كاتب الموضوع :
reem99sh
المنتدى :
القصص المكتمله
الجزء العشرون
في المستشفيات البريطانية كان هناك مواعيد للزيارة بالنسبة لمرافقين المرضى
ويتساهلون في مستشفىWellington مع أقارب المرضى الذين حالتهم تكون
غير حرجه فيمددون لهم الوقت ولكن لا يسمح لهم بالنوم فكانت جواهر تعود للفندق
كل ليلة مع احمد أو سالم أو كلاهما لتأخر الوقت حتى غادر سالم بعد انتهاء أيام
إجازته وطول إجراءات المستشفى الخاصة بالفحوصات والتحاليل كانت كلها
بمواعيد متفرقة وغير متتابعة والأولوية دائماً للحالات الحرجة فقط.
أقترح سالم عليهم تغير الفندق لبعده عن المستشفى وبعد البحث وجدوا اقرب فندق
هو the Danubius Hotel Regents Park لم يكن فاخراً ولكنه يفي
بالغرض فيكفي أن تقطع جواهر الشارع وتمشي نحو 150 متر بجانب سور ملعب
الكريكت Lord's Cricket حتى تصل للمستشفى...أخذها أحمد في جولة
مسائية في المنطقة للتعرف على المحلات والبقالات حول الفندق...أخذوا لهم جناح
حتى يجدوا شقة ملائمة ونام أحمد في الصالة...
بعد أسبوع
كانت الساعة التاسعة والنصف عندما خرجت جواهر بهدوء من الصالة بعد أن
تناولت كوب من الشاي بالحليب وهي تجهز في غرفتها حتى لا توقظ أخيها
وتوجهت نحو المقهى الصغير بجانب الفندق والذي اكتشفت أن صاحبه لبناني
واشترت من عنده 3 قطع من الكرواسان الطازج وعرجت على البقالة التي بجانبه
واشترت من البائع الهندي جرائد عربية وعادت لبهو الفندق لتخرج من الباب
الخلفي وتمشي للمستشفى ...كانت لا تستطيع مقاومة رائحة الكرواسان فتخرج
واحداً من الكيس الورقي وتتناوله بسرعة وهي تمشي حتى تنتهي منه عند البوابة
وتمسح فمها بمنديل ثم تدخل وتلقي التحية على عاملة الاستقبال وتتوجه
للمصاعد... كانت تلتقي بالكثير من الخليجين أما جالسون في البهو أو عند
المصاعد أو في المصاعد نفسها كانت تلقي السلام دائماً على السيدات وهي تمشي
بسرعة حتى لا يتم إيقافها ...لم تكن ترغب بتوطيد أي علاقات اجتماعية هنا لذا
كانت تهرب باستمرار من أي تجمعات نسائية ..
دخلت على أمها وهي تبتسم وتسلم ...:السلام عليييييييكم ..
ابتسمت أمها بدورها وهي ترد السلام...
قبلت جواهر أمها على رأسها ثم وضعت الأكياس على الطاولة وجلست على
الكرسي بجانب السرير وقالت : شحالج اليوم يمه..؟
أمها : الحمدلله .
جواهر: تريقتي ؟؟ ( كانت تسألها وهي تعلم جيداً بأنهم يقدمون لها الفطور يومياً
في الصباح الباكر)
أمها : ايه ...الحمدلله على النعمة ...
أمسكت كفها والمثبت فيها إبره وسألتها : خذوا دم منج اليوم؟
أمها :ايه يمه خذوا وما قصروا سحبت النرس الدم ودحبت اربع غراش صغار..
جواهر: خذاهم الله قولي امين ....يا مكثر ما ياخذون دم منج!!!
أمها: استغفري ربج يابنتي مهب زين تدعين ...
جواهر: عادي ..تجوز عليهم الدعاوي..المهم جا مسلسلج والا للحين؟
أمها : بعد شوي...
كانت أمها تتابع مسلسل سوري على قناة ابوظبي والتي تبث هناك مع بعض
القنوات العربية..دخلت عليهم الممرضة وأخبرتهم بأنهم سيجرون لأمها الترا ساوند
في الطابق السفلي وسيذهبون إذا اتصل لهم التقني المسئول..
مرت الأيام عليهم ببطء شديد وضجر أحمد من الوضع فقد كان يستلقي على الأريكة
ويشاهد التلفاز كل نهار وفي المقهى كل مساء ...كان دوره محصور بمروره عليهم
قبل أن يذهب للمقهى أو يكسر روتينه بشراء غداء له ولأخته ويأخذه لها ويقضي
ساعة معهم قبل أن يتركهم..
وفي مساء أحد الأيام وهو عائد مع جواهر اقترح عليها: شرايج نروح نقعد في
مطعم أنتي من جينا لندن مارحتي مكان غير المستشفى....؟
جواهر: مالي خاطر في شي ...تدري بي ما احبها هالبلد..
أحمد : امشي تعالي ماحبها وماحبها ...هي عاد ماتدانيج في عيشة الله... من زين
باريس ...شرايج إنها ماتعجبني ...ماعلي منج امشي معاي انا متملل وابغي اكلمج
في موضوع والمطعم في اخر الشارع والجو حلو يله اشوف...
عبر الشارع وهي خلفه تسرع الخطى وتصرخ : أي مطعم هاللي ميت عليه؟؟
ابتسم أحمد وقال : مطعم ايطالي صاحبه مصري ...
جواهر وهي تمسك يده ليبطئ خطاه : مصري ومطعم ايطالي!!! ما تركب ..
أحمد : أنا ماكل فيه من قبل والجرسونات جنهم من ايطاليا بيعجبونج بهذرتهم...
مشوا في شارع بيكر وقبل أن يصلوا إلى Selfridges وبجانب محطة نفق شارع
بيكر وقف أحمد أمام مطعم أسمه Little Italy على الرصيف كانت هناك اربع
طاولات اثنتين في كل جانب محاطة بسياج من الشجر القصير اختاروا طاولة على
اليمين وجلسوا فيها وجاءهم من داخل المطعم جرسون حياهم بابتسامة وقال وهو
يقدم لهم قائمة الطعام : Hello
أحمد: شحالك يارجال ؟؟
الجرسون :What ?
أحمد: I said how are you?
Fine thank you sir…would you like to order our today’s
special or you want to look at the menu.
القوا نظرة على القائمة واختاروا لهم بيتزا مارغريتا ...ألقت جواهر نظره على
رجل يجلس على الطاولة المجاورة ممسكاً بلاب توب في حضنه يكتب شيء ثم يقرأ
ويقهقه ثم يعود للكتابة ...كان يبدو مجنوناً ولكنه كان يمضي وقته في برنامج
محادثه وفي الجانب الأخر كان هناك فتاتان تتقاسمان بيتزا واحده والهم واضح على
محياهم...نظرت الى أحمد : الحين لو كنت قاعد في أي كافيه في باريس بتحس
بهالتلوث ؟؟؟ نسبة التلوث زادت في لندن بشكل قياسي لدرجة انهم كاتبين اليوم في
التايمز يطالبون بتحويلها الى مدينة مشاة بدون سيارات ولا باصات عشان يخف
التلوث من الجو...
أحمد: إنا لله وإنا اليه راجعون أنا عاجبني التلوث ...أقول جوجو ..شرايج تتزوجين
فرنسي وتعيشين معاه هناك؟؟
جواهر: مستحييييييل ....أنا أتزوج فرنسي !!!!
أحمد بلؤم: عيل تزوجي قطري..
جواهر: يصير خير خله يجيني اول...
أحمد:جاج خلاص...
جواهر وقد احمر وجهها : من اللي جاني..؟
أحمد: سيف ..خطبج مني قبل لا نسافر وانا وعدته اخذ راييج..
جواهر : انت تشوفها عدله أني اتكلم في هالموضوع وامي في هالحاله!!!
أحمد: وعشان امج في هالحاله أنتي لازم تفرحينها قبل لا تسوي العمليه..لازم
تتطمن عليج ...امج دايماً توصيني عليج ودها تشوفج عروس قبل لا يصير فيها
أي شي ...وأنا اقولج الرجال ما ينرد وأنا موافق عليه...
جواهر: افهمني يا احمد ..أنا ماقدر افكر في أي شي غير أمي ومرضها ..
صدقني..
أحمد: كيفج..انا قلتلج الرجال مافيه مثله ومني براده ...
أخذت تفكر في حديثه ولم تكمل عشائها بل أخذت تعبث بطبقها كعادتها إذا كانت
تفكر...
بعد كم يوم
كان أحمد في غرفة المستشفى ينتظرهم بعد أن ذهبوا لعمل بعض الاشعة التي
قررها الطبيب ...نهض من مقعده عندما دخلوا والممرضه تدفع ام جواهر سلم
عليها وساعدها للصعود الى سريرها وأخذ يسأل الممرضه عنها ...
أخذ ينظر الى جواهر التي تحاشت النظر اليه ثم التفت الى امها وقال: ماباركتي حق
جواهر يمه...
ارتسمت علامات الحيره عليها ونظرت الى جواهر ثم الى أحمد متسأله: على وشو
يمه؟
أحمد: جواهر انخطبت يمه...خطبها رجال في خير وهو رفيقي ومديرها في نفس
الوقت ...
رفعت جواهر رأسها ونظرت له بغضب بدون أن تتكلم...
فهم أحمد نظرتها ولكنه تجاهلها واكمل: خطبها مني قبل لا نسافر وأنا كلمت جوجو
عنه وقلتله أني موافق عليه وأنها ماراح تلاقي أحسن منه...
أم جواهر: تعرفه عدل يمه؟؟
أحمد: لو سارة بنتي كبيرة كان زوجته اياها بس هي مهب حوله أصغر منه بواجد.
أم جواهر: مدامك ضامن هالرجال وضامن أنه بيسعد بنتي توكل على الله وأنا بعد
موافقة بس بعد لازم تاخذ راي اختك وماظني بتعارض اهلها اللي يحبونها ويخافون
على مصلحتها ...وبعدين سارونه ابغيها حق ولدي سالم لا تقرب حد غير سالم ...
سمعتني يمه؟؟
أحمد: إذا ...إذا سالم بغاها ....هذا ما يبغي حد يجيب له طاري العرس ابد..
أم جواهر: ما عليك منه...عقب ماتكمل سارونه الثانوية بيكون شبع من الهياته
ويبغيله مره سنعه تضفه ...وماله غير سارة ...
جواهر: وإذا هي مابغته؟؟؟؟
تجاهلها أحمد وقال : يصير خير ...أنتي كلميه لي رجعنا الدوحه وشوفي شيقولج..
صدقيني بيفشلج...
أم جواهر: هذا ولدي اللي مربيته وإذا قلته اني ابغي له ساره مهب قايل شي..
أحمد: الحين انتي خلصي من بنتج قبل واقنعيها وبعدين تفرغي حق سلوم...
أم جواهر: قلتلك مهب معارضتنا ...ودي اشوف عيالها قبل لا اموت..
قفزت جواهر من مكانها وأمسكت يد أمها وهي تقول: اسم الله عليج يمه لا تفاولين
على روحج...
أم جواهر:الموت حق على كل حد وانا مؤمنه أن الله لي راد ياخذ امانته محد بيرده
عنها...
جواهر: صادقه لكن بعد لا تفاولين على عمرج ...ترضين تروحين وتخليني
بروحي!!!
أم جواهر: عندج اخوانج ورجالج....وبعدين بيصير عندج عيالج...
جواهر: زوجتيني وخليتيني اجيب عيال بعد...
أم جواهر وهي تبتسم : وبيطلعون عيالج شيوخ لأنج أمهم يا بنتي....
حضنت جواهر أمها بقوه لتجبرها على عدم أكمال حديثها ...
في المساء وهي على سريرها تتحدث مع نوف بالهاتف وتخبرها بأخر الأخبار
جواهر: يحطني قدام الامر الواقع ....يحر ولا راح اكلمه ...
نوف وهي تضحك: صراحة...عجبني..
جواهر: لا تسيخيفين انتي بعد ..كيف يعني عجبج؟؟
نوف: لأنج ياحبيبتي ماتنعطين وجه...هو ما قالج بزوجج الحين ...هو قال أنه
موافق على سيف ...وامج موافقة ...وبعدين حتى أنا موافقة عليه ..وانتي أصلاً
ماتقدرين ترفضينه ...نسيتي يوم تتحسفين على اللي سويتيه فيه يوم خطبج وقلتي
لو يبغيني بيرد يخطبني ؟؟ هذا هو رد وخطبج ومالج أي عذر ... ردوا على الرجال
باسرع وقت ممكن ... لاتغربلينه اكثر تراه ممكن يطفش..
لم ترد جواهر ولكنها كانت تفكر بكلام نوف لها...
نوف: جوجو...الو ...ترا هذي مكالمة خارجيه وبفلوس مهب مثل عندنا ببلاش..
ردي علي ولا تفكرين الحين فكري لي سكرتي...
جواهر: أن شاءالله عمتي..
نوف: غصباً عنج...
في نفس الوقت في الدوحة
كان سيف يجلس مع سعيد على شاطئ البحر بالقرب من مشروع اللؤلؤة الجديد
وأضواء المشروع تنعكس على سطح الماء وبدت الفلل التي جهزت في أروع حله
وباقي الأبراج جاري العمل فيها وكانت كخلية النحل كسر الهدوء الذي كان يعم
المنطقة من قبل لكن هذا لم يردع سيف عن القدوم فقد كان يحب هذا الشاطئ
بالذات لقربة من المدينة...
سعيد: مشروع ضخم صح ؟؟؟
سيف: مشروع مزعج خرق هدوء المنطقة ...
سعيد: حد يقول هالكلام عن استثمار بهالحجم بيفيد البلد؟؟؟
سيف: صل على النبي ...لا تشتط واجد بيفيد راعيه....
سعيد: ياخي انت مهب طبيعي يعني اللي بيسكنون هنيه من وين بيتقضون
أغراضهم ووين بياكلون ومن وين بيتشرون هداياهم؟؟؟
سيف: مالي شغل ...روح اسألهم دامك هالكثر مهتم...
قبل أن يرد لاحظوا سيارة بيك اب بيضاء تقترب من الشاطئ ووقفت على طرف
الماء والناس ينظرون....في ثانية زلقت السيارة وأصبحت في الماء ...
اقترح سعيد: نروح نفزع له؟؟؟
سيف: خله يولي...ان شاء الله تطلع سيارة معازيبه ويلعنون قفده...عيل هذي
سواه يسويها؟؟؟
سعيد: نروح نعطيه فول ليت عشان يصرف عمره...
سيف: مافي داعي شوف "الشميمه !!!" سبقوك...حبربش مثله...
اقتربت سيارة لاند كروزر من الماء وخرج السائق يصرخ: عندك قلص؟؟
نزل سائق البيك اب وخاض برجليه في البحر ليصل لسائق الكروزر وتناقش معه ثم
اخرجوا حبل كبير وتم سحب السيارة من الماء في لحظه...عندها التفت سعيد على
سيف وسأل :انت ماتقوللي شفيك؟؟؟ ليش كله معصب ؟؟ مايسوى علينا الملكة
اليزابث ماردت عليك للحين....
سيف وهو يقف وتبدو عليه الضيقة: ما ردوا علي يا سعيد .. هذي ثاني مره...
تعرف وش يعني ثاني مرة ؟؟ لو ما رضت علي هالمره بطلب نقلي من الإدارة..
سعيد: نقل مرة وحده!!!
سيف: مستحيل باقدر اواجهها وهي رافضتني زوج لها...
سعيد: وانت ليش تفاول على عمرك ليش هالتشاؤم كله؟؟؟ أنا واثق أن أحمد بيتصل
فيك هاليومين وبيعلمك انهم موافقين وساعتها تعزمني على عشى في دبي.
سيف: لندن أحسن ...
سعيد: لندن ..لندن المهم على حسابك ...وفالويك اند أنا ماعندي اجازة...خاشها
حق شهر العسل...
سيف: عندنا سفرة بريطانيا عقب أسبوع مع مدير المختبرات فيه برنامج مهم لازم
نروح نفاوضهم عشان نشتريه لأنهم ما يبغون ينشرونه ونبغي واحد مهم الحين..
سعيد: أنا قايلك أنها لعبه عندكم ...كل مابغيتوا تغيرون جو رحتوا على حساب
الوزارة لا وهالمرة جات عالكيف ...مهمة عمل عند الحبيبة...
سيف: للأسف...البرنامج موجود في ادنبره في استكتلندا ...يعني في المملكة
المتحدة على قولتهم ..
سعيد: وش هالبرنامج اللي يخليهم يطرشونكم تشترونه ؟؟؟
سيف: برنامج امني حق تحليل الجرايم ...يفحص الادله اللي نجمعها في أي جريمه
وبعدين يتوقع اللي يصير...
سعيد: شهالخريط....يفحص ويتوقع!!!
سيف: مالي بارض اناقشك هذي تقنية جديدة ما يقدر الشخص العادي اللي مثلك أنه
يستوعبها...قم خل نرجع البيت سندروني هالعمال وحفرياتهم...
هز سعيد رأسه وهو يقول : الحمدلله والشكر ...الله يعينا عليك لين ترد عليك
الحبيبة...
لم يرد سيف ولكنه سرح يفكر في جواهر وعن المعاناة التي عاشاها بسببها ( ان
الله راد وتم الموضوع وتزوجتها بكفخها تكفخ ...بخليها تعرف شسوت فيني ..
مهب كفاية مسافرة عني لا وبعد ماردت للحين ... شاللي مأخرها هذي ماتعرفني
يعني ؟؟؟ ماتذكر يوم اكلمها ؟؟؟ والا مشغوله بأمها مسكينة...؟؟ يمكن صج
مشغوله بأمها واحنا اللي متفرغين نفتح معاها موضوع مهم مثل هذا؟؟؟ آههه)
خرجت منه تنهيدة حارة سمعها سعيد ولم يعلق بل رأف لحال صديقه ...
تقررت العملية بعد أسبوع وكانت سهلة كما شرح لهم الجراح عندما زارهم أخر
مره ويجريها بشكل يومي في هذه المستشفى أو غيرها فقد كان استشاري زائر
لعديد من المستشفيات البريطانية ...
كانت جواهر تصطحب أمها كل عصر إلى حديقة صغيرة قريبة من المستشفى بإذن
من الطبيب وهي على كرسيها المتحرك وتأخذ معها فول سوداني تطعم به السناجب
المنتشرة هناك والتي تتسلق الأشجار وتعبر من شجرة إلى أخرى على الأغصان
المتشابكة......لقد الِفَت يد أم جواهر الممدودة لهم بالطعام وأصبحوا يقتربون منها
أكثر في كل مرة حتى وصل احدهم إلى قدمها كانوا يقضون لحظات مميزه في هذا
الوقت وينسون فيها المرض...وبما أن هذه الحديقة هي أقرب للمستشفى من
ريجنت بارك فقد امتلأت بكبار السن ولاحظت جواهر هذا اليوم عجوز بعمر جدتها
شعرها ابيض كالثلج وتمسك بيد زوجها الأكبر سناً منها وهو يتعكز على عصا
واستغرقوا وقتاً طويلاً ليصلوا إلى اقرب مقعد خشبي فارغ. تمنت في سرها أن
تكون عندما تكبر مثلهما وفكرت ( ممكن سيف يتم معاي لين يصير شعري ابيض
مثلها ؟؟؟ بنحب بعض مثلهم ؟؟؟ والا بيتزوج وحده ثانية عقب ما يضمن أني صرت
زوجته ؟؟؟ بيصير مثل ابوي الزواج عنده لعبه ... يركض ورا نزوات مايعرف وين
توديه ولا من بيجيه عقب ...جابنا كلنا ولا درا عنا ...هل يا ترى لو تزوجنا
بتستمر مشاعره بنفس القوة والا بيتملل مني مثل ما أبوي كان يتملل من زوجاته؟؟
يمكن هو غير ... حتى محمد كنا نحسبه غير لما خطب نوف بس طلع نفس الشي..
الرجاجيل كلهم نفس الشي .. بس سيف يحبني ...هو قالي اني الزوجة اللي كان
يتمناها طول عمره...بس ماقال انه يحبني!! يحبني؟؟؟ كأني صدقت روايات دانيل
ستيل اللي اقراها وظنيت ان فيه رجل بيعترف بحبه لي ولا قطري بعد!!!! ) أخذتها
أفكارها بعيداً حتى عن أمها..
في مساء نفس اليوم
سألها أحمد : تأخرنا على الرجال وهو للحين ينطر .. شقوله ؟؟ موافقة تتزوجينه
والا يروح يشوف له غيرج؟؟؟
ام جواهر: شهالكلام يبه !!! ( التفت الى جواهر واكملت ) جوجو بتريح قلبي
وبتوافق ....ماراح تخليني اسوي العملية وانا للحين ماتطمنت عليها ...اسمعيني
يابنتي كان تبغيني اموت وانا راضية عليج بتوافقين على هالمعرس ...
جواهر وهي تحضنها : اسم الله عليج يمه لا تفاولين على عمرج ....
أحمد: يعني ؟؟؟؟
جواهر: اكرهك .... وعمري ماراح ارجع احبك ....
أحمد: أنا راضي أنج تكرهيني الحين وتوافقين على سيف... بس بعدين لي
تزوجتيه... غصبٍ عنج بترجعين تحبيني لا وبعد بتتأكدين أني ما ظلمتج معاه....
أنا اعرف مصلحتج أكثر منج وأعتقد أنا احنا خليناج تسوين اللي تبغينه طول عمرج
وماقلنا شي...بس هالمره الرجال مايتعوض وانتي معادج صغيرة ... جواهر أنا
اخوج العود واحبج أكثر من ما تتصورين واظن انج تعرفين معزتج عندي عدل اكثر
من كل خواتج ...
أومأت جواهر برأسها وقالت : كلامك صحيح ياخوي ... أنا موافقة على الخطبه
لكن كل شي مأجل لين ترجع أمي بالسلامة...
أحمد: هذا الكلام العدل ...هذي جواهر اللي اعرفها ... مبروك يا اختي ياحبيبتي..
أم جواهر: مبروك يمه ... والله انج فرحتيني... الله يعطيني العمر واشوف عيالج..
أحمد وهو يبتسم : وعيال عيالها أن شاء الله..
التفتت جواهر إلى الحديقة وتأملتها من خلال نافذة الغرفة وسرحت في حياتها بعد
اتخاذها مثل هذا القرار...
ما أن وصل أحمد إلى بوابة المستشفى الخارجية حتى اخرج هاتفه النقال واتصل
في سيف الذي كان عائد للمنزل في سيارته...والذي أوقف سيارته بجانب الطريق
عندما شاهد أسم أحمد على الشاشة...
أحمد: السلام عليكم ...
سيف: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته هلا والله بأهل لندن...
أحمد: بالمهلي ...شحالك يابوهناد وشحال سعيد والربع كلهم؟؟
سيف: بخير جعلك بخير الجميع ينشدون عنك..طمني شحال عجوزكم؟؟
أحمد: نحمد الله خلصت كل فحوصاتها وعمليتها بعد اسبوع بأذن الله..
سيف: الله يقومها بالسلامه..ويطمنكم عليها..
أحمد: ابغي منك البشارة..
سيف وقد أحس بالدم يندفع بقوة في قلبه: تبشر ...ابشر ...اللي تبغيه..أي شي..
ضحك أحمد على تلعثمه: الأهل وافقوا على الزواج بس على شرط واحد..
أحس سيف بالملل وفكر( وش شرطه بعد؟؟؟ ) ولكنه تمالك نفسه وقال: تشرط
باللي تبغيه وانا حاضر..
أحمد: نأجل كل شي لي ما يرجعون البلاد بالسلامة....هذا شرط الرضيعة...
سيف وهو يأخذ نفساً عميقاً وكأنه يزيح حملاً ثقيلاً من على صدره:بس!!! شي
طبيعي مايصير شي لين ترجعون بالسلامة لازم ننطر عجوزكم تخف من مرضها
بأذن الله...على فكره...انا عندي مهمة رسمية الاسبوع الجاي جنبكم ...
أحمد: فرنسا!!
سيف :جان زين ... ادنبره...
أحمد: حلو...لي خلصت مر علينا عيل..
سيف: ماظن اقدر بس باحاول ..
أحمد: يا اخي تعال مليت من مشاهد نفس الشَيف كل يوم ...ضاق صدري على
الاقل لي جيت بلقى حد عدل اقعد معاه...
سيف: أن شاااااااااااءالله ...عشان خاطرك يالنسيب بعبر لك البحر سباحة..
أحمد : ههههه سباحة عاد !!! بدينا بالتحيلق من الحين؟؟؟ اللي اعرفه أن ادنبره
في نفس الجزيرة البريطانية...
سيف: يا رجال بجيك في قطار ولا تزعل ...
أحمد: لا تعال في طيارة اسرع ....وعن الحركات الماصخة بنطرك اول ماتوصل
بلادكم اتصل...
سيف: إن شاء الله والغنيمة...كم أحمد عندي أنا ؟؟؟بس واحد..
دخل سيف على أمه وهو يصرخ ويناديها :يمههههههه..
ردت عليه من الصالة الداخلية : أنا هنيه يمه ...
دخل إلى أمه وهو يبتسم ملء شدقيه وقبلها على رأسها ثم حضنها بقوة وهو يقول:
باركيلي يمه...
أمه بلهفة : مبارك يبه ..
سيف: وافقت يمه...وافقوا على الخطبه..
أمه: بالمبارك ... متى أروح اخطب رسمي؟؟ يوم الخميس ؟؟
سيف : لا يمه تو الناس...البنت مع أمها في لندن ..مريضه بالقلب...
أمه : الله يشفيها ويشفي كل المسلمين ...بس هي من بنته؟؟؟
اخبرها سيف وهو يقف ليصعد لجناحه ويتصل في سعيد وفكر وهو على الدرج
يصفر بأن يبعث له الخبر على شكل رسائل يرسلها لهاتفه النقال ...وفعلاً بعد أن
بدل ثيابه وارتاح على الأريكة امسك هاتفه وكتب ( يسلم عليك أحمد) وأرسلها واخذ
ينتظر الرد...ثواني وجاءه الرد ( الله يسلمك ويسلمه ...ماتقدر تنطر لي بكره ؟؟؟
لازم تزعجني وانا اتكلم مع مرتي حبيبتي!!! ) ابتسم سيف وكتب( هالمره غير..
ماقدر انطر ... ) رد عليه سعيد ( أي شي ينطر لي بكره.. ويله روح ارقد تراك
ازعجتنا ...) كتب سيف( معليه ...الحين أنا ازعجتكم!!! شوف من اللي بيعلمك ...
لو توديني بحر جميرا مني بقايلك اللي عندي) رد سعيد (بتقول وغصباً عنك ...
بس مهب الحين )
استاء سيف من تصرف سعيد وفكر( لهالدرجة مايقدر يهدها ولا حتى دقيقة
ويكلمني ...) فكتب ( خلها تنفعك أنا بكره من الصبح بروح دبي بروحي )
ثواني ورن هاتفه وشاهد أسم سعيد على الشاشة فلم يرد وعاد الرنين مرة أخرى
فرد عليه بثقل وهو يقول : الووووووو...
سعيد: مسرع مارقدت ... مَحلاك مسندرني بالمسجات...مَحلاك رقدت !!!!
سيف وهو يتصنع النوم: سَعود شتبغي هالحزه....؟
سعيد: شيوديك دبي بكره أنت قايلي انك بتروح لندن عقب اسبوع ؟؟؟
سيف: قصدك ادنبره....
سعيد: تصلح لي يعني مهب راقد قم قم يله وقوللي السالفة خلني ارجع حق حبيبتي.
سيف: حبتك خدامة جيرانا الساحرة...
سعيد: والقايل ان شاء الله... خلصنا مادري متى بنفتك منك ومن سندارتك وتطيح
بجبد مرتك...
سيف: قريب أن شاء الله لي ردوا من لندن..
سعيد بصوت عالي: احلف ؟؟؟ وافقت ؟؟؟ لو اعرف ألوللش جان لولشت بس معليه
بخلي غيري... مبروك ياخوي ....تستاهل والله ...قوللي بالتفصيل ...
سيف: وحبيبتك ؟؟؟ بتتاخر عليها ؟؟؟
سعيد: ماعليك انت..قلتلها هذا واحد من الربع ماتت ناقته ويصيح عليها لأنها
عزيزة عليه...
سيف: بدينا بالكذب؟؟؟ المهم الرجال قال لي أن المره عندها شرط وصراحة احتريت
بعد بتتشرط ...وطلعت أني ظالمها وهي شارطه أن مايصير شي قبل لا يرجعون
بالسلامة البلاد... قلته شي طبيعي ...يعني مثلاً بودي الملاج معاي لندن يملج
علينا!!!! المهم الرجال طفران من القعدة بروحه ويبغيني امر عليه مايدري أن
أدنبره بعيدة ...
سعيد: ماعليك أنت من هالخرابيط...بتمر عليه حتى لو المسافة 5 ساعات بينكم
عشان تكحل عينك بشوفتها ...
سيف: شوفة من ؟؟؟؟
سعيد: الملكة اليزابث يعني بعد من!!!
سيف: عمتك وتاج راسك ...
سعيد: هذا اول ... أيام الانتداب البريطاني والغوص .... الحين أنا عمها وتاج
راسها...
سيف: تخسي ...روح ....روح...دام النفس عليك راضية...
بعد أسبوع
وصل سيف ومعه مدير المختبرات الى مطار ادنبره الدولي بعد توقف ساعتين في
مطار هيثرو لتغيير الطائرة وعندما نزل على سلم الطائرة رأى برج المراقبة وشكله
الغريب فقد بني على شكل كأس العالم لكرة القدم ...وتعجب عندما رأى سكة حديد
للقطارات بجانب سور المطار ...كان الجو غائماً ويبدوا أن السماء قد أمطرت قبل
وصولهم.... بعد أن انتهوا من إجراءات الوصول في مطار صغير نسبياً ولكنه
أفضل من هيثرو كما فكر استقلوا سيارة أجره إلى الفندق الذي حجزوا فيه واسمه
The Glasshouse, Edinburgh's Boutique Hotel
كان يقع في وسط المدينة وتوقفت السيارة أمام بناء غريب تداخل فيه الطراز
الحديث مع الطراز القديم كأنهم بنو بناء زجاجي حول قلعة صغيرة من القرن السابع
عشر...غرفته كانت واسعة ذات نوافذ كبيرة تطل على حديقة صغيرة وذات أرضية
خشبية وكانت مريحة بشكل عام...بدل ثيابه وصلى ثم استلقى على سريره الخشبي
وأخذ يُقَلب في قنوات التلفزيون...
في المساء
كانت جواهر تتحدث مع نوف ...
نوف: وانتي شدراج أنه جاكم؟؟
جواهر: سمعت أحمد يكلمه في التليفون وعقب ماسكر علمني أنه في مهمة في
أدنبرة...
نوف: اها يعني مهب في لندن....جات غلط هالسفره كان لازم يضبط نفسه عدل
ويختار الجهة الصحيحة...
جواهر: أي جهة أي خرابيط ...هذا حتى ما مر علينا ترانزيت...
نوف: وأنتي شحارج!!!! الريال عنده شغل مهب فاضي...
جواهر: توقعته بتعذر بأي شي وبيجينا...
نوف: والله ما عرفنالج!!! انتي مارفضتيه وقلتيله اقلب وجهك انت متفرغ ؟؟ ويوم
كلم اهلج اشترطتي ان مايصير شي لين ترجعون؟؟؟ خلاص هو فهم ..
جواهر: وش فهم ؟؟؟
نوف: اقول...انتي شفيج مقفله اليوم ؟؟؟
جواهر: مادري شفيني قلبي يعورني ...يمكن عشان عملية امي بكره الصبح..
نوف: الله يقومها لكم بالسلامة...انتي عاد لاتصيرين متشائمة هالشكل... قال
الرسول صلى الله عليه وسلم ( تفاءلوا بالخير تجدوه )..
جواهر: أن شاء الله أن العملية بتنجح ...الجراح يقول سهلة ويسويها كل يوم..
نوف: خلاص عيل تعوذي من الشيطان وروحي ارقدي وبكره بنطرج... متى ما
بغيتي اتصلي...
جواهر: ادعي لها نوفه...
نوف: ادعي لها في كل لحظه ...يله تصبحين على خير حبيبتي..
في اليوم التالي
توجه سيف ومن معه إلى جامعة ادنبره حيث يقع مركز جوزيف بيل والذي طور
فيه علماءه البرنامج الأمني لإحصاءات الطب الشرعي أغلب المباني كانت قديمة من
القرن الثامن والتاسع عشر....قضوا هناك أغلب اليوم ...
في نفس الوقت في لندن
كانت جواهر تقفل القرآن كل عشر دقائق وتسأل أحمد: ماجنهم تأخروا؟؟؟
فيجيبها أحمد: تو الناس قالوا لنا 3 ساعات وللحين ماخلصت ساعة...
فتعود لقراءة القرآن ثانية...كانت غرف العمليات بالقبو مع غرف العناية
الفائقة والإنعاش وهناك ممرضه عجوز بدينه من دولة افريقية في الاستقبال ولكنها
لا تعلم شيئاً مما يحدث في الداخل خلف الباب المغلق عندما انتهت المدة وقفوا
ينتظرون أمامها حتى جاءهم الجراح بوجه مبتسم وهو يخلع غطاء الرأس ويمسكه
بيده ويخبرهم عن نجاح العملية وأنهم تأخروا لأنهم اكتشفوا تهتك جدار أحد
الشرايين وأخذ ينزف وأنهم نجحوا في إيقافه ويجب عليهم الانتظار لساعة قبل أن
يدخلوا عليها ... بعد ساعة أدخلوهم للاطمئنان عليها فقط لدقائق على أن ينقلوها
لغرفتها وفعلاً سبقها أحمد وصعد لينتظرها في الغرفة وبقيت هي أمام باب غرف
العمليات... وبينما هي واقفة حضر رجل خليجي في الثلاثينات من عمره وأحست
أنه يرغب بأن يتكلم معها ثم انصرف وبدا مترددا أمام المصاعد ...فجأة عاد ونادى
جواهر: لو سمحتي....
التفتت عليه جواهر وقالت: نعم..
الرجل : تعرفين انجليزي صح؟؟
جواهر: أي خدمه؟؟
الرجل: أختي مسوين لها عملية في ظهرها وهذي العملية الثانية وقايلين لنا أنها
ممكن ماتنجح...وطولوا وانا احاتي اختي هي ماتعرف انجليزي بعد وودي اتطمن
عليها واعرف عن نتيجة العملية...
فكرت جواهر( كم هو صعب جداً أن لا يتقن هذا الرجل بعض من المفردات التي
تساعده في موقفه هذا وحمدت ربها على النعمة)
عادت للممرضة العجوز وحاولت معرفة أي معلومات لتطمئنه بها لكنها رفضت
بحجة أن الجراح عليه أن يطمئن المريض قبل أي أحد أخر....ترجمت كلامها للرجل
وأبدت أسفها لذلك....فشكرها وانصرف وعادت هي تنظر لساعتها وللباب حتى
شاهدت الباب يفتح والممرضين يدفعون سرير أمها عليه...
هرعت لها وأمسكت يدها وهم يدفعون السرير داخل المصعد ودخلت رغماً عنهم
لاحظت أن تنفس أمها هادئ ومستقر وكأنها نائمة اطمأنت ولكنها لم ترفع ناظريها
عنها حتى استقرت على سريرها بغرفتها...كان أحمد يتحدث في هاتفه بجانب
النافذة وبصوت منخفض وعندما انتهى من المكالمة كان الضيق واضح على وجهه
ولكنها لم تسأله...بعد ساعة فتحت أمها عينيها ببطء وعندما شاهدت ابنتها ابتسمت
لها مما أراح جواهر كثيراُ فقالت : الحمدلله على السلامة يمه..
هزت رأسها وأدارت رأسها ولمحت أحمد فابتسمت أيضا ..
جواهر: الدكتور ملزم أن احنا مانتعبج باي شي حتى بالكلام....ارتاحي يمه
وارقدي...
عندما أغمضت عينيها خرج أحمد من الغرفة واتصل في سالم : السلام عليكم..
سالم : وعليكم السلام ... شحال أمي مزنه؟؟ طلعت من العملية..
أحمد: طلعت والحمدلله بخير افتحت عيونها وشافتنا وابتسمت...
سالم : الحمدلله...زين اتصلت توني كنت ماسك التلفون بتصل بس خفت القى
جواهر تصيح وانا ما استحمل الصياح ابد...
أحمد: انا متصل ومتوهق... عبدالله مسافر وعبود مريض وايد والمره كل يوم في
الطواري ومافيه فايده وانا هني ...
سالم: أنا اخوك يا احمد... امر...
أحمد: مادري... تعرف الدكتور شحاته؟؟؟
سالم: دكتور الاطفال ماغيره؟؟؟
أحمد: ايه...
سالم : هذا كان دكتوري يوم أنا بزر...شفيه؟؟؟
أحمد: ولعنه ... شيبه تراه؟؟؟
سالم : لا هو كبري بس متنكر... اكيد شيبه هذا يشتغل في الدوحة قبل ما انولد...
أحمد: المهم...كلمه وجيبه البيت خل يشوف شالسالفه
سالم: ولا يهمك ... الحين بكلمه ...وبجيبه البيت بنفسي برسم الخدمة بعد
شتبغي...؟؟
أحمد: تسلم يا سالم ....ما تقصر... خلك معاي وقوللي شالاخبار اول باول...
سالم: أن شاء الله....
فيما بعد
اتصل أحمد في سالم وسأله عن تشخيص الطبيب لولده فأخبره أن يشك بأن
جرثومة دخلت صدره وإصابته بالتهاب رئوي حاد ويجب أن يدخل المستشفى ليعالج
لأنها عدوى منتشرة ...وفعلاً أدخلوه المستشفى...تضايق أحمد لوضع أبنه وتضايق
أكثر لعدم وجوده معه...
في المساء
اتصل سيف في أحمد ...
سيف:شحال مريضتكم؟؟؟طمنا عليها؟؟؟
أحمد: ابشر نجحت عمليتها والحمدلله فتحت عيونها وعرفتنا..بس الدكتور قال أنها
لازم ترتاح وماتتعرض لأي تعب...
سيف: الله يطمنكم عليها ....على فكره أحمد ترى بمر عليك عقب كم يوم... محنا
مطولين هنيه...المهمة طلعت سهلة مهيب مثل ماتوقعنا...
أحمد: حياك الله...
سيف: عسى ماشر ياخوي صوتك متضايق ...شرايك تجيني هنيه تغير جو؟؟
أحمد: أنا لو اقدر اسافر كان رجعت الدوحة على أول طيارة...
سيف: لهالدرجة مشتاق لها؟؟؟
أحمد: اكيد بشتاق بس ولدي مهب صاحي ورقدوه في المستشفى والمره ماتعرف
تتصرف بروحها في هالحالات....
سيف: انزين كلم عبدالله يجي يقعد بدالك وارجع انت...
أحمد: جان زين ..بس هو في بوسطن عنده شغل هناك وكان ناوي يمر علينا وهو
راجع بعد كم يوم...
سيف: خلاص عيل...كلمه ونسق معاه واليوم اللي يوصل هو فيه هنيه انت تكون
سافرت فيه الدوحه...
أحمد: مهب على كيفنا عنده مواعيد ماخذها من اسابيع...بس بحاول...
سيف: الله يعينك...
في مساء اليوم التالي
جلس سيف مع رفيقه في مقهى في High street يحتسي القهوة وهو يفكر
في جواهر ...كان قد قرر عدم التفكير فيها إلى أن يعود للدوحة ولكنه لم يقدر أن
ينفذ قراره...لقد استاء من مواقفها تجاهه... وجاءت على باله قصيدة دايم السيف
خالد الفيصل
غريب الـدار ومنـاي التسلـي
أسلي خاطري عن حـب خلـي
سمعت الشور من قاصر معرفـه
يحسب البعد عـن داره يسلـي
أسافر عنه مـن ديـره لديـره
عساي اسلاه لكن مـا حصلـي
أهوجس فيه وأنسى إني نسيتـه
وأفكر في لياليٍ قد مضن لي
وأنا لاجيـت أبنسـاه إلتوابـي
خيالـه وأنهمـر دمعـي يهلـي
وأشوفه واقفٍ من دون دمعي
حبيب القلب فـي عينـي يهلـي
دعاني ياغريـب الـدار عـوّد
تـرى مالـك محـل إلا محلـي
مكانك فـي عيونـي ياعيونـي
وقلبـي مـن غرامـك مايملـي
في نفس الوقت في لندن
كان أحمد يتحدث مع جواهر بصوت منخفض ...
جواهر: سافر ياخوي... روح تطمن على ولدك أنا ادري أن منى ماتقدر على
هالمواقف ...
أحمد: وانتو....
جواهر: احنا ماعلينا شر... أمي الدكتور طمنّا عليها...وانا ماروح مكان غير
المستشفى..والفندق مادشه الا حق الرقاد ...وكلها كم يوم ويجينا عبدالله
أحمد: تهقين؟؟؟
جواهر: اهقا ونص... وانت ماقصرت ياخوي... روح شوف هلك واحنا بنكون في
حفظ الله...
أحمد: بروح القطرية عيل من الصبح بشوفلي حجز على بكره...
جواهر: بأذن الله بتلقى العالم كلهم جايين لندن في هالوقت محد يرجع الدوحة...
أحمد: أن شاء الله يطلع كلامج صحيح...
في صباح اليوم التالي
وجد أحمد مكان في رحلة المساء فأتصل في سيف يبلغه...
أحمد: أنا مسافر الليلة...ماقصر موظف السفارة ساعدني ولقالى لي حجز في أخر
لحظة...
سيف وبدون تفكير: وجواهر؟؟؟ وامها؟؟؟؟
أحمد: عبدالله بيجيهم عقب كم يوم...وهم ماعليهم شر ... هم اللي رخصوني...
سيف: خلاص عيل ... أنا بعد يومين بخلص شغلي وبجي لندن ...
أحمد: فيك الخير...أنت مهب غريب أنا اخوك وجواهر خطيبتك...
سيف: وانا فالشوفه...
أحمد : ما تقصر يابوهناد...
في الساعة العاشرة مساءً
غادرت جواهر المستشفى بعد أن أطمئنت على أمها وكانت قد زودتهم برقم هاتفها
الانجليزي ورقم الفندق والجناح ووعدوها بأنهم سيتصلون بها في حالة حدوث أي
طارئ لأمها ...استحمت وصلت وجلست في سريرها تحت اللحاف الوثير ثم اتصلت
بنوف..
نوف: هلا والله بهالصوت....شحالج حبيبتي وشحال أمي مزنه ؟؟؟
جواهر: الحمدلله حالتها مستقرة...كل شوي تقوم وتطالعني بس ماتتكلم..واليوم
تمت تطالعني مده وبعدين دمعت عيونها قطعت قلبي... تصدقين...
نوف: الله يعينج...والله قلبي معاج....الا هم للحين مايرضون ترقدين معاها؟؟
جواهر: لي بكره...اجي الفندق وانا عندي احساس كبير بالذنب...
نوف: لا تقولين جذيه...انتي مع الانجليز وهم لهم قوانين معينة وخبرج يبغون
يسوون لهم راس...
جواهر: وأحمد رجع لكم من 4 ساعات...
نوف: لقى حجز ...مسرع !!!!
جواهر: ساعده واحد من السفارة الله يجزاه خير وطلّع له حجز...
نوف: الله يعينه بعد هو مع هالمره اللي ماتعرف تسوي شي بروحها... تذكرين يوم
يترقد رشود ولدي العام اسبوعين 4 ايام منها كان في العناية...
جواهر: أذكر...كنتي ماتروحين البيت الا عشان تتسبحين واكون قاعدة مكانج لأن
امج تكون في البيت مع البزران...
نوف: ومحمد كان مسافر مع الشغل....ولا قعدت اتبجبج له في التلفون طول
اليوم..
جواهر: عاد انتي غير ومنى غير...
نوف: الحمدلله والشكر...جوجو ... ماتخافين قاعده بروحج؟؟؟
جواهر: لا والحمدلله الفندق احذى المستشفى ولين اطلع من امي اشوف ناس في
الشارع ....عادي الوضع....وبعدين كلها يومين ويجي عبدالله...
نوف: جان زين اقدر احط عيالي عند ابوهم واجيج...والا اقول ...جان زين حبيب
القلب يجيج.....
جواهر: متفرغ هو ؟؟؟؟ الرجال عنده شغل في بلاد غير...
نوف: بس رمية حصاة...لوبغى يقدر يجيج عادي...
جواهر: اقولج ...انتي وايد متأثره بالافلام الهندية اللي تشوفينها ...سكري خليني
ارقد عشان اقوم من وهل حق امي...
في صباح اليوم التالي
استيقظت مبكرة وبعد أن جهزت مرت كعادتها على مقهى اللبناني وأخذت منه
الكرواسون واتخذت طريقها إلى المستشفى والشمس قد صوبت أشعتها على ظهرها
حتى أحست بأنها بحاجة لحمّام أخر وعندما وصلت وجدت موظفة الاستقبال هي
نفسها البوسنية التي تبتسم لها وتقول قبلها : السلام عليكم..
ردت عليها السلام ثم توجهت للمصاعد ولاحظت في طريقها شابين قطرين يتحدثون
بصوت عالي مع ثالث أماراتي وهم ينظرون إليها حتى قفل باب المصعد وشعرت
بالراحة عندما وصلت لغرفة أمها ....وجدت الممرضة الصباحية فحيّتها وسألتها
عن حال أمها هذا الصباح فأخبرتها بأن كل شي مستقر وأنها نائمة لأنها لازالت
تحت تأثير المخدر الخفيف الذي أعطاها إياه الطبيب فقط لعدة أيام لضمان عدم
التوتر نظراً للحالة السيئة لقلبها والتي أكتشفها أثناء العملية...
وضعت حقيبتها على الكرسي والكرواسان على الطاولة ثم أخرجت جهاز القرآن
الالكتروني من الحقيبة وشغلته ووضعته على المخدة وصدح صوت السديس في
الغرفة ككل صباح ثم أخذت لها محرمه ورقية وبللتها بالقليل من الماء ومسحت
وجهها بلطف ثم قبلتها على جبينها ففتحت عيناها لها...
جواهر: السلام عليكم حبيبتي...
أمها بصوت متعب ومنخفض : وعليج السلام ...
جواهر وهي تمسك يدها وتقبلها : ما شاء الله منور وجهج اليوم ...
ابتسمت الأم ولم ترد ولكن عينها اغرورقت بالدموع وهمهمت بكلام غير مسموع
التقطت جواهر منه كلمة عرفت أنها تدعو لها ...ابتسمت وجلست بجانبها وبعدها
وقفت واتجهت للنافذة وراقبت السماء التي امتلأت بالغيوم وتمتمت ( سبحان الله
الجو يتغير كل ساعة ) ...
فيما بعد دخلت عليهم أم سعد العجوز القطرية التي حضرت مع زوجها منذ شهرين
وهو في غيبوبة وكان تحسنه طفيفاً مع مرور الأيام ودأبت على زيارتهم يومياً..
كانت اجتماعية وأحاديثها مسلية وممتعة..منذ أن أجروا لأمها العملية وهي تقوم
بالرد عليها لئلا تضطر أمها بالتحدث وتجهد نفسها...لاحظت فيما بعد أن أمها قد
نامت وكانت تنام أغلب الوقت ...
أم سعد : مريت على وضحى لقيت ريلها عندها يقرا قرأن ..ولا رفع عينه علي..
جواهر: منهي وضحى؟؟؟
أم سعد: هذي وحده كويتيه مسكينه مشلولة وجايين هنيه هي وزوجها يعالجون
وذهنها صاحي حافظه القرأن كله ما شاء الله عليها...
جواهر وهي مصدومه: وعليييه ...مشلولة؟؟؟
أم سعد: حادث خشن بغت تموت منه لكن الله ستر...
جواهر: الله يشفي كل مريض...لازم تاخذيني مره ثانية معاج لها...
أم سعد : أن شاااء الله ...والحين أنا بترخص...اسمحيلي...فيمان الله..
جواهر: مع السلامة...
لاحقاً اتصلت بأحمد لتطمئن عليه وأخبرها أن ابنه مريض للغاية وأنهم يعطونه
المضادات الحيوية في الوريد كل 6 ساعات....فكرت ( ياربي وش هالحالة .... الله
يعينا )..
ظلت مع أمها إلى أن حان موعد خروجها ودخلت الممرضة المختصة لتذكرها لا
تعلم لم أحست بشعور غريب بأن لا تذهب وتضرب بعرض الحائط بقوانين
المستشفى...ترددت قليلاً ثم قّبلت أمها على رأسها ووقفت تتأملها لدقيقة قبل أن
تأخذ حقيبتها اليدوية وتخرج وصادف أن خرج معها الكثير من الخليجين منهم من
كانت سيارته تنتظر أما باب المستشفى ومنهم من حاول إيقاف سيارة أجرة ومنهم
من مشى على رجليه مثلها وأن اختلفت المسارات ...كانت خطواتها سريعة وأحست
ببرودة في الجو فضمت يديها إلى صدرها وندمت لعدم ارتدائها الجاكت وقررت
إحضاره معها في الغد...
في نفس الوقت في أدنبره
كان سيف جالس على الكرسي أمام النافذة وهو ممسك هاتفه ويحدث نفسه (اتصل
فيها أتطمن عليها ؟؟؟ والا اتصل في أحمد ؟؟؟ بس أحمد مشغول مع ولده الحين
ومهب متفرغ ... أنا بتصل واللي يصير يصير... أنا ابغي بس اتطمن عليها مابغي
شي....)
ضغط الزر وسمع الرنة وانتظر إلى أن تهادى صوتها المتعب عبر السماعة: الو..
سيف: السلام عليكم ...
جواهر وقد عرفت صوته: وعليكم السلام...
سيف: شحالج جواهر وشحال الوالدة ؟؟ بشريني عنكم ...
جواهر: بخير الله يسلمك.. امي الحين مخلينها تحت مخدر خفيف عشان ترتاح
عقب العملية ... لقوا الشرايين متهتكة...بس الحمدلله تتوعى وتكلمني شوي
وترجع ترقد...
سيف : الله يلطف بها وبحالها ويشفيها لنا ...
جواهر وقد أعجبها لفظه لكلمة( لنا ): أمين يارب العالمين ...
سيف وبعد صمت : انتي وين الحين ؟؟؟ في المستشفى؟؟
جواهر: لا ... مايخلونا نقعد عقب الساعة عشر...أنا في الفندق...
سيف باهتمام : الفندق بعيد عن المستشفى؟؟؟
جواهر: لا...قريب وايد...شارع واحد بينهم...
سيف: ورجعتي مشي بروحج في هالوقت؟؟
جواهر: ناس وايد كانوا في الشارع...
سيف: جواهر.... محتاجة شي ... تبغوني اجيكم؟؟ ترى عادي .. خلصنا اليوم مع
الجماعة...
جواهر وهي تشعر بالحرارة تزيد في خديها : لا مانبغي نتعبك ... عبدالله بيجي
عقب يومين ...
بعد برهه من الزمن قال : الله يحفظج ...ماقدر اطول عليج أكيد أنتي راجعة
تعبانه..تصبحين على خير ...
جواهر: وانت من هله...
ظل سيف ممسك في هاتفه وينظر له وكأنه ينظر لجواهر....لم يرغب بأن يقفل
الخط ولكنه كان مقهوراً من إحساسه بالعجز...العجز عن الذهاب لجواهر والوقوف
بجانبها وأخذ يفكر ( تعرفين معنى أنج تكونين بروحج... ابغي بس تقولين لي ليش
ما اكون معاج وين ماتكونين...وين ماتروحين..) ضرب الجدار بقبضة يده ووقف
هناك أمام النافذة قليلاً ثم دخل الحمام ليستحم وينام....
بعد ساعة وقبل أن تنام
تلقت جواهر اتصالا هاتفياً وأحست بنغزة في قلبها ولما ردت: الو..
...: This is Wellington Hospital are you Jowaher
....: معك مستشفى ولنغتون هل أنتِ جواهر؟؟
جواهر: yes…Is something wrong with my mom??
....: نعم ..هل حدث مكروه لأمي؟؟؟
....: We need you to come here immediately your mom is
having some difficulties with her heart
....:نحتاجج أن تحضري حالاً للمستشفى أمك حصل لها متاعب في القلب..
جواهر : I`ll be there in a minute
.....: سأكون هناك في دقيقة..
وفي أقل من 5 دقائق كانت جواهر في الشارع تهرول وهي تدعو ربها أن يزيل كل
مكروه عن أمها ودخل الهواء البارد الى رئتها مباشرة وأحست بأنها لا تستطيع أن
تتنفس ولكنها ظلت تكرر: استر يارب... يارب سترك..يا رب أنت اللطيف...الطف
يارب....يارب الطف....استر يارب...يارب سترك....يارب لطفك وأنت اللطيف
بعبادك...
وعندما وصلت إلى مبنى المستشفى أدخلها موظف الاستقبال وجرت نحو المصعد
ودخلته وقلبها يكاد يتوقف عن الخفقان وهي لا تزال تدعو ربها وانفتح باب المصعد
عن ممرضة عجوز ما أن رأت جواهر حتى أمسكت يدها وقالت لها :
I’m sorry we lost her.
....: أنا أسفه لقد فقدناها...
جواهر: No you didn’t .Do I know?? Do you know me??
Your mistaken I’m here for my mom.
....: لا لم تفقدوها ...هل أعرفك؟؟هل تعرفيني؟؟أنتِ غلطانة أنا هنا من أجل أمي.
الممرضة: Yes I do . I’m really sorry but we tried everything
to save her and we failed. Her heart just stopped ,I’m
really really sorry.
...: نعم أعرفك..أنا آسفة جداً لكننا جربنا كل شيء لإنقاذها ولم ننجح لقد توقف
قلبها.. أنا آسفة جداً جداً..
جواهر وهي مصدومة: Are you sure that you tried everything?
She was OK when I left an hour ago. It can’t be …
...:هل أنتِ واثقة بأنكم جربتم كل شيء...كانت بخير عندما تركتها منذ ساعة.. لا
يمكن ذلك...
دخلت الغرفة ونظرت ورأتها مثل النائمة الارتياح الشديد يبدو على محياها وكأنها
لمحت ابتسامة خفيفة من خلال دموعها المنهمرة...أمسكت يدها وأخذت تحدثها:
يمه ...يمه ...ردي علي ...ماعليج منهم ...ردي علي يمه...مستحيل تخليني..أنا
ماقدر اعيش بدونج ...يمه ردي علي... أنا رحت عنج بالغصب...هم ماخلوني..
بس خلاص بقعد ...والله بقعد ...يمه فتحي عيونج....يمه ردي علي ...يمه بسوي
كل اللي تبغينه...بس بطلي عيونج ...يمه فديتج ردي علي ...
تركتها الممرضة لوحدها وقفلت الباب من ورائها...أخذت جواهر تقبل يدها
وتبكي..بكت بحرقة...بكت لأنها لم تصل في الوقت المناسب...بكت لأنها لا تستطيع
أن تفعل أي شيء لتجعلها تفتح عينيها... انهارت جواهر وهي القوية وأخذت تقبل
وجهها وعينيها وفمها ويدها وبعد مدة من الزمن أخرجت المصحف من حقيبتها
وأخذت تقرأ وبصوت عالي عند رأس أمها سورة البقرة ودموعها لا زالت تنزل
بغزارة لدرجة أنها كانت تقرأ بصعوبة فكانت تمسحها بالمحارم ولكنها استمرت
بالقراءة إلى منتصف السورة عندها دخلت الممرضة ومعها زميلتها وأخبرتها أنهم
يجب أن يحمّوها لأن جسدها بدأ في البرود ويجب عليهم تنظيفها لأخذها للمشرحة
لحين نقلها للبلاد....
جواهر بصوت متقطع بالبكاء : بشرط ... أن أساعدكم ...وأن لا يراها رجل إلا
وهي مغطاة ....
وافقت الممرضة ...عندها مسحت دموعها وأخرجت جهاز القرآن الالكتروني
وشغلته ووضعته عند رأسها وهي لا زلت تبكي وأخذت تزيل الإبر من ذراع
أمها وتضع الضمادات بدلها...ثم خلعت معهم ملابس أمها وأخذت تحممها وهي
تردد وبصوت مسموع ( إنا لله وإنا له راجعون ) حتى انتهت من تنظيفها تماماً
والبسوها رداء خاص ابيض جديد... وعندها عادت تقبل يدها ووجهها وهي تبكي
حتى سحبتها الممرضة وهي تخبرها بأن التأخير ليس من صالحها ...
ألقت نظرة أخيرة على أمها من خلال الدموع الغزيرة التي لم تتوقف أخذت القرآن
الالكتروني وأعادته لحقيبتها ونكست رأسها وخرجت من الغرفة ومشت بتثاقل إلى
خارج المستشفى كانت تمشي في الشارع الفارغ بترنح حتى وصلت إلى جناحها ثم
إلى الغرفة خلعت حجابها ونظرت إلى كم قميصها ورأت قطرات دم ...لابد من أنها
لأمها وبكت أكثر كانت تحس أنها تعيش كابوس مرعب ويجب أن تفيق
منه...أحست بأنها يجب أن تصلي ولما نظرت إلى الساعة اكتشفت أن صلاة الفجر
قد حانت...دخلت وتوضأت وأخذت تصلي والدموع مستمرة حتى انتهت قامت من
سجادتها وبحثت عن هاتفها فكتبت رسالة واحدة ( أمي خلاص ارتاحت .. راحت
حق اللي أحسن مني ومنك راحت عند ربها ) وأرسلتها إلى نوف وأحمد ثم وضعته
على الصامت وسحبت سلك هاتف الغرفة ثم شغّلت القرآن الالكتروني وأطالت على
صوته ثم جلست على الأرض وهي تضم ركبتيها لصدرها وتبكي...
استيقظ سيف على رنين هاتفه المزعج ورد عليه وهو غاضب : من؟؟؟
سمع صوت أحمد يقول : اقعد يا سيف...
سيف الذي جلس على سريرة وهو يسأل: خير يا احمد ...
أحمد: مهب خير ياخوي...ام جواهر عطتك عمرها...لقيت رسالة منها واتصل على
جوالها ماترد ولا حتى على تلفونات الجناح ...احاتيها ياخوي ومادري شسوي؟؟
سيف:أنا لله وانا اليه راجعون .... تبغيني اروح لها؟؟؟
أحمد: كم يبغيلك وتكون في لندن..
سيف: الرحلة لي هيثرو ساعة ونص بروح على أول رحلة القاها ...في رحلة كل
ساعة واحيانا اقل...
أحمد: توكل على الله واول ماتوصل طمني عليها ...
سيف: أزهلها وانا اخوك... كأنك هناك ....يالله مع السلامة ...
أحمد: مع السلامة..
|