المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
بحر وسما وانا .......... قصة قصيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه اولى مشاركاتي في المنتدى اتمنى أن تنول اعجاب الجميع
بحر وسما وأنا
منتدى ليلاس الثقافي
في الخامسة وعشرين من شهر ديسمبر كنت واقفة خلف نافذتي ارتدي شال مصنوع من الصوف الخام لاحتمي من شدة البرد، امامي مدفأة تحاول بكل ما في وسعها أن تدفأ غرفتي لكن لا تستطيع مواجهة برودة الشتاء القارس، رأيت السماء كتلة بيضاء في اقسى لحظات غيومها نظرت إليها بشفقة شعرت بأنها تريد أن تبكي وتفصح عما بداخلها ورأيت البحر امامي هائج غاضب بداخله غضب لا يستطيع أحد الوقوف امامه يصرخ ليعبر عما بداخله في امواجه العالية الشاهقة التى تزيد ارتفاعها عن مترين، لونه قاتم مائل إلى الازرق الغامق ومغطى ببقع كبيرة بيضاء كأنه حقل من القطن زرع فوقه يفوح من داخله رائحة نسيمه تطرق على نافذتي تستأذن الدخول إلى غرفتي فأذنت له ، فتحت شباك نافذني ودخل النسيم لكن الرياح لم تتيح له فرصة الدخول بمفرده، ارادت أن تشارك ضيافتها في غرفتي ، شعرت بقشعريرة انقضت على فجأة ممتزجة بالخوف والرهبة والبرد والتحدي والفرحة والراحة ، فأنقطع احساسي بكل هذا عندما سمعت أمي تقول إلى : " ليلى اغلقى شباك نافذتك ألا تري السماء على وشك أن تمطر والجو بارد يا ابنتى أخشى عليك من المرض. "
فأجبتها قائلة : " حاضر يا أمي "
وأغلقت الشباك ، حزنت قليلا لعدم اكتمال شعوري بالمتعة التى كنت أعيش فيها لبضع دقائق بقيت أنظر إلى البحر والسماء خلف نافذتي رغم أن أمي ارغمت الرياح على الفرار من غرفتي إلا أن نسيم البحر لم يخرج ظل يحوم حولى في كل انحاء الغرفة، استنشقه كأني أمامه مباشرة ، سمعت صوت البحر يناديني بحضوري إليه، ترددت قليلا فنظرت إلى الشارع لم أر امرءا واحدا يمشى أو حتى واقفا أمامي فقط سيارات مسرعة تريد الوصول إلى أماكنها المنتظرة مجيئها بفارغ الصبر خشية من غضب البحر والسماء ففكرت قليلا الجو قارس شديد البرودة والسماء تجمع ما بداخلها لتفضفض وتبكي مسقطة دموعها على البحر والشوارع والبيوت ، تصرخ بأعلى صوتها ليسمعها أحد ، يقف جانبها ولو حتى بنظرة واحدة إليها لم تجد أحدا سوى القليل ينظر إليها بخوف ورهبة وشعور بالنوم والدفء سوى واحدا فقط يشعر بها ويساعدها على ان تبكى رأيت البحر ينظر إليها بعين واسعة كبيرة على استعداد كامل لتقبل دموعها والاحتفاظ بها بداخله فقررت أن اشاركهم هذا الوقت ولكن كيف ؟ ماذا اقول لأمي لتقبل أن اذهب إلى الشاطئ؟ فكرت كثيرا فخطرت إلى فكرة أن اخبرها بذاهبي إلى فاطمة جارتي في نفس العمارة ، خرجت مسرعة إلى أمي لأستأذنها بالذهاب فوافقت لكن بشرط ألا اتأخر فارتديت ملابسي بعجلة وقبل أن اغادر غرفتي نظرت بطرف عيني إلى البحر مرة أخرى وجدته يناديني بلهفة وشوق فقلت في نفسي : "حاضر أيها الصديق الوفي سوف أتي إليك لنتحدث قليلا "
أغلقت باب البيت ونزلت على الادراج بسرعه وبحذر فجأة رأيت الشارع أمامي كأنه مكان مهجور منذ سنين عدة تعجبت كثيرا لماذا لا افكر في البحر والسماء بمثل ما يفكر به الناس كلها هل هذه جرأة مني ؟ أم انتحار ! أم ماذا ! تعجبت أكثر لماذا أراد البحر مصادقتي والحديث معي ؟ اسئلة كثيرة راودتني لا استطيع أن احلها شعرت كأني مربوطة بحبل يمسكه البحر ويشده لأقترب منه أكثر وأنا اتحرك بإرادتي ، لا لست بإرادتي بل بسحري به ،اوافقه واتجه إليه مباشرة دون النظر إلى السيارات المسرعة حتى دخلت إلى الشاطئ لم أجد مخلوق عليه سوى واحد فقط جالس على كرسي عند مدخل الشاطئ بعيد عن البحر منتظرا أي شخص يأتي ليسترزق منه عندما رأني أتي بعجلة رحب بي فطلبت منه كرسي لأجلس أمام البحر مباشرة ، وجدت ملامحه تحولت من ترحيب إلى خوف إلى سعادة داخلية إلى نصيحة فقال : “ نعم سأجلب إليكي كرسي لكن ألا تري البحر من الممكن أن يطيح بك الجو بارد وهذه الايام نووة في أي لحظة يظهر البحر غضبه وتزيد ارتفاع الامواج "
القيت نظرة إلى البحر ثم قلت له : “ لا تقلق سأكون حذرة "
ثم مددت يدي إليه وأعطيته ثمن ايجار الكرسي مشى ببطئ رأيت في عينه علامات استفهام كثيرة وكأنه يقول أي مجنونة تأتي في مثل هذا الجو لتجلس أمام بحر غادر وشاطئ معرض بين الأونة والثانية بالإختفاء !!!!!!!!!!
ابتسمت قليلا وأنا اجاوبه بصوت هابط : " نعم معك حق لكن البحر يريد المحادثة معي قليلا "
خطوت بخطى متلكئة متثاقلة تنتزع من الأرض انتزاعا ، الآن اصبحنا بمفردنا فقط البحر والسماء وأنا وصاحب الكراسي يراقبني من بعيد ساد صمت مخيف لم أسمع سوى صوت امواجه ، تبادلت معه نظرات بداخلها عتاب وخوف واطمئنان وحب .
تردد صوتي وقبرت الثقة في نفسي قائلة : " الآن اتى أوان العتاب معك ايها الصديق والحبيب فالحب قد عتق لساني فتكلمت ومزق اجفاني فبكيت وفتح حنجرتي فتنهدت وشكوت ، وانا الآن اشكو منك ايها البحر الغادر ، ايها الصديق الغاضب اشهدي يا سمائي إلى ما فعله بي البحر ، نعم أنا اعلم بحبك فقد مرت أيام بيننا كنت تستطيع الاطاحة بي وأنا في حضنك بداخلك ورغم ذلك انقذتني ، لكن دفعت ثمن إخلاصك إلى كثيرا ، أشهدي يا سمائي بما فعله بي فقد أخذ أخى الوحيد المحبب إلى مني أغرقه وأنا بجانبه نلعب ونمرح سويا أخذه ، ولم يأخذني معه لماذا ؟ لماذا فعلت بي ذلك ؟ اهذا من كثرة حبك إلى شعرت بغيرة قاتلة تحولت من بحر هادئ صافى جميل وصديق وفي إلى بحر غاضب غادر خائن عصبي المزاج ، إلى وحش كاسر قاهر تطيح بكل ما تكرهه وتحبه معا ، أخذت أخى ولم أجده حتى الآن .
أحبك أيها الصديق إلا أن حبك لا يزيد عن حبي لأخي فقط اعترف إليك لأول مرة بهذه الكلمات الثقيلة مثل قطرات الندى التى تضرب أجفاني ، فأنت مهما فعلت فقوتك لا تستطيع تقليل حبي لأخى ، فقد شاركتنا اسعد اللحظات وانت على علما تام بأنه ليس بأخ فقط بل صديقي وحبيبي وأبي .
ما أجمل اللحظات التى كنا سويا ننظر إليك والسعادة تملئ قلوبنا ملتمسة بابتسامة ترسم وجهنا بك ، لماذا قتلت أجمل شئ في حياتي ، لم تأتي هذه اللحظات مرة أخرى بسببك أيها الصديق الغائر ، أتحسب الآن بأنك صرت الصديق الوحيد ؟
نعم اعترف إليك بأنك اصبحت صديقي الوحيد لكن لا استطيع نسيان ما فعلته بي ."
وقفت متجهه نحو البحر بكل ما في من حماس وعزم قائلة بصوت عالى : " خذني يا صديقي فلم يعد لي أحد سواك فالذي يشاركك حبي قد اخفيته لم يعد له أثر ، خذني كي الآحق أخي ، حرمتني منه رغم حبه وولعه بك ، ألم تنظر إلى لوحته المرسومة التى رسمها امامك فانت عشت كل لحظة معه امسك فيها الفرشاة ليعبر بحبه وولعه بك أيها الصديق الغادر ، هذه مكافأة حبه بك قتلته طعنته في ظهره اغرقته وهو بداخلك ، خذني لم اعد اطيق الحياة بدونه . "
وفجأة رأيت يد تشدي إلى الشاطئ سامعة صوت رجل يصرخ في وجهي تمعنت به فوجدته الرجل صاحب الكراسي يواسيني على فراقي لأخي ، شعرت ببرودة اجتاحت جسدي فنظرت إلى ملابسي مبللة تماما فعلمت بأني كنت في طريق الغرق أيضا لكن لم اغرق .
بعد أن هدأت من ورعي تركني الرجل بعد تأكده التام بأني بخير ألقيت نظرة بعيدة المدى في البحر فقد لفت نظري شئ من بعيد وفقت للتأكد بصحة رؤياي فعلمت أنها سفينة ضخمة مفتولة العضلات ، فقلت له ساخرة : " انظر أيها الصديق ففي ضيافتك سفينة ضخمة مليئة بالخيرات التى تعم على الناس فهل تغدر بها أيضا وتخفيها مثل أخفائك أخى أم ستمررها حتى بر الأمان ؟ .....................
ساد صمت ثقيل ،عيوني ممتلئة بدموع تثقل اجفاني فكسرت صمتي قائلة : " لماذا انقذتني ؟ فقد كنت اصبح إليك وحدك ، و........................." لم أكمل حديثي لانقطاعه برنين هاتفى يحمل صراخ من أمي تخبرني بعلمها بعدم ذهابي إلى فاطمة وانها تنظر إلى وتنتظر مجيئي حالا .
اغلقت الهاتف وصوت امي يرن في اذني ،نظرت إلى البحر بابتسامة حزن لفراقه ، فقلت له : " ايها الصديق انا مضطرة إلى فراقك حاليا ، إلا أن للحديث بقية وداعا......................
مشيت بخطى ثقيلة ملقية نظرة أخيرة إلى البحر والسماء فاشرت بيدي للرجل لاودعه متجهة نحو منزلي ........
انتهت
التوقيع
سأكتب حتى يجف قلمي وسأصبر حتى يعم فكري
التعديل الأخير تم بواسطة شرف عبد العزيز ; 04-05-08 الساعة 11:23 PM
|