كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
ورفعت رأسها تنظر إليه عندما أمسك بمعصمها بأصابعه الباردة الحازمة وهو يقول : كلا ، أنكِ لن تفعلي هذا .
فسألته : أفعل ماذا؟
فأجاب : لن تبتعدي هكذا بسهولة ، إن الفضول يضغط علي لكي أعرف لماذا قلتِ من حسن حظي.
وخاطبت نيرن نفسها آه انه ملحاح يا له من مأزق . وقالت تجيبه : قلت من حسن حظي لأنك قلت انك لست قارئ أفكار لأنني في تلك اللحظة كنت أفكر فيك هل رضيت الآن؟ .
فأجاب : آه يا سيدة كامبل إنني أحتاج إلى أكثر بكثير من مجرد كلمات لكي أرضى .
وارتسمت على فمه ابتسامة عريضة جذابة تورد لرؤيتها وجه نيرن وهو يتابع قائلاً : ولكنني أريدك أن تخبريني ما الذي كنتِ تفكرين فيه بشأني؟
فقالت كاذبة بلباقة : إذا كنت تريد حقاً أن تعرف ، فقد كنت أتساءل من أين اشتريت محلول بعد الحلاقة الغالي الثمن هذا الذي تضعه.
فعاد يبتسم لها ببطء : آه ، محلول بعد الحلاقة إن اسمه ابن المدينة ولكنني لم اشتره انه هدية من شخص ما .
وعرفت أن هذا الشخص ما هو إلا امرأة ما . لقد تضمنت لهجته هذه الحقيقة وشعرت بالحيرة والغضب من ردة الفعل عندها لما قاله ، إذ شعرت بقلبها يهبط بسرعة وهي تتصور امرأة شقراء ناعسة العينين تبتسم له وهي تقدم إليه هذه الهدية .
كان ستروم يراقبها بعينين يلمع فيهما الهزل . لقد قال لها انه ليس قارئ أفكار ولكنها الآن تتساءل عما إذا كان فعلاً كذلك .... يا للسخافة .
ولكنها قالت بمرح : حسناً ، ألست رجلاً محظوظاً؟ والآن هل لك أن تترك يدي؟ إن ورائي أعمالاً كثيرة .
ذلك أنها لاحظت لتوها أنه ما زال ممسكاً بمعصمها.
- صباح الخير يا نيرن ، نادها شخص ما من الرصيف المقابل ، فالتفتت فجأة بسرعة إذا كان الصوت مألوفاً لديها وعندما رأت شخصية المنادي صدرت عنها آهة خافتة . ذلك أنها لم تشأ لهذه المرأة من بين كل الناس أن تراها في هذا الوضع ، ( فاني وبستر) هذه موظفة البريد المتقاعدة ، إن بإمكانها هي نيرن أن ترى الفضول يتألق في عيني تلك المرأة رغم بعد المسافة و زجاج نظارتيها السميكتين .
فأرغمت نيرن نفسها على الابتسام وهي تحاول تخليص معصمها من يد ستروم دون نجاح بينما كانت ترد قائلة : صباح الخير يا فاني .
والآن سينتشر كل ما يحدث بينها هذه اللحظة وبين ستروم في كل أنحاء قرية غلينكريغ قبل أن ينتهي هذا النهار وهو أنها كانت واقفة في ساوث ستريت قبل الساعة التاسعة صباحاً مع رجل غريب متماسكي الأيدي ....
وقال لها : هل أنتِ مضطربة لهذا يا نيرن؟
وكان جلياً من ابتسامته العريضة انه مستمتع جداً بارتباكها هذا . فرفعت بصرها إليه وقد توترت ملامحها وردت عليه بحدة : كلا طبعاً وما الذي يجعلني أضطرب؟
فأجاب : لأنها ستتحدث عنك أليس كذلك؟
فأجابت : إنها ثرثارة كثيرة الكلام وإذا كنت تعيش في قرية صغيرة مثل غلينكريغ فان كل إنسان سيعرف عملك قبل أن تعرفه أنت تقريباً .
فنظر بطرف عينه إلى تلك المرأة على الرصيف المقابل وهو يقول : ها هي ذي قد وقفت ، إنها تتظاهر بالتفرج على واجهة المقهى ذاك ولكنها تراقبنا نحن بطبيعة الحال إنها تنظر إلى انعكاس صورتنا في زجاج الواجهة . أظن أنها تشعر بخيبة الأمل لأننا لا نفعل شيئاً سوى الإمساك بأيدي بعضنا البعض .
فقالت : إننا لا نمسك أيدي بعضنا البعض وإنما أنت الذي تحتجز معصمي بيديك .
وتنفست الصعداء حين قاطعها قائلاً : أريد أن اعترف لكِ بشيء وهو أنني لم ألمسك لكي أعطي فاني موضوعاً تتحدث عنه وإنما لأنني لم استطع مقاومة جمالك .
تساءلت نيرن عن السبب الذي يجعله يردد على الدوام أنها جميلة ولماذا لا يجعل الأمور اقل تعقيداً وذلك بأن يقول الحقيقة وهو أنه إنما يشعر بالإعجاب نحوها ولا شيء آخر .
تأوهت بخيبة أمل وهي تفلت من ستروم ، محاولة أن تبدو بشكل طبيعي وهي تقول : يجب أن أذهب الآن .
ولكنها شهقت مستنكرة عندما تبعها إلى الداخل ، ثم أغلق الباب خلفهما وهو يقول : سأساعدكِ .
فقالت : كلا .
|