ها ما الذي جرى يا أحمد؟ أخبريني و بتفصيل الممل ( قالها و اللهفة قد ارتسمت على محياه)
ألتفت ناحيته و بابتسامة واسعة اعتلت شفتيه قال:
أنتبه يا ماهر , لا تتسبب لنا بحادث.
ماهر بضيق:
أتمزح , أهذا وقت للمزاح, هيا قل بسرعة, ما الذي جرا عندما قابلتها؟ تكلم.
أخذ نفسا عميقا و ما أن أخرجه من صدره , تكلم , و عيناه الحالمتان قد سبقتاه بالكلام.....
............................................................ ...
هديل ماذا بك لما لم تردي عليه , أنا منذ وقت أقرع الباب , لكن لم تردي , لماذا؟!
كانت هديل ملقية برأسها على الطاولة , و مطوقة رأسها بكلى يديها ..
أخذت خلود تقترب شيئا فشيئا منها, حتى باتت الرؤية واضحة لها, فها هي هديل غارقة بدموعها...
_ هديل, ما الذي جرى لك , حبيبتي لماذا تبكي ؟خلتك سعيدة , لأنك قبلة بأحمد.
وضعت يدها على كتف هديل, فكانت ردت فعل هديل متمثلة بإلقاء جسدها بين أحضان خلود المتعجبة من الذي يجري ....
فما كان من خلود ألا أن تحيطها بكلى يديها, و تربت عليها....
أخذت هديل تشهق من كثرة البكاء , مما زاد من استغراب خلود و في نفس الوقت خوفها, فأبت ألا أن تسألها ....
- هديل حبيبتي ما الذي جرى لك , لماذا تبكي هكذا, أهناك خطب ما حدث بينك و بين أحمد؟!!!
من بين دموعها المنهمرة مثل زخ المطر من عينيها التين تملكتهما الأحزان, نطقت بكلام مشتت , غير مفهوم....
أنا .............مخطأة .............كلا ............. لماذا فعلة ...........كلا ...........عمار.......
خلود التي اشتد عليها الخوف في تلك اللحظة...
- هديل ما الذي تريدين أن تقوليه لي ؟أنا لم أفهم شيئا, اهدئي و قول لي بالذي يحزنك .
....................................................
- أوووووه يا رجل كل هذا يخرج منك, يالك من شخص جريء.
- أتعلم ماهر, كان واضحا أنها كانت تصارع في سبيل أخراج هذه الإجابة, يبدوا أنها مجبرة.
- لا أعتقد أن أبوعمار سوف يجبرها على هذا الشيء, فزواج ليس لعبة, المهم أبعد يا صاحبي تعابير الحزن هذه التي على وجهك, وفرح فأنت سوف تتزوج المرأة التي تحبها , و تعشقها منذ زمن.
- أنت محق, يجب أن نحتفل اليوم, هيا أذهب إلى أقرب مطعم فأنا أدعوك على العشاء على حسابي.
تفقد الساعة التي في السيارة و من ثم قال...
- أي عشاء هذا الذي تتكلم عنه, قل إفطارا.
رفع أحمد أحد حاجبيه....
- إفطار في الساعة العاشرة مساءا, أجننت.
- أسمع نحن المتزوجون الساعة العاشرة تعني الفجر بتوقيتنا, أنت معذور لازلت عازبا, قريبا سوف تتبع توقيتنا. ( ونفجر ضاحكا)
في بداية الأمر دهش أحمد مما سمع من صاحبه... لكنه ما لبثت أن تحولت دهشة ... إلى قهقهات ...
ضرب ماهر كتف أحمد بقبضة يده ضربتا خفيفة, و أردف قائلا...
- هكذا أريدك فرحا, و ليس مغموما و مهموما, كأنك رجل في الستين من عمره.
- أيه الماكر.
- حسنا كفان لفا في الشوارع , الآن سوف أوصلك إلى بيتك.
غابة عنه الفرحة تلك اللحظة...
- لا أرجوك , لا أريد الذهاب إلى المنزل الآن.
ماهر المستغرب من كلام صاحبه قال...
- لماذا؟!!!
- لا أريد أن أقابل أبي الآن, سوف يفتح لي محاضرة ليس لها أول من آخر, وأنا رجل يريد أن يفرح و يحتفل هذا اليوم, لا يريد أن يتشاجر مع أبيه في أمور تافه.
طغت عليه ملامح الجدية و هو يقول...
- أحمد أتسمح لي أن أقول شيئا, و بدون أن تغضب مني .
- تفضل.
- أنت أخطأت اليوم , كان يجب ألا تفتح موضوع ياسر, فأنت تعلم كم هذا الموضوع يحزن والدك.
بدت طبقة صوته عالية و هو يقول , و ضيق باديا على محياه...
- و أنت تعلم جيدا أنه هو أجبرني على ذلك, دائما كلامه يستفزني , و يدفعني أن أتفوه بكلام جارح بدون تفكير.
وضع كفه على رأسه , ومن ثم أتكئ على مقعد السيارة و هو يقول و طبقة صوته قد ارتخت قليلا...
- أنا آسف ماهر على صراخي في وجهك, لم أقصد, لكن هذا الموضوع يزعجني حقا, فكل الذي أعمله في وجهة نظر أبي خطأ في خطأ.
- أسمح لي يا أحمد أن أقول لك , بأنك السبب في أن ثقة أبك فيك معدومة....
أبعد كفه عن رأسه , ليكشف عن علامة الذهول التي اجتاحته ...
أكمل ماهر كلامه...
- لا ترمقني بهذه النظرة, أنت تعلم أني محق, أخبرني متى قمة بشيء لم تكون نتائجه وخيمة, كل شيء تدخل فيه تخرج منه بمشكلة, حتى زعزعت ثقة أبيك بك.
تنهد ومن ثم تبعها قائلا...
- ماهر أرجوك أوقف السيارة.
- أنت متضايق أليس كذلك؟ ( أخذ نفس عميقا ومن ثم تبعه بزفرة ) أحمد لا أحد يتضايق من الحقيقة.
- قلت لك أوقف السيارة و حالا. ( قالها و هو مقطبا حاجبيه )
- حسنا , حسنا سوف أتوقف.
توقف ماهر و ترجل أحمد على فوره من السيارة , و بتعد عن السيارة غير آبهن بكلام ماهر ...
..................................................
أخذت تمسح على شعر هديل الناعم, و بأسى طغى على نبرة صوتها نطقت قائلة...
- حبيبتي هديل, أنها فقد البداية, ودائما البداية تكون صعبة, فتماسك.
قالت و الدمع قد غسل وجهها...
- أعلم ذلك لكنه يألم ,أنه يألم.........فأنا...فأنا.......أنا أشعر بأني أخونه...أخونه ...
- هديل أنت لم تخونيه, لقد انتظرته خمس سنوات, لقد كنت وفيتن له و لحبكما, لقد ضحيتي بخمس سنوات من حياتك, وآن الأوان لكي تفكري بنفسك و تتمتعي بالحياة.
- أنت لا تفهميني يا خلود.....هذا..........هذا أمر صعب ليس من .......من السهل القيام به.
- أنا أعلم بأني لن أشعر بجزء بالذي تشعرين به الآن, لكن الذي أعرفه وأنا متأكدة منه, إذا لم تتغير الآن , و تمضي في حياتك , فأنت سوف تضيعين , سوف نخسرك يا هديل, و نحن لا نريد أن نخسرك كما خسرناه, فأرجوك , فأرجوك لا تتراجعي الآن , أرجوك..أرج...( قاطعتها دموعها التي انسلت من مقلتيها)
أخذت تحدق بخلود من وراء كوم الدموع التي غزت عينيها....
خلود التي هدأت قليلا, قالت وهي تمسح دمعها...
- أنا آسفة لأني أنهرت أمامك ( خطة ابتسامة لم تعش طويلا على شفاهها) بدل أن أهدئك , أصبحت أنا التي تحتاج إلى أحد لكي يهدئني , اعذريني هديل.
- لا تعتذري فأنت لم تخطأي, أنا المخطأة , أنا التي أعذبكم معي , فعذروني.
- لا تقول ذلك, نحن نتفهم وضعك, و نعلم مقدار الحب الذي تحملنه لأخي في قلبك, أتعلمن يا هديل , أنا إذا كنت مكانك لجننت أو أصابني خطب ما, لكنك أنت غير, مختلفة, أنت امرأة قوية يا هديل, لهذا أنا متأكدة من أنك سوف تتجاوزين هذه المحنة , أنا متأكدة من ذلك , أنه فقد مسألة وقت لا غير.
قاطع حديثهما صوت رنين لهاتف نقال, تناولت حقيبتها وأخذت تبحث عنه, انتشلته من داخل حقيبتها, ومن بعد أن تعينت الرقم, قالت...
- أنه ماهر, بتأكيد يتصل بيه لكي يخبرني بأنا ذاهبون, سوف أقول له بأن سوف أقضي هذه الليلة هنا.
- لماذا؟!أبسببي؟!!
- هديل أنت بحاجة لأحد أن يكون بجوارك هذه الأيام....
بترت جملتها...
- لا داعي لبقائك , أنا الآن بخير, فذهبي لبيتك و لا تشغلي بالك بي, كما قلت أنها مسألة وقت , ومن ثم سوف تغدوا الأمور على خير ما يرام .
- هذا الكلام الذي أريد أن أسمعه, حسنا سوف أذهب الآن , هل تريدين مني شيئا؟
- كلا , خلود ..... شكرا لك , على كلامك .
رسمت ابتسامة ,ومن ثم قالت....
- لم أفعل شيئا, حسنا حبيبتي تصبحين على خير ...( ومن ثم انحنت إلى أسفل, لتطبع قبلة على جبين هديل)
- وأنت من أهله .
.............................................
مد يده التي خطة السنين عليها علاماتها.... قابلتها يدن فتيه .....
تعالى في المكان صوت صارم يقول...
- عندكم عشر دقائق.
تبعه صوت الباب وهو يغلق ...
ألتفت مرة أخرى إلى من هو أمامه, و خط طيف ابتسامة على شفاهه, ومن ثم قال...
- كيف حالك يا بني؟
- بخير, الحمد لله أنا بخير.... كيف حالكم ....أنت و أمي و ......و أحمد؟
- الحمد لله الجميع على أفضل حال..
- الحمد لله.
- ياسر انك تبدوا مرهقا, أحقا أنت بخير؟ أصدقني القول يا بني.
بابتسامة واسعة قال...
- أنا بأفضل حال يا أبي, فلا تجعل الشيطان يوسوس لك بخلاف ذلك, أنا حقا بخير.
اكتفى بهز رأسه بأسى ....
- أبي دعنا من هذه الأمور, و أخبرني ما هي أخباركم ؟
- بني لهذا جئت اليوم لزيارتك, لأخبرك عن أخبارنا.
- وما هي هذه الأخبار؟ أرجوا أن تكون أخبارا مفرحة.
- لا أعلم ماذا أقول لك يا ياسر, هو مفرح من جهة , و غير مفرح من جهة أخرى.
- ما هذا يا أبي , أهي أحجية؟
- بني أحمد سوف يتزوج.
تدرجيا بدأت تعود البسمة على محياه...
- أبي لقد أرعبتني , ضننت مكروها أصاب أحدكم.....أحقا الذي سمعته الآن أحمد سوف يتزوج؟
- نعم.
- هذا خبر رائع, لماذا قلت أنه ليس خبرا مفرحا ؟
- لأنك لن تكون معنى, أنا آسف يا بني , لأننا سوف نحتفل و أنت في السجن...( ومن ثم حنا رأسه إلى أسفل)
مد يده , و غلف بها يد أبيه , و ببتسامة زينة شفتيه قال....
- أبي لا توقفوا حياتكم من أجلي, أنتم تستحقون أن تفرحوا, فلا تشغل بالك بي, فلا داعي للأسف يا أبي, ما دمتم أنتم فرحون و سعداء , أنا أيضا سوف أكون كذلك , مهما كان المكان الذي أنا فيه , أنا سوف أكون معكم بقلبي , فلا تحزن يا أبي و رفع رأسك... ( و مد يده الأخرى , و أمسك بها ذقن أبيه , و رفعه)
- الآن أبي , أخبرني من هذه الفتاة التي جعلت أخي أحمد يقبل بأن يرتبط بها؟
- أنت تعرفها , أنها هديل , ابنة أخ صديق أبو عمار , أتذكرها..
- بطبع أذكرها , وهل هي فتاة تنسى , هي الفتاة التي كان أحمد مستعدا لفعل أي شيء في سبيل الحصول عليها..
- نعم هي بعينها.
- لكن أبي , ماذا بخصوص زوجها؟
- سوف تتطلق منه , فهو كما تعلم مختفي منذ خمس سنوات , و لا أحد يعلم أذا كان حيا أو ميتا, و في هذه الحالة يمكنها الحصول على الطلاق بسهولة.
- هذا خبر رائع, حقا أنا سعيد من أجل أحمد, لقد تعذب كثيرا عندما تزوجت من عمار.
كان على و شك أن يفتح فمه ليرد على أبنه , لكن ذلك الصوت الصارم ردعه ....
- انتهى وقت الزيارة.
- حسنا أبي حان وقت الوداع إذا, سلم على أمي و أحمد .
- بأذن الله , و أنت أعتني بنفسك جيدا.
- حسنا.
بيديه الخشنتين أمسك بيدين ياسر , و طوقهما بقيد بارد , ومن ثم أخذ يجره بكل قسوة ...
كل هذا كان يجري أمام ناظريه, و هو يقف عاجزا عن فعل شيء يحول دون ذلك ....
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــع