كاتب الموضوع :
mallouli
المنتدى :
الادباء والكتاب العرب
تبين لي بعد البحث أن "افواه واسعة" لمحمد زفزاف هي بالفعل آخر أعماله الروائية، وقد صدرت قبل هذه الطبعة عن "دار الجنوب" بالدار البيضاء المغرب 1998.
يقول عنها الناقد الخليجي محمد بن عبدالله السيف في جريدة "الجزيرة" السعودية 15 أغسطس 2001 بعد وفاة زفزاف بقليل:
"أما في روايته «أفواه واسعة»، فقد تحدث عن أولئك الذين يتحدثون طويلاً، آكلين لحوم إخوانهم أحياء وأمواتاً، مصوراً زفزاف المثقفين العرب بأنهم أفواه واسعة يتكلمون كثيراً ولا يفعلون شيئاً، يبحثون في قضايا لا علاقة لمجتمعنا العربي بها إطلاقاً، أما المهمشون في نظر زفزاف ومن خلال روايته فهم الذين يكتوون يومياً بجمرة الحياة ولا يتحدثون إلا قليلاً، وإن تحدثوا فعن همومهم ومشاكلهم اليومية".
http://www.suhuf.net.sa/2001jaz/aug/15/cu2.htm
ويقول عنها الناقد المغربي صدوق نور الدين في مجلة نزوى العمانية عدد 19 ص. 247:
"إن فكرة الرواية (...) ذهنية، بالرغم مما يتخللها من نقد للاجتماعي والسياسي.. ذلك أن الموضوع يرتبط بالكتابة انطلاقا من حوارية تجمع بين شخصية من هذه الأفواه لا تحمل اسما يميزها والكاتب مثلما هو الأمر بالنسبة لبقية شخصيات الرواية وهو ما يدعو الى التعميم، بحكم أن ما يمكن أن يسري على "أفواه واسعة " يمتد الى أي نصر روائي سواء أكتبه "محمد زفزاف " أو غيره.
فهذه الشخصية "وليدها" هي بطل الرواية، البطل الذي يعتقد بأنه سوف يتمرد على الكاتب، فيما الأخير ينزع عبر التخييل الى ترصد حركاته وتنقلاته وتقويله سرا دفينا لا يحق الجهر به.. فالبطل يرتبط بأمه التي تتوق الى تزويجه، فيما هو منصرف الى القراءة الدائمة والعزلة.. على أن هذا البطل يخلق على امتداد الرواية التباسات تتمثل في تماهيه بالروائي أو الكاتب المرتبط أيضا بامرأة تحلم بالزواج منه، وحتى يتأتى له /ولها، كتابة قصة حبهما.
(...)
في نقد الاجتماعي والسياسي
إذا كانت الموضوعة الأساس للتأليف الروائي هي الكتابة، فإن نقد الاجتماعي والسياسي يواكب ذات الموضوعة..من ثم نجده مبثوثا هنا وهناك.. ذلك أن الشروط التي يتواجد فيها الكاتب المبدع والمثقف، تدفعه الى تشكيل تصورات ومواقف هي عادته العملية في الانجاز والتأليف.. ولعل مما لا يحتاج التعبير، الافصاح عن الوضعية المتر دية لشرط الكتابة في معظم المجتمعات العربية من محنة العيش ومطلق التجاهل، الى انتفاء الحرية.. هذه المواصفات هي ما يهجس به النص الروائي : "أفواه واسعة "، تأسيسا من الالتباس الخاص بين السارد، البطل والكاتب... من ثم، جاء نقد الاجتماعي والسياسي ليشمل :
1 - ظروف العيش بالنسبة لشخصيات الرواية.. ذلك أن لكل منها سحنته الاجتماعية الخاصة، والتي لن تكتمل الا بتحقيق الحلم المراد ادراكه والوصول اليه..
2- الوضع السياسي المتخلف، حيث تراجع آليات الإدارة والتسيير، مع افتقاد اللعبة السياسية لقواعدها..
إن هذا النقد لا يفعل، ولا يتفاعل، انطلاقا من حكاية ترتهن لما هو اجتماعي وسياسي، وانما المحيط المتعلق بانتاج الكتابة.. وهو مسار يختلف عما صيغ في روايات "محمد زفزاف " السابقة، ويكفي التمثيل بـ "قبور في الماء" و"الثعلب يظهر ويختفي" و"الحي الخلفي".
هيمنة موضوعة الموت
تحضر على امتداد الرواية موضوعة الموت، ويصاغ هذا الاستحضار وفق تنوع في الأسلوب، وان كان المعنى المراد تبليغه واحدا.. فمن ناحية يتم التذكير بأن وراء كل حياة ثمة موت، وهذه الأخيرة نهاية الحياة.. لذلك فإن اغتنام فرصة العيش واجب.. بيد أن الصورة الثانية للموت تبرز لما يكون بمثابة تخويف من شيء ما، ولكأن الأمر يرتبط بديكتاتورية الفعل والانجاز، والتي في غيابها يكون المصير هو الموت... أما الصورة الثالثة، فتقترن بممارسي الكتابة، هؤلاء الذين يجهرون بالحقيقة وبتعريتها وهم يعلمون بأن مجتمعاتهم تغيب شرط الحرية.. إن الموت في الرواية يستحضر كحقيقة، ويتم ربطه بالحرية، لكن طبيعة الموضوع لا تحتم إصباغه بالطابع والرؤية الفلسفية.. وأرى أن في تقدم السن على الدوام، تكمن خلفية استعادة الموت بالنسبة لجميع الأدباء والكتاب، سواء أتم ذلك بطريقة مباشرة أم بغيرها.
|