كاتب الموضوع :
وداد التميمي
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
- والآن حان دورك أن تقصي علي أيتها الفلاحة الجميلة.
قالت الشابة وهي تمسح بيدها كل الحديقة :
- كما ترى.. غدا سأبذر التقاوي في الجانب الأيسر لزراعة الطماطم والبصل.
كانت "بليندا" تتمتع بوجوده بجوارها إلى أقصى حد وكانت تشعر بالحزن عند رحيله في الصباح لدرجة الدموع سألها "وولف":
-ماذا تفعلين في الولايات المتحدة؟ الأعمال البستانية؟
رأى في عينيها تحذيرا جعله يندم على سؤاله.فقال:
- ما رأيك في أن نذهب للاستحمام؟
قالت الشابة وهي منهمكة في فحص نفسها لتداري اضطرابها:
-إنني قذرة لدرجة رهيبة.
إن البحر سيغسلنا وأمامك بالضبط خمس دقائق.
استدار وهو يدعو أن تنسى سؤاله ولكنه رآها تسابقه في الجري نحو البهو وهي تصيح:
- آخر سيارة على وشك الرحيل.
انطلق "وولف" خلفها وهو يطلق صيحة الحرب:
أحضر كل منهما المنشفة وارتدى لباس البحر في حجرته وفي وقت قياسي كانت "بليندا" تنهب الدرج ولكن "وولف" امتطى الدرابزين وانزلق بسرعة إلى البهو كالصاروخ. احتجت وهي تراه يسبقها بمسافة:
- أيها الغشاش.
وصل إلى السيارة قبلها وجلس خلف عجلة القيادة وهو يبتسم في وقاحة قالت وهي تميل على بابه:
- لقد كدت أقضم أنفك!
قال لها بصوت عميق:
- أنا تحت أمرك في أي لحظة.
دارت أمام السيارة لتأخذ مكانها بجواره. انطلق "وولف" في الحال ليقطع الممر نحو الطريق. لقد سيطرت عليه مشاعر مختلفة من خوف ودهشة وانجذاب. بينما ظلت "بليندا" تنظر في عناد أمامها خلال الزجاج الأمامي. كانت فوضى تجوس داخلها وصراع أفكارها المتضاربة يجري داخل عقلها. إنها تحب هذا الرجل. إن عقلها يكرهه ويرفضه وليس هناك حل وسط. عندما وقفت السيارة عند المرفأ قفزت نحوه. جرى "وولف" خلفها وهو يناديها وقالت وهي تنظر إليه:
- سأذهب للسباحة.
تركت حقيبتها وملابسها مكومة دون ترتيب عند قدميها وجرت فوق الرمال الساخنة لتلقي بنفسها إلى المياه و"وولف" في أعقابها. عاما طويلا جنبا إلى جنب إلى أن استلقت "بليندا" على ظهرها لتستقر فوق سطح الماء قالت وهي تتنفس بسهولة:
- إنه لذيذ.. لقد دخل طين الحديقة داخل جلدي.
- إنك تبذلين جهدا أكثر من اللازم. استأجري أحدا!
- حتى يؤدي العمل بلا كفاءة وأضطر لإصلاح ما أفسده؟
غطست في أعماق الماء وتبعها "وولف" إلى الأعماق الملوثة. قال لها عندما ظهرا فوق السطح:
- ألا يمكن أن تسمعيني دقيقة يا "بليندا"؟ أقسم لك أنني لم أحاول أن أقبلك.
- الأمر ليس كما تظن. بل إنني أود ذلك ولكن الموضوع كان أسرع من استعدادي ويمكننا أن نكون أفضل لو صبرنا.
- وأنا كذلك.
- إذن هيا بنا.
عاكسها "وولف":
- لست سوى طفلة.
- أنت مخدوع. اثنان من زملائي في الكلية تزوجا هذا العام صمتت وهي تتذكر يوم الزواج. كانت قد كرهت "هيكتور" بسبب الفضيحة الشائنة التي سببها في حفل الزواج. كان إلحاحه على عودتها معه بعد الحفل قد تجاوز الحدود وفي تلك الليلة قررت الرحيل إلى أوروبا. همس لها "وولف"
- هيا صارحيني!
- ليس للأمر أي أهمية على أية حال لقد تركت دراستي.
- يجب أن تعودي إلى العمل مرة أخرى يا "بليندا" وتكملي دبلومك.
- هذا قول سهل عليك أنت يا من انتهيت من كل شيء.
اعترض:
- إن بعض ذكريات الدراسة تشكل جزءا رائعا من حياتي. هل سبب لك صديق صغير كل هذه المتاعب؟
صاحت وابتلعت جرعة من الماء المالح أحرقت حلقها.
- ماذا؟ لا يمكن لأي صديق صغير أن يسبب لي أي متاعب.
- بل هذا هو الذي يحدد الداء.
- اسمع يا "وولف"! إذا كنت تبحث عن سبب لمضايقتي فإنني سأقول لك وداعا.
أرادت الشابة أن تهرب ولكنه حاصرها. قالت له:
- إنني امرأة في التاسعة عشرة من عمري رضيت أم لا.
انطلق "وولف" في الضحك.
- ها أنا قد نجحت أخيرا.
أحس "وولف" بأن كل دفاعاته تنهار واختفى كل شيء من حياته من سيناريو الفيلم والتصوير والمستقبل ولم يبق سوى "بليندا".
أخذ "وولف" يتأمل عينيها المبللتين ذواتي اللون الأزرق الشفاف ونسي العالم كله. لم يسبق ل"وولف" أن أحس بهذا الشعور الحاد المتسلط. وعندما عادا إلى السيارة سألته بغتة:
- لماذا تتجنب النظر إلى يا "وولف".
|