كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
7_ ثوب العروس
كشفت الأيام القليلة التي تلت عن تغيير ملحوظ في سلوك السيدة أغريبا خلال زيارة الصغيرة تانيا ماونتن.. كان وجهها يحمل تعبيراً هادئاً قانعاً بدل تجعده المألوف، والأكثر ملاحظة، كانت السعادة التي تشعر يها لوجود الطفلة والتي بدت أنها تغمرها بشكل كامل، بحيث تتدفق متسعة للجميع في المنزل، حتى لإيبرل. ولكن برأي إيبرل تانيا ماونتن ليست طفلة يسهل حبها.
منتديات ليلاس
كان لتانيا وجه ملاك وشخصية شيطان متمرس، وبدا أنها حقاً ابنة أمها.. فهي لاتمتلك فقط جمال أمها الشبيه بجمال دمية البورسلان،
بل تمتلك كذلك غطرستها المستهترة، مع الطفلة إلى الانغماس في نوبات غضب متوحشة أمام أي استفزاز.. خلال الأسبوع، شهدت إيبرل عدداً من ردات الفعل هذه، وكانت غوين أغريبا تعالجها كلها بتحمل محب مثير للإعجاب.
لكن نوبة غضب واحدة تركت انطباعاً حاداً في نفس إيبرل، لأن المخلوقان اللذان تحبهما أكثر شيء في العالم، كانا الضحيتين.. حدث ذلك مساء سبت بعد أن حولت الطفلة العشاء إلى مجزرة ، إذ قالت السيدة غرايغ متجهمة: ذكرلي غرايغ أن لك صديقة صغيرة في عمرتانيا. قالت: أجل.
وأملت أن تكون مخطئة في ما تظن أنه سيطلب منها.
_ أخبرتك سابقاً أن تانيا ستضجر هنا.. ربما لو كان بصحبتها من تلعب معه، في مثل سنها.. ما رأيك؟ هكذا، وعلى مضض، وبالرغم من رفضها الصامت، وافقت إيبرل على أن تحضرها في الغد.
في اليوم التالي، لم تكد تمض ساعة على وجود الفتاتين معاً حتى تحققت أسوأ مخاوف إيبرل.. طبيعة الطفلتين المتعاكستين شبيهة بتعاكس الزيت والماء.. ولإحساسها بالذنب والمسؤولية، قررت إيبرل أن تبقى على مرمى السمع طوال اليوم.. وبعد غداء محموم على المرجة، تركتهما لتأكلا الحلوى، وشغلت نفسها في تشذيب الشجيرات المزهرة عند الحد الغربي للمرجة.
كان أول صوت سمعته إيبرل شهقة مخنوقة، ثم تبعته صيحة حادة من ليز: كفي عن هذا! دعيه وشأنه!ثم جاء صوت تانيا المتكبر:
_ اخرسي، واهتمي بشؤونك! أنا الأم ويجب أن يشرب العصير.
استدارت إيبرل لترى رأس برنس عالقاً بشدة تحت إبط تانيا، وجسده يتلوى تحت ذراعها، قائمتاه الخلفيتان تتحركان في الهواء بيأس، وليز تقف ويداها مشدودتان أمام صدرها بينما قدماها ترتجفان بذعر .. تجاهلت تانيا بعناد كل هذا العذاب، وأكملت تصب الليمونادة في حلق القط المختنق.
صاحت إيبرل بصوت حاد أجفل الفتاتين معاً: هذا يكفي تانيا! ردت الفتاة بتكشيرة متحدية، وأمسكت القط من شعره ورمته إلى أبعد مدى تسمح به قوتها، حيث انطلق هارباً كالصاروخ.. صاحت تانيا في وجه إيبرل: لاأريد أن ألعب بهذا القط الغبي البشع على أي حال
انفرجت ليزباكية وهي تصيح:إنه ليس غبياً ولابشعاً .
استدارت تانيا نحو ليز بغضب مجنون، كانت إيبرل تخشاه خلال الأسبوع الذي مر: بلى إنه كذلك. وأنت أيضاً ! في الواقع هذا سبب ترك أمك لك، أنت غبية إلى درجة أن تصدقي أنها في المستشفى مريضة! لكنني أعرف أنها هربت وتركتك لأنك بشعة! أنت بشعة جداً حتى أمك ذاتها لاتحبك!
أبعدت نظرة الصدمة الحزينة على وجه ليز كل شيء من رأس إيبرل.. مدت يديها إلى ليز تنوي إبعادها وإنهاء الصدام بينها وبين تانيا
وأحست بطعنة تدمي قلبها حين انتزعت ليز نفسها منها وخبأت عينيها الباكيتين بين يديها.. أوه.. ياإلهي! هل تظن الصديقة الصغيرة أن إيبرل قد تضربها في فورة غضب؟.. وقالت متضرعة: ليز .. حبيبتي.. فجأة تناهي صوت رجل عميق من بعيد: سأتولى هذا الأمر بنفسي.. خذي ليز إلى منزلك.
رفعت إيبرل رأسها لترى غرايغ يتقدم عبر المرجة حاملاً حقيبة تحت إبطة، ويشير إلى تانيا باليد الأخرى ونظرة تجهم عنيد على وجهه.. حملت إيبرل ليز بيـذراعيها، فلفت الفتاة ذراعيها النحلتين بقوة حول عنق إيبرل وقد استعادت توازنها. انطلقت إيبرل نحو منزلها وكان آخر ماسمعته صوت غرايغ الصارم يقول: حسن جداً أيتها الشابة الصغيرة.. لاأريد سماع كلمة أخرى منك.. والآن .. إلى المنزل.. تحركي!
بعد بضع دقائق، ظهر غرايغ عند باب منزل إيبرل، لازال يحمل حقائبه، ورآها في غرفة الجلوس والصغيرة مكورة في حجرها فوق الأريكة.. دخل، وقالت إيبرل وعيناها مليئتان بالدموع: لم أستطع منعها من البكاء!
جلس غرايغ إلى جانبيهما، بحيث يرى ليز.. ثم تكلم إلى إيبرل بلهجة جادة.
_ أعتقد أنك لم تلاحظي أن تانيا تعاني من شيء خاطئ جداً في عينيها. شهقت إيبرل:حقاً!
هز رأسه بحزن، دون الاهتمام بليز التي توقفت فجأة عن البكاء كي تسمع مايقوله الكبار: نادراً مانتكلم عن هذا.. لكنني أرى الآن وجوب ذكره لك.
_ يا إلهي!
_ إنه مرض نادر.. مع أنه معروف طبياً.. المسألة أن الصغيرة لاتستطيع رؤية الجمال. شهقت إيبرل:آه..
جمدت ليز وكأنها تلقت صدمة.. تابع غرايغ بعجز: الأمر مؤسف جداً.. يمكنها أن تكون على بُعد إنشات من زهرة جميلة، لكن كل ماتراه هو أعشاب ضارة. نعطيها فستاناً جميلاً وجديداً فتراه فستاناً قديماً.. تصوري كيف ستمضي حياتها هكذا.منتديات ليلاس
لتجاريه في لعبته، ردت إيبرل: إنها لفاجعة.. مسكينة تانيا.
تنهد غرايغ: أجل .. إنه حمل فظيع بالنسبة لفتاة صغيرة.. لن ترى طوال حياتها أي شيء جميل.. وبالطبع نحن لانخبرها عن الأمر.. فما فائدة الكلام حول أشياء لاتستطيع أن تراها؟
- أجل.. أوافق تماماً معك .. فهذا ليس دون فائدة فقط بل ظلم وقساوة.
_ بالضبط.. لهذا حين تسمي رؤية جماله، ولاجدوى من الجدال مع شخص كهذا. صمتت إيبرل وكذلك غرايغ.. فجأة خرجت ليز من قوقعتها، وجلست مستقيمة في حجر إيبرل لتسمح أنفها المبلل بطرف قميصها القطني.. وقالت بلهجة من يريد التسامح لكن لاالنسيان
_ ماكان يجب أن تكون شريرة مع برنس. قال غرايغ وكأنه يلاحظ وجودها لتوه: بالتأكيد لا! كان عملاً شريراً جداً منها.. وستنال عقابها لهذا. قالت: جيد.
بجو من الرضى، انسلت من حجر إيبرل لتأ خذ لنفسها مكاناً على كرسي قبالة الأريكة.. واتجهت بعينيها المحمرتين إلى اللفائف الموضوعة عند قدمي غرايغ.
قال غرايغ: والآن هذه اللفائف..
راحت تراقبه وهو يتحدث بحيوية إلى ليز، وأحست بتأنيب خجل لظنها أنه إنما يلاطف ليز للوصول إليها . وكم كانت ممتنة لأنهالم تصرح بتفكيرها هذا أمامه، فأي إنسان يشهد اللطف واللباقة اللذين أظهرهما نحو ليز اليوم لايمكنه يوماً أن يشكك بمشاعره تجاهها.. وتجاه كل الأطفال.
استقرت في قلب إيبرل ثقة عميقة دافئة بهذا الرجل ،فمهما كان الذي حدث في الماضي أو ما سيأتي به المستقبل، فهي ستتذكر دائماً أنه قام بدور " الفارس الأبيض" لطفلة ضعيفة مجروحة.. وأنه، وبذكاء، وضع حداً لما كان يمكن أن يسبب لكبرياء ليز الضعيفة جرحاً لايندمل.
أعطى غرايغ ليز لفافة متوسطة الحجم، وأشار إليها أن تفتحها.. طوال الوقت وهي تفعل ، كان يتابع سرد تفاصيل مااشتراه.
_ دخلت عشرات المحلات، ونظرت إلى مئات الأشياء، بعضها كان لابأس به، لكنه لم يكن ما كنت أفكر فيه . كنت على وشك الاستسلام، حين وصلت إلى محل صغير اسمه لابيليزا أي الجمال.. قلت للمرأة هناك " أبحث عن شيء يليق بسيدة صغيرة لها بشرة ناعمة كأوراق وردة .. وشعر كأنه السكر الأسمر ، وعينان زرقاوان كالسماء,, بالمختصر، سيدة صغيرة جميلة جداً"
وضعت المرأة إصبعها على رأس أنفها وفكرت قليلاً ، ثم غمزت لي، ودخلت إلى آخر المحل، وهذا ماخرجت به إلي. أنهي غرايغ قصته في الوقت نفسه الذي جذبت فيه ليز من بين اللفائف الورقية، ما اتضح لإييبرل أنه نسخة مصغرة وغالية الثمن، من فستان الدانتيل المخرم الذي يعرف بفستان العروس المكسيكية.. وضعت ليز الفستان القطني العاجي اللون على صدرها، ومنحت غرايغ ابتسامة مرتجفة وهي تسأل بارتباك:
_ لكن..؟ هل هذا الفستان لتانيا؟ ضحك: لا..إنه لك وزتي الصغيرة! ماذا كنت أقول لتوي؟
أخفضت ليز عينيها بتمتمة: أنا لست بشعة.. أعرف هذا.. لكنني لست .. جميلة.
ضرب غرايغ جبينه براحة يده: استدعي الطبيب إيبرل! يجب أن نفحص عيني هذه الطفلة! أظنها التقطت العدوى من تانيا.
رأت إيبرل أن ردة فعل ليز موزعة بين الضحك والدموع،فوقفت تحتضن الصغيرة وتدفعها نحو غرفة النوم.
بالطبع هو لك حبيبتي. أسرعي الآن وجربيه لنراه. حين غادرت ليز الغرفة، استدارت إيبرل نحو غرايغ والدموع في عينيها:
_ هذا يوم لن تنساه ليز.. وأريد أن أ شكرك لجعلك إياه ذكرى جميلة بدلاً من فاجعة لاتنسى.رد بهدوء:
_ لاتمدحيني كثيراً .. فأنا لم أقل كلمة غير صحيحة.. إنها فعلاً فتاة جميلة إن كان للمرء عين صادقة ترى الجمال.أحست بشوق غامر كي تعانقه، لكنه شوق مختلف تماماً عن الذي شعرت به منذ أسبوع، وفي نفس المكان. في الواقع، كان الإحساس أكثر عمقاً وأقوى.. ومن غير الحكمة أن تنقاد وراءه..
حدقا ببعضهما صامتين.. ثم تم اللقاء. أحست بذراعيه تطوقانها، وتضمانها بحنان ورأسها على صدره.. قال متمتماً: رائحتك كرائحة الخوخ في الشمس. أحست بجسدها يسترخي.. وفي هذه اللحظة بالذات، قفزت ليز عائدة إلى الغرفة ووجهها الصغير البسيط يلمع بفرح.. على الفور سحبت نفسها مبتعدة عن غرايغ، وهي تشعر بغباء شديد لأنها ومرة أخرى فقدت سيطرتها على نفسها، واستجابت لدى أول حركة من إصبع هذا الرجل.. لكن ليز كما تبدو لم تلحظ أي شيء غير عادي وهي تقف بخجل أمامها، تنتظر مقطوعة الأنفاس تعليقهما.. وبدت فعلاً كزهرة جبل صغيرة صافية في ثوبها الأبيض.. أبديا لها إعجابهما الشديد، ثم ناولها غرايغ لفافة أخرى.
قال وهي تخرج منها دمية خشبية ترتدي ثياب مهرج:هذه لتخليد ذكرى أول يوم من لقائنا.. لكنني كنت أتمنى لو أنها تمتلك فماً ليلكياً.
وشارك إيبرل ابتسامة خاصة. بينما انشغلت ليز بتحريك خيوط الدمية، وراحت تضحك بابتهاج للحركات الغريبة التي تقوم بها.. قدم غرايغ آخر لفافة إلى إيبرل وقال: وهذه لك.
وضعت الهدية في حجرها.. وفتحت فمها عاجزة عن الكلام.. كيف يمكنها التعامل مع هدية كهذه؟ في مثل هذا الظرف، يمكن أن يكون لها دلالة كبيرة.. أو.. من ناحية أخرى، قد لايكون لها معنى أبداً .. شلها الارتباك ولم تقدر على قول شيء. لكن ليز لم يكن عندها مثل هذه المشكلة.. فصاحت قائلة بسعادة:
_ إنها تشبه هديتي إيبرل! سنكون كالتوأم الآن!
مررت إيبرل يدها بنعومة فوق القسم العلوي المطرز المحتشم، الأكمام الواسعة كالجرس، التطريز اليدوي الناعم للثوب المشابه لثوب ليز، ثوب الأيام التي تلت ذلك الأحد المليء بالأحداث. فكرت إيبرل العديد من المرات بالفستان الجميل المعلق الآن في خزانتها في انتظار أن ترتديه في مناسبة لائقة..
لكنها أحست بالغباء لمجرد التفكير بما دفع غرايغ لأن يأتيها بهدية ، هذا عدا عن اختياره لهذه الهدية بالذات.. لاشيء في تصرفاته، ماضياً أو حاضراً، يجيز لشخص متعقل أن يستنتج أي معنى خفي من هذا.. إنه رجل عابث، صحيح أنه ساعد ليز، وبدافع الكرم، بشراء هدية لها، وفي هذا الوقت بالذات، اشترى نفس الهدية بحجم كبير لامرأة شابة متعلقة بتلك الطفلة.
لذلك ودون أدنى شك، الأمر بسيط ولامبرر لتعليق الآمال حوله. ومع ذلك ، فإن سوء النية بقي في رأسها يحذرها إلى أن خشيت أن تنهار أعصابها. لذا كان من المريح لها، أن تكتشف السبب الحقيقي لاختياره ثوب العروس المكسيكي.. حدث هذا في يوم دافئ أوائل نيسان ، كانت الحرارة مرتفعة في غير أوانها، ووجدت العمل في تنظيف أكوام الأعشاب اليابسة على المنحدر الخفيف الذي يقع بين البركة وملعب التنس مرهقاً، معرّقاً.
كان نسيم الربيع ساكناً هادئاً، ماعدا أصوات أزيز النحل التي تدور لتكمل عملها اليومي.. حتى أنها قفزت مجفلة لسماع اسمها.
_ آنسة ساوندرز! مرحباً هناك! أراك تعملين كالقندس.
كانت ريبيكا ماونتن تقف وسط السلالم الموصلة بين البركة والملعب. ترتدي بيكيني أزرقاً لماعاً. وبالطبع، كانت إيبرل ترتدي ثياب العمل، بنطلون جينز وقميصاً قطنياً، وتربط قطعة من القماش لمسح العرق عن جبينها..
ردت إيبرل بهدوء: بالطبع لا.. ولماذا تعيقينني؟ أرى أنك بدأت تكتسبين اللون الأسمر.
_ لايمكنك أن تتصوري مدى روعة الطقس في المكسيك.. لاشيء سوى الشمس وضوء القمر لأسبوع كامل.
عرفت إيبرل أنها تريد أن تتصورهما معاً، هي وغرايغ، تحت ضوء القمر.. وبالطبع تصورتهما. كانت ريبيكا تحمل في يدها كوب عصير مثلج من نوع ما، أخذت ترتشفه بعد أن جلست في المقعد ووجهها متجه ناحية الشمس.. وأكملت: جئت اليوم لزيارة ماريان، لكنني وجدتها مشغولة حتى أذنيها في التحضير لحفلتها.. وغوين مشغولة بتانيا.. لذا بقيت وحدي.
_ ستكون السيدة بوكستر جاهزة في حزيران إذا بدأت التنظيم منذ الآن. ردت بتكاسل :
_ أوه.. ليس تلك الحفلة. ستقيم حفل تعريف بالمنزل بعد أسبوع أو اثنين.. بالتأكيد أخبرتك عنها!
_ لا.. ولاسبب يدعوها كي تخبرني عنها.
_ هذا ماظننته ، مع أنها أصرت على دعوتك .. أنا واثقة أنك ستتلقين الدعوة قريباً.
كان هناك نوع من المشاكسة في صوتها . ولم ترد إيبرل ، لكن أفكاراً عديدة كانت تتسارع في رأسها . لماذا تصر السيدة بوكستر على مجئ يد عاملة إلى حفلتها الخاصة؟ هل ترفض إيبرل الدعوة ؟ هل سيكون غرايغ هناك؟ولو قبلت..ماذا يمكن أن ترتدي ؟
كأنما قرأت ريبيكا أفكارها، فقالت:سيعطيك هذا فرصة لارتداء ثوبك الجديد..إنه ثوب مناسب لحفلة يوم أحد مفتوحة.
سألت إيبرل بدهشة :وهل تعلمين بأمر الفستان الجديد ؟
ضحكت بطريقة بغيضة:أستطيع قول هذا !لقد أتعبت قدمي كثيراً لأشتريه ،وهدايا تلك الفتاة القبيحة كذلك .
حبست إيبرل أنفاسها ..بكل تأكيد ،لايمكن أن يكون غرايغ قد دعا ليز بالقبيحة ..لا..لن تصدق هذا ..لاشك أنها أغريبا..
صحيح أنها كانت لطيفة محبة لليز في ذلك اليوم المليء بالأحداث ..لكن بالمقارنة مع جمال تانيا ،فهي على الأرجح رأت
ليز عادية جداً.أحست إيبرل بالإرهاق فجأة فجلست على الأرض وأخرجت منديلاً متسخاً من جيبها وراحت تمسح به
وجهها المبلل عرقاً..
إذن ريبيكا هي التي اختارت الفستان الذي أمضت إيبرل الكثير من أوقاتها تحلم به ..يمكن أن تكون صاحبة فكرة
الهدية أيضاً..لابد أنها كانت تشتري هدايا لغوين وتانيا فقالت حينها لغرايغ:لماذا لاتنتقي شيئاً لتلك التي نسيت اسمها ..
الفتاة الجنائنية التي أبدت الاستعداد لرعاية أمك .
_مرة أخرى،وبخفة،رددت ريبيكا أفكار إيبرل ..قالت ضاحكة في تسامح :ياللرجال !إنهم لايعرفون ماذا يشترون
ولاأين يجدون طلبهم .وكان يوماً حاراًجداً حتى ظننت أنني سأذوب !
دون حماس ،قالت إيبرل شيئاً يشبه كلمة شكر ،وأضافت "إنه فستان جميل"..ساد الصمت قليلاًبين المرأتين ،ثم
سألت ريبيكا فجأة :
_ماذا تنوين أن تزرعي هناك حيث تنظفين التراب؟ردت إيبرل بدهشة ،لأن ريبيكا أظهرت اهتماماً بالحديقة :
الخباز كما أعتقد .
أعتقد أنني أفضل شجيرات التوت البري الأحمر .تفضل ؟التوت البري الأحمر ..دعيني أفكر ..هناك الكثير من
الشجيرات المماثلة .
_مارأيك بشوك النار؟هذا هي ،آخر واحدة ..أظنني سأحبها ،إنها تمتلىء حيوياً حمراء كالكرز في الخريف .
ترددت إيبرل،غير واثقة .أظن أن النحل سيسبب مشكلة مع وجود شوك النار ،فهو يتجه إلى زهرها الحلو
في الربيع ..ومع وجود الناس حول البركة أظن شيئاً آخر سوف ..
_جلست ريبيكا تظلل عينيها بيدها ،وتنظر بثبات إلى إيبرل ثم قالت :آنسة ساوندرز ..
حين تمتلكين حديقة خاصة بك بإمكانك زراعة ماتشائين ..أما الآن فتذكري أنك تعملين هنا .
تجمد وجه إيبرل وتصلب جسدها بالإهانة والغضب وهي تقف تتحضر للمغادرة ..
_وتذكرت أمل السيدة أغريبا في أن يعود غرايغ وريبيكا من المكسيك متزوجين ..لكن هذا لم يحدث وإلا لما
أضاعت ريبيكا أية لحظة للإعلان عنه .لكن من الواضح الآن أن الزواج وشيك ،فها هي ريبيكا تتحدث وكأن
لها حقوق الزوجة ومالكة الأرض ..
_حسن إذن ،فلتحصل على الأشواك النارية قرب بركة سباحتها ..فبحلول الربيع القادم ،حين يأتي النحل ليمتص
الرحيق الحلو من الزهور العاجية اللون ،ستكون إيبرل قد رحلت عن هذا المكان منذ زمن بعيد .
قالت ريبيكا بدهشة مصطنعة :أوه ..
منتديات ليلاس
_هل أنت ذاهبة ؟أرجو أن لايكون السبب شيئاً قلته ..
بينما كانت إيبرل تبتعد ،عادت ريبيكا تسترخي بارتياح في مقعدها لتدير وجهها مرة أخرى إلى الشمس .
يتبع الجــــــــــــــــــــــــزء الثــــــــــــــــــــــــــامن
|