لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-06-08, 09:18 AM   المشاركة رقم: 46
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

ثم نظر والدها الى الازهار في الحوض وهو يقول في نفسه ( أرجوك يا الهي اعطني القوة .. القوة انا بحاجة لها الآن لا تتركني الآن ارحم هذه الطفلة التي هي بعمر الزهور ، يا الهي خذ قلبي وضعه في ذلك الصدر الصغير وابعد عنها الالم ) .

كادت الدموع ان تسيل من جديد من تلك المقلتين العجوزتين ولكن طارق اوقف حبل تفكيره قائلا له :
- يا سيد اوليفر اني اطلب منك ان تحدد موعدا للزواج لنا .. في الوقت الذي يناسبك .
- انتما اللذان تقرران ما يسعدكما وكل شئ انا موافق عليه .

اقتربت فيفيان بعطف من والدها شاكرة من جديد قائلة :
- شكرا يا ولدي وانا اعدك بانني ساكون الى جانبك كل يوم سآتي اليك ، ونور سوف تبقى الى جانبك .
- كلا يا حبيبتي لن يقوم مكانك احد فانت تحتلين قلبي بجميع جوانبه انت طفلتي الحبيبة ولن يملأ احد مكانك .
- يا حبيبي يا والدي ان كلامك يحسني على عدم تركك ابدا .
- كلا يا حبيبتي .. تابعي حياتك وخذي حصتك منها .. فانت ضحيت ما يكفي وانا ساكون هنا بانتظارك دائما .
- هل ستبقيان على هذا المنوال ، انه لشئ محزن .. انا سابكي من الحزن .
قال طارق وهو يضحك مستهزءا ثم اضاف :
- جهزي نفسك يا فيفيان سوف نذهب الى المحامي ليقوم بتحضير الشقة لنا التي ستلفنا الى الأبد .
- حسنا يا حبيبي ، قامت ودخلت الى غرفتها لتستعد .
- سوف امر بطريقي عند الدكتور ليلقي عليها نظرة يا سيد اوليفر واذا تاخرنا لا باس لا تشغل بالك .
- حسنا يا بني انا مطمئن عليها انا لا اعرف ماذا افعل بدونك .

عادت فيفيان بذلك الجينز والتيشرت والكنزة الصوفية الحمراء وتابطت ذراع طارق كالاطفال وانطلقا بالسيارة السوداء الكبيرة .. متوجهان نحو المحامي .

بعد وصولهما الى المرآب اوقف طارق سيارته وصعدا الى مكتبه .. وبعد محاورة طويلة واخذ ورد أعرب المحامي عن رأيه في شقة موجودة الآن على البحر ، وهي ذات غرفتي للنوم وغرفة للجلوس وصالون وغرفة طعام ومنافعهم الخاصة .. انها تطل على شاطئ عاجي رائع خلب هذا ما قاله المحامي .. ثم اعطاهما العنوان والمفاتيح مرشدا لهما عنها .

فرحت فيفيان بكون تلك الشقة على الشاطئ . فهي لطالما حلمت ان يكون لها منزل على الشاطئ ، ولكن الوقت لم يتيح لها الفرصة لممارستها والآن حان الوقت للتفرغ لما تتمناه .

انطلقت السيارة ولكنه اراد التوقف عند الفندق الذي كان ينزل فيه ليأتي بحاجاته ويسال ان كان هناك اتصال من تونس .

توقف امام الفندق وبقيت فيفيان داخل السيارة تنتظر .

دخل وسال الفندقي عن الاتصالات الهاتفية فقال له :
- اين انت يا سيد طارق لقد اتصلت زوجتك اربع مرات حتى الآن وتركت لك رسالة ضرورية .

سحب شريط التسجيل من التلفون واعاد صوت زوجته على سمع طارق قائلة :
- طارق انها المرة الثانية التي احاول ان اتصل بك ، ان هشام عادت له النوبة من جديد وانا خائفة جدا اتمنى ان تعود في اسرع وقت ارجوك ان تعود قبل ان افقد صوابي .

ثم انقطعت المخابرة ضج الألم في اعماقه واعتصرت عيناه دمعة حارة استطاع ان يخنقها .. ارتعشت اوصاله ووضع يده مستندا على حافة الطاولة ثم استدار ببطء متوجها نحو المصعد .. وصل غرفته وهو يتخبط الآلام اللوعة والشفقة وهو يتمتم :
- يا الهي ساعدني ساعدني ارجوك .

ثم وضب ملابسه في حقيبته السوداء عاد مسرعا الى السيارة كانت فيفيان بدات تقلق عليه ثم سالته :
- لماذا تاخرت يا طرق ؟

لم يجاوبها استمر بصمته طوال الطريق مما اغضبها كثيرا ثم رددت سؤالها مرة ثانية بعد عدة دقائق .. نظر اليها بعينين مليئتين بالغضب وقال لها :
- يجب ان اسافر حالا الى تونس .
- ولكن ماذا اصابك .
- ارجوك ان تتفهمي وضعي .. انا مضطر للسفر يا فيفيان لامر ضروري .
- اريد ان اعرف .. وبسرعة .
- لا استطيع يا حبيبتي .. ارجوك ان تنتظريني سوف اعود باسرع وقت ممكن .
- ولكن ..
- اني اتوسل اليك انا بحاجة ماسة للسفر الآن وعلى اول طائرة .
- انك تؤلمني هكذا .

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
قديم 04-06-08, 09:24 AM   المشاركة رقم: 47
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

-

لا يا حبيبتي اعدك بانني ساعود وجهزي انت الشقة بالفرش الملائم الذي ينال اعجابك .. وحضري فستان الفرح .
- حسنا يا حبيبي اذا كان هذا ما تريده ، ولكن ما هي المدة التي ستقضيها في تونس ؟
- لا اعلم .. ربما شهر او شهرين على الاكثر .
- شهران ؟؟ ان هذا كثير .. كثير جدا .
- ارجوك يا حبيبتي اصبري قليلا على الاقل شهران .
- حسنا ساتولى بتوضيب الشقة وتجهيزها بالاثاث الجميل سوف انتظرك على احر من الجمر .

عندما وصلا الى مركز المطار .. غادر طارق يسال عن اقلاع اول طائرة الى تونس ، وكانت فيفيان تسير الى جانبه بخطى سريعة مذهولة بالذي يجري كانت تتبعه كيفما توجه وكانها طفلة ولكنها كانت تراقب تحركاته عن كثب ووعي تام .. قطع التذكرة

ثم توجه نحو السيارة عائدا ومتابطا ذراع فيفيان برفق .. استقلا السيارة وانطلقا الى بيت فيفيان وهناك كان والدها خارجا في نزهة بالقرب من المنزل وصادف مرورها من امامه مما دفع طارق ليساله الصعود الى جانبه ثم فعل والد فيفيان ما طلبه طارق وعادا الى المنزل ثانية دخلوا وغابت فيفيان لتحضر طعام الغذاء بمساعدة شقيقتها نور عندما شعر السيد اوليفر بارتباك وشحوب طارق والمه الواضح تمام على وجهه ثم سأله :
- ماذا يا بني ما هو الامر الضروري الذي دعاك للسفر المفاجئ ؟
- انه .. انه ولدي يا سيد اوليفر لقد عادت النوبة من جديد ، وهم يطلبون مني العودة في اسرع وقت ممكن .. انا .. انا يجب ان اسافر الآن وفي خلال ساعات ساكون في تونس ، ارجوك يا سيد اوليفر ان تساعد فيفيان على تحمل سفري وان لا تدعها تذهب الى العمل ثانية لدى سفري .
- حسنا يا بني .. ولكن الا تريد ان تخبرها سبب سفرك المفاجئ ؟
- لا .. لا استطيع يا سيد اوليفر ان هذا صعب ، صعب جدا وليس علي ان افقد اثنان دفعة واحدة يكفيني السفر الى ولدي الآن الذي هو بحاجة لي .
- وكم سيطول سفرك يا بني ؟
- لا اعلم ربما شهر او على الاكثر شهران ، ولكن اذا طالت غيبتي اكثر ارجو منك ان تساعد فيفيان على تفهم الامر وان لا تفقد الامل في عودتي .
- حسنا .. حسنا كما تريد .
قال له والدها .. بعد ان لاحظ اقتراب فيفيان منهما ، ثم سمعاها تقول :
- انظر يا بي .. طارق يريد ان يسافر بدوني .. كم انت قاس القلب يا طارق .
- ارجوك ان تقدري موقفي .
- وانت لا تريدني ان اعرف سبب سفرك . هل هذا عادل يا ابي ؟
- لا باس يا بنيتي لقد اوضح لي السيد طارق سبب سفره وانا اوافقه ولا يجب على النساء ان تعرف شيئا عن هذه القضية انها قضية خاصة جدا .
- ماذا يا ابي انت الآن واقف الى جانبه بدلا من ان تكون الى جانبي .
ثم اضافت :
- انتما اتفقتما علي ، اليس كذلك ؟

ضحك الجميع وكانت ابتسامة طارق غارقة حتى اعمق شفاهه .. حزينة .

تناولوا طعام الغذاء .. اقترب طارق من فيفيان واعطاها زهرة بيضاء ثم قال لها :
- هذه الزهرة انها قلبي الابيض نقي .. لا يشوبه كذب او افتراء انه ابيض ناصع وهو ملئ بحبك وارجوك مهما طالت غيبتي احتفظي بهذه الوردة لانها مني وسوف تبقى لك الى الأبد .

احست فيفيان بالحزن في عينيه ثم استعدا لوداعه ....
- كان الله بعونك يا بني .
قال السيد اوليفر وهو يطرق برأسه ثم تركهم الجميع وبقى طارق وفيفيان لوحدهما في الغرفة ، اقترب منها وامسك بيديها الصغيرتين وقبلهما بقوة وشغف وقال لها :
- ساشتاق لك يا اجمل عصفورة في حديقتي .
- وانا ايضا لن اندم ابدا سابقى في انتظارك يا حبيبي ، ارجوك لا تتأخر .

نظر اليها والدموع تكاد تخرج من مقلتيه ... العطف والصدق يتدفقان منهما بغزارة ، نظر اليها بكلتا عينيه ، وبادلته نفس النظرات وكانها احست بانها لن تراه بعد الآن ، غمرته بشدة وقالت له :
- عد .. عد يا طارق باسرع ما يمكن قبل ان افقد نفسي .. عد قبل ان اموت من الشوق .

وضع يده على فمها وهو يمنعها من النطق بهذه الكلمات .. الموت .. الموت هذه الكلمة تعني له البعاد المميت والفراق الموجع الى الابد والحي الميت سيكون هو :
- ارجوك يا حبيبتي لا تلفظي هذه الكلمة ثانية .

ثم طبع قبلة على فمها اللاهب وارتعشت اوصالهما معا حتى غابا في غمار العناق الشديد ، ثم احس طارق بانه يجب ان يرحل الآن . وبكل قوة ابعدها عنه بلطف مودعا بابتسامة عميقة خلابة تكشف عن اسنانه الناصعة البياض ، وخرج الى حيث الالم الاكبر .

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
قديم 04-06-08, 09:29 AM   المشاركة رقم: 48
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

استقل الطائرة المتوجهه نحو تونس .. وبعينين مليئتين بالشرود كانت صور الماضي تتراقص امامه .. خوفه على هشام يزداد كلما اقتربت الطائرة اكثر .. وخوفه على فيفيان يصعب كلما احس بانه ابتعد كثيرا ولكن هشام اهم ، انه طفل وبحاجة لابيه في هذه اللحظة لن يدع مشاعره الخاصة تتغلب على عاطفته ومحبته لطفله القابع في غرفة المستشفى وحيدا بين جدرانها البيضاء .. اما زوجته ليلى فهي زوجة على ورق فقط وامام الناس ، لكنها ليست كذلك بينه وبينها فهما منفصلان ، انفصالا عميقا منذ سنوات .. لم يتفقا ابدا ، ولم يدخل الحب الى قلبيهما .. وكان الرابط الاقوى بينهما هشام ذاك الطفل الرائع بخدوده المنتفخة الحمراء وشفاهه الغليظة وكلماته المتقطعة التي لم تكتمل بعد ، وشعره الاسود الداكن الاشعث يزيده جاذبية .

كانت هذه الصور تتراكض في مخيلة طارق ، توقفت اللحظات امام وجه هشام ولحظات امام وجه فيفيان ، ولكن لم يكن لوجه زوجته ليلى اي تقارب بينهما ، لقد خرجت من ذاكرته واعماقه ، ولكن انها زوجته الآن ويتوجب عليه القيام بواجبه الزوجي ولكن كيف وجميع احاسيسه اتجاهها قد ماتت بوجود حبه لفيفيان .. انه قلق كيف سيواجهها .. كانت بالامس زوجة بالسرير ولكن بدون اي شعور او احساس عميق .. كانت علاقتهما هشة كفقاقيع الصابون مليئة بالمشاكل .

هل ستعرف .. هل ستشعر بتبدله المفاجئ .. ثلاث سنوات كافية لتجعلها تفهم بانه لم يعد يريدها كزوجة .
اوقفته تلك الابتسامة الصامتة من شروده لتسأله اذا كانت هناك مشاكل يعاني منها لدى صعوده الطائرة .. ثم اذا كان يحب ان يتناول شيئا ..
- لا شكرا .

كانت المضيفة بزيها الارجواني توزع الابتسامات هنا وهناك وتقوم بعملها على اتم وجه .. نظر طارق اليها والى اشراقها ، وتلك الابتسامة التي لم تفارق شفتيها ، وتمنى لو يكون نفس مقدرتها على الابتسام للجميع ، من المفروض ان ليها حياتها الخاصة ، وان هناك حزن ما يعيش في عقلها .. ولكنها استطاعت ان تتغلب عليه بحكم عملها ولو لساعات طوال ، ان هذا العمل يساعدها على الاستمرار ثم تمنى عن جد لو انه يستطيع ان يمثل على نفسه ويخترع الابتسامة على شفتيه ويتخطى آلامه بكل ثقة .

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
قديم 04-06-08, 09:35 AM   المشاركة رقم: 49
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثامن


اعلنت المضيفة عن وصول الطائرة الى الاجواء التونسية وطلبت من المسافرين ان يضعوا حزام الامان ،
وان يمتنعوا عن التدخين .. لاحظ طارق ان نبضات قلبه تسارعت اكثر وشعر وكان الاغماء على وشك ان ياخذ طريقه الى جسده ، مما دفعه الى النظر من النافذة .. وهو يضع الحزام ، بدا وكانه خائف من السقوط ، الرجل الجالس الى جانبه قال له باطمئنان :
- لا تخف يا سيد ، فسوف نهبط بسلام .

ولكن خوف طارق ليس من الهبوط بسلام او بآخر كان خوفه من الحقيقة المؤلمة التي هي اقوى من اي شئ آخر .. خوفه من السقوط في احضان الموت سيطر عليه ، خوفه على ان يرى هشام وهو جامد بلا حركة يكتنفه السكون والجليد .. خوفه من تلك السنين الثلاث التي قضاها بعيدا عنه وخوفه من المواجهة العنيفة لزوجته . كان الواقع يحمل الالم العميق العاصف بالعاطفة الصادقة ..

للحظات طوال ثلاث سنوات لم يكن صادقا مع نفسه مثل هذه اللحظة ، القلب الصامت يخاف منه .. دائما يكره الصمت بجميع انواعه ، لم يعد قادرا على تحمله .. تمنى ولو للحظات ان يكون احد ما الى جانبه .. فهو الرجل القوي العنيد ، الفارس الاسمر الذي يتمتع بكل شجاعة الارض وقوة الصحراء وجمال الليل ، ولكن قلبه كان مفعم بالعاطفة والرقة .

ان شجاعته وشهامته لا تعرف الشر ، مكمن للحلم والحب وذلك الفؤاد بين ضلوعه ، تلك العينان الصغيرتان كانت هدفه الآن .

عندما نزل الركاب كان طارق ينظر بعينيه نحو البعيد ، البعيد جدا ، لعله يرى طفله هشام بين الناس المحتشدين يركض نحوه ويضمه بكلتا يديه الصغيرتين ويقبله كما لم يقبله من قبل .. انتظر وحول نظره من جديد وهو يلقي باقدامه نحو الامام على الارض .. خطوة بعد خطوة ولكن هشام لم يكن هناك ، كان بانتظاره الحزن والقلق والالم نظر اليهما بعينين يملؤهما تحد عنيف مريع .

توجه نحو مركز الاستقبال .. وعيناه لم تفارق الحشود الكبيرة من الناس ، تناول حقيبته وانطلق في السيارة المتوقفة امام مدخل المطار المخصصة للركاب تجمع الشوق واللهفة من جميع انحاء العالم في قلب طارق الكبير ، ووجهه نحو ذلك الطفل البرئ المسيج بالمرضى والضعف ، لم يكن مثل الاطفال يلعب ويتنزه .. كان ضعيف البنية قليل الارادة والسيطرة على نفسه ، لقد طغى عليه واستبد به قلبه وتحول من سبب استمرار حياته ، الى مسبب في تدميرها .منتديت ليلاس

مسح قطرة من العرق انسابت على جبينه .. وهو ينظر من النافذة بشوق تلك الارض الطيبة التي لم يراها منذ زمن ، لقد عاد الآن ، ويطلب من الله ان يساعده على الاستمرار بوطنه ، ويتخطى هذه الازمة بقوة وحزم .

لقد كان رجائه ، الايمان بالله ومساعدته ، الدين وكتابه الامين .. لقد استعان بالصلاة للشفاعة له .. صلى باعلى صوته المخفي الغير مسموع .

وصلت السيارة ومن بعيد وقبل ثواني من توقفها لاح له بيته المؤلف من طابقين احس بالحنين يلفه من الجانبين والشوق يغلف نوافذه والبوابة الكبيرة السوداء فتحت وكأنها ذراعان قويتان تفتحان لتضمانه بقلق ، تلك البوابة كانت الوحيدة القادرة على انتظاره واستقباله بشوق فتحت ذراعيها ليرتمي بينهما .. قضبان من الحديد تسيج منزله كالقضبان التي تقيد اوصاله ويديه ذلك السياج الذي يحيط بالمنزل المرتفع جعل اللهفة والخوف يسيجان قلبه بكل ما يحتوي من قيود في هذه الدنيا .

نعم ، تلك القيود التي يجرها خلفه وكانه اسير يخبط بعذاب جلاده .. هكذا وصل الى منزله وكانه كومة من الغبار ، تلاشت امام تلك الدرجات الثلاث اشلاء ، لم تكن اوصاله سوى اشلاء مقطعة كالغبار .لملم اشلائه وبحث بين المفاتيح التي يحملها عن مفتاح ذلك الباب ، وكانه يفتح ابواب العالم المغلفة ، دخل .. وكان لدخوله وقع كبير في نفسه ، نظر حوله ووجد بان كل شئ ما يزال كما هو ، لقد كان سفره طويلا كثيرا عليه ، ولكن ليس على المنزل ، لم يتغير فيه شئ ، تقدم بضع خطوات بخوف وهو ينتظر صوت واحد يرحب به .. انه صوت زوجته .. انتظر ، ولكنه لم يسمع اي شئ يدل على وجودها ، تقدم اكثر نحو غرفة الجلوس ، وضع حقيبته على الارض بجانب الاريكة الكبيرة ، وكانه غريب ينتظر من يرشده الى غرفة النوم ، او كانه غير مقتنع بقدومه وهو سيعاود سفره من جديد وبسرعة فائقة .. تقدم نحو باب غرفة المطبخ عندما سمع اصوات قادمة من هناك نظر من زاوية الباب ليجد السيدة ربيعة مديرة المنزل تتحدث مع البواب وحارس المنزل ، للحظات مرت ثم شعروا بوجوده مندهشين وكان وجوده عقد لسانهم واصابعهم بالخرس ، تقدم اكثر ليسألهم بعنف :
- لقد عدت ، نعم هل هذا يدهشكم ؟ ثم اضاف :
- الستم مسرورين بعودتي ؟
- سيدي .. سيدي طارق ، تمتمت ربيعة باستغراب ثم اضافت :
- حمدا على سلامتك .
- اهلا وسهلا سيدي ، والحمد الله على سلامتك ، ان سيارتك تكون جاهزة خلال دقائق اذا اردت ، قال له البواب .
- شكرا سوف احتاجها على ما اعتقد ، يبدو ان السيدة ليلى غير موجودة

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
قديم 04-06-08, 09:38 AM   المشاركة رقم: 50
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 52093
المشاركات: 425
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداعوداد التميمي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 322

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد التميمي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وداد التميمي المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

- انها في المستشفى مع هشام سيدي
اجابته ربيعة وهي تنظر بعينين حزينتين الى الارض
- حسنا جهز لي السيارة الآن وحالا ، قال للبواب بحزم
- ولكن سيدي الا تريد ان ترتاح قليلا ؟
- كلا لن ارتاح قبل ان ارى هشام
- انه بخير .. انه .. لا اعلم لا استطيع ان اشرح الوضع ، قالت له ربيعة بقلق
- اعرف يا ربيعة .. اعرف ارجو منك ان تضعي حقيبتي في الغرفة
- حسنا يا سيدي ، ثم اضاف
- ولكن الا يوجد فنجان قهوة جاهز
- نعم سيدي انه جاهز تماما

ثم اقتربت من القهوة ووضعت فنجان لطارق .. رشفه بسرعة وهو ينظر الى الحديقة منتظرا السيارة .
وما هي الا لحظات حتى كانت سيارة الجاكوار تقف امام المنزل .. اسرع بالخروج ، وانطلق بها وهو بشوق لقيادتها من جديد .

انطلق بسرعة البرق .. متوجها نحو ولده هشام ، عندا وصل شعر بالخوف يتسارع اكثر فاكثر .. صعد الادراج بخطى واثقة ، ولم ينسى هديته الجميلة ، نظر اليها بعينين دامعتين ثم تمنى ان يراها هشام .
الممر الطويل ، طويل جدا ، وجدرانه البيضاء عميقة بانوارها لم يجد اي امل على وجود زوجته هناك ، لقد كان خال تمام مثل جسده الخال من القوة الآن .. تقدم وكانت خطواته تسمع في ارجاء الممر وفجأة لاحت له ممرضة بثوبها الناصع اقترب وسألها عن فلذة كبده واشارت له انه في الغرفة رقم 311 .. تقدم ونظر الى الغرفة بسرعة قارءاً ارقامها وفجاة وقع نظره على غرفة الاحزان الموحشة والطفولة المرهقة .
فتح الباب ، كانت الغرفة خالية الا من هشام .. نائم كالملائكة انفاسه متسارعه والمصل بيده يبعث الروح في جسده الصغير .

دنا ببطء نحوه .. ووقف فوق رأسه تمام ، نظر اليه ثم انسابت دمعة ساخنة على خده عندما رآه بهذا الضعف ، لقد مضى زمن طويل حوالي ثلاثة سنوات ، لقد تغير واصبح كبيرا جدا انه يبلغ الآن الخمسة سنوات ، هل يا ترى لا يزال يذكره لم يتوقع ان يتذكره ولكن العاطفة المتوهجة تضج لآن بالشوق المكدس في قلبه .

تململ قليلا في فراشه وحاول ان يغير نومه الى الناحية الاخرى ، ولكنه لم يستطع بسبب المصل الموصول بيده .

 
 

 

عرض البوم صور وداد التميمي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القيود, ازو كاوود, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير الجديدة, عبير الجديدة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:42 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية