كاتب الموضوع :
بـراءة
المنتدى :
القصص المكتمله
الجزء الخامس
دخلت الشقة فهاجمت أنفي روائح رائعة ..أسرعت للمطبخ ..فإذا بالطاولة مملوءة بأصناف الطعام..و كانت جمانة ترتب المائدة و قد لفت نظري أنها ارتدت أجمل ما لديها و سرحت شعرها .. واتتني رغبة جنونية بالإعراض عنها..و كنت أضحك في نفسي من منظر جمانة و هي تقلد أختي هيام في أسلوب الغنج فلا يناسبها ..نظرت لها باحتقار ..و اخترت أطباقي و انزويت مع ابنتي في غرفتها على أساس أني سأساعدها على تناول الغداء.. في الحقيقة شعرت بعد ذلك بجمانة تبكي ..و كنت أقسي قلبي ..لتطول مدة الخصام ..و لأرى أطباق و أطباق لذيذة مراضاة لي ..
بعدها مباشرة ذهبت لمنزل والدي ..و حدثت الأسرة عن موضوع الرحلة ..فرفض والدي الذهاب .. أما الباقي وافقوا متحمسين ..هل سآخذ معي جمانة؟؟ ..لأدعها قليلاً .. و سآخذ ابنتي خلود فقط ..
قالت هيام و هي تحرك شعرها الطويل و تسحبه للخلف :" لأول مرة تطرح علينا فكرة الذهاب لرحلة "
ضحكت :" صحيح ..فالفكرة طرحتها أولاً على أصحابي و لكني شفقت بحالكم فوددت أن تأتوا أيضاً "
ضحكت أمي و قالت هيام منزعجة :" أصحابك سيأتون أيضاً ؟ "
" نعم ..و لن أكون معكم "
و أطلقت ضحكة ....
رن هاتفي فكان جليل.. أجبت :" أهلاً .. جليل "
" حسام ..حقاً ستذهبون غداً ؟ .. كم الساعة ؟ "
" الرابعة عصراً ..و سنظل لوقت العشاء.."
"جميل .. هل أخبرتم مهند ؟ "
"في الحقيقة لا أعلم ... و لكن كمال لن ينسى ذلك "
" إذا وداعاً .."
" وداعاً "
يبدو أن جليل متحمس للذهاب ..لا .. أنه يتألم و لكنه يخفي ذلك تظاهراً بالحماس ..
عدت للشقة و تعمدت أن أقول لجمانة :" جهزي ملابس سباحة لي و لخلود .."
نظرت لي باستغراب :" لمَ ؟ "
ابتسمت :" سأذهب غداً مع أهلي و أصحابي للبحر "
نظرت لي لبرهة و ودت قول شيء و لكنها تراجعت ..ثم هزت رأسها ايجابياً ..
--
في السيارة و على الطريق المؤدي للبحر .. التفت جليل للخلف مبتسماً :" سيارة أهلك وراءنا مباشرة "
و قال سهيل الذي كان يجلس في الأمام :" ستكون رحلة ممتعة حتماً "
نظرت لكمال الذي أخرج من حقيبته التوت و قال :" أتربدون شباب ؟"
هجم سهيل على التوت ضاحكاً :" كم أحبه " _سهيل تأقلم معنا بسرعة _و سحب جليل عدة حبات منه ..و أكلها بشهية ..فمددت أنا يدي للخلف قائلاً :" أنا أريد أيضاً "
قمنا بأكله بشهية ..مما لفت نظري كمال و هو يلتفت لمهند الذي يجلس بجانب النافذة و يقول :" ألا تريد مهند ؟"
من دون أن يبعد أنظاره عن النافذة همس :" لا "
نظرت له عبر المرآة ..ثم قلت :" ما بك يا ( سيد قزم ) .. ؟ "
و سيد قزم هو لقب نلقبه به لقصر قامته .. في الغالب يضحك عندما يسمعه و لكنه قال هذه المرة بنفور :" تسخر ؟"
نظرت له مستغرباً .. فقال جليل :" ما بك مهند ؟ حسام يمزح معك "
تنهد هو ..مما أثار عجبي .. لمَ كل هذه الكآبة ..؟ هذه الرحلة كانت في الأساس لأجله ..
نظرت لسيارة أهلي و قد صارت بجانبنا .. هتف أخي جهاد :" فلنتسابق حسام "
فسمعت صوت أمي يزلزل السيارة :" لا .. أجننت ؟ هذا خطر .. فلنسير بهدوء "
ضحكت أنا قائلاً :" الأمهات دائماً هكذا "
ثم نظرت لمهند و قلت بهدف فتح حديث معه :" بالمناسبة ما حال أمك ؟"
نظر لي من طرف عينه ثم قال :"و ما شأنك ؟ "
!!!........
=
أهلي بسطوا بسطاهم بقرب البحر فرحين ..و كانت معهم ابنتي خلود ..جلسنا نحن على بساط آخر ..و قال سهيل :
" آتي لنا بابنتك لنراها "
ضحكت .. و استدرت هاتفاً :" خلود .. تعالي "
نهضت هي و ركضت باتجاهنا و ارتمت بحضني بخجل ..ضحك جليل :" تشبهك كثيراً "
قلت أنا فرحاً :" اقترفت جريمة "
قال كمال مستغرباً :" قتلت شخصاً ما ؟"
ضحكت :" بل ..تركت زوجتي و لم آتي بها إلى هنا .. "
قطب سهيل حاجبيه :"لماذا ؟"
" كنا متخاصمين "
و قال كمال :" لا تشوه نظرتي للزواج .. فأنا سأتزوج عما قريب "
صاح جليل :" حقاً .."
ضحك :" عندما أجد الفتاة المناسبة "
التفتتُ أنا لمهند الذي نهض مبتعداً عنا ..ناديته :" إلى أين ؟ "
استدار لي و قال :" لا شيء .. أريد التدخين فحسب "
و مضى في طريقه ..فقال سهيل بانزعاج :" لم تبقى صفة قذرة إلا و اتصف بها "
فوجئنا بكمال يصرخ به غاضباً :" سهيل .. لا أسمح لك .. أنت انضممت لنا مؤخراً و لا تعرف مهند جيداً .. لذا فلتكف عن الحديث عنه بهذا الاسلوب .."
صاح سهيل :" تدافع عنه لأنك تشبهه .. أنا لم أصارحك بهذا من قبل احتراماً لك .. "
نظر كمال لسهيل بغضب ثم قال :" أنت شخص متكبر لا يعجبك الناس و تحب أن تغرق في الغيبة البشعة "
ثم نهض غاضباً و قال :" أنا سأذهب للجلوس مع مهند "
و ابتعد ..فقال جليل مخاطباً سهيل بضيق :" لماذا ؟"
انفعل سهيل :" لأن كمال لا يحسن إلا نقل الكلام .."
نظرت له مستغرباً فأتمم :" هل استغربتم صمت مهند ؟.. كمال ينقل إليه كل كلمة نقولها عنه و يضخم الأمور أيضاً ..لهذا مهند غاضب منا جميعاً عدا عن صديقه الذي ينقل له ما يقال عنه .. كمال "
قال جليل متنهداً :" لا تشك سهيل .. مهند يغرق في حالة من الصمت بعد أن يتعرض لنوبة صرع خوفاً من الموت"
قلت أنا :" لكن مهند بدا فظاً معي في السيارة .. و أيضاً مهند يدخن أمامنا و لا يكترث لانزعاجنا ..لماذا ابتعد هذه المرة ؟ لابد أنه غاضب منا كثيراً "
رفعت رأسي و نظرت لمهند الذي يسير بجانب كمال بقرب البحر و يدخن ..ثم نظرت لجهاد أخي و هو يهتف بي :
" ألن تسبحوا ؟ "
" بلى "
"هيا إذاً "
نظرت أنا لجليل فقال بسرعة :" أنا سألاعب طفلتك قليلاً .."
ثم قال مخاطباً إياها :" هيا انهضي و ادفعيني يا صغيرة .."
نظرت لي .. فهززت رأسي ايجابياً .. نهضت هي و صارت تدفع كرسيه المتحرك بكل قوتها .. ربما يحاول جليل أن يشعرني أنه مرتاح لحاله هذه ..أنه يثير وجعي ..نظرت للاثنان اللذان جلسا يراقبان البحر ..قلت مخاطباً سهيل :
" سأرى ما به هذا المهند "
اتجهت نحوهما و حين بلغتهما قلت :" ألن تسبحا ؟ "
استدار لي كمال بينما مهند لازال ينظر للبحر و هو يدخن .. جلست بجانبه و قلت مخاطباً كمال :" هيا فلتنهض لتلبس ملابس السباحة .." فنهض و غادر مدركاً أن لدي رغبة بالحديث مع هذا الرجل ...
نظرت لمهند بعمق ..و كيف كان يرمق البحر و هو ينفث دخان سيجارته ..همست :" ماذا قال لك عنا ؟"
لم يجب فقلت :" أجب .. لأبرر لك "
أجاب متنهداً :" لست مضطراً "
قلت أنا بسرعة :" لا .. مضطر .. يجب أن تعلم أن كمال قد يوصل لك معلومات خاطئة "
نظر لي بعينيه الناعستين ..ثم قال :" إذ كنت أنا بهذا السوء في نظرك ..لماذا بقيت على صداقتي ؟ لست محتاجاً لي "
قطبت حاجباي :" بقيت على ذلك لأنك أنت محتاج لي .."
نظر لي بحدة .. ثم همس:" لا .. أنت مخطئ .. أنا لست محتاجاً لك .. انت اعتقدت هذا لمجرد أني عاجز عن قيادة السيارة و أعتمد عليك في توصيلي ؟ .. أنا أستطيع الاعتماد على كمال و أتركك .."
ثم همس بقهر :" لماذا تتحدث عني بهذا الشكل ؟ "
نظرت له لبرهة .. و همست :" مهند اسمع ..."
قاطعني :" لا تنكر "
تنهدت :" لن أنكر أني تحدثت عنك و غبتك .. و ها أنا أعتذر .. آسف .."
و قبلت رأسه فنظر لي مطولاً ..قلت :" ألن تسامحني ؟ "
زفر .. :" بلى .. سامحتك "
ابتسمت ابتسامة عريضة و نهضت مشيراً لكمال و سهيل و جهاد و هم يسبحون في البحر :" هل ستضيع عليك هذا البحر و هذا الجو ؟.. انهض للسباحة "
نظر لي لبرهة .. ثم عاد يدخن :" ليس لي مزاج لذلك "
بسرعة سحبته بقوة من قميصه و جريت به نحو البحر و هو يصرخ ضاحكاً :" هيه حسام .. أجننت "
و بقينا جميعاً نلعب بمياه البحر ..و نسبح هنا و هناك ..
رفعت رأسي لهم .. فرأيتهم لازالوا متسمرين فاغرين أفواههم ..نظرت لخلفي .. و كانت هيام تلعب مع خلود في البحر و ترفع عباءتها بأنوثة و تبقى تتحرك في الماء بمرح
==
نظر لي بارتياب ثم همس :" هل لي أن أعيش معك مدة قصيرة .. فقط ريثما أجد عملاً "
==
:" لا أدري لماذا تبقى على مصاحبة هذا الشخص ؟ يريد مشاركتك شقتك .. إن كان أهله لم يتحملوه ..فهل ستتحمله أنت ؟ "
==
ابتسم بعمق .. ثم همس :" سأتزوج قريباً .. و إن شاء الله من المقربين "
و غمز لي .. و المقربين هذه تثير شكوكي ..
|