كانت خصلات شعره الطولية ذات اللون الأسود الداكن تتراقص على أنغام نسمات الهواء العليل...
في حين أن سهام عينيه موجهة إلى البحر الثائر ....
كأن البحر يمثل حاله الآن .....
فعواصف و أمواج تضرب بداخله .......
- أحمد لقد مرة نصف ساعة و أنت لم تقول شيئا, أاتصلت بي لكي أسمع صمتك, إذا لم يكن عندك شيء تقوله لي فسوف أذهب لأكمل نومي.
لم تبدر منه أي حركه, ضل على حاله ....
إذا الايجابة هي لا ...
هز ماهر رأسه بأسى...
قام من على الرمال..
ومن ثم قال:
- إذا أنا ذاهب, تصبح على خير.
- أنها لا تريد أن تحاول.
- ماذا قلت يا أحمد؟
ألتفت إلى صاحبه و دمع قد أنسل من عينيه...
- هديل لا تريد أن تحاول.....أن تحاول أن تنجح زواجنا.
صدمه رؤية صاحبه في هذه الحال....
لم يره في حياته بهذه الحال....
منهارا...
- أحمد ...
قاطعه بصوت باكي...
- لا أعلم ماذا أفعل , فتفكيري مشوش تماما هذه الأيام.
- أحمد أمهلها بعض الوقت فهي لازالت لم تعداد الوضع الجديد بعد, فقط تحتاج لبعض الوقت, وأنا متأكد أنها سوف.....
بتر جملته من جديد , لكن هذه المرة بصوت حاد , بصوت غاضب....
- و أنا لما لا تفكرون بي أنا , لما الجميع يضن أنها هي الوحيدة التي تعاني, ماذا عني, ها ؟ ألم تفكروا بي , ألم تفكروا كم أنا أتألم و أنا أعيش مع امرأة لا تحبني, امرأة لا تطيق البقاء معي في غرفة واحدة , دائما تتحجج بأمور تافهة حتى فقط لا نكون في مكان واحد, و حتى عندما نكون معا , لا ترفع رأسها عن الأرض و لا تنبس بأي كلمة , و الآن تريد أن تعود للعمل, هذه خطتها الجديدة للهرب مني, و الله وحده أعلم ما الخطة القادمة , أنا حقا أتألم يا ماهر , أحس بخناجر تغرس في قلبي كل يوم ....كل يوم
( و أخذ يضرب بيده على صدره )
أخذ نفسا عميقا و من ثم أخرجه من صدره....
توجه إلى ناحية أحمد و الحزن على حال صاحبه يرافقه ....
أمسك بيد أحمد مانعن لها من الاستمرار في الضرب...
ماهر:
- أنت محق, لقد ركزنا على هديل و نسينا كم هو صعب الذي تمر به , فليس من السهل العيش مع شخص لا يبادلك الحب و يحب شخصا غيرك, لكن لا تنسى يا أحمد أنك تزوجتها و أنت تعلم أن قلبها لغيرك .
- نعم , كنت أعلم بذلك , لكني كنت أضن أنها سوف تساعدني على أن أنسيها ذلك الشخص, لكنها لم تبذل مجهودا, لم تحاول أن تخرج من قوقعتها ...... ماهر أنا أحبها حبا جما , حقا أحبها و لا أستطيع أن أعيش بدونها , لا أستطيع .... ماذا أفعل ....ما أفعل لكي أمتلك قلبها ماذا ؟ أجبني يا ماهر أجبني...
تنهد ماهر الذي كساه الحزن على صاحبه ....
- لا أعلم يا صاحبي ماذا أقول لك, لا أعلم ....
مسحت من الحزن و اليأس قد أعتلة محياه...
- يالله أسوف أضل أعيش هكذا ...
- لست مجبرا على الاستمرار معها, يمكنك أن تطلقها, فمن كلامك هي غير مستعدة لكي تكمل العيش معك كزوج و أنت لا تستطيع العيش معها و هي تعشق غيرك, و أنا متأكد أن الجميع سوف يتفهم موقف و لن يغضبوا عليك.
سحب يده من قبض يد ماهر....
حرك قدماه ناحية البحر, أخذ يتقدم ناحيته, حتى لامست قدماه العاريتان بقايا موجة....
- إذا كان هذا كلامك, فأنت للأسف لا تعلم مقدار حبي لهديل, فهي بمثابة الأكسجين الذي أتنفسه, فكيف الإنسان يعيش بدون أكسجين؟
- إذا يا صاحبي ليس أمامك سوى أن تدوس على قلبك, و تتحمل صدها لك, و تستمر في زواجك.
- يبدو أن كلنا يحتاج إلى بعض الوقت, لكي يتعود على الوضع الجديد.
- يبدو ذلك يا أحمد.
مسح دمعه ...
ألتفت إلى خلفه ...
واجهه بعينيه ...
ومن ثم قال:
- هل تعتقد بأن هديل سوف تحبني يا ماهر؟
أرتبك ...
تبعثرت أفكاره...
لم يعرف كيف يجيبه...
هرب بعينيه إلى ناحية الرمال...
- أنا أنتظر جوابك يا ماهر.
أخذ نفسا عمقا ...
استجمع بعض قواه ...
رفع رأسه ...
وص,ب عينيه ناحية عيني أحمد ...
وقال:
- ليس مهما ماذا أنا أعتقد, المهم ماذا أنت تعتقد, فهل أنت تتوقع أن هديل سوف تحبك في النهاية ؟
اتسعت عينيه ...
ثقل لسانه ...
تجمد جسده...
السؤال الصعب, الذي طالما كان يهرب منه...
ها هو ذا يواجهه الآن ...
( أسوف تحبني هديل؟)
سؤال أخذ يتردد صداه في عقله العاجز عن إيجاد إجابة له...
.............................
بأقدام كان يجرها جرا للمضي للأمام, دخل إلى غرفتهما ....
وقعت عيناه عليها و هي غرست بوجهها في الوسادة, التي تشبعت بدموعها....
صوت بكائها الأليم ....
قطع فؤاده ...
وزاد من آلامه ....
تقدم إلى جهة السرير, حيث كانت مستلقية عليه ...
جلس بالقرب منها ...
رفع يده ...
جعلها معلقة ...
فهو حائر أيمضي بها أم يرجعها إلى مكانها....
في النهاية جعلها تمضي في طريقها....
وضعها على رأسها ...
لكن ما أن لامست يده رأسها...
حركت رأسها مبتعدة عنها...
- هديل أنا آسف على صراخ و انفجاري عليك, كان يجب أن أتمالك أعصابي أكثر من ذلك, فسامحيني أرجوك, فأنا في الفترة الأخيرة الكثير من الأمور كانت تحدث لي , الكثير من الضغوطات, حتى أنني لم أنم لمدة ثلاث ليالي , أنا مرهق حقا , متعب , فأرجوك أن تفهمي , أرجوك أن تسامحيني, أرجوك.
رفعت رأسها من المخدة , ألتفتت ناحيته و وجهها كان قد غسل بدمع, و عينيها حمراوان ....
بصوت مبحوح من كثرة البكاء قالت :
- مادمت أنا أجهدك لهذه الدرجة فطلقني .
اتسعت حدقت عينيه على وقع آخر كلمة قالتها...
- أطلقك , هذا ... هذا مستحيل , أنت فهمتي كلامي بشكل خاطئ........( الكلمات خانته في تلك اللحظة ) .... هديل.. ..أنا .....
من بين شهقاتها, انسلت هذه الكلمات من فمها المرتعش ...
- أحمد يبدو أننا لا نصلح لبعض .....حتى كأصدقاء....... إذا استمررنا على هذا الحال سوف نكره بعضنا البعض .... و أنت إنسان رائع ......لا أريد أن أكرهك..... لا أريد أن أخسرك......... أحمد نحن لا نصلح لبعضنا البعض كزوجين لا نصلح .........
بعينين تنذر بدمع ...
ووجهن استسلم للحزن ...
قال بصوت راجي...
- لا .... هديل ..... لا تقولي هذا .... نحن نصلح لبعضنا ..... أتعلمين لماذا؟ ..... سوف أقول لك لماذا....
كلينا .... كلينا ضن بأنه يقدر المضي في هذا الزواج من غير مشاكل.... لكنا ....... لكنا صدمنا بأن الموضوع..... ليس ... ليس كما تصورناه .... كان أصعب من ذلك ....... لكن أتعلمين نحن بمقدورنا أن نتجاوز هذه الصعوبات بتعاضدنا معا ........ نعم .... مع تماسكنا و اتحادا نستطيع أن ننجح هذا الزواج....
أنها فقط مسألة وقت ....ومع وفت سوف تنحل كل الأمور........
اندفع فوج جديد من الدموع من مقلتيها و هي تقول:
- أحمد أرجوك لا تصعب علي الأمر أكثر من ذلك ...... أرجوك أنهي هذه المأساة............ و أعدك بأني سوف أتحمل أنا المسؤولية كاملة ... سوف..
قاطعها صراخه و هو يقول:
- أرجوك أنت أفهمي , أنا أحبك يا هديل أحبك ......... أنا مجنون بحبك منذ زمن بعيد , و الآن و بعد أن حصلت عليك ..... تريدين مني أن أتركك بهذه السهولة بدو أي مقاومة.......... لا, لا لن أفعل ذلك ... لن أفعل......( ها هي عيناه تخسر الحرب أمام دموعه الساخنة )
أخذ يبكي كطفل صغير أمامها ....
لم تعلم ماذا تفعل ....
فصدمة قد تملكتها ....
فكتفت بتحديق به بذهول و عدم تصديق ....
هوا برأسه على صدرها ..... و بكائه يشتد أكثر من قبل ....
أخذ يردد قائلا:
- لا أستطيع أن أتركك....... لا أستطيع أن أتركك.....
حدث هذا أمام ناظريها .........
لكنها لا تزال تعيش وطئت الذي حدث منذ قليل......
يا لهو من موقف تعيشه هذه اللحظة....
يا لهو من منظر تراه عيناها المفتحتان على مصراعيهما .....
أحمد ..... أحمد ذو الجثة الضخمة......
أحمد صاحب تعابير الوجه الجادة ..... الصارمة .......
ينهار أمامها .....
يبكي أمامها كطفل صغير ....
يستجدي العطف منها ........
يا لهو من منظر ......
يهز أركانها ....
يجلل صوتا في داخلها:
( ماذا أفعل الآن ؟)
وجهة يدها المرتعشة ناحيته .....
لكنها في آخر لحظة غيرة وجهتها ....
لتحولها إلى فمها ......
لتسد الطريق على صرخاتها .....
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــع