كاتب الموضوع :
بـراءة
المنتدى :
القصص المكتمله
الجزء الحادي عشر
مر اسبوع .. و فكرة غريبة تراود جليل ..يريد اجراء عملية تجميل لساقيه كونهما متشوهتان ..كمال بعد سفرته تلك توسع محله لبيع ألعاب الأطفال ..و ها هو يبدأ بانشاء محل آخر في منطقة أخرى للألعاب أيضاً .. مهند و أخيراً وجد عملاً .. في شركة خياطة للملابس .. و هو يكون مشرفاً على تنظيم العمل بين الخياطات و الخياطين .. يقول أن المكان حار جداً .. و متلوث .. و يقول أنه يشعر باشمئزاز من الجلوس مع الآسيون و لكنه حتماً سيعتاد على ذلك.. و طبعاً عاد للعيش في شقته السابقة و سكنت الخلافات بيني و بين جمانة..أما سهيل مصاب بالكآبة الشديدة و الملل و لا أدري لماذا ..
لذا اقترح كمال أن نذهب لقضاء رحلة ما .. جلسنا في غرفة المجلس الخاصة لمنزل جليل نتناقش في هذه الرحلة ..
قال كمال متحمساً :" نذهب للتخييم .. و "
قاطعه سهيل مستاءاً :" لا .. نريد رحلة قصيرة "
قال مهند :" إذاً فلنذهب لمدينة ملاهي "
نظر إليه سهيل باحتقار :" و هل نحن أطفال "
تنهد مهند :" مجرد فكرة "
و قال كمال :" بصراحة الفكرة أعجبتني "
و التفت لي و قال :" ما رأيك حسام ؟ "
ابتسمت :" أظننا سنستمع .. "
و قال جليل ضاحكاً :" منذ زمن و لم نذهب للملاهي .."
فقال مهند و هو يضع رجلاً رجل و يرمق سهيل :" إذا متى ستذهبون "
قلت أنا :" لكن القرار ليس بالاجماع "
ضحكوا .. فنظرت أنا لسهيل الغاضب .. سألته :" هاه ما رأيك ؟ "
زفر :" اعتبروه بالاجماع "
=
اتفقنا أن نذهب ليلاً .. و حذرت كمال و مهند من لبس البدلات الأنيقة كعادتهما .. لأننا ذاهبون لمدينة ملاهي .. و هذه الملابس لا تتناسق مع رحلتنا .. في سيارة كمال الفخمة التي اشتراها من فترة قصيرة..كانت الساعة العاشرة و النصف .. قال جليل :" ما اسم هذه الحديقة "
أجاب كمال :" ( مدينة الترفيه ) .. هي جديدة .."
قال مهند : " هل سيكفينا الوقت ؟ "
و قال كمال :" نعم ..فهي لا تغلق إلا عند الساعة الثانية عشر "
أخرج سهيل كيس التوت من حقيبة كمال قائلاً :" شكله مشهي "
صاح به كمال :" أتركه .. أتركه "
=
مر الوقت و نحن في السيارة و حل الصمت بيننا و بلغت الساعة الحادية عشر إلا ربع ..و قد دخلنا منطقة مظلمة مليئة بالأشجار المتشابكة .. و لم تكن معبدة .. كانت وعرة و منحدرة قليلاً .. أحسست بها منطقة نائية غريبة .. أشبه بغابة مخيفة غامضة .. تنهد جليل :" تأخرنا عن مدينة الملاهي "
و همس مهند بقلق :" أين نحن كمال ؟ "
صمت كمال لبرهة .. ثم همس :" لا أدري .. و كأننا تهنا "
صاح سهيل :" ماذا تقول ؟ "
و قال و هو يتلفت حوله :" هل ضعنا في مكان مخيف مظلم كهذا ؟ "
خاطبت أنا كمال قائلاً :" سر .. سر .. لعلنا نجد ما يهدينا "
قاد كمال السيارة ببطء .. و قال مهند بخوف و هو يرمق المكان المظلم :" هناك أشياء تتحرك .. لكني لا أراها "
صاح سهيل بفزع :" ماذا قلت ؟ أشياء تتحرك .. "
خاطبتهم :" كفى .. ليس هنالك أي شيء .. الرياح تحرك الأغصان ..لا تربكوا كمال "
و جرى صوت حفيف الأشجار مرعباً ..قبض سهيل على يدي و قال :" كمال .. ارجع "
و قال جليل بصوت متقطع :" نعم .. فلنعود إذ كنت لم تعرف لحد الآن الطريق الصحيح "
صاح كمال :" ألا ترون أن المكان مظلم عدا عن مصابيح سيارتي ..دعونا نكمل طريقنا "
فوجئنا بشيء كبير أسود يلتصق بالنافذة التي تجاور مهند .. صرخنا فزعين .. و دققت أنا النظر في ذلك الشيء .. الذي أبرز جناحين مخيفين و طار .. هل كان حشرة ضخمة ؟ حشرة بهذا الحجم .. أخذنا نلهث بخوف و كل واحد يضع يده على قلبه .. قال كمال و هو يضع يده على كتف مهند :" أأنت بخير "
بالكاد خرج صوته :" نـ .. نعم "
و قلت أنا :" ظننا أن سكتة قلبية أصابتك "
كنت أريد تلطيف الجو لكن لا فائدة ..طل جليل على الخارج و قال :" ما هذه الأشياء بحق الجحيم ؟ "
فوجئنا حينها بمخلوقات أشبه بالحشرات الكبيرة المقززة السامة تتقافز على السيارة كالمطر ..شعرت بالسيارة تسقط على منحدر وعر و حاد .. تفجرت السيارة بالصرخات ..صاح سهيل :" سأموت و لم أتزوج هيام "
!! توقفت عن الصراخ فجأة .. كأنني سمعت اسماً مألوفاً.. هيام أختي ؟؟ ضجت السيارة بالصراخ حتى ارتطمنا بشيء أوقفنا بقوة .. بقينا متصلبين في السيارة كأن على رؤوسنا الطير .. بعد دقيقتان زفرت أنا .. فزفروا يطلقون كمية كبيرة من الهواء المحبوس في داخلهم ..و استدار مهند لسهيل و رمقه بحدة .. و كذلك فعل كمال ..أما جليل نظر لسهيل بصدمة ..و أنا تظاهرت بأني لم أسمع شيئاً.. همس كمال :" منذ متى ترغب في ذلك ؟ "
نكس سهيل رأسه ثم نظر لي من طرف عينه خجلاً .. ثم قال متنهداً :" أ.. حسام .............. "
فوجئنا بالسيارة تبدأ بالتحرك ..فصرخ مهند :" اخرجوا "
فتحنا الأبواب مسرعين .. و خرجنا .. عدا عن سهيل يحاول سحب جليل بكل قوته .. صرخ :" ساعدوني "
بدأت الصخرة التي توقف السيارة بالتزحزح .. فأسرعت أنا لمساعدة سهيل صارخاً :" مهند أخرج الكرسي المتحرك"
أسرع مهند لخلف السيارة لفتح صندوق السيارة و كان يرتعد خوفاً .. للتحرك البطيء للسيارة ..تعاونت مع سهيل على اخراج جليل من السيارة .. فرأيناها تتحرك .. صرخنا :" مهند .. ابتعد "
ارتبك مهند و هو يمسك بالكرسي ..صرخ به كمال :" ابتعد .. ماذا تفعل ؟ "
نظر للسيارة و هي تتحرك ناحيته ببطء .. بسرعة ركض ناحيتنا بالكرسي ..صرخ كمال :
" سيارتي ستسقط في المستنقع "
أسرعنا إليها نمسكها من الخلف ....و نحاول سحبها .. صاح سهيل :" لا فائدة .. ابتعدوا لكي لا تتأذوا "
و انفلتت الصخرة التي توقفها .. فزلزلنا صوت ارتطامات السيارة بالمنحدر .. حتى المستنقع ..و هالنا منظرها و هي تغرق في تلك المياه .. صرخ كمال :" سيارتي !!! رباه "
وقفنا متسمرين نتأمل السيارة و هي تغرق في المستنقع .. ركض كمال بجنون على المنحدر ناحية المستنقع المخيف صارخاً :" سيارتي ...سيارتي " ..
صرخت به :" كمال .. عد "
و ركض مهند خلفه و هو يناديه :" كمال توقف .. ذلك خطر "
حتى بلغه فأمسكه و صار يهدئه :" كمال .. كمال .. لا بأس .. لا تدع حياتك تذهب سدى لأجل سيارة "
صرخ به :" هذه السيارة الوحيدة التي اشترتيها من مالي الخاص "
و التفتت للمستنقع و صرخ :" أيها الحقير .. لماذا ابتلعتها ؟ "
=
تلفتت حولي و خاطبت كمال الذي في قمة بؤسه :" الآن .. إلى أين نتجه ؟ "
زفر :" ستعودون مشياً ؟ "
و قال جليل :" على الأقل نجد ما يرشدنا .. أو سيارة أجرة "
تنهد مهند :" أي سيارة أجرة في هذا المكان النائي "
أفزعنا صراخ سهيل .. التفتنا له :" ما بك سهيل ؟ "
رأيناه يقفز من مكان لمكان فزعاً .. صرخ :" هناك أشياء تتحرك من حولي "
نظرت أنا إلى المنطقة المحيطة بي .. و رأيت حشرات كبيرة مخيفة و غريبة تتحرك بسرعة .. رأينا سهيل يركض صاعداً يتخطى المنحدر .. و ركض خلفه كمال و هو يدفع جليل الذي على الكرسي .. صحت بهم :" هيه توقفوا "
خاطبني مهند و ينظر للأسفل بفزع :" فلنلحق بهم حسام "
و لم ينتظر مني جواباً .. بل ركض خلفهم خائفاً .. و لم أجد سوى أن ألحق بهم ..
=
غاب عن أنظارنا سهيل و جليل و كمال .. و بقيت أنا أصعد التل المليء بالصخور الكبيرة الصلبة .. أمامي مهند .. عندما رأيته يوشك على الابتعاد قليلاً .. صحت به :" مهند انتظر "
استدار لي و هو يلهث :" ماذا ؟ "
خاطبته بترجي :" انتظرني .. "
نظر لي بعمق ثم قال :" سوف نتوه إن لم نسرع حسام .. البقية سبقونا بأميال "
"لا بأس مهند .. الآن يجب أن نحرص أن لا نتفرق .. أنا و أنت"
مد يده لي و قال :" هيا حسام "
مددت يدي و قبضت على يده بقوة .. حاولت رفع جسدي ..فهمس مهند و هو يحاول رفعي :" أنك ثقيل .. لا أستطيع "
و نظر لي بيأس .. ثم قال :" اصعد لوحدك .. أنا سأنتظرك .. للأسف لا يمكنني رفعك .."
نظرت له لبرهة ثم شعرت بلسعة حادة في ساقي ..صرخت بحدة ..و لم أستطع تمالك نفسي ..فكدت أسقط .. لولا أن مهند مد يديه الاثنتين و رفعني بكل ما أوتي له من قوة ..و أنا أشعر بشيء يسري على جسدي بأقدام حادة مؤلمة ..
و مهند يستمر في رفعي و هو يهمس يخاطب نفسه :" سنسقط .. "
و كنت حقاً أشعر أننا سنسقط ..إلى الهاوية ..
صعقنا بصوت قوي مرعب .. كأنه صوت وحش كبير استيقظ للتو .. هذا ما شعرت به .. رأيت أوراق الشجر تتطاير ..
==
"ثم جئت و فضحت نفسك يا سهيل .. و أنت تعلم أني من يريد الزواج من أخت حسام "
==
هنا رأيت ملامح الانهيار على وجه جليل .. صرخ :" أنت .. أنت شخص منبوذ سيء .. حقير و تافه و مستهتر "
==
أشار لخلفه قائلاً :" هناك .. مع بعض قطع متكسرة من كرسي جليل "
|