أشرقت شمس الصباح , لتعلن بداية يوم جديد....
و هذا اليوم قد يخفي في ثناياه الفرح لبعض الناس أو الحزن للبعض الآخر....
- ماذا بكما لا تأكلان, أهناك خطب ما في الطعام؟!
- كلا يا أم أحمد , الطعام لذيذ.
- إذا هديل لما لا تأكلي ؟ فأنت لم تتناولي ألا سوى لقمة واحدة, أأنت خجلة منا , حبيبتي نحن أصبحنا أهلا , و سوف تجمعنا هذه المائدة أن شاء الله لسنوات. ( و رسمت ابتسامة عريضة )
ردت عليها بابتسامة...
و أخذت تتناول الطعام مجبرة, فشهيتها ليست مفتوحة هذا الصباح....
و السبب في ذلك هو تفكيرها المستمر بليلة البارحة, ناهك عن الأمور الجديدة التي دخلت حياتها دفعة واحدة, و التي كانت غير مهيأة لها مسبقا...
- و أنت أحمد ماذا بك أنت الآخر؟ لا أضنك خجلا , فالبيت بيتك.
- كلا أمي, أنا لست خجلا, لكن شهيتي ليست معي اليوم, لهذا عن إذنكم, سوف اذهب لأتمشى قليلا في الحديقة.
قام من مقعده ...
وتوجه إلى الباب الرئيس ...
و الأعين المستغربة من تصرفه تلحقه....
أبو أحمد: ماذا به هذا ؟
أم أحمد: لا أعلم.
وجه أبو أحمد بصرة ناحية هديل, التي كانت منكسة رأسها, و تقطع رغيف الخبز إلى قطع صغيرة...
ثم قال مستفسرا:
هديل هل حدث بينكما خطب ما؟
وضعت رغيف الخبز على الطبق, و هزت رأسها بنفي , و هي لازالت على حالها ...
من ثم قامت هي الأخرى ...
قالت:
لقد شبعت , سوف أذهب لغرفة .
لم تجرئ على رفع رأسها , حتى لا يروا انهيارها , و توجهت ناحية غرفتها ....
- أأكد لك يا أم أحمد أن هناك شيء جرى لهما.
...................................
بترقب ممزوج بالخوف و القلق ....
- الحمد لله, أخيرا رفعت سماعة الهاتف, أين كنت منذ فترة أتصل بك يا ليلى و لم يرد عليه أحد, لقد بدأت أتصور أن مكروها أصابك.
- ألو ليلى أأنت معي على الخط , أهذه أنت أم منى ؟ ألو من معي ...
أخيرا جاءه رد من الطرف الآخر من الخط....
- ياسر......
تهلل وجهه بالفرح ...
- نعم حبي.
- لقد ..... لقد ( و أجهشت بالبكاء )
زال الفرح من محياه ...
ليحل محله القلق ...
- ليلى لما تبكي, هل هذا بسبب عمك و ...
بترت جملته صرختها ....
- أمي ماتت ..... ماتت .....( و عادت لتسكب المزيد من الدموع الحارة )
وقف لدقيقة, لم يقوى على أن يفعل أي ردت فعل, يريد أن يستوعب الذي سمعه منذ قليل....
نحابها الذي كان يسمعه على السماعة......
أيقضه ...
- ليلى...... متى ... متى حدث هذا ؟
- صباح اليوم , لقد .... لقد قدمت لها الإفطار , كانت ...كانت تبتسم لي.... لم تكون تشكو من شيء...... بدت بخير... لقد خرجت من غرفتها لأحضر الحليب , و عدت لأجدها ...... لأجدها ........( لم تعد قادرة على الكلام ......... لم تعد قادرة على فعل أي شيء ....... سوى أن تبكي ........تبكي)
- يالله ...... حبيبتي أرجوك أهدئ....... ليتن بجانبك الآن ..... ليلى..... حبي ...
صوت بكائها الذي يصل إلى مسامعه , قطع فآده ....
و جعله يشعر بالعجز, فها هي أحب شخص إلى قلبه في أمس الحاجة أليه, وهو لا يستطيع أن يساعداها... لا يستطيع أن يقف بجانبها .......
أحتقر نفسه في هذه اللحظة .....
................................
- ماذا هناك يا أبي؟ أمي قالت أنك تريدني.
- نعم أريدك , أجلس أولا .
أغلق الباب ورائه, خطى بضع خطوات و من ثم جلس على كرسي مواجها لأبيه....
- ماذا هناك يا أبي؟
- أحمد ..... أهناك شيء جرى بينك و بين هديل؟
أخذ نفسا عميقا , تبعه بزفرة ...
- كلا أبي, نجن بخير.
- غريب, كيف لا أحس بأنك بخير, أحمد لا تكذب علي , ما خطبكما أنتم الاثنين؟
- أبي قلت لك لا توجد مشكلة بيني و بين هديل, نحن في أفضل حال.
- أحمد ألذي يحدث الآن له صلة برفضك لزواج ؟
أخذ يحدق بأبيه لبضع ثواني....
قام من الكرسي ...
- قلت لك أبي نحن بخير, فلا داعي للخوف, عن إذنك أبي, يجب أن اذهب لأجهز نفسي للوليمة.
و شرع بالمشي ناحية الباب, أمسك بالمقبض, و قبل أن يحركه ..... جاءه صوته قائلا ...
- أتعلم أحمد , أنا لا أصدقك , هناك خطب بكما , و لربما كان سببه هو نفس السبب الذي جعلك تريد عدم أتمام زواج بهديل .
قال و هو معطيا ظهره لأبيه ...
- حسنا, كما يحلوا لك أن تصور الأمور صورها, لكن نحن بخير, و في أحسن الأحوال.
و فتح الباب و خرج من الغرفة ....
- يالك من ولد , إلى متى سوف تضل هكذا , متى سوف تتغير؟
وهز رأسه بأسى ...
................................
قالت و هي تتفحص أرجاء الغرفة ...
- يا لهى من غرفة, أنها رائعة يا هديل.
- نعم , أنها رائعة .
- أخيرا توقفت عن تفقد المكان ....
ووجهت عينيها ناحية هديل , الجالسة على السرير , و ملامح الحزن قد ارتسمت على وجهها ....
- ماذا بك يا هديل؟ تبدين حزينة .
كأن كلمات خلود كانت الشرارة التي فجرة دموعها المحبوسة في مقلتيها....
توجهت ناحيتها ...
جلست بجوارها ...
و طوقتها بأحضانها ...
- أووووووه عزيزتي , ما الذي جرى لك ؟
قالت بصوت كله حرقة و مرارة ... تخلله دموع منسابة ....
- لا أريد أن أعيش هنا ....... لا أريد أن أستمر....... لا أستطيع فعل ذلك
آلم خلود صوت هديل الحزين .....
- هديل ..... هل جرى بينك و بين أحمد شيء أزعجك ؟
- ك....ك.. كلا ...
قوست حاجبيها إلى أعلى ...
حررتها من حضنها ...
وجهتها بعينيها ....
وقالت :
- إذا لماذا لا تريدين الاستمرار؟!
قالت و هي تشهق من شدة البكاء...
- أنا.... أنا لست مستعدة لهذه الخطوة ..... خلت أنني مستعدة .... لكن ..........لكن أنا لست مستعدة .... لست مستعدة ....... أن أخطو هذه الخطوة.... و أنا لازلت ..... لازلت أحب عمار.... أنا لا أستطيع أن أعيش مع شخص....و قلبي يملكه شخص آخر.... لا أستطيع ... لا أستطيع... ( و ألقت بنفسها بين أحضان خلود, التي استجابت لها و أحاطتها بكلى يديها )
- هديل.... حبيبتي أنت لم تعطي هذا الزواج فرصة, ها هو ثاني يوم وها أنت ذا تستسلمين بدون مقاومة, يجب أن تعطي هذا الزواج فرصة, يجب...
- لا أستطيع .... هذا كثير علي , كثير.
- هديل حبيبتي أنها مسألة سنة واحدة فقط, سنه واحدة, فعشيها بأكملها, و انظري إذا كنت قادرة على الاستمرار أو لا, الآن لا تستطيعين أن تحكمي على الشيء بنهاية قبل أن تعيشيه فترة أطول, أنت الآن خائفة.... فهناك أمور كثيرة حدثت لك في الآونة الأخيرة , كطلاقك من عمار و ...و زواجك بأحمد ...
هذه أمور لم تتهيئي لها جيدا, لكن مع الوقت سوف تعتادين عليها , و وتتقبليها , لهذا عزيزتي أعطي هذا الزواج فرصة , أعطي أحمد فرصة فهو يحبك , و بتأكيد سوف يسعا لكي يسعدك . ... أنها فقط سنه واحدة, فأكمليها.... فأنا متأكدة بأن قرارك الذي سوف تتخذينه بعد مرور هذه السنة سوف يكون قرارا صائبا.
...........................................
بابتسامة واسعة قال:
- من الذي أخذ عقلك ؟ بتأكيد هديل, لهذا أنت لست معنا.
- أم ماذا قلت يا ماهر ؟
أنفجر ماهر ضاحك ...
- لم أقل شيئا يا صاحبي, لم أقل شيئا.
- حقا أنك رائق يا ماهر , أنا لست في مزاج لسخافاتك.
- ماذا بك يا أحمد , أهذا مزاج شخص متزوج حديثا, أبهذه السرعة تشاجرتم؟
قطب أحمد حاجبيه و نفجر على ماهر ...
- لما الجميع يضن أن هناك مشكلة بين و بين هديل, لما ؟
ماهر المندهش من ردت فعل أحمد قال...
- هون عليك يا أحمد, أنا كنت أمزح فقط.
أبو أحمد :
- ماذا جرى يا أولاد؟ أهناك مشكلة .
ألتفت ماهر ناحية أبو أحمد ...
و قال لينقض صاحبه :
- لا, لا يوجد شيء يا أبو أحمد, أنا فقط كنت أمزح مع أحمد, لكنه يبدو أنه لم يتقبل مزاحي بسعة صدر.
أبو أحمد:
حسنا إذا.
و عاد ليتبادل أطراف الحديث مع أبو عمار.
ألتفت ماهر ناحية أحمد الذي كان قد وضع رأسه على كفه....
فقال ...
- أحمد ماذا بك ؟
تأفف أحمد ...
رفع رأسه ...
ومن ثم قال:
- لا شيء, أنا...
ورن هاتفه النقال , ليبتر جملته....
أدخل يده إلى جيبه, أظهر هاتفه, ومن ثم أخذ يتعين الرقم...
قوس حاجبيه إلى أعلى ....
ماهر:
من المتصل يا أحمد؟
- لا علم , فهذا الرقم غريب عليه.
ضغط زر الاستقبال...
- ألو ....
المتصل ...
- ألو أحمد... كيف حالك؟
فتح عينيه أوسع ما يكون ....
- هذا أنت ...
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع