كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
كانت الدموع تنهمر على خدي دالاس وهي تركض على غير هدى عبر الأشجار نحو الشاليه. فجأة تفجرت كل تلك العواطف المكبوتة خلال الشهور القليلة الماضية. لم تسمع أحدا ينادي اسمها أو تسمع خطوات تتبعها الى أن أوقفت يدان قويتان ذلك التخلي الهائج وأدارها أحد ما بقوة وشعرت برجل قوي قريب منها. كانت تبكي من دون سيطرة , وتمسكت بالرجل لبرهة غير مهتمة بالتعرف اليه , لكنها شعرت باطمئنان يلفها وهي بين ذراعيه. ثم دفعته بعيدا عنها ونظرت لترى وجه الكسندر ستافروس الداكن. فهمست بلا وعي :
- اليكس, لكنك....في اثينا!
- كنت في أثينا ويبدو أن الوقت قد حان لأعود الى المنزل. ماذا يجري هنا بحق الجحيم؟
- اني آسفة. كنت أتصرف بسخافة. هل....هل عدت لتوك؟
- دالاس! انسي أمري, ما الذي حدث؟ أريد أن أعلم بطريقة أو أخرى
أحنت دالاس رأسها وتذكرت فجأة هيلين نيرولوس وقالت :
- ان....ان أمك تقول أنك ستجلب زائرة معك أين....أين هي؟
- أرجوك يا دالاس, أخبريني بالذي حصل
- لم يحدث شيئ على الاطلاق دعني أذهب أرجوك. يجب أن أذهب وأغسل وجهي قبل مجئ الاخرين
أفلتها الكسندر بتردد وعيناه غاضبتان. ثم لاحظ كلاهما وجود شخص يتفرج. كانت امرأة قد سارت ببطء بين الأشجار نحوهما , ووقفت على بعد يارادات عدة, تراقبهما في أهتمام. فركت دالاس خديها بتحد ونظرت الى الانسانة الغريبة. لابد انها هيلين نيرولوس, وشعرت بألم في معدتها. كانت هيلين نيرولوس طويلة القامة, أطول من دالاس, وكان جسمها نحيلا وممشوقا. وشعرها أسود قصيرا التف حول رأسها كتاج من العاج, بينما أسمر جلدها الداكن من حرارة الشمس الافريقية. انها رائعة الجمال بطريقة كلاسيكية, ترتدي سروالا وقميصا حريريا من دون أكمام, وتضع عقدا من الخرز الأخضر حول عنقها مما جعلها تبدو شرقية بصورة واضحة ....كان عليها أن تعلم أن الفتاة التي قد يتزوجها الكسندر ستافروس لا يمكن أن تكون عادية.
امعن الكسندر النظر فيها لبرهة ثم قال :
- حسنا يا دالاس, سنتحدث في الأمر فيما بعد. أما الآن فأنا ريد أن أعرفك الى صديقة لي, هيلين نيرلوس. هيلين, هذه دالاس كولينز, أخت جين
لم تصافحها هيلين, بل اومأت برأسها بكسل وقالت :
- حبيبي. أعتقد انه من الأفضل أن تقدمني الى الآنسةكولينز في وقت لاحق...فهي تبدو...كيف أقولها.... منزعجة قليلا
شعرت دالاس بأنها لا تقوى على أحتمال المزيد فقد سئمت الأمر كله. سئمت التظاهر, والتصرفات المتعمدة , وسئمت احساسها بصغرها. وبدون أن تلتفت, استدارت ومشت بسرعة بعيدا ودخلت الى الشاليه وأغلقت الباب بالمفتاح للمرة الأولى. ثم تنهدت بعمق. كان الأمر مريعا, وأسوأ من أي شيئ آخر اختبرته قبلا. لقد ظهرت حمقاء تماما, وشعرت بغضب شديد من الكسندر ستافروس بسبب عودته كما فعل من دون توقع ورؤيته لها بتلك الحال.
وتنهدت ثم سارت نحو الحمام. ربما ساعدها الحمام على نسيان أنزعاجها. بردت المياه جلدها واستعادت رؤيتها لشخصية تشارلز. ولم تستطع كل ثورتها العاطفية أن تغير من حقيقة كون الكسندر ستافروس رجلا بكل ما في الكلمة من معنى, والجاذب الذي يشدها نحوه أمسى أكثر من مجرد جاذب جسدي. أجل, كان عليها الأعتراف الآن بعد أن رأته ثانية بأنها أنجذبت نحوه, وما بدأ نفورا من عجرفته تحول الى رغبة قاتلة بأن تشعره بذاتها كامرأة, كما حدث تلك الليلة في معبد لكسا.
خرجت من الحمام والغضب يتملكها. كانت تتنفس بسرعة كأنها كانت تركض وشعرت بالخوف يغمر كيانها. بدا لها الأمر مروعا, فحقيقة معانقته لها قبل ذهابه دلت بالطبع على أي نوع من الرجال هو. هل تستطيع أن تجد نفسها منجذبة نحوه بعد الآن؟ .
تحولت أفكارها الى هيلين نيرولوس. كانت حتما أقرب الى نوع المرأة المتأنقة كما كانت ذكية أيضا. كانت مزيجا نادرا وفاتنا. واذا تزوجا ورزقا أطفالا فهؤلاء سيرثون الذكاء وجمال الطلعة منهما, والأمر الغريب هو انهما انتظرا مدة طويلة جدا بعد وفاة آنا.
ساءت حال دالاس النفسية وعندما عادت جين وذهب اندريا وبولا وجورج الى الفيلا. كانت هي تجلس خارج الشاليه تتفح مجلة لكنها كانت شديدة الاكتئاب. تأملتها جين قائلة :
- تبدين كئيبة, ما الأمر؟
- لا شئ, آه بالمناسبة, عاد الكسندر ستافروس
- الكسندر؟
- نعم, هذا صحيح. أنا...تناولت الشاي مع السيدة ستافروس بعد الظهر. ارسلت تطلبني, وأخبرتني انه عائد غدا وفي رفقته هيلين نيرولوس. كانت خطيبته قبل زواجه من آنا سيروس
- آه, أجل أعلم كل شئ عنها. اندريا أخبرني. انها طبيبة, أليس كذلك؟ ذكر اندريا انها ستعود من افريقيا لكنه لم يقل متى. هل هذا كل ما قالته السيدة ستافروس؟ اتساءل لماذا اعتقدت انه من الضروري أن تخبرنا
- أعتقد انها فكرت انه يجب علينا أن نعلم من يزور الفيلا. على كل فنحن نقيم هنا
|