لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


سلامة رماحك اللي جرحها غالي لكاتبة كليوباترا نجد

السلام عليكم اعضاء ليلاس اضع بين ايدكم قصة رائعة بكل ما تعني هذه الكلمة لكاتبة اعتز بأن اكون احدى قرائها ومتابعيها

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-05-08, 03:19 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ماسي


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 53753
المشاركات: 10,517
الجنس أنثى
معدل التقييم: ارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 740

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ارادة الحياة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي سلامة رماحك اللي جرحها غالي لكاتبة كليوباترا نجد

 

السلام عليكم اعضاء ليلاس
اضع بين ايدكم قصة رائعة بكل ما تعني هذه الكلمة لكاتبة اعتز بأن اكون احدى قرائها ومتابعيها

سلامة رماحك اللي جرحها غالي لكاتبة كليوباترا نجد

((الفصل الأول))
عاد من صلاة الفجر بقامته المديدة ووقاره المنحوت في ملامحه الصخرية عبر ذلك الطريق الذي حفظه عن ظهر قلب منذ أكثرمن ستين عاما ، يعرف فيه كل ركن وكل زاوية وكل حجر وقصة كل بيت ، هذه هي الحارة العتيقة التي احتضنت عبث طفولته وثورة شبابه وصراعات رجولته وهم شيخوخته ، لقد عرف هذه المنطقة يوم كانت قرية مهملة حتى أصبحت الآن جزءا من مدينة الشمس (الرياض) ، لطالما لامه الكثيرون (ليش ما تنتقل ؟ هذه الحارة قديمة ؟ ما تناسب مستواك ؟ أنت الله منعم عليك ليش ترضى بهالحارة المنعزلة ؟!.. الخ) ، لكنه كان يعلم بأنه سمكة لو خرجت من بحرها ماتت ، ربما يستطيع غيره أن ينكر ارتباط الإنسان بالأرض ، بالمكان ، بالوجوه التي ترحل يوما ولا تعود ، لكنه هو (فلاح) لا يستطيع ولن يستطيع ، وكيف ؟ أينسى هذا البيت القديم الذي كان من الطين ، البيت الذي هزته صرخات ولادته ومن بعده اخوته ، البيت الذي كان مملكة أمه التي عشقتها ، البيت الذي وإن تغير بفعل ترميمه وتحديثه لازالت جدرانه تحتفظ بأحلامهم وآمالهم التي طار غبارها بعد كل هذه السنوات ، البيت الذي لازال يسمع فيه صوت والده الهادئ وضحكات أمه الرنانة ، ولازال طيف (فواز) يحوم في أرجائه .
دخل مجلسه الذي ينطق بالفخامة والترف المسرف ، كل ما فيه يدل على وقار اسم صاحبه ومكانته الاجتماعية الرفيعة ، وجده جاهزا وموضوعا كما يحب على الأرض ، جلس وبدأ يتناول فطوره الشهي ، فقد جلب البارحة معه حليبا من تلك الشياه التي يربيها في مخيمه الصحراوي .
_ صبحك الله بالخير يبه ... (قبل رأس والده وانضم إلى سفرته)
_ هلا يا أبوي صبحك الله بالنور ...
وظل يراقبه ، يراقب قرة العين والقلب والأمل الذي لم يخب ، لقد أحب من قبل ، أحب والده وأحب أمه ، وأحب اخوته ، لكنه لا يحب (نايف) كما أحبهم ، بل لا يمكنه أن يحبهم بقدر ما يحبه ، لقد تمنى دائما أن يرزقه الله بذرية صالحة ولكن هذا الابن بالذات جاء ليهدم التوقعات ويقفز فوق قمم الأماني التي تمناها فأصبح منذ نعومة أظفاره الابن والأخ والأب واليد التي يضرب بها فلا تخطئ ،هرب من هذه المشاعر التي تزرع في قلبه الخوف والحذر من الضغف حتى أمام أغلى الخلق إلى نفسه :
_ سمعت باللي صار لبنت عمك ؟!
عقد حاجبيه وهو يسترجع ذكرى حرمته النوم طيلة ليل البارحة :
_ ايه سمعت ... (وابتلع لقمته بغصة عنيفة) ...
_ وش السواة الحين ؟
_ سواة الله أبرك يبه ... حنا نصحنا عمي بس هو الله يهداه ما سمع ... والحين خلاص طاحت الفاس بالراس ...
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ...
قبل (مبارك) رأس والده وجلس بجسده اليافع ووجهه الذي يحمل ملامح طفل صغير يتناول فطوره بهدوء كعادته .
_ وينك عن الصلاة ... ما شفتك بالمسجد ؟
_ هاه ... (وارتبك بشدة كما يفعل كلما سمع صوت والده) ... يبه ... كنت ...
_ لا تخاف يبه ... طلع معاي صلى ورجع بسرعة ... عنده امتحان يبي يذاكر ...
ابتلع (مبارك) ريقه بارتياح وابتسم (لنايف) الذي أنقذه مما لا تحمد عقباه فهو يعلم بأن (العقال) الذي يرتكز على رأس والده أداة لا مزح فيها ، لكنه لمح نظرات التهديد في عيني شقيقه الأكبر الذي لم يكن يمزح أيضا "ياويلك إن فكرت تطوف الصلاة مرة ثانية" .
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ...
وانضم إليهم (فارس) بحقيبته المدرسية الثقيلة ، قبل رأس والده وجلس ، أما (فلاح) الصغير فكان يتبعه باكيا حتى وصل فاستلقى على قدم والده بإنهاك واضح .
_ وراك أنت وهالخشة ... تنعس ؟!
_ يبه ...(ويبكي) ... ما أبي أروح المدرسة ...أنعس ...
مبارك بنصحه الهادئ :
_ أنا أول مرة أشوف واحد عمره ست سنوات يسهر للفجر ... نايف ترى مو زين شيل عنه البلاي يستيشن ... وبالعطلة خله يلعب فيها ...
فرد فارس بغضب :
_ لا والله وحنا بشنو نلعب ؟... خل يشيل عنك اللاب توب أحسن ...
سكت (مبارك) وهو يهز رأسه لأنه يعلم بأنه سيخسر أمام هذا اللسان السليط .
_ يبه ... ودنا المدرسة ... (كان فرحا باقتراحه) ...
_ وقص يقص لسانك ... تتأمر على أبوي أنت ووجهك ... (يقلده) ...يبه ودنا المدرسة ... وليش ما تروح مع السواق ؟...
_ شفيك عليه يا نايف ؟!
تشجع (فارس) بعد هذا الهجوم الذي أخرسه :
_ إيه ... شفيك علي ؟ ... ترى هو أبوي ... مو أبوك لحالك ... (وحدق فيه نايف حتى تراعدت فرايصه) ...
(نايف) وهو ينهي إرتشاف حليبه :
_ وليش تبي أبوي يوديك ؟!
_ ما أبي أروح مع جمعة ... فشلة شكبري وراكب مع السواق ... حرمة أنا ! ... إذا ما تبي أبوي يوديني ... خلني أروح بالفورد الصغيرة ... أعرف أسوقها ...
_ حامض على بوزك ... انا منبه الحارس ما يخليك تطلع فيها وإن سمعت إنك أخذت المفتاح نفس هذيك المرة ...(اخفض فارس رأسه) ... ما تلوم إلا نفسك ... فاهم ... خلاص روحوا مع مبارك ... مبارك وصلهم بطريقك ...
_ أنا ماجد يمرني بسيارته ... وهو ما يرضى البزران يروحون معنا ...
_ أجل انطم وخل جمعة يوصلكم مع البنات ... (ويقذف بطفله بعيدا) ... قم أنت ... (وينهض وهو يعدل من وضع الغترة فوق رأسه) ...
فيصرخ (فارس) بيأس :
_ نـــــــــايف .... تكفى ...
الوالد بقلة حيلة :
_ خلاص يا فارس أنا أوصلكم ... صجيت روسنا على هالصبح ...
(نايف) وهو يلمح نظرة الانتصار المغموسة بالفرح في عيون هذا الصغير :
_ نشبة ...أعوذ بالله منك ...
ويسمعون بوق سيارة مزعج قادما من باب المجلس المطل على الشارع ، فيغص (مبارك) بكوب الشاي .
_ هذا ماجد ...... (وينطلق حاملا كتبه كالصاروخ) ...
ويأتي صوت (رامز) الحارس من جهاز الارسال :
_ أستاز مبارك ... الأستاز ماجد وصل ...
(فارس) باستعلاء :
_ الحمد الله والشكر ...(ويقبل يده شكرا لله) ...هذولا المطافيق بصراحة يفشلون .... عيال الحارة يقولون إن حتى حريمهم حافظين هرن سيارة ماجد ... الله يخسه يفشل هو وهالسيارة اللي كاشخ فيها تقول بزر ... مو رجال عمره ألف وميتين ...
(نايف) وهو يمط شفتيه يأسا من كلام هذا العجوز الصغير :
_ تبي شي يبه ؟!
_ سلامتك يا أبوك ...
_ وأنت يا جدي ...
(فارس) وهو يستوعب استهزاء أخيه :
_ والله يا وليدي ... يا ليت لو تجيب معك شريط لهالماخوذة اللي ألعب فيها ...
_ هههههههههههههههههههههه الله يخسك من ولد ... يالله فأمان الله ... (وينصرف)
_ فأمان الكريم ... (ينهض الوالد) ... يالله يا عيال ... (ويفتش في جيوبه وهو يقف) ... فارس يبه مفتاح سيارتي على الطاولة ...
_ إن شاء الله يبه ... (وذهب إلى حيث أشار)... (وسلم المفتاح لوالده وهو يضع حقيبته على ظهره ، يلتفت لفلاح الصغير وهو يبكي) ... قوم يا أبو نومة ...(ويهزه يقدمه) ... يبه أنا بقول حق جمعة أنك بتودينا ... (وينصرف) ...
_ يبه ...(ويفرك عينيه بكاءا) ...أنا ... ما أبي أروح المدرسة ... (كانت دموعه تقطع صوته) ... أنعس ...
_ قم ... قم وأنا أبوك ... النوم للكلاب ...(ويسحبه من يده) ...شوي ويروح عنك النعاس ... يالله قم ...
وعلى طاولة فطور فارهة في غرفة طعام فخمة كان جالسا يقرأ صحفه الصباحية كعادته :
_ صباح الخير يا حلو ... (وتقبله وهي تحتضن رأسه بيديها) ...
_ هلا والله ... صباح النور ...
ابتسم يفرح لهذه المخلوقة التي تتدفق رقة وعذوبة (يا سواد الدنيا بدونك يا... ريم ؟!) .
_عفية خلودي ... قاعد مبكر ... (وتقرص خد شقيقها الصغير الذي يبتسم ببراءة حلوة وهو يشرب حليبه ، وتنادي صارخة)... سعد ... سعيـــــــــــدان ... جولي قولي لسعد ينزل بسرعة وقولي له ريم تقول لك يا ويلك ...
_ يس مدام ...(وتنصرف جولي تصعد الدرج) .
_ والله ولدك هذا يبه مدري على منو طالع ... كسول حده ... ويرفع الضغط ...
_ على أمك ... اللي بحياتي ما صحيت من النوم لقيتها قايمة قبلي ...
تضحك بدلع وعتاب لأنها تعلم بتقصير أمها لكنها تعتمد على صبر أبيها الذي لا ينتهي :
_ يـبـــــــــــــــــه ... (ثم تتذكر فجأة ويكسو وجهها الحزن) ... إلا يبه دريت ... بدريه بنت خالي تطلقت ...
_ آفا ... لاحول ولا قوة إلا بالله ... من قالك ؟
_ أمس كلمت حصه وقالت لي ...
وبعد تفكير عميق :
_ الله يعينك يا أبو بدر ...(وفكر) ... عز الله إنهم بيأكلونك بالشماتة ... (ويعود لجريدته) ...
_ مدام ... عصير فرش ...
_ ثانك يو ديبي ... روحي خلي قاسم يشغل السيارة ...
_ أوكي ...(وتنصرف) ...
_ إلا أخوك وينه ؟
_ ماجد ؟!... أكيد طلع من الصبح وراح المدرسة ...
_ بس أنا قاعد من الصبح ما شفته ينزل ... ولا تفطر ...
_ يعني يبه ما تعرف ماجد ما ينام ويروح للمدرسة مواصل ... وهو ما يحب يتفطر يأكل من المطعم ....
_ هالولد مدري ليه حياتة مخربطة ؟..(وانتبه) ... وأنتي ليش ما تأكلين ... يا يبه ترى هالعصاير ما تغني عن الأكل ...
_ أحسن يبه ... أخف ...
واستسلم لأنه يعلم بأن من ممنوعات ابنته الفاتنة ألا يناقشها أحد في أمور رشاقتها .
_ يالله خلودي ... (ويتبع الصغير شقيقته بطاعة عمياء) ... باي يبه ...
_ دير بالكم على الطريق ... خل قاسم يسوق شوي شوي ...
_ تأمر يبه ....سعد .. سعــــــــــد ... سعـــــــــــــــــــــــد ... سعيــــــــــــــــــدان وصمخ ... تأخرنا ...
وفي منزل آخر :
_ السلام عليكم ...(ويقبل رأس والدته)...
_ وعليكم السلام ...
_ شفيها عيونك ؟!...(ينظر مستغربا لبشاير) ...
_ لا ولا شي ... بس علشان سهرانة أمس ... عندي امتحان اليوم ...
(عهود) بيأس :
_ دافــــــــــــــــــــوووووووووووووورة ...
وتضربها (بشاير) بكوعها ، و(راشد) وهو يضحك :
_ هههههههههههه شوي شوي يا المصرية أكلتي الكتب ...
لقد اعتادت على تعليق أخوتها بالنسبة لتعلقها بالدراسة لحد الهوس :
_ يمـــــــــــــــــــــــــــه ...
_ اسم الله على بنيتي ... شفيكم عليها ... (وتنادي) ... دلال وين الشاهي؟!
وتدخل (دلال) حاملة صينية الشاي :
_ هذا هو ... شفيك يمه سويتي لي فضيحة ...
(أم راشد) وهي تبدأ بصب الشاي :
_ ساعة ... دوك يمه ...(وتناول راشد فنجانه) ...
_ لا والله... فوق مو مقعدتني من صباح الله خير ... تهزئني ...(تنظر لأخواتها) عندك هالثورتين ليش مو وحدة منهم تقوم ... والبيت مليان خدم ... يعني إذا ما صبحتي على خشتي ما ترتاحين يمه ...
(عهود) وهي تتلذذ بشرب الشاي وتحاكيها (بشاير) بدلع :
_ حنا ورانا أشغال ....
_ وأنت تعانين من مشكلة البطالة ...
_ ههههههههههه حلوة بطالة ... كفك بشورة ... (ويضربون راشد وبشاير كفوف بعض) .
_ تسمعين عيالك يمه ...
(أم راشد) تمسك يدها تهدئها :
_ ما عليك منهم يمه ...أصلا البيت كله ما يسوى من دونك ... الله يعيني بس لا رحتي من اللي بيشيله معاي ... وهالخدم ما احد يعتمد عليهم ... وخواتك الله بالخير ...
تقبل أمها بفرح :
_ تسمعون الناس اللي تفهم ... (وتضع يدها على خصرها بتحدي) ... تعلموا يا همج ...
_ زين يا راعية البيت ... سوي لي بيض عادي ... ما احب البيض بطماط ....
تجلس تتناول فطورها :
_ سوري أخوي العزيز ... سوينا بيض بطماط ما تبي ... لا تأكل ... قومة مرة ثانية ماني قايمة ...
وغضبت الأم كعادتها حين يمس الأمر شيئا يريده ابنها الوحيد :
_ هاه ... صج ما تستحين قومي يالله سوي لأخوك بيض ...
_ يمـــــــــــه ... أبي أفطر ما فطرت ... (وتكمل بنظرة لؤم لشقيقها) ... خل ماري تسوي له ... وبعدين هو لازم ما يتشرط ... ست الحسن والدلال نايمة ... وانا أخدم له ... وهذا من طيبي ... أنا مو شغالة عنده ...
يناظرها (راشد) بلؤم أكبر :
_ قلتيها ست الحسن والدلال ... وما أبي أتعبها ... (يهمس لها) ...تقومين يعني تقومين ... (ينظر لوالدته بحزن) ... يمه جد أنا اليوم مشتهي البيض ... وما احب البيض اللي يسونه الخدامات ...
_ تبشر يمه ... (تناظر دلال) .. تقومين تسوين لأخوك ولا أقوم أنا ...
دلال وهي تستشيط غضبا :
_ لا يمه ارتاحي ... ترى كلها بيض ما طلب ذبيحة أخوي ...
_ من ذوقك مدام مشعل ... (تنصرف وهي تركض) ...
(عهود) و(بشاير) و(راشد) يضحكون بمرح .
_ حرام عليك يا راشد ..هههههههههههههههههههههههههههههههه ...
_ راشد يمه ... صج بدريه بنت عمك تطلقت ؟!..
(راشد) يبتسم بألم :
_ وليه تسألين ؟...خبري أنتم يا الحريم ما تخفى عليكم هالسوالف !
_ والله يا يمه أنا سمعت بس خفت أتصل على ام بدر ويطلع الخبر كذب ...
_ إلا يمه الخبر صحيح ... أمس بدر قال لي ....
(بشاير) بحزن :
_ مسكينة بدريه ... والله ما تستاهل ...
_ لا حول ولا قوة إلا بالله .... الله يعين قلبك يا أم بدر ... والله كان خوش رجال ..بس ...
_ أي خوش رجال يمه الله يهداك ... هذا هو ما صبر عليها سنة ... رماها رمية الكلب ...
_ لا تشمت يمه ... أنت عندك خوات ...
(راشد) وهو يقف ويرتب غترته :
_ أستغفر الله بس ... (ينظر نحو شقيقتيه) ... هاه أوصلكم معي ... (قال وهو يبتسم) ... ترى السيارة الجديدة بخدمتكم ...
(عهود) وهي تنهض :
_ الله ... احلف ... (كانت تتمنى ان تركب سيارة شقيقها الجديدة قبل أن يمل منها فيغيرها الشهر القادم) ... آآآآي ...
تسحبها (بشاير) حتى تعود لتجلس وهي تحك كوعها الذي آلمته وهي تفسر لأخيها :
_ لا راشد ... بنروح مع ساره بنت خالتي ...
_ كيفكم ... يالله فمان الله ...
تدخل (دلال) :
_ راشــــــــــــــد ... البيض ....
يغمز لها بلؤم :
_ حطيه بالمايكرويف إذا جاء مشعل قلطيه له ... شاو ...(ويخرج) ...
_ سخيييييييييييييف ....
ظل البنات يضحكن على موقف (دلال) .
_ يمه ولدك هذا مريض ...
_ فال الله ولا فالك ... إن شاء الله إنتي ...
_ عشتوا ... لا يمه مشعولتي يبيني ...
وضحكوا البنات :
_ طول عمرك ما تستحين ....(ثم هدأت) ... اليوم جهزوا حالكم بنروح لبدريه ...
غصت (دلال) بكوب العصير :
_ احلفي يمه ...
_ ومرض ... أنتي ما تروحين .... أنا وخواتك بنروح وأنتي استحي على وجهك وإلزمي بيتك ...
_ يمه شمسويه أنا ماشية بدون هدوم كل شوي إستحي إستحي ... وبعدين أنا من دريت ببدريه امس وأنا قلبي يعورني عليها ...
_ ومن امس وأنت تدرين ؟! ... من قال لك ؟!... أنا ما قلت لأحد ...
ارتبكت (دلال) :
_ هاه ... منو ...أنا ... ما دريت أمس ...منو ... أنا قلت ...
(عهود) تداركت الموقف قبل أن تنكشف أختها :
_ وليش نروح يمه ؟
_ بنت عمكم وبشدة ... لازم توقفون معها ...
(بشاير) بسخطها الدائم :
_ يمه نوقف معها ما قلنا لا ... بس هي الحين تلقينها مو طايقة عمرها ... ومحتاجة تقعد مع نفسها شوي ... وأنتم بتتجمعون عندها ... مسوية حفلة هي ... ليش ما تفرقون بين الحزن والفرح أنتم؟!... صج عايلة مضروبة ...
(عهود) باستعلاء تضاهي به سخط (بشاير) :
_ هذه مشكلة المجتمع الذي لا يملك ثقافة نفسية يا شقيقتي الغالية ...
استمتعت (دلال) بوجه أمها التي لم تفهم شيئا مما يقال :
_ ههههههههههه ... يمه ترى هاللي ما يستحون قاعدين يسبونك ...
_ إلا صج أنت وياها ... ليش ما خليتوا أخوكم يوديكم ؟! ... والسواق يقول أنه ما يوصلكم للمدرسة ... حلوة كل يوم متعب يوديكم ... سواق أبوكم ياللي ما تستحون ...
(عهود) بلؤم :
_ والله أنا مالي شغل يمه ....
(دلال) بحالمية :
_ خليهم يمه ... أنا لو كل يوم يوديني متعب المدرسة بطير من الفرح وبتصير لي جنحان بعد ...
(بشاير) تنهض :
_ كش عليك (عهود) ...وكش عليك(دلال) ... خل أروح انطر سارونتي أحسن لي ...
(دلال) تصرخ خلفها:
_ بشورة ... سلمي على الحبايب ... (وتنتبه لنظرات أمها) ... يا حليل ساره بنت خالتي .... حبيبة ...
وظلت (عهود) تضحك دون توقف .
وفي سيارة (ماجد) السريعة ، متجهين إلى المدرسة ، يسأل مبارك بخوف :
_ درست العربي ؟
_ ولا فتحت الكتاب ... صالح معه براشيم لي وله ...
_ ولا أنا درست ...
انتبه لذلك الحزن الذي يكسو وجه (مبارك) كلما ارتكب فعلا خاطئا :
_ وليه ما درست حضرتك ؟
_ كنت عالنت ... ولما حسيت الوقت راح نعست ... نمت وراحت علي النومة حتى الصلاة طافتني وصليتها بالبيت ...
_ ههههههههههههههه ... وليش مسويها ماسأة ... بعدين تعال مبارك ... أنا أحس إن أهلك مايدرون إن عندهم ولد اسمه مبارك ... ما تمل من النت أنت ...
بخوف من هذا الادمان الذي يقتله يجيب (مبارك) :
_ ولا راح أمل ... ماجد تتوقع الامتحان يمكن الله يسهله علينا ...
_ مبارك .. تراي سهران ومو رايق لمياعتك ...
_ وين رايح ... هذا مو طريق المدرسة ...
_ بمر صالح نأخذه معنا .... البراشيم معاه ... مالي خلق أسقط وأبوي يسوي لي محاضرة طويلة عريضة ...
وفي سيارة (متعب) ، (بشاير) و(عهود) يركبن السيارة الصغيرة :
_ السلام عليكم ...
(متعب) و(ساره) :
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
(متعب) وهو ينظر في مرآته الأمامية :
_ شلونك بشاير ؟!
تجيب (ساره) بلؤم :
_ أمس وصلتنا ... كل يوم لازم شلونك بشاير ...
(عهود) بلؤم أكبر :
_ وشدعوه يا متعب ... شلونك بشاير ... وأنا بنت البطة السودا ...
_ ههههههههههههههه أقول أنت وياها جب ولا كلمة ....محد كلمكم قطة الفيس هذي ليش ؟
(بشاير) بتحدي أكبر :
_ الحمد الله متعب ... بخير عساك بخير ..
_ دوم مو يوم إن شاء الله ...
_ هيه أنت يا الأخو ... أنا وعهود موجودين ... لا تنسى عمرك ...
(متعب) بتجاهل أكبر :
_ أقول بشاير ... عندك امتحان اليوم ؟!
(ساره) بلؤم :
_ عندنا امتحان رياضيات ...
_ بشاير ...(ورمق أخته باستهزاء)... ذاكرتي زين ؟!
_ سويت اللي علي ... والباقي على الله ...
_ هيه أنتي ترى أعلم راشد أخوي ...(ناظرها متعب بتهديد) .... أنا ما علي أخوي قال لنا لا تكلمون رجال غرب ...
_ هين يا عهود ... مردك لي ... أنت وهالخبلة ... (ينظر نحو ساره) .
_ إذا أنا خبلة ... هذي الفأرة شتطلع ؟! ..(تنظر نحو بشاير) .
_ فأرة بعينك ... (يبتسم بحنية) ....هذي بشاير ...
ورفع من صوت الموسيقى الذي كان يملأ السيارة الصغيرة فتهتز شوقا قبل أن تهتز القلوب في أماكنها :
ودي أغير كلمة أهواك
بكلمة توصف كم انا أغليك
كلمة تعبر إني ووياك
عايش وقلبي ميت(ن) فيك ...
ضحكت (بشاير) في نفسها ، وظلت تراقب الطريق ، وتراقب (متعب) حلم الطفولة والشباب والعمر القادم ، دائما كانت تخاف من هذا الحب الذي ولد له مع ولادتها ، إنه الحب الذي لا جذور له لا تعرف متى بدأ وكيف كبر ولماذا استمر ، تعشق كل شئ فيه عينيه اللوزيتين ، جسده النحيل ، بشرته المشربة بالحمرة ، رقته المفرطة في التعامل معها ، طريقته الفريدة في لبس الشماغ ، محفظته التي يضع فيها صورة له يحملها على ظهره وهي بعد طفلة ، كانت تخاف عليه من هذا الحب الجارف ، كانت تفكر بأنه لن يستطيع أن يحتمل مقدار حبها له لأنه كبير وكبير جدا ، (ابتسمت بسعادة) متى سأكبر وتنتهي أيام الدراسة الطويلة ؟!
في فترة الظهيرة يستيقظ (سيف) من سعاله الحاد الذي لا يفارقه ، وتستيقظ هي على صوته الذي يزعجها كثيرا :
_ سيف ... شفيك ؟
_ مضاوي ... جيبي لي ماي .... (وتستمر نوبة السعال) ...
_ أوففففففففففف .... يا ربي ... (تنهض ، نحو مطبخ التحضير في جناحهما ثم تعود بكأس الماء) ... أنت ليش ما قلت للطبيب أن الكحة ما هونت ...
_ قلت له ...(ويشرب الماء الذي ناولته إياه) ... آآآآآآآآآآآآآه .......... مسكين شيسوي ... عطاني علاج وما جاب نتيجة ...(وتمدد على سريره) ...
وعادت هي تكمل نومها :
_ بس شايفها حالة يعني ... بصراحة كحتك ما تخليني أنام ...تزعجني مرة ...
_ خلاص يا عمري ... والله مو بيدي ... قومي جيبي لي فطور .... أبي أكل الدوا ...
_ يوووووووووووه يا سيف... من جد مو رايقة ... أمس رجعت متأخر وكحتك ما خلتني أتهنى بنومتي ... سيف ترى مو عيشة هذي ...
_ خلاص كملي نومتك ... أنا أصلا أبي أنزل تحت ...
ونهض رغم الألم ورغم الوهن الجسدي وأكمل طريقه خارجا حتى تكمل هي نومها بهناء .
وعلى (شاي الضحى) العائلي المعتاد في منزل (أبو نايف) حيث تعبق الصالة الكبيرة برائحة القهوة العربية والشاي وأطباق الحلوى المنزلية :
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ... الله يعينك يا أم بدر ... هالحرمة على قد ما هي طيبة ما لها حظ ...
ردت (أم نايف) :
_ يا أم فارس ... ما تذكرين لما كنا في عرس بنت ام يوسف وأم زوجها الله يهداها تهذر أبزوجه وأبزوجه ... وهي كان بعد مو صاير لها ثلاث شهور من أخذت بدريه ولدها ...
_ إيه يا أم نايف أذكر ...
سألت (مريم) بطريقتها الهادئة :
_ ليش ما جربوا أنابيب يمكن الله يرزقهم ؟..
(أم فارس) وكانها تجزم بالأمر :
_ والله يا مريم هالشي لا ما جاء عطية من ربك ما ينفع .... وبعدين يقولون بدريه ما فيها أمل كلش ...
تنهدت (مريم) :
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ...
(منال) بحياء وخوف :
_ خالتي .... عادي أروح لبدريه ...
أجابتها (أم نايف) بميكانيكية :
_ ما أدري ...قولي لأبوك ...
(أم فارس) بعد أن لاحظت ملامح التوتر على وجه (منال) :
_ منولة إذا رحنا ... بتروحين معنا ... (ابتسمت منال بشك) ...
سألت (أم نايف) :
_ إلا مريم ...حمودي وينه ؟!
_ نايم يا خالتي ... أمس أذاني أذية ... حتى نايف من صياحه طردنا برى الجناح كله ... وطول الليل وانا قاعدة بالصالة ....
تتنهد (ام فارس) :
_ الله يعينك هذا اللي كبره ... لازم يعذب أمه ...
نزل (سيف) من السلم منهكا :
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ... (تهاوى على الأريكة القريبة منه) .
(أم نايف) بخوف كبير :
_ هاه ... يمه ... فيك شي ؟!
_ لا يمه ... ما فيه شي ... منال جيبي لي فطور ما آكلت دواي ...
_ إن شاء الله ... (وانطلقت منال مسرعة إلى المطبخ) ...
أم فارس بقلق :
_ سيف شكلك تعبان ... نوديك المستشفى ...
_ لا أم فارس ما فيني شي ....
وفي بيت (أبو بدر) كان الحزن والدهشة تخيم على هذا المنزل الذي كان مليئا بالحياة ، فقبل أسبوع جاءت بدريه لبيت والدها عتابا لزوج أغضبها ولسبب كان سخيفا بسخافة عقله الصغير، والبارحة جاءتها ورقة الطلاق النهائي دون سبب ودون تبرير .
_ هاه يا أم بدر.... شلونها الحين ..؟!
(أم بدر) الذي كان الحزن يكسي ملامحها وهي تتوسط صالة منزلها الكبير ، ولا يغسل همها سوى الدمع الذي يتساقط دون جفاف .
_ على حطة يدك يا شريفة ... من أمس قافلة على نفسها الباب ....
_ ازمة وتعدي إن شاء الله ...وكل هذي بتصير سوالف ... وبتنسى .. (وتضع يدها فوق كف أم بدر التي تحدرت دموعها بشكل أغزر) .
وفي الساحة الكبيرة خلال الفسحة المدرسية ، كانت تتعالى أصوات الفتيات حتى لا يسمع كلام أي منهن ، هذه تركض خلف تلك ، وأخرى تضحك على زميلتها ، وشلة هناك تذاكر وفي أيديهن الكتب ، وفرقة أخرى تغني وترقص ، وتلك تأكل وأخرى تشتري الطعام :
ليت الزمن شريط تسجيل ينعاد
وأعيد أجمل ما مضى من حياتي
أعيد لحظات قريبات وبعاد
لحظات تحمل أجمل الذكرياتي
أيام كنا لقاعة الدرس رواد
يوم الزمن ملتم قبل الشتاتي
_ هاه بشورة ... شلون الرياضيات ؟.. ههههههههههه ...أما انا بدعت إبداع ... أحس إني اخترعت نظريات هندسة جديدة ...
(بشاير) بعتب :
_ إن شاء الله خير ......
_ هههههههههههه ... (تضربها) ...... إن شاء الله ولا أكيد يا الدافورة ...
_ كل شىء بإرادة الله ... وبعدين المفروض أنا ما أكلمج ولا كلمة ... حتى سلام ما أسلم عليك ....
_ آفاااااااااااا .... (تسعل وتتصنع هيئة الاحترام) ... ولماذا آنسة دافورة ؟!
_ علشان كلامك البايخ بالسيارة قدام متعب ... أنت والنزغة عهودوه ...
تضمها (ساره) من الخلف بمحبة كبيرة :
_ آهاااااااا ... أنا أقول بشورة ما تزعل علي حتى لو أحرق كتبها ...ههههههههه ... أثاري السالفة فيها حبيب القلب ...
تبعدها (بشاير) ويزداد غضبها :
_ صج سخيفة ... وبعدين ليش تستمتعين بإحراجي ؟ّ ... وقدامه بعد ... ترى مرات جد تزودونها معي ... أحس أني أبي أبكي ....
_ ههههههههههههههههههه يا بعد قلبي والله ... وكل هذا خاشته بقلبك هالصغيرون اللي أخوي يموت في دباديبه ....هههههههههه ...
تضحك (بشاير) رغما عنها :
_ ههههههههههه ... إذلفي بس ... صج خبلة ....
_ بصراحة بصراحة انا وعهود منقهرات منك ...لاقيه واحد...(تبدأ تعد بأصابعها) مزيون وبهبل ويموت فيك ... وكل يوم مأذي هالمسكينة (تأشر على نفسها، وتقلده) ...تأخرنا على بشاير ... لازم نمر بشاير ... لا ولمن أقوله أبي أغيب يقلب الدنيا فوق رأسي ...وأمي ..(تقلدها) .. إسمعي كلام أخوك يبي مصلحتك ... مسكينة ما تدري ان الأخ ما يدري عن جد جابني ... مو يدري بالدافورة (تأشر عليها) مستحيل تغيب ... لا وتعال يا كلام على الصبح ..(تقلده) ... شلونك بشاير ... عندك امتحان بشاير ... شدي حيلك بشاير .... وهات يا دلع يفتح نفسك للدراسة ... ما تشوفين طالعة دافورة ... والفقيرة اللي تركب معاك ساحب عليها سيفون ... أًصلا وهذا وجهي بس تروحين السنة الجاية الجامعة والله لا يمر بيتكم ولا يعبرها ولا يطق لسواد عيونها مشوار خل تدبر نفسها من الحين أحسن لها ...
_ هههههههههههههه آه بطني ههههههههه حرام يا ساره ههههههههههه ...
_ إيه إضحكي يحق لك ... مالت علي بس ...
(بشاير) وبعد أن انتهت نوبة ضحكها وهي تضم ابنة خالتها :
_ يا بعد قلب ... قلب... قلب... قلبي .......
_ يسلم قلبك ...
_ إنثبري مو أنتي ... هذا تعوبي ...
_ مالت عليك ... تعوبي
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ....
وفي منزل (أبو أحمد) ، كانت (هيا) تنزل السلم العريض بخطوات سريعة نحو الصالة التي يجلس فيها والديها يحتسيان الشاي :
_ يبه ...يبــــــــــــــــه ... البشارة يبه ...
_ اسم الله الرحمن الرحيم ... شفيك ؟... روعتينا ...
_ حتى انتي يمه أبي منك بشارة ....
الأب باستغراب :
_ هاه ... شفيك يبه ... جتك بشارتك شعندك ؟!
_ بدريه بنت عمي جاسم ... تطلقت ...
_ (الأب بفرح غامر) ... وش تقولين ؟
_ (الأم بفرح أكبر) ... من قال لك ؟
_ تو الحين نوف قالت لي ... تقول أمس جتها ورقتها ...
تزغرد الأم بفرح ، ويتنهد الأب بارتياح :
_ عز الله هذي البشارة ...
ويدخل (أحمد) المنزل ، بوجهه الذابل ولباسه المبعثر وجسده الذي لازال يترنح من تأثير سهرته التي انتهت قبل قليل ، جلس وسيجارته الدائمة في يده :
_ شعندكم ... لا يكون الوالد عرس بس ؟!
ضحك الأب ، وغصت الأم بكأس الماء ووضعت بعضا منه في راحتها ورشقته به :
_ فال الله ولا فالك ...
_ أحمد ... البشارة ..
_ خير انت ووجهك ... شعندك ؟َ
_ أنا أقولك يمه ... بدريه بنت عمك جاسم ... تطلقت أمس ...
_ يمه ليش تخربين علي ...
التفت نحو شقيقته بلا مبالاته المعروفة :
_ بشارتك مثل وجهك ... وانا شعلي فيها إن شاء الله احترقت ولا تطلقت ..
_ يعني تسوي نفسك مو فرحان يا كذاب ...
كان يسكب لنفسه شايا :
_ انثبري لا بهالغوري ... ترى معطيك وجه ...
_ الحمد الله والشكر .... شاهي وزقاير ... معدة مقلوبة ...
_ كيفي معدتي ولا معدتك ...
كان الأب غائبا عنهم يتشفى :
_ من شاف وجهك يا أبو بدر بس ...
((الفصل الثاني))
عند ذلك الباب الذي تقبع خلفه أشباح الألم والعذاب وذكريات ماض رحل وخيالات مستقبل آت :
_ بدريه ...(وتبتلع شهقات بكاءها المر) ... افتحي أنا أنوار ... بدريه ...تكفين ... افتحي الباب ...
كان يقف على السلم ، عاد لتوه من العمل ، يعتصر قلبه أنين أخته في الداخل ، وبكاء الأخرى على بابها وهي لا زالت بملابس المدرسة .
_ أنوار ؟!
_ بدر ... هلا ... (اقترب منها واحتضن جسدها النحيل ، فزادت نوبة بكاءها).
_ خلاص روحي بدلي ملابسك ... وتغدي بكرا عندك امتحان انجليزي ..صح ..؟!
_ بدر ... بدريه مو راضية تفتح الباب ...(وأجهشت في البكاء) ...
تنهد بألم وبقلة حيلة :
_ خلاص انت روحي الحين ارتاحي وأنا أكلمها ... (وانصرفت، وعاد هو يطرق باب غرفتها) ... بدريه ... بدريه ... افتحي أنا بدر ... بدريه ...
فتحت (بدريه) الباب وعادت بصمت إلى مجلسها الحزين فوق السرير ، لم يرها منذ عصر البارحة فقط ، تغيرت كثيرا بدريه بين يوم وليلة ، مات في داخلها شىء كبير ، ربما لن يعود إلى الحياة مرة أخرى ، لماذا ؟ لماذا يملك الحزن كل هذه السطوة علينا ؟
_قوة ...
_ ... هلا ....
_ شلونك الحين ؟!
_ مثل ما انت شايف ...(وأجهشت في البكاء ، أنزل غترته من على رأسه ووضعها على السرير وجلس مقابلها) .
_ بدريه الله يهداك هذا وانتي العاقلة ... لا أنت أول ولا آخر وحدة ... هذا نصيب وأنا أخوك ... (زادت حدة بكاءها) ... يا بدريه تعوذي من ابليس ... ترى اللي تسوينه هذا كله ما منه فايدة ... وبعدين إذا ما ترحمين نفسك ... ارحمي أمي وأبوي والله حالتهم تبكي العدو ... وانتي تدرين أن أبوي تعبان ومو ناقص هم ...
_ يا بدر يا ليته بإيدي والله مو بإيدي ... تحملت أمه وقشارتها على شانه وكذا يجازيني .... كنت متقبلة أنه يتزوج علي ما عندي مانع ... بس أرجع لأبوي مطلقة والله صعبة ... صعبة ... أبموت من القهر يا بدر أبموت ... (وترتمي في حضنه والبكاء يقطع صوتها) ...
يمسح (بدر) رأسها وهو يشعر بقلة الحيلة وحتى بقلة المواساة :
_ هذا نصيبك وأنا أخوك ... لا اعتراض على حكم الله ...
_ يا بدر اللي ذابحني عمامي ... راح يأكلون أبوي بالشماتة ... (تلطم وجهها) ... كله مني ... كله مني ...
يفك يديها وتوتره في تزايد :
_ تعوذي من الشيطان يا بدريه ... حرام اللي تسوينه ...
_ آآآآآآآآآخ .... يا بدر .........آآآآآآآآآآآخ ....يا أخوي ...
يضمها بقوة وكأنه يريد أن يطرد هذا الحزن بعيدا ، بعيدا جدا :
_ بس يا بدريه ...بس ... لا إله إلا الله ...
وفي الصالة ، كانت العمة (أم ماجد) في زيارة مباغتة .
_ وليش ما اتصلتوا علي ؟...
_ بشارة هي يا حصه الله يهداك ...
_ ولو يا غنيمة أنا عمتها ولازم أدري ... ولا بس تقولون لشريفة ؟!
أجابتها (شريفة) :
_ أنا عندهم من قبل لا تصير السالفة ... من يوم انكسرت رجل فهد ...
_ والله هذي أم لسانين أنا أوريها ... من اول ما شفتها مو مرتاحة لها ... بس بسيطة انا لها وأنا أم ماجد ...
_ خلاص يا حصه ... (تتنهد) ... اللي صار صار ... ما نبي مشاكل ...
_ لا والله ... تسوي ببنت أخوي كذا واسكت لها ... لا وفرحانة بولدها هالرخمة ... أوريها ... أصلا أنتي طول عمرك خوافة يا غنيمة ...
(شريفة) بعقلانيتها المعروفة :
_ حصه ...أم بدر معاها حق ... الولد طلقها وحنا ما عاد لنا علاقة فيهم ...
_ اسكتي أنتي بعد ... قومي روحي نادي لي شوق .... من زمان ما شفتها ...
تتنهد شريفة وتنهض لتأتي بشوق ، يدخل مشعل قادما من عمله .
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ...
_ شلونك يا الغلا ... (يقبل رأس أمه) ... هلا وغلا ومسهلا ... (ويقبل رأس عمته ، ويجلس بجانبها) ... أشوف بيتنا شاب حريقة ... يا حيا الله العمة ... من زمان عنك ...
_ والله ما أدري يا مشيعيل ... أشوف سيارتك راحت توايرها من الروحة والجية على بيت عمتك ...
_ وشو مشيعيل يا عمه ... سامحيني حبي ... بس والله شوفة عينك ما أرجع البيت إلا الساعة أربع ومهدود حيلي أدور الفراش ... توني خريج وولد أخوك نايفووووه الله يسامحه ما يعطي وجه كلش ورحمة ما في بقلبه كل ما قلت له شي قال حلل معاشك ... وانتي أم التقدير يا قلبي ...
_ إيه عساك عالقوة ... والله أنتم يا عيال أخوي ما فيكم الثمرة إلا أبو شوق ... بعد عمري هو اللي يوصل ويعنى مو بعض الناس .... وفهيدان لولا ماجد كان ما أشوف خشته بيتنا ... ولا أنت ونسيبي ما يندرى عنكم ؟!
_ آفآآآآآآآآآآآآآ ... تصدقين يا ام ماجد بديت أكره هالبدر ... كل المدح له ... والذم لنا ... صرت أحس بالنقص لما أشوفه ...
_ اللي يبيع الطيب يكسب يا ولد أخوي ....
_ هههههههههههههه صايرة شاعرة بعد ... (يقبل رأسها) ... مالك إلا طيبة الخاطر .... كم حصوص عندنا ...
_ حصوص بعينك يا مال اللي ماني قايلة ... (وتدفعه بعيدا عنها وهو يضحك) .
وفي المجلس بعد صلاة المغرب ، كان الصراع دائرا ، يقف بدر وهو لا يستوعب ما يقال :
_ أنت وش تقول يا نايف ؟!
_ نزوجها أحمد ...
تزداد نوبة غضبه :
_ نايف صاحي أنت ؟.. البنت أمس تطلقت ... تبي أقول لها تعالي أزوجك اليوم ...
راشد وهو يهدئ من الوضع الناري :
_ يا بدر نايف قصده بعد ما تخلص العدة ...
نايف يتجاهل الكل ويتجه إلى عمه العجوز الذي لازال يراقب النقاش وهو صامت :
_ عمي ... قلنا لك قبل بدريه ما لها إلا أحمد ... خلنا نكسر عين هالحقير ... أنت تدري أنه طلقها تحت شور أبوه ... يبي يضغط علي علشان صفقة تونس ... يبي يلوي ذراعي يا عمي وتحجج بسالفة العيال ...
سعود يخرج من صمته :
_ أنتم ليش مستعجلين ؟!... الرجال طلقها طلاق رجعي ... يمكن له نية يرجعها ... إن أبغض الحلال عند الله الطلاق ...
بدر بنفاذ صبر :
_ اسكت يا سعود ...
نايف الذي كان كلام سعود كقنبلة تفجرت في نفسه :
_ أنت شقاعد تقول ؟!
أدرك أبو بدر ما سيجلبه هذا الحديث بين هؤلاء الشبان ، فنهرهم يائسا :
_ يا عيال ... اذكروا الله ....
أما سعود الذي أثارته نبرة التهديد القاسية في صوت نايف الجهور :
_ قلت إنه طلاق واحد ... يعني إذا يبي يرجعها يقدر ... وغصبن عننا بعد ... هذا شرع الله ...
نايف الذي دفعه كلام سعود إلى أقصى حدوده :
_ معصي ... (التفت إلى عمه) ... عمي حنا سكتنا لما زوجتها ... بس إنها ترجع له ... عقب ما عافها ... لا ...أذبحها ...
ثار سعود من أسلوب نايف ومقارنته الظالمة :
_ خروف هي تذبحها ؟!..
راشد وهو يحاول أن يحتوي الموقف قبل أن يتفجر :
_ بس يا سعود ... نايف معاه حق ... الرجال عافها ...
وفي هذه اللحظة دخل ناصر بابتسامته الحلوة وهيئته الأحلى :
_ السلام عليكم ...(لكنه لاحظ الوجوه الواجمة) ... شفيكم؟... (ينظر نحو عمه الذي أرخى رأسه بحزن شديد) ... عمي شصاير ؟!
أكمل سعود انفجاره :
_ تعال يا ناصر شوف ولد عمك ... يبي يزوج ويذبح على كيفه ...
نايف كان لا يزال يمسك بلجام ما تبقى من عقله :
_ بـــــــــــــــــــــــــــــــــدر ... سكت أخوك ...
عرف أبو بدر من صراخه بأن صبر نايف قد انتهى :
_ لا حول الله ... ورعان أنتم ؟!
_ ما تشوف ولدك يا عمي ... يرفع الضغط ..
_ انت شاللي حارق أعصابك ... لا هي أختك ولا بنتك ... تزعل من كلام الله ليه؟
صرخ (بدر) و(ناصر) معا :
_ سعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــود ...
_ أنت اللي صج ....
وهنا رمى (نايف) عقاله ، وإنهال بالضرب على (سعود) الذي بادله هذا الهجوم ، حاول (بدر) و(راشد) و(ناصر) أن يفرقوا بينهما بصعوبة وسط تأوهات الوالد العجوز وتهديداته اليائسة ، صرخ (بدر) بيأس وهو يمسك (نايف) ويعاونه (راشد) :
_ ناصر ... ود سعود داخل ...
وسحبه (ناصر) خارج المجلس ، وظل الباقين يلتقطون أنفاسهم بصعوبة ، وهم ينظرون لساحة المعركة ، انهار (راشد) جالسا على الأرض ، وظل (بدر) يلهث :
_ الله يهداك يا نايف ... ترى سعود رجال مهوب صغير ...
_ أنت سمعت شقال ؟!
_ وأنت تصدق كلامه ... طول بالك عليه شوي ... استريح بس ...(ويجلس بدر) ...
يكمل (نايف) وقد أخذ الغضب منه كل مأخذ :
_ ماني مستريح ... عمي ...(ويلتفت إلى عمه) ... تخلص عدتها ونزوجها أحمد .. إن رجعت للواطي ...أذبحها ... وأذبح سعود ...
(بدر) يهزء رأسه بيأس :
_ لا حول الله ...
_ راشـــــــد ... نمشي ؟
(راشد) الذي لا زال متعبا :
_ لا ... أنا أبقعد مع سعود شوي ...
ظلت نظرات (نايف) الغاضبة تحيط بهم ، فخرج قبل أن يقتلهم جميعا .
_ نايف صج مرات يصير... خبل ...
_ ههههههههه يعني هذا نايف ما تعرفه يا بدر ...
_ بس توصل للضرب يا راشد ... والله سعود الحين يحقد عليه ... بزر هو يضربه ؟!
_ لا يحقد ولا شي ... ياما ضربنا بعض ... وهذا حنا ما صار بينا لا حقد ولا بطيخ ...
(ناصر) الذي كان يدفع (سعود) إلى داخل الصالة رغما عنه :
_ يا ناصـــــــــــــر ... هدني ... مالك شغل ....
(أم راشد) التي سقط منها فنجان شايها ، و(أم ماجد) التي كانت نهضت تولول وساندها بكاء (شوق) الحاد ، و(شريفه) التي جاءت تركض من المطبخ ، (أنوار) نزلت مسرعة على الدرج ، وخلفها كان (فهد) بطيئا بعكازه ، تتابعت الصرخات :
_ شفيكم ؟... ناصــــــر ... سعـــــــــود ... شعندكم ؟... ليش تتهاوشون ؟...
_ أنت ليش مسكتني ؟!...
قذفه (ناصر) وثبته على الأريكة:
_ سعـــــــــود ... تعوذ من الشيطان ... تبي تضرب نايف ؟!
(أم بدر) تلمس خد (سعود) الذي لا زال يدمي حتى أغرق الدم لحيته الطويلة :
_ يمه سعود شصاير ؟... ناصر شفيكم ؟
شهقت (أنوار) بصوت عالي ووضعت يدها على فمها ، رفع الكل نظره إليها ومعهم (ناصر) ، صرخت (أم ماجد) وهي تحتضن الطفلة الصغيرة التي ارتفع صراخها :
_ ناصر شفيه ؟... شصاير روعتونا ؟
(شوق) التي قطع بكاءها صوتها :
_ سعـــ ... بابا سعــــــ....
(ناصر) بملل :
_ ما في شي يا عمة .... (يرمق سعود بنظرة حادة) ... بس سعود مرات يطول لسانه ...
(سعود) بنفاذ صبر :
_ أنا اللي أطول لساني هاه ؟!... أنت ما سمعته شيقول ؟... هو ما له شغل ... أختنا وبكيفنا ...
العمة (شريفه) التي أدركت الأمر :
_ وليش تذابحتوا أنت ونايف ؟
رمق (ناصر) (سعود) بحدة "اللي صار بينا لازم محد يدري فيه وخاصة الحريم" ، فأجاب :
_ ما في شي عمه ....
_ أنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوا ر ...
نبههم صوت (فهد) الذي أعاقه عكازه عن اللحاق بأخته التي سقطت عن السلم ، فرماه ولحق بها حتى وقع قبل ان يصل إليها ، وتتابعت الصرخات :
_ يمه بنتي ... أنـــــــــــــــــوار ... اسم الله عليها ...
(ناصر) و(شريفه) وصلا إليها أولا ، رفع وجهها بيد خبيرة :
_ عمه ... جيبي عباتها ...
هزت (شريفه) رأسها وأسرعت تصعد درجات السلم ، اقتربت (أم بدر) بخوف :
_ ناصر شفيها ؟...
أجابتها (أم ماجد) التي لازالت تهدئ من صراخ الطفلة :
_ اذكري الله يا أم بدر ... ما فيها إلا العافية ...
_ يمه ... فهد ... (التفتت لابنها الذي لم يكن يستطيع

الحراك جالسا على السلم وجلست تحتضنه) ...
_ سعــــــــــــــود ...
أيقظه صراخ (ناصر) من وجومه ومن خوفه ومن سكونه ، كان يعرف بأنه دائما جبان في هذه المواقف .
_ هاك ... (مد له مفتاح السيارة) ... شغل السيارة بسرعة ... (خرج مسرعا) ... سعــــــــــــود ... ناد بدر معاك...
نزلت (شريفه) وأعطته عباءة (أنوار) وارتدت هي عباءتها ، لف (ناصر) (أنوار) بالعباءة وحملها بين يديه وخرج مسرعا و(شريفه) تلحق به .
أما من كان في المجلس فقد شاهدوا (سعود) وهو يخرج مسرعا من البيت ، فخرج (بدر) و(راشد) وهم يظنون فيه الظنون ، لكنهم استغربوا وهم يرون (ناصر) الذي تسبقه (شريفه) :
_ شفيكم ؟... خير ... عمه ..
_ بدر .... أنوار أغمى عليها ...
(ناصر) يقذف (أنوار) بين يدي (بدر) المرتبك :
_ خذ .... أنا أسوق ... سعود شغل سيارتي ... بسرعة ..
وانطلق (بدر) مسرعا وتبعه (ناصر) و(شريفه) .
_ شفيكم يبه ؟
انتبه (راشد) لعمه الذي خرج لتوه من المجلس :
_ هاه ... ما في شي عمي ... العيال جوعانين .... يبون يروحون للمطعم ... تعال بس ... تعال ... (يضع يديه حول كتف عمه) ... خلني أوسع صدري معك هالليلة ... يا حيالله أبو بدر ... (ودخلوا المجلس) ...
وفي بيت (أبو نايف) خلف المنزل في الحديقة الواسعة كانت تجلس كعادتها على الأرجوحة الملكية الواسعة :
_ منال ... منـــــــــــــال .. منــــــــــــــــــــــال ....
_ هنيه فارس ....
_ صار لي ساعة أفتر ... ليش ما تقولين هاه ؟
_ شتبي ؟!
_ والله أنا ما أبي شي ... بس أبوي طلع يصلي العشا ... وقال لي خل منال تجيب الخدامات وينظفون المجلس ويبخرونه ... لأن أنا بعد بروح المسجد ... وزهبي القهوة ... وحطيها بالمجلس ... في رجال بيزور أبوي بعد الصلاة ...
_ إن شاء الله ...
_ ويا ويلك يا سواد ليلك ... إذا ما خلصتي شغلك قبل لا يرجع ....
_ إن شاء الله ...
وانصرف باستعلائه الصغير .
وفي المستشفى كانت (أنوار) لا تزال نايمة بعد أن وضعوا لها المغذي السائل ، كان مجرد ارهاق بسيط ، اتصلوا بالمنزل وطمأنوا من فيه ، (شريفه) بقيت جالسة عندها ، (بدر) و(ناصر) كانا يجلسان على مقاعد الانتظار في الممر :
_ ههههههههههه أما أختك هذي عليها حركات هههههههههههه ...
_ عاد تصدق اللي يشوفها ما يقول عنها ضعيفة لهدرجة ...
_ يعني الحين كل ما تخترع يغمى عليها ... هههههههههههه أما صج سالفة ...
_ هيه أنت ...(ويضربه) ... ترى ما أرضى على أختي .... وبعدين تعال أنت شلون تسمح لنفسك تشيلها ؟... كان نطرت لما أجي ... ما صدقت على الله ...
_ ههههههههههه بصراحة يا بدر أنا شفتها طايحة وأنا قلبي اختبص على بالي ماتت .... ما على بالي دلوعة ...
_ ههههههههههههه حرام عليك أنوار دلوعة ؟...... تلقاها شافت سعود مضروب واخترعت ...إحمد ربك أنها ما كفختك .... قبل كانت تدخل في هوشات الحارة لما يتكفخ فهد ... وكل الصبيان يخافون منها وما يتعرضونه .... بس لما كبرت صارت لما تشوفه مضروب يغمى عليها ... يمكن لانها ما تقدر تروح تضربهم ... هههههههههههههههههه ...
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
_ بدر ........ ناصر ..........
كانت (شريفه) تمسك بين يديها جسد (أنوار) النحيل التي تسندت عليها .
_ أنوار ... (وينهض ليمسك بها) ... حمد الله على السلامة يا عمري ...
تمسكت به بكلتا يديها وألقت بجسمها عليه :
_ بدر ... دايخة ...
_ ما عليه يا قلبي ... شوي وتصيرين زينه ...
_ حمد الله على السلامة أنوار ....
ناظرته (أنوار) بحقد من وراء غطاء وجهها ولم ترد عليه .
_ ناصر .. يالله ترى اليوم دخت حدي ...(وتقف بجانبه) ... مدري متى أفتك من عيال هالأخوان اللي كل يوم صاير لواحد فيهم شي .... (وضحكت مازحة)...
_ ابشري عمه ... أنت الخير والبركة آفا عليك من دونك ما نسوى شي ... يالله بدر ...
_ بدر ... (تشبثت به وهمست) ... نروح معاه ؟!
_ إيه ... ناصر جابنا بسيارته ...
_ وين سيارتك ؟
_ بالبيت .... اختبصنا وجينا بسيارة ناصر .. يالله امشي ...
_ ... (تشبثت به أكثر) .... ما أأأبي ... دق على مشعل يجي يأخذنا .....
_ أنوار ... شفيك ... أنا معك ...
_ بدر ... شفيكم ؟...(كان قد عاد أدراجه بعد أن أوصل عمته إلى الباب ولم يلحقا به) .
_ لا ما في شي ... جايين ...
كان صوتها يرتجف وهي تصرخ :
_ ما أبي أركب معك ...
انصدم (بدر) ومثله (ناصر) من حدة الرد :
_ أنــــــوار ..
_ ليش ؟...
تجاهلته وبتوسل متعب:
_ بدر ... اتصل على مشعل خل يجي يأخذنا ...
_ أنوار .. وبعدين ...أقــ...
_ بدر ... (قاطعه وهو يعطيه المفتاح) ... خلاص روح ودهم البيت .... أنوار تعبانه (ناظرها بعدم فهم) ...وعمتي بعد ... أنا أتصل على مشعل يمرني ...
كان (بدر) يحاول الاعتراض ، لكن منعته نظرات (ناصر) الحاسمة وجسد (أنوار) الذي يرتجف بين يديه ، فأخذها وانصرف ، وعاد (ناصر) إلى مقاعد الانتظار وهو يتصل على (مشعل) .
بعد أن انتهت من تجهيز القهوة وتنظيف المجلس الكبير بمساعدة الخادمات :
_ مدام ... هذا بخور ...
_ شكرا زهرة ... أنا أبخر روحي داخل ...
وانصرفت الخادمة ، وظلت (منال) تحمل المدخنة التي تعبق برائحة البخور الهندي لتوزعها على المدخنات الذهبية الكبيرة الموزعة على زوايا المجلس .
اضطر أن يخلع لباسه الرياضي الذي يحبه ويرتدي الدشداشة والغترة والعقال مادام يريد زيارة منزل خاله ، وقف بذهول كبير عند باب المجلس الداخلي لأنه كان يدخل سيارته عبر البوابة الكبيرة وليس في المظلات الخارجية ، بينما (منال) لم تكن تحس بما حولها أبدا ، ظهرت منه تنهيدة عالية ، استوعبت (منال) الزمان والمكان وتمنت لو لم تفعل ، هربت إلى الباب ولكنه كان يقف حاجزا لا يتحرك بينها وبينه :
_ الله يخيلك ... وخر ...(وتساقطت دموعها حارة غزيرة) ...
_ هاه .... (كان لا يزال ضائعا في عينيها) ... إيه ... (استوعب الموقف وابتعد عن الباب بصعوبة ، وهربت هي مسرعة) .
وجلس هو يحاور نفسه (منو هذه ؟ لا مو حصه؟ حصه مو حلوة حيل جذي ؟ ليش بكت ؟ انا ما سويت شي ؟ وبعدين ليش قاعدة بالمجلس ؟ "ابستم بخبث"يا ويلها لو يدري فيها خالي ):
_ هاه ... ماجد ؟!
ودخل (أبو نايف) مجلسه ، نهض (ماجد) وقبل رأسه بعد أن استيقظ من شروده .
_ هلا خالي ... شلونك ؟
_ بخير ... (يجلس) ... أنت شلونك ؟... أمك وأبوك شلونهم ؟
يجلب (ماجد) القهوة ويقوم بصبها لخاله .
_ دام انت بخير حنا كلنا بخير ...
_ وليش هذي هنيه ؟
_ هاه ... (ظل قلب ماجد يضرب بقوة ، واصفر وجهه) .
_ المكنسة ...
انتبه (ماجد) للمكنسة الكهربائية التي كانت خلفه والتي كان خاله ينظر نحوها ، فتبددت مخاوفه ، ودخل (فارس) بثوبه الناصع البياض وقبعته الظريفة :
_ هاه يبه جيت ... (ابتسم) ... ماجد ؟..
_ هلا فارس ... (وتبادلا السلام) .
_ آشوى قهويت أبوي ...(ويهمس)... بقى علي أقهوي الشياب ربعه ... اللي لو أقهويهم قاز يقولون تسلم .... (ضحك ماجد وهو يجلس بجانب خاله) .
_ فارس .... ود المكنسة داخل يبه ... شكل الخبلة منال نستها وهي تنظف المجلس ..... وما قالت للخدامات يشيلونها ...
فكر (ماجد) بابتسامة المكتشف (آآآآها يعني هذه منال ، يا حليلها كانت تنظف المجلس ، روعتها)
_ إن شاء الله يبه ... (يمسك المكنسة ويبطئ نبرة صوته) ... بس لا تقول اسم أختي قدام ماجد ...
_ لا والله انت ووجهك مسوي نفسك رجال بعد ...
_ الحمد الله انا أبوي معلمني على المرجلة وعلومها ... والدليل ان عمري 12 سنة وماسك ديوان أبوي ... ومن غيري تصير علوم ...
ابتسم الأب من لسان ابنه السليط :
_ هههههههههه رح ... رح ... ود المكنسة ... رح وانا أبوك ...ههههههههههه
_ إن شاء الله يبه ... (وينصرف) ...
_ والله يا خالي ولدك هذا غريب ...
_ ههههههههه ... إلا أنت وش اللي جابك اليوم ؟.. بالعادة ما تمر إلا بالعيد ....
_ شدعوه يا خالي ... ما لنا غناة ... بس انا أبي أنزل برنامج على الكمبيوتر ... وما اعرف ... فقلت امر مبارك يسويه لي ويضبطه ... تعرف ولدك ما شاء الله فني كمبيوتر ... وبعدين ينام عندنا وندرس مع بعض .... بكرا عندنا امتحان تاريخ ...
_ والله انا مدري وش تستفيدون من مقابل هالكمبيوتر ؟ ... يا يبه حتى عيونكم راحت ...
_ والله يا خالي لو نعلمك على الكمبيوتر ما تهده ... (كان يهمس) ...
_ وش قلت ؟
(ماجد) بخوف :
_ لا سلامتك ... ما كو شي ...












--------------------------------------------------------------------------------

((الفصل الثالث))
كان جالسا في صالته الفاخرة وبجانبه والدته تحتسي الشاي بعد ان تناولا عشاءهما ، وكان يتكلم في هاتفه الجوال :
_ هههههههه احلف ههههههههههههههههههههههههه على بالها أنا اللي ضاربه ؟!..
_ إيه والله ... حتى تقول زين إنك كنت معانا ولا كان كفخته ...
_ هههههههههههههههههه أما أختك هذه فصلة ... أنا أقول البنت حقدت علي ...
_ هههههههههههههههههههههههه لا تشوف وجهها لما عرفت السالفة ههههههههههه صار اشارة مرور ههههههههههه ...
_ ههههههههههه خلها تستاهل .... مسترجلة هي وخشتها ... وتبي تكفخني ...أم خرعة ... لو فيها خير ما تنصرع ...
_ هههههههههههههههههههههههههههه اسكت بس لا تسمعك وتغسل شراعك ..
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
_ سامحني ناصر عالموقف ... تعبناك معنا ...
_ شدعوه أبو شوق ...آآآآفا عليك بس .... ما بينا هالكلام ...
_ بعدي والله ... طول عمرك طيب ... بس لو تكمل نص دينك تصير خوش رجال هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ... (الكل كان يعلم حساسية ناصر من موضوع الزواج) ...
_ آآآآآآآآآآآآفا ....... تونا ربع شحليلنا ...... ليش قلبت ؟
_ امزح ... امزح أبو فواز ... يالله تأمر على شي ...
_ سلامتك ... بوس لي شواقه...
_ توصل ... سلم على الوالدة ..
_ الله يسلمك ... مع السلامة ...
يضع جواله على الطاولة ، ويأخذ رشفة من فنجانه :
_ بدر .. يسلم عليك ...
_ الله يسلمه ... شلون بدريه عقب اللي صار ؟
_ اللي صار صار يمه ... لو مهما تسوي ما راح يفيد ...
_ آآآآآآآآآآآآه .... الله يعين أم بدر بس ... بكرا إن شاء الله أروح لهم ...
_ إن شاء الله ....
تتذكر فلا تكمل فنجانها :
_ إلا من هي اللي تبي تكفخك ؟!
ضحك (ناصر) وعادت له نشوة الحادثة :
_ هذي أنوار يمه ..
_ وش سويت لها ؟
_ هههههههههه .... والله ما سويت لها شي .... بس هي فهمت غلط ...
_ هههههههههههههههههههه ..... دير بالك يمه ... ترى انوار ينخاف منها .... من يومها صغيرة وهي قشرة ....
_ هههههههههههههههههههههههههه .... لهدرجة يمه ؟!
_ ما شاء الله اخوانها كلهم عيال ... من كثر ما تقلدهم صارت كنها ولد ... حتى بعرس سيف ومضاوي وحدة من المعازيم نادتها قالت (تعال حبيبي) هذاك الحين كانت صغيرة ... حتى شعرها الحين شعر صبيان ... أمها عجزت فيها تبيها طوله بس هي مو راضية ... وللحين تشتري ملابسها نفس ملابس فهد .......
_ ههههههههههههههههههههههه ... والله هالبنت مو معقولة ...
_ الله يهديها .
ومرت الأيام متتابعة سريعة لا يدرك المرء اليوم حتى يشرق الغد ، (بدريه) استمرت حياتها وظلت تداوي جراحها بشكل هادئ ولم تستسلم لمحاولات (نايف) المستميتة بالرجاء تارة والتهديد تارة حتى تتزوج من (أحمد) ، (أحمد) لازال على حاله المعهود سهر وسكر وعربدة حتى آخر الليل وأكثر مبيته في مخيم عمه (أبو نايف) الصحراوي أو في استراحة (نايف) خارج حدود الرياض حيث لا يجد من يلومه حين يستيقظ ، (سيف) و(مضاوي) منذ أن تزوجا قبل ثلاث سنوات ولا زال الحال بينهما كما هو (مضاوي) بإهمالها الكبير و(سيف) بسكوته عن تصرفاتها رغم ما كان يكابده من مرض القلب الذي رافقه حياته كلها ، (راشد) و(نوف) ينتظران مولودهما الرابع ، زفاف (دلال) و(مشعل) سيكون بعد شهرين ، (سعود) لا زال يلازم جامعته ومسجده ورفاقه المتدينين ، (بشاير) تخرجت من الثانوية بنسبة 97% ولا زالت تحلم بذلك اليوم الذي سيجمعها مع (متعب) ، (ساره) و(ريم) و(أنوار) كلهم تخرجوا من الثانوية بنسب جيدة ، (منال) لا زالت تعاني وتحلم ببساطة .
_ ههههههههههههههههههه ... مشعل خلاص ترى تعبت من الضحك ...
_ يا قلبي ... وأنا تعبت من كثر ما أسولف ... يالله سولفي أنتي ..
_ امممممممممممممم ... شنو أسولف ؟... ايه صح مشعل ...
_ يا عيون مشعل ... يا قلب مشعل ... يا كلاوي مشعل ...
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ... مشعل أكلمك جد أنا ...
_ يا واد يا ثقيل ... يالله قولي .. غردي ... أطربيني ...
_ مشعل حنا الحين لازم ما نكلم بعض...
_ وجع يوجع العدو ... توك شحلوك ... شبلاك قلبتي ؟
_ مشعلوتي اسمعني ... الحين حنا باقي على عرسنا شهرين ... علشان نشتاق لبعض ... ترى إذا شفتك بالعرس راح تلوع كبدي ...
_ صج ما عندك أسلوب ...
_ أنا قصدي يا قلبي .... نشتاق لبعض ...
_ لعنبو دارك اللي يسمعك يقول طايح فيك بوس ليل ونهار ...(حمر وجه دلال) ... (يقلدها) ... نشتاق لبعض ... ترى حنا ما شفنا بعض إلا يوم الملكة من سنتين ... حاسدتنا على هالمكالمات ... لا وبعد عقب اجراءات حراسة مشددة ...
_ أنت واحد ما تستحي ....
_ (تنهد بملل من اسطوانتها المعهودة) ... وليييييييييييييييييييه ...
_ وجع زين ...
_ يوجعك ...
_ هين يا البطة أوريك ...
_ عدال يا أم الرشاقة ... (أغلقت الهاتف في وجهه) .
دخلت (عهود) جناحهن المشترك وهي تكابد ضحكتها المكبوتة ، أخذت عباءتها من الخزانة :
_ ترى ... أنا وأمي وبشاير بنروح حق نوف بالمستشفى ....
_ وإذا ...(كانت غاضبة) ...
_ لا بس ... علشان ... تأخذين راحتك ... (وصلت إلى الباب) .. وأنت تكلمين ... بطتــــــــــــــــــــك ... ههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
قذفتها بالوسادة لكنها كانت قد هربت .
وفي المستشفى :
_ آآآآآآآه ... عمتي راحت تشوف البنت ؟!
(بشاير) ترتب الغرفة :
_ إيه ... وعهود راحت معاها ... أنا أول ما دخلنا المستشفى رحت على طول أشوفها ... يا قلبي عليها سكر ...
_ أي سكر ... ملينا من السكر يا بشاير ...
_ نوف الله يهداك ... أستغفري ربك ....ترى الله يعاقبك ...
_ مو اللي ايده بالماي مو مثل اللي ايده بالنار ... مسكين يا راشد ... كل هالحريم برقبته لحاله ... ام وخوات وزوجة وبنات ...
_ أستغفر الله بس ... غيرك يتمنى ومو حاصل له ...
_ بشورة ... أكيد العصر بيجون أهلي ... في محل حق الحلا فاتحينه يم المستشفى ... روحي جيبي لنا منه كم صنف ...
_ إن شاء الله ...(وتعدل من طرحتها) ...
وذهبت إلى المحل الفخم بجانب المستشفى ، أخذت الأصناف التي تريدها ووقفت تنتظر الدور عند الكاشير ، كان خلفها شابان يرميان عليها ببعض الكلام تجاهلتهما في البداية ، لكنها انتبهت لقامة طويلة تقف عند الكاشير تنظر لها باشمئزاز فاستفزتها نظرته (أنت شكو؟!) :
_ نعــــــــــــــــــــــــــــــم ... انت وياه ...
كان صوتها عاليا ، التفت لها كل من في المحل ، همس لها أحد الشابين :
_ الله ينعم عليك ...
_مشبهين ؟!
جاءها صوت رجل كبير في السن يقف أمامها في الدور :
_ خير يا بنتي ...
_ الخير بوجهك يا عم ...(تلتفت إلى الشابين) ... بس الناس صارت ما تستحي ... وتخلي كلابها المسعورة تحوم في الشوارع ... تأذي خلق الله من غير لا خوف ولا حيا ...
انصرف الشابان يغطي وجهيهما الغضب والخجل والموقف السخيف الذي وضعا نفسيهما فيه ، أما في غرفة (نوف) :
_ ما كان لازم تكلف على نفسك يمه ..
_ لا كلافة ولا شي يا عمه ... أنا قلت أمر أم عبدالرحمن الصبح ... العصر أكيد تجيكم حريم ...
_ عساك على القوة يا اخوي ...
_ الله يسلمك ...(التفت نحوها) ... شلونك عهود ؟!
_ الحمد الله زينه ... (واخفضت رأسها بحياءها المعتاد) ...
_ ما شاء الله صايره حرمه ... (ابتسمت بحياء اكثر) ... (ناولته أم راشد فنجان القهوة) ...
_ والله الزمن هذا يركض ... ما نفتح عين إلا الصغير صاير رجال ... والبنت صايرة حرمة ...
_ وانتي الصاجة يا عمة ...
_ أوفففففففففففففففففففففففففففففف .... حر ...
وقبل إن ترمي غطاء وجهها تداركت وجود رجل في الغرفة :
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ....
عقد (نايف) حاجبيه بعد ان رأى الاكياس التي تحملها ، وارتجفت هي بعد أن رأت وجهه المألوف :
_ بشاير ...أنتي وين كنتي ؟
_ أنا أرسلتها المحل عمة ... تجيب لنا حلا حق القهوة ...
_ سلمي على نايف يمه ...
_ شلونك نايف ... (وتعدل من غطاء وجهها ، وتذهب لتقف بجانب عهود) .
_ الحمد الله ...(ونظر نحوها بازدراء)...
_ (تهمس لعهود) ... أنتي ليش كاشفة وجهك ؟!
_ هاه ... وليش أتغطى ؟... وانتي أصلا ليش تتغطين ؟ ... ترى نايف حتى أكبر من راشد أخوي ...
_ وإذا ... الحين ما يصير ... عيب عليك ...
_ والله كيفي ... ما لك شغل .... (ضربتها بشاير بيدها) ...
_ يالله ... (يقف) ... حمدالله على السلامة ...(يقبل رأس نوف) ... ومبروك ما جاك ... هاه عمه أوصلكم البيت ؟
_ لا نايف .... عمتي خلها عندي ...
_ خلاص ... أجل أودي البنات البيت ...
_ يالله يمه ... روحوا مع نايف ... دلال ماأخذه السواق وراحت مع خالتكم وما بيرجعون إلا متأخر من السوق ...
_ إن شاء الله يمه ... (وترتدي عهود غطاء وجهها) ...
(بشاير) وهي حازمة في رأيها :
_ أنا أبي أظل مع أمي ....
_ محد يظل ... (كان يصرخ) ... يالله قدامي ... بنات شمقعدكم بالمستشفى ؟... عمتي تظل مع نوف ... أنتم شنو تسوين ؟!... يالله ... قدامي ... يالله ...
استغرب الكل حدة (نايف) ، انطلقت (بشاير) غاضبة ، وخلفها (عهود) مستغربة:
_ شفيه أخوك ؟
_ والله هذا نايف ياعمه ... طول عمره نفسه بخشمه ...
((الفصل الرابع))
في سيارة (نايف) جلست (عهود) بجانبه و(بشاير) في الخلف ، وكان السكوت يخيم على الكل ، (نايف) كان يشتعل من الداخل ويرمق (بشاير) من مرآته الأمامية :
_ يعطيك العافية نايف ...
_ الله يعافيك ...(ونزلت عهود مسرعة) ...
أغلق (نايف) أبواب السيارة أوتوماتيكيا قبل أن تستوعب (بشاير) بأنهم وصلوا ، التفت إليها بوجهه الغاضب :
_ أنتي شلون تسوين جذي ؟
_ شـــ.. شنو ؟
_بالمحل ... ومع الشباب ... (كان يصرخ فارتعبت) ...
_ ما سويت شي ...(كانت قد بدأت تتحداه وتصرخ) ..
_ لا والله ... شلون تنزلين لحالك ... والشباب اللي ... لا وبعد لك عين ولسانك طويل ...
_ هم اللي غلطوا ...
_ أكيد يبون يغلطون ... وانت فرحانة تهاوشين ... تبين تسوين فضيحة ...
_ نايــــــــــــــــف ...(صرخت بملل) ... أنا أصلا ما عطيتهم وجه ...
_ لا يكون كنت مفكرة بعد ....
_ نايـــــــــــــــــــــــــــــــــــــف ...
_ وقص ... لا تطولين لسانك ... أذبحك الحين شسوي فيك ...
تنهد بغضب ، التفت للأمام ، وفتح الأبواب :
_ انزلي ... ولا احد يدري باللي صار ... حتى خواتك فاهمة ... (التزمت الصمت ، وقبل ان تنزل ) ... ان سمعت إنك رحت لنوف في المستشفى ... ما يصير طيب ..
ونزلت (بشاير) كان الغيظ يأكلها فلم تستطع ان ترد عليه ، وفي مدخل البيت كانت (دلال) و(عهود) ينتظران بخوف :
_ أنت شعندك مع نايف ؟!
ارتمت (بشاير) على الأريكة بغضب ووجهها لا زال يحترق :
_ بشاير شفيك ؟... (تجلس بجانبها) ... نزلت وانتي طولتي ... نايف ليش كان معصب ؟
_ بشـــــــــــــــــــــــــــــــــــاير ...
كان صبر (دلال) قد نفذ :
_ ما في شي ... هذا ولد عمكم غبي ومتخلف ...
_ ههههههههههههههههههههههههه نايف غبي ومتخلف هههههههههههه ... لا تسمعك نوف بس ...
(عهود) ببراءة :
_ لا والله نايف حليو ...
_ حليو بعينك ... وبعدين انت شلون تنزلين وتخلين أختك مع رجال غريب ؟..
_ أقول ... لا تضيعين السالفة... وش شايف عليك نايف ؟! (كانت دلال تكتف يديها حول صدرها بسخرية) ....
_ نزلت المحل اللي يم المستشفى أجيب حلا ... كان في شباب يتحرشون فيني ... وهو كان واقف عند الكاشير ... ما عرفته عدل ... من الغطوة ...
وضعت(دلال) يديها على رأسها ، وجلست بانهاك :
_ يخرب بيتك ... نايف شافك تغازلين ؟!
_ (رمتها بالوسادة) ... عمى بعينك ... شنو تغازلين ؟! ... أصلا أنا هزئتهم وفرجت عليهم امة لا إله إلا الله ...
_ بعد !... ما ألومه فيك ولد عمي ... لسانك هذا طويل وفضيحة ...
_ انثبري بس ...
(عهود) كانت لا زالت تفكر :
_ أنا أقول ليش هو عصب من دخلتي علينا الغرفة ... لا ولزم نرجع معاه البيت ... وش قال بالسيارة ؟
_ ما قال شي ...
(دلال) بخبث :
_ ما قال شي هاه ... قولي هزئك تهزئة دسمة ...ههههههههههههههههههههههه...
ومرت الأيام سريعة وجاء حفل الزفاف المنتظر الذي كان نجماه (مشعل) و(دلال) ، وفي جناح العروس كان معها (عهود - حصه – ريم – ساره ):
_ ألف مبروك دلول ... (وتبوسها) ...
_ الله يخسك يا ريم ... مسكرة علي ... لا يشوفك مشعل بس ... ترى والله أروح فيها ... (ضحكوا البنات) ...
(حصه) بخبث :
_ بصراحة طالعة شي يا دلال .... الميك آب روعة ... اليوم مشعل راح يآكلك ما يخلي منك ولا حتة ... (وتضحك هي وريم وعهود) ...
_ صاجة ... دلول حبيبتي عطيني عقدك والله قامضني يروح في بطن مشعل ... (كانت ساره ترتب طرحة دلال) ...
_ مالت عليك انت وياها ... مضاوي ونوف وووينهم ... هاديني مع هالمبزرة ...
_ يعني صرتي حرمة يا دلالوه ...
_ أقول عهودوه ترى انا مو رايقة لملاقتكم .... برا يالله ... اذلفوا بره ... (وضحكوا البنات)
(أنوار) التي دخلت عليهم فجأة وهي تضع يدها على خصرها :
_ انتم وينكم ؟! .... ترى عمتي حصه متحلفة فيكم ... وبدريه تقول بس خلوا ساره مع دلال ... وأنتم إنزلوا للمعازيم ...(ضحكوا عليها البنات) ...
_ الله يسامحك يا أنوار ... كان سامعة كلامي وموصلة لك شعر ...
_ ريموه ما لك شغل شكلي عاجبني ...
(دلال) بتمثيل متقن :
_ الله يلعن ابليسك يا أنوار ... لا ... لا ... (وتغطي وجهها بيديها) ... حماتي راح تنقلب رجال ... بصراحة فشلة ما أقدر اواجهه الناس الحين .. شلون ؟
وضحكوا البنات :
_ مالت عليكم ... تنزلون ولا أعلم عمتي ...
وفي قاعة الرجال ، كان (مشعل) بوجهه القمري الجميل وقامته الممتلئة واببتسامته الحلوة يعيش أسعد أيام حياته ، يهمس (ناصر) الذي جلس بجانبه :
_ مبروك يا البطة ...
_ لو مهما تقول اليوم ولا شي يأثر فيني ... فرحان ومن قدي ... موت بغيظك ...
_ ههههههههههههههههههههه ... والله دلال كاسرة خاطري ...
_ احممممممممممم ... لو سمحت لا تقول اسم المدام ... استح على عمرك ...
جاء (ماجد) وهو مسرع :
_ مشعل ... قوم خويي فاهد يبي يصور معك ...
_ وأنت يا أبو رجة ... ترى عليتني ... ما يخلصون ربعك .... كل شوي يبون يصورن .... ترى تعبت ...
_ آآآآآآآآفا ... تردني يا أبو دلال ...
_ وجع يوجعكم ...(يضحك ماجد وناصر) ... صج مهبل ...
وجاء (بدر) يمسك هاتفه الجوال :
_ مشعل ... فالح أبو سعود ... مسافر ... يبي يبارك لك ما قدر يحضر ... (وأخذ مشعل الجوال ليكلمه) ... ناصر ... عمي فلاح يبيك ...(وينهض ناصر) ...
وما بين الرقص والفرحة في قاعة النساء ، والضحك والمرح في قاعة الرجال انتهى الزفاف الذي لم شمل العائلة وجدد الأفراح :
_ يمه الحين شلون نروح ؟ ... (شوق كانت نائمة في حضن أمها) ...
_ اتصلتي على بدر ؟!
واتصلت على (بدر) :
_ هلا أنوار ...
_ بدر ... حنا بالقاعة ... منو يرجعنا البيت ؟
_ أنوار انا ما أقدر أرجع ... طالع مع راشد ... نودي المعاريس الفندق ... وين السواق ...
_ أخذ بدريه البيت مبكر علشان تعطي أبوي إبرة السكر ... اتصل عليها ما ترد ... حتى تلفون البيت ما يرد ... وسعود مقفل جواله ...
_ فهد عندكم ؟!
_ لا ... راح مع ماجد يقول اليوم بينام عندهم ... بس انا وأمي وشوق ...
_ خلاص انا أتصرف ... (وانهى المكالمة) ...
_ شقال أخوك ؟!
_ يقول اتصرف ...(تجلس) ... يالله راسي يعورني ... وكل جسمي متكسر ...
_ من الرقص ... ولا أحد يرقص جذي ... صج أنكم مهبل ...
_ يمه شنو نسوي ...على قولة حصه هي مرة بالعمر ... من كثر ما نفرح يعني ... بس والله مشيعلوه البطة طلع رزة ...
_ اسم الله على وليدي .... والله خفت عليه من عيون هالحريم ...
_ من ...هههههههههههههههههه ... مشعل.... ههههههههههههههههههههه ...
_ وجع لا تضحكين على أخوك ياللي ما تستحين ...(يغشى وجهها الحزن)... الفال لبدر يا رب يا كريم ....
_ أجل انطر يا حمار ...
_ أنتي شفيك ؟! ... لا تفاولين على أخوك ...
_ شقلت أنا يمه ... تدرين أنا بدر من توفت غالية الله يرحمها ... وهو رافض يتزوج ...
_ مصيره بيرضى .. ما في رجال يظل بدون حرمة ...(ورن هاتفها الجوال) ..
_هلا بدر ..
_ أنوار اطلعوا ... ناصر ينطركم برى ...
_ (ابتلعت ريقها ، واصفر لونها) ... ناصر ... ناصر ولد عمي ...
_ ايه ناصر ... قلت له يوديكم البيت ...
_ بدر فشلة ... خلاص بننطر سعود ...
_ هاه ... انوار شفيك ...تقولين سعود مقفل جواله يمكن نايم ... وناصر ينطر برى ... لا تلطعونه ... يالله باي ...
_ هاه يمه شقالك ؟
_ يمه ...(كان وجهها حزينا)... ناصر ينطرنا برى ...
_ يالله ... البسي عباتك وشيلي شوق نايمة حرام نصحيها ...
_ يمه ...(وتلبس عباتها) ... قعديها ... شنو أشيلها شمتنها هي ... أخاف أطيح ... وبعدين تراهي مو صغيرة ...
_ يا يمه أنا ما أقدر أشيلها ظهري يعورني ...
_ خلاص يمه .. خلاص .. (وحملتها على كتفها) ..

 
 

 

عرض البوم صور ارادة الحياة   رد مع اقتباس

قديم 14-05-08, 03:25 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ماسي


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 53753
المشاركات: 10,517
الجنس أنثى
معدل التقييم: ارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 740

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ارادة الحياة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ارادة الحياة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

((الفصل الخامس))
كان (ناصر) يقف عند سيارته (bmw) السوداء وهو يعقد يديه على صدره ، خرجت (أم بدر) وخلفها (أنوار) تحمل (شوق) :
_ هلا يمه ... تعبناك معنا ...
_ هلا عمه ...(يقبل رأسها) ... لا تعب ولا شي ... شلونك بدريه ؟
انتفض وجه (أنوار) والتزمت الهدوء :
_ هذي أنوار ... بدريه راحت مبكر تعطي عمك ابرة السكر ...
_ والله ...(بخبث)... شلونك أنوار ... (ويفتح الباب الأمامي) ... حياك عمه ...(وتدخل أم بدر السيارة) ... عنك عنك أنوار ... (اقترب ليأخذ شوق النائمة بين يديها ، ارتبكت هي من قربه وانتفضت ، فتحت الباب الخلفي وجلست) ... يا بعد قلبي ...(كان يضحك بخبث ، رفعت نظرها بغضب لتجده يقبل شوق ) .... امسكي انوار ... قبل لا أكلها ...(ضحك ، وضمت هي شوق بقوة ، أغلق الباب ودار ليجلس خلف المقود) ...
_ إلا عمه ... مبروك عرس البطة ...
_ههههههههههه حرام عليكم والله وليدي لا هو بطة ولا شي ...
_ يا حليله اليوم متشقق من الوناسة ... تقول متزوج هيفا وهبي ...
_ الله يهنيه ... الفال لك إن شاء الله ... وتفرح قلب أمك ...
_ يعني لازم أتزوج علشان تفرح أمي ...
_ والله يا يمه أنت ما انت صغير ... وأمك هالمسكينة تطالع الله وتطالعك ... أنا أدري ليه عمك أبو نايف ساكت عنك للحين ؟
_ هههههههههههههههههههههههه ... لأن عمي يحبني وما يبي يجيب لي الهم ...
_ يا يمه هذي سنة الحياة ...
_ الله كريم عمه ... الله كريم ...
_ عمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى ... (صرخت أنوار دون وعي) ...
_ شفيك يمه ؟!
ابتسم (ناصر) وكتم ضحكته وهو يرى (شوق) تتمدد في حضن (أنوار) وهي نايمة فتضربها وتبعثر ملابسها :
_ لا يمه ... (واصطبغ وجهها من الخجل) ... ما كو شي ...
_ عمه ... شوق قاعدة تسوي رياضة بحضن أنوار ...
_ هههههه ... نزليها يمه عنك ... حطيها على الكرسي ...
حاولت (أنوار) ولكنها لم تستطع فقد كانت ابنة أخيها دبدوبة فاستسلمت ، لمحت في المرآة (ناصر) وهو يراقبها ويكتم ضحكته رغما عنه (عمى بعينك إن شاء الله) .
وبعد عشر دقائق كانوا أمام المنزل ، نزلت (أم بدر) بعد أن شكرت (ناصر) وسلمت عليه ثم دخلت ، (أنوار) فتحت الباب وكانت لا تزال تحاول أن توقظ (شوق) التي لا زالت تتمدد في حضنها وقد أخذ النوم منها كل مأخذ :
_ شوق ... وجع إن شاء الله قومي ... شوقوه ... يا مال اللي ... قومي ومرض ... شوق ...(كانت يائسة ومتضايقة من حركة شوق المستمرة) ...
_ هههههههههههههههههههههههه ... عطينياها ... (لم تنتبه أنه كان يستند إلى باب السيارة المفتوح ويراقبها) ....
_ لا عادي .. أنا أقعدها ... شـــــــــــوق ...(وقرصت يدها بيأس) ...
_ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآي .... (وبكت بألم وهي تستيقظ وتتحرك مذعورة ثم عادت لنومها) .
انتقع وجه (أنوار) فحركة (شوق) أوقعت غطاء وجهها الذي لم تكن تعرف كيف تحكم ربطه ، رفعت رأسها ورآته يتفرس في وجهها مشدوها ، لم تكن تستطيع ان تعيد الغطاء لأن يديها كانتا تحت الكتلة البشرية التي تحملها ، كانت شفتاها ترتجفان لكنها لم تسمح لنفسها بالبكاء .
كان يعرفها منذ أن كانت صغيرة ، (أنوار) تأثرت باخوتها الشباب كثيرا ما صبغ حياتها وذكراها في عقول شباب العائلة بعد أن كبرت بانها فتاة مسترجلة ، ولكنها الآن هنا ... يراها ... (صج البنت تتغير 360 درجة بعد ما تكبر) ، شعرها كما قالت أمه (شعر صبيان – boy) وضعت على أطرافه البارزة لماع بارز بلون البنفسج الغامق ، بشرتها كانت ناصعة البياض توحي بالدفء ، هيكل وجهها كان صغيرا يتناسب مع هيكل جسمها الدقيق ، عيناها واسعتان بشكل مفرط زاد من التمرد فيهما الكحل العربي الذي تزينت به ، أنفها كان دقيقا وجميلا ، لم تكن تشبه أي من اخوتها حتى انها لم تكن تشبه توأمها (فهد) ، ارتكز نظره على فمها كان رقيقا جدا لكنه كان في هذه الفترة يرتجف بارتباك :
_ خـــــــــــــوذ .... شــــــــــــوق ... (كانت تصرخ بيأس) ...
استوعب (ناصر) الوضع الذي هما فيه ، فابتسم بسخرية من رغبتها في قتله التي كانت تفيض من عينيها الغاضبتين :
_ طيب.... هههههههههه .... لا تبكين ... ترى ما صار إلا الخير ....
وحمل (شوق) بخفة بين ذراعيه ، وانطلقت هي تنزل من السيارة أرادت ان تغطي وجهها لكنها تراجعت (عقب شنو؟) ، ثم التفتت إليه غاضبة وهي تسمع الضحكات المكبوتة التي يطلقها وهو يقبل الصغيرة التي بين يديه :
_ أنت واحد ما تستحي ... وقليل أدب .. وما عندك ذوق ...
ابتسم وهو يرفع إليها عينيه ويرى انها لم تغطي وجهها تحديا له ، كانت ترتجف من الغضب فلم يرد ان يزيد عليها اكثر :
_ طيب ... (وعاد يخفظ رأسه نحو شوق) ...
_ أنا راح أعلم بدر ...
انتبه إلى أن في صوتها نبرة اتهام وتهديد أثارت أعصابه :
_ على شنو ؟... الموقف سخيف وما يستاهل ... روحي داخل يالله ...
_ عرفت تخاف الحين ؟!
رفع رأسه إليها واحتقن وجهه من الغضب شيئا ما في هذه الفتاة يتحداه ليقتلها (ربما تمردها الواضح) ، لكنه (ناصر) علمته سنواته الأربع والثلاثين ألا يكون حادا في أي شئ حتى في غضبه ، تنهد وعاد ليخفض رأسه :
_ روحي داخل ... (كان يضغط على كل حرف يخرج من فمه ) ...
وبتحدي أكبر ، اقتربت منه تمد ذراعيها :
_ هات شوق ...
استمسك بالطفلة أكثر وهو لا زال في مكانه ، وتصلبت حتى ملامحه :
_ بنت أخوي ... (كانت طفلة تحداها) ... جيبها ما لك شغل ...
_ أنـــــــــــــــوار ... (كان يركز في عينيها بنفاذ صبر ) ... روحي داخل ... إذا أخذتي شوق الحين ... ايديني بتنفلت .... وما أقدر أتحمل ... راح أضربك ...
كان الشرر في عينيه كفيلا باخراس تحديها ، بادلته نظرة استهزاء عميقة لانها أفقدته أعصابه وانطلقت لتدخل المنزل ، أنوار لم تكن من أولئك الذي يعلنون الهزيمة بسهولة ، كبريائها كان يتمسك بأي انتصار نهائي حتى ولو كان مجرد نظرة مستفزة ،وفي حالة (ناصر) نجحت ونجحت بامتياز أيضا ، أغمض عينيه يستوعب ما فعلته هذا الشرسة الصغيرة (حشا ولد مو بنت) :
_ هلا أبو فواز ... (كان بدر يسير داخلا من البوابة الكبيرة) ...
_ هلا بدر ... (أجابه بوهن) ...
_ شالسالفة يا أبو الشباب ... (وابتسم بخبث) ... الظاهر بنتي اعجبتك ... شايفها كاشخة ... قلت خل أخطفها .... كان طلبتها مني ... (وحملها من يديه لتنام على كتفه) ... ما تغلى عليك يا ولد العم ...
_ ههههههههههه ... انا أخذ بدون طلب ...
_ عز الله إنك خطير ... أجل بعد عن بنتي أحسن ...
_ مستانس انت فيها ... حتى نومها يجيب الهم ... مسوية حلبة مصارعة الأخت ... عفست سيارتي الله يعفس رأس أبوها ...
_ هههههههههههههههههههههه... بعدي والله حبيبة بابا ... (ويبوسها) ... يعطيك العافية ... تعبناك الليلة ...
_ الله يعافيك ... يالله تبي شي ...
_ وين تو الناس ... بكرا جمعة وما في دوامات ... وبترتاح من خشة نايف ... خلك شوي نسهر مع بعض ...
_ لا والله بدر ... تعبان ... وأبي أنام ... وتعرف الوالدة بس أتأخر تأذيني بالاتصالات ...
_ اوكي ... روح لماما ... يا حبيب الماما ...
_ غصبن عنك ... موت بغظيك ... انا دلوع ماما ... ما عندي مانع ... على الأقل عندي أحد يدلعني ... مو مثل بعض الناس ... ينافسونه على امه قبيلة ...
_ ههههههههههههههههه ... هذا وانت ما شفت اللي يدلعك جد الجد ... وصرت مغرور ...
_ أقول لا يكثر ...
_ أمزح ... شفيك انقلب لونك ... سلم عالماما ...
_ يوصل ... في أمان الله ... (ودخل سيارته وتحرك) ...
_ مع السلامة ...
_ بابا ... أنـــ ... أنام ... نومــة ... (كانت شوق تتحرك بوهن وهي على كتفه) ..
_ هههههه ... زين يا قلب بابا ... تعبتي من الرقص هاه ... الحين أحطك بفراشك وتنامين للصبح ... (وصل إلى باب المنزل ودخل) ...
وفي الفندق ، وفي جناح العرسان الغارق في الحالمية ، كان ينتظر بلهفة وهو جالس على سريره وقد بدل ملابسه ، خرجت (دلال) من الحمام وقد ارتدت قميص نومها الطويل باللون السكري ، ابتسمت واخفضت رأسها الذي لا زال يحتفظ بتسريحته العملاقة :
_ تعالي ... (التفت إليها وهو يمد يده) .. هلا هلا والله ... (تقدمت منه وأمسكت بيده ، أجلسها بجانبه) ... يا قلبي مستحية ... دلول مو لايق عليج ...
_ وشو اللي مو لايق علي ؟! ... (كانت تنظر له بغضب) ...
_ إيه ... (ولمس ذقنها وهو يبتسم) ... هذي دلولتي ... مو تسوين نفسك مستحية ...
_ روح يا شيخ ... (وضربته بكوعها) ...
_ إلا صج ... وشو الغمارة هذي ؟... (كان ينظر لتسريحة شعرها) ...
_ شنو ؟.. (وتحسست مكان نظره) ... (اكفهر وجهها) ... هذي الموضة شعرفك أنت ؟!
_ وبلاه وجهك جذي ؟.. (ولمس ذقها بتفحص) ...
_ يووووووووووووووو .... مشعل ...
_ (ابتسم) ... يا قلب مشعل انتي ...
_ هههههههههههههههههههههههههههه ...
_ ليش تضحكين ؟
_ من شكلك ؟
_ ليه شفيني ؟
_ ( بدأت تلعب بأزرار بجامته) ... طالع حلو اليوم ... كأنك معرس ...هههههههههه ...
_ والله ... احلفي بس .... قومي ... قومي اغسلي وجهك من هالألوان ... تقول رجل فضاء ... وفكي هالشوشة ... زين اللي ما اخترعت ...
_ لا والله ... أنا دافعة فيهم فلوس ... وأبي انام بالميك أب والتسريحة ... غامضني يروحون في الماي ...
_ أنا معطيك الفلوس ... مستغني عنهم ... كيفي فلوسي وأبيهم يروح في الماي ... وبعدين انا مو قايل لك إضعفي ... الظاهر انتي ما تسمعين الكلام ...
_ يعني أنا الحين دبة ؟... (كانت قد غضبت) ...
_ وأحلى دبة ... (ويقترب منها) ...
_ مشعل ....(بدلع) ...
_ آآآآآآآه يا قلبي ...
_ شفيك اليوم ... ترى الليلة عرسنا ... وأنت سوالفك ناقصة ... شوشة وتخرعين ودبة ... هذا اللي طلع معاك ...
_ مو رشود أخوك الخبل ... قال لي لا تغلط في الكلام مع أختي ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
_ يا روحي على الضحكة ... دلولتي ...
_ هاه ...
_ وجع يوجع العدو ... وشو هاه ... قولي لبيه ... هلا ... آمر ... خلي عندك اسلوب ...
_ نعم مشعولتي ...
_ (نفذ صبره منها) ... قومي ارقصي ...
_ هاه ... وشو ارقص لا يبه عيب ...
_ شنو عيب ... عادي انا زوجك ... وابي اشوفك ترقصين ...
_ اصلا ما فيه موسيقى .. شلون ارقص ... مع الجن ...!
_ اعوذ بالله شاللي جاب طاريهم الليلة ... صج انك خبلة ...
_ اقول بطوط أسكت دام النفس عليك طيبة ...
_ بعد ...(مسك مرفقها بقوة) ... تهددين ... ترى انا مو رشود ...
_ ااااااااااااااااي .. عورتني ...
_ شوفي يا ترقصين ... يا اقول لعمتي ولراشد انك كنت تكلميني ...
_ واهون عليك ... يا بطتي ... تذبحني امي ...
_ دام مو مستفيد منك خل تذبحك ...
_ (نفضت يدها منه ووقفت) ... خلاص .. آمري لله ... ارقص ... امحق رومانسية ... اول مرة اشوف واحد بليلة عرسه يرقص زوجته ... مشفوح انت ؟
_ اتصل على عمتي ... (بتهديد) ...
_ زين ... شلون ارقص ماكو موسيقى ...
_ عادي انا اغني لك واصفق ...
_ صوتك مو حلو ...
_ بعد ...
_ خلاص غن ... غرد ...
وبدأ (مشعل) يطبل على الكوميدينو الصغير بجانب السرير الذي يجلس عليه وهو يغني ، و(دلال) واقفة ترقص بصعوبة وهي تندمج مع الايقاع الخاطئ :
دلوعتي كل الحلا فيها
احترت أنا ما ادري شسميها ؟!
في حسنها كن البدر ضاوي
اخت القمر ما احد يحاكيها
دلوعتي دبدوبتي دلوعتي
_ هههههههههههههههه ... (وقبل يده) ... حمدلله والشكر ... صج هبلة ما ينلام فيك راشد ...
_ مشعـــــــــــــــــــــــــــــــــــل ...
احتقن وجه (دلال) من الغضب وطارت فوقه لتضربه ....
وفي ذلك الجناح الذي تقاسمن فيه الحب والزعل والعتب الأخوي ، تلك الجدران التي شاركتهن الأسرار والأحلام وحكايا آخر الليل ، في كل ركن قصة وموقف ولكل غرض فيها حكاية ورواية ، سريرها المواجه للباب تركته مرتبا تقبع فوقه بطانيتها السخيفة الزرقاء التي رسم فوقها (تويتي) كبير باللون الأصفر وهو يبتسم ، لا زالت التسريحة تحتوي قنينة عطرها التي بقي منها الربع وبعض حاجياتها الغبية ، خزانتها أصبحت خاوية تماما فقد هاجرت صاحبتها ، هاجرت بلا عودة ، ما أصعب الأطلال وحياة من يبقى ليعيش بين هذه الأطلال :
فقدتك يا أعز الناس
فقدت الحب والطيبة
وانا من لي في هالدنيا
سواك إن طالت الغيبة
رحلت ومن بقى وياي ؟!
يحس بضحكتي وبكاي
وحتى الجرح في بعدك
يغزيني وأهلي به !
_ عهود ... شفيك ؟
كانت (عهود) قد دخلت نوبة بكاء حادة حينما دخلت (بشاير) الغرفة ومعها كأس حليبها المعتاد :
_ عهود ... تقولين ولا أنادي أمي ... صلاح فيه شي ؟!
_ دلــــ... دلـــــــ... (كانت تشهق) ... دلا...
_ مشتاقة لدلال ؟! .... (واحتضنتها) ... حتى انا مشتاقة ... الحيوانة ما على بالي مكانها كبير كذا ....(وتساقطت دموعها) ...
_ (ابتعدت عنها ورفعت عينيها المليئة بالدموع) ... فتحت الكبت .... شفت خزانتها فاضية وما تحملت ... مو مصدقة أن دلال ما راح تعيش معانا بعد ..(وعادت لترتمي في حضن أختها) ....
_ هذي سنة الحياة ...
_ أول مرة نرجع من عرس وما نسمع نكتها السخيفة ... أول مرة أدخل الغرفة هالحزة وما ألقاها نايمة ... كانت دجاجة ...(مسحت عينيها) ... تنام من المغرب ...
_ أنا لما قعدت أدور بجامتي ... قعدت أدور عليها علشان أسألها وين حاطتها ... وبعدين تذكرت وقعدت أضحك على نفسي ...
_ لما مضاوي تزوجت ... ما حسيت بهالاحساس ...
_ يمكن لأن ظروف زواج مضاوي تختلف ... وبعدين دلال أقرب لنا من مضاوي ...
_ تعتقدين هي الحين مشتاقة لنا ...
_ هههههههههههه... لا والله أتوقع مو دارية عن هوى دارنا ...
_ يعني بعدين كلنا راح نتفرق ...؟
_ (تشرب من كوبها) ... طبعا ... كل الأخوات يتفرقون ... هذي حكمة الله ... يعني انا إن شاء الله بس أخلص الجامعة أتزوج متعب ... وأنتي أكيد بس تتخرجون انتي وصلاح بتتزوجون ...
_ وجناحنا؟!
_ هههههههه ... بيعيشون فيه بنات راشد ...(ودار نظرها في الغرفة الواسعة) ... يحبون بعض ويضحكون مع بعض ويكبرون ويتزوجون ويفارقون بعض ... شفتي هذي هي سنة الحياة ...
_ يا ريت مشعل وصلاح ومتعب يرضون نعيش مع بعض ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههههه ... زين شرايك ننام الحين ... لان حدي تعبانة ...
_ أنتي نامي انا أبروح أنام عند أمي اليوم ...
_ ليش ... عوارض طفولة متأخرة ...؟!
_ لا ... بس أنا وياك تأثرنا كذا ... الله يعلم بحال أمي الحين ... تدرين أن دلال أقرب وحدة لها ... تلقينها الحين مسوية نفسها نايمة وهي تبكي ...
_ معاك حق ...
_ يالله تصبحين على خير ...(قبلتها عهود على خدها وأخذت وسادتها وانصرفت) ....
((الفصل السادس))
سافر عرسان العائلة لقضاء شهر العسل في ماليزيا ، وبدأت تجهيزات البقية للتقديم إلى الجامعات وبداية حياة دراسية جديدة :
_ شنو ؟... طب ... وليش ؟... (غص وهو يتناول غداءه) ...
_ شنو ليش ...(واكملت لقمتها) .. أنا جايبة نسبة عالية ...وبعدين من زمان وانا مفكرة أدخل كلية الطب ... بتخصص أطفال ...(كانت ابتسامتها واسعة)...
_ الله وناسة ... أختي بتصير دكتورة ...
_ بس ... يمكن ما يرضون ...(كان احتجاج نوف خجولا) ...
_ من اللي ما يرضون ؟!...(سؤال بشاير كان تحديا وليس استفهاما) ..
_ أبوي ... وعماني ... والشباب ... ما أدري بس أحس فشلة ... يعني إنتي بنت ... ما أظن يرضون ...(يا ربي أنا ليش تكلمت مع بشاير أم لسانين الحين ما راح تفكني ) ...
_ مو مهم ... هذي حياتي مو حياة عماني ولا الشباب ..(وعادت تستكمل أكلها بهدوء) ..
_ كلام نوف صح ... يمكن عماني ما يرضون ...
قذفت الملعقة من يدها بعصبية :
_ شنو مسوية علشان ما يرضون ؟... راشد هذي دراسة مو مصخرة ... ما دام أمي راضية مو مضطرة أسمع رأي أحد ... (وجهت نظرتها الحاقدة إلى نوف) ...
(راشد) وكأنه وقع في مأزق :
_ يوووووووووووووه ... أنتي من وين طلعتي بهالسالفة ...
_ يمه خلاص ... كمل غداك لا تحرق دمك ... (وأمسكت يده ونظرت نحو بشاير بتهديد) ...
_ وليش يحرق دمه ... أنا مقررة .. والموضوع انتهى ...
_ أسأل عماني وأرجع لك خبر ...
_ ما راح يوافقون ... (كان رد نوف حادا ، فتوجهت لها كل الأنظار) ... وبعدين قرر أنت ... مو انت أخوها يا حظي ...
_ خلاص بشورة ... (كان صوت عهود يتوسل) ... خليه يسأل عماني ويرد لك خبر ...
_ أنتم شفيكم ؟... (قذفت الكرسي وهبت واقفة) ... ترى هذا مستقبلي ... مو مضطرة أسأل أحد فيه ... حتى أنت يا راشد ... (وانصرفت غاضبة) ...
_ شفيها هذي ؟... (عهود وأمها مطأطأت الرأس) ..
_ ما أدري عنك ... (وتنهض نوف لتغادر) ... عمه أبي أنام شوي ... عهوده حبيبتي انتبهي على عبورة سريرها بالصالة ... سالي معاها بس كل شوي راقبيها ...
لأن والده مات وتركه وحيدا بين اربع بنات ، اغدقت الأم على هذا الوحيد والسند من الدلال والحنان المادي والعاطفي الكثير الكثير ، وطوال سنين حياته السبعة والثلاثين لم يكن (راشد) شخصية متزنة ، فهو يرتعب من أول صوت ينهره وترتعد فراصيه أمام أنثى غاضبة ، ويقتله الجبن في المواقف العصيبة ، لأنه فقد صرامة الأب ودوره الكبير في زرع الثبات في نفوس أولاده الشباب ، ولأن احتكاكه الكبير بالأنثى كأم وخالة وعمة وأخت وزوجة ولد في أعماقه هشاشة جوفاء لا رادم لها ولا مقوي .
في مرسمه الواسع في السرداب كان يقضي أكثر أوقاته ، خلوته إلى نفسه كانت من أحب الأشياء إليه ، كان العالم الخارجي يؤذيه بأبسط حركة وأقل كلمة فكان ينزوي بنفسه الحساسة هنا في عالمه الخاص بين سطور قصائده أو رسوماته الفنية :
_ قوة ... فنان ... (واطل برأسه من الباب) ...
_ هلا عزيز ... حياك ...
_ أخاف أقطع عليك وحي الابداع ...
_ ههههههههههههههههههههه ... (وضع فرشاته من يده وجلس على الكرسي) ... لا يا شيخ ... تعال بس ما صدقت انك رجعت ...
_ ايه واضح ...(وجلس على الأريكة التي يستخدمها صلاح كسرير في أغلب الأحيان) ... ودليل شوقك لي انك قاعد معاي طول الوقت ...
_ هههههههههههههههه ... تدري عزيز ... ما احب أقعد فوق ...
_ طيب ... ما علينا ... أخبار الجامعة قدمت ...؟
_ الأسبوع الجاي ان شاء الله ...
_ والنية ...؟
_ ما ادري بس اكيد مجال فني ... تعرف ما احب ارتبط بمجالات عملية ... ولا أحب شغل العايلة ...
_ يا عيني ... وبتصرين فنان جوال ... في كل وطن لك رحال ...
_ ههههههههههههههههههههه ... وأنت أخبار الجو في لندن ؟
_ آآآآآآآآآآآآخ ...(وتمدد) ... حلم العمر يا صلاح ... كل شي احلم فيه لقيته هناك ...
_ بس الغربة صعبة ...!
_ اكيد ... بس احساسك بأن الجو جوك وما أحد يضغط عليك شعور روووووعة يا صلاح ... الحرية عندهم شي لا يخطر على البال ... تدخل في كل تفاصيل حياتهم ... (وبعد تفكير) ... انا افكر اذا خلصت دراسة استقر هناك ...
_ من صجك ...؟!
_ الظاهر كذا يا اخوي ...
_ تتوقع أبوي يوافق ...؟!
_ تدري اني ما اسمح لأحد يقرر عني ... وبالذات أبوي ... (اخفض صلاح رأسه) ... (حاول عزيز أن يغير الموضوع ) .. أحمد شلونه ؟... صار لي ثلاث أيام واصل بس ما شفته ؟
_ ما أدري اتصلت على جواله أمس كان مغلق ... أكيد بالمخيم ... أو باستراحة نايف ...
_ للحين على حالته ؟.. (هز صلاح رأسه بالايجاب) ...
_ يا ريتك حاضر عرس مشعل ... كان فله ...
_ اتصلت عليه باركتله ... كان عندي امتحانات ولا كان حضرت أكيد ...
_ ناصر وماجد وفهد امسكوه تعليقات لما شبع المسكين ...
_ ههههههههههههههههه ... يا حليله ... طول عمره مشعل فاكهة الجلسة حتى وحنا صغار ... إلا على طاري مشعل ... (وغمز بعينيه) ... الحبايب شلونهم ؟
_ منو ؟... (اصطبغ وجهه بلون الدم وأخفض رأسه) ... عهود ؟
_ ايه ... عهود ... أمس لما رحت بيتهم ما طلعت تسلم علي مستحية ... وصارت تتغطى عني ...
_ أكيد .. أنت صار لك ثلاث سنوات ما نزلت الرياض ...
_ إيه والله ... يا حليلهم اكبروا وصاروا حريم ...
_ منو ؟
_ الحبايب يا أخوي ... إلا هي تخرجت ...؟
_ لا ... السنة الجاية ... بشاير تخرجت هالسنة ...
_ بشاير ... يا حليلها طول عمرها شاطرة ... لما سافرت أول مرة قامت تبكي ... تقول يا حظك ودي أسافر معاك يا عزيز ... دائما تفكيرها يعجبني ...
_ عهود تقول أنها بتدخل كلية الطب ...
_ الله يوفقها تستاهل ....هههههههههههههههههههه ... وللحين أنت والحبيبة سخيفين ... تشتري لها سنيكرز وتكتب لها أحبك بلون أحمر على ورقة كشكول ... وهي تودي لك رسالة كل يوم ... وكاتبة فيها أخي العزيز صلاح أحبك جدا ...ههههههههههه ...
_ ههههههههههههههههههههههههههه ... عــــــــزيز ... (ونهض يمسك برقبته وهو قد ذاب خجلا ) ...
ورن هاتف المنزل :
_ آلوووو ...
_ آلوووو ... السلام عليكم ... منو ؟
_ هيه انت شنو منو ؟.. استح على وجهك أنت اللي داق ..
_ ردي السلام أول شي ...
_ ما أبي ...
_ إن شاء الله تحترقين بالنار ... قولي آمين ...
_ هيه أنت ... أشوف طيحت الميانة ... شتبي ؟
_ أبي أتهاوش معاك ...
_ لو فيك خير مو من وراء التلفون ...
_ تعالي بالساحة أجل ... راس براس ...ههههههههههههههههه ....
_ خلصنـــــــــــــــا ... نعم ...شتبي ...؟ ما ورانا غيرك حنا ...
_ أٌقول يا أبو الشباب ... عندك أخت شعرها boy ... ولسانها فلتان ...و ...
_ ناصر ... (كانت مندهشة) ...!
_ ههههه ... شلونك أنوار ... (وكان الصمت جوابها) ... ههههههه ... شفيك ؟...
_ تدري انك خبل ...
_ هههههههههههههه ... اقول اقضبي لسانك أزين لك ...
_ وغبي بعد ...
_ يا بنت الــ... طيب أنا ابي أخذك على قد عقلك ... انتي حسبت بنتي ...
_ تخسي ...
_ هههههه .. أقول يالمعقدة ... ترى ما بيني وبينكم إلا شارعين ... فلا تخلين عقالي يسبق لساني عليك ... ما يصير لك طيب ...
_ تخسي إلا انت ... (وظل صامتا) ... شفيك ؟... القطوة أكلت لسانك ...
_ (تنهد) ... أنوار ... أنا وعدت شوق إني أوديها الملاهي اليوم ... لبسيها وخلي كوماري تطلعها برا لي ...
_ آسف ... بنت أخوي ما تروح معاك ...
_ مو على كيفك ... انتي مو أمها ... إذا تزوجتي ... وفرضنا إن زوجك حبك ... وسمح إنك تكونين أم عياله هذيك الساعة ... احكمي عيالك ...
_ أنت ...(واستشاطت غضبا) ... ما تستحي ...
_ههههههههههههههههههههههههههههههه ...
أغلقت الهاتف في وجهه ، وجلست بغضب على الأريكة ، سألت (بدريه) :
_ منو هذا اللي صار لك ساعة تتهاوشين معاه ؟! غلطان بالرقم ؟ ...(واكملت احتساء شايها وعينيها على التلفاز) ...
_ لا هذا نصوروه ... أوريه ...
_ منو نصوروه ...؟
_ ولد عمي بعد منو ؟
_ نـــ.... (واخفضت صوت التلفاز) ... ناصر ولد عمي ... وليش تقولين نصوروه ... وجع يوجع العدو ... كبرك هو ياللي ما تستحين ؟
_ يستاهل ... قليل أدب ...
_ شقال ؟
_ ما قال شي ...
_ أنـــــــــــــواروه ...
_ يقول بيجي يأخذ شوق الملاهي ...
_ أمي ناسر مالهي ...أمي دال مالهي نلوح ...(ونهضت شوق تاركة لعبة التركيبات من يدها وهي تتجه نحو عمتها) ... أمه لبس سوب ولدي ...
_ مستانسة أنتي ووجهك... كل من جاء من الشباب وزخك ... يا أم الصبيان ...
_ ههههههههههه ... شفيك ؟..(وتضم ابنة أخيها) ... غيرانة أنوار ؟!
_ مالت عليك انتي وبنت أخوك ...(وتنهض لتنصرف ، فترتطم بكتف دلال وهي مارة)...
_ تف ... تف ... سكنهم مساكنهم ...(وتبصق في جيب ثوبها) ... أنوار شفيهم الربع سيروا عليج ...(وتكمل نحو الصالة) ... شفيها الهبلة ؟!
_ ههههههههههههههههه ... على قولتج سكنهم مساكنهم ...
_ الله بدور ... مسوية كيكة جبن ...!
_ دلال من جد عاد ... حافظي على نفسك لا تنفجرين ...(دلال أخذت قطعة وجلست تلتهمها) ... طيب خلي لمشعل مو تنسينه ترى يأكلك انتي ...
_أمه دوم لبس ...(وتسحب يد عمتها) ...
_ زين يا روح عمه أنتي ..(وتضمها وهي تقف) ...
_ وين على الله شواقة ؟..
_ ناصر مواعدها يوديها الملاهي ...
_ عشتوا ... والله يا شواقة راح يخربك الدلع ... لو ما كنتي يتيمة كان تحسرت على حظك لما أصكك عين ...
_ هههههههههههههه ... الله يقطع سوالفك يا دلال ...
وفي غرفة مغلقة :
_ سنة ... ما صارت مكالمة ... أختك مشاعلوووه أذتني وهي تطق الباب ...
_ ما عليج منها ... هي كذا لما تشوفنا قاعدين ومسكرين الغرفة تجيها حالة فضول مو طبيعية ... آآآآه ...(وتتمدد على السرير بجانب ريم)...
_ وشلونه ؟!
_ منو ؟!... آآآآآآه ...(وتبتسم)... قصدك قلبي ؟!... يجنن يجنن يا ريم ... فديته والله ...(وتحتضن الجوال) ...
_ حصه وبعدين ؟
_ وشو اللي بعدين ؟! ... (تعتدل في جلستها).. ريم ترى فرحانة حدي ... مو تبدين تنكدين علي ...
_ بس يا حصه والله خايفة عليك ... شفتي لما منال صادت معك الجوال مرة ... والله قلبي راح فيها ... قلت اكيد تعلم نايف ... وهو عنده عيب ان البنت تمسك جوال ...
_ لا تخافين منالوووه أصلا من تشوف زول نايف تقوم تتراعد تبينها تكلمه مستحيل ... وقلت لها أنه حقك وانتي نسيتيه عندي ... وبعدين لا تخافين أنا صرت أحطه صامت واخليه بصدري ... حتى لمن أنام ...
_ حصه ... (بخوف) ... أخاف يطلع يضحك عليك ...
_ لا سلومي راقي وجنتلمان ... على بالك عصامووه قطيعة تقطعه ... آخر شي يقول لي اطلعي معاي ....
_ انا ما أدري ليش أطاوعك ...
_ (تضمها وتقبلها) ... لأنك بنت عمتي وحبيبة قلبي وكاتمة أسراري ... إلا صج ريموووه ... امس لما جيتي لنا ... فارس عصب عليج وقعد يسب فيك قدام أبوي ... ههههههه ....
_ وليش إن شاء الله .... شيبي هالشايب ؟!
_ يقول ليش تلبس عباية مخصرة ... وفاكة وجهها بعد ... الشرهة مو عليها على أخوها الدثوي ... هههههههه ... ويقول لي انتي ثاني مرة رافقي بنات محترمات ...
_ أوريه إبليس الصغير ... أصلا أنا أخوك هذا ما أطيقه ... حتى مشيش سعد علي .... يقول لي ليش ما تلبسين غطوة ...
_ هههههههههه ... أحمدي ربك إنه فارس ... لو نايف اللي شايفك كان صارت علوم ... ههههههههههه ...
_ لا والله انا ما احد له شغل فيني ... أصلا لما نروح لبنان حتى العباية أفصخها وأبوي ما عنده اعتراض .... مو مثلكم تسافرون بعبايات ...
_ آآآآآآآآآآآآه .... يا حظك بأبوك ... مو انا أبوي من أهل الكهف ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
_ إلا صج ريمووه ... يا حظك بتروحين الجامعة ....
_ اسكتي يا حصوص ... فرحانة حدي ... حتى قلت لأبوي أبي لي ميزانية دبل ... حق الفرفرة بالأسواق ...
_ يا ليتني نجحت ودخلت معكم ...
_ حصه الله يهداك انتي والدراسة كلش ما تواطنون ...
_ شكلي خلاص حتى الثانوية ما أبي اخذها ... صرت عجوز وللحين ما تخرجت ... وأنتي وانوار وبشاير بتروحون الجامعة ... ليش أتعب عمري وأكمل ... والمدرسة بتصير تضيق الخلق ... ما معاي إلا عهودوه السخيفة ...
_ أنا وانوار بنقدم في نفس الكلية آداب ... بس أمس كلمت عهود وتقول أن بشاير بتدخل طب ...
_ يا بختها بتصير دكتورة ...
_ ايه والله ... بتصير من ملائكة الرحمة ...
_ انثبري يا المايعة ... ملائكة الرحمة ... (وترميها بالوسادة) ... أنا قصدي تسوي علاقات ... تعرف على دكاترة ... يصير عندها زملاء زي المسلسلات ... وبتشبع قلبها من شوفتهم .... مو انا يا حسرة ... وجهي في وجه مباركوووه الفاطس وهالشايب فارسوووه ويا ريت أشكالهم تفتح النفس بعد ...
_ هههههههههههههههههههه ...
وفي الصالة ، (أم نايف) تحمل بين يديها رضيعة (نوف) الصغيرة (عبير) :
_ يا قلبي عالزين ... (تبوسها) ... جود يا روحي وخري عن امك عورتيها ... (كانت جود تختبىء خلف ظهر امها) ... أمل أحسن منك راحت تلعب مع العيال ...
_ خليها يمه ...الحين مستحية ... شوي وتروح من حالها ..
_ سمي نوف ...(وناولتها مريم فنجان القهوة) ...
_ سم الله عدوك .. إلا شلون حمودي ...؟
_ ما عليه ... بخير ...
استفسرت (أم فارس) :
_ أقول نوف أم راشد والبنات ليش ما جوا معك ... من زمان عنهم ...
_ انا اتصلت على ريم أدري فيها كل يوم طابة عندكم ... قلت لها تمرني مع السواق ... وعمتي تقول انها اليوم بتروح بيت أختها ام متعب ...
_ افففففففففففففففففففففف ... (وتجلس مشاعل بملل) ...
_ هههههههههههه ...(تضحك مريم من شكلها) ... شفيك مشاعل ؟!
_ حصوووه الكلبة ... هي وريموووه ... مو راضين يفتحون لي الباب ...
(أم فارس) بملل من فضول ابنتها :
_ خليهم يستانسون ... صديقات ويبون يقعدون مع بعض انتي شاللي حارقك ...؟!
_ يـــــــــمه ... وانا وين أروح ... وبعدين هم ما يشبعون كل يوم يقعدون مع بعض ..
_ روحي العبي مع العيال ... أصلا أمل كل يوم تبكي وتقول لأبوها ودني لمشاعل ..
_ لا والله ... ألعب مع هالمبزرة بناتك ... أصلا يزهقون الواحد ...
تنهدت (نوف) بيأس واكملت فنجانها ، أكملت (مريم) :
_ خلاص شعولة ... شرايك تروحين تقعدين مع حمودي ... أكيد الحين قعد ... ما لي خلق اصعد فوق ...
_ ما أبي ... خدامته تقعد معاه ... الحين بيجي نايف ... وبعدين يطردني ...
ودخل (نايف) عائدا من عمله بهيئته الوقورة :
_ السلام عليكم ... (رد الكل السلام) ... هلا أم عبدالرحمن ...(تقف تسلم عليه) .. أنتي هنيه ... (يجلس) ... إلا راشد وين ؟
_ خليته نايم ... جيت مع سواق عمتي حصه ... انا وريم ...
_ احط غداك أبو فلاح ... (كان سؤال مريم الاعتيادي) ...
_ إيه حطيه بالمجلس ...
_ إن شاء الله .. (وتنصرف) ...
_ إلا العيال ما لهم حس ...
_ وداهم السواق الحديقة اللي يمنا هم وعيال نوف .... خل نفتك منهم شوي ...(ضحك الكل من كلام أم فارس) ...
_ توك ترجع يا أخوي ؟... الساعة أربع العصر ... ارحم نفسك شوي ...
_ شنسوي وانا أخوك ... حلالنا من يداريه غيرنا ...
_ عساك عالقوة ...
وتنزل (مضاوي) السلم ، تنتبه لوجود (نايف) فتغطي وجهها :
_ السلام عليكم ... هلا نوف انتي هنيه ؟..(وتتبادلان السلام) ..
_ إيه والله جيت مع ريم ... اليوم أربعاء قلت أوسع صدري معكم شوي ...
_ حياك الله ... وأهلي ما جوا معك ؟!
_ راحوا بيت خالتك ...
سأل (نايف) :
_ مضاوي ... سيف شلونه الحين .... شربتيه الدوا اللي جبته ؟!
_ هاه ... ايه عطيته ...(وتجلس) ... أول ما شرب الدوا نام ...
(نوف) بحسرة :
_ يا بعد عمري يا أخوي ... كان ودي اطلع وأسلم عليه من زمان ما شفته ...
_ مرة ثانية ... مضاوي لا تصحينه ... الدكتور البارحة يقول إنه تعبان ولازم يرتاح ...
_ إن شاء الله .... (واستسلمت لأمر نايف كما تجبرها ارادتها دائما) ... الا دلال اليوم بتروح لبيت خالتي ...؟
_ ما ادري ... يمكن ...
_ والله ودي اروح ... من زمان عن بيت خالتي ...
(نايف) بلهجة قاطعة كالسيف :
_ وين تروحين ... سيف تعبان ...خليك يمكن يبي شي ...
_ ان شاء الله ...(أمر آخر يجب ان تمتثل له) ... إلا بشاير قدمت عالجامعة ؟
_ ما شاء الله عليها نسبتها ترفع الراس ...(كانت أم فارس تتكلم بحماس) ... حتى جارتنا ام مهدي لما قرأت اسمها بالجريدة اتصلت تبارك لنا ... الله يوفقها إن شاء الله ...
_ عاد هي راسها وألف سيف إلا تدخل طب وتصير دكتورة ... (التفتت نحو شقيقها الذي جحظت عيناه) ..
_ هههههههههه ... بشاير طول عمرها مصرية ... وما تسوي إلا اللي برأسها ... من يوم كنا صغار ...
(أم نايف) بحالمية :
_ زين ... والله بتصير عندنا دكتورة بالعايلة ... (وتقبل الطفلة بين يديها ، وكانت نظرات نايف مركزة عليها) ...
_ أبو فلاح ...(أعاده صوت زوجته إلى الواقع) ... غداك جاهز ...
وفي منزل (أم متعب) ، وفي غرفة (ساره) المطله على الصالة الوحيدة في المنزل المتواضع ، تجمعت الفتيات (عهود) و(ساره) على الباب يسترقن السمع لمن في الصالة وهم يحتسون القهوة :
_ خالة كيفها ... المجال حلو ... وهي شاطرة .. شعليكم منها ؟
_ والله يا متعب ... هي راسها يابس ... وراشد ما اظن يرفضها لها طلب ... هذي هي زعلانة وما تكلمه ... عاد هي لا زعلت ما احد يقدر عليها ..
_ سمعت يا الاخو ...(كان طلال يهمس في اذن شقيقه) ... الظاهر انك عشقت ديناصور مو بنت ... لا وبتصير راعية سكاكين ومشارط ...
_ جب يالله ...(ويضربه بكوعه) ...
_ تسمعين يا حظي ويدافع عنك بعد ...(وتضرب خدها وعهود تضحك) ... يقول شعليكم منها ...
_ سارووه ووجع ...(كانت بشاير تجلس على السرير) ... اصلا هذا الموضوع مفروغ منه ولازم ما احد يتكلم فيه ...
_ الا طلال يمه ... شلون الدراسة ؟
_ بخير خالة ... عساك والبنات بالف خير ...(ويغمز لمتعب بعينيه) ...
_ ههههههههههههههههههههههههههه ...(عهود وساره مع بعض) ...
_ شفيكم ؟
تجيب (عهود) وعينيها مليئتان بالدمع :
_ طلال ... قاعد ينغز متعب قدام امي وخالتي ...
_ يووووه ... (وتنهض لتستمع معهم) ... حسبي الله عليك يا طلال ...
_ هيه ... (تضربها) ... لا تحسبين على اخوي ...
_ الا يمه متعب ... غن لنا ... من زمان ما سمعت صوتك ...
_ ايه والله يا يمه ... (وتضع ابريق الشاي من يدها وهي توزع الاكواب عليهم) ... وسع صدورنا ... علشاني انا وخالتك ...
_ ايه والله متعب ...(ويقترب منه ، وينعم صوته) ... يالله حبي أطربنا ... علشان خاطري ...
_ اذلف ... (ويبعده عنه) ... مو علشانك ... علشان الوالدة وخالتي بس ...
_ الله متعب بيغني ... (كانت عهود فرحة) ...
_ يا قلبي ... (وضعت بشاير يدها على قلبها ، ساره ظلت تضحك عليها باستهزاء وهي تقلد حركتها ) ...
_ يالله متعب وانا أطبل لك ... (أمسك طلال صينية الشاي وأفرغها) ... (وهمس) .. ترى اللي بالي بالك ملاقيف ... وقاطين أذنهم على الباب ... يعني بدع يا ابو الشباب ...
_ وحنا نصفق ... (قالت الام فرحة) ...
وبدأ (متعب) بحالميته المعروفة ، وصوته الرخيم :
لا لا تضايقونه
الترف لا تضايقونه
لا لا خلوه يجني
من حياته ثمرها
لا لا حرام من عقب
الرضا تزعلونه
لا لا شوفوه عيونه
كثر النوح دمرها
_ يا عيني ...أحلى يا الحب ...(كانت ساره تضحك وهي تنظر نحو بشاير ، التي سارت لتجلس على السرير ، وتبدأ بالبكاء) ...
_ بشورة خلاص ...(جلست عهود تواسيها) ...
_ خليها يا عهود ...(وتمسك كتفيها) ..أنا لو منها اذبح نفسي ... واقطعها قطعة قطعة من الوناسة ...ههههههههه ...
_ زين بشاير ...إذا تحبون بعض ... ومتعب الحمد الله توظف ... ليش مأجلين الزواج ؟!
_ قولي لها اختك الدافووورة ...(تقلدها)... ابي اخلص دراسة .. مالت عليك وعلى دراستك ... ولا اخوي مسكين ... ما باليد حيلة الله بلاه بوحدة تدلع ...
_ مو دلع ...(وتمسح دموعها) ... وانتي تدرين يا ساره ... بس أنا ابي اذا تزوجنا ...نكون ناضجين ومتفرغين حق بعض ... مو دراسة وهم ... يعني صاحب البالين كذاب ... وبعدين متعب للحين ما كون نفسه ومو مستعد حق الزواج ..
نظرت (عهود) و(ساره) لبعضهما :
_ ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
_ مالت عليكم زين ...
كان من الصعب عليهما فهم فلسفة (بشاير) في الحياة ، دائما كانت تشعر ويشعر من حولها بأنها ولدت وعاشت في بيئة خاطئة لا تناسبها ، فتاة طموحة ، متزنة ، تعرف بأن الحدود هي اسس الحضارة وان أي مجتمع لا يحتفظ بالحدود والخطوط الحمراء هو مجتمع همجي ، شخصيتها كانت قوية الى اقصى الدرجات رغم صغر سنها ، كانت تعشق الحرية وتؤمن بنتائجها المثمرة ، تحب الحياة وتعرف بأنها معركة يجب أن لا تسمح لها بأن تهزمها إلا بسلاح الموت الذي لا يد لها فيه .
كانت الساعة تقارب العاشرة ليلا ، دخل (ماجد) منزل خاله من الباب الخلفي لانه كان يرتدي ملابسه الرياضيه ولا يريد ان يستمتع بتأنيب خاله أمام المجلس العامر الذي لا ينفض إلا في وقت متأخر :
_ هذي شفيها ما ترد ... خل اتصل على مبارك ... يوووه ... مبارك أكيد قاعد عالنت وما يدري عن الجوال ...
وفجأة دخلت (رهف) الصغيرة :
_ هلا ..رهوفه تعالي ...
_ ماسد ... (وتبتسم بوجهها الحلو) ...
_ ايه ماسد ... تعالي حبيبتي ...
_ حواوه ...
_ أنا أجيب لك حواوه ...(وقبل وجهها الصغير) ... روحي نادي ريم .. اختي ريم علشان نروح البيت ...
_ مال ... (كانت عينا الصغيرة تتجه خلف ماجد) ...
_ والله ما ادري شنو تقولين ... روحي نادي ريم .... عفيه رهوفة شاطرة ..أجيب لك حلاوة ...
_ مال ...(وبكت الفتاة بصياح) ... احووو ... مال ...
_ شسويت انا ؟... ليش تبكين ؟! ...(يضمها) .... وين أحوووو .. اسكتي خلاص ... فضحتيني ... وينه يعورك ؟!
استمر بكاءها الشديد ، واشارت باصبعها نحو الأرجوحة البعيدة :
_ وين ؟! ... خايفة من الحرامـــــ ... (بهت ماجد عندما نظر إلى حيث أشارت) ... بسم الله الرحمن الرحيم ... (ركض نحوها ، وأبعد شعرها عن وجهها الذي كان مزرقا ) .... منال ... (عرفها لانه رآها قبلا) .. منــــــــال ... (كان يضرب خديها ولم يجد استجابة) ... رهف ...(كان بكاءها مستمرا) .. روحي نادي امك ... بسرعة ... يووووه ...( لم تستجب الطفلة) .... (دخل بنفسه ووقف عند باب المطبخ الخلفي) ... خاله ام نايف .... عمـــه موضي ... ريـــــــــم ... يا ربي ... (وعاد يجلس يحاول ان يوقظ منال) ... أنا شاللي جابني اليوم ...؟! (خرجت إحدى الخادمات شهقت ثم عادت تركض إلى الداخل) ...
_ منو .... شفيه ؟! ... رهف ليش تبكين ؟! ...(انتبهت مريم لوجود ماجد فتغطت) ... ماجد ... خير ... (وارتعبت حين رأت المنظر) ...
_ مريم ... بسرعة نادي عمتي موضي ...تكفين ...(وانطلقت مريم تعود إلى الداخل) ....
وبعد فترة جاءت (أم فارس) و(ريم) و(حصه) :
_ ماجد ... شفيه ؟! ...(كانت ريم مرتعبة) ...
_ منـــــــــال ... (صرخت ام فارس واقتربت منها) ...(نظرت نحو ماجد تريد تفسيرا) ...
_ ما أدري ...(بتلعثم) ... دخلت ولقيتها طايحة ...
_ حصه ... بسرعة جيبي عباتي وعباة أختك ... (وانطلقت حصه) ...
_ شصاير ... (دخل نايف بسرعة وخلفه مريم ) ... شفيها ؟! .. (واقترب منها يتحقق منها ويضرب خديها) ... منال ... منال ... (وحين لم يجد استجابة ، أخرج مفاتيحه من جيبه) ... ماجد بسرعة شغل سيارتي ... وخل غسان يفتح البوابة ...
_ سيارتي شغالة ...
_ طيب ... شفيك تنتفض ؟! ... (أخذ العباءة من حصه ولف فيها منال) ...
(أم فارس) بكل عطف :
_ أروح معكم ...
_ لا ما لا داعي ...(حمل منال بين ذراعيه وخرج مسرعا ، يتبعه ماجد) ... (وضعها في الخلف بعد ان ثنى ماجد الكرسي الأمامي) ... وخر انا أسوق ... مـــــــــاجد .... (صرخ بنفاذ صبر ، كان ماجد يرتجف) ... (استسلم ماجد وابتعد ليجلس في الكرسي بجانبه) ...
وبعد قليل كانا يجلسان على كراسي الانتظار :
_ شكلها تعبان ... نايف يمكن ماتت ؟!
_ (نظر نحوه بنفاذ صبر) ... لا ما ماتت ... كانت تتنفس ... وبعدين لو ماتت كان الطبيب قال لنا على طول ...
_ نايف ... أنا خايف ؟!... (كان وجه ماجد متشنجا)...
_ مـــــاجد ... (صرخ بغضب) ... وبعدين ... ما تستحي انت ... ترى عورت راسي اقعد ساكت ...
_ (وسكت ماجد ، لكنه بعد فترة) ... يا ليتنا جبنا عمتي أم فارس معنا ...
_( تنهد بعمق) ... اللهم طولك يا روح ...
(ماجد) كانت الصدمة مما رآه تسيطر على نفسه بشدة ، لقد اعتاد طوال حياته على العيش الرغيد ، لم يسبق له إن رأى (ريم) أو أمه في حالة مزرية كما رآى (منال) ، كن يمرضن ولكنه مرض عارض ، لم يرى في حياته تلك البشرة الشاحبة المتشققة ، ولا تلك الشفاه البيضاء الجافة ، ولا مثل تلك الهالات السوداء التي ارتسمت حول عينيها ، لا يلام إذا لو حسبها قد فارقت الحياة .
وخرج الطبيب بلحيته الطويلة ووجهه الذي يشرق منه النور ، نهضا لاستقباله :
_ أنتم أهل المريضة منال فلاح ؟!
_ (أجاب نايف) ... ايه نعم ... حنا اخوانها ...
_ تفضلوا معي ...(حتى دخلوا المكتب وجلسوا ، كان ماجد لا زال يرتجف) ...
_ خير يا دكتور ؟!
_ خير يا أخوي ... أختك حاشتها ضربة شمس ... وطولت وهي مغمى عليها ... أتوقع من الظهر ... ما حسيتوا عليها ...؟! ... أو فقدتوها ...
_ والله الظاهر ما أحد في البيت انتبه ... ولا كان تصرفوا أكيد ...
_ المهم ...(لم يحب الدكتور أن يزيد احراج نايف) ... البنت يا أخوي تعاني اجهاد شديد ... وسوء تغذية حاد ... والظاهر إنها ما تنام زين ...
عقد (نايف) حاجبيه :
_ والحل يا دكتور ...
_ أنا الحين عطيتها تغذية سائلة ... وراح أوصف لها شوية فيتامينات وأقراص حديد ... وانتم دير بالكم عليها ... التغذية مهمة ... والراحة بعد ...
_ إن شاء الله ... نقدر نأخذها الحين ؟!
_ على ما يخلص السائل تقدر تروح معكم ... يبيلها نص ساعة بعد ...
_ يعطيك العافية ...(يصافحه ويقف) ... ما قصرت يا دكتور ... يالله يا ماجد ... (ويقف ماجد) ...
وانصرفوا وهز الطبيب رأسه بيأس (انتم اهل انتم ؟!) ...

 
 

 

عرض البوم صور ارادة الحياة   رد مع اقتباس
قديم 14-05-08, 03:28 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ماسي


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 53753
المشاركات: 10,517
الجنس أنثى
معدل التقييم: ارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 740

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ارادة الحياة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ارادة الحياة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

(التعريف بشخصيات الرواية)

أول شي أحب أوضح أن العائلة منقسمة قسمين وهم عبارة عيال عم :
1- أبو نايف - أبو راشد - أبو بدر - أبو ناصر - أم ماجد - شريفة >> وكلهم اخوان
2- أبو أحمد - أبو ماجد - أم فارس >> اخوان

* عائلة أبو نايف :-
- فلاح : أبو نايف كبير العائلة وعميدها .
- حمدة : أم نايف الزوجة الأولى لأبو نايف >> وعيالهم
- نايف : المدير الفعلي لكل أعمال العائلة ، متزوج بنت عمه (مريم) وعندهم >> فلاح - محمد .
- نوف : ربة بيت ، متزوجة ولد عمها (راشد) وعندهم >> عبدالرحمن - أمل - جود - عبير .
- سيف : مرض القلب معاه من ولادته ويعاني مشاكل صحية كثيرة متزوج بنت عمه (مضاوي) .
- حصة : لا تزال طالبة بالثانوية ، شخصية مستهترة .
- مبارك : طالب بالثانوية ، مدمن انترنت .
- موضي :أم فارس الزوجة الثانية لأبو نايف وبنت عمه >> وعيالهم
- فارس - مشاعل - رهف -عمر : وكلهم تحت عمر 13
- منال : شابة عشرينية كانت نتيجة زواج فاشل لأبو نايف انتهى بالطلاق .
- شريفة : أخت أبو نايف الصغرى لم تتزوج حتى الآن .

* عائلة أبو راشد :-
- عبدالرحمن : أبو راشد توفى وعياله صغار .
-أم راشد : أم كافحت علشان تربي عيالها >> وهم
- راشد : شخصية مهزوزة ، متزوج بنت عمه (نوف) .
- مضاوي : متزوجة ولد عمها (سيف) .
- دلال : شخصية ممتعة ومثل ما تابعنا تزوجت ولد عمها (مشعل) .
- بشاير : شخصية قوية وقيادية من الدرجة الأولى .
- عهود : طالبة ثانوية ، شخصية حالمة ورومانسية .

* عائلة أبو بدر :-
- جاسم : أبو بدر شخصية طيوبة جدا .
- غنيمة : أم بدر شخصية هادئة .
- بدر : أرمل من 3 سنوات وعنده بنت وحدة (شوق) ، شخصية حنونة جدا .
- بدرية : مثل ما تابعنا تطلقت وما عندها عيال .
- مشعل : شخصية فكاهية تزوج بنت عمه (دلال) .
- سعود : شخصية متعصبة دينيا ، طالب في جامعة الملك سعود .
- التوأم >> فهد : شخصية متفهمة >> أنوار : شخصية مسترجلة .

* عائلة أبو ناصر :-
- فواز : أبو ناصر توفى في عز شبابه .
- وضحة : أم ناصر شخصية جدا حنونة .
- ناصر : شخصية ناضجة وهو المساعد الأساسي لنايف .

* عائلة أبو أحمد :-
- خالد : أبو أحمد المستشار والمسؤول المالي عن أعمال العائلة .
- أم أحمد : شخصية شرقية بكل معنى الكلمة .
- مريم : شخصية سلبية ، متزوجة ولد عمها (نايف) .
- أحمد : شاب مستهتر .
- هيا : مطلقة وعندها بنتين (دينا - لينا) .
- عبدالعزيز : شخصية ناجحة ، يدرس في كلية الطب جامعة لندن .
- صلاح : شخصية حالمة ، فنان ورومانسي لأبعد الحدود .

* عائلة أبو ماجد :-
- عبدالله : أبو ماجد ، أستاذ محاضر في جامعة الملك سعود .
- حصة : أم ماجد شخصية مسيطرة .
- ريم : شخصية مدللة .
- ماجد : لا زال في الثانوية .
- سعد - خالد : لا زالوا أطفال .

هذي هي الشخصيات الأساسية في الرواية وفي كثير شخصيات عارضة راح تظهر بين السطور وتختفي .

((الفصل السابع))
وفي مجلس (أبو بدر) :
_ فهيدان جيب البلاي ستيشن ... أبي ألعب فيها بغرفتي ...
_ لا والله ... (ويكمل لعبه) ... وحقتك وينها ؟!
_ يا سلام ... ومنو اللي خربها الأسبوع اللي فات ... جيب يالله جيب ...
_ يا يبه شفيكم ... خلي أخوك يلعب يا أنوار ...
_ يبه ... هو اللي خرب لعبتي ...
_ وانت علامك تلعبين مثل الصبيان ...؟!
_ قولها يبه ...(يتشفى) ... كله تقلدني ...
_ هين يا فهيدان ...
تدخل (بدريه) :
_ يبه الله يهداك ... للحين ما نمت ... (تنظر لساعتها) ... الساعة 11 ...
_ هذا انا قايم يا أبوج ... (ويقف) ... إلا أخوانك وينهم ...
_ سعود قال بيروح المسجد ... وبدر عنده شغل ضروري وقال ما بيرجع للفجر ... ومشعل نايم من الساعة تسع ... (تمسك يده تساعده على المشي) ... وانتم ... (تلتفت لهم ) ... لا تسهرون .... فهوود بكرا موعد أبوي الساعة تسع وانت اللي بتودينا اخوانك مو فاضين ... وأمي تبي السواق ضروري ... (وتنصرف مع ابيها العجوز) ...
_ اجل خل اروح انام ... (ويرمي اللعبة من يديه) ... بدريه من الساعة سبع بتقومني ...
_ فكــــــــــــــــــــــــــــــة ... (وتمسك باللعبة لتبدأ جولة جديدة) ...
_ ومرض ان شاء الله ... (يضربها بقدمه) ....
_ لا تضرب يا الغبي ...
_ خبلـــــــــــــــــة ... (ثم يلتفت بعد ان وصل إلى الباب) ... إلا صج ... ناصر ما رجع شوق للحين ؟!
اكفهر وجهها :
_ ما أدري عنهم ... بدريه كلمته ... يقول أنهم عند أمه وبيجيبها بعد شوي ...
_ والله شواقة هذي ما تستحي ... مع أي رجال تروح وما تخاف ...
_ أم الصبيان ... خل تجي وانا اوريها ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههه ... طالعة عالعمة ... ههههههههههههههههههه ...(وهرب) ...
_ مجنون ...
واندمجت مع لعبتها الشيقة ....
حين دخل اتجه إلى باب المنزل سريعا ، سلم (ِشوق) النائمة بين ذراعيه لعمتها (بدريه) التي شكرته بامتنان لانه غالبا ما يدخل الفرحة على قلب هذه الصغيرة اليتيمة ، وحين هم بالانصراف انتبه إلى أن نور المجلس لازال مضاءا والباب مفتوحا (غريبة بدر قال لي إنه نايف يبي منه شغل ضروري ... يمكن سعود ... ولا فهد ؟!) واكمل طريقه نحو المجلس .
وجدها جالسة ، شكلها كان يبدو مضحكا ، شعرها القصير جدا منفوش ومتهدل على وجهها الندي ، ترتدي بجامة رياضية واسعة ، عيناها مرتكزتان على الشاشة وهي فاغرة فاهها ، استند على الباب وظل يلعب بسلسلة مفاتيحه باستمتاع ، (يالله البنت هذي ملكة جمال ) :
_ مو عيب البنات يقعدون في المجلس ...
كان صوته ساخرا لكنه اخترق سكون الليل الذي كانت تنعم بظله فقفزت مرعوبة ووقعت اللعبة من يدها :
_ يمــــــــــــــــــــــــــــه ...
_ ههههههههههه شفيك ؟! ... ههههههههههههههه ... يا جبانة ...ههههههههههههههه
امتلىء وجهها باللون الأحمر ، لكن سرعان ما عاد لها طبعها المتمرد ، شدت على قميص بيجامتها ، انتبه لحركتها فابتسم :
_ تكلمي ... أكلت القطوة لسانك ...(كان يعيد مصطلحاتها) ...
_ أنت واحد ما تستحي ...
_ هههههههه ... وغبي ... وخبل ... وأخسي ... أظن قلة الأدب هذي كلها مرت علي اليوم ... مو شي جديد ...
اقتربت من الباب لتنصرف ، لكنه أغلقه بجسده ويديه :
_ وخر ...
_ ما أبي ...
_ ترى أضرب ما عندي مانع ...
_ ههههههههههه ... أحسن ما ألعب في وجهك ... عيب تمسكين رجال غريب يا بنت عمي ...
_ (كتفت يديها) ... وهالرجال الغريب عيب قاعد يبحلق فيني من الصبح ... ما يحق لك يا ولد عمي ...
_ أقول أنوار ... (وأخفض رأسه ثم رفعه وعاد يلعب بسلسلته) ... شرايك تعوذين من ابليس ... ونجلس انا وياك بهالمجلس ... وتسوين لي قهوة ... ونقضيها تعاليل توسع صدورنا ... راسي من جد مقلوب من الفرفرة ورى بنت أخوك ...
_ قلت لك ما يحق لك يا ولد عمي ... لا أني أمك ولا أختك ولا زوجتك ... أجلس معاك شسوي ؟!... (ورفعت حاجبيها تهدده) ...
_ ههههههههههههه ... هذا اللي تبينه ولا يهمك ... أجل من باكر أملك عليك ... وأخذك من شوشتك ... واقص هاللسان اللي أطول منك ...
_ إذا كنت رجال !... وفيك خير !... تسويها ...
كانت كل ملامحها تنبض بتهديده ، جرحته هذا الكلمة جرحته في الصميم ، لكنه ابتسم رغم ألمه :
_ ومن يقدر يمنعني إن شاء الله !
_ أنا ...(وكتفت يديها واثقة) ... لو ما يظل رجال غيرك في الدنيا ما أتزوجك ...
_ هههههههههههههه ... هيه انتي ترى ما اخذه في نفسك مقلب ... من اللي بيطالعلك أنتي ويفكر يتزوجك ... يمكن أنا اول واحد قال لك هالكلام ... أمزح ولا أنتي صدقتي يا ماما ... (كان يريد ان يجرحها كما فعلت) ..
_ تمزح ... (وابتسمت بخبث) ... ولا طلعت جبان ...
_ (اتسعت ابتسامته أكثر) ... لا تتحديني يا أنوار ...للحين أنا مطول بالي ... ترى والله أوريك نجوم الظهر ...
_ ما بقى إلا انت ...
_ (تنهد بعمق) ... زين ... (ابتعد عن الباب) ... روحي الحين ... لا يجي سعود ويتوطى في بطنك ...
_ أنا ما أحد يقدر يتوطى في بطني ... (وعبرت الباب وهي تهدده بنظراتها) ...
_ أنـــــــوار ...(التفتت له) ... ترى بفاتح عمي في موضوع ما تقدر وما بقى إلا انت ... (وابتسم بفرح) ... مو علشان ميت فيك ... بس علشان التحدي اللي بينا ...
_ عشم ابليس في الجنة ... (وانصرفت عنه واثقة ومشمئزة) ...
كان ممددا فوق سريره ، رغبته في البكاء تخنقه ، يشعر بالاشمئزاز من حياته كلما تذكر حياتها ، فتح باب غرفته ودخل والده :
_ مساء الخير ... (واقترب ليجلس معه في السرير) ...
_ هلا يبه ...(حاول أن يجمع شتت نفسه ويعتدل في جلسته) ... مساء النور ...
_ طلعت من المكتب ... شفت النور شاب في غرفتك ... غريبة من عوايدك هالحزة بالاستراحة مع أحمد ...
_ ما لي خلق ... (كانت نبرة الأسى في صوته متضخمة) ...
_ آآآآآآآآآفا ... شفيك يبه ؟... أحد مضايقك ... تبي شي ؟.. ناقصك شي ؟...
_ يبه صدقني ما فيه شي ...
_ ماجد ... طول عمرنا ربع ... وطول عمرك تقول لي كل شي ... ليش اليوم ؟!
نبرة العتاب في صوت والده جعلته ينطق رغما عنه ، لم يتعود أبدا أن يخفي ما يضايقه فدائما كان هناك والده أو والدته ليخففا من كل ما يعانيه :
_ السالفة سخيفة ...
_ مستعد أسمعها ...
_ أمي أخذت السواق وراحت مع اخواني السوق وتأخرت ... (كان الأب ينصت باهتمام) ... اتصلت علي علشان أجيب ريم من بيت خالي ... ومدري دخلت البيت ومنال كانت طايحة ولونها أزرق ...
_ منال بنت خالك فلاح !
_ ايه ... شلناها أنا ونايف وديناها المستشفى ...
_ وعسى هي بخير ؟!
_ الحمد الله بخير ... ورجعت البيت ...
_ (تنهد بارتياح) ... الحمد الله ...(وتذكر) ... وأنت علشان كذا مضايق .. (وابتسم) ... والله وطلع قلبك كبير يا مجود ...(وداعب رأسه) ...
_ يبه والله ... شكلها يكسر الخاطر ... كنت أبي أبكي ... طلعت طايحة بالشمس من الظهر وما أحد يدري عنها ... (اكفهر وجه الأب) ... والدكتور يقول عندها سوء تغذية وأنها ما تنام بالليل ... يبه مسكينة أحس ما أحد يداريها علشان ما لها ام ... وحتى خالي زفتها وزفة الكلب واحد ...
_ (تنهد بعمق) ... طول عمرها هالبنت ظالمها خالك ... الله يعينها بس ... الناس والزمن عليها ... (ثم وكأنه يريد أن يتخلص من الشعور بالعجز تجاه هذا الوضع) ... نم ... نم وأنا أبوك ... ولا تفكر وتعب عمرك ... خالك ما راح يتغير ... تصبح على خير ..
_ وانت من أهل الخير يبه ... (وخرج وأغلق الباب خلفه ، وترك ماجد يغرق في أفكاره) ...
وفي غرفته الفارهه ، كان مستلقيا على سريره يفكر بعمق وهو يستمع للقيصر :
الليلة احساسي غريب !
عاشق وانا ما لي حبيب !
حبيت كل الناس لاموني !
حبيت كل أحبابي باعوني !
قلت أحب الحب أحسن !
قلت أحب الحب أظمن !
لا أحن ولا أتوه ولا بعد في يوم أحزن !
الليلة غير شعوري غير احساسي غير !
أشواقي غير حتى الأغاني غير !
صدري سما واحساسي طير !
بس طيفك ما تركني !
ظل ساكن وسط جفني !
كان يذكر وإنت ناسي !
كان طيب وإنت قاسي !
( ليش تحدتني ؟... هالبنت لسانها أطول منها ؟... أنا شقاعد أقول ... أنوار جاهل الشره علي أنا الكبير اللي حطيت عقلي بعقلها ... بس يا ربي أحس أنه ودي أذبحها ... لا يكون حبيتها يا ناصر ؟!... لا شنو حبيتها ... أنا لو متزوج عندي بنت كبرها ... أفففف ... أحس أنها يتجنني ... بس أنا وعدتها وتحديتها ... عادي هي صغيرة بكرا تكبر وتتزوج وتضحك على سوالفنا مع بعض ... بس يا ربي أنا أحس من شفتها ذاك اليوم بعرس مشعل وان مو قادر أنساها ...أصلا أتعمد أنرفزها ... تصير أحلى لما تتنرفز ... أعوذ بالله من ابليس ... أنا خبل ولا شنو ...أتزوجها وأظلمها معاي ... مستحيل ... أنوار مو مثل اللي قبلها ... أنوار بنت عمي مستحيل أهدم حياتها ... وبعدين ... أحس إني مو قادر أجمع ... يا ربي ...)
وسمع طرقات على الباب ، أخرجته من محاورة نفسه ، اعتدل في جلسته :
_ هلا يمه ... ادخلي ...
ودخلت أمه بابتسامتها العذبه ووجها الصبوح الذي لا زال شابا ، كانت امه مضرب مثل للجمال ولا زالت :
_ هاه يمه ...(وضعت يدها على صدره) ... شفيك مو قادر تنام ؟!
_ ههههه ... يمه الله يهداك شفيني يعني ... ما فيني شي ...
_ لا تقول ما فيني شي ... أعرفك ... صار لك ساعتين من رجعت من بيت عمك ... لا نمت ولا بدلت ملابسك ... مو عوايدك يمه ...
انتبه (ناصر) بانه لا زال يلبس دشداشته ، كانت أمه دقيقة الملاحظة فيما يخصه ، ألم تضيع هي العمر والشباب من أجله :
_ (تنهد بقوة) ... آآآآآآآآآآآآآآآه ... يا أم ناصر ... آآآآآآآآآآه ... (وقبل يدها) ...
_ (اكتسح الخوف ملامحها) ... سلامتك يمه ... شفيك ؟!
_ لا تخافين يمه ... (وابتسم) ... المفروض تفرحين مو تخافين ...(ولما رأى نظرات الاستفهام في عينيها) ... خلاص يمه أنا قررت أفرحك وأتزوج ...
_ والله ... (وضمته اليها وهي ترتجف فرحا) ... مبروك يمه ... (وخرجت منها زغرودة خجولة لم تكن تتقنها) ...
_ ههههههه على هونك يمه ههههههه ..(وامسك يديها) ... على هونك ...
_ ما بغيت ... (ودمعت عيناه) ... ما بغيت يمه تفرحني ...
_ خلاص يمه ... اذا بتبكين بأهون ...
_ لا يمه خلاص ... (ومسحت عينيها بطرف شالها) ... ما صدقنا على الله ...(وضحكا معا) ... ومن تبي اخطب لك ؟!
_ مو غريبة يمه .. مو غريبة ...
_ من بنات عمانك ... ولا تبي من خوالك ..
_ لا يمه ... انوار بنت عمي جاسم ...
_ انوار !... وليش ما تخطب منال ... ما شاء الله جمال وادب ... وبنت عمك ....
عقد حاجبيه :
_ ليش وانوار شفيها ؟
_ والنعم فيها يمه ... بس انا اقول انوار صغيرة عليك ... منال مناسبة لعمرك ... وبعدين انوار فيها طيش شوي ... يعني بترجع تربي من جد وجديد يا يمه ...
_ يمه إذا ما عندك اعتراض على انوار ... أنا ما أبي غيرها ...
_ على راحتك يمه ... البنت ما شاء الله حلوة ... وكافي امها ام بدر ... والمثل يقول (لا بغيت تضمها انشد عن امها) ...
_ (ابتسم بفرح) ... يعني اتوكل على الله يا ام ناصر ..
_ ونعم بالله يمه ...

 
 

 

عرض البوم صور ارادة الحياة   رد مع اقتباس
قديم 14-05-08, 03:30 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ماسي


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 53753
المشاركات: 10,517
الجنس أنثى
معدل التقييم: ارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 740

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ارادة الحياة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ارادة الحياة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

((الفصل الثامن))
وبعد يومين وفي مجلس (أبو بدر) ليلا ، يدخل (مشعل) حاملا صينية القهوة :
_ وهذي القهوة جبناها ... (ويبدأ بسكبها للكل) ... سم يا ابو فلاح ...
_ سم الله عداك .. الا عمي وينه ؟...(ارتشف قهوته) .. ما جاء اليوم ديوان ابوي ...
أجاب (بدر) :
_ وداه سعود المستشفى يزور واحد من ربعه ... ومن رجع رقد على طول ... الظاهر نفسيته تعبت ...
_ ايه والله ...(يرشف قهوته) ... ابوي صاير دلوع ..
وضحك الكل من كلام (مشعل) ، فقال (راشد) :
_ انت ما احد يسلم من شرك !
_ الا ... (يرفع يديه ليتشهد) ... نفسي ... (ويستمرون بالضحك) ... ويمكن عيالي اذا الله رزقني ...
التفت (نايف) نحو (راشد) :
_ الا شسالفة اختك ؟
_ اي سالفة !
_ هذي اللي بتدخل الجامعة ! ... (كان يقنع نفسه بأنها لا تستحق منه اي اعتبار) ...
_ ايه بشاير ... (وعاد يرشف قهوته) ...
علق (بدر) باسلوبه السلس :
_ ما شاء الله نسبتها قوية ...
_ بل ... دافوووووورة ... وضحكت علي يا رشود ... زوجتني الفاشلة ... اللي حتى بالقراءة سلحفاة ... واذا شافت ورقة كتاب تحوم كبدها ... (ضحك الكل من تعليقه) ...
_ انوار بتقدم آداب ... وفهد دراسات تجارية .. خلها تقدم دراسات تجارية ترى مجال حلو ...
_ والله ما أدري عنها ... تقول تبي طب ..
_ هاه ...(انتفض نايف) ... من صجك انت ! وش طبه بعد ... خلها تقدم مع انوار .. الآداب حلوة وتنفع للبنات ...
(مشعل) يتحدى (نايف) باستهزائه المعهود :
_ بس دلال تقول انها من وهي صغيرة ... تبي تدخل طب ... وان ما احد يقدر يغير اللي في راسها ...
_ (تنهد راشد) ... صاجة اختي ...
فار دم (نايف) :
_ نكسر راسها ... وش هالبنات اللي ما احد يغير اللي براسها ؟.. آخر زمن ...
علق (بدر) :
_ هاه ... نايف وش بلاك ؟... البنت حرة وهذا قرارها ...
_ البنت ما تصير حرة اذا بدت تغلط يا بدر ...
كان مشعل يرتشف قهوته وهو يتعمد اثارته :
_ الله يا نايف ... الحين دراسة الطب صارت غلط ...
_ (تنهد) ... الحين لما تتخرج وين تتوظف ؟!... يا بمستشفى ولا بمستوصف ... (التفت الى راشد) ... يعني بتدخل وبتطلع مع رجال غرب... هذا غير اللي بسافر مؤتمر ... بكمل دراسة برا ... وهالسوالف الماصخة ...
_ بس هذا عمل يا نايف ... أنا يشتغلون معي حريم ... ولا مرة بدر مني أو منهم أي تصرف غلط ...
_ هذا انت يا بدر ... غيرك يمكن يغلط ... انا بصراحة يفور دمي بس من الطاري ... لو شفتها والله اموت ... راشد ...(التفت له وبحزم) ... قولها تنسى الموضوع ... وتدخل مع انوار احسن ...
هكذا كان (نايف) صاحب الدم الحار والرأي الصارم كالسيف ، كان ذا طبع مستبد وكلمة لا تناقش ، استقامته ووجوده الدائم في كل ما يخص العائلة من شوؤن أكسبه احتراما عاما ، وثقته الكبيرة بنفسه أعطته وقارا لا يخدشه أحد ولا يتجرأ عليه مخلوق :
_ هذي الساعة المباركة وانا عمك ...(وتهلل وجه الصخري بفرحة غامرة) ... يا زين ما اخترت ... أنت أولى بها من الغريب ... كلمت عمك أبو بدر ...
_ لا يا عمي ... أنت بحسبة الوالد الله يرحمه ... قلت أكلمك انت اول ...
_ الله يرحمه ... ابشر وأنا عمك ... الحين نقوم ونخطبها لك ...
_ ههههههه ... لا يا عمي شدعوه ... الصباح رباح إن شاء الله ...
_ على راحتك ... أجل بكرا من الصبح تمرني ... ونروح أنا وياك ...
_ تامر آمر يا عمي ... (ويقبل رأسه) ... يالله فأمان الله ...
_ فمان الكريم ...(وينصرف) ...
كان يريد ان يبكي ، (فواز) لم يمت ، ما دام (ناصر) حيا فهو لم يمت ، ابتسامته ، هيئته ، صوته ، عيناه الدافئتان ، هذا الشاب كان نسخة طبق الأصل عن الأخ الذي ذهب ولن يرجع ، (ناصر) الطفل الذي كان السلوى الوحيدة لآولئك الذين أدمى أفئدتهم ذلك الفراق ، فراق (فواز) الذي سرقته يد الغدر ممن أحبهم وأحبوه ، لم يكن يناقش (ناصر) في موضوع زواجه الذي تأخر كثيرا رغم أنه تمنى زواجه منذ سنيين طويلة ، لكن (نايف) طلب منه ألا يضغط على (ناصر) في هذا الموضوع بالذات وهو يفعل كل ما يطلبه (نايف) دون أي مناقشة .
وفي المطعم الذي جلسوا فيه بعد تسكعهم في شوارع الرياض :
_ شفت البنت اللي كانت تخز فيك ... يا هي كانت تبي تأكلك ... قلت لك خل نلحقها ...
_ (كان يلعب بكأس عصيره وهو شارد الذهن) ... أقول صالح ...
_ قول ... (ويرتشف العصير)..
_ يصير اتزوج !
_ (غص بعصيره) ... شنو ؟!
_ وش سمعت أنت ؟!... (كان يعرف تغابي صديقه) ...
_ من صجك أنت ... (ويبتسم بمكر)... لا وبعد يقول خلها تولي ... ما نبي نلحقها ... آثاري البنت لحست مخك ...
_ هيه .. (ويرفع يده) ... أنت وين راح فكرك !... (عاد إلى هدوءه) ... أنا بتزوج بنت خالي ...
_ ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ...
_ وليش تضحك ؟!
_ أقول ... خل نخلص الثانوية ... وبعدين الجامعة ... ونتوظف ... ذيك الساعة يصير خير ... (وعاد لعصيره) ...
_ هاه ... (وظل يحسبها) ... بس كذا نطول !
_ يعني بذمتك ... من اللي بيزوجك ولا يعطيك بنته وانت بعدك بالثانوية ...
_ انثبر بس ... يعني اذا أنا ادرس مو رجال ... ابوي تزوج امي وهو اصغر مني ... وبعدين اللي بخطبها بنت خالي ... وخالي ما راح يردني ...
_ ومن وين بتعيش أنت وياها ان شاء الله ... من المصروف ؟!
_ تتطنز ... أبوي الحمد الله عنده خير يكفيني ويكفيها ... من هنا لما اتخرج واتوظف ...
_ ايه ... الله يسعدك ... ناس عندها ابهات تزوجها وتصرف عليها ... وناس ... (ويضع يده على صدره) ... أبهاتها بس تجعم وطراقات ...
_ كش على وجهك ... اسم الله على أبوي ...
وبعد صلاة الفجر ، طرق الباب ودخل على والدته ، وجدها لا تزال على سجادتها تستذكر ، اقترب منها وقبل يدها :
_ تقبل الله ...
_ منا ومنكم صالح الاعمال ... (تبتسم وتمس على راسه) ...
_ اقول يمه ... انا قاصدك بخدمة ...
_ عسى هو خير يمه ... آمر ...
_ ما يامر عليك عدو يا الغالية ... بس بصراحة يمه بنتك هذي تخوف ... وعنيدة ..
_ ههههههه ... بشاير ...
_ ايه بشاير ... تقول بتدخل طب ... وانا مو موافق ... وحتى نايف بعد مو موافق ... ويمكن عمي فلاح يشرشحني انا وياها لو درى ...
_ بس يا يمه الدراسة مو عيب ...
_ ما احد قال عيب ... بس نايف يقول بكرا تتوظف ويصير شغلها كله مع رجال ... وهالشي فشلة وعيب يمه ... وانتي تدرين ؟
_ (تنهد بملل) ... معاه حق ...
_ وش السواة يمه !
_ ما عليه يمه ...(مسكت خده بيده) ... أنا أكلمها ... وما يصير خاطرك إلا طيب ...
وفي منزل (أبو بدر) فترة الضحى ، وفي غرفة (أنوار) التي لا تزال غارقة في النوم :
_ أنوار ... أنوارووه ... قومي ...
_ يوووووووووووووووووووووووووه ... (وتسحب الغطاء إلى أعلى رأسها) ...
_ وجع يالله قومي ... الساعة صارت عشر ...
_ قلتيها ... الساعة عشر ... ديك انا اقعد الحين ...
_ انوار ... قومي بسرعة ...
_ دلالوه ... اذلفي عني ... ما لي خلقك ... امس سهرت وابي انام ...
_ الله ياخذك قولي آمين ... صج مو كفو ...(وتجلس بجانبها على السرير) .. نواره عندي لك بشارة ...
_ ممنوع البشاير الصبح ... انطري لما اقعد ... واذا على كيكة الفراولة اللي أكلتيها انتي وزوجك البطة ... ترى مسامحتكم ما ابي تعويض ...
_ مالت عليك ... (تقلدها) ... كيكة فراولة ... (تتصنع الجدية) ... الآنسة المحترمة أنوار جاسم لقد تقدم لخطبتك في هذه الأثناء الأستاذ المحترم ناصر فواز ...
اتسعت حدقتا عيناها ، نهضت من سريرها وقابلت وجه (دلال) الدائري الذي صدمتها تعابير الفرح التي تتناثر منه (سواها النذل) :
_ من قال لك ؟!
_ هههههههههههههههههههههههههههههههه ... فرحتي أكثر مني لما خطبني مشعل ... أثاري ام الشباب تبي العرس ... (ظلت أنوار مدهوشة) ... أقول قومي جهزي نفسك ... ترى بعد شوي بيناديك عمي ... ويسألك (ما رأيك يا ابنتي العزيزة) ... مو تفشلينا ... سوي نفسك مستحية ... ولا بدر بيقعد يهدي فيك على باله خايفة المسكين ما يدري يا ما تحت السواهي دواهي ... ولا زوجي العزيز بيقعد يعدد لك في محاسن الزواج طبعا من الهنا اللي يشوفه معاي ... سعود مسكين بيعطيك محاضرة بالعرض وبالطول عن ان زوجك (جنتك أم نارك)... هههههههههههه ... والله وطلعت محظوظة يا أم عصاقيل ... (وصلت إلى الباب ولا زالت أنوار صامته) ... شاو ... (وخرجت) ...
أما في المجلس :
_ أظن ناصر ما ينرد يا أبو بدر ...(ويضرب على كتف ابن اخيه الذي ابتسم) ...
_ رد الله اللي يرده ... ناصر ولد الغالي ...
_ (همس بدر في اذن صديقه) ... وانا اللي فرحان على بالي بتخطب شوق ... يا حسافة الروحات والجيات طلعت ما تستاهل ... يا خاين ...
_ لا تخاف ... صفها على جنب ... الشرع حلل اربع ...
_ بس لازم نسأل أنوار ...
اخترق اقتراح (سعود) اذن (ناصر) :
_ وش له تسألها ؟.. عمي ...(التفت الى منقذه عمه أبو نايف ، الذي امسك يده)
...
_ ليش أنت لاقي أحسن من ناصر لأختك يا سعود ؟!
اخفض (سعود) رأسه هيبة لعمه الوقور ، فاستدرك (بدر) :
_ ناصر والنعم فيه ... مبروك مقدما يا أبو فواز ...
_ الله يبارك فيك ...
_ مبروك يا ولدي ... (كان صوت أبو بدر الفرح متهدجا) ..
_ الله يبارك فيك يا عمي ... (ونهض ليقبل رأس عمه) ...
_ فهد ... يبه ... شوف لي درب ... وخل انوار تجي أبي أكلمها ...
_ إن شاء الله عمي ... (ونهض فهد) ...
وفي الصالة العلوية :
_ مجنونة أنتي ؟!
_ يمه شفيك ؟!... قلت لك ما أبي أتزوج ... غصب هو !
_ عادي يا انوار ... كل البنات اول شي يخافون ... وبعدين يصير عادي صدقيني ... (وتجلس دلال بجانبها تهدء منها) ...
_ (كتفت بدريه يديها بعصبية) ... ما تبين تتزوجين كلش ؟!... ولا ما تبين تتزوجين ناصر ؟!
_ يوووووووووووووه ... يا بدريه ... ما ابي اتزوج وخلاص ...
_ لعنبو دارك ناصر ما ينرد ... غيرك يتمنى وما يطول ...
_ يمه انا ما أتمنى ... خلوه يروح يدور غيري ... ما في بهالبلد غير هالولد ...
_ حسبي الله عليك ... صج انك ولد ...
_ بدريه شوي شوي عليها ... انوار حبيبتي ...(وتلمس كتفيها) ... الحين بالذمة ... واحد مثل ناصر ... شاللي ناقصه ؟
_ دلال شفبك انتي بعد ... ما ابيه ... يعني ما ابيه ...
_ بس دلع ... مو على كيفك ... لو اسمعوك اخواني بيدوسون على راسك ...
_ السلام عليكم ... (دخل فهد ورد الكل السلام) ... أقول يا مدام ... (اشاحت انوار بوجهها عنه) ... انزلي الصالة تحت ... وانتم لا احد ينزل فيكم ... (ارتعبت ملامح انوار ) ...
_ خير يمه فهد ..؟!
_ خير يمه ... بس عمي فلاح ... يبي انوار لحالها ...
_ (ابتلعت ريقها بصعوبة) ... عمي ... شيبي ؟!
_ قومي يمه ... قومي شوفي عمك شيبي ...
_ لا ما ابي ... روحي انتي يمه ...
_ انوار وجع ... قومي عمي تحت ... (كانت نبرة بدرية تهديدية) ... تنزلين ولا اتصل على بدر يجي يسحبك ...
_ خلاص أنزل أعوذ بالله منك ... انتي اخت انتي ... (واتجهت الى السلم) ...
_ هيه ... (وينبهها) ... حطي شي على راسك ... عمي ما يحب يشوف بنات مفاريع ...
رمت لها (دلال) جلالها ، تلفعت به ونزلت وهي ترتجف ، وعادت النساء لجلستهن
:
(دلال) باستغراب :
_ صج انها خبله ... احد يرفض ناصر ؟
_ ما عليك منها ... بتوافق غصبن عنها ... يمه لا تقعد تدلع عليك وتطيعينها ...
_ الله كريم يمه ... الله يقدم اللي فيه الخير ...
_ آآآآآآآآمين ...
وفي الأسفل ، كانت (انوار) ترتجف (يا ربي ليش عمي يخوف ... حسبي الله عليك يا حصوه من كثر ما تسولفين عن حركاته زرعتي الرعب فيني ... عاد المسكين جالس ومو مسوي شي ... شلون الحين أقوله ما ابي ... نويصر هذا غلوته ... والله ليقطعني وياكلني عشا وغدا) :
_ البنت ما لها إلا ولد عمها وانا ابوك ... وانا ما جيت أسألك انتي موافقة على ولد عمك ولا لا .. (أدري) ... بس انا حبيت اقولك ان العم والد ... وانا حسبة ابوك ... وولد عمك خاطره فيك ... وناصر هذا ولد الغالي الله يرحمه وانا بالذات ما احب اخلي شي في خاطره ... (عشتوا الأمير ويليام وانا ما ادري) ... وحطي في بالك لا يلعب فيك مخك هنا وهناك وتقولين ما ابي ... ترى صدقيني بتقعدين قعدة عمتك شريفة يوم إنها رفضت عمك أبو أحمد ... ولا بيصير لك اللي صار لبدريه أختك ... وهو ما عليه الحريم واجد ... شقلتي وانا عمك ...(صمت) ...
_ كيفك عمي ...
_ الله يكملك بعقلك ...(قبل راسها) ...
وخرج وتركها تستوعب المسألة (أنا وافقت اتزوج ناصر!) ...
وترفع (بشاير) رأسها عن شاشة اللاب توب لتنظر نحو والدتها التي جلست بجانبها على السرير :
_ نايف !
_ ايه نايف ... وأنا اقول ان كلامه كله صح ...
_ ونايف شكو ؟
_ وشو اللي شكو ؟... هذا ولد عمك وحسبة اخوك ... وبعدين نايف عاقل والكل يسمع كلامه ...(ومرت نوف من عند الباب ، وظلت تسترق السمع لهذا الحديث) ...
_ بس أنا ما اسمع منه ...
_ بشاير لا تطولينها وهي قصيرة ... اخوك متضايق وما يبيك تدخلين هالكلية ... لا تغثينه عاد ...
ازداد انفعالها :
_ أخوي ... أخوي ... أخوي ... ترى مليت ... كل شوي اسمعي كلام اخوك ... لا تضايقين أخوك ... أخوي على عيني وراسي ... بس قراراته غلط ... وأنا مو ملزومة أدور راحته ... إذا هالامر وصل لمستقبلي ... إذا مسوية شي غلط ... يحق له يحاسبني ... يمه أنا أبي أتعلم ... ليش مو راضين تفهمون ...
استبد الغضب بالأم أكثر بعد ثورة ابنتها :
_ وجع إن شاء الله ... لا تطولين لسانك ... الكل مو راضي على هالقرار ... أنا مدري شلون طاوعتك من الأول ! ... فكينا يا يمه من دوخة الراس ومن كلام نايف ... ترى مو ناقصين ...
_ ارجعت تقول لي نايف ... ترى هذا نايف كلكم معطينه أكبر من حجمه ...
وهنا ظهرت (نوف) من خلف الباب :
_ احترمي نفسك ... لهنا وبس يا بشاير ...
كانت الدموع العنيدة قد بدأت تترقرق في عينيها بعد خذلان أمها لها :
_ والله مدري منو اللي لازم يحترم نفسه يا بنت عمي ... احترقت اذانك من ورا التصنت ...
_ ما عليك منها يانوف ... امشي معاي ... هذي معصبة وتخربط ومو حاطة حشيمة لأحد ...
_ سمعتيها يا عمة شقالت ؟!... بسيطة كل سوالفك عند راشد يا بشايرووه ...
كتفت ذراعيها بتحدي :
_ خوفتيني ... قول له ... وقولي لأخوك المحترم خل يفكني من شره ... وما له شغل ... خرب حياة مضاوي ... ونكد على بدرية ... والظاهر الدور علي ... ترى ذنب بنات العايلة كلها برقبته ...
_ زين ... زين يا بشاير ... (وخرجت وهي تتنفس غضبا) ...
_ أستغفر الله العظيم ... أستغفر الله العظيم ... (وخرجت بعدها الأم) ...
وفي غرفة (بدر) ، كان جالسا على سريره يراقب ابنته وهي تلعب ، كان يبتسم وهو يتأملها ، كان لها نفس أنفه ونفس خصلات شعره السوداء ذات النعومة المسرفة ، وكانت لها عيناها الشهلاء الجميلة وابتسامتها العذبة ، كانت خليطا رائعا منهما معا ، تنهد بحزن وهو يتذكر (غالية) ، رحلت منذ ثلاث سنوات ، ولا زال حتى الآن يعيش على الذكرى ، رفض كل فكرة للزواج من بعدها ولا زال مع أنه يدرك جيدا بأنه يعيش في وضع غريب ، لم يرفض الزواج كمبدأ بعد وفاتها بل هو يدرك جيدا بأن زواجه لن يكون خيانة لها لأن امرأة عن أخرى تختلف ، كان يشعر بأن سنتين مع (غالية) كانت كفيلة بان تمنحه السعادة الكافية التي أرادها من النساء ومن الزواج حتى آخر عمره ، طرقات هادئة أخرجته من الابحار فوق موجات نفسه :
_ ادخل ...
نظرت (أنوار) بخوف من وراء الباب :
_ بدر ...
_ أنوار !... (اعتدل في جلسته) ...هههههه ...تعالي ...(أشار لأن تجلس) ... (دخلت)... ما شاء الله ... هذا خطبة وصرتي مؤدبة وتطقين الباب بالعادة تدرعمين على طول ... صج الزواج يغير ؟!.. (وجلست مقابله) ...
_ بدر ... أبي أقول لك شي بس لا تزعل ؟!
_ ليه ... شفيه ؟! ... (أحس بجدية شقيقته من ملامحها المأساوية) ...
_ أنا ما أبي أتزوج ... ما أبي أتزوج ناصر ...
_ بس أنتي قلت لعمي فلاح أنك موافقة ...
_ بصراحة ... أنا خفت من عمي ... أصلا أنا قاعدة معاه أرجف ... وما قدرت أقول له قراري بدون ما أموت ...
_ أنوار ... (أصبح جديا أكثر) ... لا تصيرين بزر ... أنتي تدرين ان مثل هالمواضيع ما فيها خوف ولا جبر خواطر لأحد ...
_ شسوي يا بدر ؟! ... والله خفت من عمي ... يعني هو يعز ناصر ... حتى يحبه أكثر من عياله ...
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ... (فكر) ... زين أنتي ليش ما تبين تتزوجين ناصر ؟!
_ أصلا أنا ما أبي أتزوج كلش ...
_ أنوار ... لا تضحكين علي ولا على نفسك ... أنتي بنت وما في بنت ما تحلم أنها تتزوج ويكون لها بيت وزوج وعيال ... (كانت تريد أن تقاطعه ، رفع يده وأسكتها) ... لا تصدقين أنك إذا قصيتي شعرك ولا لبستي مثل فهد أو حتى تصرفتي مثله وتكلمتي مثل ما يتكلم أنك ولد ... أنوار هذي أشياء ما أحد غير رب العالمين له يد فيها ... أنت بس تأثرتي لأنك عشتي في بيت كله شباب فانعكست طريقتنا في الحياة عليك لا أكثر ولا أقل ... (ابتسم) ... لا تخلين هالسخافات تحرمك من إنك تكونين طبيعية وتعيشين أحلى أيام عمرك ... لا فات الفوت ما ينفع الصوت وأنا أخوك ... (أخفضت رأسها تفكر بقلة حيلة) ... انتي ما تبين تتزوجين ناصر بالتحديد ؟... (رفعت رأسها فجأة من كلامه) ... صح ؟! ... (هزت رأسها موافقة) ... طيب ليه ؟!
_ ما أدري يا بدر ... أحس إني مو مرتاحة له ...
_ هههههههههههه ... يا حليلك يا انوار ... أكيد ما تعرفينه شلون بترتاحين له ... صدقيني ... ناصر حليو وعشرته حلوة ...
_ علشان انت صاحبه ...
_ آآآفا يا أنوار ... (ومسك خدها) ... تدرين أنه مهما ناصر كان صاحبي ما راح يكون أعز من أختي ومن مستقبلها ... يعني أنا اللي برميك رمية شينة ...؟!
_ بدر والله مو قصدي ... بس يعني ... خلاص انت ما جبرت بدريه على احمد ... لا تجبرني على ناصر ... تكفى بدر ...
_ هاه ... انتي شفيك اليوم ؟!..(فقد أعصابه من عدم وجود مبرر لكلامها) ... موضوع ناصر غير موضوع أحمد ... وبعدين أبوي وانا وحتى أنتي عطينا ناصر كلمة وقفلنا عالموضوع ...
_ يعني شنو ؟!...(سألت برعب) ...
_ يعني هالمواضيع ما فيها تراجع ...
_ بدر ؟!...(كانت تتوسل حتى البكاء) ...
_ اسمعيني ... أنتي خايفة من فكرت انك تتزوجين وتروحين عنا ... علشان كذا قاعدة تقولين هالكلام ... وهذا شي طبيعي وبكرا صدقيني بتتذكرين كل هالسوالف وتضحكين على نفسك ...
_ أصلا هو كبير ... شايب بعد ...
_ ههههههههههههه ... الله يسامحك ... ترى ناصر أصغر مني بسنتين ...
_ كبير علي ...
_ أحسن ... علشان يعقلك ...
_ ليش يعني انا مجنونة ؟!
_ هههههههههههههههه ... فيك شوي ...
_ بدر ؟!
_ أنوار ... موضوع ناصر سكري عليه ... حتى انا ما أرضى إنك تتراجعين فيه ... فاهمة ...
فأدركت بأن ما بدأ تحديا سخيفا بينهما سوف يقضي على حياتها (الله يأخذك يا ناصر) .
وانتشر خبر زواج (ناصر) و(أنوار) وتمت الملكة خلال يومين لان (ناصر) لا يريد ان يترك لها فرصة للتراجع ، وفي منزل (أبو ماجد) الذي كان منكبا على تصحيح أوراق طلبته الجامعيين ، رفع رأسه ورمى نظارته وهو ينظر نحو ابنه مدهوشا :
_ من صجك انت ؟!
_ إيه من صجي يبه ...
_ بس يا يبه توك صغير ... شلك بعوار الراس ... لا يكون غيران من ناصر ...
_ لا غيران ولا شي ... يبه عمرك ما رديتني ... (جلس بجانب ولده) ... تكفى يبه أبيها ...
_ يا يبه لعبة هي تبيها ... خلص الثانوية بالأول ...(وعاد لأوراقه) ...
_ يبه إذا ما تزوجت منال ما راح أطلع من الثانوية ...
_ تهددني انت ؟!
_ يبه ما اهدد ... بس أنا جد بس أفكر فيها ... ما راح أقدر أركز بالدراسة ...
_ هههههههههههههههههههه ... أنت وين شايفها ؟!
_ في بيتهم ... لما قلت لك انها كانت طايحة ... (أصبح جديا) ... يبه أنت ما تشوفني رجال ..؟!
_ إلا رجال وكفو بعد ...
_ طلبتك يا أبو ماجد ... (ويقبل رأسه) ... زوجني ... وكل اللي تصرفه علي دين برقبتي ... (وضرب رقبته) ...
_ ههههههههههه ...خلاص ...(ضرب خده) ... أنت وهالرقبة ...
احتضن (ماجد) والده فرحا .

 
 

 

عرض البوم صور ارادة الحياة   رد مع اقتباس
قديم 14-05-08, 03:36 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ماسي


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 53753
المشاركات: 10,517
الجنس أنثى
معدل التقييم: ارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عاليارادة الحياة عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 740

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ارادة الحياة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ارادة الحياة المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

لأني شفت أكثركم متشوق قررت انزل البارت التاسع واتمنى من كل قلبي انه يعجبكم

((الفصل التاسع))
كانت في الصالة تتكلم بالهاتف ، جاءت (نوف) وخلفها تسير (جود) وهي تبكي ، جلست تنظر لها باشمئزاز فمنذ ذلك اليوم وهما لا تتكلمان :
_ أنوار وبعدين معاك ... لا تصيرين سخيفة ... والله الموضوع سخيف ...انتي علشان زعلانة تقولين جذي ... الموضوع انتهى وخلاص طاحت الفاس بالراس ... امرك بكرا مع السواق نروح نقدم مع بعض ... فهد !... أجل ما دام فهد بيقدم مروني اروح معكم ... لا ساره بنت خالتي بتروح مع طلال أخوها ... أوكي ... لا والله بكرا أدخل طب ...(نظرت نحو نوف بتحدي) ... ويصير راسي كبير عليكم ... أوكي يا قلبي ... مو تنسين اللي قلت لك عليه ... باي ... باي .. (وأغلقت الهاتف) .
_ روحي عني ...(وقذفت ابنتها الباكية بعيدا عنها) ... أذيتني ... سالي ... يا سالي ... أعوذ بالله منك ...
_ تعالي جوجو ... حبيبتي تعالي ... (وجاءت الطفلة تبكي في حضن عمتها) ... ليش ؟.. دحومي ضربك ؟...
_ خليها عنك ... دامك تكرهين أمها لا تسوين نفسك تحبينها ...
_ أنا ما كرهك يا نوف ... لا تخلين عقلك صغير ... أنتي بنت عمي ومرت أخوي ... وحتى لو كرهت مرت أخوي ... عيال أخوي غلاتهم من غلاته ... (واحتضنت الطفلة أكثر ) ...
_ يعني الحين أنتي تعزين اخوك ؟!
_ ما أحد له حق يناقشني في معزة راشد عندي ...
_ إذا تعزينه مثل ما تقولين ... ليش تدورين له المغثة ؟
_ والله هذا رأيك ورأي أخوك ... واثنينكم رأيكم مو مهم عندي ...
تطاير الشرر من عينيها :
_ لا تجيبين طاري نايف على لسانك ...
سألت ببراءة مصطنعة :
_ من اللي فتح الموضوع ...!
_ طيب يا بشاير ... (ونهضت نوف غاضبة) ...
وبعد ربع ساعة كانت (نوف) قد دخلت صالة منزل أهلها الكبيرة :
_ قوة أم فارس ...
_ هلا نوف ... (كان عمر الصغير نائما في حضنها) ... وين عيالك ؟...( كانت تنظر لها باستغراب) ...
_ بالبيت ... أمي وين ؟
_ فوق عند أبوك ...
_ ونايف ... راح الشركة ؟!
_ تو الوقت ... يمكن نايم ... نوف خير ؟!
_ خير ... (وركضت تصعد السلم) ...( وجدت نايف قد ارتدى ملابسه يريد أن ينزل السلم) ...
_ نوف !
_ هلا أبو فلاح ... (سلمت عليه) ...
_ شفيك ؟! ... (استغرب من شكلها) ...
_ أبيك بسالفة ...
_ هذا انا ... شعندك ؟!...(وعدل من وضع غترته) ...
ترددت وهي تبدأ بالكلام ، وتمنت لو أنها لم تاتي أصلا :
_ نايف ... خلاص ... لا تتدخل بمستقبل بشاير ... (بدأت عيناه تضيقان) ... خلها كيفها ... التخصص اللي تبيه تبيه ما لنا شغل فيها ...
بدأ يتنفس الغضب الذي يقتله ، سحبها من يدها :
_ تعالي .... (دخل جناحه ، أجلسها على السرير وسط دهشة مريم ، وظل هو واقفا) ... مريم ... خذي حمود وإطلعي برا ... (وظلت مريم دهشة) ... بسرعـــــــــــــة ... (وخرجت دون ان تتكلم) .... (كتف ذراعيه حول صدره) ... شقالت لك أم لسان ؟!...
(نوف) بتوسل :
_ خلاص يا أخوي ... خلها كيفها ... عيبها عليها ...
(نايف) بنفاذ صبر :
_ نــــــــــــوف !... شقالت ؟!
(نوف) تجيبه خائفة :
_ هاوشتني انا وامها ... تقول هذا قراري مو ملزومة أسأل حتى راشد ...
_ عجيـــــــــــــب ...
وبعد تردد :
_ وتقول ... نايف هذا معطينه أكبر من حجمه ... ضيع بدريه وضيع مضاوي ... وذنب بنات العايلة كلها برقبته ...
تنهد وهو يشتعل غضبا ، ظل يرتب غترته فوق رأسه :
_ طيب يا بشاير ... بشوف أي جامعة بتدخلين ؟!
_ نايف لا تضايق نفسك ... بشاير خبلة وراسها يابس ... وحتى راشد ما يقدر على لسانها ...
_ أقصه لها وانا اخوك ...
_ يا ربي منك ... وأنت شعليك منها !.. خلها تولي ...
_ فأمان الله ...
وخرج وكأن الامر قد انتهى بالنسبة له ، وظلت (نوف) تلعن الغضب الذي جعلها تهرع إلى أخيها لتخبره ، وهي تعلم بطبعه الذي لا يقبل الجدال حتى في قراراته التعسفية (الله يعينك يا بشاير) .
وبعد ربع ساعة كان في مجلس (راشد) :
_ نايف ما أقدر ...
ارتشف فنجانه بهدوء :
_ انا قلت لك جيبها هي !... قلت لك جيب اوراقها ... أوراقها بس ...
_ تقديمها بكرا ... والله راح تعصب ...
(نايف) تنهد بنفاذ صبر :
_ الأوراق عند أمك .. صح ؟
_ إيه ... بس ...
_ خلاص قل لأمك إنك بتعطيها لواحد من ربعك واسطة ... وبيدخلها الكلية بسرعة ... راح تصدق ... وإذا صارت الأوراق عندي ما لك شغل أنا اللي أتصرف ...
_ نايف ... بس ... بشاير ... راح ...
_ راشــــــــــد ... وبعدين ورانا شغل ... قم ... وجيب غترتك تأخرنا على الشركة ...
_ زين لا تصيح ... أعوذ بالله منك ... (ونهض إلى الداخل) ...
وفي البنك الذي يعمل فيه مديرا لقسم مهم ، حيث تستثمر عائلته أموالها السائلة من خلاله كان (بدر) يقوم في جولة حول موظفيه :
_ باي يا قلبي ... المدير وصل ... (ويلتفت لبدر ضاحكا) ...
_ انت ما تتوب من مغامراتك ... ترى هذا بنك محترم ...
_ أدري انه محترم يا أبو شوق ... وحياتك ما سويت شي غلط ... كله مكالمات بريئة ...
_ بريئة هاه ... (وظل يبحث في الكومبيوتر) ... الله يستر من اللي وراء هالمكالمات ... آخر وحدة اخوها طاح عليك ولعب في وجهك ... هذي وحدة نيو ؟!
_ يستاهل ... بايده فضح أخته ... (ابتسم بانتصار) ... وهذي نيو بس شنو نيو ؟!... خلصت منها والأهل للحين بسابع نومة ...
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ... خاف من الله يا سالم ... ترى من شق ثوب للناس شقوا له ثياب ...
امتعض من نصائح صديقه فحاول أن يغير الموضوع :
_ يووووووووووه ... آسفين أبو شوق ... نسينا إن المكان محترم ...
_ هههههههههه ... الهم خلصت الشغل اللي قلت لك عليه ...
_ يس ... (وأخذ الماوس من يد بدر) ... هذا هو وزي ما طلبت وأحلى ...
_ تمام ... أنا لولا شغلك الخطير كان طردتك من زمان ...
_ آفاااااااااااا ...
_ بصراحة يا اخي أخلاقياتك زفت ...
_ تمون يا أبو شوق ... (وعاد لعمله وبدر يضحك) ...
دخلت (بشاير) الصالة وقد جلس الجميع فيها يحتسون الشاي بعد العشاء :
_ يمه ... الأوراق حقت تقديم الجامعة عندك صح ؟!
_ الأوراق ! ...
_ إيه يمه شهاداتي ... بكرا أنوار بتمرني فهد بيودينا نقدم عالجامعة ...
_ الأوراق مو عندي ...!
_ إلا يمه ... أنا عطيتك ياهم ... شلون مو عندك !... يمكن حطيتيهم بالتجوري ... عطيني المفتاح حق الخزانة وانا أدورهم ...
_ راشد أخذهم مني اليوم ... يقول واحد من ربعه واسطة وبيدخلك بسرعة ... هو ما قال لك ..؟!
_ ما قال لي ... ومنو هذا اللي عطاه ياهم ؟!
_ والله ما أدري يا يمه ... (وتحتسي شايها) ...
_ أمولوه وجع إن شاء الله ...
صراخ (عهود) على (أمل ) التي ضربت شقيقتها الصغيرة أخرج (بشاير) من تفكيرها العميق فانطلقت تصعد الدرج ، اتجهت إلى غرفة (راشد) وضربت الباب :
_ بشاير !
ظلت واقفة تنظر لنوف باشمئزاز :
_ راشد وين ؟ ... أبي أكلمه ...
_ أخوك تعبان ويبي يرتاح ... توه راجع من الدوام ...
_ لا ما عليه خل يكلمني أول ... (ولم تتحرك نوف ، فنادت) ... راشــــــــــــد ...
وخرج (راشد) نحو الباب وهو يرتدي دشداشة نومه :
_ خير شفيك ؟... (نظر للفتاتين الغاضبتين من بعضهما) ... أمي فيها شي ؟!
_ لا أمي بخير ... راشد أبي أكلمك ...
_ هذا انا ... شعندك ؟
_ تعال لغرفتنا ... (ونظرت نحو نوف بتحدي) ...
تثأب بكسل :
_ ما يتأجل الموضوع !
_ لا ...
وانصرفت إلى غرفتها وتبعها راشد ، دخل ثم أغلقت الباب وجلس هو على سرير عهود .
_ منو خويك اللي عطيته أوراقي؟
_ هاه ... (ابتلع ريقه) ... أي أوراق ؟
_ شهاداتي ... أمي تقول إنك أخذتهم وعطيتهم واحد من ربعك ...
_ هاه ... (حك على رأسه وابتسم) ... إيه صح ...
_ وليش ما قلت لي ؟!
_ هاه ... (اصطنع الغضب) ... فوق ما تشكريني ؟!
_ راشد انا مو محتاجة واسطة ... نسبتي والحمد لله زينة ...
_ خلاص خليه هو يتدبر الموضوع ويريحك من الفرفرة ...
_ لا ... دق عليه الحين خل يجيب الأوراق ... أو روح له انت ... بكرا فهد بيوديني أنا وأنوار الصبح ونقدم ... وإذا صارت لنا مشكلة ... أكيد عمي عبدالله بيكون موجود ...
_ أدق عليه ! ... الحين !
_ إيه تو الوقت ... خل يرجع أوراقي ما أبيه يتوسط لي كثر الله خيرك وخيره ...
_ بس ... هو ... بس ..
_ راشـــــد ... شفيك تبسبس ..؟!
ثار بخوف :
_ بشاير ... إنتي لازم ما تدخلين الجامعة ...
_ شنو ؟!
_ اللي سمعتيه ... انتي بنت وما تعرفين مصلحتك ...
_ راشــــــــــــــد ... (كتفت ذراعيها) ... أنت وين وديت الأوراق ؟
_ عطيتهم ... واحد ...
_ ومنـــــــو هالواحد ؟!
صراخها كان يوتره ، وبعد تردد :
_ نايف ... نايف ولد عمي ...
_ نايف !
_ إيه ... نايف ... إذا ما تبين تسمعين كلامنا هو يتفاهم معاك ...
(بشاير) بدأت دموعها تترقرق في عينيها :
_ قل له يجيب أوراقي ...
_ يوووووووووووووووه ... (وخرج من الغرفة كلها) ...
_ راشــــــــــــــــــــــد ...
واستسلمت بيأس فأوراقها أصبحت بيد (نايف) الآن ، اتجهت إلى السلم ثم إلى الصالة :
_ عبدالرحمن ... تعال ... (جرته إلى الزاوية) ...
_ ثتبين ... (كان أسنانه قد بدأت تسقط) ...
_ تبي ... فلوس تروح السوبر ماركت ...
_ والله ...
_ اسمع ... روح لأمك وقولها أبي ألعب بجوالك وجيبه لي ...
_ ما أقول عمه بثاير تبيه ...
_ لا قول أبي ألعب فيه ... وأنا أعطيك فلوس ...
_ ثين ... (وانطلق الصغير) ...
وفي غرفة نومهما :
_ وشو ؟!
_ هههههههههههههههه ... حتى أنا انصدمت اول ما قال لي ...
_ انخبل ولدك !
_ يا حليله والله كبر وصار يعشق بعد ....
_ خله يولي زين ... وينه وين العشق ... ما عليك منه ...(ابتسمت) ... خلنا لاهين بفرحة ناصر و انوار ...
_ وشو ما علي منه ! ... الولد يقول يفكر فيها وما راح ينجح والسنة الجاية آخر سنة ...
_ لا والله ... وإن شاء الله كل ما فكر ببنت رحت وزوجته لها ... كسبنا خير ...
_ لا هذي اول مرة يقول لي أبي أتزوج ... كل مرة يسولف سوالف مراهقين بس ... هالمرة أحسه جدي ...
_ خبل ما يدري أرضه من سماه ... وبعدين أنا أبي أزوجه حصه ... بس خل يخلص دراسة بالاول ...
_ أقولج الولد يبي منال ... تقولين حصه ...
_ من زينها منال ! ... وبعدين أكبر منه ... وأنا لا يمكن ... (ودمعت عيناها) ... لا يمكن أزوج ولدي ... لبنت مزنه ... وأنت تدري يا عبدالله ...
_ لا إله إلا الله ... شجاب سيرة مزنه الحين ؟! ... البنت بنت أخوك ...
_ انا أصلا مجود مدري منين طلع لي بهالسالفة ؟...(وخرجت من الغرفة غاضبة) ...
تنهد بيأس :
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ...
كان كعادته في مكتبه المنعزل الذي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه وازعاجه ، يعمل على اموال العائلة التي أصبحت بين يديه منذ أن شاخ والده ، فجأة رن هاتفه الجوال :
_ آلووووووو ....
وبعد تردد :
_ آلوووووو ... نايف ...
عرف صوتها ، أغمض عينيه مقهورا ، كان يعلم بأنها جريئة ولكن ليس لهذه الدرجة ، نظر إلى ساعة الحائط فوجدها تشير إلى الثانية عشر فازداد غضبه :
_ نعم ...
نبرته الباردة زادت من احساسها بالقهر :
_ نايف أنا بشاير ...
باستهزاء :
_ بشاير بنت عمي !
_ نايف ... أبي الأوراق ...
ببرود مميت :
_ أي أوراق ؟!
كانت بشاير قد بدأت تفقد صبرها :
_ شهاداتي ...
_ إيه ... (عاد بظهره إلى الوراء) ... وشتبين فيهم ؟
_ أول شي انت ما لك حق تسألني هالسؤال ... ثانيا أظن انه عيب يا ولد عمي تستغفل اخوي وتأخذ الاوراق وانا ما أدري ... (كان لا زال صامتا يغلي غضبا) ... شفت شلون كنت تدري إنك غلطان ولو ما كنت عارف إن اللي تسويه غلط كان جيت وطلبتهم مني ... هذا إذا لك حاجة فيهم ... نايف ... (وظل صامتا ، رجال كثر لم يجرؤا على أن يكلموه بهذه الطريقة ، من أين جاءتها الجرأة ؟.. كم رجلا كلمت بهذه الطريقة ... وتذكر الشابين في محل الحلوى فعقد حاجبيه) ... نايـــــــف ...
_ تدرين إن لسانك طويل ... وطويل حيل بعد ...
_ إيدك أطول يا أبو فلاح ...
تقدم بجسمه إلى الامام ليستند على المكتب ، تنهد ومسح وجهه المتوتر بيده :
_ بشاير ... سكري التلفون دام النفس عليك طيبة ...
بتحدي يائس :
_ أبي أوراقي ...
ضغط على كل حرف قاله :
_ موضوع الجامعة إنسيه ... الأوراق بسيارتي الحين وحتى اللي بالوزارة سحبتهم اليوم ... بس ورحمة أبوك يا بشاير ما أنام الليلة إلا وأنا حارقهم ...
_ نايف ... (بدأت ببكاء خنقته) ... أنت ...
صرخ بصوته الجهور :
_ جب ولا كلمة ... إن طولتي لسانك ... (أغلقت الخط في وجهه) ...
_ ألعن ...(ورمى الهاتف نحو الحائط فأصبح قطعا متناثرة) ...
نظرت نحو الساعة المعلقة لقد تعبت من الانتظار وهو لم يعد بعد ، كيف ؟! ولماذا ؟! لن تستطيع أبدا لن تستطيع ، ابنها وابنة مزنه مستحيل ، إنها لم تتقبل الفتاة حتى بعد كل هذه السنوات فكيف تسمح بأن تصبح زوجة لابنها ، فتح الباب ودخل ابنها الفاتن بعينيه النجلاوين وابتسامته الحلوة :
_ هلا ... وغلا ... (وفتح ذراعيه) ... بأم ماجد ...
لكن نظرتها الجامدة ردته :
_ أنت شقايل لأبوك ؟...
اتسعت ابتسامته :
_ قال لك أبوي ... لا تخافين يمه بتكونين أحلى ام معرس بالعالم ...
_ اسمع يا مجود ... هذي السالفة تشيلها من راسك ... فاهم ولا لا ؟
تحولت ملامحه الجميلة إلى الجدية الهازلة :
_ لا ... أبوي قال لي خلاص ... يعني السالفة بتم ...
كتفت يديها إلى صدرها :
_ وانا أقول ما في شي يتم بدون ما اوافق انا ... واظنك عارف هالشي ...
نعم يعرف فشخصية أمه الحديدية دائما ما حطمت هشاشة قرارات والده ، فسأل برجاء طفل صغير :
_ طيب ليه يمه ؟
اشاحت بوجهها عنه :
_ من غير ليه ... انا منال ما أبيك تتزوجها ...
اجاب بيأس طفولي :
_ أدري ... علشان أمها وخوالها ... بس يمه منال بنت خالي ... مو بنت امها ... أصلا هي ما تعرفها ...
_ مــــــــــــــــــــــاجد ... لا تطولها وهي قصيرة ... زواج ما في ... فاهم ؟
_ لا يمه ... (وارتفع صراخه) ... منال بتزوجها يعني بتزوجها ...
وصفعة والدته المقهورة دوت في انحاء الصالة فمنعته من أن يكمل كلامه .
_ مامــــــا ... (كانت دموع ريم قد تساقطت وهي تقف على السلم ببجامة النوم) ... شفيكم ؟!
_ أخــــــــــــــــــــــوك ...(وأشارت إليه باشمئزاز) ... هذي آخرة الدلال ...
_ حصه ... (ونزل السلم يركض وهو يتجه نحو ولده) ... الله يهداج ...
نفض يد والده الذي جاء ليمسك به وهو يمنع دموعه التي تترقرق في عينيه من السقوط ، تكلم ببطء حتى يسيطر على نفسه :
_ يبه ... بكرا تروح معي نخطب منال ... وإلا والله أذبح نفسي ...
وجاء صراخ (ريم) الممزوج بالبكاء :
_ ماجــــــــــــــــــد ...
أجابه صوت امه الصلب :
_ أذبح نفسك ... أحسن من إنك تتزوجها ...
نظر نحوها بتحد مؤلم يحاول ان يضاهي فيه صلابتها وصرخ :
_ يبه بتروح معي ؟!
_ يا ماجد ... يا يبه ... قل لا إله إلا الله ...
_ عبـــــــــــدالله ... انا وهالبيت حرام عليك إن طعت هالنزغة ...
_ مامــــــــــــــا ... (وانفجرت ريم بالبكاء) ...
وخرج (ماجد) يائسا من نصرة والده وصفع الباب خلفه بشدة :
_ زين الحين ... وإذا سوى في نفسه شي ...
جلست تضرب أخماسا بأسداس بعد هذه المعركة الحامية :
_ أحسن خله يتأدب ... أستاهل دلعته لما خرب علي ... أنا اللي أستاهل ...
وفي سيارته كان يغلي غضبا ، رفع هاتفه وبعد قليل أجابه صوت نائم :
_ آلووووو ...
_ صلاح ... خل الحارس يفتح لي البوابة ...
نظر إلى شاشة الهاتف وهو نائم في مرسمه :
_ ماجد !.. انت وين ؟!... كم الساعة الحين ؟!
_ قريب عند بيتكم ... افتح المجلس بلا هذرة ... وحط لي فراش أبي أنام عندكم ...
_ زين ... يالله ...
وبعد عشر دقائق ، كان يدخل عبر باب المجلس الكبير ، وجد (أحمد) جالسا على فراشه يشاهد التلفاز وسيجارته بيده ، وبجانب رأسه فراش آخر :
_ السلام عليكم ...
_ وعليكم السلام ...
_ صلاح وين ؟!
_ قال للحارس يفتح لك البوابة ... شافني بالمجلس حط فراشك وقال إنك بتجي وراح نام ...
تمدد (ماجد) على فراشه :
_ لا يا قليل الخاتمة ...
_ ههههههههه ... يا حليلكم يا البزران لا صرتوا تقلدون الرياجيل ... (رمقه ماجد بعدم اهتمام) ... ههههههههههههه ... أمزح معك ... يا حيالله أبو عبود ... تبي قهوة ؟
لم تكن هناك حتى قهوة :
_ لا ما أبي ... غريبة اليوم قاعد بالبيت ... ما في سهرة ؟!...(وأغمض عينيه بعد أن وضع ذراعيه تحت رأسه) ...
_ ما في مزاج وأنت الصاج ...
حاول (ماجد) أن يغط في النوم ، (أحمد) ظل يشاهد التلفاز حانت منه التفافة إلى ابن عمه ، فرآى علامة حمراء قد زرعت في خده كان يؤلمه دائما ان يرى (ماجد) يتأذى لم يكن يحتمل هذا الشعور بالذات :
_ أقول يالحبيب ... منو مشخبط وجهك ؟!
(ماجد) ولا يزال مغمضا عينيه :
_ طحت ...
اكمل (أحمد) متابعة التلفاز ، ولكن (ماجد) فتح عينيه وظل يفكر بما حدث ، أخيرا التفت بجسمه إلى (أحمد) :
_ أبو حميد ...
_ هاه ... (كانت عيناه مسمرة على التلفاز) ...
_ أنت أخوي ؟
التفت إليه :
_ ماجد خلصني ... قول منو مسوي فيك كذا ... وانا أشخبط لك وجه أبوه اللي جابه ...
لمس (ماجد) أثر الصفعة بيده فأحس بالألم :
_ لا ... هذا الله يسلمك كف الوالدة ...
_ هههههههههههههه ... أما امك هذي ... يا أخي عليها حركات ... هههههه ... وليه ارقعتك هالكف ... ما فرشت أسنانك !... ولا ما شربت الحليب قبل النوم !
_ تطنز هاه ؟... الشرهة مو عليك على اللي يشكي لك ...
_ ههههههههههههههه ... نمزح يا أبو عبود ... شفيك اليوم صاير شرارة ...
التفت على جانبه الآخر :
_ أحمد ترى حدي مو رايق لك ...
وساد الصمت بينهما وعاد (أحمد) لتلفازه :
_ أحمد ... (والتفت إليه مرة أخرى) ...
_ هاه ...
_ انت تذكر سالفة خالي فواز ...
التفت إليه متعجبا :
_ الله يرحمه ... وش جاب الطاري على بالك ؟!... (وتمدد على فراشه وهو يفرش الغطاء فوق جسده) ...
أمسك (ماجد) بالريموت كنترول وأغلق التلفاز :
_ جاوبني ...
_ يعني أذكر شوي ... كنا صغار ...
_ وش صار ؟
_ كان هو وخويه عبداللطيف نسيب عمي فلاح طالعين البر ... وتهاوشوا لأن زوجة عمي فلاح كانت تشكي من عمي فواز وأنه كان أقشر معها ... وشكل هوشتهم كانت قوية وبالليل إذبحه بسلاح الصيد وغدر فيه ... وبعد العزا وبعد ما هدت السالفة ذبح عمي فلاح عبداللطيف ودخل السجن وكانوا يبون يقصونه وبالغصيبة تنازلوا ... وخلصت السالفة على كذا ...(غطى أحمد عينيه بساعده وبدأ يحاول النوم) ...
_ ومنال ؟!
رفع يده عن عينيه :
_ منو منال ؟!
_ بنت خالي فلاح ...
_ إيه ...(ووضع ساعده على عينيه) ... اللي جابتها أخت عبداللطيف ... بعد اللي صار طرد عمي فلاح أمها وأخذ البنت ومن يومها ما شفناهم ولا شافونا ... أصلا حتى البنت ما شافت أمها ...
_ بس حرام ...
_ وشو اللي حرام ؟!
_ يأخذ البنت من أمها ... تدري يا أحمد خالي فلاح أقسى واحد شفته بحياتي ...
_ أنت شفيك اليوم ؟!... وشعندك على سيرة منال ؟!
_ آآآآآآخ يا أحمد آآآآآآخ ... أبيها ...
_ منهي ؟!... هههههههههههههههههههههههههه ... (ونام على بطنه حتى يتمكن من رؤية وجه ماجد) ... وانا أقول الوالدة مسطرتك ولام خشتك وجاينا بأنصاص الليالي ... أثر السالفة فيها بنت ... الله يخسك بس ...
_ أحمد صدقني مو رايق للتهزء ...
_ أدري ولا راح تروق ... ماجد أنت خبل ؟!... الحريم ما وراهن إلا وجع الراس اسمع مني ... (وعاد يكمل نومه) ...
_ يعني أنت ولا مرة حبيت يا أحمد ...؟!
_ لا حول ... حالتك والله كسيفة ... نم بس نم ... دنيا ... يشيل كتب ويروح للمدرسة ويدور العرس ... إذا نويصر عزوبي العايلة الشهير ما قرر يتزوج إلا وعمره فوق الثلاثين ...!
(ماجد) كان في عالم آخر يفكر ب(منال) وكيف سيحلم بها هذه الليلة ، ولم يسمع من (احمد) كلمة واحدة .

 
 

 

عرض البوم صور ارادة الحياة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتبة, للكاتبة كليوباترا نجد, سلامة رماحك اللي جرحها غالي, سلامة رماحك اللي جرحها غالي لكاتبة كليوباترا نجد, كليوباترا نجد
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:28 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية