الفصل اتاسع
البيت حيث القلب
لم ترى دالاس الكسندر ستافروس ثانية لأربعة أيام. وفي صباح اليوم الذي تلا ذهابهما الى المطعم , وصل ستيفانوس الى الفندق ومعه رسالة لدالاس من الكسندر يطلب منها البقاء في أثينا لبضعة أيام آخرى , ويخبرها أن ثيابها سترسل اليها وبأن ستيفانوس سيهتم بها فقالت :
- أوه , ولكن...أعني لا داعي لأن تزعج نفسك من أجلي. أستطيع أن آخذ سيارة أجرة بنفسي عندما أذهب لزيارة جين في المستشفى. لست عاجزة تماما .
منتديات ليلاس
شعرت بغضب من أن الكسندر أكد سيطرته عليها مجددا. هل ظن انها في حاجة الى حماية لأنه لم يكن موجودا؟ ولم تسمح لها حالتها العاطفية المضطربة أن تفهم الأمور بطريقة عاقلة وعادية. ولكن ستيفانوس اكتفى بأن ابتسم بوجه ثورتها وقال :
- هل تناولت طعام الافطار؟ حسنا, اذاً ضعي معطفك فسوف نخرج .
- نخرج؟ الى أين؟ الى المستشفى؟ هل حدث سوء؟
- كل شيء على ما يرام. سنذهب للتفسح , هذا كل شيء. هذا ما تودين فعله , أليس كذلك؟
- هل أنت جاد؟
- طبعا. لم لا. اعطيت تعليمات بأن ابقيك سعيدة! بأي طريقة آخرى يمكنني أن أخدمك؟
- حسنا , اعطني خمس دقائق, ليس لدي ملابس لأغير هندامي
- سيكون لديك فيما بعد. اسرعي
وجدت دالاس أيامها في أثينا بسيطة وخالية من المتاعب. كان ستيفانوس مرافقا مسليا وممتعا ولم يطالبها بشيء , واستطاعت أن ترتاح معه واكتشفت أن تصرفها كبقية السياح كان أمرا طبيعيا. فزارت كل الأمكان الاثرية الشهرية والمتاحف والمتنزهات , وذهبا للتبضع في شارع ستاديوم, رأت دالاس اليخوت البيضاء التي ترسوا في باشاليمانو وشربا القهوة التركية اللذيذة في مطعم هناك. وبالطبع أمضيا أطول وقت في الاكروبوليس , حيث تبعت دالاس مرشدا سياحيا بينما أرتاح ستيفانوس وجلس على حافة حائط وتفرج على ما حوله بمرح.
في المساء ذهبا الى شارع المقاهي وشاركت دالاس في جو الاحتفالات السائد. لم تشعر بالكآبة تغمرها الا عندما عادت الى غرفتها في الفندق وبكت الى أن نامت.
في المستشفى , تحسنت حال جين. واستطاعت أن تنهض وتسير, وأبلغها الطبيب أن في امكانها مغادرة المستشفى في نهاية الأسبوع. أما اندريا فكان عليه أن يبقى بضعة أيام آخرى, فالأطباء ارادوا نزع القطب عن جرح في رأسه قبل أن يسمحوا له بمغادرة المستشفى.
عندما ذهبت دالاس لزيارة جين. كان من المستحيل التحدث عن خططهما للمستقبل. رفضت جين التفكير في الأمر وظلت تردد أن الوقت متوافر لبحث ذلك. كانت دالاس أقل ثقة منها, فالسيدة ستافروس لم تتقبلهما اساسا , وكانت تشك كثيرا اذا كانت هذه السيدة تتوقع عودتهما الى الجزيرة.
وصل الكسندر الى المستشفى في اليوم الذي كانت ستغادره جين وكانت دالاس معها. شعرت دالاس بقلبها ينبض مسرعة عندما دخل الغرفة برشاقة وتعجبت كيف يستطيع جسمها احتمال كل ذلك. وقررت في نفسها أن لا تتحمل المزيد وأن عليها الذهاب!
تحدث اليها الكسندر ثم ابتسم لجين قائلا :
- حسنا , سمعت انك ستغادرين المستشفى غدا
- نعم , شكرا للسماء
نظر في امعان الى رأس دالاس المنحني , ثم نظر ثانية الى جين قائلا :
- سيأخذك ستيفانوس الساعة العاشرة والنصف
والتفت الى دالاس وأردف :
- سيمر عليك في الفندق يا دالاس في طريقه الى المطار
وانتصب رأس دالاس عاليا وتساءلت :
- الى المطار؟
- نعم. الم تخبرك جين؟ ستعودان الى لكسندروس غدا
نظرت الى أختها بغضب وقالت :
- كلا. لقد نسيت أن تخبرني بهذا التفصيل الصغير
- لا يهم
وقفت دالاس مطبقة قبضتيها , وقالت بسرعة :
- آه , لكن أعتقد انه مهم. أعني, لا أدري ما هي خططك تماما, أما في ما يختص بي فان عودتي الى الجزيرة ستكون فقط لحزم أمتعتنا قبل أن نغادر
تأمل الكسندر في وجهها الشاحب مطولا وقال ببرود :
- لن تغادري. هذا مفهوم
- من قرر هذا؟
- أنا قررت
هتفت جين فنظرت دالاس اليها وقالت :
- سيد ستافروس , نحن ممتنتان على ما فعلته من اجلنا ولكن انتهى الأمر الآن. لم تعد حمايتك ضرورية. كانت فترة من الزمن, هذا كل شيء وقد انقضت الآن
كانت عينيالكسندر شديدتي البرودة , وأجابها :
- لا أوافق , الم يخطر ببالك أن جين قد تحتاج الى بعض الوقت لتتعافى من هذه التجربة المروعة؟
أحمر وجه دالاس ودت :
- في امكانها أن تتعافى في انجلترا. لقد بدأ فصل الصيف الآن, وحتى انجلترا طقسها جيد!
- لا تسترسلي مرتبكة عى هذا النحو
قال في غضب, ثم تابع وكأنه تذكر انهما ليسا وحيدين :
- سنسوي الأمر يا جين. اهتمي أنت بتحسن حالك
ثم سار نحو الباب وقال :
- سأراك غدا كما اتفقنا , تعالي يا دالاس
لم ترد دالاس الانصياع , بل أرادت الابتعاد عنه بقدر ما تستطيع , لكن من غير أن تتصرف كطفلة ودعت أختها وغادرت الغرفة بأكثر ما تستطيعه من رفعة النفس.
ما ان خرجت دالاس من المستشفى حتى همت بالتوجه نحو مكان انتظار ستيفانوس ولكن الكسندر قبض على ذراعها بقوة وقال :
- تعالي, أريد أن اتحدث معك
نظرت دالاس اليه محاولة الا تشعر بالعاطفة وقالت :
- يمكنك أن تقول ما تريد هنا
بدا وكأنه سيحتج , أو انه سيرغمها على المجيء بالقوة ولكنه غير رأيه وقال :
- حسنا , اذا كنت تصرين على التصرف كالأخت الغاضبة!
شبكت دالاس يدها وسألت بصوت منقبض :
- ماذا تريد أن تقول؟
- ببساطة ما يأتي: لن...لن نتحدث في شأن العودة الى انجلترا في الوقت الراهن, هل هذا مفهوم؟
وعندما لم تجب , تابع قائلا :
- ماذا تتصورين انك ستفعلين عند عودتك؟ فأنا فهمت أن شقتك محجوزة حتى آخر الصيف. الى أين تزعمين الذهاب؟ ربما الى تشارلز جينينغز؟
- ما أنوي فعله ليس من شأنك
- آه , ولكنه من شأني. دالاس...توقفي عن التصرف بحماقة. أريد أن تعودي الى الجزيرة
- حسنا , أنا لا أريد العودة , لماذا تريدينا أن نعود؟
- لا أنوي خوض أسباب رغبتي في بقائكما هنا في أحد شوارع أثينا الرئيسية. وهكذا ستفعلين ما يطلب منك, وسأراك غدا بعد الظهر عندما تصلين مع جين. أنا عائد اليوم علي الأهتمام ببعض الأمور .
لم تجبه دالاس وبانزعاج مكبوت استدار وسار بعيدا عبر الشارع المشمس. رأته دالاس يبتعد وشعور من اليأس يغلب عليها. ثم أستدارت نحو ستيفانوس , الذي انسل خارج السيارة واتجه نحوها , وأومأ ناحية رئيسه المبتعد وقال لها :
- هل تفعلين ذلك عمدا؟
حدقت دالاس فيه وردت :
- ماذا؟
- أن تتلهي بمزاجه هكذا. يا الهي, لم أرى أي امرأة تعامل اليكس كما تفعلين أنت. عليك الحذر. انك تلعبين بالمتفجرات!
هزت دالاس رأسها وقالت بصوت متعب :
- أوه يا ستيفانوس , اتمنى لو أعلم ماذا أفعل .
نظر اليها ستيفانوس نظرة استغراب وقال :
- أعتقد انك تذكرين أن اليكس لا يذعن بسهولة .
لم تذهب دالاس لترى جين ذلك اليوم. لم تكن تحتمل التفكير في النقاش الذي يمكن أن يدور بينهما. أرادت جين أن تفعل ما يحلو لها كالعادة, ولم يكن في نيتها الاستماع الى دالاس.