كاتب الموضوع :
جلاد الليل
المنتدى :
خواطر بقلم الاعضاء
اقتباس :-
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جلاد الليل |
في لحظات أغيب فيها عن الوعي .. لتختلط فيها روحي مع بعض من أفكاري .. حيث أتجه إلى سريري البالي .. لأفرش جسدي عليه .. ولألصق جلدي الممزق ببشرته المتهالكة .. لعلنا نتعافى معنا من آلامنا المتبادلة ..لعلنا نعوض أنفسنا ببعض الشفاء الناقص لدينا .. فما زال سريري هو صديقي الوحيد .. الذي لازمني زمانا دون ضجر أو ملل .. دون خيانة أوهروب ....
ثم يحين الوقت لكي أثقل برأسي على وسادتي .. مع أنه ضاع رأسي عليها منذ زمن .. وأحرقت ملامح وجهي بين ثنايا خيوطها .. لكنها مازالت تعاتبني .. فمازالت تلتزم الصمت منذ حديث الأربعاء الماضي .. حيث نسجت عليها بضعا من قطرات دموعي .. وأزلت عليها بعضا من هول الحزن الذي يعربد في وجهي منذ قرون .. من يومها ربحت بعضا من الراحة التي افتقدتها منذ مدة .. لكن للأسف خسرت بعضا من جمال وسادتي .. وخسرت حوارا ممتعا معها ....
وبعد لحظات من غياب الوعي .. إذا بالمطر يهمس إليّ بقطراته .. كحروف تبلل روحي .. ويداعب بكفيه زجاج نافذتي .. لكن الغريب انني ارتعبت من هذا المطر على الرغم من جماله الشفاف .. فإذا بيدي تضم غطائي الأبيض إلى صدري .. لعله يزيل عني أشباح الشتاء .. لعله يصيب جسدي بأمل في ان يتوقف ذلك الرعد الذي يولد رعدا آخر على وسادتي .. لعل غطائي يهدئ من روع زجاج نافذتي الذي يرتعش من كف المطر .. غريب ان تتولد نفس المشاعر بين وسادة وروح وزجاج نافذة .. ألأنهم أصدقائي الوحيدين .. ألأنني نسجت معهم قصصا وحكايات وأحلام منذ صغري .. لكني لم أجد أحدا ليسقط علامات الإستفهام لدي .. فما زال المطر يستهويه عصر قلوبنا وتبليل أرواحنا الشحيحة .. وما زال الحزن والخوف يلتئمان في أحشاء جسدي الطيني المستورد .. أتعجب من أني بدأت أخاف المطر على الرغم من أني أمطر كل يوم ... غريب ان يولد الحزن عندي خوفا من أهون الأشياء .. أهو خطأ في غطائي أم في المطر .. أهو خطأ في وسادتي أم في البشر .. لكني لا أعلم فغطائي ووسادتي كما هما مع بعض من تغييرات الزمن .. التي شملتني كما شملتهما .. والمطر كما هو يعوي في السماء كل ليلة مع بعض من قطيع الرعد لديه .. والبشر كما هم منذ أكثر من قرن .. لكن يبدو ان جسدي هو المستهلك .. هو المفقود في هذه الحياة .. فلم يعد لي جسد لكي يحميه غطائي .. ولم يعد لي جلد تلهو عليه قطرات المطر .. فيا أمي كفى دمعا .. فلقد ضاع الجسد وذهبت الروح .. ولم يعد لي إلا ... سريري ووسادتي وغطائي .
|
دخلنا في ليل الكاتب وغرفته وقفنا في تامله
ولأننا استطعنا ذلك نعلم انا الكاتب كان مبدع
|