كاتب الموضوع :
ارادة الحياة
المنتدى :
القصص المكتمله
(( الفصل الثالث عشر))
ودخلا غرفتهما :
_ ههههههههههههههه ... شفتيه ؟! ... عصب علينا ... (كان يترنح ضاحكا) ...
_ ماجد والله فشلة ... يكسر الخاطر ... هو شغلته كذا ...
ارتمى على الأريكة منهكا :
_ امحق شغلة ... ملبسينه لبس يفشل ولا باروكة شعره ... ههههههههههههههه ...(وانفجر ضاحكا) ...
جلست بجانبه :
_ هذا علشان عصر النهضة ... يبون السياح يعيشون في نفس الزمان ...
ناظر فيها حائرا :
_ ههههههههههههه ... والله مو فاهم ولا شي ...
كانت تعرف ذلك :
_ المفروض ما تعلق عليه ... تخيل ضاربك والله ما أحد يفكك ...
_ يخسي ... وبعدين أنا علقت عليه بالانجليزي ...
_ بس هو فهم إنك تعلق عليه ... (فكرت) ... غريبة ليش ما تعرف تتكلم فرنسي ؟!
_ هههههههههههههههههههه ... لا يا قلبي أنا ثقافتي english ...
_ بس عمي عبدالله خريج فرنسا ... صح ؟!
_ صح ... بس انا ما درست بفرنسا ... ريومه ثقافة فرنسية ...
_ صح ... (وظلت تتأمل فيه ، صار لهما الآن ثلاثة أيام مع بعضهما ، كيف اعتادت عليه بهذه السرعة ، كيف بدأت تذوب الحواجز التي حاولت ان تضعها بينهما ... ولماذا! ، وقطع تفكيرها صوت جوال ماجد) ...
_ هذا أبوي ... (وقفزت الفرحة إلى وجهه) ... هلا يبه ... الحمد الله بخير ... مستانس ... مستانس حدي ... (ونظر نحو منال بفرح أخجلها) ... والله الزواج شي يبه ... حتى النوم نسيناه ... ههههههههههههههه ... يبـــــــــــه ... (توسل له بخجل واصطبغ وجه منال بالدم) ... والله عطنياها ... هلا ريومه ... يا قلبي عادي ... شلونك إنتي ؟!... اشتقتي لي ... يا بعد عمري والله ... حتى انا ... (وبدأ يغني) :
حبيية قلبي وشلونك ؟
تراني فدوة عيونك !
( وضحك وهو يكمل حديثه ، وظلت منال تلتهمه بنظرات الدهشة ، لماذا هو رقيق لهذه الدرجة ؟! ، لماذا قال انه فرح (وانا ما عطيته وجه من اول يوم لنا مع بعض) ؟! ، لماذا بينه وبين أخته كل هذه الروابط (أخواني عمرهم ما دلعوني) ؟! ، لماذا ينتزع صوته قلبي من مكانه ليسقط في بئر لا أملك له سبيلا ؟! (يا قلبي يا ماجد) ...) .
_ منال !... (ومد لها الجوال فانتبهت) ... ريم تبي تكلمك ... (فأخذته) ...
_ آلووو ... هلا ريم ... (كانت تغالب دموعها في عينيها لأنها اكتشفت بأنها غبية .. وغبية جدا) ... الحمد الله زينة ... الله يبارك فيك ... لا عادي ... تسلمين يا عمري ... إيه مستانسة ... (ورفعت نظرها إلى ماجد برهبة) ... هلا عمي ... الحمد الله بخير ... لا ماجد ما يعذبني (أنا اللي عذبته يا عمي !) ... سلامتك عمي ... إن شاء الله ... (وأشار لها ماجد ان تعطيه الجوال) ... هذا ماجد يبيك عمي ...!
وأخذ منها الجوال :
_ هاه أبو ماجد تحرشها علي !... آفا عليك مكسر رأسها انا ...(ويغمز لها بعينه وهو يبتسم ) ... مو مثل بعض الناس يخافون من المدام ... هههههههههههه ... (ليش يا ماجد ؟ ليش يعذبني طيبك معاي ؟) ... أجل سلم يبه ... (استدرك) ... بوس رأس أمي ... بس لا تقول لها مني البوسة ... خلها منك أطيب ... هههههههههههههههه ... بايات ... (ماجد انت مو غشيم أجل ليش ما جبرتني يا ماجد ليش ؟!) ... يا حليله أبوي ... آآآآآآآآآآآه ... (وتمدد على الأريكة وهو يضع ذراعه خلفها وهي صامتة) ... أحس حالي متكسر ... مشينا مشي اليوم ... بكرا رجولنا راح تصبح مورمة ... أحس ميت جوع ... أبي أطلب أكل ... شنو تبين ؟!
كانت لا تزال تنظر في وجهه بدهشة وانكسار ورغبة في جلد نفسها مئة مرة :
_ على ذوقك ... انا بأخذ شور ... (وانصرفت مسرعة إلى الحمام أغلقت الباب خلفها ، وانهال سيل دموعها الصامتة دون توقف ) .
وعند باب المطبخ الخلفي المطل على مجلس الرجال وقفت (عهود) :
_ دحومي ... تعال ...
جاء وقد قاطعت لعبه بالكرة مع البقية :
_ ثتبين ؟
_ منو بالمجلس ...؟!
وظل يعد على أصابعه وهو يتذكر :
_ عمي فهد ... وعمي ثلاح ... وعمي ثعود ...
_ سعـــــــــود ... خلاص روح العب إنت ؟!
ودخلت مسرعة وهي تهرب فاصدمت بدلال :
_ اسم الله الرحمن الرحيم ... شفيك ؟! ... (ابتسمت بخبث) ... شتسوين هنا ؟!
ابتلعت ريقها :
_ ولا شي ... بس ضايق خلقي ...
_ وين انوار وبشاير ؟!
_ طردوني ...
_ آآآآها ... وجيتي تدورين التعاليل عند كوماري وديفا ...؟!
وخرجت هاربة وهي غاضبة من سخرية شقيقتها وربما من فشلها في رؤيته .
كانت تتناول طعامها بهدوء وهي تنظر نحوه من حين إلى أخر ، كان يبدو جائعا وهو يتناول الطعام كطفل صغير بكلتا يديه :
_ الحمد الله ... (فمه كان ممتلئا) ... يا حلو الشبعة ... (نهض ليغتسل في الحمام) ...
ونهضت هي لتجلس على السرير ولا زالت بروب حمامها ولا زال شعرها مبللا ، حين خرج ابتسمت له كان لا يزال يرتدي جينزه وقميصه السماوي المقلم وقد خلع حذائه ، تمدد على السرير بجانبها وهو يغمض عينيه ولا زال يتلذذ بطعامه :
_ ماجد ... تبي تنام ...؟!
_ تعبان حدي ...
_ بس تو الوقت ... الحين الظهر ...
_ أنا أصلا ما أعرف صبح من ليل ... متى ما جتني النومة نمت ...
_ وانا ...؟!
فتح عينيه والتفت برأسه نحوها :
_ شفيك ؟!
ابتسمت بدلال :
_ تخليني بروحي ؟!
_ أخسي ... تبيني أقعد معاك ... خلاص أقعد ... (واعتدل ليجلس بجنبها وهو يبتسم ووخزت الدموع عينيها هي ، فزاد ذلك من اصرارها) ...
_ ماجد ... انا حلوة ؟!
_ هههههههههههه ... ايه والله ما شاء الله عليك ... حلوة حيل ...
_ شنو أحلى شي فيني ...؟!
_ اممممممممممم ... (ودار بعينيه على وجهها) ... أحلى شي ... أحلى شي ... شعرك ... (لا يا ماجد ! كاد قلبها ان ينفجر) ... ولا مرة فتحتيه قدامي ... إلا اليوم ... هههههههههههه ... علشان سبحانة يعني ...؟!
_ اليوم مو حلو ... مبلل ... بكرا أسوي له استشوار واخليه دايم مفتوح ...
_ إيه أحسن ... تدرين الشعر الطويل روعة ... ريم كله تقص شعرها ... وأنا أهاوشها ... (انا وريم يا ماجد ... آآآخ بس ... صج بزر ) ...
_ يعني ما تبيني أقص شعري ...؟!
_ لا ... تكفين منال ... لا تقصينه ...
ابتسمت لرجائه (ليش تترجى أنت لو تقولي اذبحي نفسك أسويها وأنا منطمة) :
_ خلاص ... ما أقصه ... ماجد !
_ هاه ...
_ أنت ليش تزوجتني ؟!
_ ما أدري ... (وكأنه يقسم في محكمة) ... والله أنا لما شفتك بالمجلس ذاك اليوم ما كنت أقصد ... بس ما توقعت في أحد بالمجلس ...
ابتسمت لاحساسه بالذنب تجاه لا شي :
_ أدري ... بس ما جاوبت على سؤالي ؟!
_ منال اسمعي ... انا ما أعرف أتفلسف ... بس زواجنا ...(حاول ان يعبر كما يفكر فيه) ... ما أدري والله ... يمكن علشان أحبك ... ( لا ... لا ... لا ... كفاية يا ماجد ... انا هالكلمة ما سمعتها من أي احد في حياتي ... ليش ؟!... ليش ؟!... منك انت بالذات ... وفي هالوضع الغريب ... وبكل هالحنية اللي بصوتك) ...
_ صوتك حلو ... (استغرب) ... لما غنيت لريم ؟!
_ ههههههههههههههه ... ريم تحب أغنيلها هذي الأغنية دايما ... كل ما تشوف خشتي تقول غن لي أغنيتي ...
_ وأنا ؟!... (استغرب أيضا) ... أبي أغنية مثل ريم ...
_ خلاص أخصص لك أغنية ... امووووووووت فيها ... وكل ما تشوفين خشتي قول لي أغنيها لك ... هههههههههههههه ...
ابتسمت وهي تغالب دموعها :
_ أوكي ...
تنحنح ثم ترنم بصوته الشجي وهو يرمقها بنظراته الشجية :
يا بعدهم كلهم !... يا سراجي بينهم !...
عطني من دنياك حبك !... واترك الباقي لهم !...
ياللي انفاسك دفايا !... لمسة ايدينك شفايا !...
يكفي بس تبقى معايا !... منهو من بعدك مهم !...
ياخذون اللي يبونه !... كل هالعالم وكونه !...
الا قلبك يتركونه !... لا تمسه ايدهم !...
تختفي الشمس وضياها !... وترحل القمرة وسناها !...
ينتهي العالم وراها !... انت تغني عنهم !...
لم تعد تستطيع أن تحتمل ، هذا الشاب الصغير قد سلب منها كل إرادة للصبر والتجلد ، لقد أوصلها إلى آخر حدود الألم وأخر حدود الشكوى منه ، لقد مرت سنوات عمرها وهي لم تشعر بأقل ذرة من الاهتمام ، بأدنى درجة من الاعتبار لذاتها او لوجودها ، فلماذا معه تشعر بأنها مهمة ؟! ، بأنه سوف يموت إن تركته دقيقة واحدة ؟! بانه سوف يضل طريقه لو بقي دونها ، فذرفت الدموع ذرفتها غزيرة وحارة وأخفضت رأسها وشهقات نحيبها تكاد تقتلها :
_ منال !... شفيك ؟!... (اقترب منها وهو يحاول أن يرفع وجهها إليه ويمسح هذه الدموع المنهمرة بلا توقف) ... ليش تبكين ؟... منال ؟!
وضمته ، ضمته بقوة ، تعلقت بعنقه ، ودفنت رأسها في صدره وهي تشهق ، كانت تريد أن تشعر بالسلام الذي لطالما حلمت به ، تريد أن تشعر بالثبات الذي لطالما افتقدته وهي ريشة تلعب بها الأقدار كيفما تشاء ، تريد أن تشعر بأنها تنصهر حتى الموت في إنسان يشعرها بالألم المفرح كما يفعل ماجد .
وعلى الهاتف :
_ يا النذلة ... ليش ما قلت لي ؟!
_ ههههههههههههههه ... شنو أسوي يعني ... اتصلت عالبيت ماري قالت (كلو يروه) ...
_ لا والله ... في شي اسمه جوال يا ذكية ...
_ يا فضيحة ... تبين أقولك وانتي في بيت عمك ... بشاير متعب بيجي يخطبك ... علشان تقومين تروقصين ... وتفشلينا قدام خلق الله ...
_ هاهاهاهاي ... يا سخيفة ...
_ إلا جد ... راشد كلمك بالموضوع ؟!
كانت الفرحة قد أخذت منها كل مأخذ منذ أن سمعت بهذا الخبر :
_ لما رجعنا من بيت عمي ... راشد قال لأمي ... ما كلمني انا ...
_ يالله يا بشورة ... مو مصدقة إنك أخيرا بتصيرين مرت أخوي ...
_ ولا انا يا ساره ... بس ما تحسين إن متعب استعجل ... هو توه توظف ... وظروفه المادية ما تسمح ...
_ لا عادي ... أبوي بيساعده ... والخير كثير إن شاء الله ... هو من درى بسالفة ولد عمك والجامعة وهو مختبص ... سوى نفسه طرزان وقرر ينقذ الأميرة الحسناء ...
_ هههههههههههههههههههه ... الله يلعن إبليسك ...
_ لا تشوفين وجهه يا بشاير ... تقولين خاطب الأميرة ديانا ...
_ هاهاهاهاي ... أكيد بيفرح ... موتي قهر ...
_ عاد من الحين ... علمك يأصلك ويتعداك ... ما تشترين غرض للعرس من دون إشرافي ... رجلي على رجلك في كل خطوة بالسوق ... خصوصا الحاجات اللي بالي بالك ... أعرف ذوق أخوي وراح أعين وأعاون ...
_ وجع إن شاء الله ...
_ لا تسوين نفسك مستحية ... مو علينا هالسوالف ...
وهكذا قضت (بشاير) هذه الليلة ، تحلم بحبيبها (متعب) الذي سوف ينقذها من براثن هذه العائلة التي لا تحترم منها إلا القليل القليل ، ينقذها من (نايف) الذي هدم المستقبل والأحلام ، وعدها (متعب) بأنه دائما سيكون الشئ الجميل في حياتها وقد كان ولا زال ، سوف يتزوجان قريبا ، ينشأن معا عائلة يتمتع كل أفرادها بالحرية ويغمرهم الحب الذي لا ينتهي ، سوف تدرس وتتعلم كل ما تحب (وما لك علي سلطة يا نايف ، متعب ... ومتعب وبس اللي له حكم علي؟!) .
واستيقظت من النوم ، لا تدري منذ متى وهي نائمة ، لكن وسادتها كانت قد غرقت بالدموع ، رفعت رأسها والتفتت خلفها وجدته جالسا كما تركته قبل ان يرهقها البكاء وتغط في النوم ، استندت على كوعها كما يفعل وابتسمت له :
_ للحين قاعد ...؟!
لم يجب ، كان لا يزال يرتجف ، لا يزال يشعر بها تنتفض بين ذراعيه ، لا يزال يشعر بأحشائه تتقطع من نحيبها ، كان مراهقا لم يختبر أبدا مثل هذه المشاعر من قبل :
_ منـــــ ...
_ اششش ... (واقتربت منه وهي تضع اصبعها على فمه لتسكته كانت تعلم بأنه سيعتذر كما يفعل دائما) ... ( وغاص في عينيها غاص حتى أحس بأنه غرق) ... ماجد اسمعني ... أنت تحبني ... صح ؟... (هز رأسه بالايجاب) ... وانا زوجتك وانت زوجي ... صح ؟! ...
_ صح ...
ابتسمت بدلال :
_ وانت تقول إني حلوة وشعري حلو ... صح ... (هز رأسه بالايجاب أيضا) ... ليش ولا مرة بستني ؟! ... (أخفض رأسه) ... أنت ما تبي تبوسني ؟!
رفع رأسه بصدمة :
_ بلى ... (ثم أخفض رأسه) ... بس استحيت منك ....
ابتسمت (منال) وهي تضمه مرة أخرى دون خجل ، ابتسمت من سذاجته ، من خجله ، من براءته الحلوة ، من رعشة جسده النحيل وهو في أحضانها التي أقسمت بأنها ستكون دائما ملاذه من كل شيء .
_ ولد مساعد بن عدهان ؟!
_ إيه عمي ... شقلت ؟!
كان المجلس منعقدا لمناقشة خطبة (متعب) ل(بشاير) .
(نايف) وهو يحتسي فنجان قهوته :
_ خله يولي ... قوله ما عندنا بنات ...
_ نايــــــف ... ترى الرجال ولد خالتي ... وبصراحة ما عليه كلام ...
(سيف) بوجهه الشاحب :
_ خلاص يا راشد ... توكل على الله ...
(أبو نايف) كان قي لحظة تفكير :
_ أسأل عيال عمك ... يمكن واحد منهم خاطره فيها ... ما ودي البنت تطلع برا عن عيال عمها ...
_ بدر ومو راضي يتزوج ... وسعود له ريم من وهم صغار ... وأحمد وله بدريه ... والباقين كلهم أصغر منها ...
(نايف) بعدم اكتراث :
_ زوجها عزيز ...
يقاطعه (سيف) :
_ نايف ... أنت تدري أن عبدالعزيز ما يبي يتزوج من بناتنا ... أصلا هو ما يفكر بالزواج الحين خير شر ...
_ ما عليك من هذرته ... دق عليه يا نايف ... خله يجيني الحين ...
(فارس) وهو لا يزال يدير القهوة على الجالسين حتى يسقيهم :
_ يبه ... عزيز قبل يومين خلصت إجازته ... ورجع لندن ...
_ دق عليه ... اكلمه وهو هناك ...
(راشد) بملل :
_ عمي ... عزيز حتى لو رضى ... هو ما يبي زواج الحين ... وعلى ما يخلص دراسة ... سالفته راح تطول ... وما أبي يحرجني قدام خالتي وعيالها ...
_ ولد خالتك هذا شنو شغلته ؟
_ موظف ... يمكن بوزارة ... بس أي وزارة ما أدري ؟!
ابتسم باستهزاء :
_ حلو ... داش على طمع الأخ ...!
(فارس) بجدية أضحكت الجميع :
_ يبــــــه ... زوجني بشاير ... مرة مزيونة ؟!
ضربه (راشد) على رأسه :
_ ووجع ... إن شفتك داخل على خواتي مرة ثانية يا ويلك ... (وبعد أن أنهى فنجانه) ... عمي ... شقلت ؟!
تنهد العم ، و(نايف) بحزم :
_ راشد ... طيعني ولا تزوجها ...
(راشد) بضعف :
_ بس ...
_ لا بس ... ولا شي ... إذا مستحي من ولد خالتك أنا أكلمه ... ننطر شوي البنت بعدها صغيرة ... يمكن يجيها نصيب احسن ...
نظر نحو عمه :
_ نايف معاه حق ... بنتنا بنت عز ... والولد ما هو من ثوبنا ... وبنات الحلال واجد ...
_ شوركم وهداية الله ...
وفي غرفتها :
_ ليش يمه ؟!
_ ما أدري ... أخوك يقول عمك ونايف مو راضين ... وحنا على كلمة عمك ما لنا كلمة ...
وغصت بغيضها ... (نايف هذا بيسود عيشتي) :
_ يمه ... متعب ولد أختك ؟!
_ ولد أختي ومعزته من معزة ولدي ... بس انتي بنت أهلك ... وزواجك بايدهم مو بايدي ولا بايد أختي ...
وبيأس :
_ خالتي بتزعل ...!
_ بزران حنا ! ... خالتك تدري إن الزواج قسمة ونصيب ...
(عهود) بتردد :
_ بشاير موافقة ... ليش هم ما يوافقون ...!
الأم بشك يخالجها نحو ابنتها :
_ والله ما أدري ... انتي ليش كل هالزعل ... لا يكون عاشقته بس ؟
(بشاير) برعب :
_ وشو عشقه يمه !... انا بس أقول علشان خالتي ...
_ خالتك ما لك شغل فيها ... أنا اكلمها ... (وخرجت وهي تغلق الباب خلفها وفي قلبها يعتمل شك بدأ يتولد) .
قذفت (بشاير) نفسها منتحبة بين ذراعي (عهود) :
_ شفتي ... شفتي يا عهود ... حتى متعب بيحرموني منه ...
تفجرت دموع (عهود) أيضا لضياع أحلام أختها التي كانت تنسجها طوال حياتها :
_ تعوذي من الشيطان يا قلبي ... يمكن خالتي تقدر تقنع راشد ...
رفعت وجهها الملئ بالدموع :
_ تقول لك نايف مو راضي ... وانا من وين ما أروح ألقاه وراي ... كله منه ... كله منه ... (وبحثت عن جوالها حتى وجدته) ...
_ على منو ؟!
_ أكلمه... أتفاهم مع هالمتخلف ...
سحبت (عهود) الجوال برعب :
_ بشاير بلا فضايح ...
_ وشو فضايح يا عهود ... والله أذبح نفسي ... والله إن احرموني منه أذبح نفسي .... هذا متـــــــــــــــــعب يا عهود ... متــــــــــــــــــــــــــــعب ..!
(بشاير) كانت متطرفة في كل شئ ، في الحب في الحقد في الغضب وفي كل مشاعرها ، إما الأقصى أو الأدنى ، لم يكن لديها أي حلول وسطى .
وعلم الجميع بخطبة (بشاير) وبفشلها ، البعض رأى بأن (متعب) لا يستحقها فكان من الأفضل رفضه ، والبعض الآخر لم يهتم ، (متعب) أحس بالفشل وبالضياع ، الحلم الذي نسجاه معا كانت خيوطه واهية ، واهية جدا .
_ لا حول الله ... وش له يقطع نصيب البنت ؟!
وأكملت (أم بدر) احتساء شايها :
_ والله يا عمة ... أمي تقول راشد ما في بلسانه غير (ما له نصيب عندنا ماله نصيب) ... ولما اسألته عن السبب قال عمي ونايف مهوب براضين ...
(أنوار) والقهر يتأكلها :
_ أففففففففف ... نايف هذا شفيه ... ماسك على الكل ... وما أحد مرتاح منه ...
ضحكت (بدريه) بألم :
_ الله يعين بشاير ... الظاهر خلص مني ... وهالسنة الدور عليها ...
وجاءها صوت (سعود) من خلف الباب ، فمنذ زواج (مشعل) وهو يعد دخول المنزل محرم عليه :
_ بدريه ... تعالي عطي أبوي الابرة ...!
_ إن شاء الله ... جاية ... (وضعت فنجان شايها وانصرفت) ...
(أنوار) بحسرة :
_ ايه والله مسكينة بشاير ... الجامعة وحرمها منها ... والحين بيحرمها من متعب ...!
جحظت عينا (دلال) وهي تضربها بكوعها ، (أم بدر) باستغراب :
_ وش اللي يحرمها منه يمه ... الرجال بداله رجال ... وبشاير ألف من يتمناها ...
(أنوار) باستدراك وهي تفرك بطنها المتألمة :
_ إيه يمه ... أنا قصدي نصيبها يعني ... يحرمها من نصيبها ...
وجاءها صوته عبر الهاتف ، تعلم أنه يكون موجودا في هذا الوقت :
_ آلووووووو ...
_ متعب ... (ومنعتها شهقتها) ... !
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يغمض عينيه كان يحس بالانكسار انكسار القلب قبل أي شئ آخر :
_ خلاص يا بشاير لا تبكين ...
_ متعب ... والله ... والله الموضوع ... مو بيدي ... ودي أذبح نفسي ...
_ أستغفري ربك ... أدري أنه مو بيدك ... بس هذا النصيب يا بشاير ... شنو نسوي يعني .؟!
_ كل شئ راح ... راح يا متعب ...
_ راشد قال لي ... ويمكن معاه حق ... يمكن أنا ما أناسبك ... الظاهر اللي يطالع لفوق صج تنكسر رقبته ...
استغربت ردة فعله ، (متعب) كان دائما يهيم بها ويسمعها ما لا يخطر على بال ولا على أذن ، فلماذا في طريق الضياع لا يحارب من أجلها ؟! ، لماذا تحس الآن بأنه رجل يشبه كل الرجال ، يحب لكنه لا يستنشق هذا الحب حتى الموت ، الحب عنده مصير ونصيب قد ينتهي وتستمر الحياة ، لماذا لا يحس بانعدام الوزن والوجود والحياة الآن ... كما تفعل هي :
_ متعب ... ليش صاير انهزامي ؟!
ابتسم من لغتها التي عرف بأنه سيفتقدها :
_ هالموضوع ما فيه انهزامي ولا مو انهزامي ... فيه هل انا مقبول ولا مرفوض ... يحق لي ولا ما يحق لي ...
مسحت دموعها بعنادها الذي كان يحبه :
_ انت تدري أنك صاحب الحق الوحيد فيني ...
وكان منكسرا :
_ للأسف كنت أستمتع بهالحلم ... والواقع الحين يقول لي ... مستحيل ...
_ متعب ...!...(كان الرجاء والبكاء يختلطان في صوتها) ...
_ تدرين إني بسافر الشهر الجاي ؟!
_ أدري ... قالت لي سارا ...
_ كنت مفكر لو الله قسم ... أخذك معاي لمصر ... وتكملين دراسة هناك ... شكلي راح أطول بالدورة ...
_ متعب ... تكفى حاول مرة ثانية ... كلم راشد ...
ضحك بألم :
_ هههههههه ... بشاير الله يهداك لعبة هي ...
_ خلاص ... بس ترجع تلقاني أستناك ...
ابتسم لعنادها الذي لا ينتهي :
_ لمتى يعني ؟!
_ لآخر العمر ...
كان يشك بكلامها ، بل لا يشك بأن الحياة ستعلمها ذات يوم ألا تعطي وعدا لن تستطيع تنفيذه :
_ تحلفين يا بشاير ...
_ وراسك الغالي يا متعب ... ما يبوني أتزوجك ... والله ما يتهنى فيني غيرك ...
وظل يحلم بوميض الأمل الذي لاح .
وسافر (متعب) في دورة عمل إلى مصر ، عاد (ماجد) و(منال) من شهر عسلهما وهما غارقان بالحب والحنان حتى الأذان ، فتحت الجامعات والمدارس أبوابها وبدأ عام دراسي جديد :
_ شفيك تهابدين ؟... الله يفشلك زين ... تعالي هنا ... (وسحبها ليقفا في زاوية) ...
_ عمى ... شفيك ؟!
_ انا أبي أعرف ... خمس ساعات نفرفر ... ولا شي عجبك ؟!... وليش تعيبين على البضاعة قدام الناس ... لا وبوجه البياع ... ما تستحين انتي ؟!
_ والله ما احد قال لهم ... كله مياعة وقلة حيا ...
_ أنا أبي أعرف انت شنو تبين بالضبط ؟.. (وبعد تفكير) ...انا منو قال لي أتبلش وأجي معاك ...
_ فهــــــــــــد ...
جحظت عينا (أنوار) من وراء غطائها ، واقترب هو منهم بعد ان ابتعد عن رفاق كانوا معه :
_ قوة ...
_ هلا ناصر ... شلونك ؟!... (وتبادلا السلام) ...
_ تمام ... شعندك ؟... تتسوق للجامعة ؟
_ والله انا تسوقت من أسبوع ... (ونظر لشقيقته بملل) ... بس حرمك المصون توها تتذكر أنها بتروح الجامعة بكرا ...
_ هههههههههههههه ... شلونك انوار ؟!
ردت من دون رغبة :
_ زينة ... (وابتعدت لتنظر في نافذة محل قريب) ...
_ الله يعينك عليها ... يا هي علة ... !
_ ههههههههههههههههه ... هذي وهي التوم حقك ؟!
_ يا أخي خبلة ... كل شي مو حلو ... وحق بنات ... تبي تروح الجامعة بدشداشة الأخت ...
_ هههههههههههههههههههههه ... اسمع مدامك تعبت ... (ووضع يده على كتف فهد) ... أرجع البيت وأنا أتسوق معها ...
_ هاه ... لا يبه ... (ونفض كتفه عنه) ...
_ هههههههههههه ... وجع ... وشو لا يبه ... ترى هي حرمتي ...
_ أدري بس للحين ما صار رسمي ...
_ أقول يالخبل ... ترى أنا أشورك من ذوقي لا أكثر ولا أقل ...
بتردد :
_ إخواني ما يرضون ...
تنهد (ناصر) وأخرج جواله ليتصل :
_ هلا أبو شوق ... بخير عساك بخير ... أقول ترى أنا لقيت فهد وانوار بالسوق ... وبضل معها ... فهد تعب ... بس تخلص أرجعها ... يا أخي كيفي حرمتي ... أعوذ بالله منك ... ما في ثقة يعني ...ههههههههه ... لا تخاف أرجعها صاغ سليم ... عاد والله متى كيفي ... ههههههههههههه ... إن شاء الله ... يالله سلام ...
كان فهد يراقب المكالمة باهتمام :
_ شقال بدر ...؟!
_ ما سمعت يعني ...
وبراحة كبيرة :
_ أجل فكيتني منها ... اختنقت من الزحمة ... خل أروح لربعي أحسن ... باي ... (وانصرف راكضا) ...
_ فـــــــــــــهد ... (واقتربت من مكانهم وهي تبحث عن فهد) ...
_ لقيتي شي ؟!... (واقترب منها) ...
بتردد جاوبته :
_ إيه ... فهد وينه ؟!
أمسك بذراعها :
_ تعالي ... ورينياه !... (نفضت يدها منه بسرعة لكنه تجاهلها ودفعها لتسير أمامه ) ...
_ شو مدام عجبوكي التي شيرتات ؟!...(البائع اللبناني كان يمسك بها بيده) ...
أجابه (ناصر) :
_ ايه ... لو سمحت ... حاسبني عليهم ..
ابتعدت منه مسرعة :
_ أنت شتبي ؟!
صوتها كان عاليا :
_ هههههههههههه ... أشششششش ... فضيحة أنتي ؟! ...
_ اتفضل أستاز ... (ومد له الكيس) ...
_ شكرا ... (حاسبه ناصر ، وسحب ذراعها لينصرفا) ...
المجمع الكبير كان مزدحما ، وحركته كانت سريعة منعت دهشتها من ان تزول ، وفي منتصف طريق خال نفضت يدها منه :
_ هيه ... أنت ؟! ... وين على الله ؟!
_ ههههههههههه ... وجع قصري صوتك ... ترى حنا بسوق ...
_ أستغفر الله ... (وانصرفت عنه) ...
أمسك ذراعها :
_ هههههههههههههه ...وين ...؟!
نفضت يدها مرة أخرى :
_ يووووووووووووووه ... ترى والله إن شافك فهد ما يصير طيب ...
_ لا والله ...!
واقترب منهم حارس الأمن المصري :
_ خير يا مدام ... فيه حاجة ؟! ... (كان ينظر لناصر بشك) ...
تلعثمت (انوار) ، اجاب (ناصر) بحزم :
_ شكرا ما فيه شي ... الظاهر مدامتي تعبت من التسوق ... (وامسك يدها) ... يالله حبيبتي خل أرجعك البيت ... (وسار وهي معه ، ثم التفت للحارس المستغرب) ... شكرا ...
وفي المواقف عند سيارته ، كانت تنتفض رعبا وهي تنفض يدها منه :
_ ناصــــــــــر !... (كان يضع الكيس في المقعد الخلفي) ...
_ ههههههههههههههههه ... انثبري ... أبي أقعد معاك شوي ... سويتي لي فضيحة ... ما تسوى علي ؟!
_ وفهد ... وين فهد ؟!
تنهد براحة لانها ستغضب :
_ فهد راح لربعه ... وانت شريتي اللي تبين ... نتعشى في مطعم ... وأوصلك لبيتكم ...
انصدمت وهي تفتح فاها وقلبها يضرب بقوة :
_ أروح معك ... لا يبه ...
_ وليش تنافضين ... وحش أنا ... ؟!
_ أخواني بيذبحوني ...
ابتسم من توترها من خوفها من انتفاض جسدها الصغير :
_ أحوسهم لك وانا ناصر ...
_ تخسي ... (نظر إليها بغضب ، فتراجعت) ... ترى هذولا أخواني ...
_ تصدقين ما أدري ... يالله اركبي ...
_ ما أبي ...
_ أنوار ... فهد راح ... وبدر بيقول لأهلك إنك معي ... يعني ما أحد راح يفكر يجي يأخذك ... اركبي معاي أحسن ... (كان يستند على باب السيارة المفتوح) ...
بعناد :
_ الحين ادق على سعود ...
وفتحت حقيبة يدها لتبحث عن جوالها ، وطال الأمر بينما بقي (ناصر) يتأملها باستمتاع ، ورجفت يداها (أكيد نسيت االجوال ... بسيارة فهد ... يا ويلك مني يا فهيدان الكلب !) .
_ نمشي ..
لهجته استفزتها :
_ والله لو أضل لبكرا ... ما أركب معك ...
هز كتفيه ، والتفت لجهة السائق ففتح بابه :
_ والله كيفك ...
أحست بالخوف (من صجه هذا ؟! أضل بالسوق بروحي ؟!) :
_ ناصر !... (ولما التفت لها من مكانه) ... عطني جوالك ؟!
ابتسم بسخرية :
_ والله شاطرة ... (بلهجة غبية) ... إذا ما تنازلين تركبين معاي ... جوالي ما يتنازل ويخليك تكلمين فيه ...
_ أفففففففففففففففففففففففففففففف ... (انتفض جسدها بغباء ، وابتسم ناصر فرحا ، فتحت الباب الخلفي وجلست مقهورة) ...
_ سواقك أنا ؟!... (كان يعدل وضع غترته في المرآة ) ... تعالي يمي ...
_ أحمد ربك رضيت أركب معاك ...
شغل سيارته وهو يبتسم :
_ الحمد الله يا رب ...
ازداد غضبها :
_ ودني بيتنا ...
_ لا ... نتعشى اول ...
_ ما أبي أتعشى ...
_ خلاص انا أتعشى وانت طالعيني ...
_ لا والله ...
_ إيه والله ...
_ والله لا أعلم أبوي بسوياك ...
ضحك وهو يهز يده بعد ان سار بسيارته :
_ ههههههههههههه ... هو أنا سويت شي ... (التزمت الصمت وقد احمر وجهها) ...
أدار المسجل فخرج صوت (سعد علوش) يصدح بقصيدة :
الطايش اللي محتمينه ... ما ولوه !!!
كل العيون اللي تحبه ... باعته !!!!
اغلى شهوده ساع ما ابيع ... احجدوه !!!
واوفى شموعه يوم قفا ... ماعته !!!
يا اهل السخافة واللقافة ... جنبوه !!!
خلوه يخطي دامني .. شماعته !!!
خلوه يجمد ويتبعثر ... كل ابوه !!!
ما دامني في حكمه وفي ... طاعته !!!
لانه خليط من التغاضي ... والنبوه !!!
ومواقفه تبنى على ... قناعته !!!
باسي ولو تضايقه ما قال ... اوووه !!!
وقساوته آخر دلع ... مياعته !!!
مدلع خلقة وناسه .. دلعــــــــوه !!!
والنفس ما تشبع به اليا ...جاعته !!!
يغيب ويدري ان المعاليق ... افقدوه !!!
ويرجع بصوت جعلني ... ما ناعته !!!
لا بث رقمه شاشة الجوال ... اتــــــــــوه !!!
واقول يا رب تبارك ... ساعته !!!
جوالي ليا من دق وقال ... الــــــــــووو !!!
تذوب اذانيا على ... سماعته !!!
لبيه يا كلماته ولا فض ... فــــــــوه !!!
اموت في روح كف ... واستماعته !!!
لا تنشدوني ليه احبه ... انشدوه !!!
حبه مجببني سبب ... وداعته !!!
من كثر ما احبه احب ... امه وابوه !!!
بالمختصر احبهم ... جمــــــــــــــــــــالته !!!
ابتسم ناصر دون شعور وهو يركز مع كلمات القصيدة ، استفزت حركته انوار بشكل كبير " شنو يعني ؟... قصده انا طايشة ... أكيد قاصد يحط هالقصيدة " ، سألت بغضب :
_ ليش تضحك ؟
تجاهل سؤالها حتى لا تغضب :
_ أقول أنوار ... أي كلية دخلتي ؟!
كانت قد كتفت يديها الغاضبتين إلى صدرها :
_ ما لك شغل ...
وبغباء مصطنع :
_ أعرف ... دخلتي آداب ؟!
_ أجل ... ليش تسأل ؟!... عبط ...
_ وجع ... أنتي صج يبيلك تأديب ...
_ ما أنطر منك أدب ...(غمز لها وهو يعض على شفته مبتسما ليقاوم رغبته في قطع لسانها) .
|