المنتدى :
المنتدى الاسلامي
الملوك
÷÷÷÷÷÷÷
÷÷÷÷
قرأت هذا الكلام فأعجبني
وأحببت أن أنقله لكم
ولكنه طويلا وحاولت أن اختصره ولكن كل ما فيه جميل
فتركته كما هو ولك أن تقرأ منه ما شئت
هو كلام موجه إلى الملوك وهو عن الظلم والعدل بين العباد
ولكن هذا لا يمنع أنه لا نستفيد منه
فكل واحد منا له رعية يراعهم إن كان أب أو ام أو صاحب عمل ....الخ
وفيه كثير من الحكايا والحكم
وهو من كتاب
التبر المسبوك في نصيحة الملوك
ذكر العدل والسياسة وذكر الملوك وسيرهم
اعلم وتيقّن أن الله سبحانه وتعالى اختار من بني آدم طائفتين وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ليبينوا للعباد على عبادته الدليل ويوضحوا لهم إلى معرفته السبيل واختار الملوك لحفظ العباد من اعتداء بعضهم على بعض وملّكهم أزمة الإبرام والنقض فربط بهم مصالح خلقه في معايشهم بحكمته وأحَلّهم أشرف محل بقدرته كما يُسمع في الأخبار السلطان ظل الله في أرضه.
فينبغي أن يُعلم أن من أعطاه الله درجة الملوك وجعله ظله في الأرض فإنه يجب على الخلق محبته ويلزمهم متابعته وطاعته ولا يجوز لهم معصيته ومنازعته.
قال الله تعالى:
{يا أيُها الذين آمنُوا أطِيعُوا الله وأطِيعُوا الرسُول وأوُلي الأمرَ مِنكُم}
فينبغي لكل من آتاه الله الدين أن يحب الملوك والسلاطين وأن يعطيهم فيما يأمرون ويعلم أن الله تعالى يعطي السلطنة والمملكة وأنه يؤتي ملكه من يشاء كما قال في محكم تنزليه: {
تُؤتِي المُلك مَن تشَاء وتنزَع المُلك مِمن تشَاء وتُعِزُ مَن تشَاء وتُذِلُ مَن تشَاء بيدِك الخير إنِك على كُل شيء قَدير}.
والسلطان العادل من عدل بين العباد وحذر من الجور والفساد والسلطان الظالم شؤم لا يبقى ملكه ولا يدوم لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم).
وفي التواريخ أن المجوس ملكوا العالم أربعة آلاف سنة وكانت المملكة فيهم وإنما دامت المملكة بعدلهم في الرعية وحفظهم بالسوية وإنهم ما كانوا يرون الظلم والجور في دينهم وملتهم جائز وعمّروا بعدلهم البلاد وأنصفوا العباد.
وقد جاء في الخبر أن الله جلّ ذكره أوحى إلى داود عليه السلام أن آنْهِ قومك عن سب ملوك العجم فإنهم عمّروا الدنيا وأوطنوها عبادي.
فينبغي أن تعلم أن عمارة الدنيا وخرابها من الملوك فإذا كان السلطان عادلاً عمرت الدنيا وأمنت الرعايا كما كانت عليه في عهد أزدشير وأفريدون وبهرام كور وكسرى أنو شروان.
وإذا كان السلطان جائراً خربت الدنيا كما كانت في عهد الضحاك وافراسيان وبرزدكنها الخاطىء وأمثال هؤلاء وهكذا إلى أن استولى أهل الإسلام وغلبوا العجم وأزاحوهم عن بلادهم وعن الملك وقويت دولة دين الإسلام ببركة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وذلك في عهد خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فاعلم وتيقَن أن هؤلاء الملوك الذين ذكرناهم كانوا أصحاب الدنيا وملوك الأرض وأنهم بلغوا من الدنيا مرادهم وصرفوا باللذات أوقاتهم ومضوا وبقيت أسماؤهم وسماتهم كما عددناه من أفعالهم وأوردناه من خصالهم لتعلم أن الناس إنما هم الحديث الذي يبقي بعدهم فكل إنسان يذُكر بالذي كان يفعله وينسب إليه ما كان يعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
فيجب على الإنسان أن يزرع بذر الإحسان وأن ينفي عن نفسه العيوب الفاحشات والخطايا الموبقات لا سيما الملوك ليبقى بعدهم حسن الإِسم وصالح الرسم لئلا يذكر بالقبيح وقد حل بالضريح كما قال الشاعر:
اهرُب مِن الذَنبِ وتُب يا فَتَى ** وإن بَدا مِنك فعُد واندم
وانفِ عن نفسِك ما شَانَها ** ومن مساوُي الدهرُ خِف تسَلم
وبُعدُك يُبقِى الذِكرَ لا غَيره ** فكُن حَديثاً حسناً تغنمُ
يقال أن ذكر الرجال بعدهم حياتهم الثانية في الدنيا فواجب على العقلاء قراءة أخبار الملوك والنظر في أحوال هذه الدنيا القليل وفاؤها والكثير بلاؤها وأن لا يعقلوا قلوبهم بأمانيها فإنها لا يبقى عليها صالح ولا يسلم فيها طالح.
وليجتهد العاقل أن لا يكثر خصومه فإن أمر الخصوم صعب هائل والباري تعالى حاكم عادل لا بد أن ينصف يوم القيامة بين الخصوم ويأخذ من الظالم للمظلوم فلا تساوي الدنيا بأسرها أن تجعل الناس خصوماً لأجلها كما جاء في الحكاية.
حكاية
كان أبو علي بن إلياس إسفهسلار نيسابور فحضر يوماً عند الشيخ أبي علي الدقاق رحمه الله وكان زاهداً زمانه وعالم أوانه.
فقعد على ركبتيه بين يديه وقال له: عظني.
فقال له أبو علي: أيها الأمير أسألك مسألة وأريد الجواب عنها بغير نفاق.
فقال: أجل أجيبك.
فقال: أيها الأمير أيما أحب إليك المال أو العدو فقال: المال أحب إليّ من العدو.
فقال: كيف تترك ما تحبه بعدك وتصطحب العدو الذي لا تحبه معك فبكى الأمير ودمعت عيناه وقال: نعم الموعظة هذه.
وجميع الوصايا والحكم تحت هذا الكلام.
والخالق سبحانه وتعالى أرسل نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم أخيراً حتى عادت ببركته دار الكفر دار الإيمان وأظهره في أسعد وقت وأوان وعمّر الدنيا بشريعته وختم الأنبياء بنبوّته.
وكان الملك في ذلك الزمان كسرى أنو شروان وهو الذي فاق ملوك إيران بعدله ونصفته وتدبيره وسياسته وذلك جميعه ببركات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه ولد في زمانه ووجد في أوانه.
وعاش أنو شروان بعد مولده صلى الله عليه وسلم سنتين والنبي صلى الله عليه وسلم افتخر بأيامه فقال: ولدت في زمن الملك العادل كسرى والإسم الجيد خير الأشياء.
والملوك الذين كانوا قبله كانت همتهم في عمارة الدنيا والعدل بين الرعية وحفظ الجسم بالسياسة وحسن الإنالة وآثار عمارتهم التي أثروها إلى اليوم ظاهرة في العالم وكل بلد يعرف بإسم ملكه لأنهم عمروا المواضع وبنوا الضياع والمزارع واستخرجوا القنوات والمصانع واظهروا ما كان خافياً من مياه العيون وجميع ما ذكرناه كان أنو شروان يعمره بعدله وإنصافه مع تجنبه الإسراف في عفافه.
|