كاتب الموضوع :
بسمه جراح
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
(20)
(ترى على أي طريق سيسير
مركبي الصغير
وعلى أي ساحل سيكون
مرســـــــاه)
جذبني جو المطار... والحركة فيه..فأصبحت أقلب بصري هنا وهناك..
علي أن أسلي نفسي بنفسي طالما أن الشخص الذي يسير بجانبي
يحيطه جدار من الصمت..
خرجنا من صمتنا..
حينما قال ناصر: سديم خوذي الجوازات حطيها بشنطتك..
وتعالي ناخذ شنطتنا...
سرت خلفه بصمت..ثم توقفنا لننتظر مرور حقيبتنا.. كان بجانبنا
شاب سعودي وبجانبه زوجته..مم يبدو أنهم عرسان مثـلنا
كان الشاب مرحاً وكثير المزاح بينما تضحك زوجته بخفة...
دعوت لهم بالتوفيق بهمس لا يكاد يسمعه غيري..
ثم نظرت لناصر فرأيته سرحاناً ومرتبكاً بعض الشيء
آآه لا أعرف سر هذا الضيق في قلبي..
لم يكن يعجبني شيئاً فيه...حتى طريقة ارتدائه للملابس..
تارة أشفق عليه...وتارة...مم لا أستسيغه..
مرت حقيبة تشابه حقيبتنا ولكنها أكبر حجم منها..
ناصر: هذي شنطتنا صح؟
سديم: هاه مـ مادري شكلها أكبر من شنطتنا
ناصر: لا هاذي هي..
صمت رغم عدم اقتناعي..فذهب ناصر لها..وأخذها بسرعة
وبنفس اللحظة مرت حقيبة أخرى تشابه حقيبتنا..فاحترت أيهما
رغم أني متأكدة أن الحقيبة التي أخذها ناصر أكبر من حقيبتي
أخذ الشاب وزوجته الحقيبة التالية..
ولكنه قال: هاذي ميب شنطتنا صح..كنها أصغر
زوجته: ههههه رجعها شفيك مستعجل شنطتنا أكبر
وبعدين تأكد من الطبعة اللي عليها..
رأيته يرفع الورقة التي على الحقيبة
ثم قال عندها بمرح: والله أنك صادقة هاذي ميب شنطتنا
رأيت ناصر يرفع رأسه بارتباك..
ويقول: آآ هاذي ميب شنطتنا
قلت له: شف اللي مع هاذولا ميب شنطتهم شكل اللي معك لهم
ناصر بارتباك: لو سمحت هاذي شنطتكم
الشاب: إيه هاذي لنا
ما خذ شنطتنا أنت..
زوجته بمرح: رجع لهم شنطتهم...
تبادلوا الحقائب وذهبنا في طريقنا...
قال ناصر بشيء من الخجل: غلطنا بشنطتهم
سديم: إيه كنت شاكه...
ناصر: الله يهديك المفروض تعرفين أيهم شنطتنا
صمت بامتعاض.. يلقي اللوم علي رغم أنه هو من تسرع وأخذها
ما يغضني هو أنه لا يعرف أي كلمة من الكلمات المهذبة
من يرانا لا يعتقد بأنا عرسان..
اتجهنا بعدها للفندق...ونمنا كي نرتاح قليلاً..
كان الصمت هو ديدننا..
غير أنه قال قبل أن ننام بأننا سنرتاح قليلاً ثم سنتمشى بعد أن
نستيقظ
خرجنا بعد أن استيقظنا لنتمشى بأحد أسواق العاصمة "كولالمبور"
كان يتكلم قليلاً..ولكن أمم أشعر بأنه جاف قليلاً معي..
حقاً خفت من ذاك الإحساس.. كنت أتمنى أن يكون حنوناً ورقيقاً في
تعامله..يعوضني عن سنين الحرمان... ويداوي جراحي
الدامية...
استعذت من الشيطان وتذكرت بأننا في بداية حياتنا ولا بـُد
من مواجهة بعض الصعوبات حتى نعتاد وننسجم مع بعضنا..
جلسنا على مائدة الطعام..
ننتظر وصول طلبنا..
ناصر: يمكن بنتعود على مطاعم الوجبات السريعة لأنها أحسن شيء
هنا..أما المطاعم العادية موب زين شغلهم...
سديم: أوكي عادي..
رن هاتفه " الجوال"
فرفعه وهو يبتسم: هاذي أمي..
ناصر: هلا والله...هلا الله يحييكم...وش أخباركم...لا تونا طالعين
من الفندق... إيه...الحمد لله بخير...الحمد الله بخير..يبلغ إن شاء الله
يا الله مع السلامة
وضعه على الطاولة ثم قال وهو يبتسم: تسلم عليك
سديم: الله يسلمها ويجزاها خير...
كنت أريد أن أقول له بأني أريد محادثة أمي..ولكني خجلت
وتوقعت بأنه سيبادر هو ويسألني إن كنت أريد محادثة أهلي..
تناولنا عشائنا...وذهبنا بعدها لنسير ونتمشى قليلاً في الطريق للفندق...
آه كانت تلك الليلة تتميز بالرتابة والملل..رغم أنه كان أكثر أريحية
من حاله عندما كنا في المطار..وأكثر لطفاً
مم تحدث معي قليلاً..كانت أحاديث رسمية..
عن ماليزيا..وعن المدن التي ينوي زيارتها..وعن المنتزهات التي
فيها...
وهكذا مرت الليلة الأولى..
.
.
.
.
في الغد..استيقظنا في الحادية عشرة صباحاً تناولنا الإفطار في
بوفيه المطعم الصباحي..ثم عدنا لغرفتنا..وقضينا الظهر فيها..
وخرجنا في الثالثة عصراً...مم كانت بداية رحلتنا لأبراج كولالمبور
شعرت براحة بهذا اليوم أكثر من سابقه..كان ناصر جيداً بتعامله
ولكن كان كثير الصمت بينما كنت أنا أخجل من المبادرة بالحديث
صعدنا الأبراج.. ونظرنا للمنطقة من فوق قمة الأبراج.. كان هناك شريط
تسجيلي للسياح..بإمكان الشخص أن يحدد اللغة التي يريدها..
ويضع السماعات ويتم شرح الأماكن من حولنا...
مم اخترت اللغة العربية طبعاً ...فأنا لا أجيد الانجليزية للأسف..
خرجنا بعدها وتسوقنا قليلاً... ثم اتجهنا للشلالات..
وبعدها عدنا للفندق.. خرجنا في التاسعة لتناول العشاء
ثم عدنا للفندق..وقالب الثـلج هذا لم يذب..
صمت.......وصمت......ثم صمت
حاولت بعدها أن أحكي.. أنا...ولكنه كان يجيب على أسئلتي
باختصار ورتابة حتى دون أن ينظر لي..
لا أعرف هل هو خجل... أم كبرياء أو غرور..أم ملل..
أم ماذا
حقيقة لم أشعر أني عروس... لم أرى عيناه تلمع بالإعجاب
سوى في اليوم الأول والثاني من زواجي... حينما كنا في الرياض
أتصدقون أنه يركز على التلفاز دون أن يلتفت..
ويجيب على تساؤلي دون أن يلتفت لي..
نمت تلك الليلة...وشعور بالغربة يقطع أنياط قلبي..
لمَ هذا الجفاء...لمَ..
.
.
.
تساؤلات يحيط بها قلبي الصغير
ذاك القلب..المتأمل
يبحث عن قطرة حنان
تروى عطشه..
وعن ابتسامة حب
تلون الدنيا من حوله
يبحث..عن انتماء
يضيء دنياه
ويحقق ذاك الاستقرار
الذي..كان
غاية مناه
ترى على أي
طريق سيسير
مركبي الصغير
وعلى أي
ساحل سيكون
مرســـــــاه
.
.
.
في صباح اليوم التالي..كان جدولنا مشابه للأمس...
غير أننا اتجهنا عصر هذا اليوم لحديقة الطيور..
وفي الطريق ..رن هاتف ناصر..
سلم على الشخص المتصل برسمية تامة ثم أعطاني جهازه..
ناصر: سديم كلمي..هاذي خالتك أمل
أخذت الجهاز ورددت بهمس: ألو...هلا والله..
أمل: السلام عليكم
سديم: وعليكم السلام
أمل: وش أخبار العروس
سديم: الحمد لله بخير..
وش أخباركم أنتم وش لون أبوي
أمل: الحمد لله كلنا بخير..أنتم بشرونا عنكم
سديم: الحمد لله بخير
أمل: مستانسين إن شاء الله
سديم: الحمد لله
أمل: أكيد
رددت بتعجب: إيه الحمد لله..
أمل: تسولفين معه..تمزحين ..وتفرفشين..
صمتت..
فأكملت أمل: خليك جريئة وسولفي معه..ترى الرجال يمل من المرة
الساكته واللي ما تتكلم..خليك مرحه معه
رددت بضيق..لأني لا أريدها أن تتدخل بخصوصياتنا
: إن شاء الله..يكون خير
أمل: لا لازم تفرفشين..ترى الرجال بيتضايق
سديم: طيب
أمل: يا الله مع السلامة وسلمي لي عليه..
سديم: إن شاء الله
أعطيته جهازه وقلت له بأن أمل تسلم عليه
ولكنه أجب برسمية وهمس: الله يسلمها
تساءلت بنفسي حينها كيف تريدني أن أكون جريئة معه..
وهو رسمي..جــــــداً..وصامت..
وأحياناً ينتابني شعور..بأنه متكبر..أو مغرور
وصلنا لحديقة الطيور..مم كانت هناك أشكال غريبة منها
ومميزة..وذات ألوان وأصوات رائعة
اشترينا عصيراً وجلسنا على أحد المقاعد هناك .. حاولت هذه المرة
أن أكون أكثر جرأة علقت على الحديقة والطيور..وتحدثنا قليلاً
لا أدري لمَ أحيناً أشعر بالإشفاق على ناصر..
هل لأنه يتيم...أم لأنه خجول..
نظرت لأظفاره التي كثيراً ما ينتزعها بيديه..حينما يسهو..
أحياناً أشعر بأنه سيصل لمنتصف ظفره من شدة انتزاعه لأظفاره..
خرجت من تفكيري بها..حينما هبط طائر بالقرب مني
فقفزت من مقعدي بسرعة..وضربت بيدي على علبة عصيري
التي كانت على الطاولة..وجريت لأقف بالقرب من ناصر..
ناصر: ههههههههه لا تخافين..ترى الطيور هنا بدون من
قفص..
سديم: يمه وشلون بنتمشى
ناصر: ههههه تراها طيور ما تخوف..
شعرت بخجل شديد..خصوصاً حينما رأيت بعض الأشخاص ينظرون
لنا...ويبتسمون..
ناصر بضيق: معك منديل عشان تمسحين العصير..اللي أنكب
سديم: إيه
مسحت جزءاً من العصير المتناثر على الطاولة بالقرب من ناصر..
حقاً شعرت بالخجل حينما رأيت بقعة صغيرة من العصير على قميص
ناصر..وهو يحاول مسحها..
هههههه حقاً كان شكلي مضحكاً حينما قفزت بخوف..
نهضنا بعدها..وأخذنا نتجول بالحديقة..كنت حينما أسمع صوت أجنحة
الطيور التصق بناصر وهو بدوره يضحك علي..
ولكننا لم نطل بالحديقة لأن ناصر رفض أن نبقى بها بحجة
أنني خائفة ولن استمتع..
مم حينما عدنا للفندق...قررت أن أضع حداً لهذا الصمت المطبق..
وحين دخول ناصر لدورة المياه كي يستحم..
انتهزت الفرصة..بأن غيرت ملابسي..وارتديت بجامة حريرة
ووضعت لمسات خفيفة من البودرة المضغوطة..ومرطب لشفاه
ثم قمت برسم معالم المرح على وجهي..
وأخذت بعدها نفساً عميقاً كي أستعد لتغير هذا الجو الكئيب..
حقاً شعرت حينها بأني مستعدة لمواجهة معركة..
ربما لو كان ناصر من النوع المرح والمرن.. لاستطعت التخلص
من خجلي بسهولة.... ولكن ما يصعب المهمة علي..
جموده...ورسميته..وجديته..
سمعت صوت فتح باب دورة المياه..
فاضطربت نبضات قلبي.. ولكني كنت عازمة على كسر جدار الصمت
أتجه للغرفة ومعالم الجمود على وجهه..
كنت سأصاب بالإحباط.. لا أريد منه شيئاً فقط أريد منه ابتسامة لأتشجع
كنت أجلس على جانب السرير وأهز قدمي بخفة
لا أعرف كيف أبدأ وماذا علي أن أقوله
ولكن جلس ناصر مقابل التلفاز بحيث يكون قد أعطاني ظهره
شعرت بغيــــــض شديد..وددت لو أضربه بالوسادة التي بجانبي..
عندها التفت لي...قلت بنفسي ربما سيدعوني للجلوس بجانبه
ولكنه كان يبحث عن "الريموت كنترول"
التقت نظراتنا فابتسمت له..
ولكنه ابتسم بارتباك..
ثم قال بعدها بشيء من الكبر: آآ وين الريموت
شعرت بضيق..:هذاه
ثم مددته له..
آه لو أستطيع أن اضربه بجهاز التحكم "الريموت" على رأسه
عله أن يفيق من غبائه...ويعاملني كزوجة..وليس كأخت
شعرت بألم ...ليته يعاملني كأخته..ربما لاستمتعت قليلاً
نهضت وجلست بجانبه..
لم يكن هناك شيء رائع يعرض على التلفاز كي يركز عليه بشدة
ولا يمنحني حتى نظرة...
المشكلة أن الفيلم قد عرض بالأمس..
نظرت له كي أتأكد هل هو مستمتع فيه أم أنه يحاول فقط أن يمضي
الوقت بعيد عني..
يبدو أنه تضايق من نظراتي له..
رأيته يرفع الصحيفة التي بجانبه على الطاولة..بضيق..وعبوس
وارتباك...
ضقت ذرعاً عندها...فبدأت أتحرك بضيق..
أريده أن يشعر بأن التي بجانبه ليست جماداً..
أخذت جهاز التحكم من جانبه..وغيرت القناة..لعله يسأل لما
ولكنه بقي مركزاً على الصحيفة..ما يغيضني أنه قرأها ظهر اليوم
لما يعيد قرأتها الآن..
سديم: ما عندهم شيء..كل شيء يعيدونه
ناصر: إيه غالب الأفلام والبرامج تعاد مرتين
سديم: أمس الساعة ثنتين جاء هالفلم..واليوم الظهر عادوه
والحين بعد عادوه..
ناصر وهو مركز بالصحيفة: يمكن ما عندهم غيره..
وحل بعدها الصمت مرة أخرى...
صمت لمدة دقائق..ثم حاولت من جديد
سديم: نـ...ناصر
رفع رأسه ببطئ ونظر لي دون أن يتكلم
سديم: آآ ما مليت من الجريدة اليوم قاريها
شعرت بعدها بأن جسدي يحترق من الخجل..
أجابني ناصر: لا بس قريتها الظهر بسرعة..
يعني بس العناوين..ليه تبينها
قلت بإحراج: لا......بس ملل..
آمم ليه ما...تخليها وتسولف معي..
ناصر بابتسامة: سولفي
سديم: لا أنت سولف معي..
ناصر: أنا ما عندي شيء أقوله...
أنتي سولفي
صمت...ولكني أخذت الموضوع بأريحية ودون تحسس
وقلت بابتسامة خجلة: طيب..مم وش لون أسولف وأنت
مركز بالجريدة..
ناصر: عادي أنا أسمع بأذاني..
أعرف أنك تستمع بأذانك وليس بعينيك..أو انفك
سديم: ما أعرف أتكلم واللي قدامي ما يناظرني..
شعرت أني جريئة جداً...ولكن يبدو أنه يجب علي أن أكون أجرأ منه
ناصر: تبين تسولفين كذا سولفي..ما تبين براحتك..
صمت بعدها...وشعرت بأني خسرت هذه المرة
كانت العبرة تحشرج بحلقي...وعيناي تلتمع بالدموع
نهضت بعدها واستلقيت على السرير..
وهذا الجماد الذي معي..لم يحركه ساكن...
ونمت تلك الليلة بعد أن بللت وسادتي...بقطرات من دموعي
التي يبدو أنها لن تفارقني...
في الغد وهو ثالث يوم لنا في ماليزيا..
ذهبنا لمجمع تجاري لنتمشى..مم كانت تغريني البضائع المعروضة
وأتمنى لو أستطيع أن أراها براحة..ولكن ناصر يسير بسرعة وكأنني
لست معه..فقط يخفف السرعة حينما تكون البضائع تناسب ميوله
لا أعرف هل هو لا يفهم فن الذوق...أم أنه لم يعتد أن يكون مسؤولاً
عن أحد أم أنه يكرهني ولا يعرف المجاملة...
مم اتجهنا بعدها لأحد المنزهات..وقضينا بعض الوقت هناك..
وجل ما يحدث بيننا هو الصمت...ولا شيء غير الصمت
حاولت التحدث معه..ولكنه لا يمنحني فرصة
ويتجاهلني..
وعند حلول المساء..عدنا للمنطقة التي بالقرب من فندقنا ولكننا
ذهبنا لتمشية وتكملة بقية اليوم خارجاً..
أذكر أننا دخلنا في أحد المراكز التجارية..وكان هناك دور سفلي
سألني ناصر أن كنت أريد النزول له ووافقت..
وفي أثناء ذلك...رن "جوال" ناصر
رفعه.. ثم أشر لي بأن أتبعه لأن الأصوات الموجودة هنا لا تجعله
يستطيع التركيز..توقفنا بالقرب من بوابة المركز السفلية..حيث كانت
تطل على مواقف السيارات..
أخذ ناصر يسلم على المتصل بحفاوة وتقدير....
وشيء من الارتباك والخجل..
كنت أسمعه يردد.." أبشر الله يطول بعمرك"..." إن شاء الله"..
"إن شاء الله أبشر يا عم"
ثم التفت لي..وأعطاني جهازه
قائلاً: كلمي هذا أبوك..
اختطفت الجهاز منه..وأخذت أحدث والدي..وأسير بعيداً
عنه وهو يتبعني كظلي...
سديم: هلا والله...هلا يبه
أبي بصوته الدافئ الحنون: هلا ببنيتي..وش لونك وأنا أبوك
سديم: الحمد لله أنا بخير وش لونكم أنتم وش أخباركم
أبي: الحمد لله حنا بخير..أهم شيء أنتي عساك مرتاحه
أجبت بهمس: الحمد لله مرتاحه
أبي: انتبهي لنفسك.. وخليك قريبة من ناصر..
ولا تبعدين عنه...دايم أمسكي ايده..
سديم: هههههه إن شاء الله
أبي: أتكلم جد أمسكي ايده ولا تفلتينها إلا إذا وصلتوا للفندق
قلت بخجل: إن شاء الله..
أبي: يا الله ما أطول عليك .. لا تنسين تقرين أذكارك..كل يوم
سديم: إن شاء الله..سلم لي على خالد..
أبي: يبلغ إن شاء الله
مع السلامة
قلت بهمس: مع السلامة
أعطيت ناصر جهازه بهدوء...أريد أن أبكــي..
أنا أعاني من غربة الروح..
أكثر من غربة المكان..
آآه يا ربي أعني..
دخلنا بعده للسوق وتنزهنا في الطرقات..مم وتناولنا عشائنا بأحد المطاعم السريعة..كانت نفسيتي أريح قليلاً عن ذي قبل
كنت حينما أمر من زحام أمسك بيديه..وحينا يكون المكان خالياً
أتركه...هههههه شعرت به قد تعجب حينما قمت بذلك..
ولكنه أعتاد بعدها..على أن يخفف من سرعته ويمك بيدي حال الزحام..
ولكن ما يؤلمني أنه حال ما يكون المكان خالياً يزيح يده عني
بسرعة..وكأن يدي قذرة
ترى هل هذا خجل أم كره..؟!!
في صباح اليوم الرابع..كنت أريد أن أحادث والدتي..
الغريب أنه يحادث أهله كل يوم ولم يفكر يوماً بأن يسألني
إن كنت أريد ان أحادث أمي..
خرجنا في العصر..وجلسنا في محل للكوفي..
مم أخذ يتحدث قليلاً عن الأسواق هنا وروعه أسعارها..
وقال بأن الدفي دي (DVD)هنا رخيص جداً..
ولكنه أستدرك بسرعة وقال: أنتي تعرفين وش الدفي دي..
نظرت له باستهزاء..وقلت: لا ما أعرف
كنت أمزح معه..ولكنه صدق
فقال يشرح: هو يشبه السي دي بس أكبر سعه
قلت مجاملة: آها
ناصر وكأنه تذكر شيئاً: تعرفين السي دي؟؟
اغتظت منه..هل يضنني جدته: إيه أعرفه
ناصر بابتسامة مشككة: والله تعرفينه..هو شريط تخزين
قاطعته: وش دعوى أكيد أعرفه...ما فيه أحد ما يعرفه..
ناصر وهو يغير الموضوع: أسعارهم هنا أحسن من عندنا بكثير
سديم: لكن الجودة نفسها؟؟
ناصر وكأني أخجلته: آآ..هاذي الدفي ديات أفلام
موب برامج..
صمتت..ولكني سخرت منه بداخلي..كل هذا الكبر والتعالي
وكأنه أخذني من قرية..وفي النهاية تكون مجرد
أفـلام!!؟
كنا نجلس أنا وناصر على طاولة خارجية..مقابل مطعم ماليزي
كنت أرى من خلف زجاج المطعم عائلة ماليزية..
الزوج يضع يديه خلف زوجته التي كانت تتميز بالنعومة..كان يحدثها
ويبتسم تارة ويطل بوجهها..وهي تخفض رأسها باستحياء..
وفجأة ابتعد الزوج عن زوجته وقامت هي بإبعاد الكرسي قليلاً عنه
لأن أطفالهم قد حضروا..مم أعجبني أدبهم
بعكس الأوربيين والأمريكيين الذين وجدتهم هنا..فهم يتميزون بالوقاحة
بنظري..
أعدت نظري لناصر وتشجعت
ثم قلت: ناصر...
ناصر: هلا
سديم: مم أبي أكلم أمي...
تقدر..تخليني.....أكلمها
ناصر: إيه أكيد
أخرج جهازه..وطلب مني رقمها.. ثم أعطاني إياه..لحظات وبدأ طنين الاتصال..وضربات قلبي تنبض بشـــوق..
وأخيراً سمعت أغلى صوت على قلبي..
أمي: ألو...ألو مين
سديم: السلام عليم...هلا يمه
أمي: مين سديم
سديم: إيه يمه أنا سديم....وش لونك يمه...ووش لون أمي منيرة "جدتي"
أمي: الحمد لله حنا بخير...وينك أنتي تأخرتي ما كلمتي..
قلت بحرج: غصب علي يمه
ما قدرت
أمي: أيه معليه يا بنيتي دامك ما قدرتي..
الله يوفقك ..بشريني عنك
سديم: الحمد لله أنا بخير
ناصر: سديم لا تطولين لأن الاتصال دولي..
نظرت له بضيق..ثم هززت رأسي..
سديم: يمه يا الله مع السلامة..
مقدر أطول
أمي: يا الله ...الله يوفقك يا بنيتي
ويسعدك
ويحفظك..
أغلقت الاتصال ومددت الجهاز له..
أخذه مني وأخذ يبرر بأن الاتصال الدولي مكلف
وأنه ليس كالاتصال المحلي..
لم أكن أرد عليه فقط أهز رأسي بضيق..وعدم اقتناع
ترى هل بضع دقائق ستكلف عليه..
حتى الآن لم أشتري أي شيء من هنا..ولم أكلف عليه بشيء
كي أقول بحق أنني أرهقته بالتكاليف ..
رغم أن والدة ناصر أخبرتني بأن أسعارهم رائعة هنا
وقالت لي بأن لا أخجل واشتري أيه شيء أريده من هنا..
ولكن يبدو أن ولدها بعكسها..
لا أصدق أني ما زلت في بداية زواجي
وأنني في شهر عسل!!
مم لم يحدث شيء مميز في الأيام التالية..غير أني انتقلت لمدينة أخرى
عبر الطائرة..كانت طائرتهم عبارة عن 3 مقاعد بجانب بعضهم..
مم جلست أنا بالقرب من الشباك بينما جلس ناصر في المقعد الأوسط
وبعد ثواني جاء رجل آسيوي..لا أعلم إن كان ماليزي أو صيني
فالصينيين كثر في ماليزيا..رأيته ينظر للمقاعد التي نجلس عليها
ثم قال لناصر بالانجليزية بأن هذا مقعدي..
وأشار للمقعد الذي كنت أجلس عليه..طبعاً فهمت هذا من إشاراته..
فأنا لا أجيد الانجليزية..
كان ترتيب المقاعد حسب التذاكر بأن أكون أنا بالمنتصف بحيث
يكون الرجل الآسيوي عن يساري وناصر عن يميني..
كان يتكلم بضيق وشيء من الغضب..أعتذر منه ناصر..
وطلب مني ناصر أن أجلس بمقعده بحيث يجلس هو بمقعدي
ويكون بالمنتصف..
ولكن في النهاية رفض الرجل الآسيوي.. أن أقوم ورضي
بأن يجلس هو على الطرف
غير أنه ما زال بين لحظة وأخرى يخرج تذكرته لناصر ويشرح له بأنه
قد أخطأ وأن المقعد الذي أنا عليه هو له..
هههههه حقاً اشفقت على ناصر...فهو في كل مرة يهز رأسه
ويعتذر...يبدو أنه لن يرتاح من تذمر هذا الرجل حتى نصل..
التفتت على الشباك..بعد أن أقلعت الطائرة...
ورأيت الأرض من تحتنا..كان المنظر رائعاً مختلف تماماً عن منظر
الأرض في المملكة!
كانت زرقة الماء نقية وساطعة..وممتزجة بجمال راقي مع بساط
الأرض الأخضر..
منظر رائع يعجز اللسان عن وصفه..
وتتقاعس الكلمات عن الإلمام به..
ويكفي أن نقول أنه آية من آيات أبداع الخالق...
وصلنا للمدينة التالية ..وذهبنا للفندق..مم كان أقل فخامة من الفندق
الذي كان بالعاصمة "كولالمبور" أخبرني ناصر بأن أكثر سكان
هذه المدينة هم من غير المسلمين..
مم وصلنا هناك عند غروب الشمس.. لذلك صلينا ثم خرجنا لتنزه
ثم تناولنا عشائنا وعدنا للفندق..
استيقظنا صباح الغد في الساعة التاسعة..نزلنا
فسألني ناصر: سديم تبين نفطر..
سديم: بكيفك
رغم أني كنت أتضور جوعاً
ناصر: وشو اللي بكيفي أنتي تبين ولا لأ
لا أعرف إن كان هذا الناصر يعلم أني عروس وبديهي
أن أخجل..من المفروض أن لا يسألني..فالإفطار شيء أساسي
لا يحتاج لسؤال...
سديم: أنا عادي.. إذا تبي أنت أفطرت معك..ما تبي خلاص موب لازم
ناصر: لا أنتي قولي تبين ولا لا
سديم: ما أدري بكيفك..
ناصر: تبين قهوة
سديم: لا ما أشتهي..
حقيقة كنت جائعة..ولكن لم أرد أن أشرب كوب من القهوة..
أهئ أهئ كنت أريد إفطاراً..
ناصر: أجل خلاص أمشي نروح..
خرجنا من الفندق..واتجهنا لأحد المنتزهات..
لأول مرة أرى الماليزيين بكثرة..خصوصاً المحجبات
مم وقفنا هناك ثم دفعنا نقود للقطار الذي يصعد الجبل..
بعد 10 دقائق جاء القطار.. ورأيت الناس يتزاحمون عليه
تعجبت من تدافعهم ولكن أدركت السبب حينما ركبت ولم أجد لي
مقعد..وقفت ومقابلي ناصر..وبدأ القطار بصعود الجبل
مم كان المنظر جميل..أرض خضراء..وطبيعة خلابة
وهذا القطار يصعد الجبل...ليوصلنا لمنتزه فالأعلى..
كان جوعي قد اشتد بسبب طول المسير..ولكن حينما ظل القطار
بالارتفاع شعرت بالدوار
حاولت التصبر....وحاولت..كنت أتنفس بضيق والدنيا تظلم من حولي..
ونهاية جلست حينما لم أستطع التحمل أكثر
نظر لي الناس الذي كانوا يجلسون بالقرب منا..
ثم قال ناصر بحرج: وش فيك تعبتي؟
سديم: لا بس... حسيت بشوي دوخه
ناصر: هاذي اللي تدلع وتقول ما أشتهي فطور..
صمتت ولم أرد عليه..ولكن بعد ثواني سألني
بضيق: ما تقدرين توقفين شوي لين نوصل وترتاحين هناك
كم أغاظني حينما قال ذلك..ترى هل لديه مشاعر..
هل هو إنسان ..ألا يراني تعبه..لما لا يقل:"ما بك حبيبتي"
أو يسمي علي...بدل أن يطلب مني أن أنهض وأتحمل الوقوف
ولكن يبدو أن المرأة التي بجانبي رحمتني أكثر منه..وطلبت من أبنها
الشاب أن ينهض..وأزاحت لي مكاناً كي أجلس..
نظرت لناصر بعدها كان يبدو عليه الضيق..لأني أوقعته بموقف محرج
لا أعرف..ولكن بدأت أشعر بحق أن حياتنا ليست على ما يرام..
وأنه ليس مقتنع بي..
وصلنا للمنتزه أخيراً..وجلسنا على أحد المقاعد هناك
بينما أحضر لي ناصر "مارس وسنكرز" أسد بهم جوعي حتى
نتناول وجبه الغداء..
ناصر: شفتي هذا الدلع وش يسوي..كان أفطرتي
وشو له تقولين ما أبي أفطر..
سديم: ما أدري قلت يمكن أنك ما تبي
ناصر: لا أنا عادي كنت مشتهي الفطور..
وكنت بفطر لو أنك وافقتي..بس أنتي رفضتي..
مم إذاً هو يوقع اللوم علي لأني حرمته من الإفطار
أم ماذا..
تنزهنا قليلاً ثم اتجهنا بعدها "لتلفريك"..مم لا أعرف بماذا تسمونها
أقصد العربة التي تسير على خيط سلكي..وتمر بين الجبال
هل عرفتموها؟؟!!
كنت قد جهزت الكاميرا لتصوير المناظر ونحن ننزل من الجبال...
ولكن فور أن بدأنا بالانحدار..أغمضت عيناي بخوف..
وقبضت يد ناصر بخوف..
ناصر: هههههههه وش فيك خايفة؟
هههههه
سديم: يمه النزله تخوف...أحس كأننا بنطيح
ناصر: ههههه وين تطيحين مثبتينه بحبال قوية
فتحي عيونك المنظر من هنا روعه
فتحت عيناي تدريجياً...ونظرت للمناظر من حولنا...
واااااو منظر يعجز لساني عن وصفه ... مم كنا ننحدر من حول الجبال
الخضراء... والأشجار والأعشاب تتدلى من كل مكان..
وشلالات منسابة.. وحيوانات فالأسفل تجلس بالقرب من الماء..
كانت لحظات أشبه بالخيال...ربما أنه أفضل موقع زرته بالنسبة لي..
ولكن مم من غبائي أضعت تلك اللحظات وها نحن نصل للمحطة التالية...
.
.
.
.
ها أنا أتممت الأسبوع ويومين في ماليزيا..وما زال حالنا على ما هو عليه
ومن رديء لأردئ ...أعتدت النوم وقطرات دموعي تبلل وسادتي..
يبدو أن أحلامي تبخرت..وحملتها سحب الأسى بعيداً عني..
فالرجل الذي يقبع بجانبي لا أجد أفضل من أن أصفه بكومة جماد لا أكثر
لا توجد أيه كلمة قد سجلت أشعر بها أنني زوجة له..
فالصمت هو ديدنه الدائم...حرصت يومياً على الظهور بمرح
حتى أني حاولت أن أحبه...بل كنت أعامله برفق..ولطف واحترام
|