كاتب الموضوع :
ola_mfs
المنتدى :
الادباء والكتاب العرب
مساء الخير
بهاء طاهر ,كعادته, راصدا المناخ الاجتماعي في مصر بما يحمله من موروثات و تقاليد و تاثيره على السلوك الفردي دون اللجوء الى الغموض او التكثيف ,كما نجده اليوم في هذه الرواية الممتعة التي تتميز بببساطة السرد و متعة الحكي و سلاسة الانتقال عبر الازمنة من عالم اليقظة الى عالم الاحلام ,رواية قدمت حي السيدة زينب و ناس السيدة زينب , نماذج انسانية مختلفة قدمها بصدق , تجدها قريبة منك كانك تعرفها من قبل .
هل هذا كل شيء ؟ بالطبع لا , الرواية تحتاج قدرا من العناية و الاهتمام و امعان الفكر و فراءة المسكوت عنه فخلف هذه البساطة تقرا التحولات النفسية الفكرية لاجيال من المصريين داهمها واقع ما بعد حرب 73 بكل ما فيه من كآبة و سواد , عالم غابت فيه شعارات العدالة الاجتماعية و فكرة الوطن و كرامة المواطن الذي عاش حالة تردي نفسي و فكري نالت من اعتزازه بنفسه و اماله في المستقبل .
شخصيات عذبها اختلاط الرؤى و المفاهيم امام عينيها بين الانتماء للجذور و الانتماء للعصر بكل همومه و تحدياته , فالرواية تقدم لنا عالمين مستقلين , عالم الحي الشعبي -السيدة زينب- و معالمه الاثرية الاسلامية و شخصياته المعتادة و طقوسه / رمضان و المولد النبوي و مولد السيدة و حلقات الذكر و حرق البخور لطرد الشياطين و جلب الرزق و حلول البركة و سير الصالحين و السالكين , و في المقابل هناك عالم مازوم: شخصياته تتحدث عن ابولو و فرويد و ماركس و اوديب و ترطن بعبارات البروليتاريا و الامبريالية و الاقطاع و النرجسية , و مشتغلين في السياسة يعارضون,يكتبون المنشورات, يدخلون السجون, ثوار ,و اشباه ثوار -كالذي انتمى في شبابه الى احدى التنظيمات الماركسية و سجن ثم خرج من السجن يلعن النضال و الثورة و الفقراء و عبد الناصر
و بين النقيضين , الجماهير-التي تبحث عن حلول سحرية لمواجهة مشاكلها و ما زالت تخلط وصفة العطار ببركة الدعاء و جاه ام العواجز تنتظر المدد من اصحاب الاضرحة - ,و بين نخبة تنفصل عن الواقع كما تعيشه الجماهير, تبرز نقطة نور كما يراها الكاتب -النور الذي سيبزغ من قلب الظلام ربما هو الانتماء الى ثقافة تضع حدا فاصلا بين ارواح البشر الهائمة في السماء و اجسادهم المغروزة في الطين ,
***********
ola_mfs
كل الشكر و التقدير
|