(32)
"يا روح قلبي..
حركي ذاك السكون.."
الجزء الثاني والثلاثون
تناولنا..الغداء بذاك اليوم..وريما كعادتها بعد يومين من قدومنا
للشرقية لم تشاركنا في أي وجبة الوجبات..
حقيقة هذا اقلقني.. كنت اتوقع بأنها ستكون كالأخت الصغرى لي..
ولكن المؤشرات تدل على انها لم ترتح لي أبداً...
أما فهد فحينما يسأل عنها..ويجيب اسامة بأنها لا تريد تناول الطعام
يضحك بغرابة..ويقول :هههه ريما ما تبي اكل!
غريبة
وكأنه يقصد بأن ليس هذا سبب عدم جلوسها معنا...
.
.
في اول ايامي هناك...صدمت بمشاعري التي لم استطع تحريكها
وجعلها كما كنت اريد...
كنت اتمنى من كل قلبي أن اكون كالأم لرياض بعواطفي..
وكالأخت للبقية..
ولكنني للأسف..أجدني اتعامل مع رياض كأخت له..لا أكثر
كم وددت لو اضمه لصدري بحنان..
ولكن وان فعلت لا اجد مشاعري تتحرك كما اريد..
هل انا قاسية...ولكني لا اكرهه بل بالعكس..يعجبني رياض كثيرا
وكم يتمزق قلبي اشفاقا عليه حينما اراه احيانا ينادي اخته بماما..
تسائلت كثيرا كيف لي ان اغطي ذاك الجانب..وأنا لم اجربه يوما
وفي احد الايام....ذاك اليوم ما زال معلقاً بذهني..وقلبي..وروحي
كنا في فترة المغرب..شربت الشاي مع فهد وبعدها خرج لبعض شؤونه
عندها أخذ أسامة ورياض يتعاركان...
بقيت بصمت ارقبهم..وددت لو أمنع اسامة من ضرب رياض
ولكن..كنت ما زلت اشعر بأنني غريبة..وليس من حقي التدخل
ولكني بعد فترة لم أتحمل..خصوصاً أن ريما ليست موجودة معنا
وبالتأكيد لو كانت معنا لن تسمح بذاك العراك..
هههه رغم انها قد تتعارك احيانا مع اسامة...
عندها قلت بتردد: اسامة حرام عليك تراه صغير
اسامة بشيء من الخجل: عادي حنا نلعب
سديم: ايه بس خفف اللعب شوي..لأنه صغير ما يتحمل
اسامة: لا شوفي انا ابعد عنه وهو يجي..
حتى اسأليه..حلو اللعب معي؟
رياض: بث عورت ايدي...ثـفها(شفها) توجع
اسامة: بس عشانك قلتي خف عليه صغير قال ايدي
توجع والا هو كان فرحان..
صمت لأنني لم ارد ان ادخل معه بنقاش..
بعدها ذهب اسامة ليصعد للأعلى..
يبدوا انه تضايق من تدخلي..
أوه هل كان من الواجب علي ان اصمت..
أم ان هذا لا يجوز..
جاء رياض وجلس بجانبي..
ثم قال ببرائه: ليه سويتي شعرك كذا
نظرت لشعري
ثم قلت: وش فيه
رياض: حلو....امم انتي تقلدين باربي
والا ثندريلا..
سديم: ههههههههه يا حبي لك..
طلبت منه بعدها ان ينشد لي..ومن ثم طلب مني ان انشد له
اخذته لحضني..وبدأت اعبث بشعره..
وانشد له تلك الاناشيد التي كانت امي تغنيها لي عندما تريدني ان انام
وهكذا..لم انتبه..له..ذكرت امي..وذكرت طفولتي..
وبعدها انزلت رأسي ورايت رياض قد سكن ونام..
كم كان منظره رائعاً وبريئاً....ومبكيا ايضاً
اخذت اتمعن بملامحه الصغيرة...وعيناي مغرورقة بالدموع
حبيبي انت بلا ام...هكذا هي اقدار الله..
رحل حضنك الحنون..وبقيت بملامح بائسة,,تبحث عن طيف حنان
تذكرت عندها كلام جارتنا..والتي كانت تعرف ام ريما الراحلة
اخبرتني بأن حال رياض كان مبكياً بعد رحيل امه...
كان يتعلق بها حينما تزورهم
ولا يتركها تذهب...ويناديها بماما...
والآن هي تخبرني أنها تفاجأت بأنه لم يفعل هذا بزيارتها لنا
عندها تسائلت..هل اديت بحق الواجب علي..
ولكني قليلاً ما احضنه بهذه الطريقة..
همست بعبره..." ربي وفقني للأحسان لهم...واجرني على ذلك"
.
يا روح قلبي ..
حركي ذاك السكون
وانشري الدفئ..
في حنايا تلك القلوب
امنحيها..حب..
اماناً..وبقايا صدر حنون
كفكفي دمعاً..
في محاجر تلك العيون
وامسحي..بعطف..
على رأس ذاك الصغير
وبرقة..داوي القلب الكسير
يا روح قلبي..
حركي ذاك السكون
.
.
ذات يوم..وفي احد ايام نهاية الأسبوع..كنت بغرفتي..
وكان فهد لتوه خارج من عندي ذاهبا لصلاة العصر..
كنت بتلك الأثناء..لتوي خارجة من دورة المياة..
ومرتدية روب الحمام..بعد ان انتهيت من الاستحمام...
ولكن فجأة فتح الباب بطريقة مرعبة..حتى ارطم بالجدار
وطلت منه ريما بنظرات حازمة...
ههههه لا أخفيكم انها ارعبتني..انتظرها تصرخ..أو شيء كهذا
لأن منظرها يوحي بذلك..
خجلت من منظري..ولكن هي من دخلت غرفتي بلا استأذان
جالت بنظرها بأنحاء الغرفة
عندها قلت بضيق وأنا عاقدة حاجباي: وش فيه
شعرت بصوتها بعض التردد..
ولكن ملامحها كانت جامدة: أبوي يقول جيبي جوالي..
تناولت الجهاز ومددت لها..عندها خرجت بصمت..
وكأن ملامحها قد لانت..
.
.
.
لا اخفيكم..بدأت أشعر بشيء من الاستياء والتوجس تجاه ريما
فحركتها تلك...كانت غريبة..تارة أفكر بأنها كانت تريد أن توضح
لي بأنني لا شيء وأن هذه غرفة والدها ومن حقها الدخول
بلا استأذان وتارة...أشعر بأنها لا تقصد..بل تصرفها كان عفويا..
خصوصا حينما رأيتها تتعامل مع والدها بفضاضة وحِدة بعض
الشيء...... بل أنها تصرخ ..وتتعامل بعنف مع اسامة..
مم اسامة حتى الآن لم ارى جديد يذكر منه..
فمازالت علاقتنا كلنا رسمية...سواء مع فهد أو ريما أو اسامة
أما رياض..فحبيبي هو..دوما يتابعني..كما اجد صعوبة بأخراجه
من غرفتي فهو يستمتع بالعبث بتحفي واكسسواراتي..
وهذا ما يجعلني أكون قلقة حينما افكر بدخول دورة المياه..
أو لصلاة أو حتى بتبديل ملابسي بالغرفة بغرفة التبديل..
هههه فهذه تكون الفرصة الذهبية لرياض كي يقوم بالعبث هنا وهناك
وأما ان حاولت اخراجه فهو يرفض ويبكي..
وفهد ان كان متواجداً..فهو لا ينهاه عن العبث..بل فقط
يردد بصوت خافت مازحاً: ياويلك من سديم تراها بتزعل
ذات يوم..كنت اصلي بغرفة التبديل..لأن رياض سيشغلني ان
صليت امامه وبعد أن انهيت صلاتي اخذت اقرء القرآن
فسمعت رياض يقول لوالده: بابا أبي هاذي فكها لي
فهد: ههههه والله منتب سهل مطير المرة هناك بالغرفة الثانية
وموب راضي تطلع
رياض: بابا فكها لي..
فهد: شف بفكها واحط لك شوي وبعدين تطلع عند ريما
رياض: لا عطني اياها..حقتي..ما ابي اطلع
بقعد عندكم
فهد: بس سديم ما تبي هذا لها
رياض: وعه سديم...ما ابغاها
ابتسمت حينما قال رياض ذلك...ولكن رفعت حاجباي بوجل
حينما سمعته يكمل
:بابا انا ما ابيها خلاص هي يع...كل شوي تـ ـقول اطلع عند ريما
وأنا ابي اقعد هنا
فهد: ههههه أكيد انت تطير عقلها
رياض: بابا خلاص رجعها رياض...أنا ما ابيها
غشى فهد نوبة من الضحك..
ثم قال: غبي انت...وتحسب الدعوى سهله..ودها رجعها ههههه ..
أصلا انا ما جبتها لك..هي لي انا
رياض: لا ما نبيها رجعها..
حقيقة ذهلت...لست أدري..صحيح ان حياتي لم تستقر بعد هنا
وصحيح أن حديث الطفل لا يعني شيء...ولكن مجرد ذكر اعادتي
اقلقني...ليس تعلقاً بهم..ولكن..آآ بدت لي تلك الكلمة كالكابوس
هل يعقل ان اطلق الثالثة...
استعذت من الشيطان..وتركت تلك الوساوس جانبا
وتصرفت وكأني لم اسمع شيئاً
.
.
مم..اسامة..التزمت بتدريسه كل يوم..
في اليومين الأولين..كان يذاكر ويتجواب معي بسهولة
ولكن في الايام التالية بدأ تدريجياً..بالتهرب..والعناد أحيانا
مشكلتي لا استطيع الضغط عليه او اجباره فهو ليس بأبني أو اخي...
وريما لا تهتم لتدريسه ابداً..
وحينما تمر من عندنا وتجده لا يتجواب معي
تقول: خليه بس لا تذاكرين له لين يجي ابوي المغرب ويدري
انه ما درس ولا حل واجباته...والله ان يوريه الشغل...
ولكني لا اريد استخدام هذا الاسلوب معه..فأنا اريد كسبه
ولا اريد ان اجعله يكرهني...
بعد اسبوعين تقريبا من وصولي للشرقية..
قامت بدعوتي أخت فهد التي تسكن هنا ..واقامت حفلة لي هناك
ودعت أقربائهم هناك ومن يعرفون..
ذهبت وحدي مع فهد قبل تلك الحفلة لأحد محلات الاطفال كي
نشتري لاسامة ورياض بعض الملابس..كانت تلك المرة الاولى
منذ قدومي..هنا..نذهب وحدنا أنا وهو فقط...
مم اشتريت لرياض 3 بدلات ..وحذاء وجوارب مناسبة..
وأما اسامة فلم اجد له سوى بدلة واحدة رائعة وأما البقية فكانت
بدلات لا تناسب العزائم والاجتماعات الكبيرة..ولم نشتري له حذاء
لأن فهد رفض..يقول بأنه اشترى له حذاء جديدا قبل مدة قصيرة
وهو يناسب هذا اللباس..
حاولت بفهد أن نذهب لمحلات أخرى ولكنه رفض..
وقال بيوم آخر..فهو مشغول جداً
حقيقة خشيت أن اسامة سيغضب..
فهو لم يحصل سوى على بدلة واحدة
وهذا ما حدث..حينما عدنا..وعلم بالأمر...أخذ يبكي بغضب..
ويصرخ..ويقول بأنني احب رياض ولا احبه..
والا كيف لم تجدوا لي سوى بدلة واحدة فقط ورياض ثلاثة..
الغريب أن فهد لم يتأثر..بل ابتسم باستهزاء..ثم خرج
وترك ذاك البركان فوق رأسي..
فرحت عندها لأنني اشتريت قبعة(كاب) له من الرياض..
إلا اني نسيت اعطائه اياها.. لهذا قررت الصعود لغرفتي..
كي اجلبها له
حينما دخلت غرفتي واغلقت الباب..سمعت طرقاً شديداً على الباب
وحينما اقتربت سمعت صوت اسامة يتمتم بغضب..
فتحت الباب..
فقال بغضب: ليــه ابوي ما اشترى لي زي رياض
سديم: والله ما لقينا..وش فيك..خلاص ابوك قال لي أنه بيوديني
مرة ثانية بعدين ونجيب لك
اسامة بأسلوب سيء: لا المرة الثانية بروح معكم أنتم ما تعرفون
تطلعون لي لبس
عقدت حاجباي..باستنكار..
وقبل أن ارد..ردت ريما بغضب
ريما: وجع اسامة..أنقلع لغرفتك...والله انك قليل ادب..
وما تستاهل احد يشتري لك..
اسامة: انتي وش دخلك..والا فرحانة انهم ما شروا لي
عشانهم ما شروا لك
ريما: اصلا ابوي سألني اذا ابي شيء قبل ما يطلع وأنا اللي
قلت ما ابي..لأن عندي لبس..وثانيا وش ما شروا لك..!
فهمني انت بتلبس كم لبس بالعزيمة 3 بدلات..والا وحدة..
انسحبت بهدوء لداخل غرفتي..وفتحت الدرج لأعطيه (الكاب)
ولكنه تبعني..
أسامة: قولي الصراحة أنتي قلتي لأبوي أني ما اذاكر زين معك
وعشان كذا ما شريتوا لي؟
سديم: وش هالكلام اسامة ..عيب عليك..أصلاً لو حنا مسوين كذا
بقصد كان قال لك ابوك اننا ما اشترينا لك لأنك ما تذاكر..
ثم مددت له الكيس
نظر لي بدهشة..
وقال بعزة نفس: وش هاذي
سديم: افتحها وشف ...هاذي شاريتها لك من الرياض
اسامة: طيب ليه توك تعطيني اياها
التفتت له بتعجب...ألا يعرف ان يشكر..وكأن ما فعلته كان واجب
قلت له بستنكار: نسيت...
ثم اكملت بشبه عتاب:بعدين ما فيه شكراً..
ابتسم ابتسامة بلهاء..
وقال بحرج وهو يعبث بشعره: ههه شكراً
ثم خرج..ولكن بعد برهه دخل ثانية
ومدها لي..
سديم: وش فيك!
اسامة: هاذي صدق لي والا عشاني زعلت
قلت بضيق: لا لك أجل لمين
اسامة: لا بس خفت تصيرين شريتها قبل شوي لأخوك فيصل
وعشاني زعلت عطيتيني اياها..
قلت وأنا اعبث بأدراج التسريحة كي اضبط اعصابي
: رح شف الرقم اللي على الكيس..رقم الرياض
لو اني شاريتها لفيصل ليه اجيبها معي..وبعدين هي كبيرة عليه
ضحك بنفس تلك الابتسامة البلهاء
وقال: إيه صح..............مم سديم ...شكرا
سديم: عفواً
.
.
كانت تلك الليلة هي بداية تقربي من ريما..
فقد نزلت للعشاء معنا...كما أنها لمحت لي بأنها مستائه من
تصرف اسامة معي..
مم كما انها بليلة الحفل..دعتني لغرفتها..واستشارتني بلباسها
وهكذا..بدأت اتحدث معها..حتى شعرت بأنها ارتاحت لي كثيراً
.
.
توقفنا عند باب الاستراحة..فالتفت فهد لريما
قائلاً بحزم: ريما..أنتبهي لأخوك
ريما بملل: سم
فهد: تسمعين...موب تتكلين على الشغالة..
وتجلسين ولا كأن عندك أخو
ريما: خلاص طيب فهمت ..
نزلت من السيارة..وامسكت بيد رياض..
حتى دخلنا ثم جرى باتجاه الأطفال حينما شاهد تجمعهم..
بينما سار اسامة ببطء وفي وجهه علامات من عزة النفس..
فهو باعتقاده أننا لم نقدره..ولا نحبه..لأننا لم نشتري له كرياض
ههه فعلاً أفكار الاطفال عجيبة..
تقدمت وبجانبي ريما..
وهناك كانت باستقبالنا فتاة قريبة من عمري..وتبتسم بترحيب
سلمت علينا ثم ادخلتنا على مجلس النساء..
سلمت عليهم..ثم جلست ..وجلست بجانبي ريما..
مما خفف حدة التوتر علي قليلاً..
تقدمت تلك الفتاة التي استقبلتنا سابقاً..
وبابتسامة قدمت لنا القهوة ومن ثم طبق الحلو..
ثم جلست بالقرب منا..
قائلة: عاد تراي مثلك توي عروسة..ما لي الا 3 شهور متزوجه
ابتسمت بحرج ولم اعرف بماذا اجيب
عندها قالت ريما بصوتها العالي والمبحوح بعض الشيء
: لا تقولين!
أنتي مرة حمد ولد عمتي
أبتسمت بحرج وهزت رأسها
ثم قالت: اجل ما استغربتي مين انا
أنا من يوم شفتك عرفت أنك ريما..من كثر كلام حمد
ريما: يا حبي له ...أجل انتي نوف
نوف: ههههه ايه
فتحت عيناي بدهشة..كيف ريما تقول "يا حبي له" ثم تضحك نوف
دون ان تتضايق..
انتبهت على ضحك ريما..وهي تنظر لي
ريما: هههههه اشفيك مستغربة..عمتي فاطمة رضعتني
مع بنتها جود
هززت رأسي بتفهم حينما استوعبت الأمر..
وهكذا مضى الوقت ممتعا بصحبة نوف ..التي اخذت رقمي
وأخبرتني بأنها ستدعوني يوما ما لمنزلها..
.
.
.
كانت حرارتي مرتفعة..ومزاجي ليس على ما يرام بالطبع
فبوادر الحمى قد ابتدأت..خصوصا مع شعوري بالزكام والارهاق
وأما فهد.. فيبدوا أنه تضايق من مرضي..
فهو يريدني أن أكون باستقبالة 24 ساعة..وبابتسامة..
وهذا ما لم يجده اليوم..
فهد بمزاح ثقيل: وانتي ما لقيتي تتعبين إلا الحين كان صبرتي
لين نتم شهر على الأقل
قلت بإرهاق: وهو على كيفي...
فهد: طيب انتي بتكحكحين طول الليل فوق راسي..ترى نومي خفيف
سديم: وش تبيني اسوي مثلاً
فهد: فيه مفرش وبطانيات بغرفة التبديل..افرشي لك واحد..
ونامي هناك
سديم: لا والله...أنا ما اعرف انام على الارض
وبعدين تحمل..
ثم اكملت بابتسامة شاحبة: ولا رح نم انت هناك..أنا تعبانة
وابي ارتاح
فهد: هههههه لا خلاص بنتحملك بس خليك بعيد عني...
تراي ما احب التعب أخاف تعديني
وفي الصباح..ذهب فهد لعمله...بينما بقيت أنا اصارع تعبي ..
تارة استفرغ وأخرى أغسل وجهي بالماء..كي اتخلص من الحرارة..
حقيقة ما زلت أشعر بالخجل من فهد..ولهذا خجلت في الفجر ان
اطلب منه الذهاب لطبيب..أو أن يجلب لي مسكنات من الصيدلة
على الأقل..
وهكذا..جاء الظهر..ولم يجدني فهد باستقبالة فصعد
ورآني على تعبي..
فهد: وش فيك!
سديم: لا بس احس ان الانفلونزا زادت
فهد: وليه ما دقيتي علي
سديم: آآ مدري
فهد: وشو مدري
سديم: ما بغيت اكلف عليك واطلعك من الشغل
اجاب فهد بضيق: وش اكلف عليك انتي بعد...
هذا تعب موب غرض من السوق..قومي البسي عبايتك
سديم: طيب انت ما اكلت شيء
فهد: موب لازم...يا الله أنا انتظرك تحت
كنت اشعر طوال الطريق للمسشفى بالغثيان..
وحتى في طريق العودة..طلبت منه التوقف..
لأنني لم استطع التحمل....واستفرغت على جانب الطريق...
كم كان موقفا محرجا لي...كدت أن ابكي من الخجل..
خصوصا انني لتوي سأكمل الشهر بزواجي منه
.
.
وحينما عدت استمر فهد يحذرني من تناول المضادات..
لأنه يقول بأنني من المحتمل ان اكون حامل..وان نوبات
الاستفارغ تلك قد تكون بسببه..
ذكرته بأنني اتناول اقراص منع الحمل..
ولكنه اجابني بأنه من المحتمل أن يحدث حمل حتى لو كنت
اتناول الحبوب..فقد حدث هذا لزوجته الراحلة
حينما كانت حملاً بولدها الذي اسقطته...
حقيقة كلامه أخافني..ولكن زال خوفي حينما تأكدت بأنني
لست حاملاً...
بعد ايام..وبعد ان خفت علي الانفلونزا...
نزلت اخيراً للدور السفلي..
وهناك وجدت أسامة وريما ورياض..مجتمعين حول التلفاز
تقدمت بتردد..فرغم أن ريما تحسنت قليلاً معي..
إلا انه ما زالت بعض الرسمية تحوم حولنا..
القيت السلام بهدوء..ثم جلست بالقرب من رياض..
ريما وهي مازالت مركزة على شاشة التلفاز: سلامات..
همست: الله يسلمك..
ريما..بلهجة غريبة
ولكنها تبدو مازحة: كل هذا تعب.....والا تتدلعين علينا
صمتت لبرهه استوعب ما قالت..
ثم أجبت: الله لا يذوقك هالدلع
شعرت بها انحرجت قليلاً
ثم قالت: أوه شكلك تعبتي جد
قلت وانا امسح على شعر رياض: الله يعين
عم الصمت لمدة..حتى تكلمت ريما
بتردد..تحاول تخفيه..بصوتها الغليظ بعض الشيء
: والله كنت ودي امر عليك امس بس ترددت..خفت تقولين
وش جابها ذي تشرف..
فتحت عيناي متعجبة مما تقول..كلا كم اتمنى لو نكن كقلب
واحد كي أجرب العيش في ظل اسرة...ولو مرة واحدة في حياتي..
فقلت بعتب: وش هالكـلام...!
انتي صادقة...بالعكس كان بفرح...مليت بس منسدحة على السرير
محد كلمني امس غير خالد..
ريما: مدري سألت اسامة وقال لا يمكن ما تبين
سديم: لا بالعكس..أنا هنا زي اختكم..
لا تقولين هالكلام...ترى بزعل..
ابتسمت ريما بسعادة..وعم الصمت..من جديد..
.
.
.
ذات مغرب..أخبرني فهد بأنه سيذهب لزيارة اصحابة
في اسراحتهم...وقد يتعشى معهم..فهو لم يراهم منذ شهر
بعد أن خرج....شعرت بملل شديد..
خرجت من غرفتي...نزلت للأسفل ولم اجد أحداً هناك..
غير صوت الخادمة وبصحبتها رياض..
صعدت للأعلى..القيت نظرة بالمرر المؤدي لغرفة ريما
فوجدت باب غرفتها مغلقاً...مم يبدوا انها مشغولة أو تذاكر
وأما غرفة اسامة ورياض..كان بابها مفتوحاً
تقدت باتجاهها ولكن لم اجد اسامة هناك...
حسنا يبدوا انهم معاً....لا أريد أن ادخل بينهم..
فهم بحاجة لأن يقضون بعض وقتهم معاً..
كما كنت أنا استمتع بقضاء وقتي مع خالد...بدون تدخل امل
عدت ادراجي خائبة....بتجاه غرفتي...حسناً سأرتب ادراجي
مم...أو سأقضي الوقت بالرسم....أو بفتح أوراق مذكراتي
وخواطري...بل ورسائل صديقاتي حينما كنت في الثانوية
دخلت غرفتي...فتحت الدرج السفلي من تسريحتي
سحبت الكيس الذي كان يغص بملفاتي..وأوراقي
ولكن شدت انتباهي كراسة للورق المقوى..وكذلك علبة للألوان
واااو رائع...لم لا اعمل قبعه مفرغة لرياض واسامة
كتلك التي كنا نصنعها حينما كنا صغار أنا وخلود وعهود...
سحبت الكراسة ثم اعدت الكيس بنشاط..
خرجت من غرفتي..ونزلت للطابق السفلي..
وناديت رياض...
اتى يجري لي بجسده النحيل بعض الشيء
ثم فتح عينيه الواسعتين مستفسراً
: سـ سديم وشو هذا
ابتسمت له..
ثم قلت بمرح: هاذي كراسة والوان..عشان بسوي لك قبعه
تعال اجلس جنبي عشان تساعدني..
أخذ رياض يقفز بمرح...ثم جاء وجلس بجانبي..
اخرجت المقص..وبدأت بعمل القبعه..رسمت بعض الرسومات
البسيطة..ثم ادرت الورق حول رأسه كي تكون على مقاسه
وبعدها الصقت أطراف القبعه (لتصبح كالتاج الورقي)..
وبعد ذلك البستها لرياض...
شعرت باسامه ينزل السلم ولكنه عاد وصعد من جديد..
خسارة كنت اريد ان اسأله هل يريد ان اصنع له كرياض...
وبعد ان انتهيت حملت رياض..وذهب به باتجاه المرآة الكبيرة
التي في ممر الأستقبال
نظر بسعادة لوجهه حتى كادت بسمه ان تشق وجهه ههههه
سألته بمرح: هاه حلو
اجاب بحماس: إيـــه.. بروح اوريها اساما (اسامه)
قلت له..وأنا اراه يصعد السلم بسعادة..
: قل لأسامة..يجي تحت عشان اسوي له اذا يبي..
انتظرت نزول اسامة ولكنه لم يأتِ..
لذلك اخذت اغراضي..وصعدت للأعلى..
ووضعت الكراسة..وعلبة الالوان بالدرج..
حسناً بماذا سأقضي الوقت الآن...مم سأحمم رياض
خرجت من جناحي..واتجهت للجناح الذي يحوي غرفهم
ولكني لم أجد أحداً هناك سوا ريما التي كانت تحل واجباتها
سألتها بابتسامة: شفتي رياض
ريما بابتسامة: إيه...هههه والله انك فاضية أنا اكره ما عندي
اقعد اسوي هالخرابيط
سديم: طيب حلو
ريما: هههه ايه حلو حتى رياض طاير من الفرحة
ثم صمتت فجأة..وكأنها تفكر..
سألتها : وش فيك
ريما: لا بس....شكل اسامه زعل
سديم: والله!
ليه...أنا خليت رياض يناديه ...ما ناداه
ريما: بكيفه ما عليك منه...هو عاد دلوع بزياده
نزلت للأسفل كي أأخذ رياض...وكي أسأل اسامه ان كان يريد
أن اصنع له قبعة...
ولكن هناك وجدت فهد..يحتسي الشاي!!
وبجانبه أسامه..يتكلم وكأنه يريد أن يبكي
اسامه: يبه....لا...لا ليه طيب..ليه انا لا
فهد: طيب رح انت وقل سوي لي زي رياض
اسامه بعزة نفس..ولكن بدلال: لا ما ابي..طيب هي
ليه ما نادتني مع رياض
فهد بملل: ما ادري عنك..
جلست بجانب فهد...
ثم سألت اسامه: اسامه ليه ما جيت يوم ناداك رياض
عشان اسوي لك تاج
نظر له والده بابتسامه..
ثم قال: هذاه جاي عندي زعلان يقول سديم ما سوت لي زي
رياض
سديم: قلت لرياض يناديك....
ما ناداك؟!
اسامه وهو يزيح نظره عني: الا....بس..ليه من أول ما قلتي
لي..
سديم: لأني ما شفتك مع رياض..
ما شاء فهد متى جيت...موب متعشي مع اصدقاك؟
..وليه ما قلت لي اجيبك الشاهي انا
فهد: سألت اسامه وينك قال فوق...قلت لرحمة تسوي لي
والعشاء الله يسلمك..طلعوا كلهم موب متعشين بالأستراحة
اللي معزوم...واللي بتعشى مع اهله..ما فيه الا انا وواحد..
فقلنا نروح لبيوتنا احسن...
قلت أنا واسامة معاً: أي والله أحسن
ابتسمت بوجهه اسامه..ولكنه كان غاضبا ولم يبتسم..
نهضت ودخلت المطبخ..وهناك وجدت رياض بصحبه الخادمة
أخذته..كي احممه..
.
.
ها أنا انتهيت من تحميم (تسبيح) رياض..
لففت المنشفة حول جسده ثم حملته وذهبت باتجاه غرفته..
وضعته ارضا..ثم البسته بجامة نومه..
بحثت عن مشط كي اقوم بتسريح شعره ولكني لم أجد..
لذلك امسكت بيده وذهبنا لغرفتي..
وضعت له قليلاً من البودرة المعطرة على عنقه..
ورششت قليلاً جداً من عطر والده عليه...ثم سرحت شعره..
وبعدها...جذبني شكله...فحتضنته...وقبلته..
شعرت برغبة بالبكاء...لا أعرف لم...لا أشعر بالحنان تجاهه
مم أحبه..اشفق عليه..ارحمه..ولكن كنت أريد أن أكون
حنونه معه كأمه..إلا ان ما يضايقني انني لا اشعر بهذا...
ربما لأني لم أكن اماً يوما ما...
ابتسمت بوجهه...يكفيني على الاقل..أنني احبه..وارحمه
وبتأكيد حينما أكون أما...سأعرف كيف أمنحه الحنان
ههه ضحكت على افكاري العجيبه..
امسكت بيد رياض المشاغب..وخرجنا...ولكن قبل ان ننزل
من الدرج...طلب مني ان احمله...حملته ونزلنا..
حينما رآنا فهد..ابتسم بسعادة...
نعم رأيت السعادة تشع من وجهه..
خصوصا حينما قفز رياض بحضنه
حقيقة اشفقت على فهد حينها....ربما انه مستاء لأن أمهم رحلت
فتدهور حالهم من بعدها..........رحمها الله
.
.
.
وهكذا...مضى شهر آخر...
ذهبت بعدها لحبيبتي الرياض...
و قمت بزيارة أمي الغالية التي استقبلتني بفرح عارم
وكذلك جدتي "أمي منيرة"..كانت دعواتها تملاء المكان..
وتقاسيم الفرح..لم تبارح تجاعيد وجهها المحببة الي..
وايضاً خالتي الجوهرة والتي كان يبدو على وجهها بعض العتب
أما خالتي مريم فكانت تشيح وجهها عني بغضب..
كذلك تواجد الجميع بأحد الايام..اخوالي..وبنات خالاتي..
خالي أحمد استقبلني استقبالاً رائعاً..
وأما خالي مؤيد فكان يبدوا سعيداً من اجلي..
آآه وإن شئتم أن نتحدث عن الطرف الصعب..
خلود..فقد كان سلامها بارداً كالثلج أو اشد صقيعاً..
وأما البقية فلم أرى أي تغيير بمعاملتهم معي..
وكذلك زرت جدتي موضي..والتي سعدت كثيراً بزيارتي
إلا انها كانت تدعوا على أمل التي جلبت فهد لي..
وكذلك تعتب على ابي كيف يزوجني به..
لأنها تقول بأني صغيرة ومن حقي ان اعيش حياتي
ولا اتحمل مسؤلية 3 أطفال...
حاولت ان افهمها انني انا الموافقة ولم يجبرني احد
إلا انها اجابت بأنه كان من الواجب ان يرفضه ابي حتى
لو كنت أنا قد وافقت عليه...