المنتدى :
الارشيف
وداعا للابد
وداعًا للأبد
في بلاد جميلة عاشت فتاتين كانتا صديقتين كان يربطهم شيئا أسمى وأجمل من الصداقة إنها الأخوة في الله لقد تعاهدتا أن تكونا أختين كل واحدة منهما تحب الخير لأختها تعطف عليها تساعدها كانتا كالليل والقمر لا يفترقا ولا يختلفان كانت كل واحده منهما تتم الأخرى وتكملها عاشتا ولعبتا وأكلتا وسهرتا ودرستا ومرضتا وشفيتا معا عاشتا حياه بعيده عن البذخ والإسراف كانت عائلتهما متوسطتين المستوى إذ كان التشابه في حياتهما ظاهرا جليا لم يكن للتناقض والشقاق في حياتهما محلا كانتا مثالا للتضحية كل واحده منهما تضحي بالثمين لأجل الأخرى ولو كان هذا على حساب حياتهما ، جميل هذا الشعور بأن تحس انه في هذا الكون الشاسع إنسان يشبهك حتى في تفاصيل حياتك الدقيقة كالطعام وطريقة الجلوس وحتى التعبير عن الخوافي فعندما يتحقق هذا الشيء الجميل تحس انك تملك العالم بأسره لذلك لا يهمك شيء إلا المحافظة على هذا الكنز الثمين كان هذا إحساس كل من الفتاتين كانت حياتهما هادئة جميلة اجتمعتا على حب الخير لهما ولغيرهما لقد كانتا تملكان صندوقين خشبيا جميلا يحمل العديد من الذكريات منها الزهور الجافة التي أهدتها كل منهما للأخرى وأول كتاب قرأتاه وشريط مسجل سجلتا فيه أصواتهما لتتذكران بعضهما إذا باعدت بينهما الظروف مضت الدقائق و الساعات و الأيام و الشهور و السنون و لم يفترقا .. إلى أن وصلتا إلى المرحلة الجامعية .. و شاءت الظروف و الأقدار أن ينتقل عمل والد أحد من الفتاتين إلى دولة أحرى .. عندها تحطمت جميع أحلامهما .. حيث أنهما كانتا تتمنيان شراء نفس فستان الزفاف لهما و إقامة حفل الزفاف في ذاك اليوم كن " أنت تريد و أنا أريد و الله يفعل ما يريد " ما باليد حيلة ذهبت كل آمالهم سدى و تبخرت أحلامهما و كل شيء .. تلاشت أمانيهم و تهدمت جميع مخططاتهما المستقبلية .. ذهب حلمهما حينما أرادتا أن تصبحان مهندستين لامعتين و كل واحدة منهما تساعد و تساند و تعاون الأخرى في العمل .. أصبحت أحلامهما كالسراب الذي ما أن دنوت منه اختفى .. الآن لا ينفع البكاء ولا التحسف على اللحظات التي لم تمضياها معا .. فكل تلك الأمور و العدم أصبحتا سيان .. الآن حانت اللحظة المؤلمة .. لحظة الفراق .. اللحظة التي يلين فيها قلب من تحجر قلبه .. و تنزل فيها دمعة الفارس الأبي و الإنسان الشريف .. ودعتا بعضهما وسط الدموع التي حصرناها لوجدناها تغرق مدينة بأكملها .. مضى الوقت سريعا لكن الثواني أثقلته .. تفارقتا بالمكان و الزمان .. لكن بالروح .. فلا .. لأن روحهما واحدة لا يفرقها أي كان .. عاشت الفتاة وحيدة .. أسيرة الصمت و لوعة الفراق .. رغم أنها كانت تهاتف صديقتها كل غدوة و مساء .. لكن يبقى الألم الحقيقي .. هذا الألم العظيم .. الذي يشبه ورقة القصدير إذا تأثرت بشيء لا يمكن أن يختفي أو ينمحي منها .. فيبقى أثره خالدا أبد الدهر و طوال الزمان ..
مرت أيام و سنين .. انقطعت الأخبار و الأنباء .. ما الذي حدث يا ترى .. هذا ليس من عادة الفتاة .. اتصلت فيها صديقتها لتطمئن عليها ..
لكن ..
فجأة ..
سقطت سماعة الهاتف من يدها ...انهمرت دموعها دون سابق إنذار ..
ما الذي حدث .. ؟؟
ما الخطب ..؟؟
هل الأمر خطير لهذه الدرجة ..؟؟
ما الذي حصل ..؟؟
للأســــــــــــــــــــــــــــــف ...
الفتاة أصيبت بداء خطير .. لا ينجو منه إلا القليل .. أصيبت الفتاة بالداء الخبيث .." سرطان الدم "
دقات القلب تتسارع لتعلن وقت اللقاء من جديد .. استقلت صديقتها أقرب رحلة للمدينة التي تقطن فيها الفتاة و عادتها في المستشفى .. ولكن بعد ماذا ..؟؟
بعد أ، تفشى الداء في سائر جسدها .. و جعلها كالعظام النخرة التي هي لا أساس لها .. بكت صديقتها كثيرا و لكن لا يمكن للإنسان أن يغير مجرى القدر بعد حدوثه . و ما هي إلا دقائق حتى استلم الله وديعته و أمانته .. لقد جاءها الموعد الذي لا يمكن لأحد أن يهرب منه .. ما الذي حدث ..؟؟ الفتاة ودعت الحياة للأبد و طلّقتها .. فارقت الدنيا و آخر نسمة هواء كانت تدور في غرفتها .. لم تبق سوى الذكرى .. ذكرى جميلة .. مؤلمة .. مسلية .. مرحة . كل شيء انتهى .. ساد الصمت .. وصدى صوت الفتاة لا يزال يدور في مسامع صديقتها .. إحساس و شعور رهيب .. حينها يحيا المرء و يموت ألف مرة .. بكي بحرقة تمزق أحشاءه لا يمكنه الصراخ .. خنقته العبرات و كل أنفاسه انقطعت ..
رحل الغالي .. و أخذ الروح المحبه له مع .. لم يترك سوى بقايا إنسان أدمته الجراح .. بقيت الفتاة تتجرع كأس الفراق كل يوم بكميات كبيرة هائلة .. إلى أن ودعت الحياة هي الأخرى .. و انتقلت إلى حيث انتقلت صديقتها .. التي سلبتها يد المنية و هي في ريعان و زهرة شبابها ..
وداعا جميعا ..
وداعا ..
وداعا ..
و داعا .. و ما أثقل هذه الكلمة على ألسنتنا ..
وداعا ..
وداعا ..
وداعا .. حارا ..
وداعا ..
وداعا .. للأبد ..
eminemlady
|