استدارت دالاس بسرعة لتجد الكسندر ستافروس يستند بكسل الى الباب المؤدي إلى القاعة. كان يرتدي سروالا ضيقا فاتح اللون , وكنزه زرقاء داكنة لم يزرر أعلاها لتظهر فروة الشعر السوداء في صدره. وبدا مختلفا جدا عن رجل الأعمال المتأنق ذلك الذي تذكرت دالاس إنها رأته في لندن, فشعره كان مبللا بعض الشئ وغير مصفف كأنما كان يسبح , ذقنه آخذة بالنمو. كان أكثر جاذبية كما بدا الآن!
قالت أمه ملتفتة هي الأخرى :
- اليكس...لم أعلم انك عدت
- هذا واضح ، رد واستقام ثم سار نحوهم في بطء قائلا :
- ظننت إني أعطيت تعليمات واضحة. يمكنك أن تفعلي ما تريدين وتؤويهما في فيلا منفصلة إذ أني أشعر بأن هذا ما تريدانه , ولكن يا أمي أظنك تحاولين تجنب مسؤوليتك تجاههما كما لو لم تكونا هنا. هل كلامي واضح؟
لم تخفف حركاته المتباطئة إطلاقا من اثر كلماته وبدت السيدة ستافروس منزعجة قليلا :
- أنت تعلم مثلي يا اليكس. . .
بدأت تتكلم لكن تعبير وجهه أسكتها. ثم بدأت تتكلم باليونانية, متجاهلة دالاس وجين تماما.
ا
ستمع الكسندر ستافروس إلى والدته في انتباه لوهلة وأشعل سيكارا تناوله من علبة ذهبية أخرجها من جيب سرواله. ثم هز كتفيه وابتسم بشئ من الحرية , والتفت إلى دالاس قائلا :
- هل كانت رحلتك طيبة؟ هل اعتنى أخي بك؟
وتحولت عيناه نحو جين بينما أجابت دالاس بالإيجاب, وسأل جين عن حالها الصحية, وشردت عيناه لحظة نحو وسط جسدها الفتي ثم عاد ينظر إلى دالاس والتحدي ظاهرا في عينيه وقال :
- ستأتيان إلى العشاء هذا المساء. الخدم في تصرفكما لتزويدكما بأي معلومات تحتاجانها. لكن الوقت أصبح متأخرا الآن ولابد أنكما تودان أن ترتاحا بعد رحلتكما. (يني)
استرعت لهجة صوته الآمرة شابا يرتدي ثوبا أبيض فهرول نحوهم, وأعطاه الكس تعليمات باليونانية. أومأ الشاب برأسه لدى سماعها وأكد انه سينفذها.
ودعت الفتاتان مضيفتهما ورافقتا يني إلى الخارج فوق العشب الأخضر نحو إحدى الشالهات البيضاء القابعة بين الأشجار على بعد مسافة صغيرة من البيت. انهمكت دالاس في أفكارها الذاتية إلى درجة لم تهتم معها بالمنظر حولها , وكانت تقلباتها العاطفية في المنزل قد أزعجتها جدا. لكنها تعافت ما إن وصلت إلى الشاليه وتمتعت باستكشاف المنزل الصغير الذي سيكون بيتا لهما خلال الشهور القليلة المقبلة.
طاف يني بهم في المنزل. كانت هناك ردهة صغيرة يمكن أن تستعمل كغرفة طعام أيضا, وغرفتا نوم مجهزتان بأسرة وثيرة مزدوجة , وحمام صغير لونه أخضر شاحب. كان بيتا مصغرا, وراق لجين إلى حد نسيت معه العدائية التي أحست بها قبلا. وهتفت :
- انه رائع , اخبرني يني هل تتكلم الانجليزية؟
ابتسم يني وطفح وجهه الأسمر بشرا وهو يقول :
- قليلا , إذا تكلمت في بطء, أجل
- إذن , اخبرنا عن الترتيبات هنا. العشاء في التاسعة كما قالت السيدة ستافروس. وفي أي وقت الإفطار؟
قال يني في تأن :
- في أي وقت تحبانه, ليس هناك وقت محدد, والغداء في الثانية
خلعت دالاس سترتها. كانت تشعر بدفء مزعج وأرادت أن تأخذ حماما باردا في ذلك الحمام الرائع.
- ربما يعطينا السيد ستافروس مزيدا من التفاصيل هذه الليلة
قالت وهي تحاول إلا تظهر اهتماما عندما لفظت اسم الكسندر ستافروس. نظرت جين إليها وقالت :
- بدا مختلفا
ثم تذكرت يني وقالت :
- حسنا يني. في إمكانك الذهاب, ماذا نفعل لنتصل بك ثانية؟
همس يني بتهذيب مشيرا إلى زر قرب النوافذ الفرنسية الشكل :
- الجرس , إلى اللقاء , آنسة كولينز , آنسة جين
انسحب يني وسارت جين إلى غرفة النوم وألقت بنفسها على السرير, وتبعتها دالاس في بطء أكثر. ونظرت إليها جين عندما دخلت وقالت بحدة :
- ماذا فكرت؟
هزت دالاس كتفيها قائلة :
- الأمر كما توقعت, إنهم لا يريدوننا هنا حقا, ولماذا يفعلون؟
فعلقت جين قائلة :
- صدف أن ولدي هو من باريس, إني آسفة, ولكنه ملام مثل أي شخص آخر
رفعت دالاس كتفيها في حركة يائسة وقالت :
- اعلم يا عزيزتي لكن لا يمكننا أن نتوقع منهم أن يضنوا أنفسهم ليساعدونا, كدت أتمنى لو أن السيد ستافروس لم يدخل كما فعل. لم يكن لدي رغبة في أن أتناول العشاء مع بقية العائلة وضيوفها, أتمنى لو أنهم ينسون وجودنا هنا
وتمتمت جين بسرعة :
- في الواقع, أنا لا أتمنى ذلك, في أي حال, لن تسنح لنا فرصة مماثلة لنرى كيف يعيش النصف الآخر من البشر, أليس كذلك؟
أرخت دالاس شعرها ومررت أصابعها عبر كثافته الحريرية قائلة :
- حسنا, في أي حال, ليس لدينا خيار. فقط كنت أتمنى لو أعلم ما يجب علي أن أرتدي
هتفت جين :
- لكنك جلبت فساتين عدة ملائمة
- في أي حال, لا يتوقعون أن نظهر مثلهم, نحن فقط نصف أقارب فقراء
ابتسمت دالاس :
- حسنا, ولكني سأستحم الآن, أشعر بتعرق شديد
أومأت جين برأسها وقالت :
- سأرتاح قليلا إذا, لا يزال الوقت مبكرا, إني أتطلع بشوق نحو هذه الأمسية. وبالنسبة إلى ما كنت ذكرته, إلا تعتقدين أن الكسندر ستافروس بدا مختلفا؟
سارت دالاس نحو الباب متجاهلة كيف تدفق الدم في شرايينها لدى ذكر اسمه وقالت بخفة :
- هو...في الواقع, نمت لحيته
- ليس ذلك فقط. بدا أصغر سنا. ياه...انه بعمر تشارلز اذا لم يكن أكبر منه ولكن. . .
- أرجوك
واستدارت دالاس نحوها قائلة :
- دعينا لا نتكلم عن تشارلز. سوف استحم
- حسنا
قطبت جين ثم هزت كتفيها واستلقت على السرير وأغمضت عينيها. نظرت دالاس اليها برهة ثم انسحبت. كادت تبدأ بالاستحمام عندما سمعت أحدا يدق الباب ويدخل. فسألت :
- من الطارق؟
- أنا