(2)
الليل يرحل و الصبح يحل , ليعد بيوم جديد للعالم قاطبة إلا أنا , فأنا توقف الزمن معي يوم رحلت عني يا حبي الأوحد , الدمع يكاد أن يجف يا عمار و هو ينسكب على فرقاك, فمتى سوف تعود لتعيد لهذه الشفتان الابتسامة الضائعة, و لهذا القلب الحياة بعد ما حرقه الشوق لك, يا من الكلمات تقف عاجزة عن خط مقدار حبي لك, يا من ملك روحي و عقلي و كياني أجب لندائي و عد لأحضاني المتعطشة لضمك.
سقطت دمعة وحيدة على جموع الكلمات المصطفة بانتظام على الورقة التي تخط عليها آلامها و أحزانها , فبعثرتها وشتتتها عن بعضها البعض , ومن ثم تبعتها أخواتها ....
.......................
بابتسامة واسعة قال...
_ أخير قررت أن تشرفنا بحضورك.
بوجه عابس , و بصوت مشحون بضيق قال...
_ أوووووووووه , ماهر أنا ليس لي مزاج لمزاحك هذا, فدعني و شأني.
غابة الابتسامة في لحظة و في نفس تلك اللحظة طغت معالم الاستغراب على وجهه و هو يقول...
- ماذا بك يا أحمد , أهذا وجه شخص أخيرا سوف ينال مراده الذي سعى لأجله منذ زمن!
بوجه ارتخت عضلاته المشدودة قليلا و بنبرة صوت تميل إلى التعجب و الاستغراب قال...
_ ماذا تقصد بكلامك؟!
عادة البسمة على شفاهه ....
_ يا رجل لا تحاول أن تخفي عني الأمر , الأمر أنكشف , لقد أخبرتني خلود بأنك طلبت يد هديل, ألف مبروك , لقد فرحة لك حقا , فأنا أعلم كم أنت تحبها و تعشقها.
خطى خطوتين ناحية مكتبه المهجور منذ فترة, جلس على كرسيه و أدار ظهر لماهر, وقال بصوت أقرب منه إلى الهمس...
_ أنا لن أتزوجها.
عادة من جديد التعجب و الاستغراب على قسمات وجهه...
_ لماذا تقول هذا الكلام يا أحمد, أأنت خائف ألا تقبلك, لا تخف بخصوص هذا الأمر, فقد أخبرتني خلود أن الجميع سوف يبذل قصار جهده من أجل أن توافق هديل فالجميع يعلم أنك تحبها ...
بصوته دوى في جميع أرجاء الغرفة قال...
- لماذا الجميع يقول أنني أحبها, لماذا ؟
الصدمة وجدت لها مكان تلك اللحظة على قسمات وجهه...
_ لأنك يا أحمد كنت تقول ذلك!
قام من الكرسي بسرعة و ندفع ناحية ماهر الجالس وراء مكتبه , وأصبعه السبابة مصوب جهة ماهر...
_ لقد قلتها باللسانك , كنت أقول ذلك, الآن قد تغير الأمر , ( نقل أصبعه السبابة من جهة ماهر الى جهة قلبه) و أكمل... لقد أحتل هذا القلب شخص آخر.
_ أتقصد كاثرن؟
_ نعم كاثرن , هي الآن المرأة التي أحبها و أعشقها , و هي المرأة الوحيدة التي سوف أتزوجها .
قام من مقعده و وجهه يرسم ملامح الغضب...
- أحمد أجننت, ألازلت مصرا على أن تتزوج بتلك المرأة , التي ليست من وطنك , و ليست من دينك , وفوق كل ذلك سمعتها سيئة.
_ ماهر أتعرفت عليها شخصيا , أم أن هذا الكلام سمعته فقط؟
- سمعتها على كل لسان, فما حاجتي لتعرف عليها.
- أرئيت, أنت لم تتعرف عليها , لم تتكلم معها شخصيا, المرأة عكس ما تتوقع تماما, الناس دائما يقفزون يتكلمون حتى لو كان الشخص الذي يتكلمون عنه شريف و محترم, فلا تحكم عليها مادمت لم تتعرف عليها شخصيا.
تنهيدة بدرة من فمه , تلها جلوسه باستسلام على كرسيه ...
- ووالديك ماذا سوف تفعل بهم؟
أتكئ على طاولة مكتب ماهر ومن ثم قال...
- أنا أعلم أنهم طلب يد هديل لي لأجل أن يردعوني من زواجي بكاثرن, لكن هذا الخطة لن تنجح , أنا مصمم على قراري و لن أتراجع عنه.
.............................
بابتسامة زينت شفاهه أقبل مندفعا ناحيتهم و هو يقول...
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
التفتا لرأيت من كان يلقي السلام ليجدنه مقبلا عليهم بابتسامته...
بادلته الابتسامة و هي ترد عليه...
- و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أبو عمار.
رد هو الآخر , لكن الضيق تجلى في نبرة صوته و ملامح وجهه..
- و عليكم السلام يا أبو عمار.
- كيف حالك يا أم أحمد و أنت أحمد؟
قال وهو ينتشل هاتفه النقال من جيب بنطاله ...
- بخير , بخير, عن أذنك سوف أرد على الهاتف.
ومشا مبتعدا عنهم ...
ردت قائلة...
_ الحمد لله , كيف حالك أنت و أم عمار و البنات؟
_ بخير الحمد لله , خيرا ما سبب زيارتك للمستشفى؟
- منذ بضعت أيام بدأت أشعر بألم في رجلي اليمنى , فجأة لأرى ما خطبها.
- أنشاء الله يكون الأمر بسيطا.
- أنشاء الله , و أنت ما سبب زيارتك للمستشفى , أهناك خطب ما بك؟
تبسم ...
- لا الحمد لله أنا لا أشكوا من شيء, فقد جئت لأقل هديل من عملها.
- أوه صحيح , لقد نسيت أنها تعمل هنا , الحمد لله أنها عادة لعملها بعد الذي جرى.
زال نور الابتسامة و احتل مكانه ظلام الحزن ...
- نعم , الحمد لله , لكن لأسف لازلت تعيش في عالم الأحزان و تأبى الخروج منه.
- العمل جيد لها , فهكذا سوف تنشغل, و سوف تقابل الناس.
- أنت محقة.ألتفت الجميع لما سمعوا...
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رد الاثنين...
- و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
- كيف حالك يا هديل؟
- بخير الحمد لله يا أم أحمد, كيف حالك أنت ؟
- بخير الحمد لله , كيف أحوال العمل؟
- جيدة.
أندفع مسرعا ناحية أمه و وجهه اعتلاه القلق و الارتباك , لم يلمح أحدا سوا أمه , حيث أنه كان صابا كل اهتمامه بأمه من شدة ارتباكه...
_ أمي يجب أن أذهب الآن فهناك.... أ...ف...فهناك مشكلة في الشركة , لهذا يجب أن أذهب, أيمكنك أن تتدبر أمورك بنفسك؟
_ يمكني أنا أن أعتني بها.
( هذا الصوت ليس بالغريب عليه)
وجهه بصره ناحية صاحب الصوت , فتسعة حدقة عينيه , و تجمد لسانه في مكانه , و تدفق حشد من المشاعر في داخله دفعة واحدة ...
( هديل)
_ لا داعي لذلك يا هديل , أنا بمقدوري أن أتدبر شأني بنفسي , فذهبي لمنزلك وارتاحي بعد هذا اليوم الطويل.
( لقد تغيرت , أصبحت هزيلة , ووجهه شاحب, و عينيها الواسعتان أصتبغتا بالون الأحمر )
ابتسامة باهتة خطتها على شفاهها الحمراوين و تلتها قائلة...
_ لا يا أم أحمد لن أتركك لوحدك , ومن ثم أنا لست متعبة , و سوف يسعدني أن أساعدك, وسوف أوفر عليك وقت انتظار الطبيب لكي يفحصك, يمكني أن أدخلك بسرعة .
( هذه الابتسامة باهتة ليست من قلبها, فقد كانت ابتسامتها تنير المكان , و تبعث السعادة في القلوب الحزينة, لقد ...آههههههههه).
_ لكن...
قاطعها قائلا...
_ لا تحاولي يا أم أحمد, فأنت تعرفين هديل جيدا , عندما تصمم على شيء , لا تتركه حتى تحصل عليه.
وبتسم..
_ أحمد ساعدني.
أحمد الذي أيقظته أمه من عالم الذكريات , وسرحانة في معالم وجهه هديل ...
_ ماذا ؟ ماذا قلت يا أمي؟
_ لا داعي أن يساعدك يا أم أحمد , ومن ثم نحن أهل فهل نسيت, فلا داعي أن تخجلي مني.
_ صدقتي نحن أهل , و بأذن الله سوف تتوطط علاقتنا أكثر في المستقبل القريب.
( ماذا تقصد أم أحمد بكلامها هذا !)
- هيا بنا يا هديل.
- هيا بنا يأم أحمد, أعذرني عمي لأني سوف أجبرك للعودة مرة أخره لإحضاري.
- ما هذا الكلام ابنتي, لا تقولي هذا فتعبك راحت, ومن ثم أنا رجل متقاعد , ليس ورائي شيء أعمله.
- لا داعي أن تأتي لتقلها , سوف تذهب معي أنا و أحمد , فلا تقلق.
هديل :
لكن أم أحمد لا ..
قاطعتها ....
_ هديل أليس منذ قليل قلتي أننا أهل؟
_ نعم قلت.
_ إذا لا داعي لأن تخجلي , أليس كذلك؟
ردت عليها بابتسامة تغلف ارتباكها و خجلها..
_ أحمد , أذهب الآن و سوف أتصل بك .
أحمد الذي يعيش في بحر من المشاعر المتضاربة قال...
_ حسنا , عن أذنك .
وندفع بسرعة متوجها ناحية سيارته , حيث أنه نسي أن يستأذن منهم..
أم أحمد التي أحمر وجهها نتجت الخجل...
_ أنا آسفة من تصرف أحمد.
بابتسامته المعهودة قال..
لا عليك , فأحمد عنده ظرف يشغل باله , حسنا سوف أترككما الآن, عن أذنكما .
ردت كلاهما...
_ مع السلامة.
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــع