كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
دالاس لم تستطع أن تصدق أن الأمر سيكون بمثل هذه السهولة. كانت جين متصلبة كثيرا قبلا كي تتخلى عن باريس من دون شجار ولم يبدو باريس مما سمعته عنه ذلك النوع من الفتيان الذي يخاف التهديد وحتى لو كان من والده. كانت قلقة على جين من ناحية آخرى أيضا , لم تبدو حالة شقيقتها الصحية جيدة وشهيتها تكاد تكون مفقودة , ولأول وهلة عزت دالاس الأمر الى فراقها الاضراري عن باريس, لكنها بدأت تتساءل بعد فترة اذا كان هذا كل ما في الأمر.
بدت جين متعبة جدا في الصباح وكأنما فقدت الحيوية التي كانت تتمتع بها. قلقت دالاس ولم تستطع أن تخبئ مشاعرها تماما عن تشارلزعندما جاء لزيارتها و الذي قال لها موبخا :
- آه يا دالاس ماذا تريدين؟ منذ أسبوعين كنت قلقة لأنها كانت تخرج مع باريس ستافروس والآن أنت قلقة لأنها لا تفعل! انك غير معقولة!
- أعلم , أعلم... أنه مجرد...أوه يا تشارلز, لدي شعور سيئ, الأمور ليست في البساطة التي تريدني أن أراها فيها .
- هراء...عادت الطفلة الى ذاتها هذا كل شئ, كان لكلامك معها اثره الفعال. ولابد أن أعترف بأني فؤجئت في البداية , لكني استطيع أن أتقبل الأمر الآن , لم لا تستطيعين أنت؟
احمرت دالاس , لم تخبر أحدا بزيارتها لألكسندر ستافروس ولا حتى تشارلز. فقد تخوفت أن يغضب بسبب تدخلها فقالت :
- لا ألم , ربما لأن الامر يبدو ابعد من الحقيقة .
في عطلة الأسبوع التالية , استيقظت دالاس باكرا صباح الأحد على صوت دقات عالية على باب الشقة. وانسلت من سريرها , وانتبهت أن سرير جين كان شاغرا. فقد كان الأمر مستغربا. لم تعتد جين أن تنهض قبلها أبدا أيام الآحاد.
لبست رداء منزليا سميكا أزرق اللون وسرحت خصلات شعرها المتساقطة الى الوراء ثم عبرت الممر نحو باب الشقة محاولة تذكر أحداث ليلة الأمس...
كانت قد ذهبت الى مايدن هيد مع تشارلز كالعادة وعندما عادت الى المنزل كانت جين في فراشها كما حدث الأسبوع السابق. لم تفكر بالأمر واحترمت صمت جين ظنا منها أنها نائمة. اذن أين هي الآن؟ هل نهضت باكرا وخرجت ونسيت أن تأخذ مفاتيحها؟
فتحت الباب ونظرت الى الرجل الذي كان واقفا على العتبة. كان طويلا أسمر البشرة مثل الكسندر ستافروس, هكذا خيل اليها رغما عنها لكن الشبه انتهى الى هذا الحد. كان الرجل ملتحيا ذا شاربين اسودين, يوناني المظهر, يلبس معطفا من الفراء السميك, وبدا عريض المنكبين مفتول العضلات. ارتعشت دالاس رغما عنها وقالت :
- نعم...ماذا تريد؟
- أنت الآنسة دالاس كولينز؟
- ...نعم
- حسنا. هلا ترتدين ثيابك وتأتين معي من فضلك. السيد ستافروس يريد أن يراك , الكسندر ستافروس
بلعت دالاس ريقها بصعوبة :
- أنا...لا أفهم. لماذا يريد السيد ستافروس أن يراني؟
- هو سيخبرك بالامر. سأنتظرك حتى ترتدي ثيابك
- مهلك يا.... أريد أن اعلم ماذا يجري
ابتسم الرجل شبه ابتسامة صغيرة وقال :
- ظن السيد ستافروس أنك قد تقولين ذلك. حسن جدا. أنا مايرون سارافانوس, أمين سر السيد
ستافروس. أنه يرغب في التحدث اليك في ما يختص أختك وباريس...لقد هربا معا ليلة أمس
- ماذا؟!
أنتاب دالاس الخوف. فأكمل الرجل :
- الم تفتقدي أختك؟
- كلا. في الأقل لم افتقدها الا...الآن. رأيت أنها لم تكن في سريرها .
شعرت دالاس بنفسها تكاد تبكي فجأة وقالت متأثرة :
- أوه , أرجوك أدخل. يجب أن أرتدي ثيابي. هل يعلم السيد ستافروس الى أين ذهبا؟
- سيفسر لك كل شئ , لا تضطربي سيتم العثور عليهما وسيجلبان الى المنزل. أنه أمر سئ ولكن ليس صعبا
اغلقت دالاس الباب بعد أن دخل الشقة ثم هرعت الى غرفة النوم لأرتداء ملابسها. لم تتوقف لتفكر ماذا تلبس , ووجدت نفسها ترتدي لباس الجوخ الاخضر الذي ارتدته الليلة السابقة ومعطفا من جلد الخروف. ثم نظرت الى الرجل قائلة :
- أنا جاهزة , هلا نذهب
كانت تنتظرهما سيارة حمراء طويلة فخمة وسائقها , الا أن دالاس لم تكن في حال تسمح لها أن ترى ما حولها.
كان الكسندر ستافروس ينتظر في جناح الفندق. وبدا قلقا وفظا وهو يتمشى في الغرفة مرتديا بنطلونا أزرق اللون غامقا وقميصا مطرزة زرقاء. توقف عند دخولهما وقال :
- مخاوفك لها ما يبررها يا آنسة كولينز
هزت دالاس رأسها غير واثقة من قدرتها على الكلام. ومن دون أن يسألها اذا كانت ترغب في شراب أم لا. وضع بين يديها المرتجفتين كأسا قائلا :
اشربي هذا. سيعيد اليك ثقتك بنفسك ويعيد...صوت
تناولت دالاس الكوب وقبلت سيكارة, واستوت في مقعد وثير. وسألت بعد أن ارتوت قليلا :
- الى...الى أين ذهبا؟
- لست متأكدا
قال هازا كتفيه ثم تابع :
- حسب معرفتي لباريس , اشك في ما اذا كان يعلم الى أين سيتوجه
- ولكن...اعني...الا تعتقد انهما في طريقها الى اسكوتلندا؟
- الى اسكوتلاندا؟
حدق فيها ثم قال :
- آه, نعم نعنين غريتنا غوين, أليس كذلك؟ أستطيع أن ابوح لك بشكي في ما اذا كان ابني يفكر في الزواج
امتقع وجه دالاس وانتفض هو قائلا :
- آه, حقا يا آنسة كولينز, لا تغبي عن الوعي. حتما حتى أنت لا يمكن أن تكوني تقليدية التفكير الى درجة تعتقدين معها أن كل اثنين يهربان معا يذهبان الى غريتنا غوين!
- كلا , ولكن كيف يمكنك أن تكون متأكدا الى هذا الحد؟
- كان لي حديث قصير مع ابني عن الفتيات الانجليزيات. واخبرني باريس حينها انه لا ينوي التورط مع أي فتاة بشكل جدي هنا. فهو يدرك مسؤولياته تماما تجاهي واتجاه خطيبته في ليكسانروس .
- خطيبته؟!
رددت دالاس بصوت خافت فتابع الكسندر حديثه :
- اخاف أن يكون الأمر كذلك. لقد رتب أمر زواجه منذ سنوات , وخطيبته هي أبنة أحد أعز أصدقائي. يا آنسة كولينز اننا لا نزال محافظين بعض الشئ في اليونان ونجد أن مثل هذه الزيجات تنجح الى درجة عظيمة .
هزت دلاس رأسها وقالت بهدوء :
-جين لا تعلم شئ عن خطيبته ، ومهما كان تفكيرك فهي تؤمن فعلا أن باريس يحبها
-انها مولعة بثرائه يا الهي لم أدرك أنه يوجد في العالم مخلوقات مثلها حتى يومنا هذا
ثم حضر لنفسه شرابا واستدار نحوها وتابع :
-أنت فعلا فريدة من نوعك يا آنسة كولينز
احست دالاس بحرارة في وجنتيها. كان يهزأ بها ولم تجب.
بدا واضحا أنه مل من تعذيبها, فقد سار نحو مايرون سارافانوس الذي كان يدخن سيكارة بهدوء قرب النافذة, ودار بين الأثنين حديث قصير باليونانية ثم غادر مايرون سارافانوس الغرفة ورفع الكسندر ستافروس سماعة الهاتف. لم تراقب دالاس ما يجري حولها. فكرت انه ربما كان يجب عليها الاتصال بتشارلز الا أنها أدركت انه سينزعج اذا ايقظته في الساعة السابعة صباحا, لذا قررت عدم الاتصال.
مر الوقت. كانت مدركة أن التحريات جارية في محاولة للعثور على مكان المفقودين, وظهر ستيفانوس كارانتينوس وامضى بعض الوقت يتحدث الى الكسندر ستافروس.
|