها :
" وإنا عنيت ذلك أيضا".

فحادثت ساسكيا نفسها وهي ترتجف :
" يا للسماوات .. إنه ممثل رائع حقا . فلو إنها لم تكن تعلم شعوره الحقيقي نحوها ، لكانت تلك النظرة الشغوف الحانية التي رمقها بها الآن فعلت فعلها .. من الممكن إن .. ".

ثم راحت تفكر ساخطة بأن رجلا مثله يجب إن يحاذر من منح امرأة ضعيفة نظرة كهذه . ونسيت ، للحظة ، إن أندريس ، حتى الآن ، يعتبرها أي شيء ما عدا إنها ضعيفة .

وتابع أندريس تقديم صغرى المرأتين :

" وهذه أوليمبيا أختي ".

==================


ورغم إنها سمراء كأمها ، فقد كانت أيضا ذات عينين فاتحتي اللون وابتسامة مرحة جعلت ساسكيا تشعر نحوها بالحرارة على الفور ، وقالت أوليمبيا بعطف :
" يا للسماوات ، الحر شديد هنا ، لا بد إن ساسكيا المسكينة تذوب الآن.

فقال لها أندريس :

" كان بإمكانكما انتظارنا في البيت ، وإرسال سيارة "اللاندروفر " مع السائق ".

فقالت أوليمبيا وهي تهز كتفيها رافضة :
" لا ، هذا غير ممكن ".
صدر عن الأم صوت احتجاج خفيف ، فنظرت إليها ابنتها يقلق 0وهي تقول :
" حسنا ، يجب إن يعرف ..".

فعبس أندريس وسأل مستفسرا :
" علي إن أعرف ماذا ؟".

فقالت الأم بتعاسة :" أثينا هنا ، جاءت منذ فترة وهي ..".

فعاد أندريس وسأل :
" وهي ماذا ؟".

فتابعت أمه تقول :
" قالت إن جدك قد دعاها ".

فقالت أوليمبيا غاضبة :
" إنك تعرف ما يعني هذا ، أليس كذلك يا أندريس؟
هذا يعني إنها ألحت على جدي ليطلب منها البقاء معنا ، وهذا ليس كل شيء ..".

فقالت لها أمها باستياء :
" أوليمبيا ..".

لكن أوليمبيا رفضت السكوت فتابعت :
" لقد أحضرت معها ذلك الرجل المقزز للنفس "أريستوتل" قائلة إنها تقوم بعمل هام وإنها تحتاجه فهو المحاسب ".

وأضافت اوليمبيا بالقول :
" إذا كان الأمر هاما إلى هذا الحد ، من أين وجدت الوقت للمجيء إلى هنا ؟
آه ، كم أكرهها !
هذا الصباح راحت تتكلم وتتكلم عن مدى اهتمام جدي بسير العمل وكيف سألها بإلحاح النصيحة لإنه خائف من إنك ..".

واحتجت الأم مرة أخرى :
" أوليمبيا .." وهذه المرة سكتت أوليمبيا ، ولكن لثوان قليلة فقط ، ثم إنفجرت بعدها وكأنها لم تعد تحتمل ، فقالت :" الذي لا أفهمه هو لماذا جدي مأسور بها إلى هذا الحد ، إن ما تفعله واضح، فهي فقط تريد الحصول عليك ، يا أندريس ، لإنك ترفض إن تتزوجها ".

فقالت الأم تعتذر لساسكيا :
" إنا آسفة لهذا ،فالأمر غير سار لك ، لم تتعرفي إلى أثينا بعد ،أنا أعرف ..".

فقاطعها أندريس شارحا لأمه وأخته :
" لقد تعرفت عليها ساسكيا . فأثينا استطاعت ، بطريقة ما ، الحصول على مفتاح شقتي في لندن".

فقالت أوليمبيا لساسكيا :
" إنها سيئة للغاية ، أليس كذلك ؟
إنا أسميها (العنكبوت الأرملة السوداء) ".

فقال أندريس مؤنبا بحدة :
" أوليمبيا !".
فقالت له وهي تنظر إلى أمها :
" ماما لم تخبرك بكل شيء بعد ، لقد أصرت أثينا على الاستيلاء على الغرفة التي أعدتها أمي لساسكيا ، وهي الغرفة التي بجانب جناحك ..".

فقاطعت الأم ابنتها بحزن :
" حاولت منعها ، يا أندريس ، ولكنك تعرف عنادها وقالت لي إن بإمكان ساسكيا أخذ الغرفة الكائنة آخر الممر . أنت تعرفها ، إنها الغرفة التي نستعملها عند الحاجة ، حتى إنه لا يوجد فيها سرير جيد ، عليك إن تقول شيئا يا أندريس . دعها تفهم إنه ليس بإمكانها.. ليس بإمكانها إشغال تلك الغرفة لإن ساسكيا ستستعملها ".

فقال أندريس معارضا أمه وهو يحتضن ساسكيا بشدة ويضمها إليه حتى أخفى وجهها في صدره :
" لا ، لن تستعملها . ساسكيا ستشاركني غرفتي.. وسريري..".

أحست ساسكيا بالصدمة تستولي عليهما رغم عدم استطاعتها رؤية وجهيهما .
لقد أدركت الآن سبب احتضانه لها بهذه الشدة . .
ذلك ليمنع أي شخص آخر من رؤية ما يرتسم على وجهها من تعبير خائف ، أو يسمع الاستنكار المذعور الذي حاولت إظهاره ، فاختنق في قميصه.

ليس هناك ما يجعلها تقبل شيئا كهذا ، لكن محاولاتها لقول هذا لأندريس زادت من التصاقها به وهي تحاول النظر إلى وجهه .
تجاوبه مع محاولاتها جذب أنتباهه ، جعل الوضع أسوأ ، لإنه عندما أحنى رأسه وكأنه ملهوف إلى سماع ما تريد قوله، احتكت شفتاها بذقنه.

لا بد إن امتزاج الحرارة بالصدمة هو ما أرسل تلك المشاعر تنساب في كيانها ، وجعلها تشعر بالدوار .

وبانت الصدمة على وجه أوليمبيا التي تساءلت بصوت خافت متلعثمة:
"ساسكيا ستشاركك غرفتك؟".

وشعرت ساسكيا بصدمة أوليمبيا وفكرت بأن الحرج منع أمه عن الكلام.

فقال أندريس ملاطفا أخته:
" إننا مخطوبان .. وقريبا سنتزوج..".

ثم أضاف ، بلهجة أكثر خشونة وتملكا :
" ساسكيا لي ، وأريد إن يعلم هذا كل إنسان وخصوصا أريستوتل ، لا أدري كيف بإمكان أثينا إن تحتمله ".
فقالت أوليمبيا وهي ترتعش :
" إنه كالحية ، يا ساسكيا ، بارد لزج، ذو عينين صغيرتين مخيفتين ويدين رطبتين ..".

فقال أندريس بجفاء:
" أثينا تحتمله لإنه ذو مهارة "خلاقة" في المحاسبة".

فسألته أوليمبيا بحدة :
"أتعني إنه غير نزيه !".

فقال أندريس محذرا أخته :
" أنت لم تسمعي ذلك مني".

ثم قادهن نحو سيارة "اللاندروفر" المنتظرة .

أثناء كلامهم ، كان السائق قد حمل أمتعة أندريس و ساسكيا ، وعندما أمسك بالباب ليفتحه للنساء الثلاث ، سمعت ساسكيا أندريس يسأله عن أسرته ، مصغيا باهتمام بينما أخبره السائق مزهوا عن ابنه الذي بات في الجامعة .

وقالت أوليمبيا لساسكيا :
" لم يكن جدي مسرورا أبدا عندما قال أندريس إنه يريد استعمال المال الذي تركه لنا أبونا ليساعد في دفع نفقات تعليم موظفي منزلنا ".

فاعترضت أمها قائلة :
" أوليمبيا ، أنت لا تنصفين جدك تماما بقولك هذا".
فسألتها ساسكيا :" هل فعل أندريس هذا ؟".
رافضة بعناد الاعتراف بحبه للاحسان .

هل كان يعني حقا ما قاله عن إنها ستشاركه غرفته؟
ولكن لا يمكنه فعل ذلك ، طبعا . إنها ، شخصيا ، لا تهتم بالمكان الذي تنام فيه ..
حتى ولو كانت غرفة دون سرير وغير مستعملة ، طالما تستعملها وحدها.

قال أندريس :
" لقد أمضينا يوما شاقا وأظن إن ساسكيا تريد إن ترتاح قبل العشاء ".

وتوقفت السيارة بهم في فناء مبلط تتوسطه نافورة ترسل الماء ممزوجا بالموسيقى إلى أعلى ليتناثر رذاذا على أرض الفناء . وقالت الأم :
" سأخبر الجميع بألا يزعجوك ولكن ربما تريدين يا ساسكيا إن تشربي أو تأكلي شيئا قبل ذلك ".

وقبل إن تقول ساسكيا شيئا ، أجاب أندريس عنها :" سأهتم إنا بذلك".

ثم أمسك بمرفق ساسكيا قائلا لها بصوت رقيق اشتبهت في إنه يتضمن تهديدا :

" من هنا ، يا ساسكيا ..".

=========

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 27-06-08, 09:46 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

الفصل السابع:-

شكوك مستحيلة


لا يمكنني النوم معك في هذه الغرفة
شعرت ساسكيا بنفسها ترتجف عندما قادها أندريس خلال ممرات معقدة .
كانت تعلم بإنه لا بد وأحس بتوترها ، لكنها استطاعت ، بشكل ما ، السيطرة على مشاعرها حتى أصبحا داخل غرفة أنيقة فسيحة فأغلق الباب خلفهما بعزم .

لكن مزاجها لا يسمح لها الآن بالإعجاب بما يحيط بها من أناقة وجمال . واستدارت لتواجه أندريس بحزم:
" هذا ليس جزء من الاتفاقية ".

فأجابها بغضب :
" الاتفاقية تقول بأن عليك تنفيذ دور خطيبتي ، وهذا يتضمن كل ما يجب فعله ليصدقوا التمثيل ".

فاحتجت ساسكيا بعنف :
" لن أنام هنا معك . إنا لا .. إنا لم .. ".

ولم تستطع النظر إلى السرير الضخم المزدوج لإن الذعر تملكها مبددا كل تعقل فيها .
لقد عانت الكثير ، وهي الآن متعبة وقد أرهقها الحر وهي خائفة جدا جدا ، وأحست بأن مشاعرها تكاد تدمرها .

أشاحت بوجهها بسرعة عندما سمعته يقول بواقعية :
" سأذهب لأستحم ، وإذا شئت نصيحتي افعلي مثلي ، فإذا شعرنا ،
نحن الاثنين ، بأننا أصبحنا أهدأ وأكثر اتزانا ، يمكننا حينذاك مناقشة الوضع بهدوء ".

الاستحمام !
ومع أندريس !
وحدقت ساسكيا إليه ذاهلة غير مصدقة .
أتراه يعتقد بإنها سوف .. إنها قادرة على .. ؟

وقال لها مطمئنا بعد إن رأى ذهولها :
" يمكنك إن تستعملي الحمام أولا ".

أولا !
إذن فهو لم يكن يعني .. فشعرت بارتياح سرعان ما تبعته ثورة غضب جعلتها تنفجر قائلة :
" لا أريد استعمال الحمام على الإطلاق .
ما أريده هو إن أكون في بيتي ، بيتي إنا ، في غرفتي وفي حمامي ، ما أريده هو التحرر من .. من هذه المهزلة السخيفة .. ما أريده .. ".

واضطرت إلى السكوت عندما كادت مشاعرها تدمرها .. لكنها لم تستطع إلا معاودة الانفجار بسيل من الكلمات الغاضبة :
" كيف جعلت أمك وأختك تظنان إنني .. إننا .. ؟".

وهزت رأسها ، عاجزة عن التعبير بالكلمات المناسبة عما تريد قوله .
لكن أندريس لم تراوده هذه الشكوك فأكمل لها كلامها :
" إننا عشيقان ؟
وماذا عليهما إن يظنا غير ذلك ؟
إنني رجل ، يا ساسكيا ، ويفترض إننا خطيبان .
وإذا كنا كذلك حقا ، أتظنينني كنت أصبر عليك لحظة ..".

فقاطعته بتهكم :
" أتريد تذوق البضاعة قبل شرائها ؟
طبعا ، رجل مثلك يفعل ذلك لكي يتأكد ..".

وأجفلت وهي ترى كيف كان ينظر إليها ، والغضب المر في عينيه ، ثم أجابها بحدة :
" هذا النوع من التعليقات نموذجي من امرأة مثلك تؤجل كل شيء ريثما يتم الاتفاق على المال .
حسنا ، دعيني أخبرك ...".

لكن ساسكيا لم تدعه ينهي كلامه ، راغبة في الدفاع عن نفسها :
" أنت الذي قلت..".

فقاطعها :" ما قلته ، عندما قاطعتني ، هو إنني لو كنت أحبك حقا ، لما استطعت حرمان نفسي ،
أو حرمانك ، من بهجة إبراز ذلك الحب بأكثر الطرق الجسدية تقاربا ...
ما كانت هناك طريقة تجعلني أتحمل ابتعادك عن نظري أو ذراعي ، وخصوصا فترة الليل بطوله !".

راحت ساسكيا ترتجف عندما أصابت كلماته وترا حساسا في داخلها .. وترا أثار الشوق في صميم أنوثتها مما جعلها على حافة البكاء دون إن تدري . وسرى الذعر في كيانها فبدد كل ذرة تعقل فيها ، وشعرت بقلبها يخفق بحدة ولهفة .

فتحت فمها لتخبر أندريس بإنها غيرت رأيها ، و إنها تريد الذهاب إلى بيتها ، و إنها غير مستعدة للبقاء هنا أكثر من ذلك ، مهما حاول ابتزازها لكن ذعرها لم يكن ناشئاً من خوفها منه فقط .. إنما ، الآن كانت نفسها هي التي تخافها ، فالمشاعر التي بدأت تحس بها و الأفكار التي أخذت تتملكها أخافتها . لم تستطع إن تدع نفسها تنجذب إليه ، فهو ليس من النوع الذي تحبه من الرجال على الإطلاق . لقد أبغضتها الطريقة التي عاملها بها ،و كيف إنه أساء الحكم عليها . لكنها لم تستطع التخلص من المشاعر الشوق التي شعرت بها نحوه عندما تحدث عن رغبته في المرأة التي يحبها .

- لا أستطيع .

و سكتت عندما رفع أندريس يده محذراً ليسكتها فسمعا طرقاً على الباب .

أنتظرت ساسكيا ، وقد جف حلقها ، بينما ذهب أندريس ليفتح الباب .
عندئذ أدخل السائق حقائبها . لم يكن سائق اللاندروفر .ز و إنما رجل آخر أصغر جثة .

راح أندريس يتحدث باليونانية و يبتسم له بحرارة ، ثم ضحك متفكهاً بينما الرجل العجوز ينظر إلى ساسكيا ، ثم يربت على كتفه بابتسامة عريضة .
و عندما رحل الرجل سألت ساسكيا أندريس :
" ماالذي كنتما تتحدثان عنه ؟ "

- كان " ستا فروس" يقول إن الوقت قد حان لكي أتزوج .
إنه لا يجدر بي تضييع الوقت لكي أنجب صبياً .

شعرت بوجهها يحمر إلى جذور شعرها ، و راحت تنظر إلى كل مكان ما عدا السرير الواسع القائم في وسط الغرفة .
رغم مكيف الهواء في الغرفة ، شعرت بالاختناق ، وعدم القدرة على التنفس ..
و إنها وقعت في الشرك و تتلهف للفرار .
فقال أندريس بلهجة عملية مقاطعاً أفكارها و هو يشيح عنها :
" أنا داخل إلى الحمام "

عندما توارى ، نظرت ساسكيا إلى الباب الذي يؤدي إلى الممر ، و تمنت لو إن لديها الشجاعة لكي تخرج و تطلب إعادتها بالطائرة على الفور إلى مدينة أثينا ، لكنها إن فعلت ذلك ستفقد وظيفتها حتماً .. سيفعل أندريس هذا بالتأكيد .

حاولت بشدة تركيز أفكارها على شيء آخر ، غير وضعها المخيف هذا .ز كرهت ما يفعله أندريس بها رغماً عنها . كما كرهته هو نفسه .. و لكن .ز هل هذا صحيح ؟
و لم تستطع الإجابة على سؤالها بصدق ، فأخذت تتفحص المنظر القائم خلف البابين الواسعين اللذين يؤديان إلى فناء مسور يحيط بحوض سباحة مغر ملحق به بحيرة مياه معدنية فوارة .

كانت واحات صغيرة من النباتات الخضراء قد شقت طريقها عبر البلاط لتحد من قسوة الشمس الساطعة بينما كانت المظلات كبيرة تخفف من تلك الأشعة و تسمح بالاستمتاع بها .بدا المشهد بأجمعه و كأنه مأخوذ عن كتيب يصف إجازة جميلة استثنائية ، إجازة من ذلك النوع الذي لا تستطيع ساسكيا النظر إليه إلا بحسرة ، لإنه بعيد جداً عن متناولها ، إنما حالياًً ، المكان الوحيد الذي كانت تريده ، هو بيتها الآمن .

لا يمكن لأندريس حقاً إن يتوقع منها مشاركته الغرفة ، فكيف بالسرير . لا يمكنها إن تفعل هذا . لا تريد .. إنها .
- الحمام خال .

و جمدت في مكانها ، كانت مستغرقة في أفكارها بحيث لم تدرك إن أندريس بات معها في الغرفة .. واقفاً خلفها مباشرة تفوح منه رائحة النظافة . ثم قال لها :
" سأذهب و أحضر إليك طعاما خفيفاً ، فالعشاء لن يجهز قبل عدة ساعات،و إذا شئت نصيحتي ، حاولي إن ترتاحي قليلاً ، فاليونانيون يتأخرون في تناول الطعام و كذلك في الذهاب إلى النوم ".

فأنفجرت قائلة بخوف :
"لكنني ظننت إننا سنحصل على غرفتين منفصلتين ، ما كنت لأقبل بالمجيء إلى هنا قط لو إنني علمت بأنني ..".

ثم شعرت به يقترب منها و يحاول لمسها ، فصاحت مستنكرة
" لا ! إياك إن تجرؤ على لمسي ".

لقد أحست بإنها لا تستطيع إحتمال لمساته .

و بغضب بالغ ، اندفعت ساسكيا نحو الباب ، لكن أندريس استطاع إن يسبقها إليه ساداً عليها الطريق حيث أمسك بها و إنغرزت أصابعه في لحمها الطري ، و قال بشدة :
" ماذا تظنين نفسك تفعلين ،بحق الجحيم ؟
ما الذي تدعين إنك تخافين منه بالضبط ؟
هذا ، امرأة مثلك ؟.."

و شهقت ساسكيا و ارتجفت من رأسها إلى أخمص قدميها عندما التفت ذراعه حولها و أطبق عليها يعانقها .
عانقها بشدة و بشعور محموم غاضب مما جعلها تشعر بالضعف .
و أخذ الدم يهدر في رأسها قد أدركت عدم قدرتها على التصرف إزاء خبرته العنيفة المتغطرسة هذه .

- كفى تمثيلاً لدور البريئة الساذجة .

سمعته ساسكيا يتمتم بذلك ، و هو يشدها إلى جسده أثناء استناده إلى الباب خلفه جاراً إياها معه ، و يده الأخرى تلف كتفيها ، و شهقت ساسكيا و قد سرى الدم حاراً في جسمها ،

و رغم غضبها شهرت بفضول إنثوي جعلها دون إدراك منها تبادله العناق إنما بخجل و تردد .

-

أندريس ، هل أنت بالداخل ؟
إنا أثينا .. أريد إن أتحدث إليك .

جمدت ساسكيا و هي تسمع صوت أثينا من خلف الباب .

لكن أندريس لم يظهر عليه أي دليل على الإضطراب أو الإرتباك . إنما فتح الباب و ما زال ممسكاً بساسكيا يضمها إليه بقبضة لم تستطع الفكاك منها ، و قال لأثينا بخشونة :
" ليس الآن يا أثينا . إنا و ساسكيا مشغولان كما ترين :.
فقالت بحدة و غضب و هي ترمق ساسكيا بنظرة حاقدة :
" هل هي معك ؟ لماذا هي ليست في غرفتها ؟ "
فأجاب ببرودة :
" إنها في غرفتها فعلاً . غرفتي هي غرفة ساسكيا و سريري .. سريرها .. ".

فقالت أثينا بصوت خافت :
" لن يسمح لك جدك قط بالزواج بها "
لكن أندريس أغلق الباب متجاهلاً إلحاحها .

أما ساسكيا فقالت بلطف :
" دعني ، يا أندريس ".

و كانت عاجزة عن احتمال النظر إليه ، أو التفكير في استجابتها له ، و مبادلته العناق .

و نظر إليها أندريس هازئاً :
" حسناً يا ساسكيا ، هذا يكفي ، أنا أعرف إنني أردت منك تمثيل دور الخطيبة المخلصة ، و لكن هذا لا يعني الإدعاء بأنك بريئة لم تعرف قط .. "
و سكت فجأة مقطباً جبينه ، مفكراً في هذه الشكوك غير المرغوب فيها التي خطرت بباله و هو يرى وجهها الشاحب و عينيها المضطربتين حتى عندما تركها ، بقيت ترتجف من رأسها حتى أخمص قدميها مما جعله يقسم ، في تلك اللحظة ، على إنه عندما أخذها بين ذراعيه و عانقها . كان أول رجل يجعلها تشعر بهذا الشكل .
منتديات ليلاس
بقي لحظة يتأمل ما كان يفكر فيه و يشير به ، ثم ما لبث إن نبذ شكوكه هذه بحزم.
يستحيل إن تكون ساسكيا عديمة الخبرة ، لا يمكن ذلك أبداً .
كان يونانيا بما فيه الكفاية لكي يعتبر إن نعمة الطهارة هي إحدى أكبر النعم التي يمكن لإمرأة تقديمها إلى من تحب .
لكن تراثه الثقافي من والده الإنكليزي و دراسته جعلاه يسخر من أو حتى يرثي لهذه المفاهيم المهجورة . بصفته رجلاً ناضجاً ، يتقبل و يحترم حق المرأة في اختيار تصرفاتها بمشاعرها .

لكنه يعلم أيضاً إنه ، بصفته حبيباً أو زوجاً ، لديه نزعة إلى التملك تحتوي على حنين عميق و رغبة محمومة في إن يكون شريك حبيبته الوحيد ، و شوق في نفسه إلى تعليمها ما هو معنى الحب . و حالياً رأى في ردة فعل ساسكيا ما يلهب مشاعره التي كان يجاهد للسيطرة عليها .. مشاعر هي رغبة بدائية لرجل يوناني !

و قطعت ساسكيا أفكاره مكررة و هي عاجزة عن الحركة :
" إنا لن أنام في هذه الغرفة معك ,أنا .."

و راح أندريس يفكر متجهماً :
إذا كانت ساسكيا تمثل ، فهي تستحق الأوسكار .
و لكن آخر ما كان بحاجة إليه هو خطيبة يبدو عليها الرعب لكونها معه ، عليه تهدئة روعها ، وتهدئة أعصاب كل منهما .

فقال بهدوء :
" تعالي معي ".
أمسك يدها وقادها إلى أحد الأبواب المؤدية إلى خارج الغرفة.

عندما فتحه ، رأت ساسكيا الغرفة التي خلفه مؤثثة بأحدث الأجهزة التقنية . ثم سألها :
" هل تشعرين بتحسن إذا قلت لك إنني أنوي النوم هناك ؟".

فهمست و هي ترتجف :
" هناك .. و لكنه مكتب ، لا يحتوي على سرير ".

- يمكنني إحضار إحدى الكراسي الكبيرة من قرب حوض السباحة و النوم عليه .

- أتعني ..
و كانت حذرة . كارهة تصديقه أو الوثوق به . و أومأ برأسه متجهما ، متسائلاً عما يجعله يسمح لضميره بإرغامه على مثل هذا الوضع السخيف .
كان يعلم إنها لا يمكن أبداً إن تكون تلك الساذجة الخائفة البريئة التي تتظاهر بإنها عليه .

و قالت ساسكيا بتردد :
" و لكن لابد إن يلاحظ أحد إذا أنت أحضرت الكرسي تلك ".

فأجاب :
" غرفتي فقط لها باب يفتح على منطقة البحيرة هذه . إنه موقعي الخاص .
أما البحيرة العامة التي يستعملها الجميع فهي تقوم في الناحية الأخرى من الفيلا ".

بحيرته الخاصة ؟
و جاهدت كيلا يؤثر عليها ذلك . و لكن يبدو إنها لم تبذل جهداً كافياً ، و نظر أندريس إليها بفارغ الصبر :
" إنا لا أحاول التباهي بذلك ، يا ساسكيا . فإنا أكره هذا النوع من التباهي المنافي للرجولة .
قد يكون أبي مليونيراً لكنني لست كذلك ".

لم يكن هذا صحيحاً تماماً لكن شيئاً في عيني ساسكيا جعله يريد إقناعها بإنه ليس من الشبان العابثين العاطلين عن العمل ،و لا عمل له سوى الجلوس بجانب بركة السباحة طوال النهار .

ثم أضاف أندريس بلطف :
" كل ما في الأمر إنني أحب السباحة في الصباح الباكر ، عندما أكون هنا في الفيلا .
و قد كانت شقيقتاي تتذمران من إنني أوقظهما من النوم باكراً ، و لهذا أشأت هذه البركة لاستعمالي الخاص ، فالسباحة تساعد ذهني على الصفاء بقدر ما تسمح لي بالتمرين الجسدي "

كانت ساسكيا تتفهم كلامه ، فهي تشعر بالشيء نفسه بالنسبة إلى المشي ، حيث كانت تخرج للتمشي كلما تملكها القلق ، أو واجهتها مشكلة بحاجة إلى حل .

أخذ ينظر إليها و هو يتساءل عابساً ، عما يجعله يتحمل كل هذا الانزعاج في سبيل تهدئتها و طمأنتها ، و راح يفكر في ذلك الخفقان القلق الذي شعر به عندما ضمها إليه ، بإنه حتماً زائف لا سبيل إلى الظن بغير ذلك ، تماماً كتلك العينين الكبيرتين المتسعتين اللتين تراقبانه بحذر .

عضت ساسكيا شفتيها و هي تحول نظراتها عنه . و بات واضحاً إن أندريس يعني ما يقول حقاً بالنسبة إلى نومه في المكتب ، إنما حالياً لم يكن ترتيب أمر النوم في طليعة اهتماماتها بقدر ما هو اهتمامها بما كان يحدث أثناء يقظتها .. أضف إنها كانت تفكر بما شعرت به و هو يعانقها ...

هل يعقل إن تكون في أعماقها ، قد أرادته إن يضمها ؟
إذ من المستحيل حدوث ذلك من دون وعي منها ، و لكن ما هو تفسير الطريقة التي تجاوبت بها معه ؟
و ألح عليها ضميرها بالجواب ، إلا إنها سمعت أندريس يقول بجفاء :
" حسناً ، و الآن بعد إن حللنا هذه المشكلة ، لدي بعض الأعمال علي القيام بها . لم لا تأكلين شيئاً ثم ترتاحين ؟" .

فقالت :
" علي إنا أخرج أمتعتي من الحقائب ".

- إحدى الخادمات ستفعل ذلك أثناء راحتك .

و عندما رأى تعابير وجهها ، قال بلطف :
" إنهم مستخدمون عندنا يا ساسكيا .
يعملون لتحصيل معيشتهم تماماً كما نعمل ، أنت و إنا لتحصيل معيشتنا ".

ثم تركها و خرج
********

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 27-06-08, 09:49 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

أه آسفة لم أوقظك ، أليس كذلك؟
لكن وقت العشاء سيحين قريباً ففكرت إنك قد تريدين الاستعداد لذلك .

عندما استيقظت ساسكيا تماماً و جاهدت لكي تجلس في الفراش ، رأت إن زائرتها غير المتوقعة هي أوليمبيا .
الإبتسامة التي بدت على وجه أوليمبيا جعلت ساسكيا تشعر بالحرارة تجاهها ، ثم أضافت اوليمبيا :
" في العادة نرتدي ملابسنا هنا في الطابق السفلي و ليس في الأعلى .
لكن أثينا ستجاهد لتبدو مميزة "

فسألت ساسكيا بلهفة :
" أين ..؟"
لكنها لم تكمل سؤالها ، إذ أكملت أوليمبيا عنها .
-أين أندريس ؟ لقد اتصل جدي هاتفيا طالبا الحديث مع أمي ثم أراد التكلم مع أندريس ، وربما ما زالا يتحدثان . وعلي تنبيهك إلى إن أندريس ليس في مزاج جيد .

وعندما رأت أوليمبيا الاهتمام في عيني ساسكيا ، أسرعت تطمئنها :
" آه ، هذا ليس بسببك بل بسبب أثينا . لقد أحضرت محاسبها معها و أندريس غاضب للغاية، فهو لا يطيقه ، ولا نحن ، لكن أثينا أكدت إن جدي دعا "أريستوتل" شخصيا".

عندما توجهت أوليمبيا لتنير الغرفة ، أنزلت ساسكيا قدميها إلى الأرض ، قفد نامت بكامل ملابسها مما جعلها تشعر الآن بالقذارة و عدم النظافة ، ثم فكرت إن جلوسها إلى مائدة العشاء مع أندريس و أثينا لم يكن شيئاً تنتظره بشوق و لكن أولمبيا على حق في شيء واحد و هو إنه عليها هي أيضاً إن تبدو مميزة ،و لا شك إن أندريس بتوقع هذا منها . إذ ليس لديها عذر في عدم القيام بذلك و حقيبتها ملأى بالملابس الجدية التي اشتراها لها أندريس ،
فقالت أوليمبيا :
-ماريا أفرغت حقائبك . و قد ساعدتها إنا لقد أعجبني ذلك الثوب الأسود الذي أحضرته معك ، ملابسك رائعة . بقي أندريس يتردد إلى هنا محذراً بعدم إحداث ضجة كيلا تستيقظي . إنه يهتم كثيراً لأمرك .

ثم رمقت ساسكيا و قالت بهدوء و دفء:
" إنا و أمي مسرورتان جدا لإنه تعرف إليك . نحبه طبعاً ، لكننا أبتدأنا نخاف من إستسلامه لأثينا لأجل جدي .. و نحن نعلم إنه لن يستطيع إن يحبها أبداً ،أظنه أخبرك بما فعلته به عندما كان صغيراً ".

و دون إن تنتظر أوليمبيا جواب ساسكيا، تابعت متدفقة في الكلام :
" لا يفترض بي معرفة ذلك بالحقيقة لكن أختي ليديا أخبرتني و أقسمت علي كتم السر .
و لكن طبعاً لابأس من التحدث معك عن ذلك لإن أندريس لابد حدثك عنه . كان حين ذاك ما زال غلاماً في الخامسة عشرة ، وكانت أثينا أكبر منه بكثير و على وشك الزواج .

إنا أعرف إن فرق السن ذاك لا أهمية له بين شخصين راشدين ، لكن أندريس لم يكن راشداً بعد . كان في المدرسة .. فجاءت إليه .. أظن إن أندريس كان رائعاً في شجاعته و أخلاقه لإنه رفض التجاوب معها ..
ثم أتعلمين أيضاً ؟
رغم إدعاء أثينا إنها تحبه ، أظنها تريد معاقبته لرفضه لها .. حسناً ..
هل فهمت ما أعني ؟" .

و راحت ساسكيا تفكر كيف حاولت أثينا إن تغوي أندريس عندما كانت مجرد تلميذ في المدرسة !
و جاهدت بشدة لكبح ما أثارته هذه الوقائع من صدمة و اشمئزاز في نفسها .

صحيح إن السنوات السبع التي تفرقهما ليست بالكثيرة ، و هو ليس كبيراً إلا إنه بالنسبة إلى إمرأة في العشرينات تحاول إغواء غلام في الخامسة عشرة .. فذلك فساد دون شك ..
و سرت في جسمها قشعريرة باردة .

هل يعقل إن تدع امرأة كأثينا مجرد خطيبة زائفة ، تقف بينها و بين الرجل الذي تريد ؟

من الواضح إن أثينا متلهفة للحصول على أندريس ، و إن كانت دوافعها مغلفة بالأسرار .

كان أندريس من الرجولة بحيث يصعب تصوره في وضع الفريسة و ليس الصياد . و في رأي ساسكيا إذا كان هناك رجل يتميز بالحيوية الفائقة و الشموخ و الكبرياء ، فهو أندريس ...
إلا إنها رأت في شخصية أثينا ، شيئاً مخالفاً منفراً مثل برودة المشاعر و الجشع و التسلط ، مما جعل من الصعب على ساسكيا الإطمئنان إليها أو حتى التفكير فيها بصفتها من بنات جنسها .



كان تصميمها على الزواج من أندريس هائلاً بحيث يرسل قشعريرة في الجسد .

قاطعت أوليمبيا أفكار ساسكيا و قالت بأسف و تأثر :
" طبعاً لولا صحت جدي لما كانت هناك مشكلة، كلنا يعلم هذا . إن جدي يحب الظن بأن أندريس، يعتمد عليه مالياً ، و لكن .. "

و سكتت و هي تهز رأسها ، ثم قالت :
" سترتدين الثوب الأسود، أليس كذلك ؟
إنا متلهفة لرؤيته عليك ، إنه يناسب لون بشرتك تماماً ، بينما لون بشرتي يبدو باهتاً إزاء الأسود .. "

و سمعتا خطوات رجل في الممر أمام باب غرفة النوم ، فقالت أوليمبيا :" إنه أندريس، و هو سيسلخ جلدي إذا ظن إنني أزعجك “

أجفلت ساسكيا عندما دخل أندريس الغرفة و أخذت تنظر إليه و هو ينقل نظراته من السرير إلى حيث كانت تقف أوليمبيا في الزاوية و قال بغضب :" أوليمبيا ، لقد قلت لك ..."

فتدخلت ساسكيا لحمايتها :
" كنت مستيقظة حين جاءت "

لقد أحبت ساسكيا أخت أندريس ، و لو كانت هي تحبه حقاً ، و تريد إن تتزوجه ، لوجدت في هذه الفتاه الدافئة العواطف صديقة وفية .
ألقت أوليمبيا بنفسها على أندريس ضاحكة و هي تحيطه بذراعيها و تخبره بإنتصار .

- أترى !
أنت مخطيء ، يا أخي الأكبر ، و عليك إن لا تكون حازماً متسلطاًً معي بهذا الشكل و إلا رفضت ساسكيا الزواج بك و الآن بعد إن تعرفت إليها ، صممت على إن تكون أختي و زوجة أخي .
كنا نتحدث عما سترتديه للعشاء .
ثم حذرتها من أثينا ستلبس ثوباً غير عادي لكي تتفوق عليها .

فقال بجفاء :
" إذا لم تذهبي إلى غرفتك لكي نستعد جميعاً ستكون أثينا أفضلنا أناقة ".

قبلت أوليمبيا جبينه ثم أسرعت إلى الباب حيث وقفت و هي تنظر إلى ساسكيا بابتسامة عريضة شيطانية :
" لا تنسي إن تلبسي الأسود ! "

بعد إن أغلقت الباب خلفها ، قال أندريس لساسكيا :
" آسف لقد سبق و حذرتها من إزعاجك "

إذن لم ينخدع أندريس بكذبتها البيضاء ، فقالت ساسكيا الحقيقة هذه المرة :
" لا يهمني ذلك ، فإنا أحبها " .

فقال أندريس بشيء من السخط :
" ظرف أوليمبيا شيء تميل أحيانا ً إلى استغلاله ، و لكونها طفلة الأسرة ،
فهي سيدتها في الحصول على ما تريد " .

ثم نظر إلى ساعته قائلاً :
" لديك نصف ساعة تستعدين فيها ".

أخذت ساسكيا نفساً عميقاً مهدئاً فما كاشفته بها أوليمبيا أثار فيها شعوراً عميقا من العطف نحو الآخرين .

كان ذلك جزءً من طبيعتها ، إلا إن شيئاً اشتعل في أعماقها محدثاً فيها تغييراً كبيراً و دون إن تعلم كيف حدث هذا ، تحول أندريس في نظرها من طاغية يثير اشمئزازها و خوفها ،
إلى إنسان آخر يستحق منها البطولة و العون لقد أصبح الآن لديها دور هي مصممة على القيام به باذلة كل ما لديها من طاقة و إمكانية لتحقيقه .

أجابته بلهجة أرباب الأعمال :

" نصف ساعة ، في هذه الحالة أود إستعمال الحمام أولاً ".
==============

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحلام, بيني جوردان, دار الفراشة, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية مترجمة, روايات رومنسية, penny jordan, the demetrios virgin, عاصفة الصمت
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t82528.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ذ¯ذ½ذ´ذµذ؛رپ This thread Refback 19-11-15 07:52 PM


الساعة الآن 11:32 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية