كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
اقتربت سيرينا من المدفأه وانحنت صوب النار المتوهجة التي انعكست على وجهها حيث ظهر تشوش عميق وارتباك وحيرة انها تشعر نحوه بالشفقه لانه يعتبر نفسه الحاكم المستبد بمملكته الصغيرة ومقتنع بقدرته اللامتناهيه كان الامر مضحكا ومؤسفا في الوقت نفسه الكونت دون البيرتو ملك المزارعين! سيتقاعد املا ان تصبح هي ملكة المزرعه .. فشعرت بالتواء ياخر ومر في فمها.
غير ان ملامح وجهها حافظت على الوقار والرصانه عندما التفتت الى العجوز الذي كان جالسا في مقعده منحنيا الى الامام ويده على ذقنه لم تكن تريد ان تجرح شعورة فاعلنت بلهجة متنزنه قائلة :
- آسفه سينيور لكنني غير قادره على قبول ترتيباتك ..
هز رأسه احتجاجا فاضافت في الحال بحزم كبير :
- نعم انها ترتيبات.. كل انسان حر ان يتصرف بحياته كما يرى مناسبا ان كان هذا الانسان حفيدك ان أي شخص آخر انا متأكدة باقتناع انك لاتفعل ذلك بانانيه وانك تتمنى بكل اخلاص سعاده خوان لكن..
توقفت لحظة ورمقت العجوز بنظره صافيه وسألت :
- هل فكرت بأن النجاح الذي احرزته في مايتعلق بابنك كان مجرد حظ وان هذا النوع من التجارب لايمكنه ان يؤدي الى النتيجة نفسها؟
- الطبيعه الانسانيه لا تتغير سنيوريتا ! الاجيال تتلاحق والسنوات تمر والانسان مازال ينقل الى نسله الطباع والعاهات والفضائل والعيوب نفسها في عروقي يجري دم الغزاه الاول فقد ورثت عنهم حب المغامره وكراهية الخوف والانانيه والعنفوان وكان ابني يتمتع بهذه الصفات واليوم ارها عند حفيدي ولهذا السبب انا متأكد ان ماقدمت عليه ليس خاطئا ولا يقبل بالفشل.
قالت سيرينا بهدوء وهي تضم بشده يديها المرتجفتين على بعضهما :
- لكن ماحدث يؤكد استحاله مهمتك مخططك باء بالفشل لانك نسيتني بكل بساطه .. وانا ما ازال موجوده سينيور من دوني لايمكنك ان تحقق اهدافك! اني ارفض الاشتراك في هذه الترتيبات وامل ان تعفيني من تحقيق العهد الذي قطعته اتمنى العودة الى بلادي باسرع وقت ممكن ولا سبب لان ارى حفيدك بعد الان !
وضع دون البيرتو كأسه على الطاوله بهدوء ثم اقترب منها فتهيأ لها انها خادمه امام معلمها وكادت ان تحني رأسها خضوعا كان ينظر اليها بتفصيل يقيسها مطولا ثم قال بلهجة بارده ومراوغه :
-اخشى ان يكون ماتمنيته مستحيلا اذكرك بانه سبق وعقدنا صفقه لامجال للتراجع عنها هذه الملابس التي ترتدينها وهذا المنزل الذي تسكنيه انت واختك دليل قاطع ويحق لي ان انتظر منك امتثالا وطواعيه ، توقف لحظه ثم اضاف :
- وكما لاحظت فالمزرعه مقطوعه عن العالم اذن لامجال ان تأملي في الهروب والرحيل انها اضاعه للوقت كي تخرجي من هنا عليك ان تأخذي الطائرة وتلك التي نملكها لن اضعها تحت تصرفك عليك اذن ان تبقي هنا شئت ام ابيت!
اطلقت نواحا عميقا وشحب وجهها وقالت بغضب :
- بامكانك ان تعتبرني سجينه لديك لكنك لن تتوصل ابدا لأن تجعلني اتزوج حفيدك بالقوة!
اجاب دون البيرتو من دون اضطراب كأن شيئا لم يكن :
- في البدايه المرأه التي جاءت قبلك كانت تفعل مثلك في جميع تصرفاتها وردة فعلك هذه لايمكنها الا ان تؤكد لي نجاح مهمتي ولذلك انا مسرور جدا..
القمر يلقي اشعته البيضاء على سرير سيرينا حيث ارتمت منذ ساعات بعدما هرعت راكضة من قاعة الاستقبال حانقه على دون البيرتو وخائبه لحظها السيء فقرار الكونت الذي لا رجوع عنه وضعها في حاله حزن وكآبه والان تعتبر هذا المنزل سجنا وهذه الغرفة زنزانه حيث بامكانها ان تتأسف على مصيرها وتندم شدت على معصميها وانزلقت تحت الاغطيه وراحت تنتحب باكيه وتصرخ :
- انا مجنونه حقا مجنونه لماذا لم يخطر ببالي انني بقبولي هذه الصفقه رميت نفسي في مأزق؟
صحيح انها استعدت لقبول كل العواقب التي تنتج عن هذا القرار لكن الرجل الذي قبلت منه لم يظهر على حقيقته الا اليوم...
كبتت دموعها ونهضت خارج السرير وخلعت فستانها بقسوة هذا الفستان الذي هو هديه من دون البيرتو .. وشعرت سيرينا بالخجل لما فعلته برغم انها تعرف ان سبب ذلك يعود الى ويندي غير انها احست بالقرف من تصرفها.
كان ذيل قميص نومها الشفاف يمسح ارض غرفتها ذهابا ايابا ثم جلست قرب النافذه وظلت مسمره مكانها مده طويله كالبلهاء فجأه سمعت خشخشه صغيرة وبعدها عم صوت عميق ثم اقنعت نفسها بأن ماسمعته ليس سوى وهم مخيلتها لكنها سمعت الخشخشه نفسها مره ثانيه فالتفتت سيرينا حولها وفتحت عينيها جيدا تبحث في ظلمه الغرفة علها ترى شيئا فلاحظت ظلا يتحرك ويقترب منها ارتعبت ولم تجرء على القيام بأي حركه بريق معدني لفت نظرها وعلى ضوء القمر الشحيح رأت البكله الفضية المعلقه بالزنار الجلدي الاسود فعرفت من يكون صاحيها واستعادت صوتهاوقالت باستغراب :
- ماذا تريد؟ كيف سمحت لنفسك بالدخول الى غرفتي من دون سابق يادون خوان!
قهقه ضاحكا واقترب منها بترنح وشعرت بنفسها على وشك السقوط وقال ساخرا :
- انا بحاجه للحديث معك في الحقيقه فكرت مطولا بالوضع الدقيق الذي وجدنا فيه ... واعتقد انني عثرت على حل لذلك .
ادركت بانزعاج انه دائخ والعطر الخفيف الذي يرطب قميصه يدل انه لم يقض الليل وحيدا قالت :
-انا أيضا اخذت قرارا نهائيا قررت ان ارحل من هنا ... واريد ان تعدني بمساعدتي في العودة الى بلادي
امسك كتفيها بشده وراحت ترتعش عندما بدأت يداه تمتدان الى جسمها نصف العاري لكنها ظلت جامده رافضه ان ترجوه الا يفعل ذلك. قال صارخا :
- هذا مستحيل ! انه يشوش مخططي! اليك ما انوي فعله :
- ساتزوج منك ...لكن عليك الاتعتقدي اني سأفعل ذلك لاني اخضع لارادة جدي ابدا اريد ان القنه درسا وابرهن له ان زواجا مدبرا بهذه الطريقة الجهنميه لن يؤدي الا الى الفشل ... الفشل الذي سيؤلمه كثيرا صحيح ان بزواجي سأحقق له امنيته العزيزة على قلبه لكن عليه بالمقابل ان يفي بوعده .
بالكاد نطقت سيرينا قائله :
- وعد ؟أي وعد؟
- ان يعهد الي ادارة المزرعه بكاملها لا اريد شيئا اخر لقد اشتغلت كثيرا بلا هوادة لأنني اعرف ان ملكية هذه المزرعه ستكلفني عذابات شتى ! واخيرا وضعني جدي امام الامر الواقع :الزواج ام خساره المزرعه وليس فقط الزواج وانما هو الذي سيختار العروس ! واذا رفضت سوف يحرمني من الميراث لكن ياسنيوريتا سنحتال على هذا الثعلب معا ... لندعه يعتقد انه سيد الوضع فقد اصبح عجوزا ولن تدوم عظمته الى الابد!...
|