كاتب الموضوع :
بسمه جراح
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
(30)
((لا...لا تـــرحل
فما زالت بروحي
بقاياً من....أمــل))
الجزء الثلاثون
كان الوجل ...والأمل..هما المشاعر الواضحة التي بأمكاني وصف حال أيمن بهما..
وهو يشق أرض الغرفة ذهاباً وإيابـاً..
قبـل أن يغادر المنزل بصحبة خالد للشيخ القارئ...
دعـوت الله من كـل قلبـي بأن يـيسر أمر الشفاء له..
وها أنا أجد الساعات باتت ثقيـلة والدقائق..تسير ببطئ..
أفـرك يداي بتوتر...ولساني لا يفتر عن الدعاء له..
سمعت صوت مفتاح الشقة يدار..
تلاه دخول أيمن وبيديه كيس..
جاء وجلس بالقرب مني..ثم أخرج محتويات الكيس..
واضعاً أيها على الطاولة التي أمامنا..
علبة زجاجية..بداخلها أعشاب..وعلب بلاستيكية بيضاء مغلقة..
لا أدري ما بداخلها..
نظرت له كي يتكلم ولا أحرجه أو أضايقه بسؤالي...
عندها سمعته يقطع السكون بدعائه: اللهم أنفـع بالأسباب..
اللـهم أنفـع بالأسبـاب..
نهض بعدها وجلس على الأرض...ثم فتح العلبة الزجاجية..
همس: بسم الله الشافي المعافي..
ثم شربها دفعه واحدة...
وضعها جانباً..وملامحه تبدو مشمأزة من الطعم..
نهض بعدها وجلس على الأريكة..
وهو يقول بصوت مهموم: الله لا يقطع رجانا...اللهم أنفع بالأسباب...
وددت لو أحضنه...وأقف بجانبه..وأمسح على شعره...
آآآه...كم أتمنى لو أخنق من قام بعمل السحر له بيدي هاتين...
وأذيقه طعم الألـم الذي يذيقه للناس...
انتشلني صوته المشمئز: أف علقم...هذا سناء مكي مع ماء مقري فيه..
عسى بس يجيب نتيجه
قلت كي أعلق قلبه بالله: عسى الله ينفع به..
قال بعدها وهو يمد قدميه على الأريكه: يقول هاذا الشراب..
ينظف المعدة ويطلع بإذن الله أن كان فيه سحر مأكول أو مشروب..
صمت لفترة ثم أكمل: يقول أن فيني علامات سحر مأكول
قلت بعجب: كيف يعرف
أيمن: من التجربة..له 15 سنة يقراء على الناس..وبعدين يلاحظ أنا
أتأثر مع أي آية وأي دعاء أقول..مثلاً أتأثر إذا ذكر سحر التفريق..
أو إذا دعى أن الله يفك السحر المأكول...
المشكلة يقول أن أحتمال فيه سحر معقود..
هذا كيف نفكه..
قلت بيقين: بالصبر...والدعاء....والاستمرار على القراءة
أشأر بيديه للعلب البيضاء..
فقال: هذولي سدر يقول لازم أخلطها بماء زمزم مقري فيه وأسبح
بها كل يوم
آآآه يارب يجيب نتيجة..
همست: الله كريـم
رأيت وجهه يتلون بالسـواد فجأة..
عندها نهض بسرعة متجهاً لدورة المياه..وأستفرغ بشـدة..
وهو يتلوى من ألم بطنه...بينما وقفت أنا بالقرب منه...
أدعوا بكل ما أوتيت من قوة تارة على من طلب السحر...
وأخرى على الساحر..
عاد بعدها واستلقى على الأريكة وهو يلهث من شدة التعب..
ولسانه معلق بذكر الله والألتجاء له..أخذت أحتسب بهمس مراراً..
حتى سمعت صوته المزمجر: بــــس...لا تدعين قدامي..
أنا موب ناقص
لهث بعهدها بشدة...
ثم همس بضيق وهو يغمض عينيه: جهزي لي السدر اللي بسبح فيه..
أستحم بها..ثم خرج..وعلامات وجهه لا تفسر...
والسواد يلوح بوجهه ما بين فترة وأخرى...
بعدها بدقائق..أستفرغ من جديد...وصراخ آلامه يشق أذناي..
وليس بوسعي سوى التألم معه...
أتت الخادمة تنظر برعب..لباب دورة المياه..
ثم قالت بوجهه تملأه علامات الدهشة..والتعاطف: مدام إيش فيه بابا!
قطع حديثها صرخة متألمة منه تلاها استفراغ شديد...
أكملت عندها برعب: مدام ...كلام بابا خالد...ودي بابا دكتور..
لازم روح دكتور
هززت رأسي..وأشرت لها بيدي أن أذهبي...هـه فهي باتت تعرف
مثلي شخصية أيمن الغريبة...
وهاهو قد فتح الباب..
سيجرحه وجود الخادمة هنا..
ولست أدري ماذا سيفعل بها أن وجدها...
استمر حاله بالتردد على دورة المياة لمدة يوم ونصف..
قضاها كلها عندي..
الغريب أنه قال لي بآخر مرة كان يستعد للأستفراغ فيها
: هاذي آخر مرة بستفرغ
عقدت حاجباي باستكار: وش دراك..
فأجابني بثقه: أحساسي..وبتشوفين..
وبالفعل كانت آخر مرة..بقيت أتسائل عندها بذهول...كيف عرف..
.
.
.
.
بعد شربه للسناء المكي..تغيرت حالته..ولكن للأسوء
حدثني بعد عدة أيام من شربه له..بأن كل شيء تغير بحياته..
أذكر حينما قال بألم وحزن: سديم تعبت....
حياتي صار ما لها طعم ولا لون...عيالي يتكلمون معي ويمزحون
وأنا موب معهم ....أحس كني بعالم ثاني..حتى الأكل.....الأكل!!
أبسـط شيء صرت ما استمتع فيه....أحس كأنه تراب...ما له طعم..
وأحياناً أحس بنكهه غريبة...شينة...اليوم أقرب مثال...
كنا جالسين على السفرة..واشرب من الشربة...أحس بنكهه غريبة..
غريبة بالمرة..مدري أيش..رفعت رأسي لأم تركي وأنا مستغرب.. وأسألها..فيه طعم غريب بالشربة....سألتني وشو..وذاقت شربتي
قالت ما فيها شيء أنت اللي لسانك غريب...قلت لها أنتي اللي
ما عندك حاسة ذوق...خليت تركي يذوق..قال ما فيها شيء ...
خليت بنتي تذوق...قالت نفس الشيء
عادي ما في طعم غريب..طيب ليــه ...ليـه أنا أحس بطعم غريب..
سديم علميني وش هاللي أمر فيه...أنا تعبت...تعبــــت...
ليتني ما حركت اللي فيني...ليتني ما تأملت أني أعيش بقية عمري بعافية...ليتني قانع وراضي باللي كتبه ربي علي..
سديم: أستغفر ربك...لا تقول ليت...وبعدين أنت مظلوم...
وتدافع عن نفسك هذا ما يعتبر عدم رضى بالمكتوب...هذا دفع ظلم..
والله سبحانه يقول: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا* وإن الله على
نصرهم لقدير)
أرتمى بعدها بحضني...وبكى...بحرقة...كطفل..مظلوم
.
.
.
أستمر أيمن بالأستحمام بالسـدر وزمزم كل يوم..مدة شهر..
كان يأتي كل يوم يستحم عندي..ثم يعود لأم تركي إن كانت ليلتها
أخبرني ذات يوم بأنها دوماً ما تسأله عن رائحة السدر في ملابسه
ولكنه يتهرب من الاجابة ..فهو لايريد أن يعلم أحد بأنه يرقي نفسه
وهكذا مر الشهر..وانتهت معه محنة ذاك الأستحمام اليومي بالسدر
والذي كان يرهق أيمن كثيـراً..ويغير نفسيته..
ولكن لم يحدث أي تحسن بعلاقته معي أو مع أم تركي..
بل أزداد الأمر سوء..وأصبح الوضع مزرياً...
حتى أنه يخبرني بأنه كثيراً..ما يغلق على نفسه..في غرفته هناك
ولا يسمح لأحد بدخول إلا ان دخلت زوجته"هند" رغم عنه...قاضياً معظم وقته بالبكاء..
وهكذا..أصبحت كآبة تطغى على الجو من حولنا..
صحيح أننا لم نستسلم لذاك الجو الكئيب..بل أصبحنا نخرج من المنزل كثيراً...لنبتعد قليلاً عن ذاك الحال الصعب...
ولكن هذا لم يجدي...لجلب ولو لحظة عابرة..وخاطفة..من تلك اللحظات الرائعة التي كانت تزورنا سابقاً...
في تلك الفترة استمريت يوميـاً على رش المنزل بماء قرء فيه
وكذلك حرصت على تعطير وتبخير المنزل دوماً.. فقد أخبرني الشيخ
بأن الشياطين تنفر من المنزل العطر...والعامر بذكر الله..
ولهذا حرصت على فتح قناة المجد للقرآن الكريم لأطول وقت ممكن....
.
حان موعد ذهابه للشيخ مرة أخرى...
ذهب ثم عـاد بعدها...محطـــم ....منهــار...
سألته عندها ما الخطب...ما بالك...ولكنه بكى بحرقة...لا علاج..
لا جدوى...أخبرني الشيخ بأن حالتي صعبة...صعبة جداً..
أخذت أذكره بالله...وأعلق قلبه به...ولكن حالته النفسية كانت سيئة
سيـئة للغايـة...
بعد أن هدأ قليلاً...أبتلع ريقه بألم...
وقال بهدوء..مكسور: تدرين وش صار....قامت...قامت أيدي تتحرك
وتهز....وأنا أطير عيوني فيها...كيـف أيدي تتحرك بدون أشارة مني...
بس الشيخ قال خلها لا تسيطر عليها...واستمر يقراء ...ويقراء..
آخر شيء..تدرين وش صار...!!
استمرت أيدي تتحرك وتتجه للشيخ كني بخنقه..أو بسوي شيء فيه بس مدري إيش...بعدها ضربني الشيخ فجأة بأيده وارجعت ما تتحرك
يوم خلصنا..سألته وش اللي فيني..قال سحر قديم...ومعمر بجسمك..
تكلمنا بمواضيع كثيرة..فتح أسرار كنت ما أجرأ أعترف فيها حتى لنفسي..
ويوم سألته كيف عرفت...
قال أنه مر عليه ناس كثير مثل حالتي ..وصار يفهم....
قالي أن اللي فيني صعب خروجه..ويحتاج وقت طويل...
وأنه لازم أشرب من السناء ثانية..عشان ينظف بطني إن كان فيه بواقي
من السحر المأكول..
ولازم استمر على القراءة..عشان السحر المعقود...المشكلة حتى الشيخ
قال ما عندي حل إلا أنك تصبر وتداوم على القراءة...
لا بعد قال شف لك غيري يقراء عليك ويكون متفرغ لك...
كل يوم وعليك بالدعاء..
سديم: طيب وليش منهار....وش كنت تبي منه يعطيك دواء ترجع فيه معافى بدقيقة...هذا بشر...
ما بيده شيء...وبعدين هو قارئ وبس...
ما يقدر يقدم أكثر من كذا...تبيه يصير ساحر...ويقول يا الله خذ هالدواء وبكرى بتطيب ...حتى الساحر..كذاب..ما يزيد إلا مرض
أيمن: أدري.....وجعلي أموت قبل ما أفكر مجرد تفكير أني أروح
لساحر...بس اللي خلاني اتحطم...أنه قال لي دور لك غيري ..
يفضي نفسه لك
يعني حتى هو بعد ما حسيت أني وثقت فيه..وبزهده..
ووجهه المنور ولحيته البيضاء...يجي ويقول يا وليدي دور غيري..
يعني بعد ما تنازلت عن مبادئي وقررت أقراء يجي يردني..
أنا موب مستعد أرمي وجهي على رجل ثاني وأقوله تعال أقراء علي
ومستحيل أشرب من السناء ثانية...بعد ما شفت الموت..
لا بعد يمكن ما تجيب نتيجة...
سديم: أنت علق قلبك بربي وبـس...وأفعل بالأسباب
يمكن هاذي عقوبة من ربي..لأنك تعلقت بالرجال...
فالله بينبهك أنه لازم نتعلق فيه سبحانه...
أيمن: أنا مؤمن بربي..وطول عمري صابر..أذوق واتعب ومحد
يدري بحالي حتى أم تركي..ما تدري وش يجيني من تعب...
إلا إذا انهد حيلي وطحت عليهم مريض كم يوم....بس أنتي عطيتيني
أمل أنه ممكن تنحل مشكلتي... وبعدين أنا كد اعتزلت الناس..شهر كامل..أدعي ربي
وأصيح بين يدينه أنه يشفيني...بس ما صار شيء...
يمكن ربي ما كتب لي راحة بهالدنيا..
سديم: والفرج بيدنا!!
الله اللي يقدر متى يجي الفرج...وتذكر إن الله إذا أحب عبداً ابتلاه
تذكر وش كثر الأجر اللي حصلته طول هالسنين...
وبإذن الله كل ما ضاقت يعني بتنفرج..
ودعاك ما راح يروح هباء...أنت تطرق باب رب كريم....
يدخر لك دعاك وإن ما ارتحت بالدنيا...تذكر الخير اللي ينتظرك
بإذن الله بالآخرة
أيمن: أتمنى...أتمنى أني أرتاح بالآخرة...أنا خايف أن اللي فيني عقوبة
تعجبت من قوله فقلت: أنت مسوي ذنب كبير...أو كد ارتكبت
معصية كبيرة والا ظلمت أحد
أيمن: يعلم الله أني حافظ نفسي عن الحرام وأني عمري ما قربت له
حتى برحلاتي للدعوة بالخارج...
أما الظلم صح أني عصبي بس ما أذكر أن فيه مشكله طولت وظلمت
فيها أحد...
وحتى أن صار يمكن بدون قصد..
والله ما كد تعنيت أظلم احد...أو أظهر قوتي وبس...
حل الصمت بعدها...وبقيت أنا أتسائل بحيرة
هل هذا يعني أن حاله صعبة جداً...هل علي الاقناع بالانفصال عنه!
لااا....مستحيــل...أنا أحبه...وراضية بعيوبه...رغم كل هذا..
يبقى رجل شهم في عيني..
.
.
.
بعد أيام....أنزل أيمن قرارة الذي كان كالصاعقة بالنسبة لي..
"سديم علينا الأنفصال...وعيشي حياتك فما زلتي صغيرة..
لا تدفني نفسك معي"
بكيــت... أنهـــرت....صرخت به...لا...لم أستوعـب...لا أيمن..
ماذا تقول أنا راضية بأن أعيش بهامش حياتك لكن لا تتركني بعد
أن تعلقت بك ولكنه كان كالجبل الصامد....يتكلم بثقة..تدل على عدم
تراجعه عن قراره أبداً
كنت أكاد أجن حينما أصرخ به...هل ستطلقني الآن....
أين عشقك وهيامك... هل ستتركني الآن!!
فيهز عندها رأسه بالرفض...لا ولكن سأصبر لمدة شهر
واستخيري الله أنتي.... إن صلح حالنا فحسن....وإلا فالفراق...
مجــرم أنت...أي حب هذا...اتحبني وترميني بعيداً..مستسلماً لشياطين عاثت في الأرض فساداً...بحجة أنك تبحثي عن مصلحتك..بحجة أنك ستجدين من هو أفضل مني..أنتي شابه..صغيرة تملكين قدراً من الجمال..حكيمة..حتماً ستجدين من هو أفضل مني....لا أريد أن أجد من
هو أفضل منك....أريدك أنت....أتفهم...أريدك أنت....آآآه...
ولكنه لم يفهم...بل خرج وتركني بركام ذاك الحطام..
حطام مشاعري المبعثرة...والقتيلة..
.
.
.
تذكرت بأن هذا هو يوم الجمعة...
ولم يتبقى على المغرب سوى ساعة إلا ربع..نعم سديم أنها ساعة الإجابة..جريت فتوضأت
ثم جلست على سجادتي..وأخذت أستغفر....واستغفر..حتى تعبت..وحينما بقي عشرين
دقيقة على الأذان رفعت يداي بالدعاء...وبعثت بشكواي لإله السموات والأرض...رجوته من كل قلبي بأن يشفي زوجي ولا يحرمني منه...
عندها سـَرت بقلبي تلك القناعة والطمأنينة التي شعرت بها حينما
استخرت لفراق ناصر..
تجاهلت ذاك الشعور...كلا...لا أريد غير أيمن...لا أريــد غيره...
لن أحتمل أن أرتمي بحضن رجل غيره.....لا...أرجوك رباه...أريــده...أريده..لا تحرمني منه...
بنفس ذاك المساء...وبعد المغرب..فوجأت بدخول خالد مع أيمن...
كان وجهي شاحباً...وعيناي ذابلتان...سلمت عليه
فتكلم أيمن:خالد...هاذي حال أختك..شوفه عينك..أنا بس قلت لها لازم ننفصل وهاذي حالها...
أجل وش بتسوي أن طلقت..
صرخت به: بس كلام الشيخ موب يعني آخر الدنيا...موب إذا قالك
ما عندي لك حل تستسلم...لا حاول...موب تنهزم على طول..فيه ناس يقضون سنين وهم
يترددون على القراء..وما يأسوا..
قاطعني بألم: بـــس....بـس الله يخليك...لا تدخلين الأمل بي من جديد..
أنا من ذاك اليوم...أقتنعت أنه ما لي علاج...
إلا أن ربي بعزته وجلاله يشفيني فجأة......غيره ما في أمل
سديم: ما في أحد يقعد متكتف ويجيه الرزق عند رجلينه...لازم يسعى
وبعدين ...طيب..أنا راضيــة فيك..لا تعالج نفسك.. براحتك...
أنا راضية بالقليل...تطل علي بين فترة والثانية...وعيال يملون دنياي...
وتصرف علي موب شرط يوم ليلة...
على حسب قدرتك..وأنت تخاف ربك..
أيمن: أنتي تدفنين نفسك كذا...وش رايك يا خالد أنا جبتك عشان تكلمها
يمكن تسمع وتقتنع منك أكثر..
كنت تلك الاثناء أنظر لهم بصمت..وعيناي تسدل الدمع مدراراً
ربي رحماك ....فما زال قلبي صغيراً
تكلم خالد...وكان صوته متأثراً من حالي..
: سديم...هو ما قال بيطلقك الحين...هو يقول بنصبر شهر أو شهرين..
أن ما صلح حالنا نفترق....سديم هو يفكر بمصلحتك
قاطعه أيمن بحماس:أقسم بالله أني أبي مصلحتك.....وإلا أنا الخسران
صدقيني محد خسران إلا أنا...أنا بفقد وحدة مثلك...كانت حلمي...
قلبها أبيض..حكيمة وصابرة وصغيرة..... ومستحيل أحد يعوضني
مكانك..هذاني أقسم لك بالله....محد بياخذ مكانك بقلبي...
وتوي قايل لخالد وحنا بالطريق...كل اللي اتمناه الحين...
أنها على الاقل تكون زوجتي بالجنة...
تتابعت شهقاتي...وانتابني البكاء من جديد...
فصرخت بلوعة:بــس أنا أعرف بمصلحتي...مصلحتي معك....
أنا راضية ليـه ما تفهم...أبيـــك...بصبر...الله يخليك بصبر..
أنا أعرف بمصلحة نفسي أنا راضية..لا تجبرني على الطلاق
التفت خالد لأيمن...وكأنه قد لان
فأنزل أيمن رأسه بضيق...محاولاً أن يحافظ على رأيه
فقال خالد: وش رايك يا أبو تركي
أيمن: يا أبو عبدالرحمن ... هالشي أبيه لمصلحتها...والله ما لي مصلحة بفراقها..يمكن
أرتاح من العذاب اللي اذوقها والصراع النفسي..
بس بفقدها بتروح من يدي....والله ميب محصله مني نفع..أنا مريض..بتضيع عمرها معي...
والله لمصلحتها..
قبل ما أشوف مصلحتي..
بكيت بحرقة..
وقلت:أنت ليه ما بقلبك رحمة...وين اللي يقول مستحيل اتخلى عنك
وين اللي يحبني...ليه تبي تتخلص مني وأنا اللي متمسكة فيك
خالد: يا ابو تركي دامها راضية خلها ...
يمكن تقتنع مع الوقت وتقول لك بنفسها خلاص خل نفترق..
تمعن أيمن بوجهي
ثم قال مبتسماً بألم: أعرفها بتسكت وتجني على نفسها...
صدقني بيجي يوم تقول الله يجزي أيمن خير اللي أجبرني على الطلاق
عندما وجدت بأن لا جديد ....لن يقتنع..
بكيت أكثر...بكيت الفراق...آآه دومـا ما يرافقني الفراق ...
بكيت أيامي معه...بكيت بعدم تصديق...بذهول...بخوف...
أيعقـل أن يأتي يوم أفقد فيه النظر لوجهه... لإبتسامته... لمزاحه...
لنصائحه....لغيرته....آآآآه...كــلا...
لـم لا تفهـم....أريدك...أنا أريدك رغم عيوبك
حاول خالد تهدأتي...وتدريجياً حاول هو وأيمن تشتيت ذهني
وتلطيف الجو..لم لا يفهموا..أنا لست بطفله..أنا مقتنعه برأيي..
.
.
.
بالغد جاء خالد إلي ليطمأن علي..
كنت منذ الأمس...وحتى تلك اللحظة أتضرع لربي بأن يكشف كربتنا
أتصل خالد بالشيخ الذي يعرفه وشرح له الحال..فطلب مني أن أضع له
ماء زمزم مقروء فيه بكل طعام يأكله وشراب يشربه دون علمه...
لأنه منذ ذاك اليوم يرفض شرب ماء مقروء فيه...
كذلك أخبرني الشيخ بأنه سيرسل لي مع خالد زيت زيتون مقروء فيه وطلب مني
أن أجعله يدهن منه...
أعرف أن المهمة ستكون صعبه...ولكن لن أتخاذل...لن أستسلم..
لن أجعل تلك الشياطين تأخذ مني زوجي بسهولة...
.
.
سأكافح..من أجلك..
وسأقف..في وجه..كل من يحاول
حرماني...من طيف..بسمتك
المحببة إلى قلبي..
لن أضعف..لن أتخاذل
ولكن..كن معي
وضع يدك بيدي
لنشق طريقنا
رغم الصعاب
.
.
بعد عدة أيام كنت ذاهبة لمنزل خالد ..تناولنا العشاء معاً وكانت حنين
جيدة هذا اليوم معي...صحيح التحفظ والرسمية ما زالت متواجدة...
ولكن الوضع كان مريحاً وممتعاً...خصوصاً بصحبة خالد...
بعد أن أصبحت الساعة 12 طلبت من خالد أن يعيدني لمنزلي
إلا أنه طلب مني البقاء..والسهر معهم قليلاً وكذلك ألحت معه حنين..
وحينما أشارت الساعة للثانية...طلبت منه بإصرار أن يعيدني...
خصوصاً أنني خجلت من حنين...فهي حامل وربما تحتاج للراحة
لكنه قال مبتسماً:حشى ..وش فيك..كنك عند ناس غرب..
كل شوي ودني ..وودني..نامي هاليوم عندنا وش يوديك هناك..
امتقع لون وجهي من الخجل..
فقلت بهدوء: لا مستحيل وش أنام..
خالد: دام أمي عندنا نامي معها..هذا بيت أخوك..وإلا وش رايك حنين
قالت حنين بابتسامة صادقة طالما افتقدتها
: صادق والله...لهدرجة ما ارتحتي عندنا..هذا بيت أخوك..
والحين الوقت متأخر..ما تخافين تروحين لبيتك بهالوقت ولحالك..
رفضت بإصرار ولكن خالد وأمي ألحوا علي..حتى وافقت..رغم خجلي
بالغد عدت لمنزلي بعد أن تناولت الغداء بمنزل أخي...
وحينما علم أيمن بمبيتي هناك سعد كثيـراً وكأنه يريد أن يطمأن علي
قبل أن يفارقني...
إلا أنه نصحني بالحذر من حنين خصوصاً أنها الآن علاقتها قوية مع
أمل..وربما يجلب قربي منها المزيد من المشاكل لي..فأخسر خالد
حينما جاء موعد نومنا...ذهبت للمطبخ..وأحضرت الماء..
بعد أن خلطت به القليل من ماء زمزم...كي لا يشعر بطعمه..
جاء أيمن للغرفة..ثم أتجه للجهة اليسرى من السرير..
وقال بعد أن مد قدميه: صبي لي مويه الله يخليك
سكبت له الماء وانا ادعوا ربي بأن لا يلاحظ النكهة فيه..
أخذه من يدي....ولكن فور أن شرب منه رشفة بسيطة
ركـز نظره علي بطريقة مرعـبــة..مخيفة
ثم قال بغضب يحاول ضبطه: وش هالماء..
حملق بعدها بعينين ضيقتين
وأكمل: عطيني ماء عادي...ولا عمرك تحطين ماء مقري فيه
ارتفعت نبضات قلبي بشدة..
" بســم الله الرحمـن الرحيــم...من أخبره أن الماء مقروء فيه
قلت بابتسامة مرتبكة: وشو...لا هذا معه موية زمزم عادية
أيمن: لا موب عادية أنا أعرف أن فيها قران
سديم: أعوذ بالله أنت موب مسلم!
حتى لو مقري فيه..عادي أشرب منها وش بيضرك هاذي آيات الله
وضع الكأس على الطاولة التي بجانبه
ثم قال بعد أن استلقى: سديم...نصيحة...لا تضرين نفسك..
إذا قلت لك ما أبي شيء معين لا تحطينه من وراي وتخاطرين
أخاف أضرك...وتجنين على نفسك
تظاهرت بالقوة...ولم أعر كلامه أي اهتمام...ربي معي..ولن يخذلني
.
.
.
.
باليوم التالي وبعد أن حل المساء..
سمعت طـرقاً على الباب...كان طرقاً غريبـاً علي..
فخالد لا يطرق الباب هكذا..
نظرت للساعة...كانت تشير للسادسة قبيل المغرب..رباه من يكون!
اتجهت للباب..نظرت من العين...وهناك وجدت أبي!
لاحت بقلبي معالم البهجة....ولكنها سرعان ما خفتت..حينما رأيت
ملامح الضيق على وجهه...فتحت الباب
وقلت بابتسامة مرحبة رغم قلقي:هــلا بابوي
رفعت جسمي على رؤوس أصابع قدمي لأقبل رأسه
رد علي باقتضاب:هلا سديم..وش لونك..ووش لون زوجك معك
سديم: الحمد لله بخير..!!
أبي: أمك عندك؟
قلت بتعجب: لا...بتجي بالليل...أيمن موب عندي الليلة
شفيه؟
أبي بحاجبان معقودان: أسمعي اللي بقولك..
سديم: طيب أدخل ليه واقف عند الباب
أبي: لا أنا مستعجل..ومشغول
شوفي يا بنيتي..خلي أخوك يتهنى بحياته ..ولا تخربين حياته
هو اللحين عنده زوجه ومسؤلية..والمرة تبي تفرح بزوجها
وأنتي متزوجة..وتعرفين هالشيء
قلت بحيرة: ليش هالكلام..وش سويت أنا
أبي:مرة أخوك توها متزوجة..وتبي تعيش حياتها مع زوجها
لا تنكدين على أخوك..الحين موب زي أول ما تزوج وما له شغله
سديم: يبه ليه هالكلام..أنا وش اللي سويته عشان تقول كذا
أبي: لا تدرين وش سويتي
وشوله نايمة عندهم قبل أمس..ما لك بيت
قلت بدهشة: تأخر الوقت..ولزموا علي أنام عندهم
وبعدين هي اللي لزمت علي بعد..وكانت مستانسة..
أبي: هي بتجامل زوجها وأهله...
وهي من حقها تزعل....أجل مرة متزوجة وتنامين عندهم
وهم ما لهم إلا كم شعر متزوجين....يكفي أمك جالسة عندهم
بعد ليه ما تروح لحدى خواتها..وما تنكد على ولدي..قاعدة بحلقه
وإلا جاية ترتز ببيت زوج بنتها وتضيق عليهم..
قلت بغضب: والله هي ببيت عيالها ما راحت لأحد غريب..
وحنا ما اشتكينا...وأيمن الحمد لله راضي تنام عندي
أبي: يجاملك...وإلا فيه رجل يبي أم زوجته تقيد راحته ببيته
المهم ما علي منك أنتي وزوجك....دامه ساكت..
بس خالد ومرته فكوهم ...خلوهم يعيشون حياتهم.. موب كل يوم
والثاني رايحة لهم...وإلا متصلة به ..تعال ودني..وتعال خذني
خلي زوجك يقوم بك
قلت بغضب أكثر: وش علينا منها...بعد بتحرمنا من ولدنا...
هي من الأصل دارية
أن أمي ما لها إلا هالولد...وأني ما لي إلا هالأخو...
وهي اللي قايلة بعد ما راحت أمي تشوفها...والله خالتي طيبة
وأن بغت تسكن معي من أول زواجي ما عندي مانع...الحين
بس فترة معينة وما قدرت تصبر..
وبعدين ليه تقول هالكلام هي ما اشتكت..
أبي: إلا اشتكت...وأمس صايرة مشكلة كبيرة بينها هي وزوجها
وبغت تطلق ببسبك...جاية تصيح..ضغطتي عليها كل يوم والثاني
جاية عندهم..وقبل أمس نايمة...وأمك دام زوجك راضي يستقبلها
خوذيها عندك وريحي خالد...
تخاف على خالد...!
وأنا لا شيء بنظرك...إلا تعلم بالجحيم..والعذاب الذي
أذوقه مع زوجي....لم تجن يوماً..وتأتي وتصرخ بوجه
أحد لتدافع عني....بل دوما أنا لا شيء...لا شــيء
قلت بألم: والله إذا علي شرط ما أطب بيتهم بعد هاليوم
أما أمي تستقبلها غصب عنها..هي من يوم نخطبها عارفة أن
أمي ما لها غيرة...وأنت بعد يوم شرت علينا فيها...قلت هاذي
اللي بتصير لينة مع أمكم...هذاها من أول حياتها بدت هجومها
ليه كلامكم تغير الحين
أبي: وأنتي تصدقين...ما فيه مرة تبي أم زوجها
بعد من حقها تاخذ راحتها ببيتها ...وهي صغيرة بعد
سديم:لا والله موب كلن كذا....والله لو أم زوجي مثل أمي
أني أنا اللي أشور عليه يجيبها عندي...ولو أم أيمن تبيني
الله يحيها من الحين عندي
أبي: عاد أنتي غير.....طيبة وعلى نياتك
يا الله مع السلامة...ولا تنسين اللي قلت لك
ثم خرج وأغلق الباب من خلفه
وكأنه لم يخلق عاصفة هوجـاء من بعده
لن أحرق أعصابي...ولن أغرق نفسي بمزيد من الهموم..
كل ما فعلته...هو أنني استقبلت القبلة..
وتوجهت لرب عادل...ودعوت الله بأن يأخذ لي حقي من أمل
التي لم تتوانى يوماً بسعى لسد كل طريق قد يجلب لي الراحة والسعادة
ولا شك أنه سيأتي يوم...لتعض أصابعها ندماً..
فلكل ظالم يـوم
.
.
.
حينما جاء خالد بأمي لي..
كان وجهه شاحبـاً...ربما خجلاً مما فعلته زوجته..
تدريجيـاً سألني عن جدتي منيرة وأنها ستخرج بالأسبوع القادم..
فهل يعيد أمي لها أم يبقيها عنده على الدوام...
عندها سألته هل لديه القدرة الامساك بزمام الامور ..فأنا لا أريد
أن تهان أمي أو يساء إليها..
فثار لا أحد سيهين أمي طالما أني على قيد الحياة..
المحت له عن زوجته التي قد لا تريد أمي..
ارتبك عندها...سألني هل حادثك أبي..أجبته بحرقة..وعتب
ونصحته بأن ينتبه لزوجته من أمل..ومكرها
ولكنه أجاب بأنه لا يمكنه أجبارها على الابتعاد عن أمل..
هو حذرها أكثر من مرة..بأن تتصرف بنفسها ولا تجعل أحد يملي
عليها كيف تسير حياتها ..ولكنها ما زالت منسحرة بأمل..
وأخبرني بأنه سيتركها ..حتى تدرك بنفسها بأن أمل لن تجلب لها سوى
المزيد من المشاكل..
أتعرفون ما أذهلني...هو حديثه حينما
قال: سديم بصراحة موقفي صعب....لأني ما اشترطت أمي عليها
وعشان كذا هي زعلانة..
سديم: يعني وش تبي هي...نحط أمي عند خالاتي وولدها موجود
خالد: لا أنا ما أقصد هالأيام....أقصد بعد ما تطلع جدتي حنين بتقول
خلاص ما فيه عذر عشان تسكن معنا...وأنا بصراحة لاحظت أن أمي
مرتاحة معنا ومستانسة..ومتردد أرجعها لجدتي
سديم: المفروض أنها تحترم نفسها شوي...خير تتناقش بموضوع أمي
كأنها عفش وإلا سلعه..وين نحطها ووين نوديها..إذا كنت ضايق منها
جبها عندي...أيمن كم مرة قال لي جيبيها تسكن عندنا..طول العمر بعد
ولا تذل امي الله يخليك
قال بغضب: وش ذليتها...أصلاً حتى المشكلة أمي ما تدري عنها
وتصرف حنين كله من أمل...وأنتي عارفة هالشيء..ترى أمل
كم مرة تدخلت بيني وبين حنين..ومرتين صارت بيننا مشكلة بسبة أمل
وحنين كل ما أقول لها أن هذا موب كلامك أنا أعرفك..تنكر أن أمل موصيتها
بس أنا صابر وساكت..بخلي حنين بنفسها تشوف أمل وين بتوديها
سديم: وأنت وين دورك ليه ما تمنعها
خالد: أنا أبيها من نفسها تبعد عن أمل...وبتشوفين..بيجي
يوم وبتقولي حنين أنا غلطانة أني سمعت كلام أمل.. بس أنتي
أصبري أنا أجمع لها..وإن طولت..بتشوف بنفسها وش بسوي لها
موب أنا اللي يمشي علي كلام الحريم
ولا تحسبين كلامي هذا أني ما هزأتها...
أنتهى الموضوع ...وبقيت ندبة بقلبي تجـاه حنين..
حتى لو كانت أمل هي من تدفعها لهذا...كان من المفترض
أن تحترم أم زوجها..ولا تذهب لأبي وتشتكي له...حسناً..
لست بحاجة لأن أرهق نفسي أكثر..فلدي الكثير من المشاكل
ولا ينقصي هذا..
كل ما علي قوله..."هداك الله يا حنين"
.
.
.
.
استلقى أيمن على السرير وهو يزفر بتعب..
: ليه نقلتي السرير قبال المكيف..والله اتعبني البرد
الهواء يضرب علينا
سديم: وش أسوي ما أحب أطول على نظام واحد..
لازم أغير الأماكن بين فترة والثانية..نغير الروتين..
أيمن وهو يتكئ على الوسادة: بس والله أنك مصرقعة..وموب سهله
أجل تغيرين أماكن اثاث الغرفة مع الشغالة لحالكم...هههه وهالغبية
موافقتك...أشوى ما جاكم شيء
ابتسمت بصمت
فأكمل وهو يوزع نظراته بالغرفة: تبين شيء ....تحتاجين شيء
عقدت حاجباي باستغراب: مثـل؟!
أيمن وهو يحرك رأسه: يعني أثاث....تحف..شيء بنفسك
قلت بتعجب أكبـر: والله أنك عجيب..
موب الحين تقول بتطلق..
صمتت لبرهه..
ثم أكملت بصوت يأتي من القاع: وشوله أثث..
ومصيري راجعة لبيت أبـوي
قال عندها وهو يزفر بضيق: أوه....لا ترديني...خليني أحس أني
قدمت شيء......قبل أروح
قلت بعبرة: يعني مصر على الفراق..
عم الصمت للحظة...تجاهلت عبرتي..
وقلت: وبعدين وش أسوي بالأثاث...أجره معي لبيت أبوي
أيمن: سديم...لا تسكرين الأبواب علي...دامي ساكت خلاص
|