كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
انزعجت بعض الشئ عندما شردت أفكارها نحو أمور أخرى قالتها جين . لم تقلقها علاقتها بتشارلز ابدا قبل ذلك . ولكن هل أسباب قبولها الفوري بتشارلز آنذاك كانت ممتزجة برغبة في الطمأنينة والاعتماد على شخص ما؟
دفعت تلك الأفكار بعيدا عنها بتصميم , اذ بدأت تصبح خيالية ولن تسمح لتصرف جاين أن يؤثر على أفكارها كثيرا. هذا غير مجد ! انه ببساطة غير مجد !
بعد أن خلعت ثيابها الداخلية سارت الى المكان الصغير الذي كانتا تسميناه حماما. استحمت بسرعة ثم لبست رداء صوفيا أخضر دافئ ظهرت عليه بصمات الايام , ثم عقدت شعرها. فتشارلز يحبها هكذا وهو كل ما يهم .
وصل تشارلز الساعة الثامنة تماما . كان رجلا معتدل القامة والبنية يميل قليلا نحو البدانة. عرف الفتاتين منذ طفولتهما فقد كان صديقا لوالدهما , وعندما توفي والدهما فجأة كان مسؤولا عن ايجاد شقة لهما وبيع منزلهما في ايرل كورت الذي كان أكبر وأكثر كلفة من أن تتدبرا شأنه بمفردهما.
عانق تشارلز دالاس بحرارة قائلا :
- مرحبا حبيبتي كيف حالك؟ تبدين متعبة قليلا هذا المساء .
هزت دالاس كتفيها :
- أوه , الا تستطيع أن تستنتج يا تشارلز؟ لقد كانت لـي جولة آخـرى مـع جين .
- في موضوع باريس ستافروس؟
- وماذا إذا؟
- حسنا أتمنى أن لا تفعلي ذلك يا دالاس فهي ليست طفلة على رغم كل شئ , عاجلا أو اجلا عليها أن تتعلم ان ليس كل التفاحات على الغصن حلوة .
قالت دالاس متنهدة :
- لا تبالغ . جين هي مسؤوليتي في كل حال , ولا أستطيع أن ادعها تهدم حياتها .
- أنت كالعادة لا تفهمين الوضع , فباريس ستافروس عمره ثمانية عشر عاما فقط ولم يسمح له الوقت ليبني سمعة لنفسه! من يسمعك تتكلمين عنه يظن أنه شاب لاه مستهتر .
غالبت دالاس ابتسامة لما سمعته , واشعلت سيكارة وانتظرت صراخ تشارلز :
- دالاس. أيجب أن تدخني بهذه الكثرة ؟
وهزت رأسها قائلة :
- لم لا؟ فأنـا لا أدخن طـوال النهار واستحـق بعض الاستـرخاء , أليس كذلك؟
تحامل تشارلز على نفسه ولم يجب , وبعد أن جلس قبالة التلفزيون قال :
- هل هناك أي برامج مثيرة هذا المساء؟
- هناك مسلسل التحري الذي تستمتع به .
نظرت دالاس الى تشارلز وقالت له بتردد :
- تشارلز...لم لا نذهب الى السنما عوضا. . .
استدار تشارلز وقال عابسا :
- ولكننا لا نخرج أيام الثلاثاء .
- أوه, حسنا, حسنا .
أرخت دالاس نفسها على الاريكة قربه وقالت :
- هل كان نهارك حافلا؟
- بعض الشئ . آه انظري يا دالاس, البرنامج سيبدأ الآن !
قالت :
- تشارلز...لا أعتقد أن العيش مع أمك بعد زواجنا هو فكرة جيدة في نهاية المطاف .
لم يعرها تشارلز انتباها كافيا فقد كان مستغرقا في مشاهدة التلفزيون. فلكزته دالاس :
- هل سمعت ما قلت؟
- ماذا, أه. لا ماذا قلت؟ الا تستطيعين الأنتظار حتى أنتهاء البرنامج ؟
احتدت دالاس :
- كلا , لا أستطيع. أنا...أنا لا أريد أن اعيش مع والدتك بعد زواجنا .
نظر تشارلز إليها مندهشا :
- ماذا؟ لما لا؟
بلعت دالاس ريقها بصعوبة :
- لأنك تصير مثلها أكثر وأكثر. انك تتصرف وكأنك أكبر سنا. بحق السماء يا تشارلز أحيانا تتصرف وكأنك أكبر بعشرين عاما .
أصبح وجه تشارلز شديد الاحمرار , وتضايقت دالاس من ذلك لكن الأمر كان يجب بحثه.
- دالاس , هل فقدت صوابك؟ ان البيت في مايدن هيد كبير جدا لتسكنه أمي وحدها. هذا اضافة الى أن شراء بيت أخر هدر للمال .
أطفأت دالاس سيكارتها وقالت :
- لماذا؟ أليس في مقدورك شراء بيت؟
فرك تشارلز يديه قائلا :
- في استطاعتي شراء بيت آخر يا دالاس , ولكن ليس في نيتي تبديد المال من دون سبب .
هزت دالاس كتفيها :
- حسنا اذا. ماذا لو أخبرتك ان هذه هي شروطي للزواج بك؟
فغر تشارلز فمه , ثم أطبقه في سرعة وسألها قائلا :
- لا يمكن أن تكوني جادة يا دالاس , فأنت لا تبدين كما عهدتك !
- كيف تعلم كيف حالي؟ فأنت لا تزعج نفسك في معرفة ذلك. انك تجلس وتحدق في تلفزيوني طوال المساء , ثم تتناول عشاءك وتنصرف .
- دالاس!
- حسنا , انها الحقيقة. لابد اني كنت مغمضة العينين قبل اليوم , ولكني اليوم أرى حقيقة الأشياء , الأمر سيئ هكذا يا تشارلز , نحن لانزال في مقتبل العمر , ونستحق بعض الحرية وبعض الوقت نقضيه معنا بمفردنا , واذا عشنا مع والدتك فستكون حولنا دائما , تطلب منك أن تساعدها في الذهاب الى الفراش أوالذهاب الى الحمام أو في ارتداء ثيابها! الآمر سئ نحن في حاجة الى منزل خاص بنا, أنا مستعدة للاستمرار في العمل الى حين يصبح لدينا كل ما نحتاجه .
- بعد زواجنا , لن تعملي , لا يمكن أن تفكري بشئ كهذا , دالاس حبيبتي كوني عاقلة , ان المنزل في مايدن هيد كبير جدا. اذا رغبت فلا داعي أن نعيش مع والدتي, يمكننا أن نقسم البيت الى شقتين .
ترددت دالاس وقد أشكل عليها في ما اذا كانت غير واقعية أو أن ذلك كله كانت سببه جين.
- فكري في الأمر اذا . قالها تشارلز ثم تابع كلامه :
- سينفطر قلب أمي اذا اعتقدت بأنها تخلق لنا المتاعب .
وتساءلت دالاس إذا كان الأمر هكذا فعلا فالسيدة جينينغز كانت متعلقة بأبنها لدرجة يصعب معها أن تتركه يغادرها في سهولة.
- حسنا . قالتها عندئذ ومال الى الأمام ليطفئ التلفزيون ثم عاينها بنظرة لطيفة وقال :
- اقتربي ، قالها في نعومة وشدها اليه وتركته يعانقها.
|