كاتب الموضوع :
ضياءk.s.a
المنتدى :
الشعر والشعراء
.... قالـــــــــــــــوا عن البــــــــــــــــــــدر ....
"بدر بن عبدالمحسن تحت مجهري ,,,
للكاتبة والشاعرة .. احلام الغامدي "
ترددت كثيرا وأنا أحاول الكتابة عن أطروحات شاعر تربع على ساحة الإبداع ليس لأنه الشاعر الأمير بدر بن عبدا لمحسن فحسب بل لأن تجربته الشعرية ومشواره الأدبي ليس من السهل لتلميذةٌ مثلي أن توفيه حقه ، ولأن من هم أفهم مني قد كتبوا عنه بما هو أبلغ مما سأقوله وأدلي به هنا من قراءة لا تتعدى كونها قراءة في رواية شعرية تستحق خوضها قدرا غير بسيط من الشجاعة لكي تكون بصمة مختلفة عما ذكر سلفا .
سمو الأمير بدر شاعر استطاع أن يغير حال القصيدة الشعبية في وقت كان الجمهور يريد أن يقرأ شعر فيه من التجديد والأفكار ما يواكب عصر التطور في شتى المجالات ، واستطاع البدر أن يحول مجرى القصيدة الشعبية إلي (إلهام ومعنى وإبداع) هذا يعني أنه أجاد في تحويل قصيدته إلى صور بلاغية جمالية عندما تعمّق في مضامين الإلهام الشعري وترجم هذا الإلهام إلي عمل إبداعي
بالنسبة لي أنا لا يُمتعني قراءة قصيدة التفعيلة بقدر ما يُمتعني وجود قضية وإحساس بين أجراس هذه القصيدة والتي تحمل أفكار ومضامين جميلة وصورة بلاغية من الواقع بعيدا عن التكلف الذي يفقد النص بريقه وجماله وهذا مافشل به بعض من كتبوا على نهج البدر من وجهة نظري الشخصية . فما هو السبب في ذلك ياترى ؟ السبب من وجهة نظري أنهم لم يدركوا الأبعاد المحيطة بكتابة قصائدهم ولم يستغلوا كامل الظروف كي يطرحوا إبداعا ممزوجا بتجربة نفسية وفكرية كنوع من التجديد وهذا الأمر انتبه له البدر في كتابة هذا النوع من القصائد فهو القائل :
ادفن يدي .. تحت الثرى ..
واسقيها من جفني ارق ..
يذبل مابين اصابعي ..
عشب و ورق ..
ادفن يدي .. فوق الثرى ..
يلفها برد وسموم ..
واحس بعروقي يبست ..
ما توصل عروقي الثرى ..
ولا تشرب عروقي النجوم
وينبت على جفني سهاد ..
يذبل ورا صدري الشجن ..
اشقق اوراق الزمن ..
وانام ..
إن إبداع البدر هنا سببه الهامة الشعري وكيف استطاع أن يوزع أفكاره بحرفنة على كل معزوفة شعرية يشدو بها فالبدر قادر على تحويل كثير من الحالات إلى صور إبداعية جمالية ,عندما يسمح لإلهامه الشعري أن يتعمق في مضامين أفكاره ليترجم ما يكتب إلي عمل إبداعي
في آخر الصفحه .. يسار ..
خبر صغير .. حادث قطار .. مات أربعة ..
مكتوب في السطر الأخير ..
باقي التفاصيل .. في الصفحة العشرين ..
على الثرى .. وبين الورق ..
أجسادهم امقطعة ..
الأربعة .. لجل المساحة ماتشيل ..
وفي باقي الصفحة صور ..
فنان .. وحصان .. و كور ..
وابحث عن الخبر الحزين ..
في نهاية الصفحه يمين ..
حادث قطار ..
ماتوا ثلاثة وطفل ..
وباختصار .. شديد .. شديد ..
كان القطار .. هو الوحيد .
اللي بأسم ..
بلا ملا مح .. أو أسامي ..
ليه كلنا نموت ..
ليه نهمل الجثه ..
ونتذكر التابوت ..
لأقدامنا صوت ..
من يسمعه ..
من يسمع الأقدام..
هم مروا من تحت الكلام..
الأربعة ..
وصاروا أرقام .. أرقام ..
أنا رقم .. اصقه ضرير ..
المشكلة .. مثلي كثير..
يجمعنا حب الهاويه ..
احلامنا .. انا نصير..
وقاماتنا متساويه..
نركض على ورق الحياه ..
لين ننمحي ..
المشكله مانستحي ..
إنا نمرّ ..
ماشافنا انسان ..
ولا سمعنا انسان ..
اكتبني يالنسيان ..
انا رقم ..
نعم بدر بن عبدالمحسن هو الرقم الصعب في ساحة الشعر الشعبي ولعل الفيلسوف أفلاطون سبقني في وصف ما أريد قوله عن فكر هذا الشاعر فقد قال أفلاطون :
(نحن مجانين إذا لم نستطع أن نفكر، ومتعصبون إذا لم نرد أن نفكر، وعبيد إذا لم نجرؤ على التفكير)
لم اقرأ قصيدة من قصائد البدر القديمة والحديثة إلا واجد أنها تتحدث عن احساس أو قضية أو هدف ولعل ما استوقفني في قصائد البدر الحديثة أن فكر هذا الرجل لم يشيخ مع كبر عمره بل أجد فكره يتجدد شيئا فشيئا
فلو قراءنا هذه القصيدة لوجدنا إن مشروع هذه الأبيات قصيدة مغناة بحنجرة محمد عبده أو عبادي الجوهر يقول البدر :
من كُتب الحب العتاق .. وتاريخ القراق
وستاير الدمع الرقاق ..
جمعت قلبي غبار .. وقطع فخار ..
ومن على المرمر البارد ..
ومن ما نسته النار .. من غيمي المحروق ..
وحملت عيوني وركبت أول سفينه تبحر ..
على وجهي الاصفر .. خريفٍ طال ..
وسلال من رذاذ وملح ..
وفي صدري حجارة نسيوها بحاره ..
مروا علي فـ يوم ..
وقالوا تعال معنا .. وما كان يجمعنا ..
إلا الضياع والريح ..
راجع من الايام .. من الاحلام ..
ومن الف سناره .. مغروسة بقلبي ..
لقيت لي بشارة .. ما اغلى عطا ربي ..
أثر العمر ساره .. وموج البحر ساره ..
وكل المدى ساره ..
سافرت كل العمر .. وراجع احب سارة
وهناك قصائد للبدر لا تكتشف مضمونها الحقيقي الا بعد تعمق في قراءتها لان القارئ العادي يحمل منها أكثر من مضمون ولكن القارئ المتمعن للقصيدة يستطيع أن يقرر إلي أين يتجه البدر بمضمون قصيدته ومن القصائد التي تمتاز بمراوغة المضمون هذه القصيدة التي يقول فيها البدر :
بيض الردون..
يبني السراب خيامها..
وسط الخلا واقدامها..
تنبت عشب وتمطر غمام..
لامن لمحت اثارها..
يطري علي عشق الخلا..
وقصيدةٍ (( لبن غيام))1
في حومة العقبان..
في الازرق .. الازرق..
شمس الضحى جمره..
شفت الندى يعرق
في وجنة النوار..
بدخل تحت سدره..
وما سحت الاغصان..
من ظلها البارد..
على الثرى الممطور..
واطلق عيوني طيور..
وانا على المشراف..
ومن حاجرٍ به شيح..
جول الحباري طار..
ريشه يخض الريح..
خض البحر مجداف..
وين انت ياالصقار..
جول الحباري .. طار...
بيض الردون .. طيري
برقة جناحك لي..
وحتوفك لغيري ...
لاحظ عزيزي القارئ الصور الشعرية التي صاغها البدر في هذه القصيدة " يبني السراب خيامها ، شمس الضحى جمره ، شفت الندى يعرق في وجنة النوار ، اطلق عيوني طيور ، ريشه يخض الريح ، حتوفك لغيري "
أن مجمل هذه الصور البلاغية والجمل الشعرية تمتاز بالجدية ولغتها الممزوجة بالقديم والحديث ، وتعبر عن صور الخيال الشعري لدى بدر بن عبدالمحسن وأسلوبه الكلاسيكي في بناء المفردة الشعرية ولعلني هنا أتحدث فقط عن قصيدة التفعيلة أو القصيدة المغناة لدى البدر ولم أتحدث عن القصائد العمودية
فكما ابدع البدر في بناء مدرسة من الشعر الكلاسيكي المغنا استطاع أن يرسم للساحة اسماً من نور في قصائده العمودية مزج البدر بين المفردة الشعبية وبين اللغة الفصيحة ليخرج لنا بقصائد تعانق الجمال الأدبي وتعيد للشعر الخليجي هيبته وشموخه وتراثه الأصيل .....يقول البدر في قصيدة من أجمل القصائد الشعرية التي كتبها البدر :
تعبت أسافر في عروقي ومليت = من جلدي اللي لو عصيته غصبني
ياما تجاوزت الجسد واستقليت = عن الألم .. لاشك جرحي غلبني
أنا سجين الحال .. مهما تسليت = وانا الطليق وكل شيٍٍ قضبني
حريتي لاعل .. يا كود ياليت = اما شفت حيٍٍ جاد لي ماسلبني
وليت يا ليل التباريح وليت = اما محاني الحزن والاكتبني
كل السما في دفتري وان تجليت = مثل الشموس .. غبار قبري حجبني
لي صاحب وان ما تخلى تخليت = لا بد ما نهدم .. ولا بد نبني
وحقيقة فإن هذه القصيدة تستحق المزيد من القراءة المتعمقة حيث أنها تكمل للبدر عقدا من اللؤلؤ في سلسلة قصائده الرائعة .....لاحظ عزيزي القارئ هذه الصور والبناء المتفرد في تركيبة ابيات هذه القصيدة " تجاوزت الجسد ، وانا الطليق وكل شيٍٍ قضبني ، اما محاني الحزن والاكتبني ، غبار قبري حجبني "
نعم هنا غيمة ممطرة من الشعر هذه الغيمة لا تمطر مطرا فحسب بقدر ماتمطر إبداعا وخبرة شعرية تتدحرج قطراتها على صفحات الورق لتنبت في قلب من يقرءاها حب وإعجاب وشجن .
نعم البدر وضع جميع من يكتب القصيدة أمام خيارين لا ثالث لهما فإما أن يكتب الشاعر قصيدته من واقع الهام صادق وفكر متمرس وعاطفة جياشة وأفكار جديدة ومبتكره وإلا عليه أن يضع الورق والقلم والمحبرة جانبا ويتفرغ لأي عمل غير كتابة القصيدة ، وعموما تبقي لكل شاعر رؤيته ومفهومه وقدرته على صياغة قصيدة متميزة من خلال اللغة والتشبيهات والصور المتقنة لتصل إلى قلب القارئ وفكره بصورة متميزة
لقد أحدثت قصائد البدر انتقاله نوعية في مسمى الأغنية السعودية والخليجية وما أسلوبه في الكتابة المبني على وعي سموه في كتابة المفردة وعمق معناها في توجه البعض من الشعراء على نهجه في الكتابة لعل في مقدمتهم سمو الأمير عبدالرحمن بن مساعد والشاعر فهد عافت والشاعر صالح الشادي والشاعر علي عسيري ليصبحوا أيضا مدارس تنتهج الأسلوب الكلاسيكي في بناء القصيدة الشعبية مع العلم أن كل شاعر من هؤلاء استطاع أن يضيف لمسة شعرية وبصمة تدل على إبداعه في هذا المسار والنهج الشعري
يقول فهد عافت في مجلة قطوف العدد 5 ذو القعدة 1418 البدر أكبر بكثير من أكبر بكثير فماذا أفعل ؟نصف قصائده كيف نحب و النصف الأخر علمنا نحب كيف !
ويقول جابر القرني بدر بن عبدالمحسن شاعر أصيل كأصالة بلادنا وعراقتها جمع المجد من أطرافه أعطى لوطنه من إبداعه وفكره طيلة ثلاثين عاماً
ويقول علي المسعودي بدر بن عبد المحسن لا يمثل وهو يلقي ولا يحاول الإنفعال ولا يستحضر الحلم ..أو متطلبات المنبر بل يترك صوته طليقا يتنقل بين الإحساسات بحرية تامة .
ويقول سعد الصويان لدي قناعة شخصية بأن الأمير بدر بن عبد المحسن من أبرز و أهم إن لم يكن الأبرز و الأهم من بين الشعراء السعوديين والذين استطاعوا بكلماتها أن يدفعوا بالأغنية السعودية خارج حدودها المحلية لتصبح أغنية عربية حقيقية. يعني انه ليس للمستمع العربي اي مشكلة في فهم الكلمات التي يقصدها سمو الأمير بدر .
ويقول الشاعر سليمان الفليح في مجلة المختلف العدد 14 1994 حينما جلست إلى طاولتي وأشعلتُ السيجارة وأيقنتُ أن طبول الفرقة البنغالية سوف يطويها النسيان كما طوى الضابط الكبير .. وان المسئول الذي منع الماء عن ( سميرة الشجرة ) طواه النسيان وبقيت هي شامخة في السماء ، وأيقنتُ أنه لن يبقى في أسماع الأبدية سوى غناء ( ريكو ) وشعر بديوي الوقداني وأغاريد بدر بن عبدالمحسن والأشجار
اما رولان بارت في كتاب شذرات من خطاب في العشق وفي قراءة لقصيدة يطري عليه الوله يقول أتحرك كثيرا ضمن دائرة إحتياط المكان العميق لأنه في الوقت الذي أتماها فيه بصدق مع تعاسة الآخرين وأن ما أقرأه من تعاسه واقع من دوني وبسبب هذه التعاسة الذاتية يهجرني الآخر إذا تألم دون أن أكون السبب ، يعني أني لا أعتبر شيئا بالنسبة له
كل ما شكا من عنا همه وغرباله أقول : لعل به جرح من أسبابي (إذن وبشكل معكوس ، طالما أن الآخر يتألم من دوني ، فلماذا أتألم مكانه تحمله تعاسته بعيدا عني .. فلنفترق قليلا فلنعش حياتنا :
ناديت دامك حزين وحالتك حاله .. يكفيك همك وأنا بصبر على ما بي
واخيرا ...
لو تحدثت عن هذا الشاعر لن اوفيه حقه فانا تلميذة استفيد من تجربة البدر واحرص دوما على متابعة جديدة في محاولة مني إلي دراسة واقع الشيخوخة على سموه وكلما تمعنت في قراءته اعجز عن رسم صور لشيخوخة هذا الشاعر فما يقدمه يعتبر إعجاز شعري لم يؤتى لأحد من قبله ولا بعده
هذا هو البدر في منظار رؤيتي البسيطة والمتواضعة أتمنى أن أكون أوفيتُ هذا الأستاذ بعضا مما رسمه شعره في مخيلتي ولعلني إن وضعته متربعا على عرش القصيدة الخليجية والعربية يحق لكل العصور أن تفتخر بانجازات هذا البدر ويحق لي كسعودية أن تفتخر في احد صانعي انجاز القصيدة السعودية والخليجية والعربية وأقولها من هذا المنبر لو ترجم البدر قصائده بلغات العالم لضاها شعره أشعار شكسبير وفلسفة أفلاطون .
كلمة اخيرة ..
لي حق افخر في قصائد لها ذات
ولي حق ارسم صورة البدر للبدر
هذا البدر له في صفحة المجد رايات
عسل مقطر صافين من نحلة السدر
|
16-05-08, 07:28 AM
جديد مواضيع قسم الشعر والشعراء
العرض العادي
