كاتب الموضوع :
دموع يتيمة
المنتدى :
القصص المكتمله
الجزء الثاني عشر
مصير خالد
و في صباح اليوم التالي .. تجهزنا نحن الثلاثة .. و صعدنا السيارة للذهاب لمركز الشرطة .. كما قال عادل ..اليوم سيحققون في الجريمة التي حدثت البارحة ..
ها نحن ندخل غرفة الضابط .. و لكن هنا مازن أيضاً ,, كان يصرخ بانفعال :
" لم أكن أتوقع حدوث ذلك .."
خاطبه الضابط :" هدئ من روعك يا سيد .. فقط قل لنا .. لماذا تركت الطفلة وحدها في البيت ؟!! "
" أيها الضابط .. لقد تركتها مع خالد مطمئناً عليها .. لأن خالد كان يحملها و يداعبها فضننت أنه يحبها .. فشعرت بالاطمئنان على بنيتي .. "
حيث تقدم عادل و أمسك بكتف أخاه .. فاستدار مازن .. و صرخ بعادل :" أنت ؟!! لمَ أتيت ؟!! "
ابتسم عادل و جلس على أحد المقاعد و جلست أنا و غيداء بقربه ..
حيث خاطبت غيداء الضابط :" خالد حاول قتل أخاه .. "
حيث سألها الضابط باهتمام :" و متى حدث ذلك .. "
" منذ شهور عديدة .. و لقد أرسلناه لبيت مازن عقاباً له "
و قلت أنا :" لحظة .. لقد أخبرني خالد أن زوجة مازن كانت تضربه .. و رأيتها تقسو عليه "
هز الضابط رأسه .. فأخذت أنا أحادثه عمّا قاله لي مازن عن خالد .. و قد رأى جريمة قتل بشعة .. فقرر أن يطبق ما رآه على هذه الطفلة المسكينة ..حيث كان الضابط مندهشاً من هذه القصة الغريبة .. فخاطب مازن :" و أين هي زوجتك ؟!! "
نكس رأسه :" في بيت أمها .. تبكي و تتحسر على طفلتها .. التي كانت تنتظرها منذ ثلاث سنين "
يا لكما من مسكينان .. لقد فقدتما أول مولود كان بالانتظار .. و ربما لا يأتي بعده مولود ..
خاطبنا الضابط :" يبدو أن الطفل يعاني مرضاً نفسياً "
شهقت غيداء .. و صرخ عادل :" لا .. أنت مخطئ .. ابني ليس مريضاً "
حيث قال الضابط:" إذ كان مريضاً نفسيا .. لن يعاقب .. و إنما سوف يرسل لمصحة يعالج فيها "
صرخ مازن :" لا .. قتل ابنتي و لا يعاقب ؟!! هذا ليس عدلاً .. ليس عدلاً .. إن علمت ريما بذلك سوف تجن "
ضرب الطاولة و رمى ما عليها على الأرض بغضب .. و صرخ بعادل :
" إن لم يحصل خالد على عقابه الذي يستحقه .. أنا من سأعاقبه .. "
و انصرف خارجاً من الغرفة .. حيث سألت غيداء زوجها :" أين سيدفنون الطفلة ؟!! "
" في المقبرة .. و هل هناك مكان آخر .. "
" ألن نذهب لـ... "
" لا .. لا .. مازن أصبح لا يطيق رؤيتي .."
كنت أريد رؤية خـالد .. و لكني لن أدع العاطفة تتغلب علي الآن .. لماذا أعطف على قاتل سفاح ؟!! حتى لو كان ابن أخي .. إذ كان والديه لا يعطفون عليه .. ما مصلحتي أنا من ذلك ؟!!
عدنا للمنزل .. و هناك رأينا هناء و بقية الأطفال .. فأسرعت غيداء لابنها و احتضنته و أخذت تجهش بالبكاء .. و وائل خاطبها باستغراب :" أمي .. أنتِ تبكين ..؟!! "
سحبتها و اصطنعت ضحكة و خاطبت وائل :" أمك .. أنها تمثل .. نعم .. تمثل .."
سحبت غيداء إلى المطبخ و هناك صرخت بها :" أأنتِ مجنونة ؟!! لمَ البكاء الآن "
أخذت تمسح دموعها .. :" أخشى أن أفقده هو الآخر .. "
" و هل فقدت خالد ؟!! "
" نعم .. لا أريده .. لا أريده .. أنا لم أعد أعترف به .. "
خلعت شالها .. و اتجهت نحو غرفتها .. و ها هو عادل يقترب نحوي و يقدّم لي ورقة صغيرة :
" هذا هو عنوان العيادة النفسية التي سيرسل لها خالد "
تناولت الورقة و خاطبته مستغربة :" و لمَ تعطيني إياه ؟!! "
ابتسم :" لأنك الوحيدة التي ستزورينه هناك .. "
أدخلت تلك الورقة حقيبتي .. و اتجهت نحو غرفتي .. و لكني صادفت في طريقي غرفة خالد المغلقة .. فتحت الباب .. لازالت فارغة .. أظن أن الصبغ جف .. يمكنني أن أبدأ باختيار الأثاث غداً ..
و لكن لحظة .. إذ كان خالد سيرسل لعيادة نفسية و سيعالج فيها فترة طويلة ..
لماذا أتعب نفسي باختيار الأثاث ؟!! إذ كان لا أحد يدخلها غيري ..
خرجت من الغرفة .. و اتجهت نحو المخزن لأتفحص حاجات خالد من جديد ..
قد أرى فيها أدوات للقتل غير السكاكين .. دخلت المخزن ..
و أخذت أقلب في حاجاته .. و كتبه المدرسية المغبرة .. إلى أن سقطت من أحد الكتب صورة فوتوغرافية .. حملتها و أخذت أدقق فيها .. خالد ؟!! كانت صورة جميلة له .. ابتسامة صغيرة ؟!!
لا أصدق .. متى التقط خالد له صورة .. و أين و من الذي التقطها له .. يرتدي ملابس المدرسة و يحمل حقيبته السوداء ؟!! أظن أنه التقطها في المدرسة .. كانت رائعة ..
وضعت الصورة في حقيبتي و خرجت من المخزن ثم اتجهت نحو غرفتي .. فأخرجت الصورة و الورقة ..
و وضعت الصورة على مكتبي .. بل فكرت في وضعها في إطار أنيق يليق بها ..
نظرت إلى صورتي التي وضعتها في إطار رائع .. مددت يدي و حملت تلك الصورة .. و أخرجتها من الإطار .. و أدخلت صورة خالد فيه .. ثم وضعتها فوق مكتبي .. و بقرب الصورة وضعت الورقة التي كُتب عليها العنوان .. هكذا سيبقى خالد في الذاكرة دائماً .. و لن تجرفه رياح النسيان أبداً ,,
---
بعد ذلك تجمعنا نتناول طعام الغداء .. عادل فضّل تناوله غداءه في أحد بيوت أصدقاءه .. و هنا تتناول هناء و هيفاء و أبنائهما معنا طعام الغداء .. حيث كانت غيداء تجلس بجانب ابنها وائل و تهيأ له طعامه .. أصبحت تهتم به أكثر من اللازم .. كما تقول ( تخشى أن تفقده هو الآخر ) .. أنها لا تعرف أن عندما يعود خالد طبيعياً .. سوف يكون ابناً جديداً لها .. و ليس خالد المعقد الغامض المريض ..
و هنا تتناول سمية غدائها و تهتم بأختها مروة .. يا لك من عاقلة و ناضجة و واعية رغم صغر سنكِ ..
و إياد يجلس بقرب أخاه سالم .. هناك فرقاً كبيراً بينهما .. إياد أصلع .. و سالم شعره كثيف ..
إياد لون عينيه فاتح و سالم لون عينيه قاتم .. إياد شجاع .. سالم جبان .. إياد متفوق في دراسته .. سالم يهمل دراسته .. و الكثير .. الكثير ..
و بقرب هناء تجلس نهلة و أختها ليلى .. و أخاهم ماجد .. نهلة عنيفة .. و ليلى رقيقة .. و المسكين ماجد ليس لديه شخصية ..و هنا تطعم هيفاء بناتها الثلاث .. منى تحادث أختها سارة .. أظن أنها أسرار الفتيات ..أروى تبكي لعدم اهتمام شقيقاتها بها .. أنها الصغيرة المدللة ..
لو كان خالد معنا .. ماذا ستكون نظرة الأطفال له .. هل سيظلون ينفرون منه ؟!! أم ماذا ؟!!
أم سيحظى إعجاباً منهم ؟!!
---
في صباح اليوم التالي فكرت في زيارة خــالد .. فكرت أن أصطحب غيداء معي و لكن لا أظنها ستقبل .. و طلبت من عادل ذلك و لكنه نهرني .. و قال لي :" هذه آخر مرة تذهبين لزيارة خالد "
و حتى إذ كان مريض نفسياً ؟!! يا لك من قاسٍ يا عادل .. حسناً .. إذ كانت آخر مرة ..
سوف أقضي يومي معضمه هذا هناك ..في تلك العيادة النفسية ..
اصطحبت معي الصغيرة ليلى .. تعلقت بها .. فأنها لطيفة جداً ..
تجهزت جيداً ,, و صعدت السيارة .. حاملة معي الورقة التي كُتب فيها عنوان العيادة النفسية ..
انطلقت بالسيارة متجهة لها .. و على المقعد الآخر تجلس ليلى و تخاطبني :
" إلى أين سنذهب ؟!! "
ابتسمت :" إلى شخص ستحبينه كثيراً "
" من هو ؟!! "
غمزت لها :" سوف ترينه بنفسك .. و حينها أخبريني برأيك فيه "
أخذت تفكر .. علّها تتخيله .. ثم قالت بحماس :" هيا .. أريد رؤيته بسرعة "
ضحكت :" أمرك سيدتي .. "
أسرعت بالسيارة إلى تلك العيادة النفسية .. حتى وصلنا .. فخاطبت الصغيرة :" هنا يقيم .. "
دُهشت الصغيرة :" بيته كبير أنه محظوظ "
محظوظ ؟!! وجوده في كوخ صغير أفضل من إقامته هنا ..
نزلت من السيارة و مشيت مع الصغيرة متجهتين نحو العيادة ..
و عندما دخلنا العيادة .. رأينا العديد من الناس .. الصغير و الكبير .. مشيت مع ليلى نحو إحدى الممرضات .. و سألتها : عفواً أين أجد غرفة المريض خالـد عادل ؟!! "
ألا و أفاجئ بطبيب يخاطبني :" أأنتِ والدته ؟!! "
التفت للطبيب و ابتسمت :" لا .. أني عمته .. "
" الطفل يحتاج لمن يزوره .. أهذه أول مرة تزورينه ؟!! "
" نـــعـــم "
" أرجوا أن تداومي على ذلك .. "
نكست رأسي :" الأمر ليس بيدي .. "
|