لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-06-08, 02:39 PM   المشاركة رقم: 66
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثاني عشر


- هل رحل؟ فمسحت نيرن العرق عن جبينها بعد أن سمعت صوت كيلتي الذي كان واقفاً بباب المطبخ ، ثم استدارت تنظر إليه والتوى قلبها ألماً وهي ترى النظرة التي بدت في عينيه وقالت بهدوء : نعم لقد رحل .

فازدرد ريقه بصعوبة ثم أشاح بوجهه ومضى ينظر من النافذة ثم قال : كنت آمل أن .... واختنق صوته بالانفعال فلم يستطع متابعة الكلام .

فقالت وهي تتقدم لتقف بجانبه : نعم ... نعم وأنا أيضاً كنت آمل ذلك .

فقال : انكِ ... معجبة به أليس كذلك؟

فأجابت : وأكثر من ذلك يا كيلتي أكثر من ذلك بكثير وقد أردت منه أن يبقى من أجلي أنا أيضاً ولكن هازيل سببت له الكثير من الأذى فلا تكرهه أنت .

فأدار رأسه إليها . وكانت وجنتاه مبللتين بالدموع ، وهو يقول : إنني لا أكرهه يا نيرن أما ما لا أستطيع أن أفهمه فهو كيف أمكن لأمي أن تؤذيه بهذا الشكل؟ فهذا ليس من طبيعتها .

فهمست : كلا ، ليست هذه طبيعة هازيل ولكننا لن نعرف قط ماذا كان يجول في ذهنها .. أو في قلبها ... في ذلك الوقت .

ووقفا معاً لحظة طويلة صامتين ، وقد ربط بينهما الأسى وأخيراً تنهدت نيرن واستدارت لتبتعد عندما وقعت نظراتها على مغلف مقفل موضوع على عتبة النافذة فتقدمت تتناوله وهي تقول : آه لقد كدت أنسى إنها رسالة تركها لك ستروم ...

فتناولها وقد بدا الاضطراب على ملامحه وهو يسألها : رسالة لي؟ وماذا في داخلها؟

فقالت : لا أدري ... لماذا لا تذهب إلى غرفة الجلوس وتفتحها وسأبقى هنا اغسل الأرض وإذا أردت مني شيئاً فاصرخ لي .

كان كل ما تعرفه أنه لم يكن بداخل المغلف نقود لأن ستروم كان أخبرها أنه فتح في البنك في غلينكريغ حساب توفير باسم كيلتي وأن على كيلتي أن يذهب إلى هناك بأقرب وقت ليوقع على الأوراق اللازمة كما أنه أعطى نيرن عنوانه في لندن وأخبرها ان عليها ان تبدأ الإجراءات اللازمة لحضانة كيلتي ، وسيقدم إليها ما تطلبه من عون ولم تشأ أن تتذكر النظرة التي كانت في عينيه ، باردة نائية مقفلة وكأنه كان يبعد عنه ، ليس هي فقط وإنما الحياة نفسها ولم تستطع الاحتمال .

نيرن! واستدارت بعنف وهي تسمع نداء كيلتي الخشن وقد اختنق صوته بالدموع ونظرت إليه بارتباك وهو يندفع خارجاً ملوحاً بالرسالة في يده .

وتساءلت نيرن عما إذا كان قد جن فقد كانت دموعه تنهمر على وجنتيه ... ولكن عينيه كانتا متألقتين بالفرح ، وهو يهتف : إنها هنا في هذه الرسالة .

ووضع ذراعيه حولها ثم حملها وأخذ يدور بها بقوة أدهشتها ثم وضعها وهو يقول : إنها هنا ، آه يا نيرن ....
وخنقته الدموع وهو يناولها الرسالة . وتناولتها منه وأخذت تحدق فيها . كانت رسالة معنونة إلى ستروم .رسالة من هازيل . وهتفت غير مصدقة : آه يا كيلتي . هل هذه.... ؟

فأجاب : نعم إنها الرسالة التي كانت أمي كتبتها له ...

فقاطعته : الرسالة التي كتبتها إليه بعد رجوعه إلى لندن .... الرسالة التي تحدث عنها؟ ولكن هذه رسالة خاصة يا كيلتي لا ينبغي لي أن أقرأها .

فقال : أقرئيها . كان صوته مرتجفاً ووجهه شاحباً وهو يكرر : أقرئيها يا نيرن وستفهمين كل شيء .

واهتزت يدها بالرسالة وهي تقرأها . كانت رسالة قصيرة كتبت بخط هازيل المألوف وكانت بالضبط كما سبق وأخبرها ستروم . كانت تخبره أن قصتهما انتهت وأنها تحب شخصاً آخر . أنها تحب هوغ كما أحبته على الدوام .. قالت في رسالتها : لقد عرفت هذا حالما رأيته صاعداً الطريق بخطواته الواسعة ، عائداً من رحلة صيد السمك إنني آسفة يا ستروم أظن أنني كنت أشعر بالوحدة فجئت أنت في ذلك الوقت ...
وهتف بها : هل فهمتِ يا نيرن؟

فحملقت نيرن فيه وهو يختطف الرسالة من يدها وشعرت بساقيها ترتجفان فجلست على كرسي وعاد يهتف بها : ماذا علينا أن نفعل يا نيرن؟ ماذا نفعل؟

فهزت نيرن رأسها وقد تملكها الذهول وشعرت بالدنيا تدور حولها وقالت : لا أستطيع أن أصدق ذلك .... ولكن كان علينا أن نعلم .. كان علينا أن نتكهن بالأمر .. لا بد أن هذه هي القصة . فأن أمك ما كانت لتؤذي أحداً ... إلا ذا اضطرت ..

فقاطعها : إلا إذا كان الأذى سيصيب آخرين أكثر مما يصيبه هو ...

واغمض عينيه لحظة ثم تابع : آه يا نيرن يا لها من تضحية قامت بها .

فهمست نيرن : نعم يا لها من تضحية ... والرجل الذي تأذى أكثر من الجميع كان ستروم .

فقال كيلتي : لقد كتب لي ورقة برفقة هذه يقول فيها انه كان دوماً يحتفظ بهذه الرسالة معه ، إذ لسبب ما لم يستطع أن يلقي بها وهو يريدني أن أقرأها كبرهان على أنه لم يكذب بما قاله عما حدث بينه وبين أمي .

فقالت وهي تتنفس بعمق : انه لم يحلم قط بأن يكون فعل الرسالة أكثر من هذا كيلتي .. ان علينا أن نصحح الأمور .

فأجاب : اعلم ذلك ... ولكن كيف؟

فنهضت وهي تهتز ، فأمسكت بيده تقوده إلى مكتبها وهي تقول : اجلس ، ان الأمر عائد إليك الآن عليك أن تكتب له رسالة تشرح له فيها كل شيء .

ثم دفعت إليه بورق ومغلف يحمل اسمها في زاويته وهي تتابع : اكتب إليه حدثه بكل ما في قلبك وبعد ذلك علينا أن ننتظر وأنا أعرف أن انتظارنا لن يطول .

ولكن لشّد ما كانت مخطئة . وكم كانت حمقاء. لقد جلست طيلة الليل تنتظر أن يرن جرس الهاتف وتسمع صوت ستروم ليخبرها أنه تلقى الرسالة وأنه عائد في أقرب وقت. وقد سهر كيلتي معها إلى حوالي منتصف الليل ولكنه في النهاية ، انسحب إلى غرفته وقد بانت في ملامحه خيبة الأمل.

وفي اليوم التالي لامت نيرن نفسها على عدم صبرها ذاك وحاولت أن تقّوي من ثقة كيلتي قبل ذهابه إلى المدرسة وذلك بقولها : لا بد أن والدك سيتصل هاتفياً اليوم . ولكن ستروم لم يفعل . ولا في اليوم التالي ولا الذي بعده. وقال كيلتي وقد انكمش على نفسه : انه غير مهتم انه لن يتغير لقد فات الأوان .

هل هذا صحيح؟ ومع نهاية الأسبوع الثاني ، تبخر آخر أمل عند نيرن . لقد كان ستروم غالبريث سفينة مرت بهما ذات ليلة وهما لن يرياه مرة أخرى أبداً . لقد أقبل إلى الشمال لكي يوفي واجباته نحو ابنه حالياً ولما ، ولما أنجز ذلك ، أبعده و نيرن أيضاً عن ذهنه نهائياً . ولشد ما تمنت لو بإمكانها ان تبعده هي أيضاً من ذهنها .

كانت الريح دافئة صباح الأحد الذي سيصل فيه الفتيان عائدين من رحلتهم البحرية . ارتدت نيرن كنزة وبنطلون جينز ووقفت على الدرجات الأمامية عدة لحظات لترى إن كان ثمة أثر للحافلة التي ستأتي بهم . فهم سيصلون في أية لحظة وابتدأت تسير في الطريق نحو البوابة.

لاحظت بقلب حزين أن زهور النرجس ابتدأ وقتها يمر ... كانت باهية اللون ذابلة فوق ساقها المائلة لتعطي مكانها لزهور الخزامى والأقحوان . رفعت بصرها إلى شمس الربيع وتناهى إلى سمعها صوت طيارة بعيدة ووضعت كفها على عينيها تمعن النظر .. كلا انها ليست طائرة بل مروحية ربما كانت قادمة من مركز البحرية .

وأعاد إلى انتباهها إلى الطريق صوت بوق سيارة وهناك حول منعطف الطريق برزت حافلة صفراء صغيرة الحجم ها قد عاد فتيانها . ما أكثر الأحداث التي مرت عليها أثناء غيبتهم تلك ولكن كل ذلك أصبح جزءاً من الماضي الآن وعليها أن تتطلع إلى المستقبل وتنهدت وهي ترفع يدها تلوح لهم وبعد ذلك بلحظة ، كان يحيط بها الفتيان المراهقون بوجوههم التي لوحتها الشمس والجو ، وشعورهم الشعثاء وابتساماتهم الجريئة العريضة وقد تبعثرت أكياسهم وحقائبهم على جانب الطريق .

قالت تخاطبهم بابتسامة ترحيب : يبدو أنكم قضيتم وقتاً طيباً .

وتسابقت أصواتهم الفتية : نعم ، نعم كانت رحلة رائعة كان عملاً شاقاً يا نيرن .

قالت بابتسامة عريضة : حسناً ، لا بد أنكم جائعون تماماً بعد تلك الرحلة الطويلة بالحافلة .

وقاطعها آركي وهو فتى يبلغ الست أقدام طولاً : إننا لم نأكل شيئاً منذ السادسة صباحاً .

فقالت : لقد أعددت المائدة في المطبخ لأجلكم ستجدون سجق وعجة في الفرن وحليباً وعصير البرتقال في الثلاجة فكلوا واشربوا ....

وقبل أن تنهي كلامها كانوا قد اختفوا من أمامها وهم يتدافعون ضاحكين متجهين صوب باب المنزل .

وصافحت نيرن قائد الرحلة وهي تقول : شكراً يا سيد وبستر لأعادتهم سالمين .

فأجاب : لقد كانت رحلة رائعة يا نيرن وأنا آسف لعدم مرافقة كيلتي لنا . كيف حاله؟

فأجابت : آه انه الآن بخير .

فقال : لقد اضطررت إلى إرساله إذ لم تكن تلك رغبتي ولكنني أحسست ان مشكلته لم تكن جسمانية كما ...

فقاطعته قائلة : لقد فعلت الصواب والآن لا أحب أن أعيقك يا دان ... فأنا متأكدة من أن زوجتك بانتظارك الآن .

فقفز عائداً إلى الحافلة وهو يلوح لها محيياً وما لبث أن غيبه المنعطف . نظرت نيرن إلى ساعتها . لقد ذهب كيلتي للنزهة مصطحباً الكلب وآلة التصوير قائلاً انه سيمر عند العودة بالمقبرة . إنها ستتفقد الفتيان ومن ثم ترتدي سترتها ثم تذهب بدورها إلى المقبرة حيث تلاقيه هناك....
منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
قديم 23-06-08, 02:50 PM   المشاركة رقم: 67
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

ولما كان صوت الحافلة قد تلاشى مبتعداً فقد عاد إلى مسامعها صوت الطائرة المروحية مرة أخرى . لقد اقترب الصوت الآن ورفعت بصرها إلى السماء ...
واهتز قلبها . ما الذي جعل تلك المروحية تبدو وكأنها ستحط في الحقل القريب من منزلها؟ هل ترى حدث خطأ ما؟ ولكن صوت الموتور كان يبدو متزناً . ربما هنالك مشكلات أخرى ربما أصيب الطيار بمرض مفاجئ .

وركضت نيرن نحو السياج الذي يفصل بين قطعتي الأرض ، لتخرج من بين الأسلاك إلى الجهة الثانية راكضة على العشب بخفة وكأنما نبت لها جناحان وفي منتصف الطريق إلى الطائرة المروحية كانت هذه قد توقفت .

وقبل أن تصل إليها بأمتار قليلة فتح بابها وخرج منها رجل . رجل في سترة جلدية سوداء . رجل فارع القامة أسمر اللون وذو جاذبية مدمرة . وكانت تعرفه جيداً .

وقفت نيرن فجأة وكأنها اصطدمت بحائط . لقد عاد لقد عاد أخيراً وأشرقت الدنيا حولها فجأة وتلونت الأشياء جميعاً بصباغ وردي زاه . وهمست : ستروم ...

ولم تستطع أن تتحرك من مكانها ولكن لا بأس لقد قطع هو الطريق إليها ، ليحملها ويدور بها حوله إلى أن شعرت بالدوار وتذكرت كيلتي ، ما أشبه الابن بالأب فهما الاثنان مولعان بأن يرفعا الآخرين ويدورا بهم بسرعة عندما يشعرون بسعادة .

وكان ستروم سعيداً عندما وضعها على الأرض وهو يهمس : لم أكن أدري أنني واقع في غرامك وأنني بحاجة إليك وأنني لا أستطيع العيش من دونك . هل فات الأوان؟ ورأت عيناه الجواب في عينيها.

وأخيراً استطاعت أن تقول : آه يا ستروم لقد كنت أتمنى دوماً لكي تعود عندما أرسل كيلتي ....

فقاطعها قائلاً : كيلتي؟ أين هو؟

فأجابته برقة : لقد ذهب إلى المقبرة ، ان الفرح سيهزه لرؤيتك لماذا لا تذهب لرؤيته هناك؟

فقال : وأنتِ؟

فأجابت : سأنتظر هنا .

وما أن ترك يدها ليذهب حتى انفجر الضحك والصفير والهتاف من ورائها وأدارت نيرن رأسها لترى فتيانها مصطفين على الحاجز يتفرجون عليهما . وهتفوا جميعاً بصوت واحد : هيا يا نيرن لا تتوقفي .

قال لها ضاحكاً : هل هؤلاء الهمجيون فتيانك؟ هل علي أن آخذهم هم أيضاً إذا أنا أخذتك؟

فقالت : نعم فهل هذا كثير عليك؟

فقال : سأشغل وقتهم على الدوام ، لقد تدبرت عملاً لكل شخص هنا في كريجند وسيبدءون في خلال أسبوع . سأبدأ العمل في بناء مشروع الأكواخ الجبلية الذي صممت عليه منذ سنوات .. وسيكون هناك عمل لكل شخص هنا .

فقالت بغبطة عميقة : آه يا ستروم ستبقى بينا إذن مدة طويلة .

فأجاب : بل سأبقى إلى الأبد ثقي بذلك .

كان الفتيان قد ذهبوا جميعاً و نيرن وحدها في المطبخ حيث غسلت الأطباق وابتدأت بتحضير القهوة ولكن ذهنها كان شارداً يفكر باللقاء الذي سيحدث في المقبرة بين الأب وابنه وهما يقفان معاً بجانب ضريح هازيل ، بعد أن تلاشت مرارة عدم التفاهم ذاك. ونظرت من النافذة بعينين لا تريان . ما كان أحسن عودة ستروم العامرة بالحب لها ولكيلتي لو أنها حدثت قبل ، وليس بعدما علم بالحقيقة عن هازيل ، لو أنه فقط حاول الرجوع إلى نفسه ومناقشتها بعد رجوعه إلى لندن فيتغلب على مرارته بنفسه ... ويقتنع بضرورة وضع الماضي خلف ظهره إذا هو أراد أن يعود رجلاً سعيداً ويكون بطلها الفارس المتألق حقاً .

وهزت نيرن كتفيها بأسى ، إن رجلها هذا إذن ليس فارساً متألقاً بكل معنى الكلمة ولا بد لها من أن تعيش بينما يشوب سعادتها شيء من القتامة والنكد

عادت إلى الواقع وهي تسمع الباب الأمامي يفتح فنشفت يديها واستدارت نحو الباب لترى ستروم عائداً ، فاندفعت إلى الأمام وهي تهمس : أين كيلتي؟

فأجاب : لقد نزل إلى الوادي لالتقاط بعض الصور وطلب مني تسليمك هذا .

وحدقت نيرن دون أن تفهم في المغلف الذي ناولها إياه ، المغلف الذي يحمل اسمها في زاويته العليا والذي كان كيلتي عنونه باسم ستروم بخط يده . هذا غير ممكن ، غير ممكن أبداً .. إنها الرسالة التي كانت طلبت من كيلتي كتابتها إلى أبيه ليخبره بحقيقة تصرف هازيل نحوه بزواجها من هوغ بدلاً منه . ولكن الرسالة ما زالت مقفلة بينما كان من المفروض أن تلك الرسالة هي التي جعلته يعود .

وقالت تسأله : إنني لا افهم .

فقال : وأنا لا افهم أيضاً ولكنه قال انك ستفهمين . قال لي بالضبط أخبر نيرن إنني لم أرسلها مطلقاً لقد أردته أن يشعر بالحاجة إلينا إلى حد أن يعود من تلقاء نفسه .

وتفجرت الدموع من عيني نيرن وهي تتناول الرسالة منه قائلة : يا له من غلام حكيم انه يفوقني حكمة بكثير .

فقال ستروم : ولكنه معنون باسمي هل يمكنني أن أقرأه؟

إنها طبعاً ستسلمه إياه ليقرأه . لقد علم الغلام مقدار ما سيصيب أباه من تمزق في المشاعر بعد أن يعلم الحقيقة فلم يحتمل رؤية المشهد.

وأجابته بصوت مختنق بالبكاء : نعم أجلس هنا أما أنا فسأذهب لأضع بعض الخشب في المدفأة .

وسكبت له فنجان قهوة وضعته بجانبه قائلة : هناك المزيد من القهوة إذا شئت أما أنا فسأعود حالاً .

ولكنها طبعاً لم تعد ذلك أنها كانت تعلم أن ستروم بحاجة إلى وقت يخلو به إلى نفسه إلى وقت يتكيف فيه مع الحقيقة ، إلى وقت يقتنع فيه قلبه بأن المرأة التي كان أحبها منذ زمن طويل لم تغدر به كما كان يعتقد ، إلى وقت يتحرر فيه من تلك المرارة إلى وقت يشعر فيه بألم جديد هو ألم الندم لحكمه الظالم ذاك على هازيل ، المرأة التي ضحت بسعادتها وبالرجل الذي أحبت .. وذلك لكي تقف بجانب الرجل الذي هو بحاجة إليها حقاً .

وقفت نيرن إلى نافذة غرفة الجلوس ملصقة جبينها بزجاجها البارد وقد تاهت بها الأفكار . انه حقاً بطلها الفارس المتألق .. ولكن ما زال هناك بعض الشوائب وعليها أن تنتظر أما الآن فعليها أن تفكر في ما عسى أن تكون عليه مشاعر ستروم من عذاب مبرح ونظرت إلى ساعتها ... ها قد مضت أكثر من نصف ساعة منذ تركته مع تلك الرسالة .

- نيرن ... ، تجمدت وهي تسمع صوته ولم تستطع أن تتحرك لم تستطع أن تواجهه لم تستطع التفكير في الألم المدمر الذي ستراه على ملامحه والعذاب في عينيه ...

لم تسمع خطواته على السجادة وشعرت بأنفاسها تختنق وهو يقول : انظري الي يا نيرن .

ما الذي ستراه؟ كانت خائفة من النظر في وجهه واستمدت كل شجاعتها ثم استدارت تنظر إليه .
كانت عيناه صافيتين هادئتين وهو يسألها : ألم يتمكن هوغ من السير بعد ذلك قط؟

فهمست : كلا ، لقد أمضى بقية حياته في كرسي متحرك .

فقال : وذلك الحادث على السفينة ....

فأجابت : لقد حدث في الليلة التي سبقت عودته إلى غلينكريغ ، لقد ترك شخص ما ثغرة في أرض السفينة مفتوحة فسقط هو في الظلام في عنبر السفينة فتهشمت ساقاه الاثنتان .

وساد صمت طويل لم يكن يسمع فيه سوى صوت أزيز نيران المدفأة وكان في صوت ستروم عندما تكلم أخيراً ارتجاف بسيط وهو يقول : انه إذن لا يمكن أن يكون قد عاد إليها صاعداً الطريق بخطواته الواسعة كما قالت في رسالتها تلك لقد تعمدت أن تقول هذا لكي لا أتكهن أنا بالأمر ...

فقالت : هذا صحيح .

لقد لاحظت الآن البقع على وجنتيه والتي كانت العلامة الوحيدة على الدموع التي ذرفها وكادت غصة الألم تخنقها. وقال : كل هذا قد انتهى يا نيرن لقد أصبح في الماضي وأريد منكِ أن تعلمي أنه كان في الماضي قبل أن أحضر إليك اليوم ذلك أنني بعد عودتي إلى لندن ، شعرت وكأنني تركت جزءاً من نفسي هنا .... في غلينكريغ ، معك ومع كيلتي لم يتملكني مثل هذا الشعور من قبل قط في حياتي حتى ولا مع هازيل . شعرت بأن الحب الكبير الذي غمر قلبي لم يدع مجالاً لأية مرارة سابقة . لقد تمكنت من أن أرى إن ما كان بيني وبين هازيل لم يكن سوى سحابة صيف ... وأنا الآن اعتبره لا أكثر من حلم جميل .. فقد انتهى الكابوس ، آه يا نيرن لقد جعلتك تبكين .. مرة أخرى .

فقالت : إنني لا ... لا أستطيع المقاومة ...

أجابها مهدئاً : ذن فلتكن هذه الدموع .... دموع السعادة .

فأخذت نيرن تشهق باكية إلى ان شعرت بالراحة أخيراً عند ذلك نظرت إلى ستروم بابتسامة مرتجفة وهي تقول : لقد كانت فعلاً دموع السعادة ولكنها كانت أيضاً دموع الحزن . الحزن لأجل هازيل لا بد أنها كانت تراك في كل مرة كانت تنظر فيها إلى كيلتي كم كان هذا مؤلماً لقد أحبت الاثنان .

فقال : لقد سألني هذا الصباح عما إذا كنت أمانع في أن يدعوني باسمي ستروم قال أنه دوماً سيفكر في ان هوغ هو والده كما قال أيضاً انه لن يدع أبوتي له سراً إذ ليس هناك الآن من يتضرر من ذلك .. ثم انه ... ، ومسح عينيه بيده متابعاً قوله : وهو أيضاً فخور بي جداً .

ما أكثر هذه المشاعر التي انطلقت في نهار واحد وعادت الدموع تغرق عيني نيرن مرة أخرى ولكنها هذه المرة ابتسمت من خلالها وهي تهمس : إن فخوره بك ليس بمقدار نصف الفخر الذي ستشعر به أنت نحوه .

وتنحنح شخص ما ، فاستدارا هما الاثنان في نفس اللحظة . كان كيلتي واقفاً عند الباب وقد تساقط شعره الأسود فوق جبينه وانزلقت تنورته السوداء إلى وركيه وكانت الابتسامة واسعة تكسو وجهه وتنير عينيه بينما هو مستند إلى الباب . كان مصوباً نحوهما آلة التصوير.
آه ... ها . وانفجر ضاحكاً .

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
قديم 23-06-08, 02:56 PM   المشاركة رقم: 68
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الخاتمــــــــة

- لقد وصل عريسك يا نيرن هل رأيته؟

فاستدارت نيرن عن نافذة غرفة نومها عندما دخلت أختها من الباب وهي تحمل باقة من الورود الحمراء يعلوها الندى وكانت عينا كيلا تتألقان إثارة وهي تقول لاهثة : لقد كنت خائفة من أن ينسى ستروم إحضار الورود عند حضوره من لندن ولكنني كنت مخطئة إذ أن قرية غلينكريغ لم تكن تحوي الورود التي تستحقها ... بماذا كان دعاك؟ آه نعم ( زهرته الحلوة) !

فضحكت نيرن قائلة : إذن فقد لاحظتِ أن ابن المدينة يمكنه أحياناً ان يقول الشعر هو أيضاً .

وتناولت منها باقة الورود ورفعتها إلى انفها تتنشقها وهي مغمضة العينين وقالت : ما أروعها من رائحة .

واستدارت تنظر من النافذة مرة أخرى وهي تقول : نعم لقد رأيت ستروم عائداً هل آدم جاهز ليأخذه إلى حفل الزفاف؟

فأجابت كيلا : نعم انهم جميعاً بانتظاري في غرفة الجلوس .

ووضعت ذراعيها حول خصر أختها ، وأخذتا تنظران معاً من النافذة إلى بناء مؤسسة " أكواخ قمم الجبال " الجديدة ... وإلى البيت الرائع الجمال الذي بناه ستروم لأجل عروسه في موقع منزل كريجند الريفي القديم وكانت نوافذ المنزل تشرف على الوادي والبحيرة وكان بإمكان كيلتي أن يرى من نافذته قمة جبله المحبوب سلاغمهور الشاهقة أما نيرن فستدير نزل برواش كمركز للمراهقين كما أن ستروم سيؤسس عمله في قرية غلينكريغ انه لن يقول بعد الآن إن موطنه هو المكان الذي يعلق فيه قبعته ،
وشعرت نيرن بالرضى وهي تقول هذا ان موطنه سيكون حيث هو يريد ان يكون .. هنا في غلينكريغ معها.

وتمتمت كيلا : كان ستروم قد قال أن المجمع الصناعي سيلتزم بناؤه عاما كاملاً وكان الحق معه إذ تحقق ذلك باليوم تقريباً .

فقالت نيرن برقة : انه كان عاماً رائعاً ... لقد كان كيلتي في منتهى السعادة كما أن ستروم ...

فقاطعتها كيلا : لقد جذبت قلبه بحلاوتك وحنانك ... وسكتت وهي ترى نيرن تتنهد وسألتها منزعجة : ماذا حدث؟

فأجابت نيرن بوجه متجهم : لا شيء كنت فقط أفكر في الماضي عندما كنت هنا وحيدة أفكر في روري ...

وعضت شفتها شاعرة بوجهها يتوهج وهي تتابع قائلة : انه مازال وسيبقى محتلاًً زاوية من قلبي يا كيلا إن علي أن اخبر ستروم .. ولكنني خائفة .. خائفة من ان لا يتفهم الأمر ..

فاحتضنتها أختها بشدة وهي تقول : آه يا للحمقاء كيف يخطر ببالك أن رجلاً مثله لا يعلم انك لست من نوع النساء اللاتي ينبذن ذكرياتهن بهذه البساطة؟ والآن لا أريد منك أفكاراً حزينة في مثل هذا اليوم السعيد . ابتسمي و ...

وسوت من ثوب نيرن الأبيض وهي تقول : والآن علي ان اذهب انتظري قرابة خمس دقائق ثم اتبعينا مع والدنا .

ثم عانقت أختها واستدارت خارجة مغلقة الباب خلفها . وتلاشت الابتسامة من وجه نيرن ببطء وهي تتمتم آه يا ستروم وعادت تتشمم الورود مرة أخرى وهي ما زالت تتمتم ، كيف يمكنني أن أمنحك كل قلبي وما زال .....

وتجمدت فجأة وهي تحدق في باقة الورود الرائعة ... لقد كانت تظن أنها تحتوي وروداً فقط ... وروداً حمراء ... ولكن ، ها هنا عدة أزهار من النرجس تختبئ بين الورود كانت أزهاراً صغيرة رقيقة هي أجمل ما رأت في حياتها .

واحتبست أنفاسها في صدرها . لابد أن ستروم وضعها هنا بنفسه هل هذا سبب إصراره على إحضار الورود بنفسه؟ هل أرادها أن تعلم في يوم عرسهما أنه يدرك مشاعرها ويفهمها جيداً وأنه لا يريد منها أبداً أن تغلق قلبها عن ذكرياتها مع روري؟

لقد كانت تظن من قبل أنها تحب ستروم ولكنها ترى الآن قلبها يفيض حباً . كان في قلبها من الحب الآن بحيث يكفي ستروم .. وكيلتي أيضاً كما أنه يكفي كيلا وزوجها وأولادهما ووالديها ... وبما فيهم روري ..
لقد كان ستروم يعلم ما علمته الآن وما الذي علمها إياه بهديته من أزهار النرجس هذه وهو أن القلب يمكنه أن يستوعب أكثر من ملئه حباً يمكنه أن يفيض حباً على الجميع.

كان هناك كثيرون متجمعين خارج مكان الحفل ، وما أن اقتربت نيرن ووالدها من المدخل حتى رأت فاني وبستر بين المتفرجين ، تحدق فيها من خلف نظاراتها السميكة وتلاقت أعينهما وفي هذه اللحظة شعرت نيرن بانفعال بسيط في أعماقها وافترت شفتاها عن ابتسامة ماكرة . ذلك أن فاني وبستر ستبقى عدة أشهر تجد ما تتحدث عنه .

وبقيت الابتسامة على فم نيرن وهي تتهادى مع أبيها في ممر المكان ، ممسكة بباقة الورود ولكن عينيها كانتا متجهتين نحو ستروم وقد غشاهما الدمع .

كان واقفاً أمام رجل الدين مع كيلتي وقد بدا الاثنان وسيمين بشكل لا يصدق في ملابس جبلية كاملة ، والتفت الاثنان يحدقان فيها وهي تقترب . كان وجه كيلتي متألقاً بالفرح أما ستروم .. فقد جعل الحب الذي بدا في عينيه قلبها يخفق بعنف هل من الممكن أن يموت المرء من قوة الحب؟

وهمس أبوها في أذنها وهو يراها تكاد تتعثر في سيرها : تمهلي الآن في سيرك يا فتاة ... تمهلي ...

وعندما وقفت بجانب ستروم سمعته يهمس لها : لشد ما تبدين رائعة الجمال .

نعم ... سيكون الأمر سهلاً .. سهلاً في أن تحب هذا الرجل وأن يحبها .

وعبقت رائحة الورود التي تحملها معطرة الجو بينما أخذ رجل الدين يعقد قرانهما بحيث يكونان زوجان معاً دائماً .. وإلى اللابد ..منتديات ليلاس

تمــــــت

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
قديم 23-06-08, 03:33 PM   المشاركة رقم: 69
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2008
العضوية: 77529
المشاركات: 139
الجنس أنثى
معدل التقييم: sasa sasa عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
sasa sasa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

شكرا لتعبك وداد
ولكى كل الود

 
 

 

عرض البوم صور sasa sasa   رد مع اقتباس
قديم 23-06-08, 04:36 PM   المشاركة رقم: 70
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2008
العضوية: 74176
المشاركات: 493
الجنس أنثى
معدل التقييم: وردة الياسمين عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 39

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وردة الياسمين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

حبيبتي يساموووووووووووووووووووووووو كتير عن جد روايه حلوه وانتي دايما يا عمري رواياتك روووووووووووووعه وشكرا يا عسل

 
 

 

عرض البوم صور وردة الياسمين   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
منتدى روايات عبير المكتوبة, grace green, دار نحاس, دعني أحبك, دعني أحبك - عبير دار نحاس, روايات عبير, روايات عبير المكتوبه, رواية دعني أحبك, snowdrops for a bride, عبير دار نحاس
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t81777.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-03-10 12:35 AM


الساعة الآن 09:58 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية