كاتب الموضوع :
بسمه جراح
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
فلنعد لتلك اللحظة.. كنت آنذاك أشعر بالخوف.. وبحكم أني
ليس لي أخوات أكبر مني يوجههني.. ويخبرنني عن أسرار ذاك
العالم الغريب علي.. ولم تكن أمي من النوع الذي يهتم لتلك الأمور
فقد ازداد خوفي.. حادثت خلود مغرب ذاك اليوم..لأبث لها بعضاً
من مشاعري..ولأحكي لها..عن خوفي من أقتراب زواجي..
سديم: تصدقين أحس أني كني بحلم .. مدري
كيف أتصرف.. ولا شلون راح تكون حياتي..
خلود: مم يوه تصدقين أنا أحس أن الخوف أنتقل لي..
سديم: ههههه خلود لا تزيديني خوف..
خلود: طيب تبين العنود تجي عندك اليوم وتكلمك..
أكيد بترتاحين إذا قعدت تكلمك... العنود صار لها كذا يوم
جت تتزوج بس مرة عمي الصغير كانت قريبه لها.. وقعدت
تكلمها وبعدها ارتاحت شوي وخف عليها الخوف..
سديم: بصراحة من زمان ودي أقول لها.. أو أقول لك تقولين لها
بس استحيت..
خلود: بالعكس الأسبوع اللي فات كنا نتكلم عن هالموضوع..
وقلت للعنود ليه ما تروحين عند سديم وتكلمينها.. دام أنك متزوجة
بس قالت لي أنه تخاف أنك أنتي ما تبين..
سديم: وليه أنا ما أبي..
خلود: ما أدري بس هي تقول يمكن أن مرة أبوك ميب مقصرة
ويمكن أنك ما تبين أننا نتدخل..
سديم: ليه حرام عليك.. والله أن مرة أبوي حاولت تسولف معي
بس بصراحة أنا اتهربت.. ما أدري أحس أني ما ارتحت
أنها تكلمني..
خلود: يعني تبين العنود تجيك..
سديم: والله يا ليت..
خلود: بس بصراحة لو أن ناصر مكلمك هالفترة كان خف الخوف عليك
يعني أكيد بترتاحين شوي.. العنود كان بين ملكتها وزواجها حول
الشهرين..وزوجها كان كل يوم يكلمها..
سديم: ما أدري عنه..غريبة أنه حتى ما سأل ولا طلب الرقم
خلود: يمكن أنه مستحي.. وإلا خايف أنكم موب من النوع اللي
يخلون بناتهم يكلمون فترة الملكة..
سديم: يمكن...
المهم بسكر الحين وأنتي دقي على العنود حاولي فيها تجي اليوم
عند أمي.. وإلا إذا كانت ما تقدر خليها تجي العصر بكرى
خلود: خلاص إن شاء الله
يا الله مع السلامة
أغلقت سماعة الهاتف.. وتلقـفتـني عندها جدتي..
بالتوبيخ..
: يا بنيتي ما يصلح تقعدين تسولفين بالتلفون طول الوقت
يا بنيتي عيب..ورجلك بكرى بيقول وش هالمرة اللي تاركة
شغل بيتها وتقعد تسولف بالساعات..
سديم: يمه ما لي إلا ربع ساعة بس..
جدتي: لا لك أكثر من ربع ساعة
ترى عيب اللي تطول بالتلفون..
و وش بيقولون الناس لو دقوا علينا.. بنتهم مشغلة التلفون وتكلم
بالساعات..و..
قلت كي أنسيها: يمه وين أمي راحت
جدتي: ما دري عنها.. يمكنها راحت تصلي المغرب
وبعدين أنتي بدال ما تضعين وقتك بسوالف التلفون ليه
ما تقومين وتصلين الصلاة على وقتها
سديم: أنا صليت يمه
جدتي: متى أن من يوم خلصت من صلاتي وأنا أشوفك
ماسكة هالتلفون..
سديم: والله يمه صليت أول ما أذن وبعدين دقيت على خلود..
جدتي: الله يهديك يا بنيتي ما أدري متى تبدين تصلين الصلاة على
وقتها..تراها من أفضل الأعمال..
سديم: حرام يمه والله ما كد خليت صلاتي لين يطلع
وقتها إلا إذا كان غصب علي نايمة ..
جدتي: إيه ما شاء الله عليك..كل الصلوات على وقتها
إلا العشاء تأخرينها
سديم: يمه أنا ما أخرها لين يطلع وقتها
جدتي: طيب وش وراك ليه ما تصلين أول ما يأذن العشاء
لازم يعني تقعدين لك ساعتين وبعدين تصلين..
نهضت بسرعة فلو جلست أكثر من ذلك..
لجعلت كل عيوب الدنيا بي..وبجيلنا الذي تمقته
ههههههه
أسأل الله أن يحفظها لنا..
حادثت خلود العنود.. وأخبرتني أنها ستأتي بعد العشاء..أو في الساعة
التاسعة..وفعلاً أتت العنود..وطمأنتي..خصوصاً أنها قبل أشهر فقط
كانت تقف بنفس موقفي.. أرتحت كثيراً لحديثها..
وطبعاً لن أنسى لها هذا الموقف الأخوي..
.
.
.
.
.
ومرت الساعات تتلوها الساعات.. وها أنا الآن في الليلة التي تسبق يوم زفافي..
أتت خلود عندي وقضينا هذه اليلة معاً.. وحينما أتت الساعة العاشرة سمعت
رنين جهازي الجوال وجريت له..كنت أتوقعها أمل.. ولكن فوجئت برقم "نـاصر"
رائع أنه تذكرني..
أمسكت بيدي خلود بشدة من شدة الخوف..
وقلت لها: خلود هو ....هو...وش أسوي
خلود: ردي.... ردي
سديم: آآ أرد... ما أدري خايفة وش أقول
خلود: ما أدري... ردي أنتي الحين
رفعتها أخير.. ولم أتكلم..
سمعت صوته ...
وهو يقول: ألو... السلام عليكم
رددت بعد فترة بهمس: هلا وعليكم السلام..
ناصر: وش أخبارك سديم... وش علومك..
سديم: آآ الحـ... الحمد لله
ناصر: رحتي للشقة شفتيها..
سديم: إيه
ناصر: همم أن شاء الله عجبتك...
شعرت أنه يريد التحدث ولم يجد سوى هذا الموضوع ليتكلم به
سديم: إيه حلوة
ناصر: تبين شيء تحتاجين شيء..
سديم: لا ...شكراً
ناصر: ترى عادي.. لا تستحين.. إذا تبين شيء..أروح أجيبه الحين
سديم: لا والله ما قصرت..
ناصر: زين سديم أنا عارف أنك مرتبكة وخايفة..
خصوصاً أنك مقدمة على حياة جديدة.. بس حبيت أتصل فيك
وأطمنك.. ترى كلنا سوى.. حتى أنا والله لي كم يوم ما نمت زين
همست: جزاك الله خير
ناصر: بس عاد هانت... وإن شاء الله بكرى بمثل هالوقت
حنا سوى هنا بالشقة..
حينما قال ذلك..قرصت ذراع خلود من الخجل..
ناصر: أنتي معي سديم
سديم: إيه معك..
صمت بعدها للحظات
ثم قال: زين حـ...حبيبتي تصبحين على خير
سديم: وأنت من أهله..
أغلقت الخط وارتمت بحضن خلود من شدة خجلي..
وخلود لا تملك سوى الضحك..
كم أشعر بالخزي.. حينما أتذكر كم حرمت خلود..من الوقوف بجانبي..
والفرحة بي..دون أن أشعر..
سامحيني خلـــــــــود
واقبلي جـــــــل
عذري
.
.
.
.
.
رغم أني لم أنم سوى بضع ساعات أو أقل.. إلا أنني نهضت
بسرعة.. وأيقضت خلود معي.. تناولنا الإفطار معاً..
والوجوم والصمت هو ديدننا
جاءت خالتي الجوهرة أيضاً في ظهر هذا اليوم لتطل علينا ما بين
فينة وأخرى ونحن لم نتلكم سوى بالنظرات..
وجوم... صمت... خوف.. ارتباك..مشاعر مبعثرة
وأعيـــــــن ممتلئة بالدمـــــــــوع
ورغم محاولتنا لتجاهلها.. إلا أن طيفها
لم يغادر أعيننا ولمعانها..ينتظر الفرصة
لينساب على الوجنات
مرت الدقائق كالبرق.. ونحن ننظر لها ونتمنى لو تمهلنا
بضع لحظات... بضع لحظات تواسى جراحنا
ووداعنـــــــا
ورن هاتفي عندها.. لتخبرني أمل بأنها ستأتي لأخذي بعد
نصف ساعة.. وستأتي أمي بصحبتنا..
طبعاً خالد من سيذهب بي "للصالون"
عندها فقط... علمنا أن الوقت قد داهمنا.. وليس بوسعنا
سوى أن نرتمي بأحضان بعضنا.. نظرت لخلود للحظة
ثم أرتمت بحضنها كما ارتمت هي كذلك..
وأطلقنا العنان لدموعنا..
لتنساب وتشق طريقها
على وجناتنا البريــئة
آه ما أقسى لحظات الوداع
كم هي كئيبة ومحـــــرقة
موجعــــــــــــة
نبكي لفترة.. ثم نجفف دموعنا فترة أخرى.. ولكن
ما نلبث أن نرتمي مرة أخرى بأحضان بعضنا
ولم تجدي معنا همسات أمي وخالتي من حولنا
والتي كثيراً ما تردد.." تعوذوا من الشيطان.. منتب متفارقين
للأبد كلها شهر بالكثير وبتشوفون بعض"
ولكن لم يجدي هذا... ولن يجدي
خصوصاً أنني لم أغتنم تلك الأيام مع أختي ورفيقة دربي
وتوأم قلبــــــي خلـــود بل جريت وراء..
شبح
أمـــل
.
.
.
رن هاتفي مرة أخرى ليعلن عن انقضاء المهلة..
وأوان الرحيـــــــــــل..
ارتديت عباءتي واحتضنت خالتي..ثم خلود
تاركة ورائي دموعاً متحجرة بالأعين
حسبتها فقط..تعني الرحيل
ولكنها كانت تحمل في طياتها ألماً أكبر..
وجرحـــاً أشد... ولكني وللأسف لم
أشعـــــر به
.
.
.
.
دخلت الصالون.. وبدأت المصففة بعملها.. حقاً كنت أشعر وكأني
أعيش فصول حلم طويل وسينتهي... مشاعر عدة تزاحمت بقلبي
كنت أنظر لأمي ما بين لحظة وأخرى.. كم أحب وجهك الغالي
البريء..وصفاء قلبك..
كانت أمل في هذه الأثناء تقف خلف المصففة لتعطيها التعليمات
ولتتأكد من عملها.. كانت تسريحتي عبارة عن لفلفات ويفي كبيرة
يتخللها ورود صغيرة بيضاء طبيعية..
سمعت رنين هاتف أمل.. فرفعته.. ومن سياق حديثها أدركت أنها
تحادث أبي.. ولكنها كانت غاضبة لأن جدتي (أمي موضي) تريد أن تأتي
لمنزل أبي كي تراني.. وأمل رافضة لأن الزواج كما علمتم كان مختصراً
وهكذا شد وجذب حتى أغلقت الخط..
سألتها: أمي موضي بتجي..
أمل: لا بس كانت تبي تجي..وأنا أقول لأبوك أننا بالمشغل..وما في أحد بالبيت...
هذا غير أني بكون مشغولة معك.. ومحد فاضي..
صمتت رغم أني شعرت بالضيق.. جدتي الحبيبة تريد أن تراني.. آه لو كان بوسعي
لجعلتها بالقرب مني طوال الوقت...
انتهت المصففة من عملها.. وحقاً كان عملها رائعاً ومزجها لظل مميزاً
وهنا قد بدأ قلبي يضرب نبضاته بشدة وسرعة... يا رب أعني.. هاهي لحظة الصفر
قد حانت..
.
.
.
.
.
دخلت منزل والدي..ثم ارتديت فستاني الأبيض..وأمل تساعدني..
وكأني دمية في يدها.. حقاً كان الموقف صعباً
وضعت الطرحة البيضاء.. على شعري...
وأصبحت بحق عروس!!
ثوانٍ وكانت مسكة الزهور الطبيعية بيدي..أراح نفسي شذى أزهارها
وسكن شيئاً من مشاعر قلبي المضطربة...
سألتني أمل عن الكاميرا العادية.. لأنهم كانوا يريدون صور للمنزل زيادة على صور المصورة ..التي لم تأتي بعد.. ولأن الوقت لم يسعفني لأتذكر أين وضعتها طلبت من
خالد أن يحضر كاميرا خلود ابنة خالتي.. وفعلاً أتصل بخالتي وأحضرها بسرعة..
شعور ما تسلل بقلبي حينما أحضر خالد الكاميرا.. لا أعرف ما هو..
كان ذاك الشعور مزيجاً بين الراحة واللوم.. نعم وكأن هذا الغرض البسيط
هو حلقة وصل بيني وبين خلود.. تخيلت شكل خلود وهي تعطي الكاميرا
لخالتي.. ترى ما شعورها.. هل ستقول تركتني وأتت لتطلب مني..
أم أنها كانت سعيدة مثلي الآن لأنني وجدت هنا شيئاً يذكرني بخلود..
حاولت أمل رسم البسمة على شفتي ولكنها لم تستطع..
كنت في صغري أعجب من العروس التي لا ترسم معالم الفرحة على شفتيها..
واليوم أدركت تلك المشاعر المختلطة بقلبها.. إنه ميثاق غليط..
وعشرة طويلة... أودع فيها أسرتي المفككة... وأعيش حياة أخرى
لا أدرك ما هيتها وكيف ستكون...
ربي أعنـــي... يا إلهــي..
أخذت نفساً عميقاً ...
فضحكت أمل وقالت: شكل هالنفس طالع من قلب...
أجبرت شفتي على الأبتسام...
أمل: سديم الحين وش لون بتصورين وأنتي مكشرة كذا..
والله بتندمين بعدين إذا شفتي صورك..
أبتسمت مرة أخرى.. والتقطت أمل صورة لي..
رأيتها تخرج...
وسألتها بسرعة: ويــن بتروحين..
أمل: ههههههه لا تخافين توهم موب جاي الحين.. بس بشوف
شكل أمه وأخته جو..
أبتلعت ريقي.. بصمت وأخذت أفرك أصابعي المزينة بالطلاء العنابي
بخوف وارتباك..
وتارة أفرغ خوفي بتلك الكرستالات الناعمة التي تزين مسكة الزهور...
دخلت أمه وأخته.. وسلموا علي بحب أرتحت كثيراً لأخته ندى..
تبدو طيبة ولا أعتقد أنها ستكون كما قالت أمل...
وأنها ستتقوى علي كثيراً وربما ستتدخل بحياتي مع ناصر وتنكد
عيشي..إن كنت طيبة معها..
ابتسمت حينما قالت أم ناصر: وراك سديم مكشرة... ترى ولدي حبوب
ما يخوف...
أخفضت رأسي بخجل...
بينما أمل وأم ناصر ضحكوا علي..
كان هناك شريط تسجيل يصدح من حولنا بأهازيج الزواج..
قامت أمل ورقصت قليلاً .. ثم رقصت ندى قليلاً.. بينما أكتفت
أم ناصر بتحريك رأسها بمرح..
حقاً هذا الجو هدأ من روعي قليلاً..
أقتربت أمل مني وطلبت مني أن أرقص ولكني رفضت
حاولت خالتي أم ناصر أيضاً ولكني رفضت أيضاً..
جلسوا معي لبعض الوقت.. وصورنا سوية..
ثم خرجوا لأن ناصر سيأتي بعد دقائق...
قلت أحادث أمل: كلكم بتروحون... لا أقعدي معي
أمل: ههههه ليتي محرم لك.. كان قعدت معك.. بس وش يقعدني
سديم: آآ ألبسي عبايتك وأقعدي معي.. دام المصورة فيه
أمل: لا ما يصير بيقول وش دخلها هاذي رازة وجهها..
وبعدين المصورة معكم..
أخذت نفساً عميقاً واكتفيت بالصمت..
.
.
.
دخل ناصر وسلم علي ثم جلس بجانبي.. وأصبح يوزع الابتسامات
علي...ههههه حقاً أدركت عندها أنه لا يقل عني ارتباكاً..
أخذ يتحدث قليلاً ثم بدأت المصورة بالتصوير..
وطلبت منه المصورة أن يشربني كوب العصير الذي كان منقوش
عليه أسمي وأسمه...
ولكن حينما أقترب ليعطيني الكأس لم يستطع بسبب كبر الفستان من
حولي.. ولهذا حينما أنحنى أكثر ليقرب الكأس من فمي..
مال الكأس وكاد أن ينسكب شيئاً من العصير على فستاني..
لهذا ودون شعور مني رفعت بصري له بخوف وضيق..
وكأني أوبخه......ههههههه..لم أشعر بحدة نظرتي إلا حينما
نظرت للشريط بعد العودة من سفري..
بعدها دخلت أمه وأخته ليصورا معنا.. ثم خرجوا...
ناصر: عارف أنك مرتبكة شوي وخايفة لكن تراي مثلك والله..
نظرت له..ولم أتكلم..
ثم أنزلت بصري..وكرر كلامه..كي يخبرني أنني لست وحدي
مرتبكة وخائفة من حياتي الجديدة..وأنه يجب أن لا أفكر كثيراً..
أجبته بضيق وهمس: بس أنت رجال
ناصر: أنتي مرتبكة وخايفة وأنتي هنا ما فيه ناس غريبين وكثار
أجل أنا وش أقول.. قاعد ببشتي بين هالناس.. وكلن يناظرني على أني
المعرس.. ويسلمون علي..
ابتسمت بصمت.. ولكن تضايقت كثيراً من كون رجل وبهذا العمر
يخاف ويرتبك من الناس..
إلا أني لم أركز على الموضوع.. فربما أن الوضع مشابه مع كل
الرجال الذين يمرون بتجربته..ولكنه الوحيد الذي يفصح عن هذا
ناصر: والله أني فرحت يوم دخلوا على العشاء.. وجاء أبوك يدخلني
عشان أهرب من نظرات الناس..
أبتسمت بخجل.. وأخذت أضغط بشدة على مسكة الزهور التي بيدي
حتى لاحظ هذا...
ناصر: وشو له هالورد الكثير بيثقل عليك
عطيني إياه أشيله عنك...
صمتت لم أعرف بما أجيب فاكتفيت بأبعاد يدي عن المسكة..
أما هو فيبدو أنه فهم من حركتي هذه أنني موافقة على أخذ المسكة
من حضني... فمد يده ليأخذها.. ولكني
همست له بأن يدعها...
ضحك بإحراج قائلاً: ههههه عاد تراي ما أدري عن شغلاتكم يالحريم
أحسبها مضايقتك...
سديم: لا عادي..
خرجنا بعدها.. وأدخل سيارته بساحة المنزل..
ثم أحضرت أمل في هذه الأثناء عبائتي وجعلتني أرتديها..
ركبت السيارة والمصورة تتبعنا بكاميرتها الفيديو حتى خرجت
السيارة... وأغلق الباب
.
.
.
.
سارت السيارة ...وابتعدت عن منزل والدي..
ومشاعر عدة تعصف بقلبي الصغير..مشاعر لا يمكن وصفها
أو تسطيرها..
وصلنا لشقتنا.. وفتح ناصر لي الباب.. وساعدني للخروج..
أمسكت بيده بخجل ثم خرجت.. وبعدها أخذ عني مسكة الورد
ودخلنا للمنزل.. انتابتـني قشعريرة حينما دخلت..
هل يعقل أني سأعيش بقية حياتي هنا .. وسأودع حياة الشتات..
جلست على أحد الأرائك في الصالة.. وبعدها رن الجرس..
وذهب ناصر ليدخل العشاء..
حاول معي أن أتناول.. ولكني رفضت بسبب خجلي..
مم ارتحت له.. وشعرت بطيبته.. كان يتكلم على سجيته ولا يظهر
عليه أي معلم من معالم الشر..أو الدناءة..
ولكن لا اعرف لما كان هناك شيء ما بداخلي يستحقره
أو........أو لم أشعر بأني سأحبه..
ولكني لم أكرهه..
.
.
.
.
.
في صباح الغد وهو يوم الجمعة... ذهب ناصر لصلاة..
واغتنمت الفرصة كي أستعد له..ارتديت فستان ناعم وهادئ..
ووضعت ماكياج خفيف..
جاء بعدها ناصر وتناولنا الإفطار معاً..شعرت بسعادة تغمره..
وبشعور تأنيب بداخلي..ولكن ما يجعلني لا أتقبله..هو ارتباكه..
وتمزيــقه لأظفاره....أشعرني هذا بأنه يعاني من مشكلة ما..
وبرغم ذلك تجاهلت الأمر وحاولت أن أبدوا طبيعيه معه
كان يتحدث معي...عن نفسه.. وسفراته..
ولكني حقيقة كنت أجامله أنا بالابتسام..وببعض الردود المختصرة
وبعد العصر جاء أبي وأمل لزيارتي.. وفور أن خرجوا
جاء أهل ناصر... ارتحت لهــــم كثيــــراً وأحببتهم بحق
ضحكنا معاً... وزال توتري بوجودهم.. وتمنيت لو يـبقوا معنا أطول
وقت ممكن..
وبالقرب من صلاة المغرب..أتت أمي وخالاتي بصحبة خالد
كنت أتمنى لو أتت خلود معهم ولكن لم أعرف لما لم تأتي..
وهكذا مر اليوم الأول.. كان موعد سفرنا بعد يومين..
من زواجنا..
في اليوم التالي.. ذهبنا لمنزل أهل ناصر..
جلسنا سوية بعض الوقت نتناول القهوة..
في أثناء ذلك سأل ناصر عن بعض الأوراق التي يحتاجها فأخبرته
خالتي بأنها وضعتها بغرفته قبل زواجه بيومين..
وحينما أخرج ناصر مفتاح غرفته ليصعد.. ألحت والدة ناصر وأخته
ندى علي بأن أرى غرفة ناصر أيام "العزوبية".. رفض ناصر..
ولكن هذا لم يجدي لأني صعدت بعد إلحاح ندى..
سمعت ناصر يكلم أمه: يوه فشلتوني الغرفة حوسه..
أم ناصر: هههههه خلها تشوف حياة زوجها كيف كانت حوسة قبل
لا يتزوج..
فتحت ندى غرفته.. وقالت بمرح: ترارا..
وش رايك..
مم كانت الغرفة مقلوبة رأساً على عقب.. الملابس متناثرة بالقرب من
خزانة الملابس.. والسرير لم يقل عن ذلك.. الوسائد بكل مكان والمجلات
وأشرطة سي دي..
مم كل ما يخطر على بالكم موجود هناك..
سديم: هههههه حلوة الغرفة...كبيرة وديكورها حلو بس مرة حوسة..
ندى: ههههههه والمشكلة أنه عنيد ما يحب أحد يرتب غرفته وهو موب موجود
يقول بعدين ما أعرف وين حطيتوا أغراضي.. وأخاف ترمون شيء
أحتاجه..
شعرت بناصر يقف خلفي فالتفت له بخجل..
ناصر: معليه الغرفة حوسة شوي..
ندى: يا الله ضف أغراضك أبي هالغرفة لي..
ناصر: خير ما صدقتوا أني تزوجت بتاخذون الغرفة
ندى: حرام عليك ناصر ..غرفتي صغيرة.. وأنا بنت يعني أغراضي
كثيرة أحس أني مخنوقة بغرفتي...
ناصر: طيب خلاص خوذيها بس..أول شيء ضفي أغراضي بكراتين
ولا ترمين شيء..
ندى: بس تـــــــامر أمر أنت..
نزلنا معاً للأسفل..
وبادرتنا أم ناصر قائلة: يا الله ...الله يحيكم على الغداء..
بس أنت يا ناصر رح مع الرجال
ناصر: أوف ليه ما خليتونا سوى..
أم ناصر: ليه تبي أخوك يتغدى لحاله..
نظر لي ناصر بابتسامة ثم ذهب لقسم الرجال.. وفور أن جلسنا لنبدأ
طعامنا ...عاد
أم ناصر: وش فيك رجعت
ناصر: وش رايكم بس أجي أتغدى معكم..
أم ناصر: أقول رح الله يهديك..ما راح ناكلها حنا..
ناصر: حرام عليكم ...خلوني معكم
ندى: هههه موب قادر تصبر عنها
ناصر: هاه ما راح ترحموني؟؟
أم ناصر: هههههه لا
عاد بعدها أدراجه...
فقالت أمه: هاه سديم مستعدة للسفر
سديم: إيه إن شاء الله
أم ناصر: ترى جو ماليزيا متوسط..عشان كذا لا تاخذين
معك ملابس ثقيلة.. يمكن بس المرتفعات بارة شوي بس
موب مرة
هززت رأسي بصمت..
أم ناصر: ناقصك شيء ولا شيء
سديم: لا والله الحمد
أن ناصر: إذا تبين السوق ومحتاجة شيء للسفر عادي أقول
لناصر يوديني وياك..
سديم: لا والله ما ناقصني شيء..
أن ناصر: الله يوفقكم إن شاء الله..
على آذان العصر خرجنا من منزل خالتي أم ناصر وذهبنا لنتمشى
معاً..
أشعر أن ناصر بدأ يمل من صمتي.. ولكن ماذا بيدي..
أخجل أن أتكلم كثيراً.. خصوصاً أني لم أعتد عليه بعد..
وهدوئه يجبرني على البقاء رسمية معه
مم في الغد وفي الثالثة عصراً كان موعد رحلتنا
ذهبنا للمطار بصحبة عمار أخو ناصر وكانت معنا أيضاً خالتي
أم ناصر..
وفي صالة المطار كنت أسير بحذائي "الصندل" ذو الكعب..
حقاً كنت محرجة منه..ومتألمة من السير فيه بسرعة..
سألتني خالتي أم ناصر: سديم ما جبتي معك جزمة رياضية..
سديم: إلا بس..بالشنطة.. وما أمداني أطلعها قبل..
خالتي أم ناصر: تبينها الحين..
قلت بخجل: ودي بس أخاف ما يمديني..
رفعت رأسها وأخذت تنادي ناصر..
خالتي أم ناصر: الله يعافيك عطنا الشنطة شوي سديم بتاخذ غرض
شعرت به تضايق قليلاً..وهو يعطينا الحقيبة..
أخذتها بسرعة.. وأخرجت الحذاء.. وساعدتني خالتي بإقفالها بينما
كنت أرتدي أنا حذائي..
دفعتها له.. وأخذها.. والضيق يرسم آثاره على وجهه..
ولكني تجاهلت الأمر ولم أدقق..
حينما وصلنا لصالة المغادرة..
ودعنا خالتي أم ناصر وذهبنا لننتظر
موعد إقلاع الطائرة
.
.
.
.
مر الوقت بطيئاً هذه المرة.. خصوصاً مع ناصر الذي يبدو أنه
مل من صمتي...وأصبح يبادلني الصمت..
وأخيراً وصلنا لماليزيا
أنهينا إجراءات الدخول...
ثم ركبنا القطار الصغير..الذي يشق أرض المطار
ويشق أيضاً...الطريق
لحياة زوجية جديدة
لا تنسوني من دعواتكم
.
.
.
.
نهاية الجزء التاسع عشر
|