كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وكانت قبل دخولها الفراش قد نشرت فوق الأغطية معطفها المنزلي طلباً لمزيد من الدفء فأسرعت ترتديه وهي تسرع خارجة من الغرفة على ضوء مصباح صغير كانت قد تركته مضاءً ، قبل دخولها إلى غرفتها . وعلى ضوئه توجهت نحو غرفة ستروم .
كانت قد صممت على أن تقرع باب غرفته بعنف ، منادية إياه باسمه ولكنها ترددت عند وصولها إلى الباب . ماذا لو لم تكن الضجة آتية من غرفته . ماذا لو كان نائماً؟ انه لن يكون شاكراً لها إيقاظه من نومه في منتصف الليل.
ب
دلاً من ذلك ، قررت أن تفتح الباب بهدوء ثم تتسلل إلى الداخل ، دون الحاجة إلى إنارة المصباح لأن الضوء المتوهج من نار الموقد كان كافياًَ لتعرف منه ما إذا كان الضيف بخير أم لا . وهكذا ، أمسكت بمقبض الباب الخشبي ، ثم أدارته بكل حذر وصدر لذلك صوت ضئيل جعلها تعبس وهي تهمس لنفسها متجاهلة البرد الذي تشعر به في قدميها الحافيتين ، بينما ابتدأت تدفع الباب إلى الداخل بكل هدوء وأنفاسها ترتجف .
ولكنها لم تكد تفتح الباب عدة سنتمترات حتى جذب الباب من الداخل بعنف ، فشهقت ولكن قبل أن تستطيع الرجوع إلى الخلف ظهر ستروم غالبريث في العتبة مشرفاً عليها بقامته التي بدت كشبح مظلم .
لم يحاول أن يشعل المصباح , لأن المكان كما سبق وتكهنت كان مناراً بالضوء المتوهج من نار المدفأة . فاستطاعت أن ترى شعره الأسود مشعثاً.
وسألها بعنف ويداه على وركيه :
- ماذا تريدين؟
وسرعان ما تبدد شعور نيرن بالارتياح لدى رؤيتها له واقفاً بدلاً من أن يكون مسطحاً على الأرض ، تبدد إزاء لهجته العدائية تلك بما تتضمنه من اتهام .
وعندما جالت ببصرها في أنحاء الغرفة رأت أن لا شيء في المكان قد اختل نظامه ، فقد كانت حقيبته موضوعة بجانب الخزانة ، كما كانت حافظة نقود من الجلد موضوعة على منضدة الزينة بجانب الباب ، وعدا عن ذلك وعن بعثرة أغطية الفراش ، لم يكن في الغرفة ما يدل على أنها مسكونة ، ما جعل نيرن تفكر في أن السيد ستروم غالبريث هو رجل منظم حقاً . ولكنه كان أيضاً في هذه اللحظة رجلاً في غاية الغضب .
وقالت له بسرعة :
- ظننت أنني سمعت ضجة ما ... كلا ، بل سمعتها بالتأكيد . سمعت صوت تحطم شيء ثم شيئاً ثقيلاً يرتطم بالأرض وكأنه جسد ... فظننت أنه ربما حدث لك مكروه ....
فقال :
- ما أغرب هذا ، فأنا لم أسمع شيئاً .
ولاحظت تغير التعبير الذي كان على ملامحه ، وقد تلاشى التوتر الذي كان يضغط شفتيه ، لتظهر بدلاً من ذلك على شفتيه ابتسامة باهتة .
فقالت بعناد :
- ولكن لا بد أنك سمعت إلا إذا كنت نائماً .
فقال :
- إن نومي خفيف جداً ، يا سيدة كامبل ، وأنا أؤكد لكِ أنه لو كان هناك ضجة من أي نوع كان لأيقظتني حتماً .
فقالت :
- إذن ..... ، وقطع كلامها صوت قرقعة النار في المدفأة أشبه بسلسلة من المتفجرات . إن هذا طبعاً يفسر عدم سماعه أي ضجة أخرى .
وتابعت قائلة :
- لا بد أن صوت قرقعة النار قد غطت على أي صوت آخر ....
فاستند إلى جانب الباب بتراخ وهو يقول :
- أو ربما لم يكن هناك أي ضجة . ربما ......
لقد علمت بالطبع ما سيقوله قبل ثانية واحدة من قوله هذا . علمت بالضبط ما يظنه سبب حضورها إليه في منتصف الليل.
لقد قال بلطف :
- ربما يبدو المكان هنا موحشاً في ليالي الشتاء الطويلة ، ربما كنتِ تريدين رفيقاً ...
وقبل أن تدرك ما الذي يفعله ، كان يتأملها بنظرات تنم عن السخرية أكثر منها استفزازية وهو يتابع قائلاً :
- ربما تشعر الأرملة الجميلة بالوحدة ...
|