كاتب الموضوع :
ارادة الحياة
المنتدى :
القصص المكتمله
((الفصل السابع والعشرون))
كان ممددا على الأريكة ... رأسه في حجر والدته ... ممسكا بالريموت كنترول ... يشاهد أخبار قناة (العربية) ... عيناه على الشاشة وعقله في مكان آخر " أنا ليش صابر عليها ... قلنا صغيرة بس تصرفاتها تصرفات وحدة طايشة ... لمتى يعني بتظل حياتنا كذا ... معقولة خدعت نفسي لما قلت انها ممكن تتغير ... اليوم تحدتني ... وحتى ما حطت لوجودي حساب ... بس انا صبرت علشان أمي ... آآآخ يا انوار ... يا من شرى له من حلاله علة ... صبرني يا رب " ... :
- السلام عليكم ...
وانتشله صوتها الرهيف من زحمة أفكاره ، سقطت عيناه في عيناها مباشرة :
- هلا يمه من جابك ؟؟
- بدر ...
- جاك فهد ؟؟
- لا يا عمة ... شكله مطول بالسهر ... وقلت لبدر يجيبني ... تصبحون
على خير ...
ردت أم ناصر :
- وانتي من أهله ... (وعادت تمسد شعر ابنها) ... سبحان الله ... ما أسرع ما تتعود الحرمة على رجالها ...
نهض ناصر وهو يقبل رأس أمه :
_ تصبحين على خير يمه ...
_ تلاقي الخير يا يمه ...
كانت قد غيرت لباسها ... وارتادت واحدة من بيجاماتها السخيفة ... جلست على السرير وهي تفكر بدهشة " ليش سوى كذا ؟... بدر عمره ما تعامل معاي بهالطريقة !!... يمكن متأزم من سالفة الزواج ... بس امي تقول هو اللي اختار وما أحد اجبره ... وشفيه بدر يا ربي ؟؟... أخوي أبد مو أخوي " ... :
_ شفيك ؟؟... (انتبهت الى انه جلس مقابلها) ...
أخفضت رأسها تتهرب منه :
_ ما في شي ...
_ اليوم أنا قلت لك لا تروحين لاهلك ...
تنهدت بيأس وهي ترد عليه بحدة :
_ ورحت ... ما شفت الدنيا خربت ...
تأمل أثر الكدمة على خدها فاستغرب :
_ من ضاربك ؟
تحسست الأثر الذي لا زال يؤلمها :
_ ما أحد ... (وسحبت الغطاء) ... طحت ...
سحب يدها ليرفع الغطاء :
_ انوار !!... أكلمك انا !!
_ يوووووووه يا ناصر ... خلاص خلني أنام والله مو رايقة ...
وتركها لتنام حتى لا ينقلب ضيقها إلى بكاء حاد ... خرج لينزل إلى الشرفة في الجزء الأخر من الجناح ... أمسك الجوال واتصل :
_ قوة بدر !!
أجابه صوت بدر الذي دخل المنزل لتوه :
_ هلا ناصر ...
_ انا ابي اعرف ... انوار زوجتي ولا زوجتك ... وش له جايبها بأنصاص الليالي ...؟
لأحس بدر بغصة :
_ آآفا ... هذا اللي يبي الفكة ... بدال ما تشكرني يا النسيب ..
_ كيفي ... انا اللي سامح لها تنام وش له اللقافة ... مسوي نفسك طيب يعني ...
_ لا حول صج انك بلشة ... وش تبي الحين ؟
_ طيب تقول لسعود حسابي معاه بعدين وانا اعلمه وش لون يمد يده على زوجتي ...
تنهد بدر وهو يبتسم " يا حليلك يا ناصر يعني يقال تكشفني " :
_ لا تظلم سعود ... انا اللي ضاربها ...
_ يا عل يدك للكسر ... وليش ان شاء الله ؟
_ كيفي اختي وانت شكو ...
_ هين يا بدر ... هذا وجهي ان دشت بيتكم بعد ... توها عروس وانت جالس تكفخ فيها ... يا اخي اذا فيك حرة ... طالعها في اللي مسود عيشتك ... انوار ما لك شغل فيها ...
_ خلصت ... ترى صدع رأسي ...
_ ممكن أعرف ليش ضريتها ؟
_ شي بيني وبينها ... اذا صج قوي ... خلها هي تقول لك ...
_ طيب يا بدر ... هي راح تقول لي ... بس والله ما أخليها لك ... ان ما كفخت بنتك ... ما اكون انا ناصر ...
_ ههههههههه ... طيب ازعجتني تبي شي ...
_ سلامتك ... كوابيس مرعبة ان شاء الله ...(وأغلق الجوال) ...
تأمل بدر الجوال وهو يبتسم " طول عمرك حنون يا ناصر ... يا ليت بس اختي الهبلة تقدر هالشي ... بس انوار ما فيها ذرة عقل ... (وتنهد) ... ليش الحريم من متى فيهم عقول أصلا ؟؟) ...
بعد شهرين (عرس بدر) <<<
_ آآآآآآآه ... (يتثاءب) ... يا حاو النومة ...
ولا زال يسير من المسجد الى البيت مع سعود :
_ غريبة اليوم قاعد للصلاة بدري ... بالعادة غصب ...
رمقه مشعل بسخرية :
_ لا لا يا أبو عكرمة ... متى راح ترضى علي وتقبل تصرفاتي ...
ودخلوا الصالة :
_ صبحك الله بالخير يا الغالية ... (قبل رأس أمه وجلس بجانبها) ...
_ صبحك الله بالخير يمه ... أحط لكم الفطور ...
قبل سعود يدها وهو ينهض :
_ تسلمين يمه ... اليوم خميس وودي أكمل صيامي ... راح أرتاح شوي ... (وخرج) ...
_ يمه مشعل ... بدر أخوك وينه ؟
_ أكيد نايم ...
_ مو بغرفته من أمس وجهازه مغلق ...
_ يمكن نايم ببيته ... يضبط البشرة الاخ ... من قده ... آآآه ... ذبحني المثاوب ... خل أروح أنام أحس لي ... (وانصرف ليكمل نومه) ...
ودخل جناحه ... ثم اتجه إلى غرفته ... وجدها واقفة بخوف تمسك بقوائم السرير ... تتصبب عرقا ... ووجها يعلوه شحوب مميت :
_ دلال !!... شفيك ؟
_ مدري ... بطني تعورني ...
_ ليش وش مأكلة انتي ؟؟
_ أقولك بطني ... نسيت اني حامل ...
ضرب رأسه بغباء :
_ ايه والله صدق ... أروح انادي أمي ...
أمسكت يده برجاء :
_ بسرعة مشعل ... تكفى أبي أموت ..
ونزل يركض على درجات السلم :
_ يمـــــــــــــــه .... يمــــــــــــــــــــه ...
وقفت الام مرعوبة من صراخه :
_ شفيك ؟؟
_ يمه بسرعة دلال جابت ...
وتلونت ملامح أمه برعب :
_ ولدت ؟!... بغرفتكم ...
ضرب رأسه بغباء اكبر :
_ يوووووه ... أقصد تبي تولد ... بطنها يعورها ...
وركضت وتبعها هو .
على مائدة الفطور ... جلست ام راشد ... وبجانبها عهود ... دخلت بشاير بهدوء واتجهت نحوهن :
_ صباح الخير ...
_ صباح النور ...
_ وين بنات راشد ... ما لهم حس ...
_ نوف راحت بيت عمي أبو نايف من الصبح ... علشان تروح مع حصة المشغل ...
ورن جرس الهاتف :
_ بسم الله الرحمن الرحيم ... من داق علينا هالحزة ... يمه بشاير شوفي التلفون ...
واتجهت بشاير نحو التلفون :
_ آلووو ... وعليكم السلام ... هلا مشعل ... شلونك ؟... صج ... متى ؟... أي مستشفى ؟... (وجحظت عينا عهود وامها) ... طيب طيب ... مسافة الطريق ونجيكم ... مع السلامة ...
صرخت عهود برعب :
_ شفيه ؟... وش صاير ؟
_ لا تخافون ... مشعل يقول دلال بالمستشفى ... وعندها ولادة ...
هبت الام واقفة :
_ ولادة الحين ؟... توها بالسابع ... أكيد أختك فيها شي ...
_ يمه استهدي بالله ... واجد حريم يولدون بالسابع ... ولو فيها شي ... مشعل قال لنا ...
_ وانا وش ينطرني علشان مشعل يقول لنا ... عهود بسرعة جيبي عباتي ... يا ماري .... يا ماري ... (وانصرفت تبحث عن ماري) ...
في المشفى <<<
بعد ساعتين خرجت الطبيبة فرحة :
_ خير دكتورة ...
_ مبروك يا أخ مشعل جاك ولد ... والمدام بصحة ممتازة وولدتها جدا كانت سهلة ...
علت ابتسامة فرح وجه مشعل البشوش :
_ الله يبشرك بالخير ...
سألت أم راشد :
_ بنتي يا دكتورة ... نقدر نشوفها ...
_ ما عليش يا خالة ... ربع ساعة ان شاء الله وبنزلها الغرفة وشوفيها على راحتك ...(وانصرفت) ...
أمكست أم بدر ظهر ابنها بفرح :
_ مبروك يا يمه ...(بعدها ام راشد) ... مبروك يا مشعل ...
قبل يد أمه :
_ الله يبارك فيكم ...
_ يتربى بعزك يا مشعل ...
_ تسلمين يا بشاير ... خل اتصل على بدريه تبشر أبوي ...
خرج من الحمام يلف منشفة حول خصره ... يتقطر الماء الندي من قمة رأسه ... أشاحت عنه بعينيها ... تبحث في الجوارير ... حتى بعد أكثر من شهرين لم تتعود على رؤيته بهذا الشكل ... رن جوالها فاتجهت نحوه مسرعة :
_ آلووو ... هلا بشورة ... وينك انتي في بيت أهلي ... احلفي ... لا يا الدبة ... ما صبرت شوي ... هههههه ... طيب ... متى بتروحين ؟؟ ... انا شوي بروح المشغل .... القاك هناك مو تتأخرين ... طيب ... مع السلامة ... (وأغلقت الجوال) ...
_ شفيه ؟؟؟
_ هاه ... (انتبهت إلى انه تمدد بجانبها على السرير) ... مشعل أخوي جاه ولد ... (واتصلت على جواله) ... هلا مشعل ... مبروك يا الدب ... هههههههههه ... لا يكون طالع دب مثلك ... على الأقل أحسن منك ... وشلون دلال ؟... طيب مو تسنتر بالمستشفى ... ترى اليوم عرس أخونا ...
اقترب منها وجه ناصر حتى لفحتها أنفاسه الحارة ... مد يده نحو الجوال :
_ عطيني ياه ...
ارتبكت بشده :
_ هاك مشعل ناصر يبيك ...
أعطته الجوال ونهضت كالملسوعة ... لم يستغرب حركتها وظل يراقبها بقهر :
_ هلا مشعل ... مبروك ولي العهد ... يتربى بعزك ... هههههه ... لا حنا .. (ونظر نحو انوار) ... تو الناس علينا ... ما حنا مشافيح مثل بعض الناس ... وش نويت تسميه ؟... ههههههه ... للحين ما غيرت رأيك ... يا اخي عليك ذوق ... زبالة ... هههههههه ... سلم ... مع السلامة ... (وأغلق الجوال) ...
التفت فوجدها واقفة بخوف ... نظرة الرعب التي تتراقص فيها الدموع وسط مآقيها تتكرر ... حتى حفظها عن ظهر قلب :
_ مشعل يبي يسمي ولده حربي ... (وابتسم بألم) ...
لا زالت نظرتها مثبتة على وجهه برعب ... ابتلعت ريقها :
_ اليوم أبي أنام عند أهلي ...
نهض يتجه نحو الخزانة :
_ قومي البسي عباتك ... خليني أوديك المشغل ...
_ لا ... (نظر نحوها بيأس فبررت) ... أروح مع السواق ...
وضع يدا على خصره :
_ وليش ما تروحين معاي ان شاء الله ...
_ ما أبي أتعبك ...
أخرج ملابسه وهو يرمقها بأسى :
_ لا يا شيخه ...
دخل نايف المجلس يتبعه صلاح :
_ يالله حي أبو فلاح ...
_ تحيا يا بعدي ... (وجلس) ... أحمد هنا ؟... اتصلت عالاستراحة قال لي الحارس إنه مو موجود ...
_ سيارته بالكراج ... أكيد موجود ... ليش وش تبي فيه ...
_ أبي أزنطه من الحين وأجلسه بالقاعة ... مو معقولة ما يحضر عرس بدر بعد ... أخوك هذا مسبب لي عقدة ...
_ هههههههه ... والله معاك حق ... أجل خل أروح أقعده ...
وخرج صلاح ... وبعد قليل دخل :
_ الســــــلام عليكم ...
وتفاجأ نايف :
_ عزيــــــز !!... هلا ...
_ هلا بك أكثر ... (وتبادلا السلام الحار) ...
_ متى الوصول ؟
_ أمس بالليل ... وراج بكرا الفجر ... تدري مو معقولة ما أحضر عرس بدر ...
_ لا فيك الخير ... ما قال لي صلاح ؟
_ ما أحد يدري ... الفجر اتصلت على أحمد وجا أخذني من المطار .. والكل كان نايم ... توهم سلموا علي ...
وجاءت الخادمة بالقهوة ... اخذها عبدالعزيز وبدأ بصب الفناجين :
_ وشلون الدراسة معك ؟
_ تمام ... على فكرة صادفت واحد اسمه جوزيف ... لبناني ... قال لي انه يعرفك ويعرف ناصر ...
_ وين شفته ؟
_ رحنا زيارة ... وفد من جامعتنا لجامعة اكسفورد ... وهو دكتور محاضر فيها ...
_ ايه عرفته ... يا حليله جوزيف ... كان معاي انا وناصر ... وطموحه كان قوي الله يذكره بالخير ... اذا شفته مرة ثانية سلم عليه ...
_ يوصل ... الا نايف صحيح ... بغيتك بموضوع ؟؟
أحس نايف بأن هذا الوضوع يخص بشاير :
_ خير ان شاء الله ...
_ خير ... بس أخاف صلاح يطب علينا ... وأنا الموضوع هذا ما ودي أحد يدري فيه غيرك ...
_ لا تخاف ... صلاح راح يقعد أحمد ... وعلى ما يصحى احمد يا عايش ... (وارتشف من فنجانه) ... قول ...
أحس نايف بأنه متردد " هي كانت أشجع منك يا عزيز " :
_ بشاير ... بشاير بنت عمي عبد الرحمن ...
--------------------------------------------------------------------------------
((الفصل الثامن والعشرون))
دخل المنزل بكآبة ... اتجه إلى الصالة ووجد ابنته تتابع باندماج شديد فيلم كرتوني على التلفاز ... ابتسم وهو يستند إلى الحائط ... ويراقب هذه الكتلة من البراءة والتي يعشقها بجنون ... كم تمنى أن يسرقها من هذا العالم المريض ... ويهرب بها بعيدا ... بعيدا جدا :
أبســـــــــــــــــــــالك !!
باللي زرع فيني غصونــــــــــــك ...
ليه عيون الناس ما تشبـــــــــــــــه ...
عيونـــــــــــــــــــــــك ؟!!
_ شلون حبيبة بابا ... (والتهم وجهها بشوق) ...
_ يوووووووه ... بابا ... (وأبعدته عنها بملل لتتابع فيلمها) ..
_ بـــــــــــــدر !
ودخلت بدرية ... تحمل بين يديها كوبا من الكاكاو الساخن بالحليب قدمته لشوق بدهشة :
_ شفيكم اليوم ؟... اللي يشوفني يتروع ...
وجلست براحة وهي تتنهد :
_ يا أخي انت اللي وينك ؟... من أمس ندور عليك ... وأمي بس تحاتي ...
_ كنت نايم بالاستراحة ... أمي وين ؟
_ بالمستشفى ..
حجظت عيناه من الخوف :
_ أبوي ...
_ لا تخاف أبوي نايم ... دلال جابت ولد اليوم الفجر ...
_ لا ... الحمد الله عالسلامة ... خوفتيني ...
_ عاد الله يهداها ... ما لقت تولد الا يوم عرسك ... اخبصتنا اكثر ما حنا مختبصين ...
عاد برأسه إلى الوراء وهو يغمض عيناه :
_ الله يعين ...
نظرت في ساعتها :
_ بدر ... الساعة الحين 3 ... ما انت ناوي تشيل هالعشة اللي على وجهك ... وتظبط نفسك ... ولا تقول لي معرس للمرة الثانية ... ترى كل زواجة ولها طعم ...
ابتسم بألم وهو لا زال يغمض عيناه " معاك حق يا بدريه ... فيها الحالي وفيها اللي مر " ...
كان يفتح عيناه دهشة وصدمة مما يسمع :
_ انت وش قاعد تقول ؟
_ هذا اللي صار يا نايف ...
_ يعني هي اتصلت عليك وقالت لك تزوجني ؟
_ لا مو جذي ... بس حسيت من كلامها ... وبعدين يا أخي تشكي منك ... انت وش عليك فيها ... حرمتها من الدراسة ودمرت حياتها ...
_ هي قالت لك كذا ...
_ ايه ... نايف بشاير غير عن بناتها ... صدقني لا تخلطها معاهم ... البنت طموحة وأحلامها حلوة ... وشخصيتها قوية وما احد يقدر يستغفلها ... لما كنا صغار كانت هي الوحيدة اللي تشجعني وتنمي كل حلم حلو فيني ...
_ بس دللت على نفسها عندك ...
_ لا تفهم البنت غلط ... مثل ما قلت لك بشاير شخصيتها قوية ... وبهالمواضيع الصعبة تحب يكون الاختيار لها ... ويمكن تشوفني أنسب واحد ...
أحس نايف بأنه سينفجر :
_ وانت وش رأيك ؟
_ ما أدري ... أحس أسبابها مو مقنعة ... يعني هي متعلقة فيني بس لأني أقدر أحقق أحلامها ... وأنا ما عندي استعداد ارتبط مع بنت على هالاساس ...
أحس نايف فعلا برغبة في قتله :
_ والزبدة ...
_ تفاهم انت معاها ...
_ بس هي التجئت لك ... مو لي ...
_ اللي فيها ... تدري اني ما احب هالتقاليد ... لو كل بنت جتني والتجئت لي وما رديتها ما نخلص ...
_ طيب يا عزيز ... روح ناد لي احمد ...
_ ان شاء الله ... (ونهض عزيز) ...
_ عزيز ... (والتفت نحوه) .. هالموضوع ما أبي جنس مخلوق يدري فيه ... فاهم ؟؟
_ تبشر ...
تنهد نايف وهو يتنفس النار بدل الهواء " كذا يا بشاير ... تستغفليني أنا ... بسيطة ... آآآآآآآخ ... وش أسوي فيها هذي ؟... بعدين انا صج غبي ... اللي حرمتني منه ... ليش أنا كنت أدري بعبدالعزيز علشان أحرمه منه ... وبعدين هي ما لقت الا عبد العزيز ... الظاهر العيشة برا نسته كل شي ... حتى مرجلته وغيرته على أقرب الناس له ... آآآآآآآآخ ... بس ... والله لو أنها عندي الحين كان ارتكبت فيها جريمة ... هدي يا نايف ... هدي ... اليوم عرس بدر لا تحوس الدنيا وتخرب فرحة الناس ... ومسودة الوجه هذي دواها عندي " ...
وجاءت لحظات الفرح التي حملت للجميع معاني السعادة والبهجة ... وخاصة لحصة التي أستنزف هذا الزواج منها كل جهد حتى يكون كما حلمت به دائما ... دخلت القاعة تشع عيناها بالفرح :
الـــــــــــــــــــــــــــزيـــــــــــــــــــ ـــن !!
طاغي فيك ... وش له ازمام ؟؟
خل يلبسه من زينهم ... قد حاله ؟؟
كل المزين لك يصيرون ... خدام ؟؟
مثل القمر يجلس نجومه ... قباله ؟؟
يا اللي مكانك بينهم صار ... قدام ؟؟
يا حظ قلب(ن) صار قلبك ... حلاله ؟؟
ان جيت كلي معلن الحب... ما أنلام ؟؟
قلبي بلادك وانت صاحب ... جلاله ؟؟
قبلك وقلبي ما عرف ... حب وهيام ؟؟
الحب قبلك ما يداعب ... خياله ؟؟
وان غبت عني ما اتهنا ... ولا انام ؟؟
الشوق في غيابك يزيد ... اشتعاله ؟؟
حرام انا اشوفك من العام ... للعام ؟؟
ولي خافق (ن) ما مر غيرك ... في باله ؟؟
أبغى أشوفك شايل أو لابس ... ازمام ؟؟
أبغى أشوفك جد في ... أي حالة ؟؟
ودخل بدر القاعة ... بوجهه الكئيب ... وفرحته المسروقة ... التي عللها الكل بذكرى زوجته الاولى التي لا زال يحتفظ بها ... حمل شوق بين ذراعيه وقبلها قبل ان يسلمها لبدرية ... أمسك بيد عروسه المتألقة وخرج وسط فرحة الأهل والحضور الغفير .
في بيت بدر الجديد<<<
دخل الغرفة بعد أن أوصل نايف إلى الباب ... اتجه نحو عروسه التي جلست على السرير بخجل ولا زالت بكامل زينتها ... ابتسم منها اشمئزازا ... جلس على الأريكة الصغيرة مقابل السرير وهو يلعب بمسباحه وينظر في وجهها :
" هذا شفيه ؟... ليش مبقق عيونه كذا ... يا ربي ... والله قاعد يحرجني ... أوووف ... (وابتسمت) ... الظاهر عجبه شكلي ... أكيد بيعجبه غصبن عنه ... ولا كل هالجمال وما أعجبه ... يخسي ... وينك يا ريم تشوفين زوجي العزيز منسطل علي " ...
" ليش يا حصة ؟... ليش ؟... كل هالجمال ... والاصل الطيب ... شاللي حدك ؟... وش اللي جبرك تغلطين ؟... المشكلة انه توك صغيرة ...الخطا فينا ولا فيك ؟ "
تنحنح فرفعت رأسها :
_ اسمعي يا حصة ... أنا الزواج هذا لا أنا باغيه ولا لي فيه نية ... بس ما حدني على المر إلا اللي أمر منه ...
كان ينظر في عينيها مباشرة ... أحست بأن ماء باردا صب فوق ظهرها ... ظلت تنظر نحوه بدهشة :
_ بدر !
رفع يدها يسكتها :
_ اسمعيني للأخير ... انتي كنتي تعرفين واحد اسمه سالم ؟
أحست بأن الأرض مادت بها وأنها على وشك الموت لقد قررت أن تطوي صفحة الطيش هذه وإلى الأبد ... أرادت أن تنقذ نفسها فتظاهرت بالغضب وهي تقف :
_ أنت وش قاعد تقول ؟!
وقف غاضبا أكثر منها ... ألم يختزن هو غضب الأشهر الماضية :
_ لا تعلين صوتك ... والموضوع أنا متأكد منه ... فلا تسوين نفسك بريئة ...
_ بدر شفيك ؟... وش قاعد تخربط انت ؟
_ جب ولا كلمة ... (ووضع اصبعه على فمه) ... الأخ يا مدام كان يسوي بطولات من مكالماته معاك ... هههه ... ويا عيني لما جت بطولات الصور ... مصورك يا حلوة ... معاه وبكابينة مطعم ... وقدام الشباب يقول خلصت منها وأهلها ما يدرون ... تدرين بشنو حسيت لحظتها ؟
سالت دموعها غزيرة دون أن تشعر بأنها بللت وجهها كله :
_ بدر ... والله يكذب ... كذاب والله ...
صرخ بدر الذي أثارت دموعها أعصابه :
_ لا تنكرين ... أنا شايف الصور بعيوني ... حمدت ربي أنك مو قايلة له على اسمك الحقيقي ... ولا كان ... (كان يتنهد بسرعة) ... شلون تجرأتي ... عشرين شارب وعشرين لحية وراك يا بنت عمي .. ما عملتي لأي واحد فينا حساب ... بعتينا قبل ما تبعين نفسك ...
صرخت ألما من كلامه الذي انزرع في قلبها كالخناجر السامة :
_ بدر ... والله كذاب ... لا تصدقه ... انا صح كنت أكلمه وأطلع معاه ... بس بعمره ما لمسني ... ولما طلب مني هالشي تركته ...
ضحك بسخرية :
_ لا شريفة ما شاء الله عليك ... احمدي ربك اني أنا اللي كشفتك ... تخيلي لو نايف شايف الصور ... صدقيني رقبتك وما راح تكفيه ...
وانتحبت وهي تقترب منه وتمسك بساعده برجاء :
_ بدر تكفى الا نايف ... تكفى ...
قذفها بعيدا عنه وباشمئزاز :
_ ليش حطيتي نفسك في هالموقف ... أنا بالاول كان ودي أتهور معاك ... بس فكرت ... عمي ... أبوي ... نايف ... شبابنا وبناتنا ... وحتى نفسي ... ليش نضيع كلنا بجريرة وحدة ما تستاهل ... ليش كلنا ندفع الثمن وانتي الوحيدة اللي غلطتي ... ضحيت براحتي ... وقلت أتزوجك ... مو علشان شي ... بس لأني أنا اللي عارفك ... وأنا اللي أقدر أتعامل معاك ... ما أبي اللي يعزون علي يذوقون القهر اللي ذقته ...
حاولت أن تترجاه ... قذفها عنه بقرف ... وخرج من الغرفة ... سمعت صوت قفل الباب فازداد انتحابها .
جالسة على الأريكة تأكل من صحن مليء ... ابتسمت وهي تنتبه إلى أنها أصبحت شرهة ... خرج من غرفتهما بعد الحمام يلف الروب حول جسده المبلل :
_ طالعة اليوم قمررررررر ... (وقبل خدها وهو يجلس بجانبها) ...
_ أي قمر وانا بهالكرشة ... وبعدين تعال انا مو قلت لا ترقص معاي قدام الحريم ...
_ وش أسوي ... شفتك بالزفة وما تحملت ... وتعرفيني أهبل وأحب أرقص ...
_ هههههههه ... بس الزفة كانت حلوة ... وبدر ما شاء الله عليه طلع يجنن ...
_ وعععع ... بدر وينه ووين الزين ... أبيض وباهس ...
_ حرا عليك والله حلو ...
_ طيب منو أحلى أنا ولا هو ؟
ضمت رأسه بحنان :
_ ههههههه ... ليش انت في أحلى منك في الدنيا هذي كلها ...
كانت على سريرها ... شاردة الذهن ... أخرج رأسه من الباب وهو يبتسم :
_ ممكن أدخل ...
ابتسمت لوجه أخيها المحبب :
_ هلا فهود تعال ...
وتقدم فهد حتى جلس مقابلها على السرير :
_ شفيك تفكرين ؟
_ مو مصدقة إن بدر ما راح يعيش معنا ...
_ يا دلوعة يعني انتي اللي عايشة معانا ... ناصر حتى نوم ما يخليك تنامين هنا ... صج وش اللي جرى اليوم نايمة عندنا ؟
_ بيت أبوي أنام فيه متى ما أبي ... مو بكيفه يمنعني ...
_ لا يا قوية ... أتحداك تقولين هذا الكلام قدامه ...
ورن جوالها ... هذه هي المكالمة السابعة ... انتبه فهد للرقم :
_ ناصر !... الظاهر اشتاق للحبايب ... خليني أطلع بكرامتي ... تصبحين على خير ... (وأغلق الباب خلفه) ...
وظل الجوال يلح ... قررت أن ترد هذه المرة :
_ هلا ناصر !
_ زين اللي رديتي ... مسوية علي حجر ...
_ كنت أخذ شاور ...
_ نعيما ...
_ الله ينعم عليك ...
افتقدها كثيرا هذه الليلة ... لم يفارقها منذ أن تزوجا ... رغم علاقتهما المتوترة الا أنه اعتاد وجودها بشكل كبير ... ممددا على سريره ... سألها بصوت رقيق :
_ شلونك ؟
_ زينة ...
_ ليش ما رجعتي البيت مع أمي ...
_ قلت لك أبي أنام عند أهلي الليلة ..
_ بس أنا ما وافقت ... (التزمت الصمت) ... آآآآه ... أبي أعرف شي واحد ... ليش دايما تتعمدين تتحديني ؟
_ انت اللي تبدأ ...
_ لأنك ما تسمعين الكلام ... وتجبريني أعاملك كطفلة ...
_ ما أحد اجبرك تأخذني ... انت اللي جبت عوار الراس لنفسك ...
_ يعني انتي الحين تعاقبيني ...
_ فسرها مثل ما تبي ...
تنهد بيأس :
_ طيب ... وشلون العرس اليوم ؟
_ حلو ... وناسة ...
ابتسم بخبث " زين في تطور ... صار لنا خمس دقايق نتكلم بهدوء " :
_ شنو كنتي لابسة ؟
_ فستان !
_ أدري فستان ... قصدي شنو لونه ؟
_ أخضر ...
_ امممم ... عاد تصدقين انا ما احب اللون الأخضر ... بس زين فيك تطور بالعادة كله أسود وبني ... وإذا فتحتي رمادي ... فيك تطور ... الأخضر لون بناتي ...
_ أدري ذوقي ما يعجبك ... أصلا انا كلي مو عاجبتك ...
آلمه مقدار الأسى في صوتها :
_ ليش ما عندك ثقة بنفسك ؟!
لمس فيها وترا حساسا "الثقة بالنفس" ... لطالما افتقدتها ... ثقتها بنفسها ... بنجاحها ... حب الناس لها ... أنوثتها ... وبكل شيء :
_ مو مسألة ثقة ... بس ...
_ لا تنكرين ... انتي لو عندك ثقة بنفسك ... ولا ثقة فيني ... ولا في حياتنا ... كان ما صار هذا حالنا ...
ارتجفت شفتاها :
_ قلت لك ما أحد جبرك ...
_ وليش انتي ما تحاولين تقدمين تنازلات ...
ملأت مآقيها الدموع وهي تتذكر ليالي الرعب والترقب التي عاشتها معه :
_ ما أقدر يا ناصر .... صدقني ما أقدر ... حاولت ... بس ...
_ ومع واحد ثاني ؟؟
_ انت وش قاعد تقول ؟
_ تخيلي متزوجة واحد غيري ... شلون راح تكون حياتك معاه ؟
_ أنا أصلا خير شر ما أصلح للزواج ...
_ شفتي شلون ؟... الغلط فيك ... انتي اللي قاعدة تخدعين نفسك ... أنوار ... أنا كل حقوقي عليك تنازلت عنها بإرادتي ... روحاتك وجياتك ما مارست عليها أي سلطة ... حياتك في بيت عمي هي نفسها حياتك في بيتي ...
مسحت دموعها بألم :
_ أدري فيك ما قصرت ... بس يا ناصر وش أسوي ...
_ اسمعيني ... انتي خلصي نفسك من هالوساوس ... وفكري انك لازم تعيشين حياة جديدة ... وانا معاك أساعدك باللي أقدر عليه صدقيني يا انوار تعبت وما عاد فيني ... بس أهم شي انك تحاولين ... وش قلتي ؟
_ إن شاء الله ...
_ وعد ...
_ وعد ... بكرا عندك دوام ؟
ابتسم بارتياح :
_ بكرا يا طويلة العمر عندي سفرة ...
_ سفرة ؟
_ اخوك البطة حاجز بس ولدت زوجته وعيا لا يسافر ... وطاحت السفرة برأسي ...
_ بس ما قلت لي ...
_ يعني لو قايل لك ... تهدين بيت ابوك وتجيني طيران ...
_ يمكن وش دراك ؟
_ هههههه ... شفيه صوتك ... سكرانة ؟
_ أنعس وفيني النوم ...
_ لا يا حلوة ... طيارتي بعد ساعتين ... سولفي علي وونسيني ... ما أحد قال لك تخليني وتروحين تنامين عند امك ...
_ ناصر بجد تعبانة ... والمكيف بارد ... والفراش دافي ... ما اقدر أقاوم ...
_ ههههههههه ... انا اللي ما اقدر اقاوم ... دقايق وانا عندك... ومشعل باللي ما يرده يروح يشوف شغله ...
_ ههههههههههههه ... تبي البطة يذبحني ...
_ يخسي الا هو ...
_ آآآآآآآخ ... (وأمسكت ظهرها) ... جسمي كله يعورني ...
_ من الرقص ...
_ أي والله ... بس عاد وش أسوي هذا ابو شوق الغالي ...
حرك حاجبيه بخبث :
_ حلو يعني تعرفين ترقصين ...؟
_ ليش ؟... انت ما تعرف ترقص ...
_ ههههههههههههههه ... يا روحي عالدايخين ... اقول انوار ...
_ هلا ...
_ تصبحين على خير يا عمري ...
_ وانت من اهله ...
وسقط الجوال من يدها قبل ان تغلقه وغطت في نوم عميق.
|