كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
10_ حبي وردة حمراء
ردت إيبرل ببرودة مصطنع :بالطبع لا!منتديات ليلاس
جاء ردها بعد لحظات من السؤال ..لكن بمقياس القلب للزمن ،تعذبت إيبرل طويلاً قبل أن ترد ..كم من القسوة والظلم أن يُقدم لها
أمنية
قلبها ،ومع ذلك لن تتمكن أن نتقبلها .
أجل !أجل !إنها تريد الزواج منه ..أن تراه كل يوم ..أن تعيش معه في ذات المنزل ..أن تحمل بأطفاله .أجل ،إذا كان يحبها ويريدها.
لكن طلبه الزواج منها هو لأجل ليز فقط ..ومع ذلك ،فالموافقة على زواجها منه لأجل ليز تقف في وجهها حقيقة لاتقبل
الجدل :الزواج مع حب من جانب واحد محكوم عليه بالفشل مسبقاً.
_كانت إيبرل تعي تعاظم محبة ليز وتعلقها وثقتها بغرايغ في الأشهر الماضية ..ولو أصبح والدها فستعطيه الطفلة قلبها بالكامل ..
ثم سيكون الأمر مدمراً لها حين تفقده من جديد كما لابد أن يحصل بعد سنة أو سنتين ،أوخمس أوسبع .حين يحدث هذا ..لن يتحطم
قلب إيبرل فقط ،بل وهذا هو الأسوأ،قد لاتستعيد ليز عافيتها أبداً بعد فقدانه .ولأجل مصلحة غرايغ كذلك ..
يجب أن ترفض إيبرل ما تريده أكثر من أي شيء في العالم كله !إنه على وشك الزواج من امرأة يحبها فعلاً..وأحبها منذ سنوات
طويلة ..ألم تقل غوين أغريبا ان الاثنين ،كان يمكن أن يتزوجا منذ أمد بعيد لولا زواج ريبيكا السابق ؟ثم هناك تانيا التي تحتاج بشدة
إلى أب ،ولها الأفضلية على ليز في حب غرايغ وحمايته .
_ماذا لو رمت إيبرل بكل المنطق السليم أدراج الرياح ،وتزوجت غرايغ ،على أمل أعمى بأن ينجح هذا الزواج بطريقة ما ؟ليس
هناك ضمانات بأن يستطيع إقناع براد ستاتون ،أن يوقع أوراق التبني ..وإذا فشل ..كما فشل الكثيرون من قبله ..يكون قد تحمل
على عاتقه عبء امرأة لايحبها،وحرم من طفلة قام لأجلها بمثل هذه التضحية ..
لا..إنها فكرة ميوؤس منها ..هناك سبب واحد يؤيدها :حب إيبرل العميق لغرايغ ..لكن هناك آلاف الأسباب لرفضها ..أسباب لا
تجرؤ على ذكرها خوفاً من أن يوقع بها فيضعف بهذا قرارها المهزوز بأن تفعل ما هو الأفضل للجميع .
_كررت ببرود :بالطبع لا..يالها من فكرة مجنونة .
بعد صمت قصير كئيب ،التوى فم غرايغ بتكشيرة كان يمكن أن يكون المقصود منها ابتسامة ضعيفة ..كان صوته خشناً متقطعاً
بإحساس أليم ،ربما يكون كرامة مجروحة :
حسن جداً..لم نغامر بشيء ولم نكسب شيئاً..بدت لي فكرة جيدة للحظات .
ردت إيبرل بلطف أكثر :أوه ..إنها فكرة جيدة فعلاً..ولقد فكرت فيها أكثر من مرة ..لكن ليس معك .
_أدركت كم أن كلامها كان مهيناً،فأضافت :أعني ..مع شخص آخر ..
أتعنين مات ؟جاهدت إيبرل لتمنع دموعاً هددت بافتضاح أمرها :أجل ..بالطبع ..مات .
فكرت بهذا طبعاً..لكن بما أنكما لستما على استعداد ..أو ربما لاوجود لاستعداد أبداً،فكرت أنك ربما ..أو هو ..حسن جداً..هذا ليس
من شأني ..مع ذلك ..ولكي أزيل العوائق من الطريق لك ،أو لشخص آخر ،أنوي أن أنفذ ما قلته :سأقنع الوالد المجنون بأن يتخلى
عنها ..وبما أنه لن يُسمح للعجوزين إيفنز باستبقائها معهما إلى الأبد ..فيجب أن تمنح فرصة للاستقرار ضمن أسرة تحبها كما
تستحق .
_بوصولهم إلى المزرعة ،واجهت إيبرل أخباراً أكثر سوءاً أضيفت إلى بؤسها الكامل .مع دخولهم إلى ردهة المنزل ،واجهوا
فريقاً ثائراً مهتاجاً مؤلفاً من العجوزين إيفنز ،غوين أغريبا،وماريان بوكستر ..
كلهم على ما يبدو كانوا يصغون إلى صوت اقتراب السيارة .
وكأنما حسب ترتيب مسبق ،اصطحبت غوين ليز إلى المطبخ تعدها بالحلوى والحليب ..وما إن أصبحت بعيدة عن السمع ،حتى
انفجرت ماريان بوكستر بالبكاء وأخذ الجميع يتكلمون معاً.
_ماتبين أخيراً،هو أن براد ستاتون وقف متربصاً وصول أول عامل في مكتب جمعية أصدقاء الطفولة في الصباح الباكر ،أول
الواصلين كان موظفة استقبال شابة جديدة في عملها ،وكانت أطباعه الخشنة السيئة كافية لأن تفزع الفتاة وتجعلها تعطيه العنوان
الذي يسعى إليه ..
بعد مغادرته مع عنوان إيفنز ،جمعت الفتاة ما أمكنها من هدوء لتتصل بمات الذي سارع للاتصال بالبوليس ..ومما زاد غضب
ستاتون عدم وجود أحد هناك ،ولم يكن لديه وقت لأن يحطم أكثر من النافذة الأمامية ،ويمزق مفروشات غرفة الجلوس ويرمي
القمامة على كل أجزاء المكان ،قبل وصول مات والبوليس ..
وألقي القبض عليه وهو يصيح بتهديدات رهيبة، ووضع في سجن المقاطعة. تكلمت فاين وقد هدأت قليلاً الآن: أنا لاأهتم البتة بما
نملكه، طالما نحن سالمين. والشكر كله في هذا يعود لك سيد بوكستر.
واستدارت نحو ماريان: وأنت كذلك.. سيدتي.. سهلت لنا أمر مجيئنا إلى هنا هذا الصباح .. دون أن نشك في شيء.. ليبارككما الله
معاً . لما فعلتماه لنا اليوم.
تلت إيبرل صلاة صامتة وهي ترتجف فزعاً لما كان أصاب العجوزين هذا الصباح، ، شاكرة الله على كل ما فعله غرايغ. وتقرر
أن يذهب ماكس وغرايغ إلى المنزل ليريا ما يمكن إنقاذه.. لكن،في الوقت الراهن، سيبقى ثلاثتهم في المزرعة. خلال الأسابيع التي
تلت، كانت إيبرل سعيدة بحياتها ماعدا ظل قاتم يحوم فوق قلبها.. كان موعد الحفلة الكبيرة لايبعد سوى أيام وقد أصبحت الحديقة
أجمل بكثير مما تصورت إيبرل..
خلال هذه الفترة من الزمن، علمت إيبرل بإعجاب وفرح أن الحفلة الخيرية لم تكن سوى لجمعية أصدقاء الطفولة. وأمام ذهول
إيبرل لهذا الخير، قالت ماريان بوكستر: أنا آسفة عزيزتي.. لقد اعتقدت أنك أتعلمين ! هذه أنانية مني، لكنني كنت أفترض أن جميع
المقربين مني يعرفون علاقتي بالجمعية، فأنا عضو مؤسس فيها والآن رئيسة مجلسة الإدارة.
لكن، مهما كان الأمر ، فقد كان هذا لخدمة الجميع.. ولأن إيبرل أشارت أمام السيدة بوكستر إلى حب السيدة أغريبا للأولاد، فقد
عُرض عليها مركز الأم المشرفة المقيمة في ملجأ الجمعية.. وبعد فترة من التفكير، قبلت غوين بترك منزل بوكستر في عهدة
الزوجين ايفنز، وتسلمت الإشراف على دار الأطفال، قائلة إنها تستطيع الإنتظار هناك إلى أن تحتاج ريبيكا مجدداً إلى مدبرة منزل
، وترسل في طلبها.. هكذا تم استخدام الزوجين إيفنز رسمياً في المزرعة. فاين ، كمدبرة منزل وطاهية، وماكس مشرف عام على
الصيانة.. لكن كان أفضل تطور هو أن براد ستاتون أصبح يسكن في الناحية الأخرى من القارة بعيداً عن ابنته، لأنه أعطى القانون
سبباً لسجنه، ولم تعد ليز ابنته.
قبل رحيله إلى شواطئ فلوريدا، وقع أوراقاً أعطت إذناً منه بتبني ليز.. وأوراقاً أخرى كذلك يعترف فيها أنه فهم أن وجوده، ولو
لوقت قصير ، في كاليفورنيا دون طلب إذن خطي من وصيها القانوني ، إيبرل ساوندرز، ستكون نتيجته العودة إلى تطبيق حكم
السجن المعلق تنفيده مقابل موافقته على الشروط التي تم ذكرها.
سألت إيبرل مات بعد إبلاغها الخبر المفرو ح : لكن كيف توصلت إلى إجباره على الاستسلام تماماً؟ ابتسم مات: لم يكن أنا من
أجبره إيبرل.. وآسف أن أقول .. إنه غرايغ.. لا هو ولابراد اعترفا بشيء، لكنني أظن أن غرايغ قدم له عرضاً لا يمكنه رفضه ..
إذا فهمت ماأعني.
_ أتعني.. رشوة؟
_ ربما.. أو ربما، جزئياً ، بعض المال.ا لأهم كما أعتقد أنه عرض عليه التحرر من الخوف من أشياء تحدث فجأة خلال الليل.
ارتجفت بخوف..
_ أوه.. هكذا إذن.
_ إنه رجل من بين مليون إيبرل .. هذا الرجل.
أخفضت نظرها، تفكر بالمستقبل المشرف الآن لليز.. ثم تمتمت:أجل.. أعرف هذا.
رأى مات في عيني إيبرل، وقال مفكراً: كنت متأكداً من أنك تعرفين.
كانت الوقت منتصف حزيران، بضعة أيام قبل الحدث الكبير. وكانت إيبرل تعمل في الحديقة كالمجنونة ، وتشرف على آخر
التفاصيل ، كي تكون الحديقة مصدر فخر لماريان بوكستر.. منذ تولت غوين مسؤولية الأولاد في الملجأ ، لم تعد ريبيكا تظهر كثيراً
في المزرعة ، لذا شعرت بشيء من الدهشة والإحباط ، عندما سمعت هدير الجاغوار الفضية تسرع في الطريق الداخلية
المرصوفة الآن . قصت إيبرل وردة أخرى واستقامت ، تمسح العرق عن جبينها ، وتراقب ريبيكا تتمايل بخفة نحوها ، مرتدية
تنورة بيضاء مكسرة ، وبلوزة دون أكمام .
_ مرحباً هناك .. لازلت تعملين كما أرى.
فكرت أيبرل وهي تقترب أن هناك شيئاً مختلفاً على وجه ريبيكا.. العضلات حول فمها أقل تشدداً ، وشفتاها أكثر امتلاءاً .. ثم فجأة
، أدركت أنها وللمرة الأولى منذ تعارفتا، تبدو ريبيكا قانعة وسعيدة حقاً. قالت ريبيكا تنظر حولها بتعجب: يجب أن أقول إنك قمت
في هذا المكان.. لم أكن لأصدق أن هذا ممكن .. حين جاء بي غرايغ لأراه، قلت له: حبيبي لايمكن أن تكون جاداً ! المكان لايصلح
حتى للفلاحين! لكنه الآن .. انظري إليه.. المنزل جميل، والحدائق رائعة.. سيكون المكان مخبأً حلواَ رومنسياً لقضاء العطلات.
كبتت إيبرل ردها ممتنة لأنها سرعان مالن تعود بحاجة لأن ترى ريبيكا، وابتسمت لها بأدب.. فسألتها الأخرى بصوت مشرق
جميل: كيف رأت عائلتك الصغيرة من المشردين الحياة في الريف؟ هل استقروا جيداً ؟
فكرت إيبرل : يالهذه المرأة الشريرة! لكنها تمتمت: كلنا سعداء هنا.
_ هذا ما أظننته.
وتقدمت إلى شجيرة قريبة لتنتزع وردة، فعضت إيبرل لسانها لمنع نفسها عن الصراخ في وجه السيدة المستفبلية للمنزل كي تبعد
يديها المدمرتين عن الورود. استدارت ريبيكا فجأة، تحرك كتفيها وتلوح بشعرها الطويل بدلال، مع أن لاوجود لأحد ليرى هذه
الحركة، ثم قالت مفكرة: أتعلمين.. الحديقة رائعة بالفعل الآن .. في لواقع إنها أكثر روعة من إضاعتها على حفلة خيرية .. فكري
كم ستكون حفلة زفاف ساحرة هنا .. مثلاً هناك قرب المشتل الزجاجي القريب ، حيث يتبادل العروسان القسم.
أصيبت إيبرل بالذهول المخرس مع دموع جمدت في مآقيها وحلقها، ولم ترد.. فاستدارت ريبيكا إليها: ألاتستطعين تصورها؟ ..
أنظري، الأوركسترا يمكن أن تعزف هناك..ولوحت بذراعها المنزل ، لكن إيبرل كانت قد تحملت كل ما تستطيعه.. وبصوت
غمغمة دون كلام، بدأت تبتعد.
وقفت ريبيكا تنظر إليها بدهشة ، وبصوت ساخط نادتها: المشكلة معكم، أنتم العاملون، أن لامخيلة لديكم !
في الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم الكبير، كانت إيبرل قد أتمت كل ما هو ممكن لتكون الحديقة جاهزة للحفلة .. وجاء دورها و
ليز لتتحضرا .. حين أخرجت إيبرل الفستان الحريري الملئ بالورود الخوخية المشمشية من الخزانة ، احتجت ليز: لكن ، إيبرل
ظننت أننا سنكون توأماً!
_ لاحبيبتي.. ارتدي أنت ثوبك الذي قدمه غرايغ لك.. لكنني قد أضطر للمساعدة في تقديم الطعام وأخشى أن أ لطخه.
ترددت ليز ثم قالت بحزن: سوف تجرحين مشاعره إيبرل. ردت بابتسامة متصلبة، لإخفاء ألم قلبها: أوه.. هراء.. حتى أنت لن
تلاحظي هذا.
في يوم ما، ربما بعد سنوات وسنوات ، قد يطاوعها قلبها بأن ترتدي الفستان المكسيكي ، حتى ولو كانت ريبيكا هي التي اختارته
لكن ليس الآن ، وليس اليوم ، لن تتمكن من تحمله . بعد قليل ، كانتا موضع اعجاب في النزل .. ليز بفستانها الأبيض
الزهرية على شعرها الرملي اللون ، ومع وهج الجمال الحقيقي على وجهها المسمر والمرتاح.. حضنتها فاين بعينين دامعتين ،
وقالت بغصه في حلقها: لم اشاهد في حياتي سيدتين شابتين بمثل هذا الجمال .
كانت السيدة أغريبا أول الوصلين في الرابعة تماماً ، واستقبلها الجميع بحرارة.. ومع بدء تبادل الأحاديث قبل الحفلة في المطبخ،
خرجت ليز وإيبرل تفتشان عن السيدة بوكستر. كان ملعب التنس قد أعد ليكون باحة رقص، مع فرقة موسيقية صغيرة تعزف
الموسيقي و أخذت ليز تتحرك بابتهاج في رقصة مرحة على إيقاع الفرقة وهي تحاول ضبط إيقاع آلاتها.
قالت إيبرل: اذهبي وألقي نظرة عليهم إذا أحببت. لمحت إيبرل السيدة بوكستر تتحدث إلى السقاة الذين حضروا طاولات الطعام
والشراب في الجانب الشمالي من المرجة الوسطى، التي من السهل أن يصل إليها معظم المدعوين. لاحظت ماريان بوكستر تقدم
إيبرل نحوها، فمدت يديها لها لتحضنها وتقبلها بحرارة، قبل أن تبعدها عنها قليلاً لتتفحصها: أنت فاتنة تماماً إيبرل، عزيزتي.. هذه
الألون تليق كثيراً بشعرك وبعينيك الرماديتين.. ستكونين أجمل امرأة هنا دون شك .كانت ترتدي فستاناً من "الفوال" البنفسجي
الفاتح، بسيط التفصيل، يبرز لونه لون شعرها الكثيف الأبيض، ويعطي جمالاً لبشرتها الزهرية الشقراء.
قالت إيبرل: وأنت رائعة كذلك.
كانت تشعر بالحزن لأن صداقتها الدافئة لهذه المرأة ستنتهي.. وستفقد للدعم العاطفي الذي طالما تلقته منها ، وإلى أحاديثهما
الهادئة.. فخلال الستة أشهر المنصرمة، أحست إيبرل ولأول مرة في حياتها، معنى أن يكون لها أم. قالت ماريان: إيبرل، قبل أن
يبدأ الضيوف بالتوافد، أريد شكرك لكل ما فعلته ستة أشهر، قلبت أرضاً مهملة إلى جنة. ولو استطاع إيان هيوشو أن يرى مافعلته
هنا، لرقص قلبه فخراً.منتديات ليلاس
أدارت إيبرل وجهها لتخفي الدموع في عينيها .. فهذا التقدير الكامل كان أكثر مما يتحمله قلبها المثقل في الوقت الحاضر.. وأجابت
بصوت مختنق: أنا سعيدة لأنك راضية عن عملي، سيدة بوكستر.. لكن بالمقارنة بما فعلته لليز، أنا لم أفعل شيئاً أبداً .. فبدون
مساعدة غرايغ ومساعدتك، كان سيعجز جميع من يحبها عن إنقاذها.
ردت السيدة بوكستر بابتسامة صغيرة: حسنا عزيزتي إيبرل.. هذا هو معنى الصداقة.. وبمناسبة الحديث عن الامتنان، ها قد أتى
غرايغ.. سأسلمك له الآن وأهتم بضيوفي . كانت إيبرل متأثرة بتقدير المرأة لها، حتى أنها لم تلاحظ كم كان غرايغ وسيماً بشكل
غير عادي، ببذلته العاجية اللون وقميصه الأسمر المفتوح الياقة. وعلى الفور أظهر اهتمامه بمظهر إيبرل.
_ هذا فستان جميل جداً، لكنني مندهش لماذا لم تقنعك ليز بارتداء الفستان الذي أهديتك إياه..
شعرت بإجفال لأنه لايزال يظنها لاتعرف المصدر الحقيقي لهديته، فقالت باستخفاف: في الواقع، الفستان لايناسبني تماماً، وأخشى
أنت تكون ريبيكا قد أساءت تقدير مقاسي. نظر إليها باهتمام وحذر، ثم قال: لايمكن أن يكون هذا صحيحاً إيبرل.
ردت بحدة: ولماذا لايكون صحيحاً ؟ أعتقد أنني أعرف أفضل منك ما يناسبني وما لايناسبني.
_ لادخل لريبيكا باختيار أي فستان من الاثنين.. وأراهن أنني أعرف كل مقاييسك بدقة. احمرت إيبرل غضباً لملاحظته.. ولتغطية
لحرجها، صاحت: إذن.. أنت تدعو ريبيكا كاذبة؟
_ لا إيبرل، أنت التي تدعينني بالكاذب .. مادخل ريبيكا في كل هذا؟
أدارت وجهها بسرعة غاضبة. أخذ غرايغ وجهها بين يديه، وأدارها نحوه. ثم قال عابساً : أعتقد أنني أستحق رداً .. وأطالب به
فوراً. تمتمت رافضة لقاء عينيه: أخبرتني أنها هي التي اختارته.
_ وهل قالت هذا حقاً؟
_ حسناً .. ليس بكلمات محددة.. لكن لم يكن هناك شك.. أوه.. لابأس في هذا! لايهم على أي حال.
قال مفكراً: فهمت.. في الواقع أنت على حق..لا يهم من اشترى الفستان، فهو لايناسب هذه الحفلة على أي حال.. لأنه فستان
عرس.
حدقت إيبرل به وفمها مفتوح دهشة.. لماذا لم يخطر ببالها من قبل أنه من غير المعقول أن تختار ريبيكا لإيبرل من بين كل الناس ،
فستاناً من طراز كانت ترتديه العروس قديماً ؟ لكن ما إن تشكل الرد في رأسها حتى أمسك غرايغ بمرفقها وسار بها، قائلاً بعفوية:
أنا أتضور جوعاً .. تعالي، دعينا نأكل شيئاً.
سمحت إيبرل بأن يقودها، وكانت لاتزال مشوشة الفكر، نحو طاولات الطعام المستطيلة المغطاة بمفارش بيضاء كالثلج، والتي
كانت محط الأنظار في المرجة.. مع أنها لم تكن تشعر بالشهية، وضعت إيبرل في طبقا بضع قطع خبز محمص مع الكافيار،
وقطعة بطيخ أحمر. ثم، وكأنما لاإرادة لها، لحقت بغرايغ وهو يبتعد عن الطاولات إلى حديقة الورود.
وقفا لوحدهما في مكان هادئ للحظات.. من على بعد، سمعت إيبرل السابحين وهم يغوصون في الماء.. كان المدعوون يتمتعون
جيداً بالحفلة، وراحت إيبرل تراقبهم يضحكون ويتبادلون الأحاديث.. إنه يوم عملت جاهدة لأجله.. وستذكره على الدوام.فجاًة تكلم
غرايغ مخترقاً أفكارها : من المؤسف جداً أن لايكون مات معنا الي اليوم.
نظرت إيبرل إليه ثم قالت بغير ارتياح:أجل، وأظن أن شيئاً مهماً طرأ وأبقاه بعيداً .
قال: إذا كنت تسمين الذهاب إلى سان دييغو لقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع أهل صديقته الجديدة، أمرأً طأرئاً . احمر وجه إيبرل
بعمق، وأطلقت تنهيدة شاهقة.. كم من المحرج أن يكشف خدعتها السخيفة بهذه الطريقة. لاشك أنه يعتقدها بلهاء طبعاً ، أو عانساً
عصبية مزاج تتظاهر أن هناك حبيباً لاوجود له.
قال غرايغ بجرأة : على وجه العموم، كان مات منجم ذهب من المعلومات لي. ولست أدري ماأدري ماذا كنت سأفعل بدونه. تقدم
زوجان أنيقان جميلان نحوهما ،وبعد تقديم غرايغ إيبرل لهما، حاولت الهرب ولكنه فهم مرادها فامتدت يده لتمسك بذراعها ..وبينما
الأصدقاء الثلاثة يتحدثون، وقفت إيبرل عالقة حيث هي تغلي من غيظها.. ثم ودعهما زوجان وابتعدا.
ترك غرايغ ذراع إيبرل، ثم نظر حوله بعفوية وقال: تبدو الحديقة ممتازة إيبرل.. لقد قمت بعمل جبار. يبدو لي ، وأتساءل ماإذا
كنت ستوافقين، أنه سيكون موقعاً رائعاً لإقامة عرس؟ خفق قلب إيبرل.. ألايكفيه أنه احتل قلبها وحياتها؟ هل من الضروري أن
يؤلمها بعرضه عليها خطط زفافه؟
رددت بصوت مرير: أجل.. هذا ماقالته ريبيكا.. تعتقذ أن قسم الزواج يجب أن يتم قرب المشتل الزجاجي هناك.. فهل تحدد الموعد
إذن؟ نظر إلى ساعته: أجل .. وأعتقد أنه في هذه اللحظة بالذات .. تم القرار.
_ ماذا .. أي قرار؟
_ ريبيكا في هذه اللحظات عروس محمرة الوجه في أكابولكو.
_ لا.. ستتزوجك أنت.. هنا.. قريباً..
لكن،حتى وهي تقول هذا، أدركت فجأة أنها لم تر ريبيكا اليوم.. مع أنها كانت متأكدة من أنها ستكون هنا، وسرعان ما ستطالب
بأملاكها. مرت نظرة غريبة على وجه غرايغ بدت كارتياح.
_ أوه.. لاإيبرل الجميلة.. ريبيكا ليست المرأة التي ستتزوجني هنا.. وقريباً .. ولم تكن أبداً .. فما الذي أعطاك مثل الانطباع؟
كان سخط إيبرل عظيماً لسؤاله، حتى أن صوتها ارتفع وهي ترد: ماالذي أعطاني هذا الانطباع؟ أنت! وريبيكا قالت.. وأمك! ولم
يكن انطباعاً ، كان إعلاناً !
ابتسم بقلق: إذن كان الأمر هكذا، فلاشك أنه إعلان يماثل ذاك الذي صدقته عن الفستان.. وهذا يدفعني لأقول لك أن كل شيء في
رأسك فقط. فلاشيء أبعد عن الإمكان بقدر الزواج بيني بين ريبيكا. انقلب تفكيرها رأساً على عقب.. دون شك، لايمكن أن تكون
أساءت الفهم إلى هذا الحد؟
_ لكنك اصطحبتها إلى المكسيك.. قاطعها ساخراً : لم أصطحبها إيبرل.. لقد ذهبت إلى هناك في عمل، وقررت ريبيكا السفر في
اليوم التالي لتستغل معارفي في حملة بحث عن زوج، كما أعتقد.. على الأقل هذا ماحدث
_ ماذا تعني؟
_ لقد التقت وتزوجت صاحب منجم فضة ، وحيد.. إنه أكبر منها سناً وليس في صحة جيدة، لكن هل يهم هذا أمام الحب الحقيقي؟
وابتسم ساخراً ثم: أعتقد أنها ستجعل منه " مالك القلعة" في أواخر أيامه.. على الأقل، لديها خبرة في هذا.
تفرست إيبرل في وجهه لتعرف مشاعره الحقيقية . هل هو مدمر بسبب نبذها له مرتين؟ هل يتظاهر بعدم الاكتراث والتسلية ليخفي
قلبه المحطم؟ نسيت نفسها في اهتمامها به، وسألت متسرعة: لكن. غرايغ عزيزي.. ألاتمانع .. أعني، كنت واثقة جداً أنك وهي..
وضع طرف إصبعه على شفتيها ليوقف كلماتها: لقد شككت بهذا لبعض الوقت.. وأعرف الآن أنني كنت على حق .. أوه.. لن أنكر
أن ريبيكا كانت من وقت إلى آخر، تخدع نفسها في الظن أنها تريد الزواج مني.. خاصة حين تكون ضجرة مابين علاقة حب
وأخرى .. لكنها لم تأخذ الأمر على محمل الجد يوماً ، بالنسبة لي فأنا لم أشعر نحوها أبداً سوى بإحساس الأخ الأكبر نحو شقيقته
الصغيرة.
تنفست إيبرل الصعداء: أوه.. هكذا إذن.. إذن حين طلبت مني البقاء مع أمك وأنت غائب ، لم تكن تعرف أن ريبيكا مسافرة معك؟
أعني كان يمكن أن تطلب منها البقاء بدلاً مني؟ كشر غرايغ وجهه، وقال ممازحاً : هذا إذا كنت على استعداد للمخاطرة بأن
تنكرني أمي .. لا إيبرل .. طلبت منك هذا لأن أمي تحبك، ولأنني أعرف أنني أستطيع الاعتماد عليك.. والأهم من كل هذا لأنني
أحبك.
احمر وجه إيبرل بغير ارتياح ، وقالت بإجفال: أرجوك.. لاتمازحني في هذا.
تلاشى المرح من وجه غرايغ لكلماتها، وأخذها بلطف بين ذراعيه ليقول بصوت أجش: لماذا تظنين أنني أمازحك، حبيبتي إيبرل؟
تراجعت إلى الوراء لتنظر في عينيه: لطالما مازحتني، منذ أول يوم التقينا فيه.. فلماذا أصدقك الآن؟ لقد أصبح مات بعيداً عن
طريقك الآن .. فماذا لو كان هذا مجرد مثال آخر ل.. طريقة الرجل مع الفتاة؟
شدها إليه بقوة: إيبرل.. أيمكن أن تقولي صادقة إن هذا كل شيء .. تلك الأوقات التي أمضيناها معاً ، في الحديقة، في منزلك، بعد
العشاء تلك الليلة؟ ألاتقنعك بأن الأمر كان أكثر من هذا بكثير. أحست إيبرل بصدق ماكان عقلها يرفض أن يصدقه .. كان عناقه
حنوناً مليئاً بالحاجة.. لكنه كذلك ثري بالالتزام والحب.. حين رفعت رأسها إليه ونظرت عميقاً في عينيه، رأت فيهما اعترافاً كانت
تتشوق إليه من أعماق قلبها.. فقالت بضعف: أوه.. غرايغ.. لماذا لم تخبرني بمشاعرك؟
ملس شعرها بيده: أتذكرين أول يوم التقينا.. وحذرتني أنك ستتخلين عن أي رب عمل يتجاوز حده؟ حسناً ، لقد فهمت الإنذار.. وبما
أنك كنت شديدة الحساسية، خشيت لو أنني قمت بحركة خاطئة فسأفقدك إلى الأبد.. كنت قلقة جداً مني.. لذا فكرت أنك لو عملت
لأمي بدلاًمني ، ستهدئين من روعك قليلاً وقد تثقين بي.
بدأت إيبرل تدرك كيف بدأ كل سوء التفاهم هذا.
_ إذن هذا ما كنت تعنيه حين قلت إنك تفضل التضور جوعاً على أن تكون رب عملي. ضحك غرايغ باختصار: أجل.. إضافة إلى
تهجمي عليك، لكن هذا أمر أسامح نفسي عليه.. فأنا لست ملاكاً على أي حال.
قالت مفكرة: أظن أن الأمور سارت مسيرة خاطئة ابتداء من هذه النقطة. إذ، بعد هذا رأيتني مع مات.. وتركتك تظن..
_ أجل هذا صحيح، لماذا فعلت هذا حبيبتي؟
كان سؤاله حزيناً إلى درجة أحزن معه إيبرل، فصاحت: أوه.. أنا لاأعرف لماذا حتى الآن.! ظننت أنك لو اعتقدت بوجود رجل
آخر.. فستتركني وشأني.
قال متجهماً : إذن كنت على حق، أنت لم تعجبي بي في البداية!
_ لا.. بل أحببتك! أحببتك منذ اليوم الأول، لكن كان هناك ريبيكا، كما كنت أعتقد. وبدا لي أنك كنت دائماَ تعبث معي.. حين
استننجت بنفسك تلك العلاقة، اعتقدت أن هذا سيساعدني على إبعادك عني.. كنت أحتاج إلى المساعدة لأقاومك. وتعلثمت بخجل.
شدها إليه بضحكة مرحة وقبل رأسها: إذن لولا مات لما رفضت طلب الزواج بمثل ذلك الحزم.. ولم يكن السبب أنك لاتحبينني..
أخبريني إيبرل.. هل كان ذلك الرفض بسبب ريبيكا فقط؟؟
_ أجل.. أوه أجل، غرايغ. لو أنك كنت تعرف كم أردت أن أقول نعم.. لكنني ظننتك تضحي بسعادتك لأجل ليز.
تمتم بغصة في حلقة: أوه .. ياحمراء الشعر، يامخطئة التفكير، إيبرل.. وضع ليز لم يكن السبب في اختياري ذلك الوقت بالذات.. بل
كنت أنت السبب. كنت أريدك بيأس.. ومستعداً أن أحصل عليك بأي طريقة كانت ، حتى ولو سرقتك من رجل آخر.
قالت بحزن: أوه غرايغ.. لقد أضعنا كثيراً من الوقت.
_ لاتهتمي.. لن نضيع المزيد منه.. قريباً سنكون معاً وإلى الأبد .. ثلاثتنا في البداية.. ثم.. ضمها إليه مجدداً لتستسلم بين ذراعيه.
نظر غرايغ من فوق كتفه إلى الحديقة خلفه.. وبصوت عميق أجش، قال: أظن أن ريبيكا كانت مخطئة بشأن المشتل.
تمتمت وهي لاتزال تتنعم بلحظات الفرح: أجل..
تابع غرايغ بصوته الكسول المربح: سوف نقسم قسم الزواج هنا قرب حديقة الورود تماماً .. حيث انتشلتك أول مرة من بين
الأشواك.. وعرفت أنني وجدتك أخيراً .. وجدت حبي الشبيه بالوردة الحمراء.. والتي ستزهر مجدداً في حزيران.منتديات ليلاس
تمــــــــــــــــــــــــــــــــــت
|