كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
التفتت سيرينا فجأة باندهاش وظهرت على وجهها ملامح قلق فاجابت :
- كلا ...لماذا تسأل هذا؟
راح خوان يفصلها بنظراته فشعرت بالذنب ولم تقدر ان تخفي اضطرابها فاحمرت وجنتاها فقال :
- انت تحمرين ...هل لأني اشك فيك خطأ ام لانك تشعرين بالخجل ؟ هذا ما اتساءله ، ثم ادار ظهرة واختفى .
خلال الرحلة ظلا صامتين ولما هبطا من الطائرة كان دون البيرتو في المدرج يستقبلهما.
- آه سيرينا ! لقد ارسلت ويندي مجبرا لكن آمل الا يكون هذا سبب اختصار اقامتك؟
- كنا قد قررنا قبل وصولها موعد عودتنا في الواقع لسنا بحاجة الى عطلة فالحياة هنا في المزرعه مريحة ومفرحه..
انار وجه دون البيرتو الذي قال :
- كم انا سعيد ان اسمع منك ذلك ياعزيزتي لكن هل كانت اقامتك في فينا ديل مار ممتعه؟
التفت الى خوان الذي قال :
- صحيح ان الاقامة كانت قصيرة لكنها كانت حقا رحلة شهر عسل موفقه
احمرت وجنتا سيرينا فضحك دون البيرتو وقال :
- حسنا! والان بامكاننا ان نتكلم في امورالعمل !
ثم وجه كلامه الى سيرينا قائلا :
- ارجوك ان تعذرينا لكن علينا ان نختلي لبعض الوقت كاتب العدل هنا وبانتظار تواقيعنا لن يأخذ ذلك وقتا طويلا لكني سأبقى مع خوان بعض الوقت فهناك امور عديده اريد ان اناقشها معه قبل رحيلي لقد حددت سفري غدا بعد "الروديو" هذه الرحلة تعز على قلبي وليس هناك مجال لتأخيرها بعد الان!
اكتشفت سيرينا بعد ذلك مايعني الروديو اذ كان الموضوع الاساسي المتداول حاليا في المزرعه كارمين وبيللا اعلمتاها ان الروديو كناية عن مظاهرة ذات اهمية كبرى فيها يقوم الرعاة بالتمارين الخطرة على ظهور خيل لم تدرب بعد واكدت لها بيللا قائلة :
- يجب ان يكون المرء شجاعا وقويا وماهرا اني احب الروديو الناس يأكلون ويشربون ويغنون ويعم المكان الصياح كذلك هناك العازفون وقيثاراتهم والاكورديون و..
تنفست الصعداء ثم اضافت :
- لكن ما احبه اكثر شيء آخر هو عندما يدخل الثور في الحلبة!
غير ان سيرينا لم تكن تصغي الى تعليقات الخادمة الا باذنين شاردتين كانت تفكر في المستقبل ان غياب دون البيرتو الطويل سيكون له الاثر على حساتها لاشك ان خوان سيعود الى تشرده الليلي فهي تشعر بذلك في صميم قلبها وترى ان وجود كابرييلا يعم الجو ويحيط بالمنزل بطريقة سرية.
- لتحفظه وانا اباركها ، لاحظت سيرينا فجأة انها تضغط بشدة على معصميها وان فكها يتقلص فوجئت بعنف ردة فعلها وقالت بصوت مخنوق :
- لكن باسم السماء انسي هذا الرجلّ
انتفضت ويندي وراحت شفتاها ترتجفان اسرعت سيرينا لمؤاساتها وراحت تقول لها :
- لاتبكي ياحبيبتي انا غاضبة حقا.. لكن.....لا افهم ماذا الذي ترينه في هذا الرجل وتنظرين اليه بعينين ملتهبتين
غصت ويندي فراحت سيرينا تقهقهة ضاحكة
في المكتب الواقع تحت غرفة سيرينا كان دون البيرتو رافع الرأس يسمع ضحكتها وفي حركه انيقة وقع على المستند امام كاتب العدل ثم التفت الى خوان وابتسم له قائلا :
- يبدو ان زوجتك سعيدة هذه القهقهات تؤكد قناعتي الان يابني عليك ان تعترف انني لم اخطئ في جلب هذه الفتاه الى هنا انتما تشكلان زوجين مناسبين..
فضل خوان الموافقه على كلام جده برغم معرفته ان ضحكات سيرينا سيتبعها البكاء والنواح
- انا اخضع لمهارتك لا يوجد انسان غيرك قادر على اختيار الزوجة المناسبة للرجل المناسب هذا واقع اكيد امل ان احقق الثقة التي وضعتها بي وان اكون وريثك الكفؤ
- في المساء سنحتفل بسفري واصر ان يكون هذا العشاء محفورا في ذاكرتي ...هذا سيعزيني خلال غيابي
هز خوان رأسه موافقا وقال :
- طلبت من سيرينا ان ترتدي اجمل فستان لديها
اطاعت سيرينا تعليماته حرفيا وفي المساء كانت ترتدي فستان من الموسلين الازرق الناعم فبدت كأنها عائمة على غيمة .
قال لها خوان :
- دعينا نتصرف بلياقة نقنع جدي بأننا اخيرا وقعنا في غرام بعضنا البعض سيذهب مرتاح البال وسعيدا لاتستغربي اذا تصرفت معك بطريقة حميميه وعائلية... واذا رأيت ان هذا التصرف في غير مكانه رددي لنفسك انها المرة الاخيرة التي سأتصرف بها هكذا وهكذا يكون بامكانك تحملها اكثر .
وتذكرت هذا الكلام وهي تدخل الصالون حيث كان دون البيرتو يتناول المقبلات مع خوان ولما رأى سيرينا قام خوان بوضع كأسه جانبا وراح للقائها قبلها وامسكها بالخاصرة فراحت ترتجف منفعلة وهمس في اذنها قائلا :
- انت رائعه يازوجتي الحبيبة
كان يلفظ هذا الاطراء بصوت عال كي يسمعه جده ثم انحنى وعانقها ببطء وشغف وفكرت سيرينا :"اذا كان هذاالعناق مقدمة لما سيحل هذا المساء فماذا تبقى لاخر السهرة؟"
ضمها اليه وتقدم من دون البيرتو مبتسما بفخر واعتزاز وقف الجد بدوره وقبل سيرينا وقال :
- الان يابني انا اسعد رجل في العالم
ابتسمت له وردت على قبلته بقبلة وقالت :
- انت الرجل المتفهم والقادر لم اتعرف على مثلك من قبل
- لم تندمي لأنك تزوجت من حفيدي اليس كذلك؟ لكن هذا السؤال في غير محلة يكفي النظر اليكما كأنكما عاشقان فتيان!
قاطع خوان الحديث قائلا :
- ماذا تحبين ان تشربي ياحبيبتي ؟ شراب الورود المنعش مشروبك المفضل اليس كذلك؟
- اتذكر ياحبيبي اخر مرة شربنا منه؟ كنت قد ربحت مبلغا من المال في الكازينو وذهبنا بعد ذلك للرقص كان عاطفيا .. ولما عدنا للفندق كنت كأني اعيش حلما..
- وتلك الليلة التي قضيناها معا لا يمكنني ان انساها اطلاقا انها في ذاكرتي الى الابد مثل حواء كنت ساحرة ورائعة .. وسرية
ابتسما لبعضهما البعض ببرود بينما كان دون البيرتو يقهقه ضاحكا اضاء وجهه ثم قال :
- الم اعدك بذلك يا ابنتي؟ عندما يواجه حفيدي لغزا يريد معرفته في الحال وهذا الحب في الالغاز يعود الى طفولته النضرة ومازال محتفظا به حتى الان والان لنتناول العشاء ان اشعر بسعادة كبيرة تفتح القابلية على الطعام انوي الافادة قدر الامكان من هذه الوجبه العائلية الاخيرة .
خلال العشاء بذلت سيرينا كل جهدها ان ترد على كلمات خوان المبطنه ولم يشك دون البيرتو بصحة هذه الكلمات لكن شيئا فشيئا اصبح الجو متوترا واعصاب المحاربين بدأت بالانهيار الا ان دون البيرتو المتعب نام في مقعده واغتنمت سيرينا نوم دون البيرتو فراحت تعبر عن غضبها قائلة لخوان :
- لم اعد احتمل كل هذا الكذب سأعود الى غرفتي!
- يكون ذلك اصدق مافعلته في هذه السهرة
ادارت له ظهرها وكادت ان تنسحب عندما امسك بها خوان من خصرها وكاد ان يغمس عينيه السوداوين المشرقتين في عينيها الزرقاوين فارتعشت فقال :
- لقد لعبت دورك باتقان انت ماهرة عندما تريدين خداع الغير الان ارجوك ان ترحلي!
كادت تعثر وهي مارة قرب دون البيرتو الذي كان يغط في نوم عميق .
بعد ساعات قليلة أي في حوالي منتصف الليل سمعت بوضوح اصوات خطوات على الشرفة مباشرة تحت نافذة غرفتها طقطقة مهاميز وصوت احذية كان الرجل يتوجه نحو الاسطبل . انتصبت سيرينا وراحت تصغي بعد قليل سمعت اقدام جواد يخرج لتوه من اسطبله امتطاه الرجل وولى به بعيدا
اسندت سيرينا رأسها على الوسائد فريسه انزعاج عميق ليفسر غثيان له علاقة بكون خوان ربما سمع نداء وراح يلبي النداء.
|