كاتب الموضوع :
بسمه جراح
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
.
.
خرجت من المستوصف..
واتجهت لمنزل أبي..
وقفت السيارة عند باب منزل والدي..
خرج ناصر..وأخذ مني حقيبة يدي..وكيس الدواء
وذهب ليرن الجرس..إلا أنه وجد الباب مفتوحاً
ناصر: أمسك إيدك...وإلا تقدرين تمشين
قلت بضيق: لا أقدر...
ثم مددت يدي ليعطيني حقيبتي والدواء..
ناصر: زين يا الله مع السلامة..
ما تشوفين شر..
همست وأنا أدخل: جزاك الله خير..
سرت بخطوات ثقيلة..أستقبلتني الخادمة..
وأخذت مني الدواء..والحقيبة..وكذلك عباءتي..
شعرت بدوار بسيط..فذهبت ورميت بجسدي على أقرب أريكة
ثواني فخرجت أمل.. وبيدها صينية..
عليها..طبق مقعر للشوربة..يتطاير منه الدخان
وصحن صغير فيه فطائر..
وكوب من الماء..
سديم: جزاك الله خير...ما قصرتي..
أمل: سلامات.. ما تشوفين شر..
يا الله كولي..
سديم: لا ما أشتهي..
أمل: يا الله عشان تاكلين دواك..
إلا وش قالت لك الدكتورة
أخبرتها بما حدث..
فقالت: يعني اللي جاك بسبته...طيب هو سمع يوم قالت لك الدكتورة
كذا..
سديم: الحمد لله شبعت..
آآ ما أدري...أتوقع سمع...بس هي يوم قالت لي كانت ساحبة الستارة..
أمل: طيب أرتاحي نامي لك شوي..
مددت قدمي على الأريكة الطويلة التي أجلس عليها..
أغمضت عيناي..واستسلمت للنوم بسرعة..
عاد أبي من العمل..وعلم بمرضي..ولكن لم نخبره بالسبب..
وأما خالد فقد أخبرناه ... بأن ما حدث لي نتيجة لضغوط التي أتعرض
لها... كان واجماً...هادئاً.. وكأنه يصارع أعصار هائلاً بداخله..
عند المغرب..حادثت أمل..خالتي أم ناصر..وأخبرتها
بمرضي...تأثرت كثيراً حين علمت أن ما حدث لي بسبب أبنها..
وعاتبته كثيراً..على حد قولها..
وشعرت..بذلك..حينما سمعت صوته بالهاتف..
كان رقيقاً معي..وفي صوته نبرة توحي بتأنيب الضمير..
طلبت منه أن يتركني أن أنام هذا اليوم عن أبي..
حقاً كنت مشوشة..فيبدوا أنه قد حان الوقت لأتخاذ القرار
ولم يعد الوضع يتحمل التأجيل...
بدأت أكره ناصر..ولا أحب النظر لوجهه أو حتى سماع صوته
وكل ترددي الحالي..هو من أجل أبي...وأمي..
.
.
.
في ظلمة الليل...وعند الساعة 12 ..كنت أصلي في غرفة فيصل
فليس لي غرفة هنا أختلي بها...بعد أن أحتلت أمل غرفتي..
وجعلتها غرفة ألعاب..لفيصل!!
سمعت طرقاً على الباب ...توقعتها أمل..
ولكنه كان خالد...دخل وجلس بالقرب مني..كنت حينها..أجلس
على الأرض وما زالت أرتدي لباس الصلاة "الجلال"
خالد بابتسامة: وش أخبارك
قلت بهدوء: الحمد لله
خالد: سديم وأنا أخوك..
أهم شيء صحتك..لا تفكرين أبد أن ما وراك أهل
متى ما بغيتي تنفصلين..ترانا وراك..وإذا كان هو ما يبيك
ترى حنا نبيك..
أخفضت رأسي..ولم أتكلم..
خالد: أنا ما أحثـك على الطلاق...لكن أنتي أعرف الناس بحالك
إذا شفتي أنه ما فيه أمل معه..لا تضغطين على نفسك..
خصوصاً....
صمت قليلاً وكأنه لا يريد قولها..
ولكنه أكمل: خصوصاً أنك عارفة أنك ما نقصك شيء..
ومثلك مثل أي بنت ما تزوجت..
شعرت بخجل..تلاشى مع كومة الأحزان التي تسيطر
على الأجواء من حولنا..
خالد: تراي علمت أبوي.. لأنه كان حاس أن الوضع موب طبيعي
وهو بنفسه قال لي أن الرجال موب رجال لين ذاك الزود
يعني يقول يوم كلمته يجي يتغدى بكرى لأنك عندنا..
أعتذر وأرتبك...أبوي يقول..أني استحيت وأنا أكلمه من كثر ما هو مستحي
كأني قاعد أكلم طفل..
سديم: يعني أبوي حس أن ناصر موب طبيعي
خالد: إيه...واضح...يقول أني وأنا أكلمه ما أحس أني أكلم رجال..
ويا سديم...شكل الرجال موب طبيعي..
لا جاء عندنا..يقعد مرتبك...ما يتكلم إلا إذا أحد سأله سؤال..
وما يمكن هو يبادر بالكلام..
سديم: طيب ليه أنتم ما حسيتوا أنه كذا يوم جاء يخطبني
خالد: سديم... بذاك الوقت معذور لو أرتبك أو أستحى
لكن الحين معليش أحس وضعه موب طبيعي..
سديم: إيه...حتى ندى قالت لي أن ناصر متعود يعيش حياته
لحاله وموب أجتماعي..واليوم شفت بكيس بالبيت مجموعة كتب وكان
من ضمنها كتاب عن تعزيز الثقة بالنفس..وشيء زي كذا..
خالد: سديم أنا أقول أن الواحد ما يدري الخيرة وين..
أنتي استخيري ربك إن كان فيه خير..يعدل حالكم..وإن كان فيه شر لك
يفرق بينكم...ولا تنسين..(وإن يتفرقا يغني الله كل من سعته)
سديم: أبوي ..وش بيسوي
خالد: بكرى بيجي يتغدى ناصر معنى..وبعد العصر تروحين معه عادي
وبعد بكرة أبوي بيتصل عليه العشاء عشان يجي ويكلمه بالموضوع
وإذا شاف أنه مرة موب مستعد يتعاون معنا...فالحمد لله لك بيت يعزك
قلت بهدوء: خلاص بستخير...وأشوف
خرج خالد..وأغلق الباب من خلفه...صليت واستخرت..
وسألت الله أن يدلني لصواب ويرضيني بعد ذلك...
وبعد أن انتهيت..سحبت قدمي ببطء واستلقيت على سرير فيصل
عندها..دخل فيصل..وهو يقفز فرحاً..
وقال ببرائة: سديم أنتي بتنامين ببيتنا صح
آلمتني كلمة بيتنا.. هل هو بيتهم فقط..أم أنني سأعود ليكون بيتي معهم
سديم: إيه...بنام عندكم
فيصل: وين ناصر
سديم: ببيتهم..أنا تعابنه بنام عندكم
جاء وقفز بالقرب مني..
وقال بابتسامة: بتنامين بغرفتي؟!
سديم: إيه..عشان أنا ما عندي غرفة...
تنام معي؟
فيصل بفرح: وتقصين لي قصة؟
سديم: هههه إيه وأقص لك قصة...بس ترى بقص لك قصة وحدة بس..
فيصل: أبوي يقص لي ثنتين..
بنام عنده
سديم: أممم خلاص أقص لك ثنتين
قال وهو ينزل من السرير..ويجري خارجاً...: خلاص ...أنا...
بألبس البدامة وأدي << البجامة..وأجي
أسندت ظهري على السرير..وسرحت بفكري..
إنها أيام معدودة...أو ساعات معدودة..وقد أعود هنا لهذا المنزل
ولكن بلقب " مطـــلقة"
قطع تفكيري..دخول فيصل...قفز عندي وسحب الغطاء..
وقال بسرعة: يا الله قصي
سديم: هههههه يا الله....
أممم....أممم.
فيصل: أف يا الله
سديم: طيب... كان يا مكان في قديم الزمان..
.......
......
بعد ربع ساعة..خلد فيصل للنوم..
نظرت لوجهه البريء..فقبلته..برفق..وأحكمت غطائه
الذي كان مليء بالرسومات..سيارات...طائرات..وسفن
قرأت أوراد النوم..
وأخذت أفكر....وأفكر...حتى أنتزعني النوم
من غمرة أفكاري
.
.
.
.
جاء ناصر بالغد..وتناول الغداء عندنا
وبعدها عدت للمنزل..ولكن في طريقنا للعودة
قلت له: ناصر..ممكن أطلب طلب
ناصر: سمي
سديم: آآ بصراحة ما لي خلق بيتنا..ليه ما نروح عند أمك
لين تتحسن نفسياتنا
ناصر: خلاص بكيفك..
كانت أم ناصر هي من طلبت مني ذلك..
حينما حادثتني لتسلم علي وتطمأن على صحتي..
حقيقة.. تعجبت من موافقة ناصر السريعة
خصوصاً..أنني قد طلبت منه سابقاً أن نسكن مع أمه ..
ولكنه رفض..
.
.
.
دخلت منزل خالتي أم ناصر..فاستقبلتني ندى بابتسامة أخوية
مميزة..ودلتني على الغرفة التي سأنام بها ..
لم يكن معي..سوى القليل من الملابس..علقتها..
ثم سرحت شعري..ونزلت معهم لشرب القهوة..
كانت ندى سعيدة جداً ببقائي عندهم...
مر الوقت وها نحن نجتمع لتناول العشاء..
خالتي أم ناصر: سديم أكلتي دواك..
أبتسمت بمحبة وخجل: إيه ..الله يجزاك خير..
لا أعرف لم شعرت بأن بسؤالها مغزى..خصوصاً مع تلك النظرات
المؤنبة التي أرسلتها لناصر..
رأيته يخفض رأسه بألم وإحراج..
تناولت القليل من الطعام...ونهضت..
خالتي أم ناصر: وين يا بنيتي ما أكلتي شيء
سديم: لا بس الحمد لله شبعت..
ناصر: ما أكلتي..تعالي كملي أكلك..
سديم: لا بس الحمد لله...
جلست قليلاً مع ندى..
كم أشعر بانشراح حينما أجلس معها....
سديم: ناصر ما له أصدقاء..
ندى: لا...ناصر يحب يقضي الوقت لحاله..
تصدقين أنه أحياناً...يحب يتابع المسلسل أو الفلم لحاله أما بغرفته أو الملحق.. والمشكلة
أننا نكون مثلاً فاتحين على نفس المسلسل أو الفلم
بس يقول لا أنا أحب أقعد لحالي...
سديم: غريبة ليه يعني يقعد بالملحق دام أنه أصلاً ما عنده أصدقاء..
ندى بشيء من الحزن: هو من بعد ما أبوي توفى وهو يحب يجلس
لحاله...
بعد ما شفتي شيء السنين الأولى من وفاة أبوي كان يقعد بالملحق طول وقته ما نشوفه
إلا إذا جاء ياكل أو ينام..حتى ما يتقهوى معنا..
سديم: شكله تأثر بالمرة..
ندى: إيه لأنه كان قريب بالمرة لأبوي..
أما عمار يوم يتوفى أبوي ما كان كبير بالمرة...
.
.
.
لا أعرف لم أصبحت أسأل كثيراً عن ناصر..
ربما لأنني أريد أن أتأكد...مما شككت به...وهو أنه مصاب بمرض
نفسي...سواء توحد..أو عدم ثقة بالنفس..وأحياناً أشك أنه مصاب برهاب
اجتماعي...
صعدت لغرفتي في الحادية عشر والنصف..بدلت ملابسي..
واستلقيت على السرير.. دخل بعدها ناصر..
كان خجلاً جداً من نفسه..ودوما ما ينظر لي..
يبدو أنه يعاني من تأنيب الضمير!!
مرت تلك الليلة بسلام..وفي الغد...
أخبرتني خالتي بأنها عاتبت ناصر بسبب ما أصابني..
وأنه قد تأثر كثيراً...
سديم: بس يا خالة هو ما له ذنب...
الله اللي يدخل الحب بقلب الواحد..
خالتي أم ناصر: والله يا بنيتي لو أنك ما تنحبين كان ما حبيناك أنا وندى
حتى عمار يمدحك وهو ما يعرف عنك شيء...بس هالولد..كنه بزر...
.......
حينما جاء المغرب...قربت ساعة الصفر...
ترى ما الذي سيحدث...
طوال هذا اليوم..كنت أتهرب من الجلوس مع ناصر بمكان واحد...
في العصر حادثتني خلود لتطمأن علي...وأجبتها بأنه لا هناك جديد..
والآن أنا أجلس مع ندى بغرفتها ...كانت تتكلم عن حياتها..وعن الأيام
المُرة التي قد مرة بها..
كنت أتحدث معها وأنا أضغط على نفسي..
ندى تتحدث معي وكأنها وجدت ضالتها...
وكأنها كانت تعاني مما أعاني منه...وهو عدم وجود أخوات..
وأنا ...كنت أشفق عليها...هي لا تعلم بأنه قد ينتهي كل شيء بينينا
بظرف ساعات قلائل..
سمعت أذان العشاء..فازدات تقلصات معدتي...
ونبضات قلبي...ترى ما الذي سيحدث بعد قليل..
وعلى ماذا سترسوا الأحوال..
صليت بغرفة ندى..
وحينما سجدت..دعوت الله بسجودي..
أن يرزقني الثبات والرضا..
وأن يريح قلبي بما أختاره لي...سواء كان فراق..
أو بقـــاء..
لا يمكنني أن أصف لكم شعوري بالضبط..
حينما سلمت من الصلاة..
سرت طمأنينة كبيرة لقلبي..
وشعور بالقوة..
نهضت وكأن أحدهم أخبرني..
بأن الفراق قد حان..
تقدمت لمكتب ندى..بينما كانت تدون بعض المحاضرات التي قد فاتتها..
سديم: ندى...آآ أبي أحد دفاترك...بس يكون دفتر محد يشوفه غيرك..
ندى بمرح: كل دفاتري محد يشوفها..
ولكن زال المرح عنها بثواني
فاردفت قائلة: بس..............ليه تبينه
قلت بابتسامة: بس بكتب لك شيء..
ندى باستياء: يا شينك يا سديم...لا تتشائمين..
ثم أكملت بعبرة: إن شاء الله ما راح نفترق..
سديم: إذا ما افرقنا..فالحمد لله..أقطعي الورقة..وأنسيها..
وإذا افترقنا................
.............تذكريني باللي بكتبه لكِ...
لم ترد علي بل سحبت دفتر من أحد الرفوف التي أمامها
ومدته لي دون أن تلتفت..
أخذته ثم عدت لسرير ندى..ربعت قدماي..
ووضعت الدفتر بحضني..
وأخذت أخط... كلمات....قد تكون ذكرى
حينما..تحول بيننا الأقدار..
.." بــ بسم الله الرحمن الرحيم...
أفتتح أحرفي الثكلى...
وبــ جزاك...الله عن كل خير..
يفتتح فؤادي حديثه...
في ابتسامتك..الرقيقة...وجدت أخوة بحثت عنها منذ أعوام مضت
وبحبك..ومرحك...كنت أغسل أكوام من أحزاني الثقيلة..
مرت أيام قضيتها معك...كغمضة عين..
ولكنك نقشت بقلبي حبك..للأبـــــــــد..
لن أطيل..ولكني أريد..أن أذكرك..
بالقرب من الله...والصبر..
والبر بوالدتك...
ورغم أني أقل منك سناً..إلا أنني أحب أن أقول لكِ
كوني قويــــة...ولا تجعلي فتن الدنيا..تجرفك لتيار..لا يمكنك
الخروج منه...
حبيبتي..ندى..
سامحيني إن كنت قد أخطأت عليك بيوم..
ولا تنسي أختاً مرت عليك..بسنة من السنوات..
ولكن أقدار الله ومشيئته..أقتضت..
أن تفترقا..
وبرغم من هذا تأكدي..
بأن حبي لكِ...لن يخفت...ولن تنطفئ
شعلة الضياء التي أشعلتها بقلبي..
أذكريني...بصلاتك..
وأذكريني..حينما تقفي أمام أطهر بقعة..
أذكريني حين طوافك...
لا تنسيني من دعوة صالحة..
كما أني لن أنساك من صالح دعاي..
تأكدي....ثم تأكدي....ثم تأكدي
أنني أحببتك من أعماق قلبي..
ولكن ليس بيدي..أن نبقى معاً...
فهذه مشيئة الله وحكمته..
اعذريني..لركاكة أسلوبي..
فلم يعد هناك الوقت الكافي..
لأنمق لكِ أحرفي..
ولكني أتمنى..أن تكون تلك الأحرف.. البسيطة... والمتواضعة
قد حملت لكِ ولو جزءً بسيـــــطاً..من ما يحمله
القلب تجاهك...
تذكريني..دومـــاً
أختك...
S
....."
أغلقت الدفتر...بيدان مترددتان..
ووضعته على طرف مكتبها..
بينما كانت هي تلتزم الصمت...ولا يقطع صمتها..سوى شهقات
بسيطة تنطلق ما بين لحظة وأخــرى..
خرجت.. بصمت..دخلت الغرفة التي نمت فيها بالأمس..
وجدت اتصالا من خالتي الجوهرة..
فاتصلت بها...
سديم: هلا خالة
خالتي الجوهرة: هلا سديم وش أخبارك
سديم: الحمد لله
خالتي: هاه ما فيه جديد..؟
سديم: لا من بعد ما كلمه خالد قبل كم يوم ..ما صار شيء
خالتي: وما زال مصر أنه ما يتعاون معكم بأي حل..
سديم: لا..بصراحة أنا خلاص..بديت أقتنع بالمرة أنه فعلاً ما فيه حل
قاطعتني خالتي: أنا كنت متصلة بقول لك كذا..
الحمد لله أنتي صغيرة وما ناقصك شيء..
وصدقيني بيخلف عليك ربي باللي أبرك منه بألف مرة
قلت بهمس: إن شاء الله
خالتي: وأبوك للحين ما علمتوه..
سديم: إلا خالد علمه...والحين ناصر عند أبوي
إذا كان فيه حل وإلا خلاص برجع لأبوي..
خالتي: زين أنكم خليتوا أبوك اللي يتفاهم معه..
ولا تضيقين صدرك...صدقيني موب صاير إلا اللي كاتبه ربي
ودام أن جاء الرفض من عنده فالحمد لله.. خصوصاً..أنه
مثل ما قلتي..انطوائي..وخجول..وما يحافظ على الصلاة بالمسجد..
مع أني يا بنيتي ودي أعرف دام خالد سائلن عنه وشلون ما عرفتوا
أنه كذا..
سديم: ما أدري محد قال لنا أنه انطوائي..صح كلن قال أنه
هادي..بس حنا ما فهمنا هدوئه أنه لهذي الدرجة..
أما الصلاة فأنا صدق مستغربة..
خالتي: إيه عاد اللي كاتبه ربي لازم يصير..حتى لو سألنا وكلن مدحه
طيب هو ما رجع للحين؟
سديم: لا غريبة الحين لهم ساعة ونص طالعين من الصلاة غــ..
رأيت ناصر قد دخل للغرفة..
فقلت لخالتي: زين يا الله مع السلامة..
خالتي: مع السلامة..
رأيته يعلق غترته..ثم خرج..
خرجت بعده وذهبت لندى..
ولكن فور أن جلست بطرف السرير
حتى رأيت خالتي أم ناصر تقف على الباب..
والهم والوجوم على وجهها: سديم...مرة أبوك..أمل
تحت بالمجلس..
سديم:آآ بالمجلس...خير وش فيه
قالت بهم..وعبرة: ما أدري أنزلي وشوفي
نزلت درجات السلم..بسرعة
اتجهت للمجلس وهناك..رأيت أمل كان وجهها محمر والدموع تتقاطر
من عينيها دون توقف..
أمل ببكاء: هلا سديم..أبوك يقول تعالي معنا..ما له لزمة تقعدين هنا
وخالد برى يحترينا
بقيت أنظر لها لفترة دون أن أتكلم..
كنت أحاول استيعاب الأمــر رغم أني كنت متوقعة حدوثة
بل كنت متأكدة...ولكن لحظة الأبتلاء
تخلتلف عن انتظارها..
سديم: طيب..شوي وأجي
صعدت درجات السلم..برفق...وببطء
كنت أسير وكأني بحلم...بل...وكأني " روبرت" مسير<< رجل آلي..
فتحت الغرفة..
أخذت أغرضي..لبست عباءتي بأطراف مرتعشة
ألقيت نظرة على طرف الغترة التي كانت معلقة
ولكن سبحان من جعل بقلبي قوة آنذاك
لم تحرك بقلبي أي مشاعر..
أتجهت لغرفة ندى..
وجدتها على حالها..
فهمست: ندى
نظرت لي بصمت ويبدوا أنها بمجرد نظرها علمت بما قد حصل
سألت رغم أنها تعرف الجواب: خلاص
ابتسمت بحب: إيه خلاص..
مع السلامة
ثم مددت يدي لها لأحتضنها
أقتربت بهدوء..وارتمت بحضني..
بكت عندها بشدة....وهي تشد يديها علي..
قلت وقطرات الدموع تنساب من عيني: خلاص ندى..
هذا اللي ربي كاتبه علينا...صدقيني ما راح أنساك
سحبت نفسي منها ببطء..
ثم قلت وأنا القي لها ظهري: مع السلامة..
نزلت ..فوجدت أمل على حالها تبكي..
سديم: خلاص...وش فيكم ...هذا قدر ربي
قالت أمل بصوت مختنق: ما كنت متوقعة أن بيصير لك
كذا بسبتي..
سديم: هذا اللي ربي كاتبة علي..
ركبت..السيارة..وجدت هناك خالد..
كان ممسكاً بطرف المقود..ومخفض الرأس..
ويبدوا مهموهاً..
أمل: يا الله خالد..
خالد: ما نسيتي شيء عندهم
همست: لا
عم بعدها صمت حارق..لا يقطع ذاك السكون سوى بكاء أمل
الذي لم يتوقف..
بينما كنت أنا واجمة...تهبط من عيني الدموع بصمت
وكأني لا أشعر بها..
بعد مدة...
قال خالد: أنتم ناس مؤمنين..تعرفون أن الله ما خلق هالدنيا للراحة
والمؤمن مبتلى..
والحمد لله أنا متأكد يا سديم أن ربي بيخلف عليك بخير منه
وتأكدي تراك أحسن منه بألف مرة....وهو اللي خسران
موب أنتي..
أكملت أمل لتواسيني: حتى يا سديم..والله أن أمه قبل شوي
يوم قلت لها حنا جايين ناخذ بنتنا قالت..تأكدوا أن ولدنا هو الخسران
موب أنتم..وحنا موب لا قين أحسن منكم..بس هذا اللي ربي كاتبه..
يعني شوفي يا سديم..
قاطعتها بتوتر: وش فيكم... خلاص
أنا ما شكيت..الحمد لله أنا استخرت..من قبل لا أتزوج..
واستخرت الحين...وعارفة أن الخيرة باللي ربي كتبه لي أين صار
أنا ما خسرت شيء..بالعكس احمد ربي اللي فرقنا
لأني ما أبي عيالي يصير هذا أبوهم....
ناصر موب قدوة
غطت عندها أمل ببكاء عميق..مخيف
بينما قال خالد: ما شاء الله... تبارك الله
الحين بس تأكدت مليون بالمية أن ناصر..ما يستاهلك
وأنك تستاهلين اللي أبرك منه..
وربي موب مخيب ضننا فيه..
همست: الحمد لله على كل حال..
.
.
.
.
هل تسأل عن مر
الألقاب..
عن أسمي..
ولقبي..مر
هو...وعذاب..
باتت..هذا اليوم
أحلامي..
لسراب
.
.
هل تسأل..
عن حرقة قلبي
لوعة..هم..غم
إيمان.. جرح...و فرح
هي مفردات..قد
تعني جزء من
من آهات يتجرعها
قلبي..
...هل..
تتفهم...هل تعي
حيرة شعوري
عجيب..
أن أقف...صامدة
وبركان ثائر
يزمجر في جوفي
نيران ..تنصهر
وتتدفق..في أنحاء جسدي
ولكن قوة..
ثبات...تلتف من حولي
وكأنها...رذاذ
ميــــاه..
يصارع..
تلك البراكين
الهائلة
.
.
.
دخلت اليوم منزل ابي..
ولكن لأعود عضوة فيه...
دخلت فوجدت..أبي هناك..سلمت عليه
فقال: هلا ببنيتي...ونور بيتنا..تعالي أجلسي جنبي
جلست بعيداً
وقلت بثبات: لا بجلس هنا..أنتوا وسعوا صدوركم ما صار شيء
أبي: طيب تعالي جنبي بقول لك شيء
سديم: موب لازم...لا تكبرون الموضوع
كنت في هذه الأثناء ثابته..حتى قطرات دمعي قد جفت...
أمل ببكاء مر: روحي أجلسي عن أبوك..
يمكن بيقول لك شيء..
أبي وهو يؤشر للمكان بجانبة: تعالي هنا
نهضت بتثاقل..لا أريد أن يحتضنني أحد..لا أريد أن أبكي
لندع اللحظة تمر بسلام..
ولكن لم يفهم أحدهم شعوري..
جلست بالقرب منه...مد يده الدافئة ...الحنونة من حولي
وهمس: وسعي صدرك يا بنيتي..الحمد لله..أنتي ما ناقصك شيء
وربي بيبدلك خير منه..
قلت بضيق: الحمد لله
أبي: رددي معي..
لا حول ولا قوة إلا بالله
همست بصوت لا يسمع:لا حول ولا قوة إلا بالله
أبي وهو يضغط علي بيده: قولي
سديم: قلت
أبي: لا قولي بصوت عالي خليني أسمع..
سديم: لا حول ولا قوة إلا بالله
أبي: إنا لله وإنا إليه راجعون
اللهم..أجرني في مصيبتي..وأخلف علي خيراً منها
سديم: إنا لله وإنا إليه راجعون
اللهم أجرني في مصيبتي..وأخلف علي خيراً منها..
أبي: اللهم إليك أشكوا بثي وحزني..وضعفي وقلة حيلتي
وهواني على الناس..أنت ربي..إلى من تكلني..إلى عدوٍ ملكته أمري
أم إلى قريب يستهزئ بي..
إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي..ولكن عافيتك هي أوسع لي
أهتز قلبي لسماع هذا الدعاء
فاغرورقت عيناي بالدموع..لكني زجرتها
ورددت: اللهم إليك أشكوا بثي وحزني..وضعفي وقلة حيلتي
وهواني على الناس..أنت ربي..إلى من تكلني..إلى عدوٍ ملكته أمري
أم إلى قريب يستهزئ بي..
إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي..ولكن عافيتك هي أوسع لي
أبي: أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له الظلمات ..
وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحل بي سخطك وعقوبتك..
لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك..
سديم: أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له الظلمات ..
وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحل بي سخطك وعقوبتك..
لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك..
انحنى أبي عندها وقبلني
ثم قال: بنتي والله ...
تأكدي أن ربي بيخلف عليك بخير منه
وبتذكرين كلامي..
أمل: والله ...وما أتعلى على الله بكلامي..
أن ربي بيخلف عليك بخير منه..
وموب مضيع أجرك وصبرك..
كنت أنتشي بكلماتهم تلك..
وكأنها كانت تأكد هاجس كان بقلبي منذ أيام
بأن ما حصل لي الآن سيكون مجرد ذكرى عابرة..
وأن الله سيخلف علي...بمن سينسيني كل ما حدث...
.
.
.
خرجت بعدها للحديقة..وكأن الهواء قد حجب في الداخل..
بل بالفعل الجو في الداخل خانق..
بسبب بكاء أمل..الذي لم يتوقف...
وهناك...فور أن وضعت قدمي على درجات المدخل
وجدت خالد..لتوه يدخل من باب المنزل..
حبيبي أخي..يبدوا أنه قد خرج بسيارته..ليهرب من هذا الجو الخانق
وليستعد للوقوف بجانبي..
رفع بصره لي...فالتقت عيني بعينيه..
ابتسمت مجبرة...كي لا أثقل عليه..
وبادلني هو بابتسامة حانية..
أقترب مني..كنت أريد أن أصرخ به...أبتعد..
ولكن لجمت حينما رأيته يلف يديه حولي بحنان..
سديم: خالد ما صار شيء..لا تضيق صدرك..
خالد: سديم...كلنا ندري أن الموقف صعب عليك أكثر من ما هو صعب
علينا...طلعي اللي بقلبك ولا تكتمين......
أنا....وأنا رجال ذرفت دموعي...عارف أن الوضع صعب..والله عارف
بس أنتي قوية..
عندها وضعت رأسي على كتفه..وشددت قبضتي حوله
وبكيت بلــــــــــوعة....وحـــــرقـــــة..وألـــــــــم
كان خالد عندها يمسح على ظهري برفق..
ويذكرني بالله..والصبر والاحتساب..
عندها شعرت بأنني..أكبر الموضوع
فضغطت على قلبي..وسحبت يدي لأمسح دموعي..
وحاولت الابتعاد عنه..
خالد: فرغي اللي بقلبك حبيبتي لا تكتمين..
قلت بضيق وأنا أبتعد عنه: خلاص..أنتم وش فيكم..
أنا ما بي شيء..
وأكملت بعبرة: بس أنتم لا تضيقون صدوركم
ما فيه شيء يستاهل....هو ما يناسبني..
وربي أبعده عني..
خالد: أدري...والله أدري
ثم أخد نفساً عميقاً
وقال: الله يوفقك..ويخلف عليك..
مد يده..وسحبني..سرت معه
وجلسنا معاً بالحديقة..أخذ يحدثني..عن الرسول( عليه الصلاة والسلام)
وعن الابتلاءات التي تعرض لها..وكذلك عن الابتلاءات التي تعرض
لها الصحابة..والتابعين..
كنت أستمع له..وأكرر بداخلي..هذا ما حدث لهم وهم خير مني
فلما أجزع وأنا لم أبلغ ما بلغوه من طاعة..وخوف وعبادة لله..
.
.
.
يـتـبـع
|