كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
احمرت وجنتا الفتاة ونهضت فجأة وكانت تغلي من الغيظ قائلة :
- ليست ويندي ابنتي بل شقيتي ! كيف بامكانك ان تعتقد ان...
ظل دون البيرتو جامدا ثم هز رأسه بحزن وقال :
- ياعزيزتي لم اكن انتظر منك ان تجدي عذرا لما قلته.
- لكن ماتقول خطأ ولست بحاجة الى اختلاق الاعذار !
ضربت قدمها ارضا بغضب نسيت خجلها وقالت بصوت مرتفع :
- كنت في التاسع عشرة من عمري عندما عرفت والدتي نها تنتظر مولودا سعيدا وفترة الحمل كانت قاسية وخطرة بسبب كبر سنها .. لست قادرة ان ادخل بالتفاصيل الان كل مابوسعي قوله انها ماتت في الوقت الذي انجبت خلاله ويندي وبعد اشهر قتل والدي في حادث سيارة مذ ذاك وانا اهتم باختي قدر المستطاع للأسف معاشي غير مرتفع ويستحيل علي احيانا ان اوازي الدخل مع المصروف لهذا السبب انا هنا اعلانك دفع بي الى امل الخروج من هذا الوضع ربما الى حياة جديدة ستنفتح امام ويندي غير اني لم آت هنا من اجل الحصول على حياة مترفة او من اجل الارتزاق ببساطة انا ابحث عن مكان يمكنني فيه من اربي ويندي من دون ان اضطر الى اسكاتها كلما بكت الى مكان حيث يمكنها ان تفتح وتعيش حياة طبيعية هذا ما ارغبه يا سنيور وهذا ما سأرغبه دائما ! الى اللقاء سنيور ..
ارتدت قفازيها وهي على وشك الانهيار في البكاء وانهت كلامها قائلة :
- لا سبب لاستدعاء الخادم اعرف الطريق جيدا
في سرعة ورشاقة بالنسبة الى رجل من سنه اقترب دون البيرتو منها وقال :
- لاتذهبي يآنسة ارجوك لقد اسأت الحكم عليك .. ارجوك ان تقبلي اعتذاري هل تتشرفين بالبقاء؟ لدي ما اقوله لك.
.. وكان دخول بيدرو المفاجئ وهو يجر طاولة صغير قد افقد من عزيمتها عن المغادرة فقال دون البيرتو بلهجة ملاطفة :
- من فضلك ابقي هنا وقدمي لي الشاي
كان من الصعب مقاومة سحره ولم تلبث سيرينا الا ان استسلمت قائلة بعد لحظات مترددة :
- حسنا اقبل اعتذارك وسأحتسي الشاي معك
في صو ت رنان دعاها الى الجلوس وبينما كانت تسكب الشاي العنبري في فناجين صينية شفافة راح يراقب بعينيه حركاتها الدقيقة وفي الحال اضاء بريق صغير عينيه السوداوين .
خلال الحديث بينهما استجوبها في لياقة ذكية وارغمها على البوح بكل تفاصيل حياتها الماضية من دون ان تشعر اطلاقا انها تخضع لتحقيق بل العكس كانت تشعر تجاهه بنوع من عرفان الجميل للأهتمام الذي يحمله اليها كان يستعمل سحره بسعاده اشعرتها بالاسترخاء الممتع كانها تشاطر رفقة عمها المهتم بمشاكلها والذي يدير لها اذنا صاغية شعرت بثقة تامة وراحت تقص عليه كل عذاباتها الماضية وامالها المستقبلية.
دقت الساعه الرابعه قاطعة هذا الحوار الحميم وقالت سيرينا المندهشة باستغراب :
- كيف مر الوقت بهذه السرعه ؟ لم اكن افكر اني سأتغيب اكثر من ساعة يجب ان اعود الان.
نظر اليها دون البيرتو بدهشة وقال :
- لا يمكننا ان نختصر هذا الحديث الان ونحن مازلنا في خضمه يابنتي مازلت في حاجة لان احدثك بالتفصيل عن العرض الذي كنت بصدد تقديمه اليك
- اذن هل في نيتك ان توظفني عندك؟
-اخترتك ولن يقع اختياري على غيرك
ابتسم واقترب منها وقال :
- غير ان القرار النهائي عائد اليك بكل تأكيد
استرخت سيرينا في مقعدها متأثرة بلهجة دون البيرتو الوقورة .فقد كانت على انتظار وترقب.
سألها فجأة:
-ماذا تعرفين عن شيلي .
قالت مندهشة مستغربة :
- الشيء القليل تقع في امريكا الجنوبية اليس كذلك؟
هز رأسه ايجابا وابتسم قائلا :
- تماما انها بلاد بشكل الفاصوليا الخضراء تقع بين الانديس والمحيط الهادي من جهة هناك الجبال وثلوجها المستمره ومن جهة اخرى البحر ورغوته العاليه انها وطني وارض بلادي وهي المكان المفضل لتربية شقيقتك هذا البلد المتنوع المناخ بسبب طوله وكذلك مناظره المختلفة ففي الشمال نرى فسحات شاسعه صحراوية حارة حيث الامطار نادرة بينما في الجنوب فالغابات رطبة جدا ولذلك ابناء شيلي يقولون في مزاح انها تمطر على الاقل 365يوما كل سنه وقمم الصلج المجلد العالية تطلق السيول والانهار والبحيرات وبين الاراضي الصحراوية في الشمال والاراضي الواسعه والبارده في اقصى الجنوب يقع السهل الاوسط الكبير وهنا اقطن في اسفل الوادي الخصب الطقس رائع الصيف حار وناشف والشتاء ممطر وناعم
توقف دون البيرتو لحظة ثم اعاد يقول :
- اتت عائلتي الى هذه البلاد منذ القرن السادس عشر اسلافي كانوا ينتمون الى المغامرين الذين غزوا اميركا والذين جاءوا من اسبانيا متعطشين الى خوض مغامرة البحث عن الذهب لم يجدوا ماكانوا يبغونه الى ان استقروا في هذه البلاد وبعد مدة غير قصيرة ارسلوا وراء عائلاتهم في البداية كان ذلك صعبا لأنهم كانوا يعيشون محاطين بالهنود العدائيين .والخسائر البشرية كانت عديدة لكن رويدا رويدا توصلوا الى التغلب على جيرانهم وقهرهم واليوم يعتبرون انفسهم من ابناء تشيلي اكثر من كونهم اسبانين اننا معجبون كثيرا بالهنود وحبهم للحرية كما اننا نعي تماما كوننا متعلقين بالتقاليد القديمة التي حملها الغزاة معهم ان هذه الفضائل التي يتمتع بها الهنود ساعدت على انشاء الامة التشيلية الاستعمار الاسباني القديم اصبح جمهورية شابة غير ان موقعها الجغرافي وكونها مطوقة بالجبل والبحر والصحراء يجعلها منزوية تقريبا عن العالم الحروب والثورات المستمرة مزقتها الهزات الارضية والتيارات البحرية القوية و المتكررة ساعدت على تدمير مدن بكاملها ومازال هذا يحدث الان البراكين استيقظت من جديد وتبرز احيانا بين ليلة وضحاها ان الشباب الشيليين يشبهون تماما" الكاوبوي" رعاة البقر الاميريكيين العاملين في مزرعتي والذين يهتمون بالماشية انهم صاخبون انفعاليون وتلقائيون وهم يعكسون صورة بلادهم .
|