كاتب الموضوع :
بـراءة
المنتدى :
القصص المكتمله
الجزء الأربعون
دخلت المطبخ و تركت جمانة و هيام تتحدثان وحدهما و حقيقةً كنت أسترق السمع لهما .. سمعت جمانة تقول :
" حتى أن المسكين قال لحسام .. أوصل لأختك اعتذاري .. برأيك هل ما فعلته كان لطيفاً "
قالت هيام بكبرياء :" و ماذا فعلت .. كان كل حديثي طبيعياً .. "
" لكن السيد مهند كان طيباً للغاية معك .. لماذا ....؟ "
قاطعتها :" هذه ليست طيبة .. أنها مجاملات تتعلق بالعمل .. و حتى اعتذاره هذا كان مجاملة "
و أتممت " لكن اعتذاره هذا دل على أنه أدرك أهميتي و شخصيتي .. و هذا ما أسعدني "
ابتسمت أنا في سري .. هيام ..! تصف أصدقائي بالغرباء لكن ليس هنالك أحد بغرابتها ..
--
نظرت لسهيل بصدمة .. بذهول .. و هو يشير لي للخاتم الفضي الذي بيده و يبتسم لي فرحاً :" ها قد خطبتها "
أطلقت صفيراً حاداً و صرخت :" سهيل أيها الأبله .. هل خطبتها حقاً .. لا أكاد أصدق "
ضحك ضحكة عالية و قال :" و هل تظنني سهلاً .. بضربة واحدة فقط أصبتها؟ "
" و هل أنت في حلبة ملاكمة ؟! هيه تعلم الاتزان و اترك العنف .. نصيحة مني يا سهيل "
قهقه :" انصح نفسك يا حسام "
و قال مبتسماً :" سأترك مصاحبتكم يا رفاق الفساد .. أي شخص يصاحبكم قد قضى على حياته الزوجية .. و أنت خير مثال .. أعانها الله عليك يا فاقد الاحساس "
ضحكت :" تكون أنت رقيق الاحساس الآن؟؟.. على الأقل أنا لا أستخدم يدي في التعبير غضبي "
و قلت :" أين هي لأبارك لها ؟ "
قال بحدة :" ماذا ؟!!! .. سوف أخرجها أنا من هذه الدورة .. لا يجب أن تدخل مدرسة ذكور "
ضربت جبيني مستاءاً :" ستكرر غلطتك يا سهيل "
--
رمقني جليل مستغرباً :" سهيل ؟ خطب تلميذته سجى ؟"
ابتسمت :" هو بالتأكيد أجرأ منك و أسرع .. منذ متى و أنت تحاول في هذه حسناء "
نكس رأسه :" أظنها ستطير مني .. ها هي مسافرة لمدة ثلاثة أشهر "
قلت بحدة :" و ماذا تعني ثلاثة أشهر .. انتظرها ثم بح لها بما يختلج بداخلك .. فان رفضتك هذا يعني أنها لا تستحقك "
تنهد :" الأمر أصعب مما تتخيل "
صرخت :" جليل ..!! صرت لا أحتملك "
--
كنت قد اتصلت بكمال أحدثه قليلاً .. حتى وصلنا لموضوع جليل .. خاطبني :" حسام .. جليل يعيش حياة مغايرة عنا .. رغم كل شئ فان ثقته بنفسه معدومة و لا يجب ان تدفعه لفعل أشياء تتطلب جرأة كبيرة هكذا .. يجب أن تراعيه و تمهد له الطريق .. جليل ربما يتخلى عن حلمه بالزواج من حسناء لسبب و هو أنه لم يستطع مصارحتها "
فتحت عيناي مصدوما!!!! .. ترى هل يمكن أن يحدث هذا فعلاً ؟؟!!..
أقبل يوم الثلاثاء .. لأذكركم .. فأنه يوم استلام عباءات جمانة و هيام من شركة الخياطة .. وصلنا للشركة و في عيني هيام نظرات تنبؤ بخطر قادم .. كأنها تنوي فعل شيء ما ..
رحب بنا مهند و كذلك رحاب .. خاطبها مهند :" رحاب .. اجلبي العباءات لو سمحت "
فانصرفت هي و جلس مهند مبتسماً و قال مخاطباً هيام :" حقيقةً يا آنسة القماش الذي طلبته لم يكن متواجداً .. لكني أصررت على أن يشتروه بأسرع وقت من الخارج .. أتمنى تعجبك العباءات .."
رمقته هيام بتعالي و قالت بتهكم :" سنرى "
نظر إليها مهند لبرهة .. فرأينا رحاب تأتي و تضع أكياس العباءات على الطاولة و تقول منفعلة :
" السيد مهند .. حاول قدر الامكان أن يوفر لكم الخصم .. حتى لو اضطر أن يخصم من راتبه .. أظن أن لكم مكانة خاصة لديه "
تلاشت ابتسامة مهند لما رأى هيام ترمقه بسخرية و استهزاء .. ثم باشرت باخراج العباءات من الأكياس.. و نهضت الاثنتان للتبديل .. كنت أرى نظرة حائرة في عيون مهند الذي لا يجد تفسيراً لاحتقار هيام له .. و أرى غضباً يكبر و يكبر في عين رحاب التي لم تعد تحتمل غرور هيام الزائد .. نظرت إلي و قالت :
" أختك حقاً مغرورة "
و لم تأبه بردة فعلي ,, لأنها لم تعد تحتمل الصمت أكثر .. و لم تصمت أيضاً .. بل تابعت و هي تخاطب مهند :
" أستاذ .. أرجوك لا تزيد من طيبتك هذه أمام الزبائن .. فبعضهم لا يستحقون "
نظر لي مهند يستفقد ردة فعلي ..حقيقةً .. أنا لم أغضب .. امرأة ضد امرأة .. ما دخلي أنا .. شجار النساء تافه للغاية ..
هنا عادت جمانة و هيام ترتديان العباءات الجديدة.. أرى جمانة تحاول ثني هيام عن فعل شيء ما ..اقتربت هيام و فاجئتنا بنبرة حادة مخيفة مرعبة وجهتها لمهند :" أتسمي هذا تفصيلاً .. ألم أعطك المقاسات .. لماذا جعلتموها واسعة هكذا و حتى التطريز .. لم أطلبه بهذا الحجم .. ماذا تفعل هنا إذاً .. ما هذه الشركة "
قال مهند مستغرباً :" لحظة .. لحظة .. المقاسات كما هي .. و حتى التطريز كما هو .. هذا ما وصلني و يمكنني أن أطلعك على المواصفات التي طلبتيها "
صاحت هيام :" أنظر جيداً لهذه العباءة .. هل تظنني بقرةً لتجعلها بهذا الوسع "
هنا صرخت رحاب بحدة :" أنا من قاسك .. أنها تماماً كما أردت .. و أنا لا أراها واسعة أبداً .. بل هي مناسبة .. "
صرخت هيام :" أصمت أنت أيتها البلهاء .. و لم أحدثك أبداً "
صُدمت رحاب .. فصرخت أنا بهيام :" هيام ما بك ؟؟ "
صاحت بي :" أصمت أنت .. "
و التفتت لمهند و قالت بغضب :" عندما أحدثك .. قف .. احتراماً على الأقل "
نظر لها مهند و هو في قمة استغرابه و دهشته و رحاب تكاد تنفجر .. :
" آنسة هيام .. أنت من يهاجمنا .. فعليك أنت من تحترمينا "
قال مهند بهدوء كعادته :" لحظة رحاب .. آنسة هيام .. يمكننا تضييق العباءة ان شئت الآن "
صرخت بحدة :" أولاً .. عندما آمرك بالوقوف .. قف .. أليس هناك احترام للناس .. "
صرخت رحاب :" لا تقف أستاذ مهند .. فمن يبغي الاحترام عليه أن يحترم الناس "
قال مهند منفعلاً :" الآن ليست مشكلتنا الوقوف .. ما بكم "
واتتني ضحكة ليست في محلها ..فأتمم مهند :" آنسة هيام .. آتي لنا بالعباءة لنجعلها كما تريدين و ينتهي الموضوع "
قالت هيام بغرور :" أنا لا أريد هكذا عباءات .. و لتدفعوا أنتم المبلغ "
و استدارت .. فصاحت رحاب :" لحظة .. أنا لن أدفع فلساً واحداً لأجل عباءاتك .. و يمكننا استدعاء المدير "
استدارت هيام و رمقت رحاب بسهام حادة .. ثم خاطبت مهند :" و أنت يا أستاذ ماذا تقول ؟"
رمقها مهند لبرهة ثم نظر لي و قد بدأ وجهه بالاحمرار .. ثم قال :" أنا أقول أن لا داعي للعصبية .. و يمكننا جعل العباءات كما تريدين الآن .. "
رمقته بحدة و قالت :" لست مستعدة لأنتظر لحظة واحدة .. و ادفع المبلغ أنت و هذه البلهاء "
و استدارت خارجة تلحقها صرخات رحاب :" لست بلهاء .. بل أنت "
و رمت بالعباءة أمام مهند ..
==
رمقتها جمانة باستياء ثم همست :" كانت العباءات مناسبة و كما أردت .. لكني أعلم جيداً ما يدور في ذهنك "
==
:"أنت بالذات اخرس .. لن تشعران بمصيبتي .. ماذا أفعل بذلك العريس سهيل .. عندما أوشكت على النهوض من مأساتي يأتي و يلقيني طريحاً ..و أنت ..... و أنت يا مهند .. "
==
دخلت شركة الخياطة .. فوجئت بصابر شقيق مهند يخرج منها .. انتبابني قلق كبير..
|