كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وساورها الآن شعور بالارتياح وهي تضع روري بينهما ، وذلك لتقطع الطريق على تلك الأحاسيس التي تتفاعل بينها وبين هذا الرجل الغريب وتابعت تقول بمرح وهي تتابع تقشير حبة البطاطس :
- إن يدك رشيقة في تحريك الحساء ولا بد أن لك بعض الخبرة في ذلك هل أنت متزوج؟
وشعرت بالغضب من نفسها هل بعد كل تلميحاته وتعريضه بها الليلة الماضية ، تأتي الآن لتضع نفسها موضع الريبة مرة أخرى وذلك بإلقائها سؤالاً كهذا يمكنه أن يفسره برغبتها في أن تعرف ما إذا كان حراً في حياته؟
ولكنها ما لبثت أن شعرت بالارتياح وهي تراه يأخذ سؤالها هذا بنفس البراءة التي ألقتها بها ، فيجيب قائلاً وهو يتابع تحريك الحساء :
- كلا لست متزوجاً ولم أتزوج قط .. وليس من المحتمل أن أتزوج وأخشى أنني مرشح ضعيف لمؤسسة الزواج المقدسة تلك ..
فسألته : ولماذا تظن ذلك؟
فأجاب بحدة : لأنني في كل مرة تبتعد فيها تلك المرأة المسكينة عن أنظاري سأظن أنها ذهبت لملاقاة صديق أي أساس يمكن أن يكون لهذا الزواج؟
فقالت له بعدم تصديق واضح : هل أنت من النوع الغيور؟ آسفة لعدم تصديقي هذا .
فأجاب : لا لست من النوع الغيور وإنما من النوع الساخر! .
فقالت : الساخر؟ و كأنك ....
فقاطعها قائلاً : وكأنني لم أقابل بعد امرأة تستحق ثقتي .
إذن هذا يفسر كل شيء لا بد أن هذا الرجل كانت له خبرة سيئة مع إحدى النساء وربما مع أكثر من واحدة ، هذا إذا اعتبرنا سخريته القاسية تلك . فهل يمكن أن يكون هذا هو سبب تجهمه ذاك وهو يتفرج على المشهد السعيد الذي كان يدور بين كيلا وأسرتها في غرفة الجلوس مساء أمس؟
وقال بسخرية رقيقة : لا أراك أسرعت إلى الدفاع عن بنات جنسك؟
فنظرت إليه بهدوء وهي تجيبه قائلة : كلا فأنا لا يمكنني أن أتحدث عن أي امرأة أخرى غير نفسي ولكنني آسفة لما نالك من سوء الحظ في .....
فضحك هازئاً وهو يقاطعها قائلاً : سوء الحظ ؟ ليس للحظ شأن في هذا الأمر لقد كانت المرأة التي عرفتها قاسية متحايلة تعرف اثنين في وقت واحد الخلاصة أنها كانت فتاة سافلة .
استدارت نيرن وهي تسمع صوت كيلتي خلفها ، كان واقفاً عند الباب وعندما لاحظت الشحوب الذي يعلو وجهه وتوتر ملامحه شعرت بالفزع يتملكها .
لم يكن ينظر إليها بل إلى ستروم محدقاً فيه وقد بان في عينيه مزيج من الغضب والتعاسة والفوضى .
وبحركة لا إرادية اقتربت نيرن منه عدة خطوات ولكنه تراجع إلى الخلف ليصبح في الصالة مرة أخرى ثم قال بصوت مرتجف : سأخرج الآن لقد أنهيت فروض المدرسة وسأعود في العاشرة .
فهتفت : كيلتي .... ولكنه كان قد خرج قبل أن تستطيع إيقافه ليصفق الباب الخارجي خلفه بعنف تجاوبت معه أرجاء المنزل . وتساءلت بخوف عما قد يكون حدث للغلام . لم تره من قبل يتصرف بمثل هذه الغرابة كانت متأكدة من أن الأمر لا يتعلق بها هي ، إذن فلا بد من أن يكون الأمر متعلقاً بستروم غالبريث.
ولكنه لم يسبق له أن قابل هذا الرجل قبل الآن فهل يمكن أن يكون هذا الغريب قد قام بعمل جعل الغلام يستاء إلى هذا الحد؟
لقد رآه طبعاً وهو يتسلل من البيت هذا الصباح ولكن كيلتي علم تماماً أنه كان هو المخطئ في تصرفه ذلك الحين كما أنها كانت تعرف أنه ليس من الأشخاص الذين يحقدون كلا لا بد أن هناك شيئاً آخر يحمله على هذا التصرف .
وبطبيعة الحال ، كان أسهل شيء هو أن تسأل ستروم مباشرة عما فعله ليسبب عند الغلام ردة الفعل هذه ولكن غريزتها أوحت إليها بأنه مهما كان يوجد بين الاثنين فلا بد أنه شيء لا يريد أي منهما أن يخبرها عنه .
وتنهدت وهي تعود إلى المطبخ ذلك أنها طيلة الثمانية أعوام الماضية قد تمكنت من إقامة علاقات طيبة مع الفتيان الذين كانت ترعاهم ، ولكن الأمر مع كيلتي كان مختلفاً فقد كانت متعلقة جداً بالغلام وربما بطبيعة الحال ، لأنها كانت صديقة حميمة لوالدته ولأنها كانت تعرف كيلتي منذ يوم ولادته ....
سألها ستروم فجأة : بماذا تفكرين؟
فأجابت وهي تسير نحو الموقد : آه لقد كنت أفكر في اليوم الذي ولد فيه كيلتي .
وجذبت إناء البطاطس جانباً فخمد صوت غليان الماء وهي تتابع قائلة :
- لقد ولد قبل أوانه بشهر ولكن وزنه مع هذا كان أكثر من أربعة كيلو غرامات كما كان طفلاً نهماً يزمجر على الدوام إنني أذكر قول والده ( حسناً لقد أقبل علينا كالأسد أليس كذلك؟ ) لقد كانت ولادته أول يوم في آذار ( مارس ) وذكرى مولده أصبح قريباً جداً ....
فسألها : كم سيصبح عمره؟
فأجابت : خمسة عشر عاماً ، انه يبدو أكبر من سنه لطول قامته ومتانة بنيته .
|