الفصل السابع
الرغبة القاتلة
بعد وصولهما الى الجزيرة بأسبوع, وصل خطيب بولا, جورج بالاماس. كان رجلا أشقر الشعر , عملاقا , عامل دالاس وجين بالطيبة نفسها التي عما بها ناتاليا, وغالبا ما كان يأتي مع بولا بعد انقضاء فترة الراحة بعد الظهر ويأخذهما الى خليج افرودايت, وهو عبارة عن حوض صخري طبيعي مغلق , مثالي للغطس أو التزلج المائي, ومع أن جين لم تكن تستطيع المشاركة في نشاطاتهم لم تمانع في أن تتفرج عندما عرض جورج على دالاس أن يعلمها التزلج المائي.منتديات ليلاس
مرت الأيام بهدوء. أستطاعت دالاس ببعض الصعوبة التخلص من الأفكار التي راودتها عن الكسندر ستافروس , وكادت تضحك على سخف انشغالها به وهو بعيد. بدا واضحا أنه كان يتسلى معها , لقد تجاسرت وعاملته بطريقة مختلفة عن معاملة النساء الأخريات له, وربما هذا ما أزعجه في تصرفها. على كل, لن تسمح لشئ مشابه أن يحصل مستقبلا.
زارهما اندريا كثيرا وكانت جين تشرق كلما اتى. وذات مرة كانت الأختان تحتسيان شرابا قبل النوم, قالت جين :
- لا يملك اندريا مالا, أتعلمين؟
حدقت دالاس فيها وأجابتها :
- ماذا تقصدين؟
- حسنا, أعني...ليس وريثا لأي ثروة حقيقية. سيذهب الى انجلترا في أيلول ليبدأ تحضيره الجامعي. وعندما ينال شهادته يأمل في أن يصبح مهندسا مدنيا. وهو يود أن يعمل في أمريكا الجنوبية
اومأت دالاس, وتساءلت عما يمكن أن يكون اندريا قد أخبر جين وقالت :
- أنت تميلين اليه , أليس كذلك؟
ابتسمت جين وأجابت :
- نعم أفعل, ليس مثل باريس, على الأقل في الطريقة التي ينظر فيها الي. انه انسان الطف بشكل عام ويجعلني أشعر بأني حقيقية,ولست مجرد فتاة مراهقة ورطت نفسها في مشكلة. اتمنى لو انه هو الذي كان في انجلترا وليس باريس
- كيف كنت ستتعرفين عليه؟
- لست أدري. أحيانا أتساءل ما اذا كان قدري....أن....أن أصبح حاملا, كي نستطيع كلانا المجئ الى هنا. اعني بعد ولادة الطفل سأكون امرأة حرة, أليس كذلك؟
هزت دالاس كتفيها واشعلت سيكارة وسألت أختها :
- وماذا عن الطفل؟
- آه لا أعلم. ربما سأدع الكسندر ستافروس يأخذه في النهاية...ماذا كنت تفعلين أنت لو كنت مكاني؟
هزت دالاس رأسها وأجابت :
- هذا سؤال لا أستطيع الاجابة عنه. ولكني لو كنت مكانك لانتظرت الى ما بعد ولادة الطفل قبل أن أتخذ أي قرارات متسرعة
بدت جين مطرقة , ولم تذكر الطفل ثانية ذلك المساء.
في أحد أيام شهر آب (اغسطس) عندما كانت جين مع اندريا وبولا وجورج على الشاطئ, فوجئت دالاس بدعوة الى تناول الشاي بعد الظهر في الفيلا.
سارت دالاس مسرعة نحو الفيلا يكتنفها شعور بغضب مكبوت. لم تستطع أن تتصور سبب دعوتها على هذا النحو ولم تستطع سوى أن تفترض بأنها ستتلقى نوعا من التوبيخ من السيدة ستافروس.
جلست السيدة ستافروس على كرسي عال, وأمامها طاولة صغيرة عليها شاي. ابتسمت مرحبة عند دخل دالاس وقالت لها :
- آه يا عزيزتي جئت أخيرا. أخبريني هـل تأخذين الحليب والـسكر مع الشـاي
تقدمت دالاس نحوها بارتباك وجلست على كرسي اشارت اليه السيدة ستافروس.
- سكر فقط ، قالت بسرعة وتناولت فنجان الشاي. قدمت لها السيدة ستافروس راحة الحلقوم ولكنها أعتذرت, وكانت لا تزال تتساءل بعصبية عما يمكن الأمر.
تناولت السيدة ستافروس قطعة حلوى من الاناء, ثم نظرت الى دالاس في تمعن. وسألتها :
- كيف تجدين اقامتك هنا؟
- جيده جدا, شكرا لك يا سيدتي
- حسنا, حسنا يبدو أن لويز واستيل تعلقتا بك. يخبرني ابني أنهما تتطلعان الى زيارتك بسرور بالغ
- شكرا لك
- نعم, انه أمر جيد أن يعمل الانسان عملا يحبه. قلة من النساء يجدن عملا يحببنه في الحياة. الفتاة التي كانت ستتزوج ابني أصبحت طبيبة. وهي مثل حي عن امكان الانسان التغلب على الحزن
- أوه, نعم
- سوف تتساءلين عن سبب ذكري لهذه الفتاة بلا شك. لم أفعل من دون سبب. هيلين...أعني...هيلين نيرولوس ستعود الى الجزيرة مع ابني عندما يعود غدا
- نعم
قالت دالاس ولكنها لم تستطع أن تفهم سبب هذا الحديث. ثم تابعت السيدة ستافروس :
- اذا كنت مهتمة أن تعلمي سبب أخباري أياك بكل هذه الأمور. سأخبرك...
عضت السيدة ستافروس شفتها السفلى مطرقة وتابعت حديثها :
- يا آنسة كولينز...أنت لست طفلة, أو مخلوقا يتوهم الأمور. تبدين امرأة متزنة تماما, واني استصعب الأمر يا عزيزتي لكن الحقيقة هي ما يأتي, بدا واضحا منذ بداية صلتك بأبني الأكبر انه أخذ على عاتقه مسؤولية أختك...ومسؤوليتك أنت أيضا
شعرت دالاس بخديها يلتهبان. أرادت أن تستدير وتهرب لكنها أضطرت الى البقاء وهمست :
- نعم, يا سيدة ستافروس
-حسنا, حيث أن الأمر كذلك, ولمعرفتي بكرمه الفطري, لا أستطيع سوى أن أتخوف من أنك قد ترين في اهتمامه بك أكثر مما تعنيه أعماله فعلا يا عزيزتي. اني أفكر بك أنت...أرجوك صدقيني. اخطأ الكسندر ذات مرة خطأ مميتا عندما تزوج المرأة الغير المناسبة له. وأنا لا أنوي أن يحرم هذه الفرصة مرة أخرى في استعادة المرأة الوحيدة التي أحبها
- هيلين نيرلوس
- طبعا هيلين...انها تصلح له تماما, فالعائلتان ترتبطان بصداقة تعود الى أجيال ماضية. وهي عرفت الكسندر منذ أن كانا طفلين,وقد ربيا معا, وكان زواجهما فيما بعد حتميا ثم جاءت آنا سيروس وحطمت كل شئ...لم أحب زوجة ابني المتوفية. لا أستطيع التظاهر بأنني أحببتها. لم تكن من نوع النساء اللواتي يصلحن للزواج. ربما لو أحبها الكسندر لكانت الأمور أختلفت, لكن. . .
واختفى صوتها وكأنما تذكرت الشخص الذي كانت تتحدث اليه, فغيرت موضوع الحديث قائلة :
-وهكذا سيعود الكسندر وهيلين غدا, وفكرت أن علي أن أفسر قليلا ما اتأمل أن يحدث
- أوه, لقد أوضحت كل الأمور
قالت دالاس بجمود وشعرت بانزعاج بسيط. كيف تجسر هذه المرأة على اخبارها بهدوء أن ابنها غير مهتم بها؟ ومع أن دالاس علمت أن هذه حقيقة الأمر, وأرادت أن تبكي. فلم يسبق لها أن شعرت بنفسها حقيرة هكذا. كيف تجرؤ السيدة ستافروس على مناداتها وتحذيرها من الاقتراب من الكسندر؟ كأنما كان الأمر ضروريا!
نهضت السيدة ستافروس, فنهضت دالاس أيضا مع أن ساقيها كانتا ترتجفان. لكنها سيطرت على عواطفها وقالت :
- أهذا كل شئ, يا سيدتي؟
- تعتقدين أن كل هذا الحديث لم يكن ضروريا, أليس كذلك؟
- بصراحة...نعم
-اذا اسألي نفسك لماذا تشعرين بهذا الانزعاج الآن
قالت لها السيدة ستافروس هذا في برود واستدارت بعيدا. لم تنتظر دالاس لسماع المزيد , أستدارت وهرولت خارج الفيلا كما لو أن الشيطان نفسه يلحق بها.