المنتدى :
البحوث الإسلامية
مفهوم محبة وحقوق آل البيت بين أهل السنة والشيعة
بسم الله الرحمن الرحيم
مفهوم محبة وحقوق آل البيت بين أهل السنة والشيعة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعـــد:
فقد أوجب الله جل جلاله لأهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم حقوقًا، وخصهم بفضائل، وقد ظهر الفرق جليًا بين أهل السنة وبين مخالفيهم في تلقيهم لهذه الحقوق والفضائل، فأهل السنة أقروا بها وقاموا بها دون أي غلو أو تفريط، أما مخالفوهم فقد كانوا على طرفي نقيض في هذا، فمنهم من زاد على هذه الحقوق أشياء حتى بلغ بأصحابها منزلة رب العالمين، ومنهم من تركها واعترض عليها، حتى جعل أصحابها في منزلة الظالمين الكافرين.
فنسأل الله عز وجل أن يعيننا على بيان هذه الحقوق وأدائها على وجهها الذي أمر به وأمر به نبيه صلوات الله وسلامه عليه.
التعريف اللغوي
* معنى الآل والمراد بآل النبي صلى الله عليه وأله وسلم *
الآل في اللغة: آل الرجل: أهله وعياله ويقال: الآل هم في اللغة: أقارب الرجل وعشيرته وعترته وكل من يجمعه وإياهم نسب، وكل من ينتمي إليه بقرابة وكذا مصاهرة. .-لسان العرب والقاموس المْحيط – مادة (أول- و- أهل).-
ومن معاني الآل في اللغة الأتباع , يقال : آل الرجل : أي أتباعه وأولياؤه. ويستعمل فيما فيه شرف غالبًا , فلا يقال آل الإسكاف كما يقال أهله -لسان العرب والقاموس المْحيط – مادة (أول- و- أهل).
خصوصياتها
1- أنها لا تضاف إلا إلى معظم من شأنه أن يؤل غيره، أو يسوسه؛ فيكون مآله إليه.
2- وأنها لا تضاف إلا إلى الأعلام النّاطقين؛ فلا يقال: آل رجل، ولا آل الزمان.
3- وأن الرّجل حيث أضاف إليه آله دخل هو فيه؛مثل قوله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين). [ آل عمران:33 ].
* * *
الفرق بين كلمة (آل) وبين كلمة (أهل):
فهي تتفق في معناها علي العيال والقرابة؛ لكن كلمة(أهل) اطلاقاتها أوسع؛ حيث تضاف إلى المعظم وغير المعظم, وإلى الجماد، والأعلام غير الناطقين؛ فتقول: أهل الملك، وأهل الأسكافي، وأهل الدار، وأهل الزمان، وأهل الرجل.
كما أنه لو أضافها رجل إليه يحتمل أن يدخل فيهم أو يخرج، لكن يفهم من السياق؛ فتقول: أهل زيد؛ فلا يلزم أن يكون معهم زيد.
وعلى هذا فإن ( آل، أهل) إذا أطلقت على البيت النبوي فدلالتهما واحدة؛ لأن (أهل)- في هذا السياق- بخصائص(آل) المتقدمة ذكرها--انظر معجم ما يخص آل البيت النبوي للدكتور عبد الكريم آل غضية- (ص23) وانظر القاموس الْمحيط، وجلاء الأفهام-
التعريف الاصطلاحي
اختلف العلماء في تحديد آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أقوال أشهرها:
القول الأول: هم الذين حرِّمت عليهم الصدقة، وبه قال الجمهور.
القول الثاني: هم ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأزواجه خاصة، اختاره ابن العربي وانتصر له، ومن القائلين بهذا القول مَنْ أخرج زوجاته..
القول الثالث: آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم هم أتباعه إلى يوم القيامة، واختاره الإمام النووي من الشافعية. والمرداوي من الحنابلة. انظر: شرح صحيح مسلم (4/368). انظر: الإنصاف (2/79).
القول الرابع: هم الأتقياء من أمته.
والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول.
مسألة: من هم الذين حُرِّمت عليهم الصدقة؟
الجواب: هم بنو هاشم وبنو المطلب، وهذا هو الراجح؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد) رواه البخاري.
ومن العلماء من قَصَرَ التحريم على بني هاشم فقط دون بني المطلب.
* * *
مفهوم آل البيت عند الشيعة الإثني عشرية
جمهور الشيعة يرون أن المراد بأهل البيت هم أصحاب الكساء الخمسة، وأنهم هم الذين نزلت فيهم آية التطهير: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب : 33 )
وهم: سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وقد زادت الجعفرية على أصحاب الكساء بقية الأئمة الاثني عشر.
وهم يرون عدم دخول أمهات المؤمنين في مسمى آل البيت. انظر: شرح الزيارة الجامعة لعبد الله شبر (ص:127-128)، الإمام جعفر الصادق (رضي الله عنه) لعبد الحليم الجندي (ص:73)، مودة أهل البيت . مركز الرسالة (ص:23).
واستدلوا على ذلك الحصر بآية التطهير السابقة.
ونحن نقول: أين الحصر في الآية الذي بموجبه زعموا أن زوجات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يدخلن فيه؟
فإن نص الآية وسياقها يدل ولأول وهلة أن المراد بأهل البيت أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمهات المؤمنين؛ لأن ما قبل آية التطهير وما بعدها خطاب لهن رضي الله عنهن، ولهذا قال بعد هذا كله:
(وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ) (الأحزاب : 34 )
وكذلك تزعم الشيعة أن خطاب التذكير في قوله تعالى: (عنكم) و(يطهركم) يمنع من دخول أمهات المؤمنين في جملة أهل البيت.
وهذا مردود؛ وذلك لأنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث في جملة غلب المذكر، والآية عامة في جميع آل البيت كما سبق، فناسب أن يعبر عنهم بصيغة المذكر.
وإذا كان الشيعة -هداهم الله- قد تشددوا في الاستدلال بدلالة الحصر وخطاب التذكير على عدم دخول أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في آل البيت، فإننا نلزمهم الآتي:
أولا: تركهم ومخالفتهم لاستدلالهم السابق، وذلك لعدم تقيدهم بالحصر، فقد أدخلوا مع أصحاب الكساء غيرهم!! فأين الأدلة والنصوص التي تدل على إدخال غيرهم معهم؟
ثانيًا: حصر آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في علي والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وفي تسعة من أبناء الحسين فقط. فهل هؤلاء هم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟
يا سبحان الله! أين أعمام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
- أليس حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أسد الله وأسد رسوله شهيد أحد وفارسَ بدر، وعندما استشهد حزن عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حزنًا شديدًا وقال: (سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة) ؟!. الحاكم في المستدرك (2/130).
- أليس العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه شهد فتح مكة وثبت يوم حنين، وقال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إن العباس مني وأنا منه). الترمذي (3759)، النسائي (8/33).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : (يا أيها الناس! من آذى عمي فقد آذاني؛ فإنما عم الرجل صنو أبيه). الترمذي (3758)، أحمد (4/165).
أين أبناء أعمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
- أليس جعفر الطيار رضي الله عنه صاحب المآثر والمحامد، وهو الذي قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (أشبهت خَلْقي وخُلُقي) . صحيح البخاري
وقد كان أحد السابقين إلى الإسلام، وممن هاجر إلى الحبشة، ولم يزل هناك إلى أن هاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، فقدم إلى المدينة يوم فتح خيبر، ففرح به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرحًا شديدًا، وقام إليه وعانقه وقبَّله بين عينيه.
ولما أرسله النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى مؤتة نائبًا لزيد بن حارثة رضي الله عنه أبلى بلاءً حسنًا، وقاتل حتى قطعت يداه واستشهد، فعوَّضه الله عن يديه جناحين في الجنة، فكان يقال له بعد قتله: الطيار، ولما بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نبأ استشهاده حزن عليه حزنًا شديدًا، وقال: (دخلت الجنة البارحة فنظرت فيها وإذا جعفر يطير مع الملائكة) . الحاكم في المستدرك (3/217)، والطبراني في الكبير (2/107).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : (مر بي جعفر الليلة في ملأ من الملائكة، وهو مخضب الجناحين بالدم أبيض الفؤاد). الحاكم في المستدرك (3/234).
فهذه بعض مناقبه التي تدل على عظيم مكانته وعلو شأنه فرضي الله عنه وأرضاه.
- أليس عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- حبر الأمة وترجمان القرآن؛ وقد كان يلقب بالحبر والبحر لاتساع علمه وكثرة فهمه، وكمال عقله وسعة فضله؛ فقد لازم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ودعا له صلى الله عليه وآله وسلم بالفقه في الدين وعلم التأويل، وكان ممن شهد مع علي رضي الله عنه الجمل وصفين، وقد اعترف له بذلك الفضل كبار الصحابة رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان؟
- أين بقية ذرية الحسين رضي الله عنه؛ مثل حفيده شهيد الكوفة زيد بن علي بن الحسين، وسائر ذرية أولاده؟!
- أين ذرية الحسن رضي الله عنه؟
- أين حقوق هؤلاء؟ وهل هم من آل البيت أم ليسوا منهم؟!
وإن لم يكونوا منهم فمن الذي أخرجهم؟ وبأي دليل أخرجهم من آل البيت؟
وقد ذهب بعض الجعفرية إلى عدم حصر آل البيت بهؤلاء، وقال: هؤلاء هم الأئمة المعصومون، وآل البيت أشمل وأعم، وربطها بصفات.انظر: أهل البيت في الكتاب والسنة، لمحمد الريشهري.
فجعلها عامة تشمل من اتصف بتلك الصفات أيًا كان نسبه ووطنه وقوميته.
ولكن هذا لا يكاد يوجد إلا في بطون بعض الكتب، أما الواقع فهو كما تشاهد.
إذًا: مما سبق يظهر جليًا الفرق الشاسع بين أهل السنة وبين مخالفيهم في بيان من هم أهل البيت.
***
|