كاتب الموضوع :
ارادة الحياة
المنتدى :
القصص المكتمله
(( الفصل الثالث والخمسون ))
<<< منزل ناصر
ذهب ناصر ومعه أمه ... صالح أنوار وعاد بها إلى المنزل ... كانت مطيعة لم تبدي أي معارضة للأمر ... عارضت أم بدر في البداية ... لكن بدر كان في صف ناصر وعودة أنوار إليه ... أخذت حماما دافئا .... جلست على سريرهما ... اشتاقت كثيرا لهذه الغرفة ... لكل ركن فيها وكل زاوية ... دخل ناصر الغرفة ... كان مرتبكا ... لم يتعود مثل هذه الجفوة الطويلة بينهما ... جلس بجانبها بهدوء :
_ كم مرة قلت لك لا تطولين لسانك علي ...
ابتسمت وهي تتذكر آخر مكالمة بينهما ... مكالمة ذلك الطلاق المضحك بينهما ... أمسكت يده ووضعتها على خدها :
_ آســــــــــــــــف ...
_ اللي صار بينا ما انتهى ... صحيح أنا طلقت طلقة وحدة ورجعتك قبل ما تنتهي العدة ... بس ...
أغلقت فمه بيدها :
_ ناصر خلاص ... لا تغم قلبي بهالسيرة ...
أمسك يدها قبلها وضمها بين يديه :
_ أنا اعترف إني كنت غلطان لما شاورت أهلك وما شاورتك ... بس الموضوع الحين بإيدك ...
ابتسمت بوهن :
_ وانا قلت لك خلاص ... والله راضية ... أهم شيء نبقى مع بعض ...
آلمه مقدار حبها له ... ألمه احساسه بأنه خدعها :
_ حتى لو قلت لك إني ما قلت لأهلك كل الحقيقة ...
_ ما يهمني ... ناصر خلاص ... والله اللي شفناه مو شوي ... خلنا ننسى ...و ...
قاطعها وهو ينظر في عينيها :
_ أنا كنت متزوج قبلك ... (نظرت نحوه باستغراب) ... وحدة ... (أخفض رأسه وأكمل) ... لما كنت أدرس برا ... وظليت معاها سنتين ... واكتشفت إني عقيم وهي على ذمتي ... وهي طلبت الطلاق ...
رفع وجهه نحوها ... حاول أن يستشف شعورها ... كانت تبدو مصدومة ... ابتلعت ريقها بصعوبة ... والتزمت الصمت :
_ ليش ما قلت لي ؟
_ ما أحد كان يدري ... إلا نايف ... لأنه كان معاي ... وما علمت أحد ... وكنت رافض فكرة إني أتزوج نهائيا ...
سألته بحيادية :
_ إذا كنت خائف لهدرجة ... ليش تزوجتني ؟
هز كتفيه وكأنها رشت ملحا فوق جرحه :
_ ما أدري ... يمكن لأني حبيتك ... يمكن لأن رغبتي فيك كانت أكبر من قدرتي على التفكير ... يمكن لأنك أنت بعيني صرت حتى أكبر من إني أفكر بالتراجع ...
دمعت عيناها وهي تبتسم :
_ تدري يا ناصر ... بحياتي ما كنت أحلم إني أتزوج واحد مثلك ...
علق بسخرية مرة :
_ غشاش .. وكذاب ... وعقيم !
اقتربت منه :
_ حنون ... وصبور ... ويفكر فيني أكثر من نفسه ...
نظر في عينيها بأسى ... داعبت خده بيدها :
_ أنا معاك يا ناصر مستعدة أتخلى عن الدنيا كلها ...
_ فكري عدل يا أنوار ... انا الاحساس بالنقص يعذبني ... ما أبيك تجربينه في يوم من الأيام ..
داعبت شعره :
_ آآآآآآآآآآآآآآآه ... فكرت ... وقررت ... أنا الشهر اللي بعدت فيه عني ... فارقتني الروح يا ناصر ... تبيني أتحمل غيابك العمر كله ... حتى لو أبي ... قلبي أهبل ما يطاوعني ...
ابتسم بمرارة ... افتقدها كثيرا ... ضمها بقوة ... عل جسدها بين يديه ... ينسيه أيام العذاب التي قاسها وهي بعيدة عنه :
اخذيني اليا عجبتك بس رديني ...
وإن ما عجبتك خلاص اخذيني ما أبيني ..
ما دامني شفت فيك الطهر والعفة ..
بعيف نفسي ليا منك كرهتيني ...
اخذيني لو اعتبر من ضمن أشيائك ...
وأنا بحيك ولا لازم تحبيني ...
لا أبي علاقة ولا أبي نظرة وبسمة ...
احساسي إني بقربك بس يكفيني ...
لو إني انضفت لأشيائك غصب عنك ...
طلي علي يا غناتي لا تخليني ...
اخذيني بكل شوق وقولي أحبه ...
وإن شككوا فيك ولا في ضميني ..
قولي (ناصر) والله إنه غالي جدا ...
ويا جعل فدوة شبابي وآخر سنيني ..
وأنا بصدق كلامك وأعتنز بالله ...
وبقول للناس ما يعنيك يعنيني ...
وأنا علي نذر ما أرخص جيتك أبدا ...
وانتي نذر على رقبتك إنك ما تخليني ...
<<< بيت أبو نايف
جلس الجميع في الصالة ... بشاير كانت في زيارة لبيت عمها ... وحصة ونوف أيضا ... اجتمع الكل ... وتعالت الأصوات وتشعبت الأحاديث ... اقتربت مريم من بشاير :
_ شلونك ؟... وشلونه معاك ؟... (وأشارت بعينيها نحو نايف) ...
_ هههههههههههههههه ... الحمد الله ...
_ تصدقين أمس فلاح أذاه بالأسئلة ... شلون تتزوج مرة ثانية ؟... وشلون تصير عندي 2 ماما ؟... لما مل منه نايف ونام ...
مريم كانت تتكلم بعفوية ... لكن بشاير كانت تحس بان الموضوع حرج ... امرأتان تتشاركان رجلا واحدا ... كان منطقا صعبا بالنسبة لها ... ابتلعت قهوتها الساخنة جدا ... حتى تتهرب من مريم ومن توترها .
في الزاوية الأخرى جلس نايف بجانب والده وفي حضنه فلاح الذي لا يفارقه :
_ يعني شنو مبارك راح عندها ؟
_ هي قالت خل مبارك يقعد عندي ... وأنا سمحت لها ... تعرف كانت تعبانة وحزينة على ماجد ... فقلت أطاوعها ... هالبنت أحس إني ظلمتها كثير ...
_ بس يا يبه هالكلام ما يصير الله يطول بعمرك ... بنت قاعدة ببيتها لحالها وش تسوي ؟
_ انا قلت اكلمها ... بس أخاف تتضايق ..
_ خلاص ... أنا بكرا أكلمها ...
والتفت فوجدها تحدق فيه ... ابتسم وهو يغمز لها ... فبادلته ابتسامة مرة ... راقبت مريم تنهض نحوه ... أخذت فنجان شايه وأعطته أخر وهي تبتسم وتتكلم معه بعفوية ... وهو كذلك ... أحست برغبة في البكاء ... لأول مرة تشعر بمرارة أن يشاركك أحد في شخص تحبه ... أحست بالحرارة وهي تتخيل نايف ... يتبادل الكلام المعسول مع مريم ... يلمسها ... يقبلها ... يفعل لها كل ما يفعله معها ... أحست بمرارة طعم الزوجة الثانية ... ومع رجل كنايف بالذات ...
<<< شقة نايف وبشاير
أصر فلاح على مرافقتهما ... دخل نايف بعدها وهو يحمل ابنه ... ويتحدث معه :
_ هههههههههههه ... كم مرة أقولك لا تسوي هذه الحركات ... بعدين تعور ... فارس خبل لا تقلده ...
انتبه إلى انها التفتت له ... واقفة ... لا زالت بعباءتها ... وقد كتفت يديها بغضب :
_ راح تنام هنا اليوم ؟
_ بل ... وليش معصبة ؟... (وأنزل الطفل الصغير الذي ركض نحو التلفاز) ...
_ مو معصبة ... بس صار لنا 3 أيام راجعين ... مو المفروض تبقى عند مريم ...
أحس بأنها غاضبة :
_ والله هذا المفروض أنا اللي أحدده ... (جلس بجانب ابنه) ... روحي طلعي لي ملابس أبي أخذ شور ...
واتجهت نحو الغرفة غاضبة .
<<< بيت بدر
دخل بدر المنزل ... كان يسمع أصواتا عاليا تصدر من الصالة العلوية ... أصوات صراخ وضحكات ... اقترب منها ... فوجد حصة ممددة على الأرض وشوق فوقها تدغدغ بطنها :
_ شوق ... آآآآآآآآه ... خلاص وخري ... آآآآآآآآآآخ ... هههههههههههههههههه ... خلاص وخري أنا أعطيك ...
ابتسم بدر وهو يضع كيسا كان في يده على الطاولة :
_ ههههههههههههههههههههههههه ... شفيكم ؟
واستمرت حصة بالضحك :
_ ههههههههههههههههههههه ... بدر تكفى فكني .. ههههههههههههههه ...
حمل بدر شوق التي ظلت ترفس بين يديه ورفعها عاليا :
_ انتي يا الطيبة ... هدي شوي ...
وقفت حصة بصعوبة وهي ترتب شعرها المبعثر وملابسها التي تهدلت :
_ بابا ... خلي تجيب التلكيبة ...
ومدت حصة يدها بلعبة التركيبة التي كانت تخبئها :
_ هاك ... ما صارت أكلتيني ...
أخذتها شوق ... وتحركت بعنف ... حتى تركها بدر ... فانصرفت نحو لعبتها :
_ بل .. صايرة مفترسة ...
_ بنتك هذي ... (ومررت اصبعها على خدها) ... يمه منها ...
ضحك من شكلها ... اعتادت حصة عليه بشكل كبير ... يبدو انها بدأت تعود لحياتها بشكل أسرع من المتوقع ... جر يدها :
_ تعـــالي ... جايب لك هدية ...
ابتسمت بفرح ... وجلسا معا على الأريكة ... أخرج ما في الكيس :
_ خوذي تخربينه بالعافية ...
أحست بالخوف وهي تنظر نحوه :
_ جــــوال ... بـــ ...
ووضعه في يدها قبل أن تقاطعه وشد عليها :
_ علشاني يا حصة ... أنا أبيك تأخذينه ... وشوفي شنو سجلت رقمك عندي ...
ونظرت في جواله الذي أخرجه (حبيبتي) ... ابتسمت بخجل ... وألم ... وفرح ... أحس بشرودها :
_ تدرين شنو سجلت نفسي عندك
سألت وهي تضحك بوهن :
_ شنو ؟
واتصل عليها ... عديل الروح <<< يتصل بك
_ هههههههههههههههههه ... واثق من نفسك ...
_ هههههههههه ... أرفع معنوياتي ...
_ بابا ... (انتبهوا إلى أن شوق كانت تقف تراقبهم) ... أنا وين هدية ؟
نظرت حصة نحو بدر وهي تبتسم " ما قلت لك ... بنتك هذي يمه منها " .
<<< بيت نايف
خرجت بشاير بعد حمام دافئ ... وجدت نايف على السرير ... يمسد ظهر فلاح ويغطيه بعد أن غط في نوم عميق ... انتابها غضب مفاجئ :
_ كان جبت أمه بعد ...
وخرجت غاضبة ... لم يفهم نايف سبب انفجارها ... أطفئ الانوار وأغلق الباب خلفه بهدوء ... واتجه إلى المطبخ ... حيث كانت تشرب كوب ماء ... كتف يديه وهو يسألها ببرود :
_ ممكن أعرف ليش معصبة اليوم ؟
نظرت نحوه بغضب ثم أكملت طريقها دون أن ترد :
_ لحظة ... (أمسك بمرفقها) ... أكلمك لا تسفهيني وتمشين ...
_ نعم ...
_ الله ينعم عليك ... سوي لي كوب عصير والحقيني الصالة ...
وانصرف ... نفذت ما طلبه منها ... وأعدت لنفسها كوبا من عصير الليمون ... حملت الصينية ... ووضعتها على الطاولة ... وجلست بجانبه ... أطفئ التلفاز نهائيا ... نظر نحوها باستغراب وهي تشرب العصير على مهل :
_ ممكن سؤال وتجاوبين بصراحة ؟
ابتسمت من أسلوبها الذي قلده ... هزت رأسها بالموافقة ... اقترب منها وهي يعود بظهره إلى الوراء :
_ ليش معصبة ؟
هزت كتفيها :
_ مو من شي .. من نفسي ...
_ أوفففففف ... أصعب انواع التعصيب ...
رفعت كوبها إلى فمها :
_ لا تتطنز ...
_ هههههههههههههههه ... وراسك الغالي ما أتطنز ...
التزما الصمت ... كان نايف يتأملها ... يعلم جيدا بأنها تعاني شيئا لا تستطيع أن تخفيه طويلا :
_ نايف ... (رفع حاجبا علامة لانصاته) ... خلنا نسافر ...
استغرب طلبها :
_ ليش ؟
اقتربت منه ... أمسكت ياقة بجامته ... وقبلت أسفل خده :
_ وحشتني ... هنا ما أشوفك كثير ... خلنا نرجع المزرعة ...
قبل خدها بأفضل مما فعلت ... وأمسك ذقنها بيده :
_ اعذريني يا قلبي ... ودي ... بس تدرين الشغل ... وأبوي ... ومريم ... وعيالي ...
غضبت أكثر فأبتعدت عنه :
_ خلاص .. انسى ... مو لازم ...
_ لا ... أخلاقك اليوم مو طبيعية ... (نهض وأمسك يدها) ... قومي ... قومي ... عيني من الله خير وخلينا ننام ...
أفلتت يدها منه :
_ ما أني نايمة ... روح انت نام يم ولدك ...
وأمسكت الريموت كنترول وأعادت تشغيل التلفاز :
_ كيفك ...
واتجه إلى الغرفة ... بالها لم يكن أصلا مع التلفاز ... سالت دموعها رغما عنها ... " يا ربي ... وش فيني أنا ؟.. صايرة حساسة مرة ... ووبعدين هو شعليه أزعل منه ؟... وفلاح ليش أزعل منه ؟... ولا مريم ؟.. يا ربي اشفيني صايرة تافهه ... يعني انتي تزوجتيه وتدرين عنده مرة وعيال ... قاعدة تلعبين دور المغفلة ليش ؟... ساعدني يا رب ... والله مو قادرة أتحكم في نفسي " ...
--------------------------------------------------------------------------------
(( الفصل الرابع والخمسون ))
<<<بيت ماجد
_ لا يا نايف ...
ووقفت منال غاضبة :
_ شنو اللي لا ؟... أنا أصلا على بالي رحعتي بيت أبوي من زمان ...
أحست بالضعف :
_ وهذا بيتي ... ليش أتركه ؟
_ بيتك إذا فيه رجال يصونك فيه ... وماجد الله يرحمه ...
أحست بغصة عنيفة :
_ أنا أبي أربي ولدي ببيت أبوه ... ومبارك قاعد معاي ...
صرخ نايف بنفاذ صبر :
_ انا اللي أقوله يتنفذ ...
انتحبت منال وهي تجلس على الأريكة ... أمسكت بشاير بكتفيها لتهدأ :
_ اذكري الله يا منال ...
ونظرت في عيني نايف ليكون أقل قسوة ... رن جرس الباب :
_ روحوا داخل ...
وانصرفت الفتاتان إلى الداخل ... وفتح نايف الباب :
_ هلا أحمد ...
دخل أحمد وأغلق الباب خلفه :
_ هلا فيك ...
ركز نايف فيه :
_ شعندك جاي ؟
_ أبي أشوف أحمد الصغير ... (نايف كان يعلم عمق محبة أحمد لماجد) ...
_ منـــــــــــــال ... أحمد هنا ... وجهزي أغراضك بسرعة علشان تروحين معاي ...
منال كانت تنتحب في غرفتها :
_ والله ما أطلع ... لو يذبحني ما أطلع من هالبيت ...
حاولت بشاير أن تهدأ منها :
_ منال تعوذي من ابليس ... لا تسببين لنفسك مشاكل انتي في غنى عنها ...
اقترب أحمد من الطفل الممدد على الأريكة :
_ يا قلبي ... (انحنى وظل يقبله بحب) ... وين رايحين ؟
_ بيت أبوي ... يالله يا منـــــــــــــــال ...
وفقدت منال أعصابها ... غطت وجهها وخرجت نحوه بشجاعة :
_ ما أني طالعة من هالبيت يا نايف ...
صرخ الطفل برعب من الأصوات الحادة التي كان يسمعها ... ظل أحمد ينظر بدهشة ... وفقد نايف أعصابه معها :
_ انا قلت تمشين يعني تمشين ... لا تخليني أجرك غصب ...
المحن الكثيرة التي مرت بها ... علمت منال أن تكون صلبة ... من أجل طفلها على الأقل :
_ كلمت عمي عبدالله ... وهو راضي ... أنت ليش معند ...
_ وعمي عبدالله شكو ... انتي عندك أبو يا مدام ... ومستحيل يرضى تقعدين هنا لحالك ... (أمسك مرفقها) ... يالله عاد ... جهزي أغراضك ... وخلينا نمشي ... (وقذفها نحو بشاير التي كانت تقف في الممر) ...
_ ما أروح ... أقولك ما لي طلعة من هالبيت لو تذبحني ...
صوت الحزن والانكسار في صوتها كان عميقا ... أحس أحمد بغصة عنيفة ... " لما ماجد كان حي ... ما أحد كان يتجرأ يجرح منال بكلمة ":
_ أقولك تمشين ... (وهب نايف يريد سحبها) ...
صرخت منال وبشاير ... ركض أحمد وأمسك به ... جره حتى خارج الشقة :
_ نايف خلاص ... تعوذ من ابليس ... اهدى ...
أطاعه نايف ... وانصرفا نحو مواقف السيارات التي كانت تحت البناية ... تنهد نايف بعمق وهو لا يزال يلهث :
_ هالبنت تبي تجنني ... كل ما أقول تكسر خاطري وأرحمها ... تستفزني ...
_ أنت وش تبي فيها ... خلها ببيتها تربي ولدها ...
نظر نايف في عينيه باستغراب :
_ أحمد أنت شارب شي ؟... شلون تبيني أخلي أختي في بيت بروحها ...
_ وحرام بعد تحرمونها وولدها من الذكرى اللي بقت ... مو كافي ماجد راح وخلاهم ...
_ ماجد الله يرحمه ... والحي أبقى من الميت ... بس بدون رجال هي ما لها قعدة بهالبيت ... (وابتعد عنه) ...
_ أنا أتزوجها ...
عاد نايف ليواجهه :
_ احمد أنت شارب ؟
نظر أحمد في عينيه بتصميم :
_ أتزوجها من بكرا ... بس خلها تقعد في بيتها ...
_ شفقة يعني ؟... علشان تفكها مني ... هههههههههههه ... أقص ايدي إذا مو شارب شي يا أحمد ...
سار نايف ... وركض خلفه أحمد .. أمسك بذراعه :
_ اسمعني يا نايف ... منال بعدها صغيرة ... ومصيرها تتزوج ... ليش ما أتزوجها أنا ...
_ لان سببك مو مقنع ... أختي مو محتاجة أحد يشفق عليها ...
_ والله مو شفقة ... بس ... تقدر تقول علشان ماجد ... ولده وزوجته أبيهم يعيشون مثل عيشتهم لو كان حي ...
_ معاك ؟!
_ ليش لا ؟... أسأل منال ... وهي صاحبة القرار ...
<<< في شقة ماجد
_ مـــــوافقة ...
بشاير برجاء :
_ منال لا تستعجلين ...
_ إذا يخليني أعيش هنا أنا موافقة ...
نظر نايف في عينيها :
_ ما تبين تفكرين يعني ؟
_ علشان ولدي يربى في هالبيت مستعدة أسوي أي شي ...
<<< بعد أسبوع
تمت ملكة أحمد ومنال ... دون حفل زفاف ... لأنهما أصلا لم يرغبا بذلك ... خرج أحمد منذ أن تمت الملكة بعد صلاة العشاء ... الساعة الآن 3 بعد منتصف الليل ... وحتى الآن لم يعد ... كانت منال ممددة على سريرها ... بجانبها طفلها النائم بهدوء ... " معقولة ... أحمد ... تزوجت احمد يا ماجد ... (قبلت الطفل بشوق) ... وينك يا الغالي ... وحشتني ... وحشتني موووت ... صدقني ... كل اللي سويته علشان ولدنا ... أبيه يربى هنا ... في المكان اللي اخترت إنه يكون بيتنا ... في المكان اللي شهد أحلى أيامنا مع بعض " ... وغطت في نوم عميق .
<<< منزل نايف وبشاير
_ وش أسوي يا أنوار ؟
أنوار كانت في زيارة لبشاير ... وضعت بشاير صينية القهوة والحلويات ... وكانت مرتبكة :
_ طيب ... (التهمت كعكة) ... الحين الرجال وشو اللي غلط فيه ؟
_ أقول لك نايم عندها صار له يومين ...
هزت كتفيها باستهزاء :
_ عادي ... شي طبيعي ... زوجته ... حالها حالك ... الأسبوع اللي طاف قعد عندك 3 أيام على التوالي ...
_ تتطنزين هاه !... الشرهة على اللي تشكي لك ... (وكتفت يديها غاضبة) ...
_ ههههههههههههههههههههههه ... (ونهضت حتى جلست بجانبها وقبلتها بحب) ... يا بعد قلبي ... صدمتيني حبي ... ما ظنيت إنك تغارين ؟
_ أنا ما أغار ...
_ بالله ... وهذا المنافخ علشان قعد عند مريم يومين وش أسمه ؟.. مسابقة ؟!
_ هذي مو غيرة ... هذا حق ... خليه عالأقل يعدل بيناتنا ...
ضربت أنوار رأسها :
_ يمه يا الظلم ... يا كبرها عند ربي ... أصلا الكل ملاحظ ... نايف يعطيك حقك وزود على مريم بعد ... إلا انتي اللي صايرة جشعة ؟
أحست بأن كلام أنوار صحيح ... تنهدت بيأس :
_ طيب وش أسوي ؟... كل ما أفكر بالموضوع أحس بضيقة ...
_ شوفي بشورة ... انتي صراحة خربانة ... قبل كنتي طيوبة وأخلاقك عسل ... بس من أخذتي نايف ... وانتي انقلبتي ... الكل صار يتحسس منك ... حتى مريم المسكينة ... بس تقول لك كلمة هبيتي فيها ... مرات جد تكسر خاطري ... وتتعمدين تتكلمين عنك وعن نايف بوجودها ... كأنك تتحدينها ... ولا فلاح المسكين ... حتى الضرب يأكله من وراك ..
ارتعبت بشاير من صورتها التي تشوهت بالفعل :
_ يعني صرت أسوي سوالف الحريم الماصخة ...
_ لا ... بقى عليك تشتغلين بالسحر ...
ضربتها بشاير :
_ عمى ... اسم الله على نايف ...
<<< الساعة 12 ليلا
عرفت بأنه يكون في مكتبه في مثل هذا الوقت ... "حرام ... اتصل عليه وهو عند مريم .. يووووووووووه .. وش علي منها " ... :
_ هلا ...
_ هلا فيك ... شلونك ؟
_ تمام ...
_ بالمكتب ؟!
_ ههههههههههههههههههه ... حفظتي عاداتي ...؟
_ وش أسوي من كثر ما أحبك ... حبيبي ...
_ أبوي انتي ...
_ تعال نام عندي اليوم ...
_ والله يا قلبي ما أقدر ... مريم تعبانة ... و ...
_ شفيها ؟
_ ما أدري ... بس قلت لها بكرا لازم تروح الطبيب وتشوف وش فيها ...
_ يعني ما فيك أمل اليوم ...؟
_ ههههههههههههه ... بل ... لاعب فيك الشوق ...
_ ههههههههههههه ... مخربط الحسبة عندي ... تصبح على خير ...
_ تلاقين الخير ... دير بالك على نفسك ...
_ إن شاء الله ... مع السلامة ...
أغلقت الجوال ... " قطيعة إن شاء الله ... خايف عليها بعد ... أكيد كذبت عليه علشان يبقى عندها ... أنا وش قاعدة أخربط ... صج صايرة شريرة ... ولا مريم هالفقيرة وينها ووين هالحركات ... أوفففف ... يا ربي ... وش هالمرض اللي بليتني فيه ... حتى عقلي صار مو معاي ... ولا انا بشاير اللي رحت اعتذرت من مريم يوم ملك علي نايف ... من يصدق ... أعوذ بالله منك يا الشيطان " ...
<<< بيت ماجد الساعة 9 صباحا
استيقظت منال من النوم ... اتجهت نحو الصالة ... كانت بارتي في إجازة لمدة شهرين ... وصلت الصالة :
_ آآآآآآآآآآآآآآه ... (وكتمت صيحتها بيدها) ...
كان أحمد ممددا بكامل ملابسه على الأريكة ... ويبدو أنه مرهق جدا ... وضعت يدها على صدرها ... " لازم أتعود على احمد ... والظاهر هو مثل حالتي ما يبي من هالزواج غير الاسم "... وقفت بجانبه :
_ أحمـــد ... أحمـــــــــد ... أحمـــــــــــد ... (لمست كتفه لتهزه) ... أحمــــد ...
وشهقت حين فتح عينيه فجاة وأمسك بمعصمها بقوة :
_ شتبين ؟
أجابت برعب :
_ قوم نام داخل ...
ترك يدها والتفت على جنبه البعيد عنها :
_ خليني ... أبي أنام هنا ...
وانصرفت منال وتركته
<<< الساعة 7 من مساء اليوم التالي
جلست على مائدة العشاء التي أعدتها بتفاني ... رفع نايف كمه :
_ يا مال العافية ...
_ عوافي على قلبك ...
وابتدأ بالأكل :
_ غريبة فلاح ما جاء معاك ...
_ ههههههههههههه ... فرحان .. إلا صج نسيت أقولك ... مريم حامل ...
سقطت الملعقة من يدها ... ونظرت فيه باستغراب ... ثم نهضت واقفة :
_ وين ...؟
_ شبعت ...
_ ما أكلتي شي ...
_ الحمد الله ...
اتجهت نحو غرفتها ... أحس بضيقها ... ترك طعامه ... مسح يديه ... ولحق خلفها ... كانت جالسة على السرير ... والحزن جليا عليها ... حرارة أنفاسها الغاضبة تحرق أجواء المكان ... اقترب وجلس امامها :
_ حسناء ... (ورفع ذقنها بيده وهو يبتسم) ... ما يشقيك من عالم ؟... ما زال في عينيك يحتار ...
ابتسمت من عشقه لهذه الأشعار المجنونة ... بادلها بابتسامة أجمل :
_ ليش تضايقتي ؟
_ ما تضايقت ... بس ...
_ علشان سالفة الحمل ؟
أحست بأنه اكتشف حساسيتها من مريم :
_ عادي ... توك صغيرة ... وما صار لنا وقت طويل ...
ابتلعت ريقها بارتياح ... نهضت تتصنع الابتسام :
_ ما عليك من هبالي ... إمش بس ... (سحبت يده) ... تعال كمل عشاك ...
<<< بيت ماجد بعد أسبوعين
الساعة الآن 5 مساءا ... اتجهت منال نحو الصالة ... "غريبة ... احمد للحين نايم "... اتسمت علاقة منال بأحمد بالفندقية ... أحمد لا يأتي إلا لينام على الأريكة التي اعتادت وجوده دائما ... لم يتبادل هو ومنال إلا القليل من الكلمات المهذبة ... تقدمت منال منه :
_ أحمــــ ...
وأبعدت يدها عنه ... كتفه كانت ساخنة حتى من وراء اللباس ... تأملت فيه وهي تقترب ... وجهه كان محمرا بشكل كبير ... لمست جبينه وتأكدت من أنه مريض ...
<< بيت راشد
كانت بشاير لا تزال على حالها منذ يومين ... جاءت إلى اهلها وحبست نفسها في الغرفة القديمة ... دون أن تعطي مبررا أو تفسير ... فتحت عهود الباب قادمة من الجامعة :
_ قوة ...
ابتسمت رغما عنها :
_ هلا ...
_ ترى حطوا الغدا ... أمي تقول ما تبين ...
_ مو مشتهية ...
تركها عهود بعد أن بدلت ملابسها وخرجت ... ورن جوالها ... توأم روحي <<< يتصل بك
_ هلا حياتي ...
_ أهلين يا القاطعة ... اتصل عليك من أمس .. ليش ما تردين ؟
_ كنت نايمة ... شلونك ؟
_ بخير ... انتي وين ؟.. بالبيت ؟!
_ لا عند أهلي ...
_ طيب ... أنا طالع من الشركة وجايك ...
_ لا نايف ... خلني اليوم ...
_ شفيك ؟
_ تعبانة شوي ...
_ عسى ما شر ...
_ ما شر ... بس يمكن سخونة ...
_ هههههههههههههه ... شفيكم عالسخونة ... الظهر أحمد والحين انتي ...
_ يمكن تغير جو ...
_ يمكن ... دير بالك على نفسك ... وتغطي زين ... تبين شي ؟
_ سلامتك ... مع السلامة ...
أغلقت الجوال ... وانتابتها نوبة بكاء شديدة ... " أنا لازم أحل الموضوع ؟.. مو معقولة أظل كذا ... حياتي صارت جحيم " ...
<<< بيت ماجد
منال كانت في الصالة .. تناغي ولدها الصغير الذي أنهت تنظيفه للتو ... انتبهت للوقت ... " الساعة 8 لازم أحمد يأكل علاجه " ... اتجهت نحو الغرفة ... كان نائما على السرير بهدوء ... فتحت الكبسولات من أكياسها ... وجلست :
_ أحمد ... أحــــمد ...
وحرك أحمد رأسه وهو يتمتم :
_ أحمد ... اقعد لازم تأكل علاجك ...
فتح عيناه بتثاقل :
_ منو انتي ؟
تنهدت بيأس :
_ سم بالرحمن ...
ووضعت الكبسولة في فمه ثم قربت منه كأس الماء ... شرب حتى تنهد براحة :
_ بردان ...آآآه ...
قربت من الغطاء وشدته عند رقبته ... مد يده ببطء ولمس عنقها :
_ انتي منو ؟
ارتعبت من حركته ... انصرفت بسرعة :
_ نام أحسن لك ...
وفي الصالة وقفت تفكر بحيرة ... " شفيني ؟.. أحمد صار زوجي .. أعوذ بالله من الشيطان " ... واتجهت نحو طفلها لتحتضنه .
<<< اليوم التالي بيت نايف وبشاير
_ وش هالكلام ؟
ووقف غاضبا ... مسحت على رأسها بهم :
_ نايف أنا عايشة بعذاب ... ليش ما انت حاس فيني ...
جلس بجانبها بتصميم :
_ بشاير لا تستفزيني ...
أمسكت ياقة قميصه بحنان :
_ أنا ما أقول لك تطلقها ... بس ...
نظر في عينيها مباشرة :
_ أكيد صار بعقلك شي ... انتي مو طبيعية ...
واتجه نحو الغرفة ... ذهبت خلفه :
_ نايف ... لا تهملني كذا ... في مشكلة أنت ليش مو حاس فيها ...
صرخ بنفاذ صبر :
_ لأنها خرابيط ... ما لها داعي ... غيرة حريم ما لها أي معنى ...
كتفت يديها بغضب :
_ مو غيرة ... أنت ترضى أحد يشاركك فيني ...؟!
اتجه نحوها ... نظر في عينيها مباشرة :
_ لا تحديني على الاختيار ... الموضوع مو بصالحك ...
أخذ غترته وخرج من المنزل كله .
<<< مجلس ناصر
_ سم ...
تناول فنجان الشاي :
_ سم الله عدوك ... قاهرتني يا ناصر أول مرة أتنرفز كذا ...
_ هههههههههههههه ... ويا مالك ... دام الغيرة اشتغلت ... ابشر بعوار الرأس ...
_ أنا توقعت مريم اللي تغار ... بشاير عاقلة وشخصيتها مستقلة .. و ...
_ وبالأخير هي مره ... حالها حال غيرها من الحريم ...
_ أوووووووف ... شلون أتصرف معها الحين ؟
_ أسفها ... لا ترد عليها ... اسمع واسكت ...
_ لا والله ... خوش حل ...
_ وش أسوي فيك أنت وحريمك ... من قال لك تتزوج ؟.. ذوق الويل الحين ...
<<< بيت ماجد
كانت تتابع التلفاز في الصالة ... سمعت صوت صراخه في الغرفة .. ركضت وفتحت الباب ... وجدته يعاني من كابوس رهيب ... اقتربت منه بسرعة :
_ أحمـــــــــد ... أحمــــــــــــــد ... اصحى ... اسم الله الرحمن الرحيم ....
كان أحمد يصرخ بين الوعي واللاوعي ... أمسكته منال بقوة :
_ أحمد .. خلاص ... سم بالرحمن ...
استكان أحمد بهدوء ... وتنفس بعمق ... ظل ممسكا بيده بقوة ... واضعا إياها على صدره ... أغمض عينيه ليعود لنومه ... نهضت ... فأحست بقبضته تشتد :
_ خليك ...
وبقيت حتى غط في نوم عميق .
(( الفصل الخامس والأربعون ))
مرت الأيام سريعة ... تحمل بين طياتها الفرح ... والألم ... والحيرة ... أحمد تقبل تدريجيا منال كزوجة ... وأدهش الجميع بمهام الأب التي كان يقوم بها بجدارة تجاه طفل ماجد ومنال ... عرف الجميع بأن شتات أحمد كان نوعا من أنواع الفراغ النفسي والعاطفي الذي كان يقتله ... منال أيضا بدأت تتقبل حياتها معه ... قدرت فيه رغبته في التغير ... تفانيه في رعاية ابنها ... والأهم حنينه الذي يوازي حنينها وشوقها لماجد ... أنوار اندفعت في حياتها كالسابق ... جامعتها ... أحلامها الكبيرة ... والأهم عشقها لناصر الذي لم تخف حرارته حتى الآن وإلى آخر العمر ... ناصر لا زال يعاني من النقص ... يعذبه احساسه بالفشل ... وعجزه عن منح أنوار طفلا يكون ملكا شتركا بينهما ... بدر عاد كما كان ... تخلص من عقدة العار التي حملها تجاه حصة ... واحتفظت حياته بالاستقرار معها ... بشاير لم تجد حلا للمشاكل النفسية التي تعاني منها ... لزمت بيت راشد منذ أربعة أسابيع :
_ انتي صاحية ؟
كانا يغلقان المجلس ويتناقشان :
_ هذا اللي عندي ...
_ طيب ... فهميني ... أنا منقص عليك حاجة ...
مسحت دمعة سقطت من عيونها العصية :
_ لا ... بس أنا كذا إنسانة مريضة ... وش تبي فيني ...؟
_ ما عليه ... اصبر عليك ... فكري عدل وبعدين قرري ...
_ طلقني يا نايف ...
تكلم بهدوء :
_ بشاير ... ترى أنا أكره ما علي العبط ... أطلقك ليه ؟... كذا بدون سبب ؟
انتحبت وهي تجلس على الأريكة :
_ نايف ... أنا مو قادرة ... حرام عليك ... قاعدة أتعذب ... ليش ما أنت حاس فيني ...
_ انتي اللي معذبه نفسك ....
_ أدري ... قول اللي تقوله ... قلبي وأعرفه ... أنا ما لومك ... ولا ألوم مريم ... أنا ألوم نفسي ... نايف أنا جبانة .. ما عندي شجاعة أتحمل أحد يشاركني فيك ...
جثى على ركبتيه عندها :
_ اسمعيني ... (أمسك وجهها بين يديه) ... لا تستعجلين ..
_ نايف خلاص ... والله تعبت ... إذا تحبني ريحيني ...
بحث عن بصيص أمل :
_ طيب ... ما فكرتي إنك يمكن حامل ... أو ...
قاطعته بثقة :
_ أنا كنت أكل موانع ...
تركها ... ووقف مصدوما :
_ يعني ... انتي صج مو بالعتني ..؟
تنهدت بيأس :
_ نــــــايف !
_ انتي طالق يا بشاير ... وورقتك راح توصلك ...
وخرج نايف غاضبا ... وتركها خلفه تنتحب ... تبكي الأيام التي ستقضيها في العمر دونه :
ســـلامة رمــــاحك اللي جـــرحها غــــالي ...
طعنتنــــي غاضـــب لـــين انكســـر رمــحك ...
يا لـــيت بــي عــــدل وألــــقى علقـــمك حــــالي ...
ويا ليـــت لي ذنـــب وأرضــــى فــي الهـــوى ذبحــــك ...
(( النهاية))
|