كاتب الموضوع :
بـراءة
المنتدى :
القصص المكتمله
الجزء الثالث
في اليوم التالي .. في المدرسة..كنت أخاطب سهيل و أنا أصحح الأوراق :"تقريباً أنا اعتدت على مهند"
قال سهيل :" اعتدت ؟ شخص بهذه المواصفات لا يطاق "
رفعت رأسي و قلت :" لكن للأمانة هو بشوش و طيب القلب .."
صاح سهيل :" طيب القلب يتعمد جرح مشاعر الناس .. ثم .. لماذا لا يعمل ؟"
"معظم الوظائف لا تناسبه .. "
قال بسخرية :" و من يكون حتى لا تناسبه "
التفتت له و قلت بهمس :" سهيل كفى .. أنه مصاب بالصرع كذلك لا يمكنه قيادة السيارة لذلك يعتمد علي "
نظر لي لبرهة .. فأتممت :" حالته متدنية للغاية .. "
تنهد سهيل :" بعيداً عن المرض .. ألا يجب أن يكون لبق قليلاً ؟ "
شعرت بتأنيب الضمير لأني تكلمت كثيراً عن مهند و بالغت في سلبياته فالتفتت لسهيل و قلت :
" غير الموضوع .. و كفانا غيبة "
"حسناً فلنعود للحديث عن جليل .."
ضحكت :"سهيل .. تحب الحديث لتضييع الوقت "
ثم قلت :" جليل ..مبدع حقاً و طموح ..حساس كثيراً.. و لأي موقف محرج يفقد ثقته بنفسه كاملة .."
" أنه يحتاج لتأييد شديد "
ثم ابتسم :" هذا الشاب جذبني "
--
زرت مهند في العصر في شقته و كان معه ابن عمه .. كان مشتت بأفكاره و لا يركز على ما أقوله له .. كان يسند رأسه على الكرسي و ينظر لي بعينين ناعستين ..صرخت به :" مهند ..ألن تغير شيئاً من ذاتك ؟ "
تمتم :" نعم .. نعم .."
صرخت به :" ماذا تقول ؟ أأنت في وعيك ؟ "
حرك أصابعه ببطء و غاص بها في شعره و أغمض عينيه .. ما به ؟ .. التفتت لابن عمه الذي انتبه له فجأة و اقترب قائلاً :
" مهند ؟ ما بك.."
صعقنا به و جسمه بكامله يرتجف ..و عينيه تدمعان و ينظر للاشيء ..هوى من على الكرسي .. فأسرعت له .. و أسرع ابن عمه هلعاً يبحث عن قطعة قماش .. رماها لي و قال :" ضعها بين أسنانه ..سوف أبحث عن الدواء بسرعة "
التفتت له بسرعة و وضعت تلك القطعة بين أسنانه .. و عينيه تدمعان بشكل مخيف و هو ينظر للسقف..حالته مفزعة للغاية و مخيفة ..و زدت رعباً عندما رأيت دماً يتسلل إلى قطعة القماش ..صرخت و أنا ممسك بيديه :
" أرجوك مهند ..ارفق بنفسك "
==
في المشفى كنت أنظر إليه و هو نائم على السرير بهدوء .. خاطبني كمال بحزن :" ألن تتحسن حالته و لو قليلاً "
نظرت إليه و همست :" فلنخرج "
و في ممر المشفى رأيت ابن عمه يتصل لأحد ما و يقول :" ماذا تقول عمي ؟ ألن تأتي ؟ ....ماذا تقول ؟؟ تعودت ؟"
مهند مسكين و يثير الشفقة .. إلا أن أحداً لا يشعر به ..
في الطرف الآخر هناك شخص يثير الشفقة ..جليل .. زرناه في منزله ..و رأيت غمزاته و لمزاته لوالده يمنعه من مساعدته على دفع الكرسي ..أخبرناه بأمر مهند فقال بأسى :" ألا يواظب على شرب الدواء ؟ لماذا حالته بهذا السوء ؟"
قلت أنا بأسف :" ساءت حالته لدرجة أن الدم يخرج من فمه جراء عضه للسانه .."
قال كمال :" هيه .. دعونا نفاجئه و نذهب ثلاثتنا له اليوم "
ابتسمت :" بل دعونا أربعة ..."
استغرب جليل :" و من رابعنا ؟"
ابتسمت :" سهيل ..."
--
أجاب الطرف الآخر :" آلو .. "
ابتسمت :" أهلاً "
ضحك بفرح :" أهلا بك .."
" ماذا لديك الآن ؟ "
" مم ..مشغول قليلاً "
" هل تستطيع المجيء معنا الساعة السابعة لزيارة مهند في المشفى ؟"
قال مستغرباً :" مشفى ؟ "
" نعم .. أصيب بنوبة صرع حادة .. و نحن سنذهب للترفيه عنه "
" أ..ربما أستطيع .. اتصل بي بعد ساعة "
=
و في سيارة واحدة اجتمعنا ..خاطبنا كمال بجدية :" هيه .. أتمنى أن تعاملوه بلطف و خاصة أنت يا حسام "
قلت مستنكراً :" أنا ؟ أنا أكثر شخص يهتم بأمور مهند "
و قال جليل :" أهو في حالة مستقرة ؟ "
قلت أنا :" لا أدري .. لكن على حسب علمي إذ أصابته النوبة تتبعها نوبة أخرى أخف بقليل "
و قال سهيل :" هل تواتيه النوبات كثيراً "
قال كمال :" للأسف نعم .. ففي مرة من المرات جاءته النوبة مرتين يوم ذهبت معه إلى للبحر ..و لم أكن أستطيع فعل شيء .. سوى النظر إليه "
تنهد جليل و قال :" ما سبب نوباته يا ترى ؟ لا أظنه يعاني مشاكل عظيمة "
الظاهر لنا هذا ..
في غرفته في المشفى .. جلسنا حوله و الطبيبة واقفة تخاطبه بجدية :" الأمر صار خطيراً .. و أنت تعلم أن النوبة إن اشتدت أكثر فأكثر ربما يؤدي هذا للموت .. ألا تتناول الدواء ؟ "
نظر لها بحرج و حك خده ..ثم قال :" أ.. بلى .. لكن .. ليس كل يوم .."
تنهدت :" مضطرة لزيادة الجرعة "
قال مستاءاً :" رباه .. "
خرجت هي من الغرفة ..فاستند و هو ينظر لسهيل تحديداً .. ثم قال مشيراً له باصبعه :" سهيل ..أليس كذلك ؟"
اقترب منه سهيل و جلس أمامه و قال :" نعم .. أتمنى أنك بخير "
ابتسم :" بخير.. "
ثم نظر لجليل و قال مبتسماً :" جليل .. أنا آسف"
قلت أنا :" الغريب فيك يا مهند أنك إن مرضت تعقل "
ضحك و قال :" و السيء فيك يا حسام أنك تعاملني هكذا دوماً "
قال كمال بحماس :" إذ تحسنت مهند .. سوف أدعوكم أنتم الأربعة عندي على غداء "
قاطعته :" لا .. سنذهب جميعاً لشاطيء البحر و نستمتع بالشواء و السباحة "
نكس جليل رأسه ..فكدت أموت غضباً من نفسي ..كيف لم أكترث بجليل ؟ فاجأني عندما قال :" متى ؟"
" بعد أن يتعافى مهند "
ابتسم .. :" شيء جميل "
صرخت حتى كدت تفجير الهاتف :" لماذا؟!!!! ألم أمنعك ؟ تعانديني ؟ عودي حالاً "
--
"لماذا أنتما تنظران لمهند من زاوية واحدة فقط ؟ و تركزان على سلبياته تركيز بشع "
--
ثم نظرت لجمانة باحتقار و قلت :" انهضي هيا .. ماذا تنتظرين "
--
و تبادلت مع جمانة نظرات ثاقبة تنذر بخطر محدق ..
|