كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وبينما كان يحاول الانتصار على القلق الذي عشعش في رأسه كانت لحظات النهار تسير أمامه كطيف غمام جميل مما يشعره ولو بقليل من الراحة ، كانت صورة فيفيان تمر أمامه كل لحظة بعد لحظة ، ساعات مضت بين الحب والسعادة والقلق المسافر نحو تونس .
نهض في الصباح الباكر على رنين الهاتف المتواصل .... امسك الهاتف بلهفة :
- آلو نعم .
- سيد طارق مكالمة لك من تونس .
قال له الصوت القادم من الأثير :
- أنا حاضر .
- طارق ، طارق ، كم نحن مشتاقون لك كثيرا .
قالت المرأة على الهاتف بصوت بعيد يملؤه الدموع والغصة .
- كيف أحوال الصغير يا ليلى .
- جيدة يا عزيزي ، انه بخير لقد نجا بأعجوبة أن الله إلى جانبه الآن .
- هل تعافي جيدا ؟؟ هل نجحت العملية أرجوك قولي يا ليلى ؟
- نعم يا حبيبي ، نعم لقد نجحت مئة بالمئة ولكنه بحاجة إلى العناية الطبية الآن ، ولقد قرر الطبيب بأنه يستطيع الخروج خلال أيام .
- هذا جيد ، أرجوك انتبهي جيدا وإذا حدث شئ طارئ أرجو أن تتصلي على الفور لان الخطوط عندنا صعبة جدا بسبب هذه العواصف التي لا تنتهي .
- حسنا يا حبيبي ، أرجو أن تكون بخير وتعود قريبا ، كما نحن بشوق لرؤيتك الحبيبة .
- حسنا ، حسنا إلى اللقاء القريب .
وانقطعت المخابرة القصيرة المنعشة للروح والعقل والجسد ، وكأنها إكسير الحياة ، وعندها استطاع أن ينهض بنشاط من فراشه ، وهو يحدق بالساعة على الحائط ، كان عليه أن يكتب قليلا ... توجه إلى مكتبه وامسك بالقلم ليبدأ بالكتابة من جديد لم يكن هناك سوى خيال فيفيان وجمال عينيها اخذ القلم يخط الكلام المبدع والجميل الذي يصف فيها خلايا جسدها بكل ما يملك من أنوثة ويصف وميض عينيها ورونق شعرها الأسود وهو يتطاير على أكتافها .. امسك الأوراق التي كتبها بين يديه واخذ يراجعها بإمعان زائد وشعر بان سحر غريب في تلك الكلمات كأنه يصف أميرة من الصحراء قادمة على فرس بثوب ابيض وشعرها يتطاير شمالا ويمينا لم يكتب بهذا الجمال من قبل انه شاعر ولكن رؤية فيفيان له جعلته أكثر من شاعر للكلمات لقد أصبح شاعرا لأكثر من ذلك أصبحت كلماته تتراقص سحرا على تلك السطور وكأنه لأول مرة يكتب الشعر العربي .
نهض مسرعا وتوجه نحو ملابسه وارتداها بشكل أنيق وهو يضج بالسحر بذلك القميص الأبيض الذي يكشف عن صدر برونزي رائع وتلك الشعيرات القليلة التي تزيده سحرا على سحر ، ولبس البنطلون الرمادي ووضع الجاكيت الضخمة التي تساعده في السيطرة على البرد ومن تلك الزاوية بدا وكأنه فارس قادم على صهوة جواد اسود .
امسك الأوراق بين يديه وطار بها إلى فيفيان .. توقف أما مكتبها بينما كانت منهمكة على آلتها الطابعة لم تشعر بوجوده ولكنها سريعا لاحظت جسده المثير برائحته التي زكمت انفها وعرفت انه هنا نظرت بتلك العينين والابتسامة الخلابة ثم ما لبثت أن دخل قلبه إحساس صاعق كقوة البرق وتأثيره كالجمر في القلب لقد صعق بها وخاصة تلك النظرة والشفاه المثيرتان لم يستطع مقاومة النظر إليهما شعرت فيفيان بنظراته التي أخذت تتفحصها بشوق وابتسمت ابتسامة عريضة زادتها جاذبية ثم سألته عن سبب وقوفه وهو صامت ولم يلق عليها التحية أجابها :
- انظري ، ووضع الأوراق أمامها ، ثم أخذت فيفيان تستطلع م كانت تحتويه من السحر والغموض .. ثم قفزت وهي تقول بصوت مرتفع :
- رائع يا طارق رائع .
|