كاتب الموضوع :
بسمه جراح
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
(29)
"وطفت..أتــوه في غياهب روحــي
كالمنفي....بلا وطـن!"
الجزء التاسـع والعشرون
" الفصل الأول"
ها نحن نسير باتجاه الشرقية..يبدوا أني سأكرهها
رغم أني كنت أريد السفر لمكة..ولكن أيمن أصر على الشرقية
لأنها أقرب..وكي نستفيد من الوقت..خصوصاً أن المدة قصيرة
فتحت سلة الطعام..
وسألت أمي: يمه تبين قهوة وإلا شاهي
أمي: لا قهوة..
نظرت لأيمن الذي كان يعطي آمنة دروساً بالتلاوة..ومصر على أن يعدل نطقها...هههه لا تتعجبوا منه..فهو قد عمل في مجال الدعوة لبضع سنين
سديم: أيمن قهوة؟
نظر لي بضيق وكأنني قطعت عمله..
ثم أكمل مخاطب آمنة..التي كانت تجلس بالمقعد الذي خلفه
: لااا...لازم تقولين حــاء..موب هاء
يا الله مرة ثانية..الحمد لله
آمنه : خخخ هههه بابا آنا آجوز....ههه معلوم إقراء الهمدو(الحمد)
أيمن: لا شفتي تقولين الهمدو...موب هاء..
حح حــاء يا الله عيدي
أمنة: الهمد لله رب العالمين..
أيمن: شوفي بالمراية كيف أنا أنطق الحــــمد لله ...ححح الحمد
عيدي
آمنه: هههههه ما في معلوم..إيه أنا كلام سوا إنتا
أيمن: لا موب سوى انتي وخشتك...أنتي ما تقولين حاء أنتي تقولين هاء
آمنة بضيق: بابا ما في معلوم أيش كلام.... أنا سوى كلام الهمد
من أنا بيبي معلوم في اقراء الهمد
ههه يبدو أنني تحمست معهم وقلت دون شعور مني..
: لا بابا معلوم أنتي أقراء الحمد..بس تبين أنتي أقراء زين
نظر لي أيمن شزراً.....فهو يكره أن يشاركه أحد بعمل يقوم به
فقال بغضب: وراه ما تسكتين
رغم أني عرفت خطأي فأنا أعرف طبعه الكريه هذا..ولكن أغاظني
فقلت: بسم الله ما قلت شي..بس أوضح لها
أيمن وهو يركز علي بغضب: ما شاء ما تشوفيني أنا قاعد أفهمها أنتي
وش دخلك تحشرين نفسك..وإلا بتفهم منك وما تفهم مني
سديم: بس ما فيها شيء لو تكلمت
أيمن: إلا فيها...دامني قاعد افهمها لا تدخلين
قلت بهمس وغيض..فهو يصرخ علي أمام والدتي
: لا وش رايك تجلسها مكاني أحسن
أمي: خلاص تعوذوا من الشيطان ما صار شيء
أيمن: يا خالة هي تعرفني ما أحب أحد يتدخل بشيء أنا أسويه
أمي: معليه...يمكن نست ميب قاصده تخالفك..وهي كلها كلمه بسيطة
وخلاص ميب متكلمه..وسعوا صدوركم
عاد أيمن يلقي على الخادمة الكبيرة في السن نوعاً ما ...دروس النطق
والتجويد..بينما شعرت أنا بالملل..أرأيتم هذا ما كنت أخشاه..
حينما يتواجد أحد معنا...يحب أن ينشغل عني تماماً..
حتى أشعر أحياناً بأن والدتي هي زوجته...وأنا الضيفة التي يجب عليها
الإنصات فقط...
استعذت من الشيطان..وفكرت بأن أسلي نفسي بنفسي..فأنا لا أحتاج لأن يحادثني..
فتحت حقيبتي وأخرجت مصحفي الصغير..
أسندت ظهري على المقعد..ورفعت المصحف لعيني..وأخذت أقرأ
آيات ربي هي خير مؤنس..
لاحظت التفاتته المتفاجئة لي ...إلا أنه عاد يكمل دروسه
ولكن بعد لحظات بسيطة عم الصمت...
كانت هناك غصة بصدري ..لم يحب أن يسلي نفسه مع غيري
لم يحب أن يتركني على الهامش..
أخذت نفساً عميقاً..وركزت فكري على الآيات التي أقرأها
أمي: وش فيكم ساكتين سولفوا..لا تنام يا ابوتركي
عطنا قصيد
أيمن وهو يلتفت لي: لا ما شاء الله سديم تقرأ
نظرت له بطرف عيني ثم أكملت تلاوتي وتجاهلته.....
مرت ربع ساعة.....
قال بعدها أيمن: أقول موب وقت القراية الحين..خلاص قريتي شوي
سولفي معنا
قلت بهدوء مقصود: موب أنت تبيني ساكته
خلني أشغل نفسي........عشان ما أزعجك
نظر لي بغيض: ليه مين قال تزعجيني
سديم: محد قال بس أنت شكلك تتضايق إذا تكلمت
وبوسع صدري بالقرآن...بعد موب من حقي
أيمن: يا أم خالد..أنا يوم أقول لها اسكتي..كنا نسولف وإلا كنت
قاعد أدرس آمنة
أمي: تعلم آمنة
أيمن: شفتي...أنا ما قلت لك اسكتي إلا يوم كنت مشغول
قلت بحرقة أحاول ضبطها: طيب...خلاص أنا ما أبي أتكلم أبد
سولف مع أمي وآمنة
أيمن: وليه ما تبين
سديم: بس ما لي خلق أتكلم..
كل ما تكلمت طلعتي مشكلة..خلني ساكته أحسن
ثم أعدت المصحف لأمام عيني وأخذت أكمل
هه حينما انتهى من الحديث مع الخادمة أتى ليتحدث معي..
وكأنني آخر شيء قد يفكر به...طوال فترة الطريق..كان الحديث
موجهاً لهم..وحتى إن حاولت الحديث...أما أن يقاطعني..أو يغضب مني
أو يتجاهلني..أو يفعل كما فعل قبل قليل..
أيمن: والله أخبر اللي يقعد جنب اللي يسوق..يصير يسولف عليه
ويروح عنه النوم..موب يسكت
سديم: ما شاء الله هذاك تسولف مع أمي وآمنة..ليه توك تذكر
سولفوا وقفت علي..
أيمن بمزح: أجل أرجعي وراء وخلي آمنة وإلا أمك تجي قدام
هنا فقط...شعرت بالعبرة تحشرج بحلقي..
يجرحني أمام أمي...يتجاهلني...وأتحمل..والآن يفضل جلوس الخادمة
مكاني...أعــــرف ...أعرف أنه قالها مازحاً....ولكنها آلمتني
قلت بهمس..وصوت مجروح: لهدرجة مضيقة عليك
أيمن: محد قال كذا.... بس لا أنتي تسولفين معنا
ولا حنا نقدر نسولف لأنك تقرين....
أغلقت المصحف..وأعدته للحقيبة..
ثم قلت بهمس لا يكاد يسمع: الحين تذكرت أني جالسه جنبك
ثم عدت وأسندت ظهري على المقعد وكتفت يداي..
أيمن: ههههههه كل هالزعله عشان قلت لك اسكتي يوم كنت قاعد ادرس آمنة..هههه خلاص تكلمي وأنا اللي أسكت
صمتت ..ولم أجيبه..التفتت جانباً وأخذت أنظر للخارج..محاولة
أمساك دموعي من الخروج....
.
.
.
.
وصلنا أخيراً..وما زال الصمت هو ديدننا...
لم أعد أحتمل تجاهله...
راعيته كثيراً...تنازلت كثيراً
وكل هذا من أجل نظرة الألم والخزي في عينيه حينما يذكر تقصيره
تجاهي..دوما ما أقول طالما أنه يدرك خطأه ويعتذر علي أن اصبر
ولكن هذا لم يجدي...فقد أصبح يتمادى بالابتعاد...
أتعرفون...أخبرني ذات مرة..بأنه بأيام زواجي الأولى كان يبكي ألماً قبل
أن يأتي إلي...وأنه كان مجبراً حينما خرج بثاني يوم من زواجي لأهله
لأنه شعر بالضيق..وأنه سيجرحني أن بقي معي....ولكنه يرجع ذلك
لأنه تفاجئ من حالي مع أبي وزوجته..
أنا متأكدة أن هناك أمر ما....مم أما أنه مصاب بحالة نفسية..
خصوصاً أنه ذكر لي سابقاً شدة تعامل أبيه وأمه معه...
وبتحليلي الشخصي ..أعتقد أنه لهذا حياته كانت رسمية جداً مع أم تركي...
وحينما فكر بالزواج بي كان يعتقد بأن الحياة ستختلف معي
ولكن لم يحدث هذا..لأن الخلل بنفسه هو..
مم ولكن لا أعتقد أنه مرض نفسي.....هل يعقل أن يكون به مس
أو عين....همم لا أعتقد هذا فهو حافظ لكتاب الله...
ولكن ما الذي يمنع حدوث ذلك إن كان الله قدر عليه..
فرسول الله صلى الله عليه وسلم قد سُحر..
انتبهت على صوت إغلاق باب غرفة النوم
وهناك وجدت أيمن يبتسم لي..
تمنيت لو أمط شعر رأسه....يبتسم وكأنه لم يفعل شيء
طوال الطريق وهو يتحدث مع أمي..
أو يخاطب الخادمة....وأنا!!
لم يعطيني من وقته شيء...
والآن بعد أن وصلنا وأخذنا عشائنا من أحد المطاعم...
أخذ يتحدث مع أمي..ويمازحها...وإن شاركتهم بكلمه..
نظر لي نظرة....مم لا أعرف وصفها..ولكنها ليست مريحة
أو كضم غيضه والتفت لأمي ليكمل....
وإن صمتت أنبه ضميره...وعاتبني لم أجلس صامته وأمي هي من تدير الحديث..لم لا تكوني مرحة كأمك...هه وهل أعطيتني فرصة..
جلس بجانبي على السرير..
ثم طل بوجهي..
: هههههههه للحين زعلانة..والله ماله داعي..أنتي تعرفين طبعي وقفت على هاذي..
نظرت له بصمت ولم أتكلم..ثم أنزلت عيناي ليداي التي افركهما بضيق
الآن فقط تذكرني!!
جلس هناك أكثر من نصف ساعة..وأنا هنا أغرق في أفكاري
أيمن: ليه رحتي وخليتينا بعد العشى
سديم: بنام
أيمن: وليه ما نمتي
صمتت ولم أرد عليه
أيمن: طيب ليه طول الوقت كنتي ساكته..
سديم: أنت تعرف
أيمن: وشو ما أعرف
سديم: أيمن لا ترفع ضغطي...تسكتني وتجي تقول ليه ساكته
أيمن فتح عينيه باعتراض: أنا..!!؟
متى؟
يوم بالسيارة أنتي عارفة ليه...بس هنا ما قلت شيء
سديم: صح ما قلت شيء بس نظراتك...أفعالك تقول
أيمن قل لي بصراحة وبدون مجاملة..أنت تبيني ولا لاء
ما له داعي تجامل..أحسك تكرهني
أيمن: سديم........ما يحتاج أقول كثر غلاك بقلبي..
أنا متأكد أنك تدرين أنك غالية علي..
سديم: بس أفعالك غير..
أيمن: أفعالي غير!!
سديم أسألك بالله أنا دايم معك شين
بعدين هو بيدي.......والله موب بيدي أصير مروق طول الوقت
سديم: بس أنت مروق مع أمي وأنا لا..
زفر بضيق: سديم.....ما عليك مني وسعي صدرك ولا كني قلت شيء
قلت بألم: بس ليه إذا أنا تكلمت ما تعطيني وجه..
حتى ابتسامة ما تبتسم...الشغالة قاعد تعلمها..وتتبسم...وأمي
تنكت معها وتضحك...وأنا لا ما كأني أنا زوجتك...أعرف جزاك الله خير
حلو أنك تتعامل مع أمي زين....بس ليه تتعامل معي كذا
أيمن: سديم..طنشيني لا سويت كذا عديني ما قلت شيء
أنتي وسعي صدرك ونكتي...حتى لو قاطعتك..حتى لو سكتـتك
حتى لو ما عطيتك وجه...كملي سولفي ما عليك مني..لا تنهزمين على طول..خلي عندك روح رياضية
سديم: بس لو صار العكس وأنا اللي سويت فيك كذا ترضى
وبعدين ليه ......ليه تسوي كذا معي
أيمن: تسأليني!!
ثم أكمل بحرقة: واللـــــه ما أدري..تحسبيني لا عصبت يوم أسمع صوتك
استانس....أنا نفسي والله ما أدري ليه أسوي كذا
سديم: ما فيه شيء أسمه ما أدري
أيمن: تحملي... غيرك تحملوا...
وبعدين...لا تركزين على الجانب السلبي..على الأقل..في ساعات من وقتنا يصير حلو....خلينا نغتنمها...لا تخلينا نخرب هالوقت اللي أصير فيه مرتاح
بالنقاش والعتاب
سديم: بس موب معقولة نسكت كذا..لازم نلقى حل
أيمن: يا الله على أيدك..عطيني حل وأنا انفذه
هذاك قلتي أترك أهلي وتركتهم ما عدت أطريهم..
سديم: طيب إقراء على نفسك..والله اللي فيك غريب
أيمن: أعرف أنه غريب....ومحد يدرك وش قد هاللي أمر فيه من غرابة إلا أنا...أدري أنك متعذبة معي...أجل أنا وش عذابي..تخيلي أنك تحسين بالنقيضين بقلبك تحبين....و...
أخذ نفساً عميقاً
ثم أكمل: سكري الموضوع الله يخليك
سديم: لا ما ينفع التهرب...
أيمن بحرقة: وشو الحل أقراء......لا والله ما سويتها قبل عشان أسويها الحين...مثل ما صبرت أول أصبر باقي عمري..ولا أفوت على نفسي
أجر السبعة الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عقاب...وهم اللذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون
سديم: بس أنت مضطر....طيب ما يحتاج تروح للشيخ أنت أقراء
البقرة كال يوم..
أخذ نفس عميقاً
ثم قال: طيب بحاول..بس بعد ما نرجع من السفر..
أوامر ثانية
قلت بعد تردد: طيب ليه ما ....امم..تجرب تروح لمستشار نفسي
يعني غريب أنك تحب وتكره بنفس الوقت
قال بسرعة معترضاً: مين قال ...مين قال أني أكرهك لا تقولين شيء ما قلته..أنا قلت النقيضين بس...أنا نفسي ما أعرف أحدد الشعور
وبعدين شيلي من راسك..سالفة المستشار النفسي مدري الدكتور النفسي
مستحيــــــــل أروح له....يا الله طفي النور الله يخليك بنام
.
.
.
على صوت تكســر أمواج البحــر..
ولحن المغيب..
الذي امتزجت فيه ألوان الشفق...
راسمة أروع صورة
كنا نجلس سوية...حتى خادمتي العزيزة آمنة..كانت تجلس على طرف البساط مولية لنا قفاها..
أيمن محادثاً والدتي..ومشيراً للخادمة بعينيه: شوفي.....شــوفي بس
الكبر ملقيتنا ظهرها
سديم: عاقلة ما شاء الله عليها..
أيمن: ههههه وش قصدك اني مهبول....ههههه والله انك خبلة تغارين منها
عجوز تراه..
قلت من وراء قلبي: وشوله أغار خذ راحتك
مم أعرف ما تفكرون به....شخص ملتزم من الواجب عليه لا يتمادى بالحديث مع الخادمة..ولكن أيمن معتاد على الحديث مع الجاليات..وأيضاً
كانت له في الماضي رحلات بمجال الدعوة..وهو يستخدم المزاح بدعوته
لا أنكر أنني أغار أحياناً....ولكني واثقة منه ..
أيمن: هيـــه يا الأخت...أنتي...آمنة...خير شايفة نفسك علينا ليه
ومعطيتنا ظهرك..
نظرت له آمنه ببلاهة ولم تجب..وأعادت إعطائنا ظهرها...
أيمن: أحلى ياثقل.......وإلا تدورين وحدة تشبه لك
آمنه: آيش بابا.....آيش كلام ما في معلوم
أيمن يشرح بطريقة مضحكة: ليه تعطيننا ظهرك...هذا كبر
معلوم كبر....هذا كبر في حرام..بعدين دخل نار
آمنة باستنكار: ايش كبر
ثم نظرت لي وضحكت: هههههه مدام ما في معلوم ايش كلام بابا
آيمن مقاطعاً: هذا ظهر انتي حطي هنا ليه....عيب كذا
ماما أنتي مافيه كلام سوى أنتي فيه صغير..عيب كبر
أمي: هههههه الله يقطع شيطانك يا أبو تركي
أيمن: شف ذي سفهتني وعطتنا ظهرها...
آمنه ....آمنة...آمنة
آمنة بضجر: أوه ايش بابا
أيمن: لا تنفخين.....يا الله أقري الحمدُ
آمنة باعتراض: آيخ...بابا هههههه أقرى الهمدُ هنا!!
أيمن بحزم .."مازح" : شوفي ذي!!
وين راحت دروسي بالطريق شكل ذي عقوبتي يوم ازعل سديم....
أنتي هيه ايش الهــمدُ..رجعنا من جديد
آمنة: ايش زعلان بابا
أيمن: موب هــاء...حــاء...الحــــــمد...يا الله قولي حــحاء..
آمنة منتقدة كلامه: لا ما تبين
أيمن: يا الله قولي
آمنة: لاء ما تبين أنا إقراء
ثم نهضت لتتمشى بعيداً عن إزعاج أيمن...
التفت أيمن لأمي مازحاً: شوفي ذي موب كنه فشلتني
أمي: هههههههه هذا نطقهم يا أبو تركي يقولون الحاء هاء
وهكـذا..أخذ أيمن يتحدث مع أمي..بمواضيع شتى
حتى تحدث عن أخته..وعن زوجها الذي يؤذيها بتصرفاته واتهاماته السخيفة...
أمي: إيه الله يهديه....أكثر رجال هالوقت كذا شكاكين..
قلت متأثرة من أجلها: يا عمري هي...الحين هو صادق يوم يقول عنها هالكلام..!!
كنت أقصد بسؤالي الاعتراض..ولكن أيمن فهم سؤالي على انه "هل بالفعل اختك هكذا؟"...فزوجها يشك بكل حركة تصدرها..حتى خروجها لساحة المنزل..يشك بها
نظر لي أيمن بغضب: أقول انقلعي....وش هالسؤال السخيف
تفاجئت من ردة فعله المبالغة...
فقلت موضحة: أقصد يعني بعد 7 سنين زواج يجي يقول عنها هالكلام
أيمن: لا صادق...أختي فيها البلاء..والمرض والخراب..وش تبين بعد
ابتلعت ريقي بخوف..وغصة..أنا متأكدة ..هو زمجر لأنني شاركتهم بالحديث...ليس لأنني سألت هذا السؤال..
صمتت بمضض..وأنا أدعوا ربي أن يلهمني الصبر
أمي: قل لا إله إلا الله يا أبو تركي تراها ما تقصد...ما ثمنت الكلمة يوم قالتها...هي تقصد وراه يقول عنها كذا..
نهض أيمن ولم يرد...وذهب ليتمشى
عندها نظرت لأمي..رغم أني لم احاول يوماً أن اشكوا لها ...
ولكني لم استطع أن أصمت... خصوصاً أنها أصبحت ترى مشاكلنا أمام عينها..
فقلت بعبرة: شفتي وش سوى ...انا قلت شيء يستاهل
أمي مواسية: تلقينه متضايق من رجل أخته ....ترى أخوه توه متصل يعلمه بمشاكله الجديدة معهم..
وعشان كذا عصب عليك.....أكيد أنه ما يقصد..
جاء وجلس وكأنه لم يفعل شيئاً .......وتدريجاً أخذ يتحدث ويمازح أمي وكأنه لم يفعل شيئاً من قبل..
نهضت من جانبه...وجلست بالقرب من أمي ووجهت وجهي للبحر مولية إياه ظهري..
أيمن وكأنه يمزح: شوفي يا أم خالد...عطتنا ظهرها...هههههه الحين من المفروض يزعل أنا وإلا هي ...
أمي: معليش خلها متضايقة شوي...لا تحارشها
أيمن: هيــه سدومه ....تو ننتقد آمنة معطيتنا ظهرها والحين أنتي...
تعالي اجلسي معنا وتعوذي من إبليس
سديم: لا بجلس هنا..... عشان ما أنكد عليك..
الظاهر صوتي يعكر مزاجك
أيمن: وش تنكدين علي تعالي بس
قلت وأنا موليه إياه ظهري وأبعثر عيني يمينا وشمالاً..متهربة من تجمع الدموع بعيني..
: لا هنا أريح لي...........بشوف البحر
أيمن: وتعطينا ظهرك
نهضت عندها كي انهي الجدال...وذهبت باتجاه البحر وأنا ارمش بسرعة
كي لا أسمح لدموعي بالانسدال..كم هو جارح إهماله لوجودي..حتى أنني أصبحت لا أجد الوقت للحديث مع أمي..وإن شاركتهم تغير حاله..
أيمن: أوه ليتنا ما حارشناها..
تعـــالي والله بسكت وأنطم بعد بس تعالي..وين رايحة
صمتت ولم أجيبه .... سمعته ينادي آمنه ويطلب منها أن تتبعني..
قلت لها دون أن التفت: آمنة روحي اجلسي
آمنة: لا مدام بابا كـلام روح سوا مدام
لم أرد أن أتجادل معها...لهذا صمتت ..واتجهت بعيداً عن أعين أيمن
سرت بخطواتي نحو البحر..وطللت من السور
أخذت انظر لأمواجه التي تشابه حياتي بتقلباتها..
وألحق ببصري رفرفت الأطيـار هناك ..وكأني أريد أن أكون مكانها
أحلق في السماء...ولا هموم تحاصرني..
تعبت من الوقوف..فجلست على أحد المقاعد الخشبية هناك..
وجلست بالقرب مني آمنة...ههههه..مسكينة هذه الآمنة سيجننها أيمن معي
كنت أسمع صوت أيمن..وهو يحادث أمي..
أيمن: وين راحت ذي...هههه شكلها زعلت صدق
أمي: الله يهديك أنت شديت عليها وهي ما تقصد...
أيمن بمرح: ولا يهمك يا أم خالد برضيها عشانك
أمي بفرح: الله يجزاك خيـر ويسخرك لها..ويرزقكم الذرية الصالحة
أيمن: يا حبي لك يا أم خالد...إيه كثري من هالدعوات ترانا محتاجين لها
ابتلعت غصة داهمتني من جديد..
لم لا يتحدث معي بأريحية كما يفعل مع أمي..أشعر به يتعامل معها وكأنه يعرفها منذ زمن...بينما أصبحت أنا من أشعر بالغربة معه..أشعر وكأني لا شيء عنده...
حتى وإن حاول أن يتحدث معي ويمازحني...أستطيع أن اكتشف مجاملته بسهولة...وكأنه يجامل شخصاً ثقيلاً على قلبه...
العجيب أنه منذ أن سافرنا وحاله معي حينما نكون وحدنا " أحياناً" ..
أفضل من حاله بالرياض...ترى ما الشر في ذلك..
التفتت للخلف بعد أن افتقدت أصواتهم...
نظرت للجهة المقابلة لمكانهم ورأيتهم يذهبون...
سمعت أمي سأل: وين بنتي
أيمن بمرح: هههه مدري وينها..تلقينها حولنا لا تخافين
توقعت بأنه يمزح...بالتأكيد يعرف أني هنا..فالكرسي مقابله
تذكرت الحوار الذي دار بيننا قبل أن تأتي المشكلة..كنا نتكلم عن مركز التسوق القريب من هنا...وأيمن وعد أمي بأني يذهب بنا إليه..
مم لا ....لا أتوقع أن تصل به الجرأة أن يترك زوجته ويذهب بصحبة أمها غير أبه بها....
بالتأكيد هو يقصد أخافتي كي أعود للجلوس معهم
ولكن لم أخذ كل شيء معه..فقط ترك لنا البساط
آمنة: أوه مدام وين بابا روح
سديم: مدري..خليهم أكيد يجون الحين
ولكنه بالفعل رحل مع أمي ولم يعد...
آمنة: مدام كلام تلفون بابا
سديم: لا تعالي نجلس ..ممكن يجي بعدين
ذهبنا وجلسنا على البساط ..ونحن نقلب أعيننا بكل اتجاه..
المشكلة أنه حينما ذهب اخذ معه كل شيء حتى حقيبة يدي
ما هذه المزحة الثقيلة!!
آمنة:مدام ويــــن بابا..ما فيه أجي..أنا خوف
سديم:ما فيه جوال أنا...بابا شيل شنطة
آمنة بشهقة:هـ ـي كيف روح بيت
قلت بقلق وأنا انظر بكل اتجاه: ما أدري
المشكلة أني لم أحفظ رقم هاتفه ولا هاتف أمي..
خصوصاً أن الأرقام مخزنة بجهازي ولا أحتاج لحفظها...
ههههه لست أحفظ سوى رقم هاتف منزل أبي وخالتي الجوهرة
تذكرت فارس..سنترال منزل خالتي..وهل سيعطيني خالتي أم سيغلق
الخط علي كعادته...ممم إن تأخروا أكثر فسأذهب لذاك الدكان واتصل منه
لو كنت أعرف مكان الشقة لهان الأمر..فأنا لا أعرف سوى أسم العمارة
مر الوقت وسمعنا أذان العشاء...لذلك قلت لآمنة لنذهب لمواقف السيارات
ربما أن سيارته هناك...وبالفعل فوجئت بتواجد السيارة..إذن إن هم..
هل بالفعل ما فعلوه كان مجرد مزحة...لا أعتقد إن كان موجوداً..لم يتركنا
طوال هذا الوقت نبحث عنه...
طللت من شباك السيارة ولمحت حقيبة يدي..أه ماذا افعل الآن..وأمي كيف رضت بأن يتركنا طوال هذا الوقت....آآ هل يعقل أن أمي تعبت أو حصل لها مكروه...رباه أحفظها لي...
لم أجد حلاً سوى أن نعود لمكاننا حتى ينتهوا من الصلاة ويفتح الدكان
كي أطلب منه الهاتف..
ولكن هناك ..وعلى مقربة من بساطنا..وجدنا أيمن يدور بقلق..
تقدمت منه ولم أعد استطع السيطرة على اعصابي..
وكنت على وجه الهجوم...
غير أنه سبقني ..حينما نظر لنا بقلق بالغ
وسألنا: هلا وينكم اختفيتوا
قلت بغضب: حنا اللي ويننا وإلا انتم...حتى شنطتي شلتها معك
أيمن: وش تبين أسوي أخليها واروح والله ان تسرق.. يا الله امشي اركبي
امك بالشقة قلقانة عليك..رحنا مشي أنا وياه..ووديتها للمركز التسوق اللي هنا.عشان توسع صدرها شوي
قلت وأنا اتبعه بخطوات غاضبة: وما قدرتوا تصبرون لنا
كل هذا بس ودك تبعد عني..أنت جايبني تنكد علي..أنا موب شيء عندك
أيمن: انتي اللي رحتي وخليتينا..
فتح السيارة وركب..
وأكمل:حنا رحنا ندور عليكم...وأمك كانت قلقانة عليك..وكل شوي تقولي
كل نقوم ندورها
سديم: ايه واضح وش تدورون علينا وحنا قدامكم..وبعدين أنا بزر تدورون علي..قل أنك فرحت أني ابعدت عنك شوي قلت خلني أودي أمها للسوق وأوسع صدري شوي بعيد عنه
قال وهو يتوقف عند شباك المطعم سائلاً: وش تبين أطلب لك عشاء
قلت بصوت عالٍ وغضب: ما أبي شيء
ركز نظره علي بغضب..
وقال بهدوء: لا تطولين صوتك..
.
.
.
عدت للشقة...وهناك وجدت أمي..
: الحمد لله جيتي...وينكم..خفت عليك
ابتسمت رغم غضبي
وقلت: ههه ليه خفتي أنا موب صغيرة عشان اضيع..
أمي: لا خفت أحد سرققكم..ولا شيء
وأبو تركي بس يطمنني..ويوم خفت بالحيل..قالي أمشي
ندخل بالمحل..السوق اللي قريب من الشقة..وبعدها عاد صرنا قريب
من الشقة..وأنا اوجعتني رجولي وقلت دامنا قريبين ودني الشقة
ورح شف وينهم
قلت بغضب: طيب دامك كنتي خايفة علي ليه طعتيه ورحتي للسوق
أمي: والله ما كان ودي بس هو اللي أصر..حتى فلوسي كانت هنا بالشقة ميب معي..وهو اللي شرى لي..عاد حلفت عليه لا رجعت للشقة أرد الفلوس له
آآه كنت أحاول الامساك بأعصابي..
هذه أمي..طيبة لدرجة غريــــــبة....لمَ لم ترفض الذهاب للسوق
طالما أنها لا تعلم أين نحن..هل لأنه ألح عليها استجابت بسرعة
انتبهت من أفكاري..
على صوتها القلق: والله أني كنت خايفة حتى السوق ما كنت أبي ادخله نفسي منسدة..بس شريت لك سندل حلو..قلت برضيك لأنك زعلانة
وأبو تركي بعد هو اللي اختار اللون..
قاطعتها رغم عني...لست بمزاج حسن
: معليش يمه بعدين علميني..أنا بدخل أصلي العشاء
أمي: ما تبين العشاء ..
قلت وأنا افتح باب غرفتي: لا ما أشتهي
دخلت وأغلقت الباب بضيق....صليت العشاء..ودعوت بسجودي
بأن يصلح الله حالنا..
انتهيت وجلست بسجادتي..وضممت ركبتي لصدري..
أفكر بما حدث بضيق...أفكر بما حدث بالطريق ..وكذلك
حينما سألته عن اخته..وعن تجاهله لي..ونهاية عند اختراه لأمي بالتسوق
متجاهلاً زوجته..التي لا يدري أين هي..
أعرف أني بأمان.. ولن أضيع بإذن الله..ولكن تصرفه كان وقحاً..
سمعت طرق على الباب..هسمت " أدخل"
رأيت أمي عند الباب..بيدها..خمسمائة ريال..
عقدت حاجباي مستفسرة..
فأجابت أمي وهي تضع النقود بحقيبتي: هاذي الفلوس بدل الفلوس اللي
شرى لي فيها أبو تركي قبل شوي..جيت برجعها له وعيا..على أني حالفة عليه أني برجعها بس ما رضى..قلت أجل بعطيها سديم
قلت متعجبة منها وأنا ارفع حاجباي: ليه لزمتي ترجعينها له دامه رفض
ياخذها...ميب حلوة تردينه
أمي: لا خالد معطيني..وأنا بعد جايبة معي فلوس..
وأخوك قايل لي لا تخاذين من أبو تركي شيء..يكفي أنه الله يجزاه خير
لزم تسافرين مع زوجته
قلت بضيق: يمه وش هالكلام...أنا بنتك..ما رحتي مع غريب
وخلاص خلي الفلوس معك ما أبيها
أمي: لا والله أن تاخذينها...والله أن ما تطب أيدي..
سديم: الله يهديك ليه تحلفين....
أمي: زعلانة مني
قلت بغضب: لا أنا ما زعلت منك...أنا زعلانة منه هو..شوفي
جالس هناك يتعشى ولا كأنه سوى شيء
أمي: حرام عليك..والله أنه كان ضايق صدره أنك زعلان عليه
وهو اللي قال خوذي شيء لسديم..
هززت رأسي بعدم اقتناع
عندها سألتني أمي أن كنت أريد العشاء فرفضت..وخرجت
اخذت النقود..ووضعتها بمحفظة النقود..وأنا انوي أن اشتري بها شيئاً
لأمي...
أخذت الجوال من حقيبتي...ثم أخذت أعبث به..وأنا اتمدد على السرير
حتى تكرم أيمن بالمجيء
أيمن: ليه ما جيتي تتعشين
نظرت له بطرف عيني ولم أرد..
أيمن بعد أن اخذ نفساً عميقاً: وبعدين...بنطول على هالحال
خلاص..لا تدققين على كل شيء على الأقل عشان أمك
نظرت له وأنا اضغط على شفتاي بضيق...ولم أتكلم
أيمن : طيب وش يرضيك
همست: ما ابي شيء جزاك الله خير.......تعودت خلاص على التجاهل
أيمن: احلف لك بالمصحف أننا يوم نقوم كنا قايمين عشان ندورك
وبعدين وش تتوقعين..رايح أوسع صدر أمك ..واسفهك أنتي..وش هالتفكير
سديم:هــه والله صار وش تفسيره أجل
ش لون تدوروني وأنا بالكرسي اللي قدامكم
أيمن:والله ما شفناكم...وش بك ما تفهمين..سديم تراي موسع صدري عليك كل هاليوم..كله عشاننا بسفر وما أبي انكد عليك..وإلا حركتك يوم تلقيني ظهرك..تراي ما نيب أعديها بسهولة..والله لو أم تركي اللي مسويتها كان
جاها شين ما يخطر ببالك...بس رحمتك..ومشيتها لك...قمتي معصبة
ولا حتى قلتي لي وين رايحة...وأسكت...قلت خلها صغيرة وما تقدر تتحمل اللي يجيها مني مثل أم تركي...
سديم: الحين الغلط صار علي...أيمن امي كانت تسولف معك بكل شيء
وعادي...يوم تكلمت أنا قبيت بي...
أيمن: بعد سؤالك عن أختي ماله داعي
سديم: سؤالي لو أنك منتبه..كان واضح أني مستنكرة...بس أنت مجرد ما تسمع صوتي..تتضايق...والله لو أن أمي سئلت هالسؤال كان عادي عندك
انزل عينيه بضيق: خلاص دامك عارفة هالعله اللي بي..
ليه ما تمشينها...تدرين أن اللي أسويه غصب علي..مع أن سؤالك كان ماله داعي...
البقية بعد قليل
|